Ch 팔 (Josephine)
الثاني عشر من يناير/كانون الثاني 1957~
الثانية عشر ظهراً~
إستمارة عضوية لهيئة 'ضد الهجرة’
قصاصات عن تحركات و يوميات طفل ما
مراسلات بينه و بين أحد ضباط سكوتلاند يارد عن..... 'تشانيول'؟!!!
و آخر ورقة خطاب طويل جداً يبدو تماماً ک خطاب السياسيين.
لم تفقه أي شيء..
لكنها شعرت بالتوجس من هذه الأوراق و إنتابها الضيق الشديد لذكر "تشانيول" و خاصة ان الأمر بدا ک تكليل به او شتم بطريقة غير مباشرة.
لم تعبأ حقاً ببقية الأوراق لكن هذا جرحها كما لو أنه عنها هي.
نفضت الأمر عنها مؤقتاً و وضعت الأوراق في الدرج مجدداً محاذرةً من عدم تغيير أي موضع او ترتيب لكي لا يلحظ والدها عبثها بها.
أعادت تركيزها الى ما جاءت للبحث عنه في الأصل.. بعض المال لشراء ملابس جديدة، ثم خرجت و أغلقت الباب بعد أن تأكدت من كتابة ملاحظة بأنها أخذت المال.
لكن تركيزها بقى في ذلك الدُرج طوال النهار، ما سبب وجود إسم الشّاب في درج مكتب والدها؟
ظلت جالسة على سريرها تفكر و تقلب الإحتمالات، أخبرها حدسها أن هناك خطب ما بالتأكيد، لكن ما الذي ستفعله و هي لا فكرة لديها نهائياً عن ما يحدث، حسناً ربما لديها فكرة.. فوالدها بعد كل شيء يكره الضابط بعنفوان غير مسبوق.
إستغرقت في تفكراتها حتى وجدتها السادسة مساءً بالفعل، لقد ضاعت إذاً رحلة التسوق، مزاجها أصبح سيء بالفعل لذا نهضت و فتحت الراديو.
و هاهي أغنية لـ"أنتوني الصغير".. و كأنه علم أنها مشغولة البال فجاء يصفيه لها، تُحب صوته و أغانيه لكن أغنية “چوزفين” بالتحديد و بشكل خاص كونها تُذكرها بالجار الوسيم.
وقفت بجانب المذياع تماماً و تخيلت الأغنية بصوته، يغنيها لها و أمامها.. بينما ينظر لها بتلك العينان التي لم ترى في حياتها رسمة تشبهها.
تنبهت فجأة لأصوات ضحكات تتسلل من خلف ستائر الدانتيل الخاصة بالمنزل المقابل.. منزل آل "دو" عرفت حينها أن حفلهم الصغير قد بدأ.
شعرت بالثقل الشديد في قلبها كونها لم تتلقى دعوة للحضور رغم أن باب دارهم هو الأقرب، لكنها مع ذلك إلتمست الأعذار للعائلة بصدر رحب، فمقاطعتها هو أقل رد فعل منطقي بعد المهزلة التى قادها والدها في المحكمة لإغلاق مطعمهم و إجلائهم من الحى.
تسائلت كيف كان ليكون رأي والدتها فيما فعله والدها لو كانت هنا~
مع ذلك جزء صغير خفي فيها أراد "تشانيول" أن يقف أمام الجميع و يطرق الباب و يوجه لها دعوة شفهية معرباً عن رغبته في قدومها.. رغبته في رؤيتها.. رغبته فيها.
لكن الأمر أضيف الى قائمة أحلام يقظتها و حسب.
حدقت بنوافذ المنزل بفضول و إختبرت نفسها على تمييز ضحكته من بين عشرات الأصوات، كان الأمر سهلاً جداً.. فضحكته الأعلى و الأنقى.
إبتسمت لنفسها ثم طبعت قبلة على أناملها و أرسلتها لظل الشاب من وراء النوافذ المغلقة، تنهدت بصوت مسموع و تمنت للصغير حفل ميلادٍ سعيداً.. و تمنت للشاب وقتاً طيباً.
- إلا لو كان يضحك هكذا برفقة تلك الفتاة الكورية التى تتردد على المنزل!! حينها فاليحرق الرب كلاهما!! اوف ساقطة -
سمعت الخدم يقرعون جرس العشاء فبدلت ملابسها بسرعة و إنضمت لوالدها على المائدة.
↭◎쇼◎쇼◎↭
(چوزفين يا إبنتي.. هناك شيء أريد إخبارك به، إنه شيء كنت أفكر فيه لفترة و أعتقد أني مستعد الآن لإخبارك)
كانت الفتاة تجلس برفقة والدها لإحتساء الشاي بقرب المدفأة مستمتعة بهدوء الأمسية، لكن والدها غير الجو المسالم بنبرته تلك، تلك النبرة.. تلك الجملة الإفتتاحية.. لطالما حملت مصيبة ما..
لكنها فكرت ان للأمر علاقة بالمال الذي أخذته، هل سيعترف الآن أنه على شفا الإفلاس؟
ثم خاطرة أخرى أكثر إرعاباً..
'و الرب إن كان سيخبرني الآن أنه سيتزوج سأهرب للعيش مع عمتي في الريف!'
إبتلعت ريقها المصحوب بتوترها (تفضل يا أبتِ)
وضع الفنجان المُزركش على الطاولة بمنتهى الدقة كما يفعل مع كل شيء آخر، ثم قال و هو يحدق بعمق في وجه إبنته لتصيد مشاعرها من تعابير وجهها (سأترشح لإنتخابات مجلس الشعب)
فيوووو~
إنفرجت أسارير وجهها و قالت مشجعة (هذه أخبار عظيمة يا أبتِ! انا سعيدة حقاً لأجلك، سأصلي كي تفوز) ثم سقط وجهها فجأة عندما تذكرت الخطاب في درج المكتب.
إن كان هذا خطاب والدها الإنتخابي…
لا لا ربآآه!
(ما الأمر؟) تسائل الرجل و هو يضيق عينيه.
تلعثمت و هي تحاول الرد (آآآه.. إممم.. لكـ.. لكن يا أبتِ.. خوض الإنتخابات.. إنه يحتاج الى مجهود جبّار! و صحتك لن تتحمل الضغط.. نصحك الطبيب بالإبتعاد عن التفكير تجنباً للأرق و هذا القرار وأد صريح لسلامتك)
ضحك الرجل بخفة و أخذ يد إبنته الدافئة جراء إمساك الفنجان بين يديه، تأمل الأنامل المطلية بالوردي الشاحب و فكر داخلياً كم أنها تشبه والدتها، قال و هو ينقل عينيه لعينيها (چوزفين.. الأمر هو أنني أريد خوض الأمر كي أنهى أرقي و تعبي، لا أستطيع النوم و انا أعلم أن بلادنا تُدنس.. أريد تطهيرها)
(ماذا تعني؟)
(المهاجرون)
(ما بهم؟)
(هم دنس وطننا)
نهضت الشابة بغضب من مكانها و قالت محاولةً إستجلاب أكثر نبراتها إحتراماً رغم الحرائق التى تستعر في صدرها (أنت مُخطأ!)
(بل انا الصّوت الصّحيح الوحيد) قال مُتحدياً ثم أردف بِسخرية (و لا تَنحمقي يا فتاة، أعلمُ بشأن ما يَعتمر في قلبكِ إتجاهَ الأصفر الأبله في الدّار المُقابلة! مُجرد غَبي يتظاهر بالأَهمية)
ردت بِغل و هي تَضغط على الحُروف حرفاً حرفاً (إنهُ ضابط ذو شَأن في سكوتلاند يارد)
فَقد إتزانهُ أَخيراً و صَرخ (و هذهِ هي الكارثة! مُهاجر غبي تافهه يُعيّن ضابطاً في الشّرطة! الشّرطة التى مِن المُفترض أن تَكون وسيلة حمايتنا منهم! التى مِن المفترض أن تَقبضَ عليهم و تُلقيهم للبَحر الذي أتى بهم الى أراضي بريطانيا المُقدّسة! المَشهد صباحاً أصبح مُقرفاً في الحافلة! زُنوج و آسيويون و عَرب! سُود و صُفر و سُمر! ما الذي يفعلونه في بلادنا بحق الرّب؟!)
(إِنهم يُضيفون ألواناً على بِلادنا الرمادية الضبابية الكئيبة! ثُم ما الذي سَتفعله أنت؟ تَذبحهم جميعاً؟! فَقط إِعترف بأنّ عُنصريتك خَسرت يومَ عيّن في الشرطة! هُو صَنع ذاته! ما الذّي صنعتهُ أنت غير جَعلهِ و عائلته يتألمون ليل نَهار! و في النّهاية مَن المُتضرر؟ انا! انا المتضررة الوحيدة! الحي بطوله يتجاهلني بصفة إبنة العُنصري!)
إبتسَم بِظفر (سَنرى بشأنِ مقامهِ في سكوتلاند يارد.. ستشكرينني يوماً ما)
(لو كانت أمّي هنا لكانت لعنتك للجّحيم!) بَصقت الجُملة مِن فَمها ثُم هَرعت الى غُرفتها و أغلقت الباب بكل قُوة و كأنها تَصفعه في وجهه.. لا.. و كأنها تَصفعه على وجهه.
إنتفضَ جَسدها مِن الغَضب و سُرعان ما تشوّش بصرها بالدموع، ألقت بِجسدها على السّرير و أجهشت بالبُكاء العَنيف، لم تَكف عَن تَبليل وسادتها لمُدة طَويلة حَسِبتها دهراً و لم تتوقف الا عندما شَعرت أن كبدها سَينفلق لنصفين.
تَخيلت "تشانيول" يُربت على رأسها و يُمرر كفهُ على طول ظَهرها، يهمسُ بكلماتٍ طيبة و يُخبرها أنه هنا و كل شيء بخير و على ما يُرام.
تَكاد تقسم أن خَيالها إستحضرهُ بصورة واضحة أَرعبتها، لكن لرُبما أرواحهم تَتوق للحظة ک هذه لدرجة جَعلتها شبه مَلموسة.
تَشتَاقهُ!
نَهضت بتثاقل و مَسحت وجهها بكفيّها و هي تتنهد ثم إِتجهت للنَافذة لإلقاءِ نَظرة على الدار من باب الإِشتياق، و لدهشتها.. كان هُناك.
جَالساً على السّلالم يلاعب الصغير و يحاول إمساكه، بدا المنظر لطيفاً جداً و خصوصاً أن الطفل مشاكس بطريقة مضحكة و بدا كما لو أن الجرو يساهم في الأمر، حَسدت "كيونجسوو" على الدلال الذي يغرق فيه غير عابئ بأن أحدهم يَموت على نظرة هنا، حتى أنها حسدت الجرو لأنه قابع في حضن الصغير القابع بدوره في حضن الشاب.
- محظوظون جاحدون لنعمة الرب -
راقبتهم لفترة غَير عابئة بأنهُ قد يمسك بها بِتهمة التّحديق في أي لحظة، تسامحت مع الأمر و وَدّت لو يلقى القبض عليها فعلاً و يحبسها وراء قضبان قلبه..
التهمة: الوقوع له.
المدة: حبس انفرادي مؤبد بالإضافة للأعمال الشاقة ک الغزل و الغزل و المزيد من الغزل.
من المُفترض أن تَكون مَعقوداً بينَ ذراعي الآن و لكن بَدلاً عن ذلك أنت مَعقود في مُخيلتي و حَسب.
أي ظلم بيّنٍ هذا؟
لكن.. أصلاً من كان يصدق أنها ستقع يوماً في حُب شاب من أصول آسيوية؟!
كانت دائماً تراها ک ملامح مُبهمة.. كلهم يتشابهون فيما بينهم، و كلهم نُسخ منسوخة نسخاً.
فكرت؛ حسناً.. الملامح الآسيوية مجرد ملامح آسيوية الا أن تقع في حب شاب بملامح آسيوية.
حينها تكون الأكثر تميزاً و الأحب للقلب.
إِنتبهت "چوزفين" الى واقعها على صَوت جِدال ما، إِنتبهت لتجد أن الصّغير يجادل والدته في أمر الجرو، الوالدة بَدت مُخيفة بصرامتها و "كيونجسوو" بدا مَذعوراً بتراجعهِ المُستمر و "تشانيول" يُحاول إقتراح شَيء ما لكن المرأة أسكتته نهائياً فبدا مذعوراً أكثر من "كيونجسوو"!
شَعرت بالغضب من المرأة.. من تظن نفسها؟ هو ليس إبنها حتى لتوبخه هكذا!
أخذت عَهداً على نفسها بإفحامها بِنظرة حارقة إن صادفتها غَداً عند مَحطة الحافلة إنتقاماً.
لكن وتيرة الجدال تزايدت مما أصابها دون وعي بالتّوتر..
الصّوت يتعالى..
الجّو يختنق..
الجّرو يهرب..
الدّراجة تقترب..
الصّغير يُنتَّشل..
الشّاب يجري..
الوَالدان يصرخان..
مهلاً!
ماذا؟!
فتحت النافذة على مصرعيها و بدأت تستوعب المَشهد برعب.
خُطف!
لقد خُطف "كيونجسوو" أمام عينيها مباشرةً!
نَظرت في الأَرجاءِ لعلّ أحدهم يُساعد او يسدّ الطّريق على الدراجة النارية و ينقذُ المسكين من المجهول لكن الحى سَاكن ک قبر.
تَسمرت مَكانها فجأة..
الأوراق في دُرج مكتب والدها!
هل كان الطفل المعني هو "كيونجسوو"؟
هل والدها هو المسئول عن ما حدث للتو؟
لم تنتظر لثانية أُخرى و هَرعت خارج المنزل مطيحة بالخادم الذى حاول سؤالها عن وجهتها، أخذت تجري متلاحقة الأنفاس، ستبلغ عنه.. ستفعل.. ذاك المجرم!
كانت سرعتها تقل تدريجياً عندما كانت على بُعد منعطف واحد فقط من أقرب مركز شرطة لكنها تسمرت قبل أن تأخذ خطوة واحدة أخرى، لقد تذكرت فجأة أنه لا دليل لديها على الأمر و أن المجرم هو.. والدها!
ركعت على الأرض لقلة حيلتها و شعرت أن رأسها مُشوش، تسلسلت الأحداث و ترابطت في عقلها ک سلسلة و إشتعلت ک مصباح؛
- حزب ضد الهجرة.
- خطاب الترشّح المُترع بالعنصرية.
- إختطاف الطفل.
- سكوتلاند يارد.
- كلمات والدها.
والدها!
أجل! لقد خطط للأمر! إختطف الصغير ليهدد به الشاب ليهدده و يحرجه بين زملائه فيستقيل او يُقيل!
ثم يدشن حملته الإنتخابية القائمة على التطهير متذرعاً بالضابط المُهاجر غير الكوفئ ک حُجة لعدم تكرار الأمر و تعيين المهاجرين في أي شيء.
هذا.. بشع!
و ما يجعله أكثر بشاعة هو أنه والدها هي.
و الشيء الوحشي في الأمر.. هو أن "تشانيول" سيكرهها!
كانت تشهق.. تبكى.. لكنها لم تستطع معرفة أين تتساقط دموعها بالضبط كونها كانت تمطر.
متى بكت و متى أمطرت؟
نظرت للسماء و إستسلمت للبلل المصحوب بالصقيع الذي سرى في عمودها الفقري.
(يارب.. إغسلني من ذنوب أبي)
(أمي.. ماذا أفعل؟)
و حينها..
خطرت لها فكرة.
نهضت مِلسوعة من مَكانها عَائدة للمنزل بأقصى سُرعة، تجاهلت فُستانها الذي يلتصق بها بسبب المَطر و يُعرقلها، ثم تجاهلت الضجة في الحى حيثُ إستيقظ الجيران على صوت الأم المَكلومة و بدأوا بالبَحث بطريقة بِدائية و القيام بمواساتها، لكنها لم تستطع تجاهل أنه لا أطفال إطلاقاً على مرمى البصر.. لقد حبسوهم من الخوف.
شَيء آخر كان مفقوداً.. "تشانيول" لكن البديهي أنه في مَقر سكوتلاند يارد الآن للبحث عن الطفل بطريقة عملية.
صَعدت الى مَكتب والدها ببطء كي تأخذ المراسلات من الدرج و تأخذها الى أقرب تحري خاص ليساعدها، بدأت تفرز من تعرفهم و وقع إختيارها على التحرى البلجيكي "هيركل بوارو" و ستدفع له من مال الملابس التى أخذتها مُسبقاً.
لكنها إرتعبت عندما فتحت الباب و خاصةً أنها لم تتصور أبداً هذا المشهد..
والدها يقف أمام نافذة الغرفة، يتأمل المشهد بهدوء و سكينة بينما يُمسك الغليوم و يدخنه بنهم.
قَرقعت نار المِدفأة فجأة فَنظرت لتجد المُراسلات تتآكل بسرعة مُحبِطة في قَلب النّار.
حينها لعنتهُ هي للجحيم بكل ما في قلبها من قهر!
↭◎쇼◎쇼◎↭
ظلت مستيقظة طوال الليل تتقلب على السرير تُفكر و تقلب إحتمالات كل خاطرة و كل منعطف قد تؤول به الأمور و حياتها حتى تأكدت أن البيت سكن تَماماً، خرجت من غرفتها بهدوء و تَسللت للمكتب من جديد، توجهت فوراً نحو المدفأة و شعرت بإنشراح رهيب عندما وجدت قطع من الورق لازال سليماً، مدت يدها في الرماد و إِستخرجت كل ما يُمكن إستخراجه.
نَظرت الى غَنيمتها و فوراً تبدل حبورها لإِحباط، هي لا تَتخيل نفسها تطلب من رجل أن يُحقق في جريمة خَطف طِفل و كل ما لديها هو بِضعة وُريقات تُظهر بِضعة كلمات.
لكنها سَتفعل كل ما في وسعها، كل ما تُريده هو مَعرفة مَكان الطّفل و إرجاعه الى بيتهِ بنفسها، حتى لو كان هذا مَعناه قتل مخططات والدها الطموحة للإنتخابات.
فقط ليذهب للجحيم!
خَرجت من المَنزل و كانت السّاعة الخامسة فجراً، أول ما رأته هو السيد و السيدة "دو" يقفان على عتبة الدار بينما يتحدث معهم بعض المُحققين لأخذ إفادتهم في عملية الإختطاف،
السيدة "دو" تبكي و تشهق و تضرب صدرها بينما زوجها يبدو كمن كبر ألف سنة دفعة واحدة.
حتى الجرو يستلقى على السلم و يطلق عواءً يقطع نياط القلوب.
بدا لها جائعاً.. هل أطعموه؟ بالطبع لا!
إبنهم خُطف للتو و عقلهم يضع ألف سيناريو وحشي للطريقة التي سيجدون بها جثته، آخر ما سيفكرون به بالطبع هو الجرو.
قاومت بشدة الذهاب إليهم و معانقتهم و إخبارهم كم أنها آسفة لفجيعتهم و أنها ستفعل كل شيء لإعادة فلذة أكبادهم الى داره.
لكن الشفقة تبدّلت لخوف حين إلتفت إليها أحد المحققين، شعرت بالرعب من أن يستجوبها.. ماذا ستقول؟ إستجواب الجيران هو أول ما يفعله المحققون و ستجد نفسها مُضطرة للكذب حتى النخاع.
و بسرعة أحكمت إغلاق المعطف و فتحت مظلتها ثم أخذت تسير بخطوات أقرب للعدو، و عندما خرجت من الحى تنفست الصعداء للحظة ثم أكملت سيرها من جديد لكن بخطوات أسرع بإتجاه مقر "بوارو".
↭◎쇼◎쇼◎↭
(أخبرني مُساعدي السيد "هيستنغز" بأنكِ تجلسين في الردهة منذ الخامسة فجراً)
(الأمر لا يحتمل التأخير يا سيد "بوارو" و لم أنم منذ أمس)
(ما المشكلة إذاً أخبريني كل شيء بالتفصيل)
فتحت "چوزفين" حقيبة يدها و أخرجت التغليف البلاستيكي الذي وضعت بداخله الأوراق المحترقة ثم وضعته على المكتب أمام الرجل (آسفة بشأن حالة الأوراق.. على أي حال.. أخشى أنها دليل على حالة خطف طفل حدثت بالأمس، إسمه "كيونجسوو" و هو الإبن الوحيد لعائلة "دو" التى تسكن فــ..)
قاطعها و هو يهز رأسه البيضاوي الغريب (أجل أعرف أعرف.. الطفل ذو الست سنوات.. سمعت بالأمر.. حزنت كثيراً كونني أعرف الضابط "تشانيول" و كان بيننا تعاون مُسبق في قضية كشفت عن ذكائه، الوحيد الذي يستخدم خلايا عقله الرمادية الصغيرة في هيئة سكوتلاند يارد بأكملها)
نبض قلبها و عضت شفتيها لمنع الإبتسام و كأن الرجل مدحها هي.
تأملها لبرهة و هو يعبث بشاربه المثالي مضيّقاً عينياه ثم بدأ بفرز الأوراق أمامه بحذر مبالغ فيه خشية فقد كلمة او حرف آخر لهشاشتها.
جاء مساعده السيد "هيستنغز" و ساعده في الأمر ثم أحضر كوبين من عصير الأناناس و إنصرف.
نطقت "چوزفين" بحذر (إذاً؟)
قال و هو يتأمل الوريقات بعدسته المُكبرة (مثير.. مثير.. إنظري.. المشكلة يا آنسة "وينستون" أن أعداء الشاب كُثر و معظمهم من البريطانيين اللذين يؤمنون أن بريطانيا للبريطانيين و أن أي قدم دخيلة تستحق القطع، اللعنة عليهم كادوا أن يقطعوا قدمي أنا شخصياً! أنا؟ تخيلي؟ المصيبة أنهم كُثر و هذا يفتح إحتمالات لا حصر لها)
أطرقت الشابة بخيبة أمل لكنه سرعان ما خطف إنتباهها بسؤاله (هل لي أن أستميحك يا آنسة "وينستون" و أسألكِ من أين لكِ بهذه الأوراق؟)
هذا ما لم تتوقعه! أن يسجوبها.
(في الشارع) كذبت.
(تريدين إخباري أنكِ وجدتي دليلاً ک هذا و ذهبتي به الى تحري خاص بدلاً من الشرطة؟) ضيق عينيه و عبث بشاربه من جديد منتظراً إجابة.
(أريد أن أحقق في الأمر بنفسي بعيداً عن الشرطة، لدي أسبابي، أعرف مدى كرهك لسكوتلاند يارد و حبك للعدالة لذا هرعت إليك، و الآن يا سيد "بوارو" هل تستطيع إخباري أن كانت الوريقات توضح أين أخذوا الصغير؟)
رمق الوريقات من جديد (هذا صعب.. لكن ليس مُستحيلاً، ربما أعرضها على أخصائي، بإمكانك الإنصراف الآن، لكن.. هل هناك شيء إضافي لتخبريني به؟ تعرفين أنني لا أخرج أسرار العملاء مهما كلف الأمر)
(لا) كذبت بثبات ثم نهضت من مكانها (هذا كل ما لدي الآن، إسمح لي) حيته بإيماءة من رأسها و إستدارت مغادرة.
إستوقفها بسرعة (آنسة وينستون؟)
إلتفتت (أجل؟)
تأملها لبرهة و هو يضيق عينيه، شعرت من نظراته بالعرق يحتشد فوق شفتيها، من تخدع؟ سيكتشف الأمر، بالتأكيد سيفعل، و سيفضحها.
لكن الرجل رجع بظهره للوراء و إبتسم (لا تنسى إعطاء رقمك الخاص لمساعدي في الخارج و عنوانك لإرسال المستجدات)
إبتلعت ريقها ثم أومأت و خرجت.
إستدعى "بوارو" مساعده فور خروجها (إتصل حالاً على شرطة مقاطعة سكاربورو، أريد التأكد من شيء ما)
ثم أعاد تركيزه الى إحدى الوريقات و صنع دائرة وهمية بإصبعه المكتنز على كلمة في طرف الورقة الأسود.
"كوخ البحر"
ثم ورقة كلمة أخرى في وريقة أخرى.
"الإخوة"
↭◎쇼◎쇼◎↭
كانت "چوزفين" تجلس في السيارة و تعبث بأناملها بتوتر شديد.
منذ ذهبت للتحري "بوارو" صباحاً و هي تشعر بتوتر و تشنج رهيب و لم يهدأ لها بال و لم تكف عن سب و لعن والدها بطريقة لم تكن تتخيل أن تتفوه بها و هي التى تربت على أصول الـ الليدي!
الرجل أخبرها بأن الطفل مخطوف على يد تشكيل عصابي من الزنوج المرتزقة بإسم 'الإخوة' و العصابة في منطقة سكاربورو الساحلية و هي عصابة تحاول الشرطة القبض عليها و معرفة مخبأها منذ أكثر من سبعة أعوام و لم تستطع، حاولت أن تعرف كيف عرف كل هذه المعلومات فقال لها بطريقته الغامضة الشهيرة 'بأنه إستخدم خلايا عقله الرمادية' و ببعض المصادر الإجرامية التى في عالم التحقيق دائماً ما تكون ذات فائدة على عكس الشرطة.
بدا الرجل مستعداً للذهاب معها او بمفرده و كأنه أكثر شيء طبيعي في العالم لكنها رفضت فوراً و أخبرته أنها ستهتم بالأمر من هنا.
حاول تحذيرها و شرح مفهوم 'عصابة' لها و أن الأمر خطر على شابة هشة مثلها لكنها أصرت.
بالطبع ستصر.. لا تريده أن يشتم رائحة والدها في الموضوع، حينها شعرت بالغصة في حلقها.
كم تكرهه الآن!
لا تعرف ماذا تفعل؟
الوقت يمر و لا تستطيع تخيل هلع "كيونجسوو" الصغير.
مشهد السيدة "دو" المنهارة صباح أمس يجعلها تريد ركل شيء ما من الغضب.
أكثر ما يغضبها هو انها لا تستطيع فهم محاولتها المستميتة على عدم كشف والدها، بدأت بفرز الأمر بطريقة عملية لوهلة، أولاً؛ هو والدها و آخر المتبقين من عائلتها بجانب عمتها في الريف و لربما تستطيع رده عن معتقداته المريضة و يكفر عن ذنوبه.
ثانياً؛ إن ألقي القبض عليه هذا معناه أن حياته ستتدمر جاراً حياتها هي معها بصفتها إبنة الخاطف القابع في السجن.
ثالثاً؛ تشانيول!
رابعاً؛ تشانيول!
خامساً؛ تشانيول!
عاشراً؛ تشانيول!
لنضع عدة خطوط حمراء عريضة تحت السبب الأخير.
هو فقط سيبصق في وجهها و يركل مؤخرتها ثم يزجها في السجن مع والدها لأنها فقط إبنته و ليشفى غليله، إنه شاب محترم مهذب سوى لكن دماءه حارة ملتهبة قد تحرق قارة و هذه معلومة يعرفها الكل.
نفضت رأسها بقوة لطرد تلك الأفكار الشريرة عديمة النفع.
لنركز على الخطة الآن!
سنصل للمقاطعة، نسأل عن الشاطئ الجنوبي، نبحث عن كوخ صيد شبه مهجور ثم نتوخى الحذر كي لا تلمحنا العصابة و تلقي بنا في البحر، نهرب بـ"كيونجسوو" ثم نعود لندن.
فقط لو أن الحقيقة سهلة كما في مخيلتها هكذا
أرجعت رأسها الى مسند الكرسي و شعرت بالإرهاق يجتاح عقلها، تذكرت أنها لم تنم سوا خمس ساعات في ثمان و أربعين ساعة.
لكنها على الأقل حظيت بإفطار رائع.
إبتسمت لنفسها عندما تذكرت وجبتها على سُلم دار آل "دو" برفقة الجرو الصغير الذي أكل أكثر منها.
لم تشعر بنفسها الا و الظلام أصبح دامساً فجأة لكن النور عاد من جديد على صوت السائق (وصلنا آنسة وينستون)
أفاقت على منظر البحر في الأفق، تأملته للحظات مستشعرة السلام الداخلي من المنظر، فتحت النافذة و فوراً لفحتها رائحة الملح الشهية، ذكرت نفسها بالحصول على أجازة هنا في ظروف غير هذه.
و ربما يكون المعشوق برفقتها.
ربما..
↭◎쇼◎쇼◎↭
(آآآه) تأوه الزنجي إثر الضربة القوية على رأسه و سرعان ما فقد الوعى.
بينما الشابة الشاحبة تمسك بالعصا الغليظة بين يديها بقوة مهولة غير مستوعبة لما حدث تواً!
الأدرينالين تدفق و فاض في عروقها التى بدأت تنبض بعنف!
أرجوك لا تمت! فقط كن فاقد للوعي!
نظرت حولها و تسائلت ما الذي تفعله هُنا، و فوراً تذكرت
آه.. صح ..الصغير.
لا باب في الكوخ سوا واحد إذا هو في الداخل، معادلة بسيطة قام بها عقلها المكلوم.
حاولت فتح الباب لكنه كان موصداً، تزايد الهلع داخلها من فكرة قدوم أحدهم في هذه اللحظة و شعرت أنها تهدر ساعات طويلة رغم ما يمر هو ثوان فقط.
بسرعة إنحنت على الشاب لتفقد جيوبه، تزايد هلعها عندما لم تجدها، و بدأت تنظر وراءها نحو الباب كل ثانية خوفاً من قدوم شخص ما.
لكنها لمحت المفتاح بين يديه، سحبت المفتاح و تحسست نبضه على سبيل التأكد فقط.. كان بطيئاً.. لكن موجود.. إنه حي! الحمد لله القتل لم يضف لجرائم حياتها بعد.
أدخلت المفتاح في الباب و هي تعلق نظرها على باب الكوخ رغم محاولتها بعدم شغل نفسها بذلك.
إنفتح الباب.. فـدفعته بقوة.
و عندما وقعت عيناها على الصبي شعرت كم أن العالم شرير عليه و على براءته.
لعنت والدها و لعنت الإنتخابات و السياسيين و العصابة و العالم أجمع.
(كيونجسوو!!) بدا متفاجئاً جداً لرؤيتها، هرعت إليه و حملته من على الأرض بسرعة، شعرت بذراعيه تطوقان عنقها و بكفيه يقبضان على معطفها بكل قوته و كأنه إبنها هي.
الدموع تتجمع بين جفنيها.
ليس الآن! ليس الآن! لا تبكي!
أخذت تربت على ظهره و تهمس بأنه بخير الآن (لا بأس عليكِ صغيري.. لن يأذيك أحد بعد الآن.. سأعيدك لوالديك فوراً)
خرجت من الكوخ عدواً و هي لا تزال متمسكة بالهراوة بيدها الأخرى، حالما عبرت الباب أخذت تجري و تجري..
إنها تنجح!
إنها حقاً تنجح!
الأمر نجح!
أسقطت العصا من يدها على الرمال و إتجهت الى السيارة التى تنتظرها خارج الشاطئ، بدأت تبكي بسعادة كبيرة و تحتضن الصغير و تقبل مقدمة رأسه.
كانت على بعد خطوات من السيارة التى تمثل خلاصها..
(لما إختطفني السيد وينستون؟)
تسمرت مكانها!
هو يعرف؟
تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً!
↭◎쇼◎쇼◎↭
يُتبع..
Like ♡
Comment 💬
Follow ✔
♕ 어먼EMY ♕
الثانية عشر ظهراً~
إستمارة عضوية لهيئة 'ضد الهجرة’
قصاصات عن تحركات و يوميات طفل ما
مراسلات بينه و بين أحد ضباط سكوتلاند يارد عن..... 'تشانيول'؟!!!
و آخر ورقة خطاب طويل جداً يبدو تماماً ک خطاب السياسيين.
لم تفقه أي شيء..
لكنها شعرت بالتوجس من هذه الأوراق و إنتابها الضيق الشديد لذكر "تشانيول" و خاصة ان الأمر بدا ک تكليل به او شتم بطريقة غير مباشرة.
لم تعبأ حقاً ببقية الأوراق لكن هذا جرحها كما لو أنه عنها هي.
نفضت الأمر عنها مؤقتاً و وضعت الأوراق في الدرج مجدداً محاذرةً من عدم تغيير أي موضع او ترتيب لكي لا يلحظ والدها عبثها بها.
أعادت تركيزها الى ما جاءت للبحث عنه في الأصل.. بعض المال لشراء ملابس جديدة، ثم خرجت و أغلقت الباب بعد أن تأكدت من كتابة ملاحظة بأنها أخذت المال.
لكن تركيزها بقى في ذلك الدُرج طوال النهار، ما سبب وجود إسم الشّاب في درج مكتب والدها؟
ظلت جالسة على سريرها تفكر و تقلب الإحتمالات، أخبرها حدسها أن هناك خطب ما بالتأكيد، لكن ما الذي ستفعله و هي لا فكرة لديها نهائياً عن ما يحدث، حسناً ربما لديها فكرة.. فوالدها بعد كل شيء يكره الضابط بعنفوان غير مسبوق.
إستغرقت في تفكراتها حتى وجدتها السادسة مساءً بالفعل، لقد ضاعت إذاً رحلة التسوق، مزاجها أصبح سيء بالفعل لذا نهضت و فتحت الراديو.
و هاهي أغنية لـ"أنتوني الصغير".. و كأنه علم أنها مشغولة البال فجاء يصفيه لها، تُحب صوته و أغانيه لكن أغنية “چوزفين” بالتحديد و بشكل خاص كونها تُذكرها بالجار الوسيم.
وقفت بجانب المذياع تماماً و تخيلت الأغنية بصوته، يغنيها لها و أمامها.. بينما ينظر لها بتلك العينان التي لم ترى في حياتها رسمة تشبهها.
تنبهت فجأة لأصوات ضحكات تتسلل من خلف ستائر الدانتيل الخاصة بالمنزل المقابل.. منزل آل "دو" عرفت حينها أن حفلهم الصغير قد بدأ.
شعرت بالثقل الشديد في قلبها كونها لم تتلقى دعوة للحضور رغم أن باب دارهم هو الأقرب، لكنها مع ذلك إلتمست الأعذار للعائلة بصدر رحب، فمقاطعتها هو أقل رد فعل منطقي بعد المهزلة التى قادها والدها في المحكمة لإغلاق مطعمهم و إجلائهم من الحى.
تسائلت كيف كان ليكون رأي والدتها فيما فعله والدها لو كانت هنا~
مع ذلك جزء صغير خفي فيها أراد "تشانيول" أن يقف أمام الجميع و يطرق الباب و يوجه لها دعوة شفهية معرباً عن رغبته في قدومها.. رغبته في رؤيتها.. رغبته فيها.
لكن الأمر أضيف الى قائمة أحلام يقظتها و حسب.
حدقت بنوافذ المنزل بفضول و إختبرت نفسها على تمييز ضحكته من بين عشرات الأصوات، كان الأمر سهلاً جداً.. فضحكته الأعلى و الأنقى.
إبتسمت لنفسها ثم طبعت قبلة على أناملها و أرسلتها لظل الشاب من وراء النوافذ المغلقة، تنهدت بصوت مسموع و تمنت للصغير حفل ميلادٍ سعيداً.. و تمنت للشاب وقتاً طيباً.
- إلا لو كان يضحك هكذا برفقة تلك الفتاة الكورية التى تتردد على المنزل!! حينها فاليحرق الرب كلاهما!! اوف ساقطة -
سمعت الخدم يقرعون جرس العشاء فبدلت ملابسها بسرعة و إنضمت لوالدها على المائدة.
↭◎쇼◎쇼◎↭
(چوزفين يا إبنتي.. هناك شيء أريد إخبارك به، إنه شيء كنت أفكر فيه لفترة و أعتقد أني مستعد الآن لإخبارك)
كانت الفتاة تجلس برفقة والدها لإحتساء الشاي بقرب المدفأة مستمتعة بهدوء الأمسية، لكن والدها غير الجو المسالم بنبرته تلك، تلك النبرة.. تلك الجملة الإفتتاحية.. لطالما حملت مصيبة ما..
لكنها فكرت ان للأمر علاقة بالمال الذي أخذته، هل سيعترف الآن أنه على شفا الإفلاس؟
ثم خاطرة أخرى أكثر إرعاباً..
'و الرب إن كان سيخبرني الآن أنه سيتزوج سأهرب للعيش مع عمتي في الريف!'
إبتلعت ريقها المصحوب بتوترها (تفضل يا أبتِ)
وضع الفنجان المُزركش على الطاولة بمنتهى الدقة كما يفعل مع كل شيء آخر، ثم قال و هو يحدق بعمق في وجه إبنته لتصيد مشاعرها من تعابير وجهها (سأترشح لإنتخابات مجلس الشعب)
فيوووو~
إنفرجت أسارير وجهها و قالت مشجعة (هذه أخبار عظيمة يا أبتِ! انا سعيدة حقاً لأجلك، سأصلي كي تفوز) ثم سقط وجهها فجأة عندما تذكرت الخطاب في درج المكتب.
إن كان هذا خطاب والدها الإنتخابي…
لا لا ربآآه!
(ما الأمر؟) تسائل الرجل و هو يضيق عينيه.
تلعثمت و هي تحاول الرد (آآآه.. إممم.. لكـ.. لكن يا أبتِ.. خوض الإنتخابات.. إنه يحتاج الى مجهود جبّار! و صحتك لن تتحمل الضغط.. نصحك الطبيب بالإبتعاد عن التفكير تجنباً للأرق و هذا القرار وأد صريح لسلامتك)
ضحك الرجل بخفة و أخذ يد إبنته الدافئة جراء إمساك الفنجان بين يديه، تأمل الأنامل المطلية بالوردي الشاحب و فكر داخلياً كم أنها تشبه والدتها، قال و هو ينقل عينيه لعينيها (چوزفين.. الأمر هو أنني أريد خوض الأمر كي أنهى أرقي و تعبي، لا أستطيع النوم و انا أعلم أن بلادنا تُدنس.. أريد تطهيرها)
(ماذا تعني؟)
(المهاجرون)
(ما بهم؟)
(هم دنس وطننا)
نهضت الشابة بغضب من مكانها و قالت محاولةً إستجلاب أكثر نبراتها إحتراماً رغم الحرائق التى تستعر في صدرها (أنت مُخطأ!)
(بل انا الصّوت الصّحيح الوحيد) قال مُتحدياً ثم أردف بِسخرية (و لا تَنحمقي يا فتاة، أعلمُ بشأن ما يَعتمر في قلبكِ إتجاهَ الأصفر الأبله في الدّار المُقابلة! مُجرد غَبي يتظاهر بالأَهمية)
ردت بِغل و هي تَضغط على الحُروف حرفاً حرفاً (إنهُ ضابط ذو شَأن في سكوتلاند يارد)
فَقد إتزانهُ أَخيراً و صَرخ (و هذهِ هي الكارثة! مُهاجر غبي تافهه يُعيّن ضابطاً في الشّرطة! الشّرطة التى مِن المُفترض أن تَكون وسيلة حمايتنا منهم! التى مِن المفترض أن تَقبضَ عليهم و تُلقيهم للبَحر الذي أتى بهم الى أراضي بريطانيا المُقدّسة! المَشهد صباحاً أصبح مُقرفاً في الحافلة! زُنوج و آسيويون و عَرب! سُود و صُفر و سُمر! ما الذي يفعلونه في بلادنا بحق الرّب؟!)
(إِنهم يُضيفون ألواناً على بِلادنا الرمادية الضبابية الكئيبة! ثُم ما الذي سَتفعله أنت؟ تَذبحهم جميعاً؟! فَقط إِعترف بأنّ عُنصريتك خَسرت يومَ عيّن في الشرطة! هُو صَنع ذاته! ما الذّي صنعتهُ أنت غير جَعلهِ و عائلته يتألمون ليل نَهار! و في النّهاية مَن المُتضرر؟ انا! انا المتضررة الوحيدة! الحي بطوله يتجاهلني بصفة إبنة العُنصري!)
إبتسَم بِظفر (سَنرى بشأنِ مقامهِ في سكوتلاند يارد.. ستشكرينني يوماً ما)
(لو كانت أمّي هنا لكانت لعنتك للجّحيم!) بَصقت الجُملة مِن فَمها ثُم هَرعت الى غُرفتها و أغلقت الباب بكل قُوة و كأنها تَصفعه في وجهه.. لا.. و كأنها تَصفعه على وجهه.
إنتفضَ جَسدها مِن الغَضب و سُرعان ما تشوّش بصرها بالدموع، ألقت بِجسدها على السّرير و أجهشت بالبُكاء العَنيف، لم تَكف عَن تَبليل وسادتها لمُدة طَويلة حَسِبتها دهراً و لم تتوقف الا عندما شَعرت أن كبدها سَينفلق لنصفين.
تَخيلت "تشانيول" يُربت على رأسها و يُمرر كفهُ على طول ظَهرها، يهمسُ بكلماتٍ طيبة و يُخبرها أنه هنا و كل شيء بخير و على ما يُرام.
تَكاد تقسم أن خَيالها إستحضرهُ بصورة واضحة أَرعبتها، لكن لرُبما أرواحهم تَتوق للحظة ک هذه لدرجة جَعلتها شبه مَلموسة.
تَشتَاقهُ!
نَهضت بتثاقل و مَسحت وجهها بكفيّها و هي تتنهد ثم إِتجهت للنَافذة لإلقاءِ نَظرة على الدار من باب الإِشتياق، و لدهشتها.. كان هُناك.
جَالساً على السّلالم يلاعب الصغير و يحاول إمساكه، بدا المنظر لطيفاً جداً و خصوصاً أن الطفل مشاكس بطريقة مضحكة و بدا كما لو أن الجرو يساهم في الأمر، حَسدت "كيونجسوو" على الدلال الذي يغرق فيه غير عابئ بأن أحدهم يَموت على نظرة هنا، حتى أنها حسدت الجرو لأنه قابع في حضن الصغير القابع بدوره في حضن الشاب.
- محظوظون جاحدون لنعمة الرب -
راقبتهم لفترة غَير عابئة بأنهُ قد يمسك بها بِتهمة التّحديق في أي لحظة، تسامحت مع الأمر و وَدّت لو يلقى القبض عليها فعلاً و يحبسها وراء قضبان قلبه..
التهمة: الوقوع له.
المدة: حبس انفرادي مؤبد بالإضافة للأعمال الشاقة ک الغزل و الغزل و المزيد من الغزل.
من المُفترض أن تَكون مَعقوداً بينَ ذراعي الآن و لكن بَدلاً عن ذلك أنت مَعقود في مُخيلتي و حَسب.
أي ظلم بيّنٍ هذا؟
لكن.. أصلاً من كان يصدق أنها ستقع يوماً في حُب شاب من أصول آسيوية؟!
كانت دائماً تراها ک ملامح مُبهمة.. كلهم يتشابهون فيما بينهم، و كلهم نُسخ منسوخة نسخاً.
فكرت؛ حسناً.. الملامح الآسيوية مجرد ملامح آسيوية الا أن تقع في حب شاب بملامح آسيوية.
حينها تكون الأكثر تميزاً و الأحب للقلب.
إِنتبهت "چوزفين" الى واقعها على صَوت جِدال ما، إِنتبهت لتجد أن الصّغير يجادل والدته في أمر الجرو، الوالدة بَدت مُخيفة بصرامتها و "كيونجسوو" بدا مَذعوراً بتراجعهِ المُستمر و "تشانيول" يُحاول إقتراح شَيء ما لكن المرأة أسكتته نهائياً فبدا مذعوراً أكثر من "كيونجسوو"!
شَعرت بالغضب من المرأة.. من تظن نفسها؟ هو ليس إبنها حتى لتوبخه هكذا!
أخذت عَهداً على نفسها بإفحامها بِنظرة حارقة إن صادفتها غَداً عند مَحطة الحافلة إنتقاماً.
لكن وتيرة الجدال تزايدت مما أصابها دون وعي بالتّوتر..
الصّوت يتعالى..
الجّو يختنق..
الجّرو يهرب..
الدّراجة تقترب..
الصّغير يُنتَّشل..
الشّاب يجري..
الوَالدان يصرخان..
مهلاً!
ماذا؟!
فتحت النافذة على مصرعيها و بدأت تستوعب المَشهد برعب.
خُطف!
لقد خُطف "كيونجسوو" أمام عينيها مباشرةً!
نَظرت في الأَرجاءِ لعلّ أحدهم يُساعد او يسدّ الطّريق على الدراجة النارية و ينقذُ المسكين من المجهول لكن الحى سَاكن ک قبر.
تَسمرت مَكانها فجأة..
الأوراق في دُرج مكتب والدها!
هل كان الطفل المعني هو "كيونجسوو"؟
هل والدها هو المسئول عن ما حدث للتو؟
لم تنتظر لثانية أُخرى و هَرعت خارج المنزل مطيحة بالخادم الذى حاول سؤالها عن وجهتها، أخذت تجري متلاحقة الأنفاس، ستبلغ عنه.. ستفعل.. ذاك المجرم!
كانت سرعتها تقل تدريجياً عندما كانت على بُعد منعطف واحد فقط من أقرب مركز شرطة لكنها تسمرت قبل أن تأخذ خطوة واحدة أخرى، لقد تذكرت فجأة أنه لا دليل لديها على الأمر و أن المجرم هو.. والدها!
ركعت على الأرض لقلة حيلتها و شعرت أن رأسها مُشوش، تسلسلت الأحداث و ترابطت في عقلها ک سلسلة و إشتعلت ک مصباح؛
- حزب ضد الهجرة.
- خطاب الترشّح المُترع بالعنصرية.
- إختطاف الطفل.
- سكوتلاند يارد.
- كلمات والدها.
والدها!
أجل! لقد خطط للأمر! إختطف الصغير ليهدد به الشاب ليهدده و يحرجه بين زملائه فيستقيل او يُقيل!
ثم يدشن حملته الإنتخابية القائمة على التطهير متذرعاً بالضابط المُهاجر غير الكوفئ ک حُجة لعدم تكرار الأمر و تعيين المهاجرين في أي شيء.
هذا.. بشع!
و ما يجعله أكثر بشاعة هو أنه والدها هي.
و الشيء الوحشي في الأمر.. هو أن "تشانيول" سيكرهها!
كانت تشهق.. تبكى.. لكنها لم تستطع معرفة أين تتساقط دموعها بالضبط كونها كانت تمطر.
متى بكت و متى أمطرت؟
نظرت للسماء و إستسلمت للبلل المصحوب بالصقيع الذي سرى في عمودها الفقري.
(يارب.. إغسلني من ذنوب أبي)
(أمي.. ماذا أفعل؟)
و حينها..
خطرت لها فكرة.
نهضت مِلسوعة من مَكانها عَائدة للمنزل بأقصى سُرعة، تجاهلت فُستانها الذي يلتصق بها بسبب المَطر و يُعرقلها، ثم تجاهلت الضجة في الحى حيثُ إستيقظ الجيران على صوت الأم المَكلومة و بدأوا بالبَحث بطريقة بِدائية و القيام بمواساتها، لكنها لم تستطع تجاهل أنه لا أطفال إطلاقاً على مرمى البصر.. لقد حبسوهم من الخوف.
شَيء آخر كان مفقوداً.. "تشانيول" لكن البديهي أنه في مَقر سكوتلاند يارد الآن للبحث عن الطفل بطريقة عملية.
صَعدت الى مَكتب والدها ببطء كي تأخذ المراسلات من الدرج و تأخذها الى أقرب تحري خاص ليساعدها، بدأت تفرز من تعرفهم و وقع إختيارها على التحرى البلجيكي "هيركل بوارو" و ستدفع له من مال الملابس التى أخذتها مُسبقاً.
لكنها إرتعبت عندما فتحت الباب و خاصةً أنها لم تتصور أبداً هذا المشهد..
والدها يقف أمام نافذة الغرفة، يتأمل المشهد بهدوء و سكينة بينما يُمسك الغليوم و يدخنه بنهم.
قَرقعت نار المِدفأة فجأة فَنظرت لتجد المُراسلات تتآكل بسرعة مُحبِطة في قَلب النّار.
حينها لعنتهُ هي للجحيم بكل ما في قلبها من قهر!
↭◎쇼◎쇼◎↭
ظلت مستيقظة طوال الليل تتقلب على السرير تُفكر و تقلب إحتمالات كل خاطرة و كل منعطف قد تؤول به الأمور و حياتها حتى تأكدت أن البيت سكن تَماماً، خرجت من غرفتها بهدوء و تَسللت للمكتب من جديد، توجهت فوراً نحو المدفأة و شعرت بإنشراح رهيب عندما وجدت قطع من الورق لازال سليماً، مدت يدها في الرماد و إِستخرجت كل ما يُمكن إستخراجه.
نَظرت الى غَنيمتها و فوراً تبدل حبورها لإِحباط، هي لا تَتخيل نفسها تطلب من رجل أن يُحقق في جريمة خَطف طِفل و كل ما لديها هو بِضعة وُريقات تُظهر بِضعة كلمات.
لكنها سَتفعل كل ما في وسعها، كل ما تُريده هو مَعرفة مَكان الطّفل و إرجاعه الى بيتهِ بنفسها، حتى لو كان هذا مَعناه قتل مخططات والدها الطموحة للإنتخابات.
فقط ليذهب للجحيم!
خَرجت من المَنزل و كانت السّاعة الخامسة فجراً، أول ما رأته هو السيد و السيدة "دو" يقفان على عتبة الدار بينما يتحدث معهم بعض المُحققين لأخذ إفادتهم في عملية الإختطاف،
السيدة "دو" تبكي و تشهق و تضرب صدرها بينما زوجها يبدو كمن كبر ألف سنة دفعة واحدة.
حتى الجرو يستلقى على السلم و يطلق عواءً يقطع نياط القلوب.
بدا لها جائعاً.. هل أطعموه؟ بالطبع لا!
إبنهم خُطف للتو و عقلهم يضع ألف سيناريو وحشي للطريقة التي سيجدون بها جثته، آخر ما سيفكرون به بالطبع هو الجرو.
قاومت بشدة الذهاب إليهم و معانقتهم و إخبارهم كم أنها آسفة لفجيعتهم و أنها ستفعل كل شيء لإعادة فلذة أكبادهم الى داره.
لكن الشفقة تبدّلت لخوف حين إلتفت إليها أحد المحققين، شعرت بالرعب من أن يستجوبها.. ماذا ستقول؟ إستجواب الجيران هو أول ما يفعله المحققون و ستجد نفسها مُضطرة للكذب حتى النخاع.
و بسرعة أحكمت إغلاق المعطف و فتحت مظلتها ثم أخذت تسير بخطوات أقرب للعدو، و عندما خرجت من الحى تنفست الصعداء للحظة ثم أكملت سيرها من جديد لكن بخطوات أسرع بإتجاه مقر "بوارو".
↭◎쇼◎쇼◎↭
(أخبرني مُساعدي السيد "هيستنغز" بأنكِ تجلسين في الردهة منذ الخامسة فجراً)
(الأمر لا يحتمل التأخير يا سيد "بوارو" و لم أنم منذ أمس)
(ما المشكلة إذاً أخبريني كل شيء بالتفصيل)
فتحت "چوزفين" حقيبة يدها و أخرجت التغليف البلاستيكي الذي وضعت بداخله الأوراق المحترقة ثم وضعته على المكتب أمام الرجل (آسفة بشأن حالة الأوراق.. على أي حال.. أخشى أنها دليل على حالة خطف طفل حدثت بالأمس، إسمه "كيونجسوو" و هو الإبن الوحيد لعائلة "دو" التى تسكن فــ..)
قاطعها و هو يهز رأسه البيضاوي الغريب (أجل أعرف أعرف.. الطفل ذو الست سنوات.. سمعت بالأمر.. حزنت كثيراً كونني أعرف الضابط "تشانيول" و كان بيننا تعاون مُسبق في قضية كشفت عن ذكائه، الوحيد الذي يستخدم خلايا عقله الرمادية الصغيرة في هيئة سكوتلاند يارد بأكملها)
نبض قلبها و عضت شفتيها لمنع الإبتسام و كأن الرجل مدحها هي.
تأملها لبرهة و هو يعبث بشاربه المثالي مضيّقاً عينياه ثم بدأ بفرز الأوراق أمامه بحذر مبالغ فيه خشية فقد كلمة او حرف آخر لهشاشتها.
جاء مساعده السيد "هيستنغز" و ساعده في الأمر ثم أحضر كوبين من عصير الأناناس و إنصرف.
نطقت "چوزفين" بحذر (إذاً؟)
قال و هو يتأمل الوريقات بعدسته المُكبرة (مثير.. مثير.. إنظري.. المشكلة يا آنسة "وينستون" أن أعداء الشاب كُثر و معظمهم من البريطانيين اللذين يؤمنون أن بريطانيا للبريطانيين و أن أي قدم دخيلة تستحق القطع، اللعنة عليهم كادوا أن يقطعوا قدمي أنا شخصياً! أنا؟ تخيلي؟ المصيبة أنهم كُثر و هذا يفتح إحتمالات لا حصر لها)
أطرقت الشابة بخيبة أمل لكنه سرعان ما خطف إنتباهها بسؤاله (هل لي أن أستميحك يا آنسة "وينستون" و أسألكِ من أين لكِ بهذه الأوراق؟)
هذا ما لم تتوقعه! أن يسجوبها.
(في الشارع) كذبت.
(تريدين إخباري أنكِ وجدتي دليلاً ک هذا و ذهبتي به الى تحري خاص بدلاً من الشرطة؟) ضيق عينيه و عبث بشاربه من جديد منتظراً إجابة.
(أريد أن أحقق في الأمر بنفسي بعيداً عن الشرطة، لدي أسبابي، أعرف مدى كرهك لسكوتلاند يارد و حبك للعدالة لذا هرعت إليك، و الآن يا سيد "بوارو" هل تستطيع إخباري أن كانت الوريقات توضح أين أخذوا الصغير؟)
رمق الوريقات من جديد (هذا صعب.. لكن ليس مُستحيلاً، ربما أعرضها على أخصائي، بإمكانك الإنصراف الآن، لكن.. هل هناك شيء إضافي لتخبريني به؟ تعرفين أنني لا أخرج أسرار العملاء مهما كلف الأمر)
(لا) كذبت بثبات ثم نهضت من مكانها (هذا كل ما لدي الآن، إسمح لي) حيته بإيماءة من رأسها و إستدارت مغادرة.
إستوقفها بسرعة (آنسة وينستون؟)
إلتفتت (أجل؟)
تأملها لبرهة و هو يضيق عينيه، شعرت من نظراته بالعرق يحتشد فوق شفتيها، من تخدع؟ سيكتشف الأمر، بالتأكيد سيفعل، و سيفضحها.
لكن الرجل رجع بظهره للوراء و إبتسم (لا تنسى إعطاء رقمك الخاص لمساعدي في الخارج و عنوانك لإرسال المستجدات)
إبتلعت ريقها ثم أومأت و خرجت.
إستدعى "بوارو" مساعده فور خروجها (إتصل حالاً على شرطة مقاطعة سكاربورو، أريد التأكد من شيء ما)
ثم أعاد تركيزه الى إحدى الوريقات و صنع دائرة وهمية بإصبعه المكتنز على كلمة في طرف الورقة الأسود.
"كوخ البحر"
ثم ورقة كلمة أخرى في وريقة أخرى.
"الإخوة"
↭◎쇼◎쇼◎↭
كانت "چوزفين" تجلس في السيارة و تعبث بأناملها بتوتر شديد.
منذ ذهبت للتحري "بوارو" صباحاً و هي تشعر بتوتر و تشنج رهيب و لم يهدأ لها بال و لم تكف عن سب و لعن والدها بطريقة لم تكن تتخيل أن تتفوه بها و هي التى تربت على أصول الـ الليدي!
الرجل أخبرها بأن الطفل مخطوف على يد تشكيل عصابي من الزنوج المرتزقة بإسم 'الإخوة' و العصابة في منطقة سكاربورو الساحلية و هي عصابة تحاول الشرطة القبض عليها و معرفة مخبأها منذ أكثر من سبعة أعوام و لم تستطع، حاولت أن تعرف كيف عرف كل هذه المعلومات فقال لها بطريقته الغامضة الشهيرة 'بأنه إستخدم خلايا عقله الرمادية' و ببعض المصادر الإجرامية التى في عالم التحقيق دائماً ما تكون ذات فائدة على عكس الشرطة.
بدا الرجل مستعداً للذهاب معها او بمفرده و كأنه أكثر شيء طبيعي في العالم لكنها رفضت فوراً و أخبرته أنها ستهتم بالأمر من هنا.
حاول تحذيرها و شرح مفهوم 'عصابة' لها و أن الأمر خطر على شابة هشة مثلها لكنها أصرت.
بالطبع ستصر.. لا تريده أن يشتم رائحة والدها في الموضوع، حينها شعرت بالغصة في حلقها.
كم تكرهه الآن!
لا تعرف ماذا تفعل؟
الوقت يمر و لا تستطيع تخيل هلع "كيونجسوو" الصغير.
مشهد السيدة "دو" المنهارة صباح أمس يجعلها تريد ركل شيء ما من الغضب.
أكثر ما يغضبها هو انها لا تستطيع فهم محاولتها المستميتة على عدم كشف والدها، بدأت بفرز الأمر بطريقة عملية لوهلة، أولاً؛ هو والدها و آخر المتبقين من عائلتها بجانب عمتها في الريف و لربما تستطيع رده عن معتقداته المريضة و يكفر عن ذنوبه.
ثانياً؛ إن ألقي القبض عليه هذا معناه أن حياته ستتدمر جاراً حياتها هي معها بصفتها إبنة الخاطف القابع في السجن.
ثالثاً؛ تشانيول!
رابعاً؛ تشانيول!
خامساً؛ تشانيول!
عاشراً؛ تشانيول!
لنضع عدة خطوط حمراء عريضة تحت السبب الأخير.
هو فقط سيبصق في وجهها و يركل مؤخرتها ثم يزجها في السجن مع والدها لأنها فقط إبنته و ليشفى غليله، إنه شاب محترم مهذب سوى لكن دماءه حارة ملتهبة قد تحرق قارة و هذه معلومة يعرفها الكل.
نفضت رأسها بقوة لطرد تلك الأفكار الشريرة عديمة النفع.
لنركز على الخطة الآن!
سنصل للمقاطعة، نسأل عن الشاطئ الجنوبي، نبحث عن كوخ صيد شبه مهجور ثم نتوخى الحذر كي لا تلمحنا العصابة و تلقي بنا في البحر، نهرب بـ"كيونجسوو" ثم نعود لندن.
فقط لو أن الحقيقة سهلة كما في مخيلتها هكذا
أرجعت رأسها الى مسند الكرسي و شعرت بالإرهاق يجتاح عقلها، تذكرت أنها لم تنم سوا خمس ساعات في ثمان و أربعين ساعة.
لكنها على الأقل حظيت بإفطار رائع.
إبتسمت لنفسها عندما تذكرت وجبتها على سُلم دار آل "دو" برفقة الجرو الصغير الذي أكل أكثر منها.
لم تشعر بنفسها الا و الظلام أصبح دامساً فجأة لكن النور عاد من جديد على صوت السائق (وصلنا آنسة وينستون)
أفاقت على منظر البحر في الأفق، تأملته للحظات مستشعرة السلام الداخلي من المنظر، فتحت النافذة و فوراً لفحتها رائحة الملح الشهية، ذكرت نفسها بالحصول على أجازة هنا في ظروف غير هذه.
و ربما يكون المعشوق برفقتها.
ربما..
↭◎쇼◎쇼◎↭
(آآآه) تأوه الزنجي إثر الضربة القوية على رأسه و سرعان ما فقد الوعى.
بينما الشابة الشاحبة تمسك بالعصا الغليظة بين يديها بقوة مهولة غير مستوعبة لما حدث تواً!
الأدرينالين تدفق و فاض في عروقها التى بدأت تنبض بعنف!
أرجوك لا تمت! فقط كن فاقد للوعي!
نظرت حولها و تسائلت ما الذي تفعله هُنا، و فوراً تذكرت
آه.. صح ..الصغير.
لا باب في الكوخ سوا واحد إذا هو في الداخل، معادلة بسيطة قام بها عقلها المكلوم.
حاولت فتح الباب لكنه كان موصداً، تزايد الهلع داخلها من فكرة قدوم أحدهم في هذه اللحظة و شعرت أنها تهدر ساعات طويلة رغم ما يمر هو ثوان فقط.
بسرعة إنحنت على الشاب لتفقد جيوبه، تزايد هلعها عندما لم تجدها، و بدأت تنظر وراءها نحو الباب كل ثانية خوفاً من قدوم شخص ما.
لكنها لمحت المفتاح بين يديه، سحبت المفتاح و تحسست نبضه على سبيل التأكد فقط.. كان بطيئاً.. لكن موجود.. إنه حي! الحمد لله القتل لم يضف لجرائم حياتها بعد.
أدخلت المفتاح في الباب و هي تعلق نظرها على باب الكوخ رغم محاولتها بعدم شغل نفسها بذلك.
إنفتح الباب.. فـدفعته بقوة.
و عندما وقعت عيناها على الصبي شعرت كم أن العالم شرير عليه و على براءته.
لعنت والدها و لعنت الإنتخابات و السياسيين و العصابة و العالم أجمع.
(كيونجسوو!!) بدا متفاجئاً جداً لرؤيتها، هرعت إليه و حملته من على الأرض بسرعة، شعرت بذراعيه تطوقان عنقها و بكفيه يقبضان على معطفها بكل قوته و كأنه إبنها هي.
الدموع تتجمع بين جفنيها.
ليس الآن! ليس الآن! لا تبكي!
أخذت تربت على ظهره و تهمس بأنه بخير الآن (لا بأس عليكِ صغيري.. لن يأذيك أحد بعد الآن.. سأعيدك لوالديك فوراً)
خرجت من الكوخ عدواً و هي لا تزال متمسكة بالهراوة بيدها الأخرى، حالما عبرت الباب أخذت تجري و تجري..
إنها تنجح!
إنها حقاً تنجح!
الأمر نجح!
أسقطت العصا من يدها على الرمال و إتجهت الى السيارة التى تنتظرها خارج الشاطئ، بدأت تبكي بسعادة كبيرة و تحتضن الصغير و تقبل مقدمة رأسه.
كانت على بعد خطوات من السيارة التى تمثل خلاصها..
(لما إختطفني السيد وينستون؟)
تسمرت مكانها!
هو يعرف؟
تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً تباً!
↭◎쇼◎쇼◎↭
يُتبع..
Like ♡
Comment 💬
Follow ✔
♕ 어먼EMY ♕
Коментарі