Ch 구 (Joaephine II)
إنه يعرف..
و هذا معناه أنه سيثرثر عن الأمر عندما يعود و سيخبرهم كل شيء..
سيخبر "تشانيول" بكل شيء!!!!!
سيبكي كثيراً ثم يشير الى دارهم و يقول أن السيد "وينستون" هو من خطفه.
"وينستون" من يا "كيونجسوو" يا حبيبي؟!
"وينستون" والد "چوزفين"
يالا الفضيحة!
لا! لا!!!
هذا لا يمكن أن يحدث!
كان كل شيء يمر بسلاسة حتى هذه اللحظة، إذاً.. يا حظي.. لما اللعب الوسخ الآن؟!
(قلت من خطفك؟) تسائلت فقط للتأكيد، ربما سمعت خطأ.. ربما الصبي يهذي.. ربما عقلها هي يهذي.
(والدك.. السيّد وينستون) قال "كيونجسوو" ثم مسح أنفه بكم القميص الذي يرتديه.
حينها بدأت في الركض من جديد.. كانت تجري بطريقة هستيرية، غير عابئة بالأجواء المظلمة التى بدأت تخيم على المكان، و عليها أن تقطع المسافة المهولة بين الكوخ و الطريق بأسرع وقت ممكن لتجنب لحاق أحدٍ غير مرغوبه فيه بها، عندما لمحت أطراف الطريق و السيارة التى تنتظرها زادت من سرعتها، و عندما وقفت أمام السيارة أخيراً أنزلت الصغير من على ذراعيها لتلتقط بضعة أنفاس معدودة ثم أخبرت السائق بأن يعود وحده و هي تعطيه المال.
و دون سماع رده إتجهت بسرعة نحو الشارع الرئيسي و هي تَجر الصغير من يديه و تنظر خلفها كل ثانيتين لتتأكد أن لا أحد يتبعها.
ألن ينتهى هذا الرعب؟
وجدت الحافلة تقف في محطتها فركبت فوراً و جلست في آخر مقعد و أخذت الصبي في حضنها.
لا فكرة لديها عن سبب ركوب الحافلة و لا عن وجهتها و لا عن سبب إحتضانها للصبي رغم أن شيئاً فيها خائف منه حد الموت في هذه اللحظة.
كل ما تريده هو الإبتعاد قدر الإمكان.. ثم التفكير لاحقاً.
(التذكرة سيدتي) أفاقت من شرودها و رفعت رأسها الى المتحدث لتجد أنه ليس سوى السائس العجوز يبتسم لها بهدوء.
تذكرة؟ أي تذكرة؟
اوه~ أجل.. التذكرة.
(ماذا؟) هي تعرف ما يعنيه لكنها تماطل فقط لسبب غير مفهوم او معلوم.
(امم.. التذكرة آنستي.. الخاصة بالحافلة، هل تملكين واحدة؟ ربما إثنان.. كونه من السهل تخمين أن الصغير معكِ) قال مشيراً لـلصغير الذي كان جالساً على المقعد المجاور و يحتضنها بطريقة جانبية دافناً وجهه في ذراعها.
إبتلعت ريقها ثم فتحت حقيبتها الصغيرة المعلقة حول جسدها و أخرجت ثمن تذكرتين بالإضافة الى عدة جنيهات إضافية و ناولتها للسائس (معذرةً.. لسنا من المقاطعة لذا لم أعلم بشأن شراء التذاكر مُسبقاً، هاك ثمنها و ثمن المخالفة.. آسفة)
إبتسم الرجل بطيبة و إقتطع ورقتين ملونتين من الدفتر الجلدي بيده و بادلها بالمال (لا بأسَ عليكِ آنستي، يمكنك الإحتفاظ بالباقي، أين ستنزلين إذاً؟)
هل هذا ضروري؟ ألا يمكننا البقاء هنا لأبد الآبدين؟
هزت كتفيها بمعنى 'لا أدري' او 'أياً كان'
تسائل و هو يأخذ تذاكر الرُكّاب الآخرين (سُكان لندن، هل خمنت بشكل جيد؟ أنتم هنا لزيارة الشاطئ، صحيح؟ هل تسمحين لي بإقتراح فندق مناسب لإراحة أجسادكُم فيه بعد يوم طويل من للإستجمام؟)
لا فكرة لديك عن الإستجمام الذي حظينا به!!
(أجل لندن.. اذا سمحت) أجابت و هي تحاول قهراً وضع إبتسامة مهذبة.
(لا!) إنتفض "كيونجسوو" فجأة (أريد العودة للمنزل الآن) شد قبضته على معطفها و توسلها (أرجوكِ)
(أنتَ بحاجة للراحة، كلانا كذلك.. سنرتاح لليوم ثم نرحل غداً صباحاً) قالت و هى تنظر إليه بقلة حيلة.
(لا! الآن الآن الآن الآن) إنتحب الصغير ثم بدأ بالبكاء بفوضوية مما جعل الحافلة بأكملها تنظر لهم نظرات فضولية وقحة.
وجه الصغير المُتجعد البكّاء جعل قلبها ينتفض فزعاً، دفنته في حضنها مجددا ًبسرعة و هي تهمس له بأن يسكت و يهدأ لعدم إزعاج الناس.
و يبدو أن هذه الحُجة لم تكن مقنعة او كافية في نظر الصغير الذي بدأ بدلاً عن الصمت بضربها بقبضتيه.
(اوفف جيل غير مهذب.. يضرب والدته)
نظرت "چوزفين" بحقد شديد للمرأة التي قالت ذلك.
والدة مؤخرتي! تريين أنه يشبهني يعني!
لكن إن كان إبن "تشانيول" و يشبهه فلا مانع إطلاقاً مطلقاً.
چوزفين! إلاهي الرحيم فيما تفكرين الآن؟! هذا وقته؟ هذا وقته يا سخيفة يا متسخة العقل يا وقحة يا جاحدة؟!
نظرت الى السائس (ما إسم الفندق إذا سمحت؟)
(إنه المحطة القادمة مباشرةً) أجاب ثم هزّ قبعته مُحيياً (أتمنى لكِ أمسية سعيدة سيدتي)
نظر للصبي الآخذ في الصراخ بشفقة ثم أردف و كأنه يتمتم لنفسه (و لو أن هذا يبدو صعباً)
تعتقد؟
↭◎쇼◎쇼◎↭
(هيا كيونجسوو! إخرج من عندك، القليل من الصبر فقط، ستراهم صباحاً حباً في الله!)
ركلت الباب بغل بقدمها بعد أن تجاهلها الصبي، آلمتها أصابع قدمها ک الجحيم فأخذت تقفزت و تعض على يديها لمنع صرخة.
(أريد تشانيول!) صرخ من وراء الباب.
أنا أيضاً أريده لكن لا تراني أغلق على نفسي باب حمام الفندق و أتصرف ک مراهقة إكتشفت أنها حامل!
تباً.. لم تعرف أن الصبي عنيد هكذا.
(سترآه غداً!)
تنهدت بعمق و حسرة ثم رمت جسدها على السرير القابع في منتصف الغرفة، فكرت فوراً إن كان وجودها هنا قراراً صحيحاً، تريد سلامة الصغير و سلامة والدها، لن تستطيع البقاء هنا طويلاً فالمال الذي لديها أوشك على الإنتهاء، ذاك الصيّاد الذى إستأجرته عند الشاطئ طلب مبلغاً جشعاً فاحشاً و لم تستطع الرفض لأن أسهل ما سيفعله هو جعلها طعم أسماكه القادم.
بجدية ما فائدة كون والدها تاجر و رجل أعمال غني و مرشح لمجلس الشعب بينما هى هنا تفكر في المال؟
تنهدت من جديد ثم إعتدلت جالسة لتخلع معطفها، شعرت بالألم في جسدها من الركض و في ذراعيها من حمل الصبى و في رأسها من قلة النوم و في كتفها من..
ماهذا؟
متى عضّها؟
الوغد الصغير ذو الأسنان المُسننة!
سمعت فجأة باب الحمام يفتح فنظرت بسرعة لتجد الصغير يخرج و وجه منتفخ من البكاء، توقف عند الباب لثوانٍ و كأنه يختار من بين شيئين بحيرة، ثم توجه ناحيتها في النهاية و وقف أمامها و هو مطأطأ الرأس، يلعب في أصابعه و كأنها أكثر شيء مثير للإهتمام في هذه اللحظة.
(چوزفين؟) نطق بنبرة ک النعيم جعلت الشابة أمامه تشعر بذوبان ضيقها و توترها و تعبها.. شعرت و كأنها ولدت من جديد.
تأملت وجهه الجميل الشاحب المصحوب بإحمرار أذنيه و خديه من البكاء و فكرت كم أنه من الصعب الغضب عليه، حتى و هو يرتدى متسخة و وجه منفوش و شعره في كل إتجاه.
سُبحان بديع الرب.
(همم) همهمت له مشجعة بعد أن حاولت الكلام و لم تستطع.
رفع عينيه المستديرتين و قال بضعف (أنا جائع~)
لم تشعر بنفسها الا و هي تهرع الى الهاتف على طاولة القهوة لطلب خدمة الغرف، لكن سيدة الإستعلامات الوقحة أخبرتها ببرود أن العشاء كان منذ ساعة و الإفطار سيكون في الثامنة صباحاً.
(الطفل جائع.. هل بإمكانكم إرسال بعض البيض و الخبز و الشاي؟)
(لا.. لكن نستطيع إرسال إبريق من الشاي)
أغلقت الهاتف في وجهها و أخذت حقيبتها و قالت للصغير (إياك أن تتحرك من الغرفة!) ثم خرجت تبحث عن مخبز قريب و هي تسب و تلعن مواعيد الطعام البريطانية الدقيقة الغير عابئة بطفل جائع جميل!
↭◎쇼◎쇼◎↭
(إذاً.. أنتِ هزمتي الأشرار وحدك؟) تسائل "كيونجسوو" بإعجاب و هو لايزال يحشو فمه بخبز الزبيب الذي يتصاعد منه البخار، يريد منها أن تكمل الحكاية.
ضحكت "چوزفين" عليه و قالت (لا لا.. لقد ساعدني الصيّاد)
إعتدلت في مجلسها و وضعت فنجان الشاي الذي كانت في أمس الحاجة اليه على الأرض بجوار الشُرفة الكبيرة حيث كانا يجلسان، نظرت للصبي و شعرت بالدفأ رغم كُل شيء، الأجواء في هذه اللحظة كانت لطيفة، ساعدت "كيونجسوو" على الإستحمام و إرتداء الملابس التى أحضرتها له من متجر صغير قرب المخبز و كانت تشعر بالإرتياح كون الصغير لم يتأذى بشكل كبير سوى بعض الرضوخ على يديه، بالطبع.. بجانب الرضوخ النفسية.
(عندما خَطفتك العصابة كنت واقفة في الشرفة لذا رأيت كل شيء..)
قاطعها الصبي بحماس (أجل! أتذكر أنني رأيتك!)
(اوه~حقاً؟ رأيتني؟) إندهشت الشابة من كلامه
(أجل.. أكملي أكملي) أومأ بسرعة ثم أخذ قضمة كبيرة أخرى من الخبز.
أخذت الشابة نفساً عميقاً و أكملت (حسناً.. نزلت من السيارة و توجهت نحو الشاطئ و عندها إكتشفت إنني فتاة ترتدي تنورة و قبعة شبكية و معطف فروي ثقيل ذاهبة لإنقاذ طفل من عصابة تحاول الشرطة القبض عليها منذ أكثر من سبع سنوات و.. فشلت)
(هل كنت خائفة؟) تسائل "كيونجسوو" بصدق.
(بالطبع لا ما هذا الكلام.. كنت مرعوبة!) إرتعشت "چوزفين" من الذكرى.
(لما لم تُخبري تشانيول إذاً او تحضريه معكِ؟) بدا مُنتحباً هذه المرة و هو يسأل، مما جعل الشابة ترتبك (آآآه.. إممم.. لأنه.. كان.. ربما يكون.. آه أجل! انا لم أره أبداً لذا لم أرد أن أنتظره حتى لا أضيع المزيد من الوقت!)
(حـ..حسناً أكملي) لم بدو مُقتنعاً كثيراً لكن حماسه للقصة كان له الغلبة.
أكملت "چوزفين" (سرت قليلاً على الشاطئ، إبتعدت عن مكان السيّاح و بدأت أتوغل بحذر في جانب الصيّادين و القوارب، و بينما أسير لاحظت مجموعة من أكواخ القوارب.. كانوا كُثر جداً لكن كان هناك ذاك الكوخ الذي يبدو حقاً حقاً مهجور و قديم، بالكاد يقف على أساساته، بلا نوافذ أبداً، يقع في أقصى نهاية الشاطئ و على أطراف الجُرف الصخري.. منظره كان مريباً و مخيفاً و بالكاد إستطعت تميزه من بين الأعشاب التى نمت عليه..
إقتربت أكثر لأدرسه بعيناي و حينها رأيت شاباً من أصول أفريقية يخرج من الكوخ، تأمل البحر لثانية ثم شرع في إشعال سيجار بينما يُمسك بزجاجة جُعة.
و على حين غرة.. إلتقت أنظارنا! هكذا.. دون سابق إنذار! شعرت بقدماي تتجمدان في مكانهما.. كان ضخم الجثة و عيناه مُحمرتان و بدا لي کـ.. ک الشيطان!)
قال الصبي برعب (اوه اوه أعرفه.. إسمه "ماك" و هو شرير! شرير جداً چوزفين! هو من جرح يداي هكذا) ثم رفع كفيه الشاحبين إتجاها لترى عن كثب و هو يقلب شفتيه.
فوراً إنحنت لطبع قبلة على كلتا يديه لتهدأته، ناعمة و دافئة و رائحتها ک خُبز الزبيب..
من الإعجاز كونها لم تلتهمها، تمتمت له (آسفة عزيزي)
(أيضاً..) بدا الصغير مُتردداً للإكمال.
ضغطت الفتاة على يديه بين يديها (أخبرني.. لا تخف)
بلع ريقه و فتح فمه و أغلقه عدة مرات دون أن يقول شيئاً، لكنه نطق في النهاية (أيضاً.. أيضاً هو حاول فعل أشياء سيئة لى.. لكن زعيمهم دخل فجأة و شتمه و طرده، سمعته يقول أنه إن رآه بالداخل مجدداً سيذبحه و الا ذبحهم السيد وينستون لذا لم يعد مرة أخرى)
سقط قلبها!
رحماك أيها الرب!
كيف لها أن تكره هذا الـشيطان بينما والدها هو مُستحضره!
ثم إن كان زعيمهم او أياً كان منعه من الدخول إذاً لم رأته يخرج من الكوخ؟
أخذت الصغير و إعتصرته بين ذراعيها و صدرها بكل ما أوتيت من قوة.
(كنـ.. نت خائفاً چوزفين) إنتحب في حضنها فكرهت نفسها و العالم بكل ما فيه، تقززت، شعرت بالقرف الشديد، كادت تتقيأ.
إنه طفل يا أولاد لوسيڤر!
حركت رأسه قليلاً لتنظر في عينيه و تحدثت بغضب حاولت جعله إصطناعياً لإشغاله عن التفكير في الذكرى الرهيبة (ماك! اى إسم هذا؟ يبدو أنه شيطان رجيم بالفعل! هل تعلم ماذا..؟ لعله الآن يُصفع على مؤخرته لأنه تركك تهرب!)
إبتسم الصغير ثم أطبق على شفتيه بقوة و كأنه يحاول كَتم الضحك (أكملي القصة) كان كل ما قاله لها بينما يعتدل جالساً على بطنه و يسند رأسه لذراعيه مُحاذراً عدم لمس الجروح.
أخذت الفتاة نفس عميق و داعبت غُرة الصبي من بين خُصلات شعره (المُهم.. بدأ يقترب مني بفضول و كأنه يقول 'ما الذي تفعله إمرأة هْنا؟' ثم فجأة..
تكلمت! تحدثت إليه و سألته بصوت للأسف خرج مهزوزاً بإن كان وحده بالداخل.
ضحك ک المعتوه و أرجع رأسه للخلف ثم بعد أن هدأ قليلاً سألني إن كان الأمر يعنيني
أجبته بأنني أريد مُشاركته الزُجاجة و لا أريد من أحد أن يقاطعنا.. بكل مافيّ شعرت بالتقزز من نفسي لكن انا.. لم أكن أفكر)
(و ما معنى هذا بالضبط؟) تسائل الطفل ببراءة.
إحمر خدا "چوزفين" ثم نظفت حلقها (معناه إنني أستطيع الدخول، امم.. ستفهم عندما تكبر، طيب؟)
(طيب) تأفف الصغير بملل ثم أومأ لها لتكمل.
أكملت (لكن الوقح رفض! فقط أخبرني أن أنقلع من هنا! بصقت في وجهه ثم إستدرت و لكنني من الداخل كنت مرتاحة و أرقص فرحاً! بدا و كأنني نجوت من جلسة تعذيب مُكثف!
إبتعت و بدأت أتجول قليلاً هنا و هناك و انا لا أدري ما العمل، حينها وجدت صياداً على الشاطئ يستعد بقاربه للبحر، كان في نفس ضخامة الرجل الأفريقي تقريباً فذهبت إليه و طلبت منه المساعدة..
رفض..
توسلته..
فرفض من جديد..
أخرجت محفظتي..
حينها بدا مهتماً و مُستعداً لحوار راقى.
طلبت منه مراقبة الكوخ على مدار اليوم و أن يخبرني بعدد الأشخاص بالداخل و متى يدخلون و يخرجون، و الأهم.. كيف أدخل أنا الى هناك.
لذا.. كنت جالسة في السيارة أشعر بموجة قلق تكفي لحرق لندن عندما أتى أخيراً الى و يخبرني أن الكوخ لن يسهل دخوله الا عبر سام)
(من سام؟) سأل الصغير و الحماس بدأ يؤكله.
أجابته (أصغر أفراد العصابة، معتوه نوعاً ما و سيسهل خداعه، هكذا قال الصيّاد.. لكنّي حقاً أعتقد أنه فقط.. طيب.. لا أدري)
فكر "كيونجسوو" أن هذا الـ"سام" لا يُمكن الا أن يكون الشاب الذى فكّ قيده، كانت "چوزفين" محقة، لم يكن معتوهاً.. فقط طيب.
(أكملي) قال الصغير، لكنه وجد الشابة تحمله بين يديها الى السرير، قالت و هى تنظر للساعة (الوقت تأخر.. ربما غداً)
و في اللحظة التى وُضِعت رأسه فيها على الوسادة الناعمة شعر بوعيه يغوص بين ريشها، لكنه تحامل على وعيه بعناد (لا! أكملى الآن!)
ضحكت الشابة (إلاهي.. كم أنتَ عنيد)
تنهدت ثم قررت أن تستمر حتى ينام، و هذا لم يبدو بعيداً بالنظر الى كيف تبدو جفونه ثقيلة (ذهبت الى الكوخ من جديد لكن الصيّاد رفض مرافقتي، قال شيئاً عن كونه يخاف منهم و هو لديه زوجة و أولاد و الى آخر هذا الهراء، أنقدته ماله و انا أسأله إن كان آمناً الذهاب هناك الآن، أخبرنى أن "ليو" أياً كان هذا..)
(إنه زعيمهم) قال الصغير بصوت ناعس.
هزت رأسها بفهم (امم.. زعيمهم.. حسناً.. أخبرني ان زعيمهم قد خرج تواً و رآه يستقل سيارة و يبدو أنه لن يعود في القريب العاجل و أن سام وحده في الكوخ، ذهبت هُناك و انا أتمنى و أصلى بأن يكون الرجل محقاً بشأن.. بشأن كل شيء قاله! و الا لكانت العواقب وخيمة)
(إن أمسكوكِ كنتِ ستكونين مُقيدة بجانبي) ضحك الصغير بخفة و أغلق عينيه و كأنه لا يستطيع الإستمرار بفتحها.
إبتسمت له (صحيح.. عندما وصلت الى هناك وجدت جزع شجرة غليظ مُلقى على الرمال بدا و كأنه فائض من صُنع قارب، أخذته و خبأته تحت المعطف بسرعة و طرقت باب الكوخ.. فتح الباب شاب غير الذي رأيته و كان هذا أول دليل على أن الصيّاد لم يكذب.. حتى الآن.
سألته إن كان يمكنني الدخول، أخبرته و انا أتقمص دور ممثلة بأنني خائفة من الظلام و أن أصدقائي رحلوا بالتأكيد لأن الشاطئ فارغ الآن و لا مكان أذهب إليه.
بدا مُرتبكاً و بدأ يتفحصني ثم ينظر الى الداخل و بدأ يتصبب عرقاً و توتره كان واضحاً ک الشمس مما جعلني أثق بنفسي قليلاً ،أخبرنى أن أنتظر هنا للحظة.. لكنني لم أنتظر.
بمجرد أن أولاني ظهره أخرجت الفرع و ضربته على مؤخرة رأسه بكل قوة.. و أنقذتك)
أنهت "چوزفين" حكايتها و نظرت للصبي الذى كان بالفعل شبه نائم، تحرك ببطء و كسل ليضع كلتا يديه على وجنتيها و فوراً إنتشر الدفأ في روحها من لمسته.
(أنتِ رائعة.. انا سعيد لأنكِ هنا.. لأجلي.. لا عجب أن تشانيول هيونج يحبكِ) خرج صوته هشاً ذا ملمس حريري من غشاوة النوم، إقترب أكثر من وجهها و طبع قبلة ندية على الخد الأقرب إليه.. ثم سلّم نفسه أخيراً لحلم الليلة.
هو فقط مدحها و قبلها و نام ملئ جفونه مُخلفاً فوضى عارمة في روحها.
أغلقت المصباح بجانبه و أحكمت وضع الغطاء حوله، طبطت على صدره و قبّلت جبينه ثم نهضت إتجاه الشرفة.
و كم بدا لها البحر كئيباً سوداوياً~
فكرت أنها لو إستسلمت للبكاء الآن ستنزل الدموع ک قطرات هذا البحر تماماً..
سوداء غزيرة.. و تخفى في عُمقها ألف خاطرة و شعور.
↭◎쇼◎쇼◎↭
الخامس عشر من يناير/كانون الثاني 1957~
التاسعة صباحاً~
كان "كيونجسوو" يشعر بالذُعر!
إستيقظ للتو و لا يجد "چوزفين" في أي مكان، و عندما حاول الخروج من الغرفة كان الباب موصداً!
إنتابته نوبة هلع و شعر بصدره يضيق و بغصة تخنقه و برؤيته تُشوش.
و عندما سقطت أول دفعة دموع رغماً عنه فُتح الباب و دخلت الشابة الى الغُرفة و لم يشعر بنفسه الا و هو يجرى ناحيتها و يحتضن ساقيها (أين كنتِ؟ أرعبتني!)
لكن لم يتلقى العناق الذى ينتظره او لمسة على شعره.. لم يسمع صوتاً حتى.
رفع وجهه الى أعلى ليجدها تنظر الى الأفق، فكّر الصغير أنها تبدو.. مُرهقة، تسائل إن كانت قد حظيت بنوم ليلة أمس.
ترك ساقيها و قد شعر بأن هواء الغُرفة ثقيل على رأتيه فجأة، بلع ريقه و بتردد شديد سألها إن كانت بخير، نظرت إتجاهه و كأنها لاحظته تواً ثم تحدّثت بهدوء (إذهب الى الإغتسال بسرعة هيا.. سنتناول الإفطار ثم نخرج من هُنا)
↭◎쇼◎쇼◎↭
(امم.. الى أين نحن ذاهبان؟)
لا رد
(هل منزلنا بعيد من هُنا؟)
لا رد
(هذه ليست لندن حتى، صح؟)
لا رد
(هل إقتربنا؟)
لا رد
(چوزفين؟)
أيضاً لا رد!
(ها نحن ذا) نطقت الشابة أخيراً بينما تستوقف الصغير أمام مبنى ذو حديقة كثيفة، نبرتها كانت لينة لكنها لم تساعد نفسية الصغير على الإسترخاء.
إنحنت إليه و وضعت كلتا يداها على كتفيه الضيقين و أمعت النظر في وجهه (أنا لن أستطيع أخذك للمنزل اليوم)
ماذا؟!
(لكنى سأفعل غداً)
لقد قطعتي وعداً.
(قضيت الليل بطوله أبحث و أسأل حتى وجدت هذا المكان)
إذاً هى لم تنم.
(إنه أفضل ملجأ في المقاطعة)
مـ.. ملجأ؟!!!
أراد الصُراخ عليها
أراد الصراخ لوالديه
أراد الصراخ بإسم تشانيول
أراد الصراخ
فقط الصراخ!
لكن لا صوت واحد خرج من حلقه.
(إنه فقط ليوم.. يوم واحد فقط.. سآتي غداً)
أنهت جملتها ثم إستقامت واقفةً و قادته داخل البوابة الحديدية.
لا يعلم متى عبروا الحديقة و لا إن كانوا قرعوا الباب و من فتحه و متى إستدارت و تركته وحيداً ها هنا.
لكن ما يعرفه جيداً..
أنها لم تأتي..
لا غداً..
و لا بعده..
و لا أبداً~
↭◎쇼◎쇼◎↭
يُتبع..
Like ♡
Comment 💬
Follow ✔
♕ 어먼EMY ♕
و هذا معناه أنه سيثرثر عن الأمر عندما يعود و سيخبرهم كل شيء..
سيخبر "تشانيول" بكل شيء!!!!!
سيبكي كثيراً ثم يشير الى دارهم و يقول أن السيد "وينستون" هو من خطفه.
"وينستون" من يا "كيونجسوو" يا حبيبي؟!
"وينستون" والد "چوزفين"
يالا الفضيحة!
لا! لا!!!
هذا لا يمكن أن يحدث!
كان كل شيء يمر بسلاسة حتى هذه اللحظة، إذاً.. يا حظي.. لما اللعب الوسخ الآن؟!
(قلت من خطفك؟) تسائلت فقط للتأكيد، ربما سمعت خطأ.. ربما الصبي يهذي.. ربما عقلها هي يهذي.
(والدك.. السيّد وينستون) قال "كيونجسوو" ثم مسح أنفه بكم القميص الذي يرتديه.
حينها بدأت في الركض من جديد.. كانت تجري بطريقة هستيرية، غير عابئة بالأجواء المظلمة التى بدأت تخيم على المكان، و عليها أن تقطع المسافة المهولة بين الكوخ و الطريق بأسرع وقت ممكن لتجنب لحاق أحدٍ غير مرغوبه فيه بها، عندما لمحت أطراف الطريق و السيارة التى تنتظرها زادت من سرعتها، و عندما وقفت أمام السيارة أخيراً أنزلت الصغير من على ذراعيها لتلتقط بضعة أنفاس معدودة ثم أخبرت السائق بأن يعود وحده و هي تعطيه المال.
و دون سماع رده إتجهت بسرعة نحو الشارع الرئيسي و هي تَجر الصغير من يديه و تنظر خلفها كل ثانيتين لتتأكد أن لا أحد يتبعها.
ألن ينتهى هذا الرعب؟
وجدت الحافلة تقف في محطتها فركبت فوراً و جلست في آخر مقعد و أخذت الصبي في حضنها.
لا فكرة لديها عن سبب ركوب الحافلة و لا عن وجهتها و لا عن سبب إحتضانها للصبي رغم أن شيئاً فيها خائف منه حد الموت في هذه اللحظة.
كل ما تريده هو الإبتعاد قدر الإمكان.. ثم التفكير لاحقاً.
(التذكرة سيدتي) أفاقت من شرودها و رفعت رأسها الى المتحدث لتجد أنه ليس سوى السائس العجوز يبتسم لها بهدوء.
تذكرة؟ أي تذكرة؟
اوه~ أجل.. التذكرة.
(ماذا؟) هي تعرف ما يعنيه لكنها تماطل فقط لسبب غير مفهوم او معلوم.
(امم.. التذكرة آنستي.. الخاصة بالحافلة، هل تملكين واحدة؟ ربما إثنان.. كونه من السهل تخمين أن الصغير معكِ) قال مشيراً لـلصغير الذي كان جالساً على المقعد المجاور و يحتضنها بطريقة جانبية دافناً وجهه في ذراعها.
إبتلعت ريقها ثم فتحت حقيبتها الصغيرة المعلقة حول جسدها و أخرجت ثمن تذكرتين بالإضافة الى عدة جنيهات إضافية و ناولتها للسائس (معذرةً.. لسنا من المقاطعة لذا لم أعلم بشأن شراء التذاكر مُسبقاً، هاك ثمنها و ثمن المخالفة.. آسفة)
إبتسم الرجل بطيبة و إقتطع ورقتين ملونتين من الدفتر الجلدي بيده و بادلها بالمال (لا بأسَ عليكِ آنستي، يمكنك الإحتفاظ بالباقي، أين ستنزلين إذاً؟)
هل هذا ضروري؟ ألا يمكننا البقاء هنا لأبد الآبدين؟
هزت كتفيها بمعنى 'لا أدري' او 'أياً كان'
تسائل و هو يأخذ تذاكر الرُكّاب الآخرين (سُكان لندن، هل خمنت بشكل جيد؟ أنتم هنا لزيارة الشاطئ، صحيح؟ هل تسمحين لي بإقتراح فندق مناسب لإراحة أجسادكُم فيه بعد يوم طويل من للإستجمام؟)
لا فكرة لديك عن الإستجمام الذي حظينا به!!
(أجل لندن.. اذا سمحت) أجابت و هي تحاول قهراً وضع إبتسامة مهذبة.
(لا!) إنتفض "كيونجسوو" فجأة (أريد العودة للمنزل الآن) شد قبضته على معطفها و توسلها (أرجوكِ)
(أنتَ بحاجة للراحة، كلانا كذلك.. سنرتاح لليوم ثم نرحل غداً صباحاً) قالت و هى تنظر إليه بقلة حيلة.
(لا! الآن الآن الآن الآن) إنتحب الصغير ثم بدأ بالبكاء بفوضوية مما جعل الحافلة بأكملها تنظر لهم نظرات فضولية وقحة.
وجه الصغير المُتجعد البكّاء جعل قلبها ينتفض فزعاً، دفنته في حضنها مجددا ًبسرعة و هي تهمس له بأن يسكت و يهدأ لعدم إزعاج الناس.
و يبدو أن هذه الحُجة لم تكن مقنعة او كافية في نظر الصغير الذي بدأ بدلاً عن الصمت بضربها بقبضتيه.
(اوفف جيل غير مهذب.. يضرب والدته)
نظرت "چوزفين" بحقد شديد للمرأة التي قالت ذلك.
والدة مؤخرتي! تريين أنه يشبهني يعني!
لكن إن كان إبن "تشانيول" و يشبهه فلا مانع إطلاقاً مطلقاً.
چوزفين! إلاهي الرحيم فيما تفكرين الآن؟! هذا وقته؟ هذا وقته يا سخيفة يا متسخة العقل يا وقحة يا جاحدة؟!
نظرت الى السائس (ما إسم الفندق إذا سمحت؟)
(إنه المحطة القادمة مباشرةً) أجاب ثم هزّ قبعته مُحيياً (أتمنى لكِ أمسية سعيدة سيدتي)
نظر للصبي الآخذ في الصراخ بشفقة ثم أردف و كأنه يتمتم لنفسه (و لو أن هذا يبدو صعباً)
تعتقد؟
↭◎쇼◎쇼◎↭
(هيا كيونجسوو! إخرج من عندك، القليل من الصبر فقط، ستراهم صباحاً حباً في الله!)
ركلت الباب بغل بقدمها بعد أن تجاهلها الصبي، آلمتها أصابع قدمها ک الجحيم فأخذت تقفزت و تعض على يديها لمنع صرخة.
(أريد تشانيول!) صرخ من وراء الباب.
أنا أيضاً أريده لكن لا تراني أغلق على نفسي باب حمام الفندق و أتصرف ک مراهقة إكتشفت أنها حامل!
تباً.. لم تعرف أن الصبي عنيد هكذا.
(سترآه غداً!)
تنهدت بعمق و حسرة ثم رمت جسدها على السرير القابع في منتصف الغرفة، فكرت فوراً إن كان وجودها هنا قراراً صحيحاً، تريد سلامة الصغير و سلامة والدها، لن تستطيع البقاء هنا طويلاً فالمال الذي لديها أوشك على الإنتهاء، ذاك الصيّاد الذى إستأجرته عند الشاطئ طلب مبلغاً جشعاً فاحشاً و لم تستطع الرفض لأن أسهل ما سيفعله هو جعلها طعم أسماكه القادم.
بجدية ما فائدة كون والدها تاجر و رجل أعمال غني و مرشح لمجلس الشعب بينما هى هنا تفكر في المال؟
تنهدت من جديد ثم إعتدلت جالسة لتخلع معطفها، شعرت بالألم في جسدها من الركض و في ذراعيها من حمل الصبى و في رأسها من قلة النوم و في كتفها من..
ماهذا؟
متى عضّها؟
الوغد الصغير ذو الأسنان المُسننة!
سمعت فجأة باب الحمام يفتح فنظرت بسرعة لتجد الصغير يخرج و وجه منتفخ من البكاء، توقف عند الباب لثوانٍ و كأنه يختار من بين شيئين بحيرة، ثم توجه ناحيتها في النهاية و وقف أمامها و هو مطأطأ الرأس، يلعب في أصابعه و كأنها أكثر شيء مثير للإهتمام في هذه اللحظة.
(چوزفين؟) نطق بنبرة ک النعيم جعلت الشابة أمامه تشعر بذوبان ضيقها و توترها و تعبها.. شعرت و كأنها ولدت من جديد.
تأملت وجهه الجميل الشاحب المصحوب بإحمرار أذنيه و خديه من البكاء و فكرت كم أنه من الصعب الغضب عليه، حتى و هو يرتدى متسخة و وجه منفوش و شعره في كل إتجاه.
سُبحان بديع الرب.
(همم) همهمت له مشجعة بعد أن حاولت الكلام و لم تستطع.
رفع عينيه المستديرتين و قال بضعف (أنا جائع~)
لم تشعر بنفسها الا و هي تهرع الى الهاتف على طاولة القهوة لطلب خدمة الغرف، لكن سيدة الإستعلامات الوقحة أخبرتها ببرود أن العشاء كان منذ ساعة و الإفطار سيكون في الثامنة صباحاً.
(الطفل جائع.. هل بإمكانكم إرسال بعض البيض و الخبز و الشاي؟)
(لا.. لكن نستطيع إرسال إبريق من الشاي)
أغلقت الهاتف في وجهها و أخذت حقيبتها و قالت للصغير (إياك أن تتحرك من الغرفة!) ثم خرجت تبحث عن مخبز قريب و هي تسب و تلعن مواعيد الطعام البريطانية الدقيقة الغير عابئة بطفل جائع جميل!
↭◎쇼◎쇼◎↭
(إذاً.. أنتِ هزمتي الأشرار وحدك؟) تسائل "كيونجسوو" بإعجاب و هو لايزال يحشو فمه بخبز الزبيب الذي يتصاعد منه البخار، يريد منها أن تكمل الحكاية.
ضحكت "چوزفين" عليه و قالت (لا لا.. لقد ساعدني الصيّاد)
إعتدلت في مجلسها و وضعت فنجان الشاي الذي كانت في أمس الحاجة اليه على الأرض بجوار الشُرفة الكبيرة حيث كانا يجلسان، نظرت للصبي و شعرت بالدفأ رغم كُل شيء، الأجواء في هذه اللحظة كانت لطيفة، ساعدت "كيونجسوو" على الإستحمام و إرتداء الملابس التى أحضرتها له من متجر صغير قرب المخبز و كانت تشعر بالإرتياح كون الصغير لم يتأذى بشكل كبير سوى بعض الرضوخ على يديه، بالطبع.. بجانب الرضوخ النفسية.
(عندما خَطفتك العصابة كنت واقفة في الشرفة لذا رأيت كل شيء..)
قاطعها الصبي بحماس (أجل! أتذكر أنني رأيتك!)
(اوه~حقاً؟ رأيتني؟) إندهشت الشابة من كلامه
(أجل.. أكملي أكملي) أومأ بسرعة ثم أخذ قضمة كبيرة أخرى من الخبز.
أخذت الشابة نفساً عميقاً و أكملت (حسناً.. نزلت من السيارة و توجهت نحو الشاطئ و عندها إكتشفت إنني فتاة ترتدي تنورة و قبعة شبكية و معطف فروي ثقيل ذاهبة لإنقاذ طفل من عصابة تحاول الشرطة القبض عليها منذ أكثر من سبع سنوات و.. فشلت)
(هل كنت خائفة؟) تسائل "كيونجسوو" بصدق.
(بالطبع لا ما هذا الكلام.. كنت مرعوبة!) إرتعشت "چوزفين" من الذكرى.
(لما لم تُخبري تشانيول إذاً او تحضريه معكِ؟) بدا مُنتحباً هذه المرة و هو يسأل، مما جعل الشابة ترتبك (آآآه.. إممم.. لأنه.. كان.. ربما يكون.. آه أجل! انا لم أره أبداً لذا لم أرد أن أنتظره حتى لا أضيع المزيد من الوقت!)
(حـ..حسناً أكملي) لم بدو مُقتنعاً كثيراً لكن حماسه للقصة كان له الغلبة.
أكملت "چوزفين" (سرت قليلاً على الشاطئ، إبتعدت عن مكان السيّاح و بدأت أتوغل بحذر في جانب الصيّادين و القوارب، و بينما أسير لاحظت مجموعة من أكواخ القوارب.. كانوا كُثر جداً لكن كان هناك ذاك الكوخ الذي يبدو حقاً حقاً مهجور و قديم، بالكاد يقف على أساساته، بلا نوافذ أبداً، يقع في أقصى نهاية الشاطئ و على أطراف الجُرف الصخري.. منظره كان مريباً و مخيفاً و بالكاد إستطعت تميزه من بين الأعشاب التى نمت عليه..
إقتربت أكثر لأدرسه بعيناي و حينها رأيت شاباً من أصول أفريقية يخرج من الكوخ، تأمل البحر لثانية ثم شرع في إشعال سيجار بينما يُمسك بزجاجة جُعة.
و على حين غرة.. إلتقت أنظارنا! هكذا.. دون سابق إنذار! شعرت بقدماي تتجمدان في مكانهما.. كان ضخم الجثة و عيناه مُحمرتان و بدا لي کـ.. ک الشيطان!)
قال الصبي برعب (اوه اوه أعرفه.. إسمه "ماك" و هو شرير! شرير جداً چوزفين! هو من جرح يداي هكذا) ثم رفع كفيه الشاحبين إتجاها لترى عن كثب و هو يقلب شفتيه.
فوراً إنحنت لطبع قبلة على كلتا يديه لتهدأته، ناعمة و دافئة و رائحتها ک خُبز الزبيب..
من الإعجاز كونها لم تلتهمها، تمتمت له (آسفة عزيزي)
(أيضاً..) بدا الصغير مُتردداً للإكمال.
ضغطت الفتاة على يديه بين يديها (أخبرني.. لا تخف)
بلع ريقه و فتح فمه و أغلقه عدة مرات دون أن يقول شيئاً، لكنه نطق في النهاية (أيضاً.. أيضاً هو حاول فعل أشياء سيئة لى.. لكن زعيمهم دخل فجأة و شتمه و طرده، سمعته يقول أنه إن رآه بالداخل مجدداً سيذبحه و الا ذبحهم السيد وينستون لذا لم يعد مرة أخرى)
سقط قلبها!
رحماك أيها الرب!
كيف لها أن تكره هذا الـشيطان بينما والدها هو مُستحضره!
ثم إن كان زعيمهم او أياً كان منعه من الدخول إذاً لم رأته يخرج من الكوخ؟
أخذت الصغير و إعتصرته بين ذراعيها و صدرها بكل ما أوتيت من قوة.
(كنـ.. نت خائفاً چوزفين) إنتحب في حضنها فكرهت نفسها و العالم بكل ما فيه، تقززت، شعرت بالقرف الشديد، كادت تتقيأ.
إنه طفل يا أولاد لوسيڤر!
حركت رأسه قليلاً لتنظر في عينيه و تحدثت بغضب حاولت جعله إصطناعياً لإشغاله عن التفكير في الذكرى الرهيبة (ماك! اى إسم هذا؟ يبدو أنه شيطان رجيم بالفعل! هل تعلم ماذا..؟ لعله الآن يُصفع على مؤخرته لأنه تركك تهرب!)
إبتسم الصغير ثم أطبق على شفتيه بقوة و كأنه يحاول كَتم الضحك (أكملي القصة) كان كل ما قاله لها بينما يعتدل جالساً على بطنه و يسند رأسه لذراعيه مُحاذراً عدم لمس الجروح.
أخذت الفتاة نفس عميق و داعبت غُرة الصبي من بين خُصلات شعره (المُهم.. بدأ يقترب مني بفضول و كأنه يقول 'ما الذي تفعله إمرأة هْنا؟' ثم فجأة..
تكلمت! تحدثت إليه و سألته بصوت للأسف خرج مهزوزاً بإن كان وحده بالداخل.
ضحك ک المعتوه و أرجع رأسه للخلف ثم بعد أن هدأ قليلاً سألني إن كان الأمر يعنيني
أجبته بأنني أريد مُشاركته الزُجاجة و لا أريد من أحد أن يقاطعنا.. بكل مافيّ شعرت بالتقزز من نفسي لكن انا.. لم أكن أفكر)
(و ما معنى هذا بالضبط؟) تسائل الطفل ببراءة.
إحمر خدا "چوزفين" ثم نظفت حلقها (معناه إنني أستطيع الدخول، امم.. ستفهم عندما تكبر، طيب؟)
(طيب) تأفف الصغير بملل ثم أومأ لها لتكمل.
أكملت (لكن الوقح رفض! فقط أخبرني أن أنقلع من هنا! بصقت في وجهه ثم إستدرت و لكنني من الداخل كنت مرتاحة و أرقص فرحاً! بدا و كأنني نجوت من جلسة تعذيب مُكثف!
إبتعت و بدأت أتجول قليلاً هنا و هناك و انا لا أدري ما العمل، حينها وجدت صياداً على الشاطئ يستعد بقاربه للبحر، كان في نفس ضخامة الرجل الأفريقي تقريباً فذهبت إليه و طلبت منه المساعدة..
رفض..
توسلته..
فرفض من جديد..
أخرجت محفظتي..
حينها بدا مهتماً و مُستعداً لحوار راقى.
طلبت منه مراقبة الكوخ على مدار اليوم و أن يخبرني بعدد الأشخاص بالداخل و متى يدخلون و يخرجون، و الأهم.. كيف أدخل أنا الى هناك.
لذا.. كنت جالسة في السيارة أشعر بموجة قلق تكفي لحرق لندن عندما أتى أخيراً الى و يخبرني أن الكوخ لن يسهل دخوله الا عبر سام)
(من سام؟) سأل الصغير و الحماس بدأ يؤكله.
أجابته (أصغر أفراد العصابة، معتوه نوعاً ما و سيسهل خداعه، هكذا قال الصيّاد.. لكنّي حقاً أعتقد أنه فقط.. طيب.. لا أدري)
فكر "كيونجسوو" أن هذا الـ"سام" لا يُمكن الا أن يكون الشاب الذى فكّ قيده، كانت "چوزفين" محقة، لم يكن معتوهاً.. فقط طيب.
(أكملي) قال الصغير، لكنه وجد الشابة تحمله بين يديها الى السرير، قالت و هى تنظر للساعة (الوقت تأخر.. ربما غداً)
و في اللحظة التى وُضِعت رأسه فيها على الوسادة الناعمة شعر بوعيه يغوص بين ريشها، لكنه تحامل على وعيه بعناد (لا! أكملى الآن!)
ضحكت الشابة (إلاهي.. كم أنتَ عنيد)
تنهدت ثم قررت أن تستمر حتى ينام، و هذا لم يبدو بعيداً بالنظر الى كيف تبدو جفونه ثقيلة (ذهبت الى الكوخ من جديد لكن الصيّاد رفض مرافقتي، قال شيئاً عن كونه يخاف منهم و هو لديه زوجة و أولاد و الى آخر هذا الهراء، أنقدته ماله و انا أسأله إن كان آمناً الذهاب هناك الآن، أخبرنى أن "ليو" أياً كان هذا..)
(إنه زعيمهم) قال الصغير بصوت ناعس.
هزت رأسها بفهم (امم.. زعيمهم.. حسناً.. أخبرني ان زعيمهم قد خرج تواً و رآه يستقل سيارة و يبدو أنه لن يعود في القريب العاجل و أن سام وحده في الكوخ، ذهبت هُناك و انا أتمنى و أصلى بأن يكون الرجل محقاً بشأن.. بشأن كل شيء قاله! و الا لكانت العواقب وخيمة)
(إن أمسكوكِ كنتِ ستكونين مُقيدة بجانبي) ضحك الصغير بخفة و أغلق عينيه و كأنه لا يستطيع الإستمرار بفتحها.
إبتسمت له (صحيح.. عندما وصلت الى هناك وجدت جزع شجرة غليظ مُلقى على الرمال بدا و كأنه فائض من صُنع قارب، أخذته و خبأته تحت المعطف بسرعة و طرقت باب الكوخ.. فتح الباب شاب غير الذي رأيته و كان هذا أول دليل على أن الصيّاد لم يكذب.. حتى الآن.
سألته إن كان يمكنني الدخول، أخبرته و انا أتقمص دور ممثلة بأنني خائفة من الظلام و أن أصدقائي رحلوا بالتأكيد لأن الشاطئ فارغ الآن و لا مكان أذهب إليه.
بدا مُرتبكاً و بدأ يتفحصني ثم ينظر الى الداخل و بدأ يتصبب عرقاً و توتره كان واضحاً ک الشمس مما جعلني أثق بنفسي قليلاً ،أخبرنى أن أنتظر هنا للحظة.. لكنني لم أنتظر.
بمجرد أن أولاني ظهره أخرجت الفرع و ضربته على مؤخرة رأسه بكل قوة.. و أنقذتك)
أنهت "چوزفين" حكايتها و نظرت للصبي الذى كان بالفعل شبه نائم، تحرك ببطء و كسل ليضع كلتا يديه على وجنتيها و فوراً إنتشر الدفأ في روحها من لمسته.
(أنتِ رائعة.. انا سعيد لأنكِ هنا.. لأجلي.. لا عجب أن تشانيول هيونج يحبكِ) خرج صوته هشاً ذا ملمس حريري من غشاوة النوم، إقترب أكثر من وجهها و طبع قبلة ندية على الخد الأقرب إليه.. ثم سلّم نفسه أخيراً لحلم الليلة.
هو فقط مدحها و قبلها و نام ملئ جفونه مُخلفاً فوضى عارمة في روحها.
أغلقت المصباح بجانبه و أحكمت وضع الغطاء حوله، طبطت على صدره و قبّلت جبينه ثم نهضت إتجاه الشرفة.
و كم بدا لها البحر كئيباً سوداوياً~
فكرت أنها لو إستسلمت للبكاء الآن ستنزل الدموع ک قطرات هذا البحر تماماً..
سوداء غزيرة.. و تخفى في عُمقها ألف خاطرة و شعور.
↭◎쇼◎쇼◎↭
الخامس عشر من يناير/كانون الثاني 1957~
التاسعة صباحاً~
كان "كيونجسوو" يشعر بالذُعر!
إستيقظ للتو و لا يجد "چوزفين" في أي مكان، و عندما حاول الخروج من الغرفة كان الباب موصداً!
إنتابته نوبة هلع و شعر بصدره يضيق و بغصة تخنقه و برؤيته تُشوش.
و عندما سقطت أول دفعة دموع رغماً عنه فُتح الباب و دخلت الشابة الى الغُرفة و لم يشعر بنفسه الا و هو يجرى ناحيتها و يحتضن ساقيها (أين كنتِ؟ أرعبتني!)
لكن لم يتلقى العناق الذى ينتظره او لمسة على شعره.. لم يسمع صوتاً حتى.
رفع وجهه الى أعلى ليجدها تنظر الى الأفق، فكّر الصغير أنها تبدو.. مُرهقة، تسائل إن كانت قد حظيت بنوم ليلة أمس.
ترك ساقيها و قد شعر بأن هواء الغُرفة ثقيل على رأتيه فجأة، بلع ريقه و بتردد شديد سألها إن كانت بخير، نظرت إتجاهه و كأنها لاحظته تواً ثم تحدّثت بهدوء (إذهب الى الإغتسال بسرعة هيا.. سنتناول الإفطار ثم نخرج من هُنا)
↭◎쇼◎쇼◎↭
(امم.. الى أين نحن ذاهبان؟)
لا رد
(هل منزلنا بعيد من هُنا؟)
لا رد
(هذه ليست لندن حتى، صح؟)
لا رد
(هل إقتربنا؟)
لا رد
(چوزفين؟)
أيضاً لا رد!
(ها نحن ذا) نطقت الشابة أخيراً بينما تستوقف الصغير أمام مبنى ذو حديقة كثيفة، نبرتها كانت لينة لكنها لم تساعد نفسية الصغير على الإسترخاء.
إنحنت إليه و وضعت كلتا يداها على كتفيه الضيقين و أمعت النظر في وجهه (أنا لن أستطيع أخذك للمنزل اليوم)
ماذا؟!
(لكنى سأفعل غداً)
لقد قطعتي وعداً.
(قضيت الليل بطوله أبحث و أسأل حتى وجدت هذا المكان)
إذاً هى لم تنم.
(إنه أفضل ملجأ في المقاطعة)
مـ.. ملجأ؟!!!
أراد الصُراخ عليها
أراد الصراخ لوالديه
أراد الصراخ بإسم تشانيول
أراد الصراخ
فقط الصراخ!
لكن لا صوت واحد خرج من حلقه.
(إنه فقط ليوم.. يوم واحد فقط.. سآتي غداً)
أنهت جملتها ثم إستقامت واقفةً و قادته داخل البوابة الحديدية.
لا يعلم متى عبروا الحديقة و لا إن كانوا قرعوا الباب و من فتحه و متى إستدارت و تركته وحيداً ها هنا.
لكن ما يعرفه جيداً..
أنها لم تأتي..
لا غداً..
و لا بعده..
و لا أبداً~
↭◎쇼◎쇼◎↭
يُتبع..
Like ♡
Comment 💬
Follow ✔
♕ 어먼EMY ♕
Коментарі