Dear Reader
Ch일 (Migration)
Ch이 (Ship)
Ch 삼 (Heart of Joy)
Ch사 (Family)
Ch오 (Hanbok)
Ch 육 (Birthday)
Ch칠 (Kidnapping)
Ch 팔 (Josephine)
Ch 구 (Joaephine II)
Ch 십 (Ole House)
Ch 십일 (Familiar)
Ch 십이 (Stolen Happiness)
Ch 십삼 (Christmas)
Ch십사 (Letters)
Ch십사 (Letters)
الأول من يناير/كانون الثاني 1967~
الثانية ظهراً~

العودة الى قاعة الدرس بدا خياراً أحمق و هذا المظروف في يده، لا وقت يضيعه في أشياء دنيوية ک هذه، لا وقت حتى لـ "ليزلي" و حواراتها فموعد جلستهم اليومية يكون بعد الدرس مباشرةً عادةً.


لكن و رغم أنه أراد للحظة أن يفتحه معها لكنه أيضاً أحب فكرة أن لديه شيء خاص هي لا تعرفه و لا تشاركه فيه ک بقية تفاصيل يومه، لا حاجة لإخبارها بشأن السيدة "روزماري"
لا حاجة إطلاقاً.

بمجرد أن دخل الفتى للمهجع جلس على السرير الخاص به و فوراً بدأ بالتحديق في المظروف المُنتفخ تُرابي اللون بين راحتيه..

قلبه لا يزال مُثقل من الزيارة السريعة و الفراق الدامي، لكن الفضول كان له الغلبة في نهاية المطاف، لذا إعتدل في جلسته بتأهب و بدأ في فتح المظروف ببطء محاذراً الا يمزقه كي يعيد محتوياته إليه فيما بعد، و رغم كونه متحمساً لقراءة السيدة "روزماري" و إلتماس شيء منها لإشتياقه لها الا أن قلبه لا يزال يُملى عليه مشاعر توجس إجبارية مُستوحاه من تصرفاتها سابقاً في الزيارة

عندما فُتح المظروف قام بإفراغ محتوياته بخفة على الملاءات، كان يحوي بين طياته خمس خطابات مطوية بعناية و كلُّ خطاب يحمل من الخارج تاريخاً خاصاً به، كانت أيضاً مُرتبة حسب ذاك التاريخ و بدا و كأن كل خطاب يحمل هالة خاصة و شخصية مُتفردة.

ظلّ الفتى يحدق بها و يلمسها لبعض الوقت، يسير بأنامله على التواريخ و كأنه يسألها مالذي تحمله في جعبتها له؟ أي حكاية سيقرأها من طياتها؟

بعد عدة دقائق من تقليب محتويات مشاعره مع الخطابات إلتقط أولهم و وجد نفسه يقربها ببطء من أنفه و يأخذ شهيقاً عميقاً

إنتفض في مكانه طرباً!!

فالأوراق تحمل رائحتها كما يتذكرها!

أبتسم ملئ ثغره من إكتشافه و عاود تقريبها من أنفه مرات لا تحصى و كلما تغلغلت الرائحة الحلوة الى رئته كان يبتسم أكثر حتى تحولت الإبتسامة الى قهقهات بلهاء لا يستطيع التحكم بها.

أغمض عينيه و بدأ يتخيل السيدة "روزماري" و هي تكتب هذه الخطابات، السيدة الممتلئة المبتسمة الدافئة، السيدة التى عهدها في الماضي.

فضّ الخطاب من طيته المُرتبة بسعادة فقد تم إستبدال قلبه القلوق بآخر متحمس و متحفز.

و بدأ القراءة..

↭◎쇼◎쇼◎↭

•°الخطاب الأول°•

التاريخ: 1/7/1966
العنوان: يوركشاير، سكاربورو، إنجلترا.

العزيز كين..
بعد بث التحايا و الأشواق أما بعد؛

الحياة صعبة و غير آدمية دون التشبع بطلتك البهية كل صباح يا بني، لكم إفتقدتك و إفتقدتُ لمساتك الخفيفة غائرة الأثر في حياتي، كنت صموتاً جُل اليوم نعم.. لكن صمتك في حد ذاته كان خير ونيس لسيدة إعتادت الوحدة مثلي.

منذ رحيلي الإجباري و انا قلقة طوال اليوم عليكَ، و الرب حاولت بشتى الطرق أن أراك لمرة على سبيل الوداع لكنها حرمتني من حق كهذا و أحالت دون ذلك

و من شدة تفكيري تفاقمت حالة قلقي حتى خاصمني النوم ليلاً و نسيت صحتي و وجباتي فأُصبت بالحُمى

جائت إبنة أختى الكبرى من الريف لتعتني بي خلال مرضى و سرعان ما شُفيت من سقم بدني الا أن سقم روحي كان يتفاقم رغماً عني
التساؤلات حول كيف تبلى و كيف تعيش و كيف يعاملونك و ماذا تأكل كانت تتخبط في رأسي حتى هيأ لي أنه سيتشقق و ينفجر في أي لحظة كما ينفجر البيض في ماء الغلى

و ما عذب كياني أكثر هو التساؤل الجارح حول إن كنت إشتقتني كما إشتقتك انا حد المرض
لطالما إعتبرتك الإبن الذى وهبني إياه الربّ تعويضاً عن الإبنة التى أخذ، و انا كنت راضية بتعويضه و شاكرة كما يجب

كنت أشعر أننا متكاملان.. فأنا أم بلا بنين بينما أنت إبن دون أم، و كأن الرب وضعك أمامي ذاك اليوم حيثُ كنت تبكى قلبك أمام النافذة كي أخفف عنك فتخفف عني، لم أتوارى عن إشباع أمومتي في روحك المُعذبة و كان أكثر ما يُرقص قلبي هو رؤية نتيجة ذلك عندما تبتسم

يا قدوس! لكم إشتقت لإبتسامتك! وردية جميلة على وجهك الحليبي و يكأنها زهرة قررت الإزهار وسط الثلوج غير عابئة بالصقيع

لحظات ک هذه جعلتني أتمنى لو كانت آلة تصوير زوجي الراحل تعمل.. لكنت إلتقطت لإبتسامتك عشرات الصور و وضعتها بجانب فراشي كي أتأملها و أحدثها ليلاً

أصلى كل يوم لأجلك و أدعو بأن يخفف الرب المعاناة عن روحك في آخر أيامك في الملجأ، فأنا أعلم يقيناً أنك تعد الأيام حتى تبلغ السادسة عشر و تحلق الى منزلك المنشود
لقد أخرجت صدقة في الكنيسة لأجل روحك و صليت كي تحظى بصديق يأخذ على كاهله مهمة تشويش أفكارك الحزينة و إستبدالها بأخرى سعيدة
أرجو بصدق أن تجد ذاك الصديق

 لقد حزمت إبنة أختى أمتعتي مرات لا تُحصى لتقنعني بالعودة معها الى القرية و إخترعت أغرب الحجج لذلك و بكت عدة مرات لتلين قلبي، لكنني مُصرة على المكوث في سكاربورو.. لأجلك

من يدري لربما تذهب كنغزلي للجحيم و أتمكن من رؤيتك أخيراً

المخلصة إليك دائماً و أبداً،
روزماري باين.

↭◎쇼◎쇼◎↭

•°الخطاب الثاني°•

التاريخ: 25/7/1966
العنوان: يوركشاير، سكاربورو، إنجلترا.

العزيز كين..
بعد بث التحايا و الأشواق أما بعد؛

لقد حظيت بزيارة مُترعة بالأمل أمس!
لقد تكرم عليّ المُعلم ألفريد بزيارة إستكشافية لأحوالي و انا أعترف بأسى انني لم أتوارى عن إستغلاله بشدة
لقد سألت الرجل المسكين ألف سؤال عنك حتى جف حلقه من الكلام و رواية القصص

و قد إنفطر قلبي و ذاب في مكانه حزناً عندما أخبرني بأنك وقعت من على السُلم و أصبت كتفك

خذ حذرك البالغ يا بني من الآن و صاعداً فأنا و الرب شعرت بالخدر يسرى بطول ذراعي و كأنه يحاول إستجلاب الألم عن كاهلك و ما شتت ذهني عن سقطتك لم يكن سوى خبر حصولك على خليلة!

لقد أثنى المعلم على أخلاق الفتاة الحسنة و طلّتها و كان سعيداً كونها جعلتك تدريجياً تخرج من فقاعة الصمت التى أحاطتك لأعوام بل و أنك الآن تشارك في الدروس ک البقية مما ملئ قلبي حبوراً!

و أظن -بل انا متأكدة- أنك لا تأكل جيداً هذه الأيام، أصلاً من يأكل عندما يكون الإيطالي ألبرتيني ذاك واقفاً في المطبخ يلعب دور طباخ!
أعرف هذا الرجل جيداً و أعرف كم أنه ثعلب بذئ الأخلاق لا يتوارى عن وضع مكونات عفنة و تالفة و يغطى على طعمها بعشرات أنواع البهارات

كان بيننا إحتدام قديم عندما سرق وصفتي لفطيرة التوت البري بعشبة النعناع و عرضها في مخبزه بمنتهى الوقاحة!

لم و لن أسامحه على فعلته النجسة هذه ما حييت و آمل أن تكون فطائري سبباً جيداً ليمكث في الجحيم

كل ما آمله من الرب الآن هو الا تموت متسمماً بطعامه، لكن لا بأس ان تسممت كنغزلي..
هي من أحضرته على كل حال.

و صحتى يا بني تأبى أن تعود الى سابق عهدها و هذا ما تأكدت منه عندما دخلت المطبخ ذات صباح عازمة على صنع خبز طازج لبيعه لفندق قريب لكنني بمجرد أن إتسخت يداي بالدقيق حتى شعرت بالتوعك و الخمول و بحرارة حارقة في رأسي تنزل على عيناي و بعدها فقدت الوعى، إستيقظت بعد سِنة من النوم لأجدني في سريري بينما ينظر اليّ كل من المعلم ألفريد و إبنة أختي بشفقة

و الحق أنهما أولى بالشفقة فهما من حملا سيدة سمينة فاقدة للوعي حتى السرير!

بمجرد أن تنبهت حواسي بشكل كافي سألت المعلم ألفريد عما يفعله هنا فأجاب بأنه أراد أن يحظى بإفطار معى لكنه وجدني على الأرض بينما الشابة تشعر بالفزع لا تدري ما تفعل

سألني الرجل بدوره عن ما أشعر به فأخبرته بصدق بأن كل شيء يهتز بشدة من حولى، سأل مستوضحاً بقلق إن كنت انا من يهتز، ام السرير، أم الغرفة بأكملها، فأجبته أن الغرفة كلها تهتز

إستأذن بأدب -و الحق أنه چينتلمان من طراز نادر هذه الأيام- و ذهب كل الطريق حتى الملجأ ليحضر حقيبته ثم عاد ليفحصني بدقة، بدا مُتحيراً جداً لدرجة أنه سأل نفس السؤال عدة مرات و إستفهم إن كانت الغرفة بأكملها هي ما تهتز و انا كنت واثقة في البداية لكن إعادة السؤال جعلتني أشك في نفسي مما جعلني أغير إجابتي عدة مرات ثم ما لبث أن تنهد و سأل عن مكان الهاتف و إتصل على طبيب آخر

كنت انا أنام و أستيقظ بوتيرة منتظمة كل عدة دقائق حتى إختلط الحلم بالواقع و ما عدت قادرة على التمييز بينهما، و في المساء بعد أن إنخفضت حرارة رأسي و أصبحت قادرةً على الجلوس إكتشفت أن الطبيبان لا يزالان في المنزل يتناوبان على وضع تشخيص صحيح

أخبراني في النهاية أن هناك تشكيلة كبيرة من الأمراض التى يمكن أن يكون جسدي يحتضنها الآن؛
إن كنت انا فقط من يهتز فهذه أنفلونزا،
و إن كان السرير ما يهتز فهذه صدمة عصبية أو إلتهاب الحالب،
و إن كانت الغرفة بكاملها ما يهتز فهذه بلا شك حمى 'الماء الأسود'

عندما سمعت إسم المرض الأخير إرتجف جسدي فهذه الحمى هي من نهشت مناعة إبنتي و صحتها حتى غلبها الموت، لكنني تمالكت نفسي حينها و كشفت عن أعلى ذراعي حيث المنطقة الصغيرة المشوهة التى أخبرتهم بوضوح أنني تلقيت اللقاح ضد هذا المرض في صغري ،فقد كان التطعيم يأخذ من خلال وضعه في جزء يشرحه الطبيب بالمشرط الحاد في الذراع

حينها نظر الطبيبان الى بعضهما بحيرة و سرعان ما إستأذنا للرحيل رافضان بضراوة أخذ ثمن أتعابهما

تطوعت إبنة أختي مشكورة في صنع عصيدة الشوفان لأجلي و قد كانت جيدة لولا أنني كنت لأضيف القليل من المرق بعد، لكنني تناولتها بإمتنان بينما أسمعها تتذمر من أمر الطبيبان اللذان قضا النهار بطوله هنا دون أن يصفا لي دواءً واحداً حتى

و في الصباح التالي -صدق او لا تصدق- نهضت بنشاط غريب لم أحظى به منذ سنوات طويلة!
و فوراً هرعت الى المطبخ أستكمل مهمة صُنع الخبز و انا أصلى للرب على هذا الشفاء السريع، و عندما حضر المُعلم ألفريد للإطمئنان عليّ كاد فكه ينخلع من الدهشة

سألني من جديد عن حالي و كيف أشعر و حثني على العودة للفراش لكنه في النهاية إستسلم و أثنى على صحتي و أخبرني أن ما أصابني بالأمس قد يكون فيروس 'الاربع و العشرون ساعة' و هو فيروس يصيب الجسد ثم يختفي قبل أن يقرر ما الذي يريد فعله بالضبط
لكن..

الحمى عاودتني من جديد مساءً و قد كانت أقوى و أبشع لدرجة أنها أردتني في غيبوبة كاملة، الغيبوبة التى ذكرتني بما حاولت نسيانه و زادت روحي وهن على وهن

المخلصة إليك دائماً و أبداً،
روزماري باين.

↭◎쇼◎쇼◎↭

°•الخطاب الثالث•°

التاريخ: 25/7/1966
العنوان: يوركشاير، سكاربورو، إنجلترا.

العزيز كين..
بعد بث التحايا و الأشواق أما بعد؛

كيف حالك ؟
كيف تُبلى ؟
كيف الخليلة الجميلة معك؟

أجد نفسي مستمرة في الكتابة إليك لكنني لا أجسر على إرسال ثمرة الكتابة تلك أبداً~
أستطيع بسهولة تهريبها مع المُعلم ألفريد لكنه حذرني بأن السيدة كنغزلي إن حصلت على الخطاب فستمزقه و تمزقك معه لذا انا فقط أحتفظ بها حتى الوقت المناسب و الذى أصلي -بكل خجل- بأن يكون بعيدا..
فأنا أصبحت خائفة من مواجهتك بعد كل ما تجلى لي أثناء تلك الغيبوبة المشؤومة.

أشعر بالتنور و الظُلمة في نفس الوقت مما راودني ،و أخشى أن أخبرك بما رأيت فتفهم بعقلك الجميل أنماط الحكاية و تمقتني الى آخر الدهر
فأنا لم أكن يوماً ملاكاً طاهر الذيل لكنني مع ذلك أحببت الرب و تجنبت المعاصي ،و قد تعلقت بالكنيسة لدرجة أنني لم أتخيل يوماً بأنني سأرتكب إحدى الخطايا السبع المميتة

لكن لوسيڤر أحكم قبضته على عنقى ذاك اليوم الذي كنت أراقب فيه الرجلان على باب الملجأ حتى إختنقت بالحقد و تشوشت رؤياي عن الحق فسيرتني الخطيئة دون تردد

انا و الرب نادمة حد الموت و انا على دراية تامة بأن طريق تصحيح الخطيئة و إستبدالها بالتوبة أطول من الطريق الى النجوم

لكن كيف أتوب و انا ممتنة لخطيئتي؟!
فلولاها لكنت تعيسة وحيدة مجردة من كل شيء

في لحظتها لم أكن مدركة بأن هذا خطأ، بل ظللت أظن أن ما فعلته من حقي و أنني كنت أحمي ما أملك حتى أزال الرب الغشاوة الآثمة عن بصيرتي في الرؤيا التى راودتني فطعنني ثُقل الظلم الذي أوقعته بمن أحب في مقتل،
و مع ذلك.. بكل أسى و خجل أعترف بأنني لازلت ممتنة

بعد إستيقاظي من الغيبوبة أخبروني بأنني نمت ليومان و هذا غريب فأنا أشعر أنني حظيت بقيلولة قصيرة للغاية لكن طبيب المشفى أعزى الأمر الى ألاعيب العقل
و بعدها بيومان خرجت من المشفى مُتكأة على كلٍ من إبنة أختى اليافعة و ممرضة في مثل سنها و قد خف وزن جسدي إثر الإرهاق و زاد وزن قلبي إثر الخطيئة

و بهدية فريدة من نوعها ألا و هي تشخيص شبه مؤكد بإصابتي بحمى الماء الأسود في أقوى صوره المسماه بالـ'فالسيبارم'

و قبل أن تهلع دعني أؤكد لك أنه لا حاجة للقلق نهائياً، انا آخذ الأدوية الضرورية بإنتظام تحت إشراف الممرضة المقيمة لدينا الآن و إبنة أختي تستمر بالطبخ لي رغم أن شهيتي أُعدمت على المقصلة بعد الغيبوبة و المعلم ألفريد يستغل كل أوقات فراغه في مراقبتي و انا نائمة او توبيخي و انا مستيقظة لأسباب هزيلة ک نهوضي من السرير ثم يحكي لي يومياتك لمصالحتي
و كم بدوت سعيداً يا بني في حكايات المُعلم تلك حتى وددت لو أشاهدها فيلماً أمام عيناي

كوني أصبحت طريحة الفراش بشكل مؤقت و زهدت وقفة المطبخ التى كانت تملأني حبوراً أصبح لدى وقت أطول للتفكير دون إرادتي

مهما حاولت التفكير في أشياء بعيدة عنك و عن ما فعلت فإن مخالب وهمية كانت تتشبث بمشهد الرجلان في الممر و هما يتوسلان معلومة واحدة من السيدة كنغزلي جاعلةً عقلي ينزف ألماً يسيل من عيناي دمعاً

كنت أبكي طويلاً محاذرةً الا يسمع أحدٌ النحيب الليلي و آخذ الكتاب المُقدس و أقرأ و أقرأ رغم أني لا أرى  جيداً بسبب الدموع و في كل مرة أرتل دون وعي 'سفر الأمثال' الذي يتوعد للخطّائين أمثالي فيزداد طوفان الماء المالح حتى حُفر على وجنتاي خندقان دائمان من مجرى البؤس الذي أشعر به

و مع ذلك انا لستُ نادمة ،حتى و أنتَ بعيد عني لست نادمة على ما فعلت و لكني رغم كل شيء لازلت أطمع في رضا الرب التام و رضاك

حفظك الرب يا بني و جعل أيامك بدوني أفضل و أكثر عدلاً

المخلصة إليك دائماً و أبداً،
روزماري باين.

↭◎쇼◎쇼◎↭

•°الخطاب الرابع°•

التاريخ: 5/8/1966
العنوان: يوركشاير، سكاربورو، إنجلترا.

كيف حدث هذا؟!
بالله فليخبرني أحدٌ لماذا و متى و كيف حدث أمر مشين كهذا؟!!!!
كيف تجرؤ إبنة الجزرة العفنة تلك على وضع يدها النجسة عليك؟!
من بين كل الناس ..لما أنت؟!!!!
لما إبني أنا؟
لما أعذب دائماً فيك دون سائر الناس؟!

أنا أتوعد للمعلم ألفريد بألف بحساب عسير من جهنم عندما يأتي اليوم
كيف يكذب عليّ و يخبرني أن إبني سقط من على السلم بينما هو ضُرب حتى خلع كتفه على يد تلك الشمطاء!
لم يعد يهمني كم أنه چينتلمان و لطيف المعشر.. سأخسف به الأرض خسفاً

هل يتآمر معها؟
هل أحبها أخيراً بعد سنوات من محاولاتها و تلمحيتها النجسة و قرر أن يغطي على ما إقترفت يدها؟ هل فكر أنني لم أكن لأعلم؟!

كيف لا أعلم و إبنة أختي جاءت اليوم تخبرني أن الأمر حديث السوق بطوله و عرضه و قد أخبرتها إحدى العاملات في الملجأ أن المرأة المخبولة ضربت فتى من أصول آسيوية

إبني!

لا أحد في الملجأ يحمل ذاك الوجه الحليبي و الشعر الفاحم القادم من القارة المجاورة سواك أنت!

انا لا أدري كيف سمحت لها بترحيلي و انا لم أترتكب جُرماً سوى أن أطعمتك و أحببتك

كان عليّ أن أقاتل بقوة أكبر و بعزيمة أكثر كان عليّ أن أخنقها بيداي هاتان و لأقطعنَّ يدها تلك التى مستك بالأذي و أرميها لكلاب الشوارع الضالة لتنهش فيها كيفما إتفق!

لابد أن هذه إشارة.. علامة..
ذاك الشعور الخانق الذي أشعر به في منتصف صدري ليس إلا تحفيز خفي بأن الكيل طفح و علي تصحيح ما مضى و السير في طريق المغفرة الذي أشتهيه
و لن يتجلى الا بتصحيح الخطأ أولاً..
و ربما الإعتراف

لا أهتم إن كانت حالتي الصحية سيئة و لا منفعة منها و أن جسدي لم يعد يتفاعل مع العقاقير و أن الممرضة تبدو قلقة معظم الوقت و أن إبنة أختى انتهت من إعتباري خالتها و إستبدلتني بمجرد إمرأة متوعكة مهلوسة تبكي دون سبب و يجب عليها أن تطعمها بالعنف حتى تبلع
لا أهتم بأي شيء من هذا
انا سأستجمع قواي و أفعل ما كان عليّا فعله من سنوات

عزيزي كين..
تحمل القليل بعد،
أنا قادمة لأخذك الى المنزل..
منزلك

المخلصة إليك دائماً و أبداً،
روزماري باين.

↭◎쇼◎쇼◎↭

•°الخطاب الخامس°•

التاريخ: 30/8/1966
العنوان: يوركشاير، سكاربورو، إنجلترا.

العزيز كين..
بعد بث التحايا و الأشواق أما بعد؛

إنه صباح الأحد و قد جئت تواً من الكنيسة التى ذهبت إليها على كرسي متحرك رغم الإعتراضات المُشددة و ذلك كي أصلى بأن يوفقني الرب فيما قررت فعله

و خاصةً أن كوني 'أموت' تحول من شيء بعيد جداً و ربما مستحيل الى حقيقة مجردة لن ينقذني منها الطب و الأطباء اللذين إتفقوا فيما بينهم في الخفاء أنني حالة ميئوس منها، فعقارات ک 'البروجوانيل' و 'الفانسيدار' و حتى 'الكينين' لم تعد تنفع مع الفيروس الشرس الضاري الذي إستوطن جسدي

بعد إنتهاء القُداس صرفت إبنة أختي و ذهبت لحجرة الإعتراف و انا أتعشم في بعض الخلاص الروحي الذى أحتاجه أكثر من عقاقير المشفى الصدئة تلك ،حكيت للقس كل شيء من بداية البداية و حتى تواجدي أمامه أحتضر و قد كان رده مختصراً أنيقاً شاملاً الا و هو (إستجمعي شجاعتك و إعترفي له كما إعترفتي لي للتو)

لذا و بينما كلماته لاتزال تطن في أذني ها نحن ذا و أرجو أن تسامحني و أن أستطيع إنهاء إعترافي قبل أن تداهمني الحمى او العار~

بني كين..
منذ ست سنوات و في العام 1960 في ليلة أتذكرها ماطرة بشدة حتى وصل منسوب المياه لأعلى الكاحل

كنت قد أنهيت عملي على العشاء و قمت بتحضير الأطباق الخاصة بالسيدة كنغزلي و قررت تقديمها إليها و العودة سريعاً لأبدأ في التقديم الكبير في بهو الطعام

لم تكن موجودة في المكتب لذا وضعت الصينية هناك فقط و أسرعت الخُطى للمطبخ من جديد مارةً ببهو الباب الأمامي ک طريق مختصر

و هناك وجدت السيدة كنغزلي واقفة تتحدث بطريقة منفعلة مع غريبين و قد شعرت بالإثارة لهذا الموقف؛ ماذا لو كانا من هيئة مؤسسات الدولة و قد جاءا لتفتيش مُفاجئ؟

لكن مع إقترابي التدريجي بدأ إستيعابي لأبعاد الموقف يتغير و أصبحت المحادثة متماسكة واضحة تقود الى أمر مغاير تماماً عما إعتقدته

كانا يسألان بمنتهى التعاسة و كأنهما يتسولان عن طفل بإسم "دو كيونجسوو" بأوصاف ليست غريبة عليّ و خاصةً أن عقلي بدأ يتخيلها قطعة قطعة

كانا آسيويين أحدهما فارع الطول عريض الكتفيين يرتدي بذلة بلون القهوة بينما الآخر قصير يُمسك بصورة في يديه و ذو ملامح لا يمكن أن تكون الا لوالدك

قالا الكثير من الكلام عن كونك خُطفت من أمام عينيهما منذ عدة أعوام و أن هناك رسالة أُرسلت للمنزل اليوم صباحاً تفيد بأنك حي ترزق في هذا الملجأ

لقد توسلا المرأة كثيراً كي يُلقيا نظرةً سريعة على المهجع و لكن المرأة ظلت حديدية الأعصاب لا تنصهر و لا تلين بحجة أن هذا مجرد إدعاء حيثُ أنه لا أطفال بهذا الإسم في الملجأ، لكن الرجل الأكبر سناً ركع على ركبتاه فجأة و كأنه يُصلي و بدأ يبكي بينما يتحدث لغة أجنبية و الآسيوي الآخر يحاول إنهاضه و جعله يتماسك

و في لمح البصر و في لحظة عابرة إنعكس ضوء الردهة على الصورة في يد الرجل و هو يحاول النهوض و حينها مستني الحقيقة ک تيار كهربائي

الطفل الذي يبحثان عنه بإستماتة لإرجاعه الى منزله ليس سوى.. أنت

إعتراني الغضب منهم و الطمع و الجشع فيك و قد كانت هذه خطاياي الآثمة التى أكن لها الإمتنان و الكُره في آن

و لم يسعفني مما إعتراني سوى إلتفات السيدة كنغزلي إليّ فجأة ثم إذ بها تصرفني بنظرة منها و تتنحى عن الباب و تسمح لهم بالدخول

و دون وعي إنطلقت سيقاني للريح إتجاه الحديقة الخلفية حيثُ تركتك قبل العشاء و انا كلي أملٌ بأنهما سيسلكان الطريق المستقيم نحو المهجع

و حمداً للرب كنت هناك وقتها تلعب في المطر فإنتشلتك من السور القصير الذي كنت جالساً عليه و حملتك طوال الطريق عدواً الى المطبخ متجاهلةً تساؤلاتك العذبة عما هناك و عندما وصلت أغلقت الباب علينا و إنتظرت

لم أقصد أن أحرمك منهم و أحرمهم منك ،انا فقط أردت بشدة أن أكذِّب انك لست إبني بل إبن أحدٍ آخر

و بعد ذلك علمت أن السيدة كنغزلي ظلت تظن  أنني خبأتك يومها إذعاناً لإشارتها لأنها أرادت بشدة الإحتفاظ  بك في الملجأ طمعاً في أن يتبناك أحدهم و يدر بعض المال على المؤسسة

لذلك كانت في حالة غضب دائم عليك بسبب إنغلاقك و صمتك و غموضك.. فلا عائلة ستحب تبني طفلٍ ک هذا

كنت أشعر بثقل الذنب في صدري لكنني جعلته يختلط مع ثقل شحمي حتى لم أعد أشعر به و قد نجحت بالتأقلم معه و إعتياده حتى وصلت لمرحلة أنني ظننت ان كل هذا لم يكن سوى كابوس مقيت

و ذاك الكابوس لم يقظني منه سوى كابوس أبشع راودني أثناء الغيبوبة الأولى بأني أموت و أتركك دون عائلة او أحد يساندك و قد عذبتني الفكرة و أودت بطاقتي الذهنية

و للتكفير عما إقترفت و للطمع في الموت و انا مطهرة من الخطايا أرسلت خطاباً الى العنوان الصريح الذي لاطالما أنشدته على مسامعي طالبةً منهم إرسال شخص لإصطحابك الى المنزل و أرفقته بإسمك الحقيقي و إسمك الثاني و مواصفات وجهك الدقيقة و رقم سريرك في المهجع حتى أنني وصفت لهم منديل الشجرة و الأرنب الذي طالما حملته في جيبك الخلفي و إنتظرت لإسبوعان كاملان

لكن دون جواب
و في مطلع الأسبوع الثالث من الإنتظار وصلني الرد و قد أحبطني بشكل كبير

لقد أخبرني المجيب بأنني بالتأكيد أخطأت العنوان لأنه يسكن في المنزل منذ أكثر من خمس سنوات و لم يتزوج لينجب أصلاً و رغم حدة الخطاب و النبرة التهكمية الساخرة الواضحة الا أنه طرح إقتراحاً ذكياً في آخر كلامه و هو أن عليّ اللجوء للشرطة

و هو ما فعلته

لكن الشرطة لم تتعاون كما يجب بل إن إبنة أختي أخبرتهم بطبيعة مرضي و بأنني أفعل هذا من باب الهلوسة و الملل الذي أصابني من مطارحة الفراش و الحمى

لكنني مع ذلك لم أيأس و قررت لعب ورقتي الأخيرة الا و هي تحري خاص ،أرسلته الى العنوان في لندن و طلبت منه تقريراً مفصلاً لكل البيوت الموجودة في حي بادنغتون جنوبي لندن لعل رقم البيت فقط هو ما كان الخطأ من البداية و بعدها بثلاث أيام كنت أقرأ تاريخ سكان الحى في العشر سنوات الأخيرة

و منعاً لأي تحريف غير مقصود و لربما عدم تصديق منك أنا وضعت نسخة من تقرير التحري في المظروف يمكنك الإطلاع عليه

أنا أحبك و سأفعل ما بوسعي كي لا تكرهني

المخلصة إليك دائماً و أبداً،
روزماري باين.

↭◎쇼◎쇼◎↭

•°ورقة مُلحقة°•

الى العميلة الكريمة روزماري باين..

بعد الإطلاع على الوثائق الرسمية و سؤال الجيران و التقصي حول الأمر بما فيه الكفاية توصلنا للآتي:

الحي بالفعل يسكنه عائلة من أصول آسيوية مهاجرة تحمل الجنسية البريطانية و قد إستقرت في الفترة بين عامي 1950 و 1951 و تتكون من رب العائلة و هو السيد "سوجيونج دو" و زوجته و إبنيهما الذي تشير الأخبار أنه تم إختطافه في يوم عيد مولده السادس و الجدير بالذكر أنه لا شهود نهائياً على تلك الحادثة و قد تم تحريرها ضد مجهول و إعتبار الطفل في عداد المفقودين رغم أن كل الأدلة تشير و بوضوح الى بعض المرتزقة من أصول أفريقية و أنهم من خططوا للعملية لطلب فدية
يعيش في المنزل أيضاً شاب في منتصف العشرينات و قد كان شرطياً في سكوتلاند يارد لكن تم تسريحه من الخدمة لسوء السلوك

تفيد الوثائق بأنه في العام 1961 تركت العائلة المنزل نهائياً و عادت من جديد الى دولتهم الأم و مسقط رأسهم ألا و هي دولة كوريا الجنوبية و الآن يسكن في المنزل الشاب " جاك تيرنر" و عشيقته

الجدير بالذكر أيضاً ان الحي كان يسكنه عضو مجلس الشعب السير وينستون لكنه إنتقل بعد الفوز في الإنتخابات الى شقة في قلب لندن و يبدو أنه كان هناك خلافات أخذت مسراها الى المحاكم بين السير و بين العائلة المهاجرة

منذ عام إنتشر الذعر في الحي بسبب إصابة أحد سكانه بمرض 'جنون البقر' و هو رب عائلة چيفرسون الذي كان يعمل جزاراً و سرعان ما لحقته زوجته بعدة أسابيع و توفى كلاهما في إحدى المستشفيات العامة و تم وضع الإبنة المراهقة الوحيدة للعائلة في أحد الملاجئ

غير المذكور أعلاه فإن الحى لم يطرأ عليه أي تجديد او تغيير او شيء مثير للإهتمام
و أنا أزف لكِ كامل أسفي إن كانت أخبار هجرة العائلة أخبارً سيئة

الرجاء المرور على المكتب غداً صباحاً لدفع المستحقات و الأتعاب

↭◎쇼◎쇼◎↭

الأول من يناير/كانون الثاني 1967~
الرابعة عصراً~

إنتهت الخطابات~

و إنتهى معه كل ما كان يكنه للحياة..
لا حب لا كُره..
لا شيء.

إنه متعب فقط يريد أن ينام..
و ربما لا يستيقظ في الغد.

سؤال يتيم هو ما كان يجول بعقله الآن
ما الذي يخبأه له الغد إن لم يكن يخبأ له العائلة؟

لكن ما حدث هو أن ذاك الغد الموعود قد جاء..

و جلب معه عائلة "بيننجتون" التى قدمت خصيصاً لتبني الفتى الآسيوي الذي يحمل إسم "كين"

                                      ↭◎쇼◎쇼◎↭
                                        يتبع..

Like ♡
Comment 💬
Follow ✔

♕ 어먼EMY ♕
© 어 먼 EMY,
книга «1950».
Коментарі