Ch이 (Ship)
مُنتصف أغسطس/آب 1955~
الخامسة عصراً؛
الهِجرة بِسبب الحَرب هِي أَسوء مَا قَد يَختبِرهُ الإِنسَان فِي حَياته، تَرك الوطَن أَدّى بنا الى طُرق وعِرة طَويلة، حِرمان مِن المَاء و الطَّعام لأَيام، أَشخَاص أحببناهم يمُوتون مِن الشَّمس الحَارقة و مِن البَردِ القَارس، لمْ يَبدو أَنَّ عَوامِل الطَّبيعة تَنوي أَن تَرحمنا ليَوم، و حتَّى ذِئابُ الجَبال لمْ تُشفق عَلينا!
لمْ تَسمح لنا الصِّين فِي البِداية بالدُّخول الا لقِلة قَليلة و بِضع عَائلات، و نحن البقية وجدنا أنفسنا إِما أَمامْ طَلقات الحُدود الروسِية التّى تَنظُر إِلينا شَذراً بيّنما تُعمِّر بَنادقَها و إمّا البَحر الهَائِج.. فإِختَارنا البَحر!
هَل كَان البَحر رَفيقاً أَليفاً؟!
كَان.. لكِن فِى أَحلامِ يَقظة رَاودتنا بَينما نصارع دُوار البحر.
قَبل الرُّكوبِ علٰى السُفن أُضطّر البَعض لبَيع أَولادِهم الى تُجار الرَقِيق لكَي يَدفعوا ثَمن رُكوب بَاقي أَولادِهم، و رأيت بأم عيناي ان مَن كَانت بَين يديّها رَضيعٌ أَلقتهُ لأَسماكِ البَحر كَى لا تَدفع عَليه ضَريبة بينما تبكي دماً.
رِحلة بَحرية مَات فِيها الكَثيرُ بِسبب الشَّمس وتَفشِي المَرض، لكِن أَغلبُ الوَفيَّاتِ كَانت مِن نَصيب القِتال علٰى رَغيفِ أَو كَعك أُرزٍ نَحيف.
بَاتت المُراهِقات الحَسنَاوات مُجرَّد سِلعة علٰى ظَهر السَّفينة، إِن أَصبَحت الأُمْ حَامِل كَانت تُفضِّل الإِنتحار غَرقاً بِجنينها عِوضاً عَن تَجويعه عِندما يُولد. تَفشَّت الأَمراضُ و الأَوبِئة الغَريبة بَيننا حتَّى مَرِض الطَبيب الوَحيد و أُلقِيا بَين أَمواجِ البَحر بَعد أَنْ لَفظ أَنفاسهُ الأَخِيرة.
كَانت قَافلة مِن ثَلاثِ سُفن وِجهتُها أَرضُ الحُرية التّى لاطَالمَا سَمِعُنا عَنها و عَن فُرصٍ لا تَنضب مِن العَمل و الحَياة الكَريمة، أردنا فقط حياة تُحتملللجيل الصغير، لذا عقدنا الرحال، لكِن الربَّ فَرّق السُفن في ليّلة غَاب عَنها القَمر بعاصِفة هَوجاء كَادت تَقلبُ السُفن رأساً علٰى عَقِب، قَال البَعض أَنهُ عِقاب لأنّ الرَذِيلة إِنتشَرت بَيننا، و قَال البَعض أَنّ الأَجداد غَاضبون و أَنّ أَرواحَ شُهداء الحَرب تَنتقِم لمُغادرتِنا البِلاد!
ما نعلمهُ أَنهُ بَعد إِنقِشَاع السُحب السَّوداء كَانت السُفُن قَد تَقلصَت الى سَفينة واحِدة فَقط، لَم يَعلم النَّاس مَصِير السُفن الثَانية إِن كَانت غَرِقت أَمْ تَغيّر مَسارُها الى المَجهُول، إِنهَارت الكَثيرُ مِن العَائِلات كَون بَاقى الأَقَارب فِي السُفُن الأُخرى، تَأَرمَلت النِسَاء، و تَيتَّم الأَطفَال، و أَصبَح الرِجالُ دُونَ زَوجاتِهم فَجأَة.. كُل هَذا حَدَثَ لأَنّ السُفُن الأُخرى ضَاعت.
لكِن كَان هُناك عِدة عَائِلات فَقط مَن إِستطَاعت رُكُوب سَفِينة وَاحِدة، مِنهُم عَائِلة "دُو" تَمسّك الرَجُل بِزوجَته رُغم الزِحام و التَدافُع أَثنَاء دُخول السَفِينة، إِنتَهى بِه الأَمرُ بِحَملِها بَين يَديه لإِبعادِ أَذَى النَّاس و تَدافُعهِم عَن الجَنين الهش الذي ينامُ فِي بَطنها.
لَمْ يَترُكهَا للحظَة و ظلَّ بِجانبِها طَوال الوَقت لإِبعَاد اللصُوص و المُنحَرفين اللّذين يَملئُون المَكَان.
حَسَدهُم النّاس كَونهُم لا يَزالون سَوياً بَلْ و عَاملوهُم بِجفاء أَيضاً بِدافعِ الغِيرة.
مَرت عِدة أَسابِيع عَلينا فِي السَفينَة التِى تَيتّمت دُون أَخواتِ أُسطُولها.
أَصبَحت الأَسَابيعُ شُهور و فَقد النَّاس الإِحسَاس بالتَاريخ و الوَقت، الزَّمان و المَكان.
حتى إستيقظنا يَوماً مَا علٰى صَوت القُبطان و هُو يُعلن وصولنا الى.. المَملكة!
شَعرنا بالإِرتبَاك..
المَملكة؟ كَيف؟ لمَاذا؟ نَحنُ كنّا فِي طَريقنا الى أَرضِ الحُرية!
ضَجّ الصَخَب و الشَغَب عَلى السَفينة و كَاد الناس يُلقون القُبطَان فِي البَحر لَولا عِناية الرّب، تَوسلهُم كَى يَسمعُوه و أَخبَرهُم أَنّ النُّجُوم خَدعتهُ و الرِياحَ حَملتهُ الى هُنا، هَدأَ الحَشدُ قَليلاً و تَوعدوا القُبطَان بالهَلاك لو لَمْ يَحملهُم حَالاً الى وجهَتهِم.
إِنتَهى الأَمرُ بالسَفينة عَلى مَوانِئ مَملكةِ بِريطَانيَا للتَزوُّد بالمُؤن الاَّزِمة و إِكمالِ الرِحلة الى أَمريكا، نَزَلنا للتمتّع بِشعُور الأَرضِ الصَلبة و شِراء الطّعام و الوازم الأخرى، نَادا فِينا القُبطان بأَن السّفينة مَع غُروبِ الشَمس ستستأنف رِحلتها.
نزلنا الى أرض بريطانيا تحديداً ميناء "لندن" حيثُ سُلب إنتباهُنا بالحداثة و الآلات الميكانيكية و السيارات و الأزياء العصرية و المباني القديمة و التماثيل.
أَخَذَ السّيد "دُو" بِيد زَوجته نَحو السّوق لشِراء الطّعام، لكِن بينَما كَانت السّيدة "دُو" تَبحث عَن بَعضِ الأَرزِ الجيِّد شَعرت فَجأة بِحَركة هِيستِيرية فِي أَحشَائِها.. كَان الجَنين يُكافِح للنُزول، شَعرت بالطَلق و آلامِه و بَدأَت فِي الصُراخ، دَاهَم زَوجُها شُعور عَارم بالرُعب و الإِرتِباك و جَثَا بِجانبها عَلى الأَرض و هُو يُحاول إِستِنجَاد المُسَاعدة مِن الآخَريين لكِن الحَشد بَدا مُرتبكاً جِداً للإِقدام عَلى أي رَد فِعل!
وَصلت صَرخاتُ المَرأة الى السَمَاوَات و زَوجُها لَم يَفعل شَيئاً سِوى البُكاء و العَويل بِجانبها (يَا رَبْ سَاعِدنا.. يَا رَبْ أَشفِق عَليها و أَنزِل رَحمَتك بِها! يَا رَبْ ليسَ لي فِي الدُنيا مِن رَفيق سِواها! يااا رَبْ!)
شَعر السّيد "دُو" بِيد تَدفعهُ عَن زَوجته بِحَزم، فَنظَر لِيَجد مَجمُوعة مِن النّساءِ فِي زيِّ الراهِبات بِصُحبة صَبيّ صَغير كَان يُشِير الى السّيدة بِرُعب يبدو أنه من إستدعاهن، و بِسُرعة قَامت الراهِبات بِحَمل الأُم بِحَذر شَديد و وَضعِها فِي عَربة يَجُرها الخَيّل، و بِمُجرد أَنّ رَكبَ السّيد "دُو" فِي العَربة إِنطَلقت بِأَقصَى سُرعة بإِتجَاه الكَنيسة.
أَخَذت الراهِباتُ المَرأة الى غُرفة فِي الكَنيسة و تَركوا زَوجها فِي الرُدهة يُصَارع هَواجِسه، كُل مَا يُردّده لِسَانهُ هُو دُعاء مَكتوم بِأنْ يَرحَم الرّبُ زَوجَته و طِفلهُما، مرّ وَقت طَويل صَاحبهُ صُراخ زَوجَته مِن داخِل الغُرفة و لَمْ يَهدأ أَبَداً حَتّى سَمِعَ صُراخ آخر.. صُراخ طِفل!
عِندما دَخل الأَبُ علٰى زَوجتِه أَخيراً كَانت عِبارة عَن فَوضى عَارمة، بالكَاد تَستطيع فَتح عَينيّها أَو التَنفُس، حَاولت الرَاهِبات إِفهام الزّوج أَن الزّوجة سَتكُون طَريحة الفِراش لوَقت كَونها فَقدت الكَثير مِن الدِماء فِي وَقتٍ قَصير، هَزّ الزّوجُ رَأسهُ بِتفهُم و إِنحنى للنِساءِ مَراتٍ لا تُحصى تَعبيراً عَن إِمتِنانه رُغمَ عِلمه أنّها ليسَت الطَريقه الصَحيحه هُنا للشُكر، لكنّهُ لم يَهتم.. لَم يَهتم أَبَداً
نَظَرَ الزّوج الى الطّفل..
صبيّ.. كَما تَنبأَت الأُم تَماماً!
بَدأ بِترديد إِسمه مِراراً و تِكراراً (كُيونجسوو.. كيونجسوو الفَتى المُزهِر المُتألق)
منذ الآن مفعول إسمه يصنع هالة حوله تجعله سعيداً لدرجة تُدفأ قلبه.
عندما كانت تلد أخواته هو كان يتمتع بأطفالهن لوقت محدود فقط ثم يُضطر الى تركهم مكروهاً في نهاية اليوم يحلم بالصباح ليذهب لرؤيتهم من جديد، أم هذا.. فهو إبنه! سينام معه تحت نفس السقف لسنوات عديدة طويله مديدة.
إجتاح عقله مئات التخيلات؛
إبنه يبتسم،
إبنه يضحك،
إبنه يرضع،
إبنه يزحف،
إبنه ينطق بابا لأول مرة،
إبنه يأكل لأول مرة،
إبنه يمشي لأول مرة،
إبنه في دور الحضانة،
وعد نفسه ألف وعد بحمايته و تربيته جيداً بجانب والدته، سيكون أباً صالحاً مُراعياً، يفخر به.
أخبر نفسه بينما يُقبل كُل شبر من الطفل الغض الذى توقف عن البكاء و شرع يبتسم مع كُل قُبلة.
لكنه شَعر بِيد مُتعرقة تُحاول الحُصول على إِنتباههِ بإِستماتة، رَفع نَظره الى زَوجته فَوجدها تُكافح لإِخراج الحُروف مِن حَلقها، إِقترب الزّوج بأُذنه نَحو فَمها فَسمع هَمسه ضَعيفة (السّفينة)
إِقشَعر جَسده و كَاد الرّضيع يَسقُط مِن بَين يَديه، نَظَر برُعب الى نَافذة الغُرفة.. ليَجد الظّلام فِي الخَارج لَم يكُن يَوماً أَكثر ظُلمة.
لقَد فَوتوا السّفينة!
حَتى إِن كَانت لا تَزالُ مَوجُودة فَزوجتهُ أَضعف مِن أَن تَتنفّس فَكيف لهَا أَن تَركُض او تَسير حتّى المِيناء، رِحلة العَربة الى هُنا كَشفت عَن بُعد الكَنيسة و هَذا يَعني مَسافة كَبيرة على سَبيل العَودة!
إِنهُم هُنا الآن..
للأَبد..
↭◎쇼◎쇼◎↭
(لكن سيد تشانيول.. أنتَ لم تكن معهم، اذاً لما لم تصعد على السفينة؟)
نظر الفتى الى الأطفال المتجمهرين نحوه يحاول تخمين من سأل، لكنه أجاب بسرعة (لأنني أخبرت نفسي بينما أشاهد الشمس تغرب هذا اليوم بأن تذهب أرض الحرية و السفينة الى الجحيم، سأبقى هاهنا حتى أعرف إن كانت السيدة دُو قد تنبأت بشكل صحيح بكون الجنين فتى!)
↭◎쇼◎쇼◎↭
يتبع..
Like ♡
Comment 💬
Follow ✔
♕ 어먼EMY ♕
الخامسة عصراً؛
الهِجرة بِسبب الحَرب هِي أَسوء مَا قَد يَختبِرهُ الإِنسَان فِي حَياته، تَرك الوطَن أَدّى بنا الى طُرق وعِرة طَويلة، حِرمان مِن المَاء و الطَّعام لأَيام، أَشخَاص أحببناهم يمُوتون مِن الشَّمس الحَارقة و مِن البَردِ القَارس، لمْ يَبدو أَنَّ عَوامِل الطَّبيعة تَنوي أَن تَرحمنا ليَوم، و حتَّى ذِئابُ الجَبال لمْ تُشفق عَلينا!
لمْ تَسمح لنا الصِّين فِي البِداية بالدُّخول الا لقِلة قَليلة و بِضع عَائلات، و نحن البقية وجدنا أنفسنا إِما أَمامْ طَلقات الحُدود الروسِية التّى تَنظُر إِلينا شَذراً بيّنما تُعمِّر بَنادقَها و إمّا البَحر الهَائِج.. فإِختَارنا البَحر!
هَل كَان البَحر رَفيقاً أَليفاً؟!
كَان.. لكِن فِى أَحلامِ يَقظة رَاودتنا بَينما نصارع دُوار البحر.
قَبل الرُّكوبِ علٰى السُفن أُضطّر البَعض لبَيع أَولادِهم الى تُجار الرَقِيق لكَي يَدفعوا ثَمن رُكوب بَاقي أَولادِهم، و رأيت بأم عيناي ان مَن كَانت بَين يديّها رَضيعٌ أَلقتهُ لأَسماكِ البَحر كَى لا تَدفع عَليه ضَريبة بينما تبكي دماً.
رِحلة بَحرية مَات فِيها الكَثيرُ بِسبب الشَّمس وتَفشِي المَرض، لكِن أَغلبُ الوَفيَّاتِ كَانت مِن نَصيب القِتال علٰى رَغيفِ أَو كَعك أُرزٍ نَحيف.
بَاتت المُراهِقات الحَسنَاوات مُجرَّد سِلعة علٰى ظَهر السَّفينة، إِن أَصبَحت الأُمْ حَامِل كَانت تُفضِّل الإِنتحار غَرقاً بِجنينها عِوضاً عَن تَجويعه عِندما يُولد. تَفشَّت الأَمراضُ و الأَوبِئة الغَريبة بَيننا حتَّى مَرِض الطَبيب الوَحيد و أُلقِيا بَين أَمواجِ البَحر بَعد أَنْ لَفظ أَنفاسهُ الأَخِيرة.
كَانت قَافلة مِن ثَلاثِ سُفن وِجهتُها أَرضُ الحُرية التّى لاطَالمَا سَمِعُنا عَنها و عَن فُرصٍ لا تَنضب مِن العَمل و الحَياة الكَريمة، أردنا فقط حياة تُحتملللجيل الصغير، لذا عقدنا الرحال، لكِن الربَّ فَرّق السُفن في ليّلة غَاب عَنها القَمر بعاصِفة هَوجاء كَادت تَقلبُ السُفن رأساً علٰى عَقِب، قَال البَعض أَنهُ عِقاب لأنّ الرَذِيلة إِنتشَرت بَيننا، و قَال البَعض أَنّ الأَجداد غَاضبون و أَنّ أَرواحَ شُهداء الحَرب تَنتقِم لمُغادرتِنا البِلاد!
ما نعلمهُ أَنهُ بَعد إِنقِشَاع السُحب السَّوداء كَانت السُفُن قَد تَقلصَت الى سَفينة واحِدة فَقط، لَم يَعلم النَّاس مَصِير السُفن الثَانية إِن كَانت غَرِقت أَمْ تَغيّر مَسارُها الى المَجهُول، إِنهَارت الكَثيرُ مِن العَائِلات كَون بَاقى الأَقَارب فِي السُفُن الأُخرى، تَأَرمَلت النِسَاء، و تَيتَّم الأَطفَال، و أَصبَح الرِجالُ دُونَ زَوجاتِهم فَجأَة.. كُل هَذا حَدَثَ لأَنّ السُفُن الأُخرى ضَاعت.
لكِن كَان هُناك عِدة عَائِلات فَقط مَن إِستطَاعت رُكُوب سَفِينة وَاحِدة، مِنهُم عَائِلة "دُو" تَمسّك الرَجُل بِزوجَته رُغم الزِحام و التَدافُع أَثنَاء دُخول السَفِينة، إِنتَهى بِه الأَمرُ بِحَملِها بَين يَديه لإِبعادِ أَذَى النَّاس و تَدافُعهِم عَن الجَنين الهش الذي ينامُ فِي بَطنها.
لَمْ يَترُكهَا للحظَة و ظلَّ بِجانبِها طَوال الوَقت لإِبعَاد اللصُوص و المُنحَرفين اللّذين يَملئُون المَكَان.
حَسَدهُم النّاس كَونهُم لا يَزالون سَوياً بَلْ و عَاملوهُم بِجفاء أَيضاً بِدافعِ الغِيرة.
مَرت عِدة أَسابِيع عَلينا فِي السَفينَة التِى تَيتّمت دُون أَخواتِ أُسطُولها.
أَصبَحت الأَسَابيعُ شُهور و فَقد النَّاس الإِحسَاس بالتَاريخ و الوَقت، الزَّمان و المَكان.
حتى إستيقظنا يَوماً مَا علٰى صَوت القُبطان و هُو يُعلن وصولنا الى.. المَملكة!
شَعرنا بالإِرتبَاك..
المَملكة؟ كَيف؟ لمَاذا؟ نَحنُ كنّا فِي طَريقنا الى أَرضِ الحُرية!
ضَجّ الصَخَب و الشَغَب عَلى السَفينة و كَاد الناس يُلقون القُبطَان فِي البَحر لَولا عِناية الرّب، تَوسلهُم كَى يَسمعُوه و أَخبَرهُم أَنّ النُّجُوم خَدعتهُ و الرِياحَ حَملتهُ الى هُنا، هَدأَ الحَشدُ قَليلاً و تَوعدوا القُبطَان بالهَلاك لو لَمْ يَحملهُم حَالاً الى وجهَتهِم.
إِنتَهى الأَمرُ بالسَفينة عَلى مَوانِئ مَملكةِ بِريطَانيَا للتَزوُّد بالمُؤن الاَّزِمة و إِكمالِ الرِحلة الى أَمريكا، نَزَلنا للتمتّع بِشعُور الأَرضِ الصَلبة و شِراء الطّعام و الوازم الأخرى، نَادا فِينا القُبطان بأَن السّفينة مَع غُروبِ الشَمس ستستأنف رِحلتها.
نزلنا الى أرض بريطانيا تحديداً ميناء "لندن" حيثُ سُلب إنتباهُنا بالحداثة و الآلات الميكانيكية و السيارات و الأزياء العصرية و المباني القديمة و التماثيل.
أَخَذَ السّيد "دُو" بِيد زَوجته نَحو السّوق لشِراء الطّعام، لكِن بينَما كَانت السّيدة "دُو" تَبحث عَن بَعضِ الأَرزِ الجيِّد شَعرت فَجأة بِحَركة هِيستِيرية فِي أَحشَائِها.. كَان الجَنين يُكافِح للنُزول، شَعرت بالطَلق و آلامِه و بَدأَت فِي الصُراخ، دَاهَم زَوجُها شُعور عَارم بالرُعب و الإِرتِباك و جَثَا بِجانبها عَلى الأَرض و هُو يُحاول إِستِنجَاد المُسَاعدة مِن الآخَريين لكِن الحَشد بَدا مُرتبكاً جِداً للإِقدام عَلى أي رَد فِعل!
وَصلت صَرخاتُ المَرأة الى السَمَاوَات و زَوجُها لَم يَفعل شَيئاً سِوى البُكاء و العَويل بِجانبها (يَا رَبْ سَاعِدنا.. يَا رَبْ أَشفِق عَليها و أَنزِل رَحمَتك بِها! يَا رَبْ ليسَ لي فِي الدُنيا مِن رَفيق سِواها! يااا رَبْ!)
شَعر السّيد "دُو" بِيد تَدفعهُ عَن زَوجته بِحَزم، فَنظَر لِيَجد مَجمُوعة مِن النّساءِ فِي زيِّ الراهِبات بِصُحبة صَبيّ صَغير كَان يُشِير الى السّيدة بِرُعب يبدو أنه من إستدعاهن، و بِسُرعة قَامت الراهِبات بِحَمل الأُم بِحَذر شَديد و وَضعِها فِي عَربة يَجُرها الخَيّل، و بِمُجرد أَنّ رَكبَ السّيد "دُو" فِي العَربة إِنطَلقت بِأَقصَى سُرعة بإِتجَاه الكَنيسة.
أَخَذت الراهِباتُ المَرأة الى غُرفة فِي الكَنيسة و تَركوا زَوجها فِي الرُدهة يُصَارع هَواجِسه، كُل مَا يُردّده لِسَانهُ هُو دُعاء مَكتوم بِأنْ يَرحَم الرّبُ زَوجَته و طِفلهُما، مرّ وَقت طَويل صَاحبهُ صُراخ زَوجَته مِن داخِل الغُرفة و لَمْ يَهدأ أَبَداً حَتّى سَمِعَ صُراخ آخر.. صُراخ طِفل!
عِندما دَخل الأَبُ علٰى زَوجتِه أَخيراً كَانت عِبارة عَن فَوضى عَارمة، بالكَاد تَستطيع فَتح عَينيّها أَو التَنفُس، حَاولت الرَاهِبات إِفهام الزّوج أَن الزّوجة سَتكُون طَريحة الفِراش لوَقت كَونها فَقدت الكَثير مِن الدِماء فِي وَقتٍ قَصير، هَزّ الزّوجُ رَأسهُ بِتفهُم و إِنحنى للنِساءِ مَراتٍ لا تُحصى تَعبيراً عَن إِمتِنانه رُغمَ عِلمه أنّها ليسَت الطَريقه الصَحيحه هُنا للشُكر، لكنّهُ لم يَهتم.. لَم يَهتم أَبَداً
نَظَرَ الزّوج الى الطّفل..
صبيّ.. كَما تَنبأَت الأُم تَماماً!
بَدأ بِترديد إِسمه مِراراً و تِكراراً (كُيونجسوو.. كيونجسوو الفَتى المُزهِر المُتألق)
منذ الآن مفعول إسمه يصنع هالة حوله تجعله سعيداً لدرجة تُدفأ قلبه.
عندما كانت تلد أخواته هو كان يتمتع بأطفالهن لوقت محدود فقط ثم يُضطر الى تركهم مكروهاً في نهاية اليوم يحلم بالصباح ليذهب لرؤيتهم من جديد، أم هذا.. فهو إبنه! سينام معه تحت نفس السقف لسنوات عديدة طويله مديدة.
إجتاح عقله مئات التخيلات؛
إبنه يبتسم،
إبنه يضحك،
إبنه يرضع،
إبنه يزحف،
إبنه ينطق بابا لأول مرة،
إبنه يأكل لأول مرة،
إبنه يمشي لأول مرة،
إبنه في دور الحضانة،
وعد نفسه ألف وعد بحمايته و تربيته جيداً بجانب والدته، سيكون أباً صالحاً مُراعياً، يفخر به.
أخبر نفسه بينما يُقبل كُل شبر من الطفل الغض الذى توقف عن البكاء و شرع يبتسم مع كُل قُبلة.
لكنه شَعر بِيد مُتعرقة تُحاول الحُصول على إِنتباههِ بإِستماتة، رَفع نَظره الى زَوجته فَوجدها تُكافح لإِخراج الحُروف مِن حَلقها، إِقترب الزّوج بأُذنه نَحو فَمها فَسمع هَمسه ضَعيفة (السّفينة)
إِقشَعر جَسده و كَاد الرّضيع يَسقُط مِن بَين يَديه، نَظَر برُعب الى نَافذة الغُرفة.. ليَجد الظّلام فِي الخَارج لَم يكُن يَوماً أَكثر ظُلمة.
لقَد فَوتوا السّفينة!
حَتى إِن كَانت لا تَزالُ مَوجُودة فَزوجتهُ أَضعف مِن أَن تَتنفّس فَكيف لهَا أَن تَركُض او تَسير حتّى المِيناء، رِحلة العَربة الى هُنا كَشفت عَن بُعد الكَنيسة و هَذا يَعني مَسافة كَبيرة على سَبيل العَودة!
إِنهُم هُنا الآن..
للأَبد..
↭◎쇼◎쇼◎↭
(لكن سيد تشانيول.. أنتَ لم تكن معهم، اذاً لما لم تصعد على السفينة؟)
نظر الفتى الى الأطفال المتجمهرين نحوه يحاول تخمين من سأل، لكنه أجاب بسرعة (لأنني أخبرت نفسي بينما أشاهد الشمس تغرب هذا اليوم بأن تذهب أرض الحرية و السفينة الى الجحيم، سأبقى هاهنا حتى أعرف إن كانت السيدة دُو قد تنبأت بشكل صحيح بكون الجنين فتى!)
↭◎쇼◎쇼◎↭
يتبع..
Like ♡
Comment 💬
Follow ✔
♕ 어먼EMY ♕
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(1)
Ch이 (Ship)
هل هذه قصة حقيقية؟
اتمنى لا قلبي يؤلمني حقا!
Відповісти
2018-06-28 11:23:50
1