الجزء السابع
" أن تجد الحب شيء وأن يجدك هو شيء أخر لاسيما إن وجدك بعد يأسٍ وضياع "
__*****__
شعرت بالضيق وبحركه بطيئه تمكنت من إزالة إلتصاق جفناي بعدما إعتصرتهما وفتحت عيناي ليباغتهما الضوء لبرهه قبل أن اعتاد عليه
صوت الرنات المتتاليه التي لا تتوقف مازالت قائمه بل وإزدادت وضوحاً، فإمتعض وجههي وزفرت بحنق حين أدركت بأنه صوت الهاتف
تنهدت لأرفع جزعي العلوي وأرجعته إلى الخلف لأستند على خشب السرير ومن ثم بحثت بحدقة لعين مفتوحه والأخرى مغلقه في الغرفه وأخر ما أذكره هو موضع هاتفي
كتمت رغبتي في التثائب بصعوبه في محاوله لإبعاد النعاس ومن ثم تلمست بيداي باحثتاً بجواري على الفراش وخلف الوسادات وأسفها ولاكنني لم أجده
فإستقمت متبعه صوته وسرت في أنحاء الغرفه متفحصه إياها وانا أركز على الصوت والذي دفعني لأن اغير محور رأسي للفراش من جديد ثم تحركت بضع خطوات لأنحني على ركبتاي أمام السرير وأنزلت رأسي فجالت مقلتاي أسفله لأميز هاتفي
إنتشلته لألمح الرقم الغريب ثم وضعته على أذني لأجيب بمرحباً " هل أتحدث للآنسه تاليا بروسلن ؟ " تخلل إلى أذاني صوت إمرأه من سماعة الهاتف وهي تطرح سؤلاً بلباقه وكأنها مزيعه في إحدى البرامج التلفازيه بعدما أطرت قائلةً " يوماً سعيداً "
" أجل، تفضلي " أجبتها بإقتضابيه خفيضه محاوله إبعاد نبرتي الناعسه التي لا تخلو من بداية كل صباح، فإستطرقت المرأه" لقد إتصلت بالنيابه عن السيد إيثان كليفر لأبلغكِ بضرورة قدومك في الساعه الثامنه من الأن فصاعداً بعدما تم تعيينك كمتدربه لدي الرئيس "
صدى إسمه الموسيقى الذي صدح من ثغر المرأة جعلني أبتسم دون وعي من حقيقة بأنني قد نسيت الأمر تماماً
" آنسه بروسلن هل تسمعينني؟ " صوتها قاطع شرودي ويبدو بأنني شردت لفتره وجيزه وتناسيت حاجتها لإجابتي
فتنحنحت لأستطيع الحديث رغم حلقي الجاف وإبتلعت ماء جوفي قائلةً " نعم، حسناً شكراً لكِ، سأتي في الموعد " وأنزلت الهاتف لأطلع على ساعته والتي أشارت للسابعه فورما إنتهت المرأه من كلمة إلى اللقاء لتغلق
يدي التي وضعتها علي خصري كانت التي تحمل الهاتف والأخرى وضعتها علي جبهتي ومن ثم غيرت موضع كلتاهما لأمسك بأناملهما قلادتي ثم تنهدت لأهمس بعدما رفعتها لأقبلها ريثما أتأملها " صباح الخير أمي، هذا اليوم هو يوم مميز؛ سأتخذ فيه خطوتي الأولى للحصول على السعاده التي لطالما رغبت بتذوقها "
شعوري بالغصه تتصاعد في حلقي إستوقني ولاكنني كتمت رغبتي الجمي في البكاء وأكملت مره أخرى في محاوله لإبعاد الثقل عن صدري " أحبك أمي"
أطلقت تنهيده خافته تلتها نفس عميق يجاهد ليشعر بالراحه وأنا ألقى نظره خاطفه على أرجاء الغرفه ثم تحركت لأصعد نحو غرفتي بخطواتٍ سريعه فليس لدي متسع من الوقت
_____
" مرحباً، أنا سكرتيرة السيد كليفر التي حدثتكِ منذ ساعه، تفضلي بالولوج " ضرب صوت أنوثي أذاني فورما فتح باب المصعد لأنقل عيناي على المرأه ريثما تشير لي نحو الرواق بإبتسامه
فرسمت بسمه على شفتاي وأنا ابادلها وتقدمت منها متأمله إياها لجزء من الثانيه بجسدها الممشوق وثيابها الأنيقه مقارنه بخاصتي فأنا كالعاده إرتديت الجينز ولاكنه كان أسود مع قميص قرمزي اللون يعتليه معطف أسود كالحذاء
حدت برأسي نحو المكان متفحصه ما أمكنني رؤيته منه بينما إكتفيت بتتبعها و الإصغاء لحديثها بعدما نزعت معطفي ليتوسط كفي
" أنتِ حقاً دقيقه في مواعيدك إنها الثامنه بالضبط " قالت وهي تسدرني ريثما تسير أمامي بكعبها العالي فإبتسمت مومأه إليها بإمتنان
هي لا تعلم أصل الموضوع وبأنني كدت أتسبب في حادث بسبب سرعتي الحثيثه في القياده لأصل في الموعد
إنعطفناً مرتين لليسار وفي المره الثالثه إستدركت الباب المنشود والذي لا يحتوي الرواق سوي على غيره، فتوقفت هيا على بعد إنشات لتشير لي متمتمه بلباقه " ستكملين بمفردكِ من هنا " ثم إستدارت وقطعت خطواتها لتبتعد مغادره
تقدمت نحو الباب ورفعت يدي لأطرق عليه بإقتضابيه خافته ، الرعشه سرت في عمودي الفقري حين تخلل إلى مسامعي صوته القوي وهو يسمح لي بالدخول
بأصابعي أرجعت شعري المنسدل لخلف أذني وإبتسمت بجانبيه فورما ضغطت على مقبض الباب وولجت ببطأ وأغلقته لتتضح لي رؤية ما بالداخل
كان يقف خلف مكتبه بشموخ وبِطلَة الرقي التي لطالما صاحبته ، كل ما إستطعت تمييزه هو ظهره العريض الذي يقابلني في وقفته أمام الجدار الزجاجي
يداً يخللها في جيبه والأخرى تمسك بلفائف التبغ لتنقلها إلى شفتاه ليطوق إياها بين الحين والأخر بينما يتناثر دخانها ويطفو في الهواء حوله
أدار محور رأسه إتجاهي وإلتفت بسائر جسده مناظراً إياي بنظراتٍ ثاقبه ريثما بتأملني ونظراته لم تساعد أبداً فلقد حركت مشاعر دفينه بداخلي وأحاسيس باخعه تستوطن إياي
حاولت النظر بعيداً عن عينيه وتحاشيت رماديتيه لأتفحص هيأته في لمحه سريعه، تلك البذله الرجاليه محلية اللون ذو السروال الديق نسبياً تكاد تقسم قلبي إلى نصفين ليتحول إلى قلبين كلهما سيان في حبهم له ، وماذا عن ذاك القميص الأبيض الشبه شفاف إنه يطفي عليه بجمال لا يحتمله عقل إنسان لن أقول قلبه
نحنحته الخافته أخرجتني من منطقة اللاوعي في عقلي، فإدعيت السعال وأنا أكور قبضتي أمام ثغري ثم أردفت وانا أنظر لكل إنشٍ وزاويه في الغرفه عداه
" كنت شارده في جمال.... مكتبك "
تجاهلني مشيراً بكفه لي بطريقه أنيقه نحو إحدى المقعدين الكامنان في الأمام بينما تفصل بينهما منضضه زجاجيه صغيره وإستطرق قبل أن يجلس على الكرسي الواقع خلف مكتبه " تمتلكين ذوقً راقياً ، إجلسي "
رسمت إبتسامتي الواثقه على محياي وخطوت للأمام لأتقدم منه ثم جلست علي ذات المقعد الذي أشار إليه، وإنتقلت عيناي من علي قدماي إليه وتأملته وهو يرفع سماعة الهاتف ضاغطاً على زر قبل أن يضعه على أذنه
" أحضري قهوتي....، وكوباً من القهوه المثلجه " تمتم بصوته الدفين وألقى على نظره خاطفه قبل أن ينبس بجملته الأخيره ليضع الهاتف في موضعه مره أخرى مغلقاً الخط
" كيف عرفت؟! " خرجت الكلمات من ثغري ممتذجه بعدائيه بدون وعي ولم أستطع منع العقده التي تكونت بين حاجباي، ليس السؤال الأمثل هو كيف عرف بأنه مشروبي المفضل بل لما
" خمنت " قالها بصوته الأجش وهو ينفخ دخان سيجارته بهدوء مستفز ثم أعاد رأسه ليستند على الكرسي، إبتلعت ماء جوفي وأنا أراقبه يستنثق داخانها لرأتيه بكل أريحيه لذا فضلت الصمت وعدم السماح لأفكاري بأن تطغى على
الجو المشحون الذي أخلفه شربه للسيجاره البنيه السميكه التي تتوسط أنامله ونظراته الثابته نحوي جعلتني غير مرتاحه إلى حدٍ ما فتلك العينين لا تناظرني بطريقه عاديه فهي تقص الكثير والكثير من الحكايا الخفيه، تلك النظرات المحمله بالخبره والمعارفه أرهبتني
قاطع الصمت نبرة صوته الأجش وهو يعتدل في جلسته ليطفأ سيجارته وتلفظ مصرحاً بهدوءٍ تام " كروتين سأطرح عليكِ بعضً من الأسأله وانتِ ستجيبينني بطريقه موجزه "
قضمت شفتاي وإكتفيت بالإيماء، ليس الأمر وكأنه لا يريد سماع صوتي صحيح؟ هل أنا ثرثاره ؟ هذا رائع لقد باتت ثقتي مهزوزه بالكامل بفضله الأن إنه شخص صعب الميراث
" أريد سماع صوتكِ " هذا لم يكن صوتً من أفكاري التي تتدافع بداخل رأسي بل هو صوته الصارم والذي أزاح تلك الأفكار بعيداً ليحل محلها إبتسامه خافته ولأول مره لأنني كنت مخطئه
" حسناً ، يمكنك البدأ " أجبته بخفوت ليقاطع التواصل البصري بيننا وهو يغير محور رأسه إلى الساعه التي تتوسط معصمه حازماً وقته ، هذه الشخصيه الأكثر نضجاً ورجوليه ووسامه والأكثر جمالاً ووقاراً منه لم أعتد عليها بعد
" أي جامعه إرتدتي ؟ " سأل وكالعاده لا يزيح عيناه، فأجبت بإبتسامه تكاد لا ترى" جامعة سان دييغو وكلية العلاقات الدوليه خاصتاً " أومأ ليشبك أصابعه الشعر ثم قال مردفاً " ما هي معايير تقييمك للنجاح؟ "
" الحب " نعم أعلم أنني قلتها دون سابق إنذار مجيبه إيه ولاكنه أداق عينيه لي بترقب وهذا ما جعلني أفسر نابسه " أعني أعتقد بأن مقدار حبك للعمل هو ذات مقدار نجاحك فيه فكلما إزداد حبك كلما ازدادت قدرتك على إنجاز الأهداف والمهام "
إرتفع رأسه للأعلى برهه وإنخفص للأسفل وهله ريثما يعبث بإبهامه وسبابته أسفل ذقنه وتفاحة أدم التي تعتلي حلقه ترتفع وتنخفض برجوليه
ترك السيجاره من يده وألقاها في المطفأه لتنطفأ ثم رفع عيناه لي لينشأ بيننا تواصل بصري أخر وتمتم ببرود مخفي يتملكه حد النخاع " ما هي نقاط قوتك"
انا جيده في التحكم في ردود أفعالي ونوبات الغضب ولدي ثقة مهوله في نفسي كما أخبرني الكثيرون أن ذكائي لا يستهان به لذلك سأجيب بكلمتان تشملان كل تلك المفاهيم أسفلها " القوه العقليه "
كان يتفحصني طوال الوقت بعيناه الحادتان والتي تدرس كل شئٍ وتدقق به، كما يقولون عينان فنان متمرس، " ماذا عن نقاط الضعف " إستغرق وهله ليستكمل أخر كلمتين قالهما
ففركت يداي ببعضهما وأنا أرتجل مجيبه بشرود خافت حسناً لنرى في البدايه صوتك ثم عينيك وسائر وجهك ضحكاتك وهمساتك ولمساتك في الواقع أنت بأكملك تضعفني" ليس لدي الكثير ولاكنني لازلت عالقه في الماضي حتى بات يسامرني" هو يرمقني بطريقته الخاصه وبنظراته المذيبه لحواسي
صوت الطرقات على الباب لم تزح عيناه عني في صمتي بل أجاب بأدخل ونظره مازال مثبت في موضعه
وفي غضون ثواني كانت القهوه موضوعه على المنضضه أمامي والكوب الأخر خاصته على مكتبه بفعل الخادمه ثم إنحنت لتغادر تاركه إيانا في نفس الوضعيه قبل ولوجها
" كيف تتعاملين إتجاه مسئولياتك حتي وإن كنتِ تعانين من الضغوط النفسي أو التوتر " طرح سؤاله التالي فعقدت حاجبي لبرهه بتفكير ثم أجبته بصراحه دون تملق " سأتعامل بالطريقه المطلوبه ولاكنني أيضاً لن أغِض عن إستوقاف نفسي لأعطيها الأولوية بدلاً من الأخرين حين يتطلب الأمر "
اتذكر بأنني قد مررت بهذا من قبل في سنتي الأولى في الجامعه والتي كانت بمثابة سنتين، ضاعفت مجهود الدراسه وكنت أضغط على نفسي بقوه فقط لأستطيع توفية دروسي، شهر كامل من الدراسه دون وقت مستقطع أو راحه للحصول على سلام نفسي ريثما كان جسدي يصرخ إرهاقاً وروحي التي تخمل شيءً فشيءً وتبهت ولاكنني تجاهلت الأمر بسبب المسؤليه التي حملت نفسي بها حتى باتت على كاهلاي
فإنتهى بي الأمر بحالة يرثي لها وأصابني بكاء هستيري دون سبب حتى أنه تسبب لي في إنتكاسه دامت لفتره ليست بقصيره لذا من ذلك الحين وانا أتحاشي تحميل ذاتي فوق طاقتها حتى لا تكون النتائج عكسيه
ثبتت عيناي في خاصته لأتمتم بإستفهام مستطيله في كلماتي وانا احاول أن اقولها بأدق معنى ممكن
" ماذا عنك، انت في هذا المجال منذ سنوات عدة، هل في إحدى المرات التي إنتابتك به ضغط نفسي أو ألماً ما إستوقفت نفسك لتفتش عن سببه أو لتعالجه ولم تتغاضي عن ما بداخلك وتكتمه لتتعامل مع مسؤليتكِ ؟ "
أعلم أنه الشخص الذي يَسأل هنا وليس من يُسأل وأن سؤالي قد لا يحبذه وتفاقم الشك بداخلي حين إستقام وتقدم بخطواتٍ بطيأ وهو يلتف حول مقعدي بعد المكتب ، شعرت به يقف بجواري ومن ثم أمامي مباشرةً فرفعت عيناي لأبصره وهو يضع كف يداه على زراعاي المقعد مطوقاً إياي ثم إنحني مقترباً لتسلب أنفاسي مني
" مالذي تعتقدينه؟ " بصوته الجوهري ولكنته البريطانيه الحابسه للأنفاس تمتم بها بصوتٍ خفيض إلى حدٍ ما ، وجهه المقابل لخاصتي وعيناه الثاقبتين والتي تتفحص معالم وجهي لم تساعدني في النبوس بكلمه واحده في عاصفة المشاعر التي إنتابتني فقط من رائحة الجميله وقربه الشديد
حين لاحظت كف يده الذي إرتفع نقلت بصري إليه لأراه يعبث في خصيلات شعري به معيداً إياها إلى الخلف ليظهر عنقي فعدت بنظري إليه ففعل هو المثل بعدما شعر بنظراتي عليه وهو يهندم شعري بتركيز ، قلبي يكاد يقفز من قفصي الصدري من سرعة خفقانه وأشك بأنه يسمع نبضاته العاليه
" أجيبيني " طالب بها بصوتٍ شبيه للهمس وببحه إمتزجت بنبرته فإبتلعت لعابي لأتنفس بعمق وفتحت فمي عدة مرات في محاوله فاشله لقول شئٍ بعدما أدركت ما يرمي إليه
" ماا ذا " واجهت كلمتي الأوله صعبوبه بالغه في الترجل من خارج ثغري فهدأت من روعي مكمله" لاكن كيف..... ، لو كنت مكانك كان ليمزقني ذلك من الداخل لكانت ستكون روحي... " قاطعني مكملاً وكأنه سرق الكلمه من علي لساني لينبس بها " مجرده " وإستطرق مبتعداً ليستقيم في وقفته
فكه الذي إنقبض وكفه الذي تشكل على شكل قبضه أبرزت عروق يده كل تلك التفصيل إستطعت رؤيتها بوضوح تام ريثما نظرات رماديتاه تزداد حده
تنفس الصعداء ومسح بطرف لسانه على شفتيه قائلاً" سأطرح عليكِ سؤالاً وأنتِ بنفسك من ستجيبين على السؤال الذي طرحتيه تواً "
أومأ لأحمل كوب القوه وإرتشفت منها دفعه كبيره ثم أعدت الكوب مكانه لأعتدل متبعه إياه وهو يعود يجلس أمامي مباشرتاً واضعاً قدماً على الأخري
" ما هي أكبر مخاوفك " طرحه بهدوء بعدما توسط إحدى أقلامه الموضوعه على سطح المكتب بطريقه منظمه وبإحترافيه حرك القلم بين أنامله فأخفضت رأسي لأعبث في جاكيتي الموضوع على قدماي ورفعت حاجباي قائلةً " أكبر مخاوفي هي أن أفقد شخصاً عزيزاً على قلبي أو حتى أن أعرضه للألم دون قصد ،.....كما أنني لا أستطيع تجاوز حقيقة أن الموت دائماً ما سينتصر "
فورما أنهيت حديثي إستطرق بإقتضاب قائلاً ليجعل إياي أنظر إليه" إذاً لا تفعلي ، لا يمتلك الجميع الإختيار في إتخاذ قراراتهم .... البعض يقوم بما تمليه عليه مسؤلياته وواجباته حتى وإن كان يراه البعض تصرف قاسياً " لقد أصبحت الرؤيه واضحه لي بشكل كافي
فورما صمت فورما إستقام مره أخرى ليعود للجلوس في موضعه خلف المكتب ثم فتح إحدى أدراجه وأخرج منها كتاباً يعتليه قلم ودفتر صغير ثم وضعه على المكتب في زاوية جلوسي
ومررهم لي لأخذهم متفحصه الكتاب عن كثب، إسم الكتاب هو ' مدير الدقيقه الواحده' ويعتلي غلافه إسم الكاتب د . كينيث بلانتشارد، قلبت الكتاب بين يداي لأسدر صفحاته القليله
" يكشف هذا الكتاب عن النقاط الأساسيه لإدارة الأعمال وأيضاً يحتوي على تقديم بعضٍ من التدريبات للمرء، أمامك حتى الساعه الرابعه لتنهي قرأته وتدوين ما فهمتيه وما لم تفهميه، هاك يمكنكِ الجلوس علي الأريكه " تخلل إلى أذاني صوته النابس قبل أن أسأله عن الكتاب ثم أشار بيده للجانب في نهاية حديثه
فإستقمت لأمسك بحقيبتي الصغيره وقبل أن ألتفت تخلل إلى مسامعي صوت طرقات علي الباب تلاها صوت الباب يفتح وهتاف صوت أنوثي من خلفي
" أخبرتني ميغان للتو بأنك ألغيت إجتماع الساعه الثمنه لذا أتيت لأنافش معك بعض الأمور... " إنقطع صوتها كخطواتها التي كانت قد إقترب كثيراً بالفعل فعلمت هوية القادم قبل أن أستدير
إستدارت لأبصرها واقفةً أمامي بخطوتين فرمقتني بنظرات مصدومه ثم تمتمت بدهشه " إنها أنتِ " تنهدت لأومأ لها بإبتسامه جانبيه وإرتفع حاجباي إلى عنان السماء من سخريتي
" هل تعرفان بعضكما؟ " صوت إيثان الذي قاطع من خلفي جعل إبتسامتي تتصاعد أكثر فسرعان ما تمالكت أماندا تعابير وجهها ونقلت عينيها من إيثان إلى مره أخرى فإلتفتت نحو إيثان متعمده التلاعب في أعصابها " أجل..." فورما خرجت الكلمه من ثغري حتى قاطعتني هي
" نعم، في الحقيقه لقد تقابلنا في الليله السابقه في حمام المطعم وهي من ساعدتني حين سقطت وإنكسر كعب حذائي ، وحتى أنني قد نسيت أن أشكركِ لما فعلته " تقدمت بخطواتها لتقف بجواري أثناء حديثها مع إيثان ثم أدرت جسدها ليقابلني في جملتها الأخيره بإبتسامه ممتنه لتضع كف يدها على كتفي مومأه لي
كما توقعت هي لن تخدش أنوثتها بإخبار إيثان بما فعلتُه تلك الليله وكما يبدو هي تشير لي بكلماتها أن لا أتحدث، تنهدت وبادلتها إبتسامتها المتصنعه لأستدير إليها بكامل جسدي ثم تمتمت نافيه برأسي وأنا أحتضن الكتاب إلى صدري " لا بأس، صدقيني هذا لا شئ "
ربتت على كتفي مع ضحكه خفيضه تخفي خلفها مشاعرها فأدرت عيناي نحو إيثان الذي يراقب بصمت والذي بلا شك قد لاحظ الجو الغريب " عن إذنكما " أردفت بها لأعطي أماندا نظره أخيره ثم زرعت خطواتي نحو الأريكه لأجلس عليها وفتحت الكتاب على الصفحه الأولى ومن ثم بدأت بالقرأه بصمت
" إذاااً ما الذي تفعله الصغيره هنا " تخلل إلى مسامعي صوتها بعد لحظات باللكنه الألمانيه ولكي لا أفهما ولاكنني كنت أسبقها بخطوه فلقد فهمت كلماتها بسهوله
ليست أماندا وحدها من تتحدث الألمانيه فأنا أيضاً أتقنها ولاكن الفارق أنني تعلمتها بدافع الفضول ولأنه يتحدث لغه لا أفهما لذا إختياري للغه الثانيه في الدراسه كان واقعاً علي الألمانيه أما هي تعلمتها بسبب سنوات دراستها في ألمانيا وذلك كان بدافع العمل
" متدربتي" أجابها هو بالألمانيه أيضاً وللتو أدركت بأن لكنته الألمانيه أكثر جاذبيه ووقار، أطلقت أماندا ضحكه ساخره لتستطرق مستفهمه " متدربه! ومنذ متى وأنت تستقبل المتدربات لديك إيثان " حقيقتاً هذا يرضى غروري نوعاً ما لأنني متدربته الوحيده فلا أعتقد بأنه قد قبل بتدريبي فقط لأجل مارك
" لا تشغلي نفسكِ بهذه الأشياء فهذا ليس من شأنك " حين إستوعبت ما قاله في البداية ظننت بأنني قد سمعته بشكل خاطئ ولاكنني تأكدت حين سمعت زفرتها القويه وهي تتمتم " حسناً تريث إنه مجرد سؤال "
الضحكه الساخره التي إنفجرت من بين شفاهي جعلتني موقنه بأن عيناهما أصبحت مثبته على لا شيء غيري، ببطأ رفعت رأسي من الصفحه إلي جهتهما حتى إلتقط عيناي مع خاصتيهما على التوالي، تجاهلت نظرات أماندا الحارقه ورفعت كتفاي بدون مبالاة لأشير برأسي نحو الكتاب دون النبوس بحرف
تابعت القراءة دون الإكتراث للحديث الذي نشب بينهما عن العمل حتى رغم تحدثهما بالإنجليزيه، الكتاب يتألف من مائة صفحه لاكنه غير مفهوم للوهله الأولى ويحتاج إلى تدقيق وبذل مجهود أكبر في تلخيصه
مرت بضع دقائق لا تتعدى الستون وكنت أقلب الورقه السبعون بعدما أنهيتها لأطويها ثم أغلقته بعدما ألمتني عيناي ففركتهما بسبابتي وإبهاني وباليد الأخري أخرجت هاتفي من جيب الجاكيت لأطلع على الساعه التي تشير إلى العاشرة ثم أعدته
كنت أظن بأنني قد تخرجت ولن أفعل أياً من هذه التراهات مره أخرى ولاكنني كنت مخطأه، وضعت الكتاب بجواري بعدما أغلقت القلم، وإستندت على زراع الأريكه بمرفقي لأضع رأسي بين راحة يدي وفي زاويته تحديداً
لقد نزع جاكيت بزلته وها هو يجلس بقميصه ولم يكتفى بذلك فقط فلقد رفع أكمامه لتظهر عروقه البارزه والتي سأضيفها منذ الأن وصاعداً إلى نقاط ضعفي، تضرب أنامله أزرار لوحه مفاتيح الحاسوب الموضوع أمامه وتبدو عليه الجديه بإنعقاد حاجبيها المصاحبان لمعالم وجهه
في جزء من الثانيه لم أحتسبه حاد برأسه فجأه لتلتقي مقلتيه بخصتي فجفلت لأعتدل في جلستي بعد شرودي في تفاصيله
وأدقت عيناي حين رأيته يبتسم لي بشكل خطف أنفاسي فتأوهت من هول ما أراه ولم أنتظر لأبادله الإبتسامه المتوسعه والتي حاولت إخمادها قليلاً بقضمي لشفتاي
عاد هو للخلف ليسند ظهره على المقعد ثم أسند مرفقه على زراع الكرسي ورفع زراعه ليثبت إبهامه أسفل ذقنه وإرتكذت سبابته على شفتاه البسمه
صوت الطرقات المزعجه التي جعلتني أغير محور رأسي نحوها كانت صادره من أظافر أماندا التي تضرب بها خشب المكتب
ثم ما لبثت أن مدت ملف أوراق من أمامها لتقاطع نظراته فإعتدل في جلسته ليناظرها وسرعان ما تناولها من يدها ليفتحه، فإستقمت لأتحدث بثبات وانا أخطو خطواتي للأمام " سأذهب إلى المرحاض" أومأ برأسه لي ليبسط يده على قدمه
فترجلت للخارج وسرت في الرواقه لأتنفس الصعداء وتابعت السير حتى المصعد والذي أوصلني إلى الطابق الذي يسبق طابق الرئيس
ولجت من المصعد ودلفت للرواق متفحصه قاعة الموظفين تحت نظراتهم المتفحصه وكم كرهت تلك النظرات الشهوانيه الموجهه لي من قبل الذكور
أسرعت في خطواتي الواثقه نحو الشرفه التي أبصرتها عيني، وحينها لفحت نسمات الهواء البارده وجهي وتطاير شعري على عيناي فأبعدته بعدما إستوقفت جسدي أمام جدار حافتها، ومن ثم تنهدت بقوه وتركت الهواء يداعب وجهي لأستمتعه بالهدوء الذي يلفني
" الجو جميل أليس كذلك؟" صوت رجولي باغتني فإنتفض جسدي بحركه لا إراديه وإنتلقت شهقه خافته من بين شفتاي بعد شرودي، بحاجبان معقودان أدرت عيناي على الفور نحوه
ضحك الرجل الواقف على بعد مسافه مني بخفه والذي لم ألاحظه منذ أتيت و طوال فترة وقوفي " أعتذر، لم أقصد إفزاعك " إكتفيت بالإيماء مع بسمه صغيره ثم حدت برأسي نحو الأمام مره أخرى بصمت متجاهله إياه
إنطلق زفير عميق من ثغره جعلني أنظر إليه من جانب أذني " أعلم بأنني قد أبدو وقحاً ولاكنكِ جميله جداً " تمتم بإبتسامه إرتسمت على شفتاه الممتلئه نوعاً ما برجوليه، ياإلهي فيما أفكر
ادرت محور رأسي نحوه بالكامل، حسناً لن أنكر أنه وسيم للغايه! لديه عينان عسليتان اللون تحيط بهما رموش سوداء كثيفه تجعل نظراته تذيب القلوب وشعره أسود كثيف أيضاً كذقنه، ولاسيما الأسود يغطيه من كتفه حتى قدميه بإحترافيه
" يمكنك أخذ صورة ستدوم أكثر " تنحنح قائلاً مع إرتفاع طرف فمه بعدما أطلت النظر إليه أكثر من اللازم
لم أستطع منع ملامحي المستهزئه وأدرت عيناي في محجريهما بسخط هامسه ريثما أدير رأسي للجهه الأخري " لا تتفاخر بنفسك يا هذا " كان رد فعله مخلفاً لتوقعاتي فلقد ضرب صوت قهقهته الخافته مسامعي
عقدت زراعاي على صدري بإستغراب وإلتفتت إليه بكامل جسدي وحين وقعت عيناي عليه وهو يضحك لم أستطع منع إبتسامتي من الظهور، كان ليسرق قلبي لو لم يكن قد سرق بالفعل
" ما المضحك " سألته بإبتسامه جانبيه متجاهله بريق عينيه ليجيب بعدما هدأ قليلاً وببسمه " لم يحدثني أحد بهذه الطريقه من قبل " تحدث بسخريه لازعه لأهز راسي يميناً ويساراً بشفاه مزمومه
رجل مثير للإهتمام ولطيف نسبياً الرقي يسامره كما أن هيأته تفشي بأنه ذو مكانه مرموقه
تقدم نحوي بعدما كان متخشباً في أرضه ثم تحمحم نابساً بنبره جاده " أنا زين بالمناسبة ... زين مالك " لم يسبق لي أن سمعت بهذا الإسم ولاكنه ذو وقع جميل ونادر أيضاً
إرتفعت يده لينبسط كفه لي ، فرمقته بنظرات متفحصه ممتزجه بالريبه ليميل برأسه قليلاً نحو كف يده المرتفع في الهواء مشيراً نحوه.... لما هو يحاول حتى هذا لن يجدي نفعاً
فككت عقدة يداي ومن ثم رفعت يدي اليمني لأضع أناملي على راحة يده ولولا سحر عينيه لما فعلت ، تصاعدت الإبتسامه على فمه مظهره أسنانه البيضاء فطوق كفى بخاصته وإنحني مع رفعه نحو شفتيه مقبولاً إياه بنعومه بينما عيناي لا تنذاح عني
" آنسه بروسلن " شهقت بفزع عندما سمعت صياح بصوتٍ أجش عالي أحفظه جيداً وأعلم تماماً إلى من ينتمي .....
__________
__*****__
شعرت بالضيق وبحركه بطيئه تمكنت من إزالة إلتصاق جفناي بعدما إعتصرتهما وفتحت عيناي ليباغتهما الضوء لبرهه قبل أن اعتاد عليه
صوت الرنات المتتاليه التي لا تتوقف مازالت قائمه بل وإزدادت وضوحاً، فإمتعض وجههي وزفرت بحنق حين أدركت بأنه صوت الهاتف
تنهدت لأرفع جزعي العلوي وأرجعته إلى الخلف لأستند على خشب السرير ومن ثم بحثت بحدقة لعين مفتوحه والأخرى مغلقه في الغرفه وأخر ما أذكره هو موضع هاتفي
كتمت رغبتي في التثائب بصعوبه في محاوله لإبعاد النعاس ومن ثم تلمست بيداي باحثتاً بجواري على الفراش وخلف الوسادات وأسفها ولاكنني لم أجده
فإستقمت متبعه صوته وسرت في أنحاء الغرفه متفحصه إياها وانا أركز على الصوت والذي دفعني لأن اغير محور رأسي للفراش من جديد ثم تحركت بضع خطوات لأنحني على ركبتاي أمام السرير وأنزلت رأسي فجالت مقلتاي أسفله لأميز هاتفي
إنتشلته لألمح الرقم الغريب ثم وضعته على أذني لأجيب بمرحباً " هل أتحدث للآنسه تاليا بروسلن ؟ " تخلل إلى أذاني صوت إمرأه من سماعة الهاتف وهي تطرح سؤلاً بلباقه وكأنها مزيعه في إحدى البرامج التلفازيه بعدما أطرت قائلةً " يوماً سعيداً "
" أجل، تفضلي " أجبتها بإقتضابيه خفيضه محاوله إبعاد نبرتي الناعسه التي لا تخلو من بداية كل صباح، فإستطرقت المرأه" لقد إتصلت بالنيابه عن السيد إيثان كليفر لأبلغكِ بضرورة قدومك في الساعه الثامنه من الأن فصاعداً بعدما تم تعيينك كمتدربه لدي الرئيس "
صدى إسمه الموسيقى الذي صدح من ثغر المرأة جعلني أبتسم دون وعي من حقيقة بأنني قد نسيت الأمر تماماً
" آنسه بروسلن هل تسمعينني؟ " صوتها قاطع شرودي ويبدو بأنني شردت لفتره وجيزه وتناسيت حاجتها لإجابتي
فتنحنحت لأستطيع الحديث رغم حلقي الجاف وإبتلعت ماء جوفي قائلةً " نعم، حسناً شكراً لكِ، سأتي في الموعد " وأنزلت الهاتف لأطلع على ساعته والتي أشارت للسابعه فورما إنتهت المرأه من كلمة إلى اللقاء لتغلق
يدي التي وضعتها علي خصري كانت التي تحمل الهاتف والأخرى وضعتها علي جبهتي ومن ثم غيرت موضع كلتاهما لأمسك بأناملهما قلادتي ثم تنهدت لأهمس بعدما رفعتها لأقبلها ريثما أتأملها " صباح الخير أمي، هذا اليوم هو يوم مميز؛ سأتخذ فيه خطوتي الأولى للحصول على السعاده التي لطالما رغبت بتذوقها "
شعوري بالغصه تتصاعد في حلقي إستوقني ولاكنني كتمت رغبتي الجمي في البكاء وأكملت مره أخرى في محاوله لإبعاد الثقل عن صدري " أحبك أمي"
أطلقت تنهيده خافته تلتها نفس عميق يجاهد ليشعر بالراحه وأنا ألقى نظره خاطفه على أرجاء الغرفه ثم تحركت لأصعد نحو غرفتي بخطواتٍ سريعه فليس لدي متسع من الوقت
_____
" مرحباً، أنا سكرتيرة السيد كليفر التي حدثتكِ منذ ساعه، تفضلي بالولوج " ضرب صوت أنوثي أذاني فورما فتح باب المصعد لأنقل عيناي على المرأه ريثما تشير لي نحو الرواق بإبتسامه
فرسمت بسمه على شفتاي وأنا ابادلها وتقدمت منها متأمله إياها لجزء من الثانيه بجسدها الممشوق وثيابها الأنيقه مقارنه بخاصتي فأنا كالعاده إرتديت الجينز ولاكنه كان أسود مع قميص قرمزي اللون يعتليه معطف أسود كالحذاء
حدت برأسي نحو المكان متفحصه ما أمكنني رؤيته منه بينما إكتفيت بتتبعها و الإصغاء لحديثها بعدما نزعت معطفي ليتوسط كفي
" أنتِ حقاً دقيقه في مواعيدك إنها الثامنه بالضبط " قالت وهي تسدرني ريثما تسير أمامي بكعبها العالي فإبتسمت مومأه إليها بإمتنان
هي لا تعلم أصل الموضوع وبأنني كدت أتسبب في حادث بسبب سرعتي الحثيثه في القياده لأصل في الموعد
إنعطفناً مرتين لليسار وفي المره الثالثه إستدركت الباب المنشود والذي لا يحتوي الرواق سوي على غيره، فتوقفت هيا على بعد إنشات لتشير لي متمتمه بلباقه " ستكملين بمفردكِ من هنا " ثم إستدارت وقطعت خطواتها لتبتعد مغادره
تقدمت نحو الباب ورفعت يدي لأطرق عليه بإقتضابيه خافته ، الرعشه سرت في عمودي الفقري حين تخلل إلى مسامعي صوته القوي وهو يسمح لي بالدخول
بأصابعي أرجعت شعري المنسدل لخلف أذني وإبتسمت بجانبيه فورما ضغطت على مقبض الباب وولجت ببطأ وأغلقته لتتضح لي رؤية ما بالداخل
كان يقف خلف مكتبه بشموخ وبِطلَة الرقي التي لطالما صاحبته ، كل ما إستطعت تمييزه هو ظهره العريض الذي يقابلني في وقفته أمام الجدار الزجاجي
يداً يخللها في جيبه والأخرى تمسك بلفائف التبغ لتنقلها إلى شفتاه ليطوق إياها بين الحين والأخر بينما يتناثر دخانها ويطفو في الهواء حوله
أدار محور رأسه إتجاهي وإلتفت بسائر جسده مناظراً إياي بنظراتٍ ثاقبه ريثما بتأملني ونظراته لم تساعد أبداً فلقد حركت مشاعر دفينه بداخلي وأحاسيس باخعه تستوطن إياي
حاولت النظر بعيداً عن عينيه وتحاشيت رماديتيه لأتفحص هيأته في لمحه سريعه، تلك البذله الرجاليه محلية اللون ذو السروال الديق نسبياً تكاد تقسم قلبي إلى نصفين ليتحول إلى قلبين كلهما سيان في حبهم له ، وماذا عن ذاك القميص الأبيض الشبه شفاف إنه يطفي عليه بجمال لا يحتمله عقل إنسان لن أقول قلبه
نحنحته الخافته أخرجتني من منطقة اللاوعي في عقلي، فإدعيت السعال وأنا أكور قبضتي أمام ثغري ثم أردفت وانا أنظر لكل إنشٍ وزاويه في الغرفه عداه
" كنت شارده في جمال.... مكتبك "
تجاهلني مشيراً بكفه لي بطريقه أنيقه نحو إحدى المقعدين الكامنان في الأمام بينما تفصل بينهما منضضه زجاجيه صغيره وإستطرق قبل أن يجلس على الكرسي الواقع خلف مكتبه " تمتلكين ذوقً راقياً ، إجلسي "
رسمت إبتسامتي الواثقه على محياي وخطوت للأمام لأتقدم منه ثم جلست علي ذات المقعد الذي أشار إليه، وإنتقلت عيناي من علي قدماي إليه وتأملته وهو يرفع سماعة الهاتف ضاغطاً على زر قبل أن يضعه على أذنه
" أحضري قهوتي....، وكوباً من القهوه المثلجه " تمتم بصوته الدفين وألقى على نظره خاطفه قبل أن ينبس بجملته الأخيره ليضع الهاتف في موضعه مره أخرى مغلقاً الخط
" كيف عرفت؟! " خرجت الكلمات من ثغري ممتذجه بعدائيه بدون وعي ولم أستطع منع العقده التي تكونت بين حاجباي، ليس السؤال الأمثل هو كيف عرف بأنه مشروبي المفضل بل لما
" خمنت " قالها بصوته الأجش وهو ينفخ دخان سيجارته بهدوء مستفز ثم أعاد رأسه ليستند على الكرسي، إبتلعت ماء جوفي وأنا أراقبه يستنثق داخانها لرأتيه بكل أريحيه لذا فضلت الصمت وعدم السماح لأفكاري بأن تطغى على
الجو المشحون الذي أخلفه شربه للسيجاره البنيه السميكه التي تتوسط أنامله ونظراته الثابته نحوي جعلتني غير مرتاحه إلى حدٍ ما فتلك العينين لا تناظرني بطريقه عاديه فهي تقص الكثير والكثير من الحكايا الخفيه، تلك النظرات المحمله بالخبره والمعارفه أرهبتني
قاطع الصمت نبرة صوته الأجش وهو يعتدل في جلسته ليطفأ سيجارته وتلفظ مصرحاً بهدوءٍ تام " كروتين سأطرح عليكِ بعضً من الأسأله وانتِ ستجيبينني بطريقه موجزه "
قضمت شفتاي وإكتفيت بالإيماء، ليس الأمر وكأنه لا يريد سماع صوتي صحيح؟ هل أنا ثرثاره ؟ هذا رائع لقد باتت ثقتي مهزوزه بالكامل بفضله الأن إنه شخص صعب الميراث
" أريد سماع صوتكِ " هذا لم يكن صوتً من أفكاري التي تتدافع بداخل رأسي بل هو صوته الصارم والذي أزاح تلك الأفكار بعيداً ليحل محلها إبتسامه خافته ولأول مره لأنني كنت مخطئه
" حسناً ، يمكنك البدأ " أجبته بخفوت ليقاطع التواصل البصري بيننا وهو يغير محور رأسه إلى الساعه التي تتوسط معصمه حازماً وقته ، هذه الشخصيه الأكثر نضجاً ورجوليه ووسامه والأكثر جمالاً ووقاراً منه لم أعتد عليها بعد
" أي جامعه إرتدتي ؟ " سأل وكالعاده لا يزيح عيناه، فأجبت بإبتسامه تكاد لا ترى" جامعة سان دييغو وكلية العلاقات الدوليه خاصتاً " أومأ ليشبك أصابعه الشعر ثم قال مردفاً " ما هي معايير تقييمك للنجاح؟ "
" الحب " نعم أعلم أنني قلتها دون سابق إنذار مجيبه إيه ولاكنه أداق عينيه لي بترقب وهذا ما جعلني أفسر نابسه " أعني أعتقد بأن مقدار حبك للعمل هو ذات مقدار نجاحك فيه فكلما إزداد حبك كلما ازدادت قدرتك على إنجاز الأهداف والمهام "
إرتفع رأسه للأعلى برهه وإنخفص للأسفل وهله ريثما يعبث بإبهامه وسبابته أسفل ذقنه وتفاحة أدم التي تعتلي حلقه ترتفع وتنخفض برجوليه
ترك السيجاره من يده وألقاها في المطفأه لتنطفأ ثم رفع عيناه لي لينشأ بيننا تواصل بصري أخر وتمتم ببرود مخفي يتملكه حد النخاع " ما هي نقاط قوتك"
انا جيده في التحكم في ردود أفعالي ونوبات الغضب ولدي ثقة مهوله في نفسي كما أخبرني الكثيرون أن ذكائي لا يستهان به لذلك سأجيب بكلمتان تشملان كل تلك المفاهيم أسفلها " القوه العقليه "
كان يتفحصني طوال الوقت بعيناه الحادتان والتي تدرس كل شئٍ وتدقق به، كما يقولون عينان فنان متمرس، " ماذا عن نقاط الضعف " إستغرق وهله ليستكمل أخر كلمتين قالهما
ففركت يداي ببعضهما وأنا أرتجل مجيبه بشرود خافت حسناً لنرى في البدايه صوتك ثم عينيك وسائر وجهك ضحكاتك وهمساتك ولمساتك في الواقع أنت بأكملك تضعفني" ليس لدي الكثير ولاكنني لازلت عالقه في الماضي حتى بات يسامرني" هو يرمقني بطريقته الخاصه وبنظراته المذيبه لحواسي
صوت الطرقات على الباب لم تزح عيناه عني في صمتي بل أجاب بأدخل ونظره مازال مثبت في موضعه
وفي غضون ثواني كانت القهوه موضوعه على المنضضه أمامي والكوب الأخر خاصته على مكتبه بفعل الخادمه ثم إنحنت لتغادر تاركه إيانا في نفس الوضعيه قبل ولوجها
" كيف تتعاملين إتجاه مسئولياتك حتي وإن كنتِ تعانين من الضغوط النفسي أو التوتر " طرح سؤاله التالي فعقدت حاجبي لبرهه بتفكير ثم أجبته بصراحه دون تملق " سأتعامل بالطريقه المطلوبه ولاكنني أيضاً لن أغِض عن إستوقاف نفسي لأعطيها الأولوية بدلاً من الأخرين حين يتطلب الأمر "
اتذكر بأنني قد مررت بهذا من قبل في سنتي الأولى في الجامعه والتي كانت بمثابة سنتين، ضاعفت مجهود الدراسه وكنت أضغط على نفسي بقوه فقط لأستطيع توفية دروسي، شهر كامل من الدراسه دون وقت مستقطع أو راحه للحصول على سلام نفسي ريثما كان جسدي يصرخ إرهاقاً وروحي التي تخمل شيءً فشيءً وتبهت ولاكنني تجاهلت الأمر بسبب المسؤليه التي حملت نفسي بها حتى باتت على كاهلاي
فإنتهى بي الأمر بحالة يرثي لها وأصابني بكاء هستيري دون سبب حتى أنه تسبب لي في إنتكاسه دامت لفتره ليست بقصيره لذا من ذلك الحين وانا أتحاشي تحميل ذاتي فوق طاقتها حتى لا تكون النتائج عكسيه
ثبتت عيناي في خاصته لأتمتم بإستفهام مستطيله في كلماتي وانا احاول أن اقولها بأدق معنى ممكن
" ماذا عنك، انت في هذا المجال منذ سنوات عدة، هل في إحدى المرات التي إنتابتك به ضغط نفسي أو ألماً ما إستوقفت نفسك لتفتش عن سببه أو لتعالجه ولم تتغاضي عن ما بداخلك وتكتمه لتتعامل مع مسؤليتكِ ؟ "
أعلم أنه الشخص الذي يَسأل هنا وليس من يُسأل وأن سؤالي قد لا يحبذه وتفاقم الشك بداخلي حين إستقام وتقدم بخطواتٍ بطيأ وهو يلتف حول مقعدي بعد المكتب ، شعرت به يقف بجواري ومن ثم أمامي مباشرةً فرفعت عيناي لأبصره وهو يضع كف يداه على زراعاي المقعد مطوقاً إياي ثم إنحني مقترباً لتسلب أنفاسي مني
" مالذي تعتقدينه؟ " بصوته الجوهري ولكنته البريطانيه الحابسه للأنفاس تمتم بها بصوتٍ خفيض إلى حدٍ ما ، وجهه المقابل لخاصتي وعيناه الثاقبتين والتي تتفحص معالم وجهي لم تساعدني في النبوس بكلمه واحده في عاصفة المشاعر التي إنتابتني فقط من رائحة الجميله وقربه الشديد
حين لاحظت كف يده الذي إرتفع نقلت بصري إليه لأراه يعبث في خصيلات شعري به معيداً إياها إلى الخلف ليظهر عنقي فعدت بنظري إليه ففعل هو المثل بعدما شعر بنظراتي عليه وهو يهندم شعري بتركيز ، قلبي يكاد يقفز من قفصي الصدري من سرعة خفقانه وأشك بأنه يسمع نبضاته العاليه
" أجيبيني " طالب بها بصوتٍ شبيه للهمس وببحه إمتزجت بنبرته فإبتلعت لعابي لأتنفس بعمق وفتحت فمي عدة مرات في محاوله فاشله لقول شئٍ بعدما أدركت ما يرمي إليه
" ماا ذا " واجهت كلمتي الأوله صعبوبه بالغه في الترجل من خارج ثغري فهدأت من روعي مكمله" لاكن كيف..... ، لو كنت مكانك كان ليمزقني ذلك من الداخل لكانت ستكون روحي... " قاطعني مكملاً وكأنه سرق الكلمه من علي لساني لينبس بها " مجرده " وإستطرق مبتعداً ليستقيم في وقفته
فكه الذي إنقبض وكفه الذي تشكل على شكل قبضه أبرزت عروق يده كل تلك التفصيل إستطعت رؤيتها بوضوح تام ريثما نظرات رماديتاه تزداد حده
تنفس الصعداء ومسح بطرف لسانه على شفتيه قائلاً" سأطرح عليكِ سؤالاً وأنتِ بنفسك من ستجيبين على السؤال الذي طرحتيه تواً "
أومأ لأحمل كوب القوه وإرتشفت منها دفعه كبيره ثم أعدت الكوب مكانه لأعتدل متبعه إياه وهو يعود يجلس أمامي مباشرتاً واضعاً قدماً على الأخري
" ما هي أكبر مخاوفك " طرحه بهدوء بعدما توسط إحدى أقلامه الموضوعه على سطح المكتب بطريقه منظمه وبإحترافيه حرك القلم بين أنامله فأخفضت رأسي لأعبث في جاكيتي الموضوع على قدماي ورفعت حاجباي قائلةً " أكبر مخاوفي هي أن أفقد شخصاً عزيزاً على قلبي أو حتى أن أعرضه للألم دون قصد ،.....كما أنني لا أستطيع تجاوز حقيقة أن الموت دائماً ما سينتصر "
فورما أنهيت حديثي إستطرق بإقتضاب قائلاً ليجعل إياي أنظر إليه" إذاً لا تفعلي ، لا يمتلك الجميع الإختيار في إتخاذ قراراتهم .... البعض يقوم بما تمليه عليه مسؤلياته وواجباته حتى وإن كان يراه البعض تصرف قاسياً " لقد أصبحت الرؤيه واضحه لي بشكل كافي
فورما صمت فورما إستقام مره أخرى ليعود للجلوس في موضعه خلف المكتب ثم فتح إحدى أدراجه وأخرج منها كتاباً يعتليه قلم ودفتر صغير ثم وضعه على المكتب في زاوية جلوسي
ومررهم لي لأخذهم متفحصه الكتاب عن كثب، إسم الكتاب هو ' مدير الدقيقه الواحده' ويعتلي غلافه إسم الكاتب د . كينيث بلانتشارد، قلبت الكتاب بين يداي لأسدر صفحاته القليله
" يكشف هذا الكتاب عن النقاط الأساسيه لإدارة الأعمال وأيضاً يحتوي على تقديم بعضٍ من التدريبات للمرء، أمامك حتى الساعه الرابعه لتنهي قرأته وتدوين ما فهمتيه وما لم تفهميه، هاك يمكنكِ الجلوس علي الأريكه " تخلل إلى أذاني صوته النابس قبل أن أسأله عن الكتاب ثم أشار بيده للجانب في نهاية حديثه
فإستقمت لأمسك بحقيبتي الصغيره وقبل أن ألتفت تخلل إلى مسامعي صوت طرقات علي الباب تلاها صوت الباب يفتح وهتاف صوت أنوثي من خلفي
" أخبرتني ميغان للتو بأنك ألغيت إجتماع الساعه الثمنه لذا أتيت لأنافش معك بعض الأمور... " إنقطع صوتها كخطواتها التي كانت قد إقترب كثيراً بالفعل فعلمت هوية القادم قبل أن أستدير
إستدارت لأبصرها واقفةً أمامي بخطوتين فرمقتني بنظرات مصدومه ثم تمتمت بدهشه " إنها أنتِ " تنهدت لأومأ لها بإبتسامه جانبيه وإرتفع حاجباي إلى عنان السماء من سخريتي
" هل تعرفان بعضكما؟ " صوت إيثان الذي قاطع من خلفي جعل إبتسامتي تتصاعد أكثر فسرعان ما تمالكت أماندا تعابير وجهها ونقلت عينيها من إيثان إلى مره أخرى فإلتفتت نحو إيثان متعمده التلاعب في أعصابها " أجل..." فورما خرجت الكلمه من ثغري حتى قاطعتني هي
" نعم، في الحقيقه لقد تقابلنا في الليله السابقه في حمام المطعم وهي من ساعدتني حين سقطت وإنكسر كعب حذائي ، وحتى أنني قد نسيت أن أشكركِ لما فعلته " تقدمت بخطواتها لتقف بجواري أثناء حديثها مع إيثان ثم أدرت جسدها ليقابلني في جملتها الأخيره بإبتسامه ممتنه لتضع كف يدها على كتفي مومأه لي
كما توقعت هي لن تخدش أنوثتها بإخبار إيثان بما فعلتُه تلك الليله وكما يبدو هي تشير لي بكلماتها أن لا أتحدث، تنهدت وبادلتها إبتسامتها المتصنعه لأستدير إليها بكامل جسدي ثم تمتمت نافيه برأسي وأنا أحتضن الكتاب إلى صدري " لا بأس، صدقيني هذا لا شئ "
ربتت على كتفي مع ضحكه خفيضه تخفي خلفها مشاعرها فأدرت عيناي نحو إيثان الذي يراقب بصمت والذي بلا شك قد لاحظ الجو الغريب " عن إذنكما " أردفت بها لأعطي أماندا نظره أخيره ثم زرعت خطواتي نحو الأريكه لأجلس عليها وفتحت الكتاب على الصفحه الأولى ومن ثم بدأت بالقرأه بصمت
" إذاااً ما الذي تفعله الصغيره هنا " تخلل إلى مسامعي صوتها بعد لحظات باللكنه الألمانيه ولكي لا أفهما ولاكنني كنت أسبقها بخطوه فلقد فهمت كلماتها بسهوله
ليست أماندا وحدها من تتحدث الألمانيه فأنا أيضاً أتقنها ولاكن الفارق أنني تعلمتها بدافع الفضول ولأنه يتحدث لغه لا أفهما لذا إختياري للغه الثانيه في الدراسه كان واقعاً علي الألمانيه أما هي تعلمتها بسبب سنوات دراستها في ألمانيا وذلك كان بدافع العمل
" متدربتي" أجابها هو بالألمانيه أيضاً وللتو أدركت بأن لكنته الألمانيه أكثر جاذبيه ووقار، أطلقت أماندا ضحكه ساخره لتستطرق مستفهمه " متدربه! ومنذ متى وأنت تستقبل المتدربات لديك إيثان " حقيقتاً هذا يرضى غروري نوعاً ما لأنني متدربته الوحيده فلا أعتقد بأنه قد قبل بتدريبي فقط لأجل مارك
" لا تشغلي نفسكِ بهذه الأشياء فهذا ليس من شأنك " حين إستوعبت ما قاله في البداية ظننت بأنني قد سمعته بشكل خاطئ ولاكنني تأكدت حين سمعت زفرتها القويه وهي تتمتم " حسناً تريث إنه مجرد سؤال "
الضحكه الساخره التي إنفجرت من بين شفاهي جعلتني موقنه بأن عيناهما أصبحت مثبته على لا شيء غيري، ببطأ رفعت رأسي من الصفحه إلي جهتهما حتى إلتقط عيناي مع خاصتيهما على التوالي، تجاهلت نظرات أماندا الحارقه ورفعت كتفاي بدون مبالاة لأشير برأسي نحو الكتاب دون النبوس بحرف
تابعت القراءة دون الإكتراث للحديث الذي نشب بينهما عن العمل حتى رغم تحدثهما بالإنجليزيه، الكتاب يتألف من مائة صفحه لاكنه غير مفهوم للوهله الأولى ويحتاج إلى تدقيق وبذل مجهود أكبر في تلخيصه
مرت بضع دقائق لا تتعدى الستون وكنت أقلب الورقه السبعون بعدما أنهيتها لأطويها ثم أغلقته بعدما ألمتني عيناي ففركتهما بسبابتي وإبهاني وباليد الأخري أخرجت هاتفي من جيب الجاكيت لأطلع على الساعه التي تشير إلى العاشرة ثم أعدته
كنت أظن بأنني قد تخرجت ولن أفعل أياً من هذه التراهات مره أخرى ولاكنني كنت مخطأه، وضعت الكتاب بجواري بعدما أغلقت القلم، وإستندت على زراع الأريكه بمرفقي لأضع رأسي بين راحة يدي وفي زاويته تحديداً
لقد نزع جاكيت بزلته وها هو يجلس بقميصه ولم يكتفى بذلك فقط فلقد رفع أكمامه لتظهر عروقه البارزه والتي سأضيفها منذ الأن وصاعداً إلى نقاط ضعفي، تضرب أنامله أزرار لوحه مفاتيح الحاسوب الموضوع أمامه وتبدو عليه الجديه بإنعقاد حاجبيها المصاحبان لمعالم وجهه
في جزء من الثانيه لم أحتسبه حاد برأسه فجأه لتلتقي مقلتيه بخصتي فجفلت لأعتدل في جلستي بعد شرودي في تفاصيله
وأدقت عيناي حين رأيته يبتسم لي بشكل خطف أنفاسي فتأوهت من هول ما أراه ولم أنتظر لأبادله الإبتسامه المتوسعه والتي حاولت إخمادها قليلاً بقضمي لشفتاي
عاد هو للخلف ليسند ظهره على المقعد ثم أسند مرفقه على زراع الكرسي ورفع زراعه ليثبت إبهامه أسفل ذقنه وإرتكذت سبابته على شفتاه البسمه
صوت الطرقات المزعجه التي جعلتني أغير محور رأسي نحوها كانت صادره من أظافر أماندا التي تضرب بها خشب المكتب
ثم ما لبثت أن مدت ملف أوراق من أمامها لتقاطع نظراته فإعتدل في جلسته ليناظرها وسرعان ما تناولها من يدها ليفتحه، فإستقمت لأتحدث بثبات وانا أخطو خطواتي للأمام " سأذهب إلى المرحاض" أومأ برأسه لي ليبسط يده على قدمه
فترجلت للخارج وسرت في الرواقه لأتنفس الصعداء وتابعت السير حتى المصعد والذي أوصلني إلى الطابق الذي يسبق طابق الرئيس
ولجت من المصعد ودلفت للرواق متفحصه قاعة الموظفين تحت نظراتهم المتفحصه وكم كرهت تلك النظرات الشهوانيه الموجهه لي من قبل الذكور
أسرعت في خطواتي الواثقه نحو الشرفه التي أبصرتها عيني، وحينها لفحت نسمات الهواء البارده وجهي وتطاير شعري على عيناي فأبعدته بعدما إستوقفت جسدي أمام جدار حافتها، ومن ثم تنهدت بقوه وتركت الهواء يداعب وجهي لأستمتعه بالهدوء الذي يلفني
" الجو جميل أليس كذلك؟" صوت رجولي باغتني فإنتفض جسدي بحركه لا إراديه وإنتلقت شهقه خافته من بين شفتاي بعد شرودي، بحاجبان معقودان أدرت عيناي على الفور نحوه
ضحك الرجل الواقف على بعد مسافه مني بخفه والذي لم ألاحظه منذ أتيت و طوال فترة وقوفي " أعتذر، لم أقصد إفزاعك " إكتفيت بالإيماء مع بسمه صغيره ثم حدت برأسي نحو الأمام مره أخرى بصمت متجاهله إياه
إنطلق زفير عميق من ثغره جعلني أنظر إليه من جانب أذني " أعلم بأنني قد أبدو وقحاً ولاكنكِ جميله جداً " تمتم بإبتسامه إرتسمت على شفتاه الممتلئه نوعاً ما برجوليه، ياإلهي فيما أفكر
ادرت محور رأسي نحوه بالكامل، حسناً لن أنكر أنه وسيم للغايه! لديه عينان عسليتان اللون تحيط بهما رموش سوداء كثيفه تجعل نظراته تذيب القلوب وشعره أسود كثيف أيضاً كذقنه، ولاسيما الأسود يغطيه من كتفه حتى قدميه بإحترافيه
" يمكنك أخذ صورة ستدوم أكثر " تنحنح قائلاً مع إرتفاع طرف فمه بعدما أطلت النظر إليه أكثر من اللازم
لم أستطع منع ملامحي المستهزئه وأدرت عيناي في محجريهما بسخط هامسه ريثما أدير رأسي للجهه الأخري " لا تتفاخر بنفسك يا هذا " كان رد فعله مخلفاً لتوقعاتي فلقد ضرب صوت قهقهته الخافته مسامعي
عقدت زراعاي على صدري بإستغراب وإلتفتت إليه بكامل جسدي وحين وقعت عيناي عليه وهو يضحك لم أستطع منع إبتسامتي من الظهور، كان ليسرق قلبي لو لم يكن قد سرق بالفعل
" ما المضحك " سألته بإبتسامه جانبيه متجاهله بريق عينيه ليجيب بعدما هدأ قليلاً وببسمه " لم يحدثني أحد بهذه الطريقه من قبل " تحدث بسخريه لازعه لأهز راسي يميناً ويساراً بشفاه مزمومه
رجل مثير للإهتمام ولطيف نسبياً الرقي يسامره كما أن هيأته تفشي بأنه ذو مكانه مرموقه
تقدم نحوي بعدما كان متخشباً في أرضه ثم تحمحم نابساً بنبره جاده " أنا زين بالمناسبة ... زين مالك " لم يسبق لي أن سمعت بهذا الإسم ولاكنه ذو وقع جميل ونادر أيضاً
إرتفعت يده لينبسط كفه لي ، فرمقته بنظرات متفحصه ممتزجه بالريبه ليميل برأسه قليلاً نحو كف يده المرتفع في الهواء مشيراً نحوه.... لما هو يحاول حتى هذا لن يجدي نفعاً
فككت عقدة يداي ومن ثم رفعت يدي اليمني لأضع أناملي على راحة يده ولولا سحر عينيه لما فعلت ، تصاعدت الإبتسامه على فمه مظهره أسنانه البيضاء فطوق كفى بخاصته وإنحني مع رفعه نحو شفتيه مقبولاً إياه بنعومه بينما عيناي لا تنذاح عني
" آنسه بروسلن " شهقت بفزع عندما سمعت صياح بصوتٍ أجش عالي أحفظه جيداً وأعلم تماماً إلى من ينتمي .....
__________
Коментарі