| مقدمة |
الجزء الأول
الجزء الثاني
الجزء الثالث
الجزء الرابع
الجزء الخامس
الجزء السادس
الجزء السابع
الجزء الثامن
الجزء التاسع
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
الجزء السادس
" أتيتي حزناً ورحلتي ألماً وانا هنا أتخبط بين الحزنِ والألمِ "

*******

خطوه إثنتين ثلاث وبدأت الرؤيه تتضح شيءً فشيأً اللون الأبيض يقابل مرمي بصري بينما تتابع عيناي التحديق في محاولة إدراك أحدٍ أو حتى شئٍ عدي هذا البياض الشاسع

ضباب إسترمي عيناي من بعيد فتقدمت خطوتين للتأكد أن ما أراه ليس بوهم، تحول في وهله لجسد إمرأة تقابلني بظهرها ذات شعر بني فقط كخاصتي فستان أبيض طويل يتطاير في الهواء ... أمي

ضاقت عيناي بدهشه مطلقه ممتزجه بمعالم الصدمه التي إستوطنت وجهي ؛ تقدمي المفاجأ ناحيتها كان عنوةً عني خطواتيٍ الواسعه وهرولتي جعلتها تنتبه لي

فإلتفتت إلى لتتضح ملامح وجهها باسم الثغر وحينها لم أستطع الإستمرار في السير وتسمر جسدي متخشباً فورما وقع بصري عليها وتأكدت من هويتها، تلك الإبتسامه التي إستبدلتها ببثمه صغيره وهي تحدق بي

ذلك النور المشع من جسدها وكأنها ملاك الحسن وذاك البريق الذي يلمع من بعيد من عينيها جعل الدموع تتدفق من عيناي على وجنتاي، الطريقه التي إمتدت بها يدها عالياً لتبسطها على إستقامتها مشيره لي بالولوج نحوها فطرت قلبي بشده

تحركت شفتاي بشكل عكسي وطردي وأنا أنطق بكلمة أمي، لست أدري ماذا يحدث ولاكنني لم أسمع شيئاً فلم يخرج من ثغري أي صوت رغم أنني تحدثت وتفاقم الثقل الذي يطوق صدري ويطبق عليه

تكونت عقده طفيفه بين حاجباي وأنا أحاول قول شئٍ ولاكن دون فائده لا يُخرج لساني أي صوت، بيداي مسحت على عنقي بتشتت شديد وأنا أبتلع ماء جوفي، هذا غير منطقي بتاتاً

فجأه وبدون سابق إنذار دفعني أحدهم بقوه فتهاويت أرضاً لأرتطم بعنف في الأرض، إستندت على زراعاي وإستدرت سادره شخصاً ملثم يرتدي عبائه سوداء اللون تغطي جسده بأكمله بالإضافة إلى الهاله السوداء التي تحيطه ولم أستطيع رؤية ملامح وجهه ذكراً كان أم أنثي

إقترب مني رويداً رويداً فما كان مني سوي التراجع للخلف بعدما جفلت " النجده.... ساعدوني..... النجده " تلك العبارات ترددت في عقلي وحتى تحرك بها لساني لينطقها ولاكنها لم تصدر صوت

زحفت للوراء في محاوله فاشله للهرب ولكنني إصتدمت بشئ صلب في تلك اللحظه فأدرت محور رأسي بسرعه حثيثه لأبصر حذايء ومن ثم قدمين لشخص أمام عيني يغطيه الأسود

فرجت عيناي بجحود من هول ما رأيته حين رفعت رأسي للأعلى ووقعت عيناي عليه.... بينما تجمدت الكلمات في حلقي، كانت الدماء تسيل من رأسه بغزاره وتتدفق على طول زراعيه وثيابه، ريثما يتخلل عينيه السواد القاتم ويغمرها شئً فشئً

لم أجرء على متابعة النظر وتحمل هكذا مظهر وصرخت بإسمه بفزع " إيثاااان "

.
.
.

فتحت عيناي لأستيقظ بفزع ريثما كانت الصرخات تتدافع من ثغري قبل أن أصحو من هذا الكابوس، إستندت بجزعي العلوي علي ثقل السرير ومن ثم وضعت يدي على قلبي لأحاول إبطاء سرعة نبضاته وأنفاسي المتلاحقه


شكله شديد الرعب المهيب أشعرني أن مكروهاً قد أصابه ودب الرعب في أوصالي خوفاً من أن كان قد أصابه مكروه

بيدي الحره مدت إياها أسفل وسادتي لأبحث عن هاتفي بعشوائيه حتى وقع في يدي لأنتشله ومن ثم فتحته ليباغت ضوئه عيناي ؛ مسحت على وجههي بخفه وإكتفيت بالرمش بسرعه لأعتاد على ضوء الهاتف ، وتفحصت الأرقام المكتوبه أعلى الشاشه يساراً، والتي تشير إلى الرابعه والخمسين دقيقه

بنظره خاطفه رمقت النافذه لأدرك بأن الشمس مازالت لم تشرق بعد، وتنهدت لأبعد الغطاء عني لأستقيم ثم رفعت الهاتف بيد وباليد الأخري أرجعت شعري المتناثر للخلف

بحركه سريعه من أناملي بحثت عن رقم أنور في جهات الإتصال لأضغط على إتصال، " مرحباً يا قائده" أتاني رده بعد بضع رنات مجيباً بنعاس بعدما إستيقظ ليجيبني كالعاده

" مرحباً، ما الأخبار " تمتمت بهدوء ريثما أختصر الحديث بقدر المستطاع... ، ما يعجبني في أنور عدي خفة ظله وروحه الحماسيه هو أنه فتى عبقري رغم انه مازال في السابعة عشر من عمره فقط، ذكي للحد الذي يُمَكنه بكل سهوله من إختراق أي موقع او أي جهاز وكاميرات المراقبه

وكان نقطه لصالحي أن أضمه إلى صفي منذ خمس سنوات بعدما أدركت الإمكانيات والمحفزات التي يمتلكها لمساعدتي ، فبفضله تمكنت من تعقب إيثان ومعرفة معظم تحركاته ونشاطاته طوال كل تلك السنوات

 
صوته تردد من الجهه الأخري وهو يتزمر بعدما تثائب بنعاس " جيد، لا بأس بس" طوقت خصري بزراع وتنهدت فلست بمزاجٍ جيد على الإطلاق " لست أسأل عنك بل عنه " صرحت مصححه مقصدي بصوتٍ مستكين

فتنحنح بحرج ليردف بإقتضابيه ممتذجه بالجديه " إعذريني، سأرسل لك جميع المستجدات " إكتفيت بإيمائه صغيره وكأنه يراني وأردفت بحسناً لأغلق الهاتف ومن ثم قادتني قدماي نحو خزانة الملابس وجُل ما يجول في رأسي هو إزالة تلك الغمامه الكئيبه بعيداً عني

بأناملي جلت على بعضٍ من ثيابي وأنا أبحث عن بيجامه رياضيه مناسبه لأرتديها حتى إنتشلت واحده ووضعتها على طرف الفراش، ربما بعض الهواء النقي قد يهدئ من روعي قليلاً ويزيل هذا التوتر مجهول المصدر

أمسكت بطرف قميصي الحريري بأصابع يدي ومن ثم رفعته لأنتزعه من أعلى رأسي ثم هندمته ووضعته على السرير لأحمل البنطال الأسود بدلاً عنه ومن ثم إرتديته وتلته حمالة الصدر الرياضيه وإكتفيت بربط الجاكيت الخاص بهما على خصري ليطوقه وبخفه فتحت إحدى الأدراج وأخرجت منها ساعتي الذكيه لأرتديها حول رثغي ثم رفعت شعري على شكل زيل حصان لكي لا يعيقني

صوت الرساله الذي دوى من هاتفي منذ خمس دقائق جعلني ألتف حول الفراش لأحمل هاتفي من علي الوساده وبدأت بتصفح الفيديو المباشر الذي ظهر بعدما ضغطت على الرابط

تأملت هيأته بينما يجلس على كرسي مكتبه حاملاً كأسً من النبيذ بيد والبيد الأخري يمسك قملاً ويدون شئً في ورقه أمامه، دقة الكاميرا لم تكن كافيه بالقدر الكافي لرؤية تحركات يده المظلله

لذلك بإبهامي وسبابتي صغرت منظار الكاميرا من شاشة هاتفي حتى أصبحت مركزه على يديه والتي إوضحت ليه بأن حركات أنامليه ليست بكتابه فلقد كان يحرك القلم للأعلى والأسفل في حركات متقنه وكأنه يرسم

تابعت سحب الشاشه للأسفل ليتضح لي صدره العريض ومن ثم ثبتتها على وجهه أحاول دراسة ملامحه المنمقه وبتأمل شديد لوسامته

سقط الهاتف من يدي بتلقائيه فورما رفع عينه ليثبتها على الكاميرا وفي عيني من علي بعد أميال لجزء من الثانيه ؛ هل إكتشاف أمري؟ أم أنها فقط محض صدفه حثيثه

جثوت أرضاً بعدما إنحنيت لأحمل هاتفي عن الأرض ومن ثم قلبته لأناظر شاشته فعقدت حاجباي بإستغراب شديد بعدما ملت براسي قليلاً ، هو غير موجود ولا يوجد أثر له فيبدو بأنه غادر وذلك ما دفعني لأن أغلق الهاتف وألقيه على الفراش وإندفعت لأهبط إلى الأسفل

___

توقفت أمام الباب بعد وقت ومسافه كلاهما سيان في الطول ربما إستغرقت ما يتعدى الساعه حتى أن الشمس قد أشرقت بإستحيائها على الملأ ، صدري يتعالي ويتهابط بعنف بسبب رأتاي التي تطالب بالأكسجين، طوال فترة ركضي كنت أحاول الإسترخاء وتصفية ذهني تماماً ولقد نجحت في ذلك بالفعل

كانت مخيلتي متوقفه ريثما عقلي فارغ من جميع الأفكار ولأول مره منذ زمن بعيد أشعر بهكذا طمأنينه ونشاط ربما فسابقاً نادراً ما كنت اخرج الركض فلم اكن اعلم بأنه هكذا مفيد

تنفست الصعداء وسرت لألج للداخل وإتجهت نحو المطبخ مباشرةً بعدما جف حلقي من عطشي الشديد
، خطت قدماي المطبخ لأبصر بعض الخادمات ريثما يحضرن الطعام فتفحصتهم بسكون حتى تعرفت على إحداهن وخاصتاً تلك الفتاة التي قد عاملتها بطريقه سيئه يوم أمس


إنتقلت مقلتاي من عليها إلى الفتاة التي أسرعت نحوي بعدما أدركتني لتهتف بإحترام منحنيه " تفضلي يا آنسه " فصرحت لها على الفور بحاجتي للماء وما كان منها سوي أن أسرعت في إحضاره

حاد بصري نحو إلين التي إرتبكت ولم تزح عيناها من علي الأرض سرعان ما لاحظتي، بينما كان صوت المياه تتدفق إلى الكوب هو كل ما شغر الوسط بعدما صمت الجميع أثر وجودي وبدأن يراقبونني في صمت ، أعطتني الخادمه كوب الماء الكبير فأرجعته لها بعدما أنهيته

وكدت أغادر لولا صوت طرقات الحذاء ذو الكعب العالي التي جعلتني أستدير لأرمق المرأه العجوز التي تتقدم نوى والتي سرعان ما إنحنت بعدما أصبحت قربي سادره " مرحباً آنسه تاليا لم تسنح لنا الفرصه لنتعرف ، أنا كبيرة الخدم هنا وأدعي أندريا " إنتهت من حديثها ذو اللكنه الإنجليزيه الغريبه والتي أكدت لي بأنها ليست بريطانيه أو حتى أمريكيه

بدلتها الإبتسامه الصارمه خاصتها والتي حاولت هي أن تجعلها ودوده بقدر كبير ولاكنه فقط بدت غريبه ثم أومأت ببسمه مصتنعه لأجاملها " تشرفت بمعرفتك "

نقلت بصري بلمحه خاطفه نحو الخادمات التي بدأت بعضهن يتهامسن فلاحظت المرأه الدعوه بأندريا نظراتي لتسدير برأسها هي الأخري 

وسرعان ما صاحت بقوه بكلمات بدت كالأسبانيه للخدمات لأنتفض من مكاني لبرهه فإنحنت الخادمات ليصتف جميعهن منزلات رؤسهن للأسفل ، هذه المرأه مخيف كاللعنه ما بالها

عاودت اندريا نظرها إلى لتردف من جديد ببسمه وكأنها لم تكن تصرخ منذ قليل بطباع حاده " هل يمكنني مساعدتك في شئ؟ " أخفضت بصري للأسفل لوهله في تفكير ثم عاودت النظر إليها مردفه بإبتسامه جانبيه " في الواقع أجل " ومن إقتربت لأهمس بجوار أذنها بعبارات قليله لتومأ لي على الفور

فسرت لأسير لخارج المطبخ قاصده ومتجهه نحو الحديقه بعدما أمرتها بأن تطلب من إلين اللحاق بي للحديقه وكما أردت بعد لحظات شعرت بها تقف خلفي فإلتفتت إليه متنهده ببسمه بينما هي كانت تطالعني بترقب تاركه مسافه ليست بكبيره بيننا

تقدمت نحوها لأصرح متمته بنبرتي الهادئه وسمحت لكف يدي بأن يستقر على كتفها، أعلم أن ما حدث بيننا سابقاً لم يكن محبباً وأنا هنا الأن لتصحيح الأمور فأنا لست من ذلك النوع المتغطرس الذي يتلذذ بإهانة الأخرين والتصرف معهم بحقاره  " إسمعي لن أطيل الأمر.... أنا حقاً لا أجيد الإعتذار ولا التبرير حتى، لذا إسمحي لي بتوضيح بعض الأمور التي أوقن بأنها ستجعلك تغفرين لي الطريقه السيئه التي عاملتك بها "

مِلت برأسي قليلاً محافظة على إبتسامتي ثم إستطرقت مكمله في محاوله لإبعاد التوتر عن الوسط " والدتي ... والتي رحلت عن هذا العالم..... كانت تحمل ذات إسمك إيلين ، لذلك حين سمعت إسمك لا أعلم ما حل بي حينها... "

كدت أكمل حديثي رغم ظهور الإختناق في معالم صوتي إلى أنها قاطعتني ببسمه وببريق عينيها
" أفهمكِ آنسة تاليا " فبادلتها متمته بإمتنان " اعتقد بأننا سنصبح صديقات ما رأيك؟ " فإبتسمت بإتساع معبره " بالطبع " اومأت وأنهيت وقفتنا بغمزه لها وانا اربعت على كتفها ثم تركتها لأسير صعوداً نحو غرفتي بسبب حاجتي الجمي في الإستحمام

____

بعد نصف ساعه هبطت درجات السلم بوقار بعدما إنتهيت من تغيير ثيابي إلى ثياب مريحه ومشطت شعري والسبب الرئيسي أتي بعد سماع صوت طرقات الخادمه وهي تعلمني بأن مارك في إنتظاري على مائدة الطعام للإفطار

خطت قدماي عدة خطوات أخرى وأبصرت الطاوله ومارك يترأسها في المقعد الرئيسي فسرت ناحيته متخطيه إياه وتقدمت من الكرسي الذي يجاوره متعمده الجلوس في مقعد أمي، " صباح الخير " نبست بها ومن ثم حدت برأسي نحوه لألاحظ نظره السابق نحوي بالفعل وإنتقال مقلتيه من علي للكرسي

وسرعان ما أخفض رأسه ليناظر طبقه ممسكاً بالشوكه والسكين ليغرزهما في قطعة الجبن مردفاً دون النظر إلى بصباح الخير، فتنحنحت لأبدأ بتناول الطعام بدوري؛ أتمنى لو لم يكن هذا الجو المتوتر بيننا موجوداً

انا ومارك لم نعد كالسابق ابداً رغم اننا كنا على تواصل بين الحين والأخر، وكان كلما زار لوس أنجلوس يأتي لزيارتي

إلى أنني لم أنسى أياً مما فاعله ولم امحوه من ذكرتي وأعتقد بأنني حتى وإن سامحته لن أنسى شيئاً وسيظل راسخاً في ذهني دائماً

أتذكر بأنني في إحدى المرات حاولت مسامحته والماضي قدماً ولاكنني لم أستطع فلقد حرم لساني على أن أنطق بكلمة أخي دوناً عن مارك فكل شيء نابع بدون إرادتي

صوت إحتكاك السكاكين والأشواك بالأطباق كان ما يعم الوسط وهذا ما دفعني لأبتلع الطعام الذي بفمي لأتمتم بجديه جاذبه إنتباهه لي " إذاً مارك، أنت تعلم بأنني أنهيت دراستي للتو وتخرجت من الجامعه لذا كنت أفكر بتولي زمام بعض الأمور في الشركه... تعلم ربما بعضً من أسهمي"

ريثما يراقبني بتفحص ظهرت إبتسامه صغيره على محياه ليومأ مصرحاً بجديه " بالطبع هذا رائع ، يمكنك البدأ في أي وقت " لما يبدو وكأنه يهتم لأمري! فالطريقه التي يتصرف بها معي وكأنه بريئ أغضبتني بشده ولاكنني دفعت افكار إلى الخلف لأجيبه بهدوء ممتزج ببرود لم أستطع إخفائه

" أنت تعلم أن إدارة الشركات وكل تلك الأشياء أمر لا يستهان به وأنا ليس لدي الكثير من الخبرات في هذا المجال لذلك أفضل الحصول على منحه للتدريب لدي شخص لديه خبرات كافيه في إدارة الأعمال قبل إتخاذ أي خطوه " توقفت لإستنشاق الهواء بالقدر الكافي بعدما أطلت في تفسيري

فعاد مارك للخلف ليستند بظهره على الكرسي بعدما مسح فمه بالمنديل معلناً عن إنتهائه ريثما كنت أتحدث ثم قال بتفحص شديد " أكملي "

أومأت برأسي قليلاً مجييه إياه بعدما تنهدت " لقد فكرت مراواً ولم أجد شخصاً أكثر كفائه من إيثان للإعتماد عليه في ذلك" أنهيت حديثه لألاحظ العقد التي تكونت بين حاجبي مارك وهو يناظرني بإستغراب لبرهه ثم طرح سؤاله مستفسراً " إيثان من؟ "

إنطلقت ضحكه ساخره من ثغري أخفيتها ببراعه متخذه شكل تنهيده لأبتلع لعابي بحاجبين مرفوعين وأنا أدير عيناي لوهله ثم عاودت تثبيتها عليه لأنبس متعمده ذكر إسمه ثلاثي كنوع من انواع الإستهزاء ببطأ " إيثان أنطونيو كليفر "


ثواني ومسح مارك بكف يده على وجهه ليومأ مردفاً بصرامه " حسناً، سأتحدث معه بهذا الشأن " وإنتهي بغمزه لي ليستقيم مغادراً بخطواتٍ سريعه

أدرت مقلتاي في محجريهما بإبتسامه تتصاعد بداخلي ثم تنهدت لأسند رأسي علي حافة الكرسي  وأغمضت عيناي

____

ها أنا الأن أقف أمام المرأة بينما اصفف خصل شعري بهدوء وتأمل شديد في إستعدادي لمقابلة مارك القادمه بعدما إتصل ليسألني ما إن كنت متفرغه لتناول الطعام معه وأنا قد وافقت وسبب من الأسباب هو رغبتي في معرفة رد إيثان

لقد كانت السويعات القليله الماضيه جيده للغايه فلقد أعادت لي الكثير من الذكريات واللحظات الرائعه مع سام بعدما قضينا معظم اليوم في قضاء وقتٍ رائع في النهايه أودي بنا لنومٍ عميق من فرط التعب

بيدي هندمت سترتي السوداء وحِدت بجسدي للجانب لأتفحص إياه أمام المرأة وأنا أعتدل في وقفتي مبرزه مفاتني أكثر ومسحت بيدي على بنطالي الجينز وكأنني أثبتها بينما تدور عيناي على ثيابي البسيطه والرقيه أيضاً

أعتقد بأنني بتت جاهزه الأن للمغادره رغم أنني لم استغرق سوي نصف ساعه فقط وهذا يعد وقتاً قياسياً؛ أولست محقه؟

إلتفتت لأنظر نحو سام النائمه بعمق بطريقه عشوائيه على الفراش بفاه فاغر ثم تقدمت من الدرج وفتحته لأحمل ورقه وقلم وبسرعه دونت عليها بضع كلمات أخبرها بأن تطلب من السائق أن يوصلها ما إن أرادت الرحيل ثم وضعتها علي الطاوله بجوارها، وبخطواتٍ واسعه قطعت طريقي نحو الأسفل فأخر ما أريده هو التأخر

جلست في السياره فورما خرجت من الباب على الفور صاعده بها، وبأصابع يدي التي إلتفت حولها بعض الخواتم الذهبيه كالساعه فتحت برنامج تحديد الموقع لأدون المكان المنشود ثم بدأت في القياده رغم كل ما يجول بخاطري

لم يكن المطعم بعيداً ابداً فقط عدة دقائق وأوقفت السياره أمامه لأترجل منها متفحصه فخامة المطعم والذي بالطبع ينتمي إلى سلسة مطاعم عائلتنا التي لا تحصي

كان المدير في إنتظاري والذي لم أدركه سوي وهو يندفع نحوي بإبتسامه واسعه ليعرفني عن نفسه ومن ثم أخذني نحو أفضل طاوله ليجلسني عليها بنفسه بعدما رحب بي بصدر راحب

بينما مرت الساعه الكامله في ملل محدق لتشير للعاشرة مساءً، ورغم كرهي لتأخر أحدهم على موعد ما إلى أنني تابعت إنتظاره لفتره طويله شربت فيها كأسان من شراب القهوه المثلجه وكدت اهم بالرحيل لولا شعوري بجلوس أحدهم على الطاوله فنظرت نحوه

ولم أستطع السيطره على نبرتي الجامده والممتزجه بالغضب سادره " لماذا تأخرت! " فوضع مارك هاتفه على المنضضه وناظرني مبرراً " أعتذر كان لدي عمل"

كيف لم ألاحظ ذلك.... بالطبع عمله أهم مني ككل تلك المشاعر المنمقه خاصته، حقيقتاً ما يؤلمني هو أن أياً من هذا لا يهمه وإن كان كذلك وهو يعلم بأمر عمله لما دعاني رغم ذلك فهذا مهين كالجحيم رغم أنني أبقى كل مشاعري سطحيه

إكتفيت بمراقبته وهو يشير للنادل ليدلي له بطلبه وطلبي مقرراً نيابة عني وطوال المده التي إستغرقها الطعام، أتى النادل ليضعه أمامنا لأنقل نظري نحو اطباق اللحم والمعكرونه وبدأت بتناول الطعام

هو قد لاحظ نظراتي المشتعله ورمقاتي الحاده لأنه تنحنح مغيراً الموضوع بعدما طال صمتي في المقابل " لقد وافق" تفحصته بعيناي ومن ثم تمتمت لأتأكد من مقصده " من الذي وافق "

نظر لي لوهله ثم ملأ شوكته وعاود النظر لعيناي رافعاً كتفه بعدم مبالاه وبسخريه هتف مقلداً إياي
" إيثان أنطونيو كليفر " ثم وضع الشوكه في فمه تحت نظراتي الساخره


وقبل أن أجيبه بشئ نقلت عيناي لقطرات الماء التي ترتطم بالرصيف بقوه متزايده لأترك الشوكه من يدي وإبتلعت ماء جوفي بعدم تحبيذ لما سيحدث قريباً من أمطار غزيره

" إذاً هل يعجبك الطقس؟ " سؤال مارك الذي تردد فجأه جعلني ألتفت إلىه بعقده بين حاجباي، هل هو يمزح معي، هل هذه سخريه من نوعٍ ما؟ لقد طفح الكيل حقاً كيف لي أن أظن بأنني قد أتعايش مع وضع كهذا

إرتفع طرف فمي لأضحك بصخب ثم توقفت لأنبس بإنفعال خافت " هل أنت جاد "

ثم أخفضت عيناي بينما يرتفع رأسي للأعلى والأسفل بشكل خافض وكأنني أثبت لنفسي شيئاً، تنفست الصعداء ثم عاودت النظر إليه لأردف بإبتسامه لا تليق بالموقف " لقد أصبحت علاقتنا بهذا السوء الشحيح وأتعلم لماذا ؟ "

إختفت إبتسامتي تدريجياً وإحتلت مكانها النظرات البارده والتي لا تخلو من الحده " منذ موت أمي وأنت رحلت وتركتني عندما كنت الشخص الوحيد الذي أحتاج إليه وعندما عدت فعلتها مجدداً وأخذتني من يداي هاتان" لم أستطع السيطره على إنفعالي حين ضربط الطاوله بقوه بقبضتا يدي فورما ذكرتهما

ولاكنني تابعت والشرار يتطاير من عيناي بغير إكتراث لنظرات الناس الفضوليه" لقد كنت في الثالثه عشر من عمري حينها قلت بأنك ستشرح لي كل شئ ولاكنك لم تفعل، فإذ لم أكد أبصرك وأنت تأخذني وتضعني في مدرسه داخليه وتركتني بمفردي في بلدٍ غريبه وحدث ذلك في الثانويه وحتي في الجامعه"


كان يتحاشي النظر لي بين الحين والأخر ثم فجأه ثبت نظره لي مصرحاً " هذا ليس المكان المناسب للحديث بهذا " قالها ببساطه وكأن الأمر لا يعنيه قط هو يخاف علي شكله أمام الجميع والذي باتو يناظروننا الأن بسبب صوتي العالي ولاكنني لا أعبأ

إبتسمت بحسره لأخفي الدمعه التي سقطت من اهدابي وبسرعه ازلتها قبل أن يلاحظ لأتماسك مستطرقه وتعمدت الاستطاله في كلماتي " أنا لا ألومك.... فكما يقولون.... الأبن كأبيه " كيف سيكون شعوك وأنت تفرج عن كلمات كانت تتدافع برأسك لسنوات

إستقمت دون إنتظار إجابته وزرعت الأرض بخطواتي السريعه لأخرج من هذا المكان قبل أن أجهش بالبكاء أمام أحد وأبدو ضعيفه  

إمتزجت قطرات المطر بالتي تتساقط ببعضها بعنف على وجهي وثيابي التي باتت مبتله بالكامل بينما تجول قدماي منذ دقائق شوارع لندن دون وجهه محدده في هكذا جو

فقط انا وأفكار المبعثره التعيسه نجول الشوارع والأزقة التي قلتاً ما أجد أحداً بسير بها ومجنون من سيخرج في هكذا جو ويسير دون إكتراث لبرودة الجو عداي، إصتقت أسناني ببعضها بعنف دليلاً بأنني لم أعد استطيع تحمل البرد الشديد فملتبسي ليست بذاك الثقل كما أنها مبتله ولا تساعد


وهنا كان على التراجع والعوده للمنزل مع أول سيارة أجره قابلتني على الرصيف وأيضاً بسبب قدماي التي تكاد لا تحملاني، لم يستغرق السائق الكثير من الوقت ليوقفني أمام سيارتي المركونه أمام هذا المطعم المشئوم فما كان مني سوي أن شكرته قبل أن اترجل

__

وصلت للمنزل بعد عناء بسبب الضباب والمطر الشديد الذي أعاقني، ودلفت لخارج السياره لتلفحني نسمات البرد الساقعه ثم تحركت بخطواتٍ واسعه متجاهله ارتعاش جسدي الخفيض وبيدي المبتله طرقت الباب عدة مراتٍ كل طرقه تسابق سابقتها في الصخب ليأتيني الرد بعد فتره

وفتح الباب لتظهر من خلفه إحدى الخادمات والتي شهقت بفزع عندما أبصرتني في بادئ الأمر

هل أنا بهذا السواء؟ نعم أنا كذلك أعلم بأنني أبدو مريعه وذلك نسبتاً لأنني خرجت للتو من عاصفه هوجاء والتي يرتعد لها خوفاً كل خليه بداخلي ولاكنني لازلت أبقى مشاعري منمقه

تجاهلتها لألج إلى الداخل ثم إتجهت نحو غرفتي مباشرةً لأبدل ثيابي بأخرى ثقيله

وإنتهيت بعد بضع دقائق لا تتجاوز العشر لأهبط الدرج بيدٍ لا تخلو من المنشفه التي جففت بها خصل شعري ثم نفضتها لتلقي على إحدى الكراسي وتحركت بلا إكتراث حقيقي وسرت نحو الغرفه التي كنت اتجاهل وجودها منذ عودتي هي وجميع تلك الذكريات المحببه في كل شبرٍ وزاويه من غرف القصر

سمحت لأناملي بالإلتفاف حول المقبض وفتح بابه ثم منحت نفسي القوه اللازم لأندفع للداخل؛ قضمت شفتاي ريثما تبحث عيناي في الغرفه، كل شئٍ مازال كالسابق ولم يتغير شيء

تقدمت من الخزانه ببطء بينما تجول اصابعي على أثاث الغرفه الذي امر به ليبعث في فؤادي رعشه طفيفه، خطواتي المتردده توقفت فورما توقفت امام الخزانه لأفتحها

فضربت أنفي رائحة عطرها العالق بالثياب والمحمل بحبيبات التراب، امتدت يداي لأنتشل قطعك ثياب منها ثم أغلقتها

وسرت لأتقدم من الفراش وبسطت القميص على مفرشه ومن ثم مسحت بأناملي على غطاء السرير قبل أن أتمدد عليه مغلقه عيناي

وسحبت القميص لأحتضنه في محاوله لإستشعار الدفئ قبل أن يصل حذر النوم إلى عيناي ولاكن ما توقفني عن الضياع في اللاوعي هو الصوت الخافت والذي لا يكاد يسمع الذي تسسل لأذني

فلم أتحرك قيد أُنمله رغم صوت الأقدام التي تطرق الأرض مقتربه، أشك بأنه أحد عدي مارك فصوت التنهيده التي إنطلقت من ثغره أثبتت بأنها تنتمي إليه

هو لا يدري بأنني مستيقظه وبسبب وجهي الذي لا يقابله كجزعي الأمامي ومقابلة ظهري له هو لم يرى عيناي التي باتت فتوحه لتلمع الدموع ريثما تتجمع بداخلها

" أنا أعتذر " إستدرك بخفوت مستطيلاً في كلماته المختنقه كصوته الألم ، حينها فقط سقطت دمعه واحده من بين أهداب عيني لتضيق، أعلم أن كلماتي لمست وتراً حساس بداخله وبقدر معرفتي به أعلم أيضاً أن حرفته كانت الإبتعاد عن كل ما يسبب الألم

قبلته المباغته على رأسي من الخلف دفعتني لضغط أضراسي بقوه لكي لا تخرج شهقه خافته من ثغري، فشعرت بلفحة هواء ومن ثم شيء وضع على جسدي ليغطيه فأدركت بأنه الغطاء

صوت أنفاسه المتسارعه وتنهيداته المتتاليه توقفت بعدما خطي خطوته الأولي والتي تلتها البعض حتى إستوقف جسده وخرج من الباب ليغلقه

أسفة مارك
أسفه لأنني رددت لك الصاع صاعين فرغم قساوتي إلا أنني لا أقوى على رؤيتك تعاني بسببي مهما سببت لي من آلام قاحله

______

© مارِي,
книга «إراكَ قمري / See you, My moon».
الجزء السابع
Коментарі