Synopsis
الفصل الاول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الحادي عشر
مر شهر. شهر كامل قضاه هيرو في قوقعة من الصمت والوحدة. كانت الليالي لا تزال مليئة بالكوابيس المتقطعة، لكن حدة البكاء هدأت. عاد أخيرًا إلى المقهى، حيث استقبله مديره السيد تاناكا بنظرة قلقة وهمسة ترحيب فاترة. كانت حركات هيرو بطيئة ومترددة، وكأن جسده لا يزال يحمل عبء الألم. كانت ابتسامته نادرة وباهتة عندما يجبر نفسه عليها لخدمة الزبائن، وعيناه الزرقاوان الشاحبتان كانتا تنظران إلى ما وراءهم، إلى فراغ داخلي لا يراه أحد. كان يتجنب أي حديث غير ضروري، يجيب بكلمات مقتضبة ثم يعود إلى عمله الصامت.
عاد أيضًا إلى المدرسة الثانوية بعد تردد طويل. كان المشي في الممرات التي كان يشاركه فيها أكيرا من قبل بمثابة وخز خفيف في قلبه كل يوم. لكن مظهره كان مختلفًا. شعره الأشقر الفاتح، الذي كان دائمًا يبدو ناعمًا وفوضويًا، كان الآن مرتبًا بشكل صارم، وكأنه محاولة للسيطرة على فوضى داخله. كانت ملابسه أكثر كآبة، يرتدي ألوانًا داكنة وكأنه يتوارى عن الأنظار. كان يسير وحيدًا، كتفاه منحنيان قليلاً كحماية، متجنبًا أي اتصال بصري مباشر. كان يضع سماعات الأذن غالبًا، وكأنه يخلق حاجزًا صوتيًا بالإضافة إلى الحاجز المرئي. في الفصل، كان يجلس في الخلف، صامتًا ومنعزلاً، لا يشارك في المناقشات ولا ينظر حوله. لقد بنى حوله جدارًا جليديًا، وكأنه يعلن للعالم أنه لم يعد يهتم بشيء أو بأي شخص. كان روتينه بسيطًا المدرسة، العمل، ثم العودة إلى شقته الصغيرة حيث يغرق في صمت قاتل.

# هيرو

سأفعل ما يجب علي فعله فقط. سأنجو من هذا اليوم. ثم اليوم التالي. لا تتوقع شيئًا. لا تشعر بشيء.

كان أكيرا يسير في رواق المدرسة المزدحم عندما لمح فجأة خيالًا مألوفًا. شعر قلبه يقفز في صدره للحظة. كان هيرو. كان هنا. بعد شهر من الغياب الذي ترك فراغًا غريبًا في روتينه اليومي، كان هيرو يسير أمامه، لكنه بدا وكأنه ظل.

شعر أكيرا بمزيج مربك من الصدمة الخفيفة والسعادة المتحفظة والارتباك العميق. كان سعيدًا لرؤيته حيًا وبصحة جيدة على ما يبدو، لكن كان هناك تحول واضح ومقلق بشأنه. لم تكن تلك الهالة الشاحبة التي يتذكرها قلقة أو خجولة. كانت باردة، ومنعزلة، وكأنها طبقة رقيقة من الجليد تغطي روحه. كانت عيناه الزرقاوان تنظران مباشرة أمامه، ثابتتين وخاليتين من أي تعبير، وكأنه لا يرى أي شخص يعبر طريقه.

# أكيرا

هيرو... لقد عاد. لكن... ما الذي حدث له؟ يبدو... مختلفًا تمامًا.

بدأ أكيرا يراقبه من بعيد، بشيء يشبه الفضول الممزوج بالذنب الخفي. كان هيرو يتحرك بمفرده دائمًا، لا يتحدث مع أي شخص، وكأنه محاط بفقاعة من الجليد لا يمكن اختراقها. لم يعد ذلك الفتى الهادئ الذي كان يختلس النظرات إليه بنظرة مترددة. كان هناك شيء مطفأ في عينيه، شيء منكسر في طريقة حمله لجسده النحيل.

حاول أكيرا عدة مرات أن يلتقي بنظراته في الممرات المزدحمة أو في الكافيتريا، لكن هيرو كان يتجاهله تمامًا، وكأنه غير موجود في عالمه. شعور غريب بالوخز بدأ يتسلل إلى قلب أكيرا، شعور لم يستطع تفسيره تمامًا. لم تكن هذه هي ردة الفعل التي توقعها. توقع الغضب، ربما الدموع أو الاتهام، بالتأكيد بعض الاعتراف بوجوده. لكن لم يكن هناك شيء سوى التجاهل التام.

إنه يتجاهلني. تمامًا. لماذا؟ هل ما زال غاضبًا؟ لكن هذا... هذا يبدو أعمق. يبدو وكأنه... لا يهتم بوجودي على الإطلاق.

بدأ أكيرا يراقبه عن كثب في الأيام التالية. كان يجد نفسه يبحث عن هيرو في الممرات، يراقبه من بعيد في الكافيتريا، وحتى ينتظر بالقرب من خزانته للحظة عابرة لرؤيته. كان يلاحظ روتينه الصارم - الذهاب إلى الفصول، ثم المغادرة مباشرة بعد انتهاء اليوم الدراسي. لم يكن يتسكع مع أي شخص، ولم يكن يشارك في أي نشاط. كان شبحًا يسير في أروقة المدرسة، وشبحًا آخر يراقبه من بعيد بشعور متزايد من القلق والارتباك.

بعد انتهاء دروسه، ذهب هيرو مباشرة إلى المقهى. كان يغير ملابسه بسرعة في غرفة الموظفين الصغيرة، ويرتدي زيه المعتاد، لكن حتى هذه الحركات كانت تبدو آلية وخالية من الحياة. كان يلقي التحية على زملائه بكلمات مقتضبة، ويتجنب أي حديث مطول.

كان يتعامل مع الزبائن بمهنية باردة. كان يأخذ طلباتهم، ويعد مشروباتهم، ويقدمها بابتسامة مصطنعة سريعة، لكن عينيه لم تكن تشعان بالدفء المعتاد. كان يتجنب أي محادثة شخصية، يجيب فقط على الأسئلة المتعلقة بالطلب، ثم يبتعد. كان الزبائن المعتادون يلاحظون التغيير في سلوكه، لكنهم لم يعلقوا. كان هناك شيء في هالته المنعزلة يثبط أي محاولة للتقرب منه.

# هيرو

فقط... افعل ما يجب عليك فعله. ابتسم. قدم المشروبات. لا تشعر بشيء. لا تفكر بشيء.

كان يحاول أن يملأ وقته بالعمل قدر الإمكان، لكن حتى حركة الطحن المستمرة للقهوة لم تستطع أن تخفي الفراغ الذي يتسع بداخله. كانت صورة أكيرا تظهر أحيانًا في ذهنه، لكنه كان يدفعها بعيدًا بقوة. لم يكن لديه طاقة للتعامل مع تلك الذكريات.

كان مصممًا على أن يظل باردًا، أن يظل غير مبال، حتى لو كان ذلك يعني أن يصبح شبحًا في حياته الخاصة.

في أحد الأيام، بينما كان هيرو يغادر المدرسة متوجهًا نحو محطة الحافلات التي تقله إلى المقهى، قرر أكيرا أن الوقت قد حان للمحاولة. لقد تتبع هيرو من بعيد لعدة أيام، يراقبه وهو يسير وحيدًا، محاطًا بهالة من البرود. والآن، رأى فرصة.

انتظر أكيرا بالقرب من خزانة هيرو بعد انتهاء الفصل، متجاهلاً نظرات الفضول من الطلاب الآخرين. عندما ظهر هيرو أخيرًا، كان يسير بخطوات سريعة، متجنبًا أي اتصال بالعين، وكأنه يريد الهروب من أي تفاعل محتمل.

# أكيرا

هيرو... انتظر.

توقف هيرو فجأة، لكنه لم يستدر. كانت ظهره النحيل فقط هو ما يواجهه أكيرا، وكأنه جدار صامت يرفض أي اختراق.

# أكيرا

هل يمكننا التحدث؟

# هيرو

اجاب  هيرو بصوت بارد و جاف ليس لدي ما أقوله لك.

# أكيرا

لكن... لقد تغيرت. ما الذي حدث؟

# هيرو

لا يهمك.

استدار هيرو أخيرًا ببطء، لكن نظرته كانت باردة وشاغرة، وكأنه ينظر إلى شخص غريب تمامًا لا يكن له أي مشاعر. و أضاف قائلا من فضلك، اتركني وشأني.

ثم استدار هيرو مرة أخرى وغادر، تاركًا أكيرا واقفًا مصدومًا في منتصف الرواق المزدحم. لم يكن هناك غضب أو اتهام في كلمات هيرو. كان هناك فقط التجاهل التام، وهو ما كان يؤلم أكيرا أكثر من أي شيء آخر.

# أكيرا

لقد حاول... حتى أنني لا أعرف ما الذي حاولت فعله. لكنه... إنه لا يهتم. حقًا لا يهتم. كيف يمكن أن يكون هذا؟

عاد أكيرا إلى منزله في ذلك اليوم وهو يشعر بالارتباك والضياع. كان التجاهل البارد من هيرو أكثر إيلامًا من أي غضب أو اتهام كان يتوقعه. لقد أدرك أن هناك شيئًا قد تغير بشكل جذري، وأن المسافة بينهما قد اتسعت بشكل لا يمكن تصوره.

# أكيرا

ماذا فعلت؟ ماذا فعلت لأجعله يشعر بهذا الشكل؟ هل فقدته حقًا؟


بعد لقائه القصير والبارد مع أكيرا، شعر هيرو بشيء يشبه الانتصار المرير. لقد أظهر لأكيرا أنه لم يعد يهتم. لقد أثبت لنفسه أنه يستطيع أن يكون باردًا وغير مبال.

# هيرو

لقد فعلت ما كان علي فعله. لقد انتهى. لا مزيد من الأمل. لا مزيد من الألم.

لكن في أعماقه، كان هناك فراغ أكبر. كان التجاهل الذي أظهره لأكيرا هو نفسه التجاهل الذي كان يوجهه لنفسه. كان يدفن مشاعره بعمق، ويحاول أن يصبح شخصًا آخر، شخصًا لا يشعر بأي شيء.

في تلك الليلة، عاد هيرو إلى شقته الصغيرة. كانت الغرفة مظلمة وصامتة، تعكس الفراغ الذي كان يشعر به في داخله. استلقى على سريره دون أن يشغل الضوء. لم يكن لديه طاقة لفعل أي شيء.

أنا متعب. متعب جدًا. من كل شيء.

بدأت صورة أكيرا تظهر في ذهنه مرة أخرى في الظلام.  تلك البنية النحيلة، دائمًا ما كانت تبدو قوية بطريقة ما. عظام الوجنتين البارزة التي تمنحه مظهرًا حادًا. حتى رائحة شعره الداكن، مزيج غريب من الدخان والعطر الخفيف الذي كان يميزه. لم تكن هذه الذكريات مصحوبة بأي دفء عاطفي، بل كانت مجرد تسجيلات حسية باردة لشخص كان ذات يوم محور عالمه.

حاول هيرو أن يدفع تلك الصورة بعيدًا، لكنها كانت تلتصق به كالظل

لا. لا تفكر فيه. لا تشعر بأي شيء.
لكن هذه المرة، كان الأمر أصعب. كان هناك شيء يتصدع في داخله، شيء يرفض أن يبقى مدفونًا. بدأت الدموع تتجمع في عينيه، دموع لم يبكها منذ أسابيع.

لا... لا تبكي. لا تضعف.

لكن الدموع بدأت تنهمر، بصمت، لكنها كانت دموع ألم ويأس. لم يكن يبكي على أكيرا فقط. كان يبكي على نفسه، على ما فقده، على الشخص الذي أصبح عليه.

في تلك الليلة، لم يستطع أكيرا النوم. كان التجاهل البارد من هيرو يتردد في رأسه مرارًا وتكرارًا. لم يستطع فهم ما الذي حدث. كيف يمكن لشخص كان يهتم به كثيرًا أن يصبح فجأة باردًا وغير مبال؟

# أكيرا

ماذا فعلت؟ ماذا فعلت لأجعله يشعر بهذا الشكل؟

بدأ يتذكر كل لحظة قضاها مع هيرو. النظرات الخاطفة، الابتسامات الخجولة، اللمسات العابرة. هل كان كل هذا كذبة؟ هل كان هيرو يتظاهر فقط؟
لا. لا أصدق ذلك. كان هناك شيء حقيقي بيننا. يجب أن يكون هناك.

لكنه لم يستطع إنكار الحقيقة. لقد تغير هيرو. لقد ابتعد. ولم يكن يعرف كيف يعيده.

يجب أن أفعل شيئًا. يجب أن أجعله يتحدث معي. يجب أن أعرف ما الذي حدث.

لكنه لم يكن يعرف ماذا يفعل. كان يشعر بالضياع واليأس. كان يعلم أنه أخطأ، لكنه لم يكن يعرف كيف يصلح الأمور.

وهكذا، انتهى يوم آخر ليضاف إلى سلسلة الأيام التي تفصل بين أكيرا وهيرو. ترك أكيرا يشعر بالارتباك والذنب، يتساءل عن العمق المظلم الذي ابتلع علاقتهما وما إذا كان هناك أي طريق للعودة. أما هيرو، فقد انهار أخيرًا تحت وطأة البرود الذي فرضه على نفسه، لتنهمر دموعه في الظلام، معلنة عن صراع داخلي لم ينتهِ بعد. لقد كانت مسافة تتسع بينهما، مسافة صنعتها الكلمات الصامتة والأفعال المؤلمة، تاركة كلا الفتيين وحيدين في عالمهما المنفصل، يحملان عبء ماضيهما وحاضرهما المضطرب.

يتبع.....

اذا اعجبكم الفصل لا تنسو تحطو فوت و كومنتس
© Minami Haruka,
книга «Stay With Me».
Коментарі