Synopsis
الفصل الاول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل العاشر
عاد هيرو إلى شقته بخطوات متسارعة وثقيلة، وكأن ساقيه تحملان أطناناً من الرصاص. أغلق الباب خلفه بعنف، وأسند ظهره إليه، وعيناه تحدقان في الفراغ. كانت صورة أكيرا، بملامحه الحادة ونظراته الثاقبة، وهو يضحك مع شخص آخر ذي شعر داكن وملامح ودودة، لا تزال محفورة في شبكية عينيه، تحرق قلبه بلهيب الغيرة والحزن.
فجأة، انهار كل شيء. لم يعد يستطع كتم دموعه أكثر من ذلك. انخرط في بكاء مرير وعنيف، اهتزت أكتافه ورتجف جسده النحيل. كانت دموعه مزيجاً من الألم على ما فقده، والغيرة على ما يراه يبتعد عنه، والشعور العميق بالوحدة الذي عاد ليخيم على روحه كظل كثيف.
سقط هيرو على سريره الصغير، ودفن وجهه الشاحب في الوسادة المبللة بدموعه، محاولاً كتم شهقاته التي كانت تمزق صدره. استسلم أخيرًا للإرهاق الجسدي والعاطفي، وانزلق إلى نوم مضطرب مليء بالكوابيس.

كان يقف في مكان مظلم وبارد، يراقب أكيرا واقفاً بجانب شخص آخر. كان هذا الشخص الجديد يبتسم لأكيرا بعيون عاشقة، وأكيرا يرد له الابتسامة بدفء لم يره هيرو من قبل. بدأت كلمات قاسية تخرج من فم أكيرا، كلمات كانت تخترق قلب هيرو كسكاكين جليدية.

# أكيرا
"أنت لا شيء. لم تكن شيئاً مهماً بالنسبة لي. هذا الشخص... هذا هو من يفهم حقاً. هذا هو من يستحق اهتمامي."
كان أكيرا يمسح على ذراع الشخص الواقف بجانبه بحنان، ويشيد بجماله وذكائه، بينما كان ينظر إلى هيرو بنظرة باردة ومهينة. ثم استدار أكيرا والشخص الآخر وابتعدا، يداهما متشابكتان، يتركان هيرو وحيداً في الظلام.
حاول هيرو أن يتحرك، أن يتبعهما، أن يصرخ باسم أكيرا، لكن جسده كان مشلولاً، وكأن أقدامه مغروسة في الأرض. بدأ يشعر بالاختناق، وكأن الماء البارد يغمره ببطء، يملأ رئتيه ويخنقه. كان الخوف والوحدة يلتفان حوله كثعبانين باردين، يضغطان على قلبه حتى كاد أن يتمزق. استيقظ هيرو فجأة، وهو يلهث، وعرقه يغطي جسده النحيل، وقلبه يدق بعنف في صدره. كانت بقايا الكابوس لا تزال تلاحقه، تاركة إياه يشعر بضعف ورهبة شديدين.
نظر هيرو إلى ساعته الرخيصة المعلقة بجانب سريره بعينين دامعتين ومنهكتين. كانت تشير إلى وقت الذهاب إلى المدرسة. للحظة وجيزة، تذبذب داخله شعور باهت بالالتزام، لكن سرعان ما تغلبت عليه موجة عارمة من الإرهاق العاطفي والخوف. كانت بقايا الكابوس لا تزال تلتصق به كظل لزج، وصورة أكيرا وهو يبتعد عنه برفقة شخص آخر كانت لا تزال حية في ذهنه. قرر هيرو عدم الذهاب إلى المدرسة أو العمل في المقهى الصغير، مفضلاً الانكماش في عزلته الضيقة.

وصل أكيرا إلى المدرسة كعادته، محاطًا بهالة من اللامبالاة التي اعتاد عليها. سار في الممرات المزدحمة دون أن يلتفت إلى الوجوه المألوفة حوله. كان ذهنه لا يزال مشوشًا ببقايا لياليه الأخيرة، بالبحث اليائس عن شيء يملأ الفراغ الذي يزداد اتساعًا بداخله.
لاحظ أكيرا غياب هيرو، بشعره الأشقر الفاتح الذي كان يلمحه من بعيد، بشكل مبهم. لم يره في الزاوية الهادئة من المكتبة حيث كان أحيانًا يختبئ، ولا في الممرات المزدحمة التي كان أكيرا يلمحه فيها من بعيد.

# اكيرا

لم أره اليوم. ولا أمس. ولا حتى قبل ذلك... متى كانت آخر مرة رأيته حقًا؟

عندما وصل أكيرا إلى الفناء الأمامي للمدرسة، توقف فجأة. من بين مجموعة من الطلاب المتجمعين بالقرب من الحافلات، لمح شخصًا بشعر أشقر فاتح. للحظة خاطفة، تجمد قلبه. بدا وكأنه هيرو، بقامته النحيلة وكتفيه المنحنيتين قليلاً.

هيرو؟ هل عاد؟

حدق أكيرا بثبات، يحاول أن يتبين الملامح. لكن عندما استدار الشخص، تلاشى الشبه. كان وجهًا مختلفًا، أكثر استدارة، بملامح أقل حدة وعينين بنيتين واسعتين. شعر أكيرا بنوع من الخيبة الخفيفة، مصحوبة بارتياح غير متوقع.

ليس هو. بالطبع ليس هو. لماذا ظننت ذلك؟ لماذا أشعر بهذا... الفراغ الصغير عندما أدرك أنه ليس هو؟
لكن تلك اللحظة العابرة تركت أثرًا خفيًا. لقد أثبتت أن صورة هيرو لا تزال عالقة في ذهنه بطريقة ما، وأن غيابه قد بدأ يؤثر فيه أكثر مما كان يرغب في الاعتراف به لنفسه.

بقي هيرو متكورًا على سريره طوال الصباح، يتقلب بين الاستيقاظ والنوم المتقطع. كانت بقايا الكابوس لا تزال تلاحقه، تاركة وراءها شعورًا بالهشاشة والخوف. كان يشعر وكأن كل ذرة في جسده متعبة، وكأن روحه قد استُنزفت تمامًا. قضى يومه في شبه ظلام، مستسلمًا ليأسه ووحدته في شقته الصغيرة، وعقله يعيد تشغيل صورة أكيرا مع ذلك الشخص الآخر مرارًا وتكرارًا، وكأنها شريط مشوه لا نهاية له.

عندما حل الليل، شعر أكيرا، ببنيته النحيلة وشعره الداكن الفوضوي وعينيه الحادتين اللتين خفت بريقهما بفعل الكحول، بوطأة الوحدة تزداد خنقًا. لم يستطع البقاء في شقته الصامتة، حيث كان شبح هيرو، بشعره الأشقر الشاحب وعينيه القلقتين، يتربص في كل زاوية. قرر الذهاب إلى أحد البارات المزدحمة، باحثًا عن صخب يخفف من صوته الداخلي.

طلب أكيرا كأسًا من الويسكي القوي، ثم تلاه كأس آخر. كان يشعر بالحرقة اللذيذة وهي تنزل عبر حلقه، بتخدير خفيف يبدأ في الانتشار في أطرافه. كانت فكرته الوحيدة هي أن يسكر بما يكفي لإسكات الأفكار التي تطارده، لتجاهل الصورة العابرة لهيرو في وقت سابق من اليوم، ولإنكار الفراغ الذي كان يتسع بداخله. لم يكن يبحث عن أي اتصال جسدي هذه الليلة، فقط عن النسيان المؤقت الذي يجلبه الكحول.

لكن القدر كان له خطط أخرى. بعد عدة كؤوس، اقترب منه شاب كان يجلس على الكرسي المجاور. كان ذو شعر بني قصير وابتسامة فاترة وعينين لامعتين. بدأ يتحدث مع أكيرا بأسلوب ودود، وتبادلا بعض الكلمات العابرة عن الطقس الصاخب والموسيقى الصاخبة في البار. كان الحديث سطحيًا، خاليًا من أي عمق شخصي. عرض الشاب على أكيرا المزيد من المشروبات، وقبل أكيرا العرض بلامبالاة. كان الكحول يخدر حواسه ويقلل من مقاومته.
تلا ذلك المزيد من الكحول، والمزيد من الحديث الذي تلاشى معظمه في الضباب الكحولي. كانت الضحكات مصطنعة، والنظرات عابرة. وجد أكيرا نفسه ينجذب إلى الدفء الجسدي للشاب الآخر، إلى اللمسات العابرة التي بدت في تلك اللحظة بمثابة هروب مؤقت من برودة وحدته. لم يكن هناك أي حديث عن المشاعر أو الآمال أو المخاوف، فقط لغة الجسد التي تقود إلى لقاء جسدي بحت. انتهى بهما الأمر عائدين معًا، ليس إلى شقة أكيرا حيث كان يعيش تحت سقف والده الجشع وزوجة أبيه المتطفلة، بل إلى فندق رخيص قريب اقترحه الشاب ذو الشعر البني. كان أكيرا يترنح قليلاً، ورائحة الويسكي تفوح من أنفاسه. كانت أفكاره مشوشة، ورغبة مبهمة في الدفء الجسدي تتغلب على أي حذر أو تفكير واضح.
في غرفة باهتة الإضاءة تفوح منها رائحة الدخان القديم، تشابكت أجسادهم بضراوة. أخذ أكيرا زمام المبادرة بشكل مندفع، وجذب الشاب نحوه. استجاب الشاب لاندفاع أكيرا ببطء في البداية، ثم انخرط في اللقاء بحماس جسدي بحت. كانت القبلات عميقة ومجنونة، لكنها خالية من أي عاطفة حقيقية، مجرد تبادل للرطوبة والحرارة. كانت يدا أكيرا تجوبان جسد الشاب بجرأة، والشاب الآخر يئن ويتململ تحت لمساته، مستجيبًا للرغبة اللحظية. في السرير، كان أكيرا هو من يملي الإيقاع بشكل غير منتظم، وهو من يحدد وتيرة اللقاء المضطربة، بينما كان الشاب يتبعه، يبحث عن النشوة الجسدية الخالية من أي معنى أعمق. كان أكيرا يستسلم للأحاسيس الجسدية الباهتة، محاولًا يائسًا أن يجد فيها العزاء أو النسيان، لكن حتى في خضم اللحظة الحميمة المشوشة، كان شبح هيرو، بشعره الأشقر الشاحب وعينيه القلقتين، يلوح في الأفق.

في الصباح، استيقظ أكيرا وشعر بثقل غريب بجانبه. نظر ورأى الشاب نائمًا بعمق، وجهه مسترخيًا في سلام مؤقت. نهض أكيرا بهدوء، وشعر ببعض الألم في جسده، لكن الألم الأكبر كان لا يزال في داخله.
التقط علبة السجائر الملقاة على المنضدة بجانب السرير وأخرج سيجارة. أشعلها وأخذ نفساً عميقاً، تاركاً الدخان يتصاعد ببطء في الهواء الراكد. استيقظ الشاب أيضًا، وتناول سيجارة أخرى. جلسا معًا في صمت للحظات، يشاهدان الدخان يتراقص في ضوء الصباح الخافت المتسرب من النافذة. لم تكن هناك كلمات ذات معنى، فقط وجود جسدين يشتركان في عادة عابرة. تبادل الشاب معه نظرات عابرة، ابتسامة باهتة لا تحمل أي وعد بالعودة.
عندما انتهت سيجارتهما، نظر الشاب إلى أكيرا للحظة. كانت هناك نظرة فاترة في عينيه، انعكاس لعدم الارتباط الذي شعره به أكيرا نفسه. اقترب الشاب ببطء وقبّل أكيرا على شفتيه. كانت القبلة جافة وسريعة، خالية من أي شغف أو عاطفة حقيقية. كانت أشبه بختام لاتفاق غير معلن، اعتراف صامت بأن الليلة الماضية كانت مجرد هروب مؤقت.
انفصلا، ولم ينظر أحدهما إلى الآخر مرة أخرى. نهض الشاب وارتدى ملابسه بسرعة، ثم غادر الغرفة دون كلمة وداع أخرى. بقي أكيرا مستلقيًا على السرير، يشعر بالفراغ يحيط به من جديد. لم يكن هذا ما أراده. لم يكن هذا هو النسيان الذي كان يسعى إليه.

يتبع.....

اذا اعجبكم الفصل لا تنسو تحطو فوت و كومنتس
© Minami Haruka,
книга «Stay With Me».
الفصل الحادي عشر
Коментарі