لوكاس & يوكي

بطلي:

سكرتيرة أبليس|| Queen of Lies

"يَرقة"

















كانت يوكي في مكتبِ العمل في شنغهاي، لقد أصبح رئيسها لوهان أكثر برودًا معها مُذُّ أن واجهها آخر مرة في بندِ الجزاء الخاص بعقدِ العمل.

لقد كانت تدري أنَّهُ لم يوظفها لسببٍ سَوي كما بان عليه، لم تخدعها إبتسامتُه اللطيفة وسلوكه النَّبيل إتجاهها، كانت تعلم أنَّ ما خُفيَّ أعظم.

لكن ليس هذا... لقد توقعت أنَّهُ وظَّفها لأنَّها عمِلت لدى ابن عمه، الذي يكرهه ويطوق لسلبِه ما له، ظنَّت أنَّهُ قد يُقدِم على إستغلالها بناءً على معرِفتها برئيسها السابق، الذي لا يُطيق تِكرارًا، لكنَّها لم تتوقَّع أن يُطوِّقها هي بقيوده، التي لن تستطيع التَّحرُّر منها.

لقد كانت إستراحة الغداء؛ ومُذُّ الصَّباح لم يتوقف رئيسها لوهان عن تعذيبها بالمُهِمّات المُنهِكة والكثيرة.

خرجت من مَبنى الشَّرِكة؛ لتحصُل على وجبةِ الغداء من إحدى المطاعم القريبة، ولقد كانت وحدها بالفعل؛ فطبيعة عملها، الذي يُلزمها أن تَلزم رئيسها طوال الوقت، كان حائلًا بينها وبين الحصول على الأصدقاء هُنا أو سابقًا في مكتبِ لوكاس.

لكنها لا تُمانع، ولا تخجل أن تجلس في المطعم وحدها، ليس لديها مثل هذا التفكير التقليدي، تُحب أن تعيش كل التَّفاصيل اللازمة وإن عاشتها وحدها.

عادت إلى الشَّرِكة بعدما قاربت فترة الإستراحة على الإنتهاء، وقُبيل دخولها وردها إتصال، فأجابته، وإذ به لوكاس يتَّصِل.

إحتضنت الهاتف بيدها وبتردد راحت تُفكِّر، أُجيبه لا أُجيبه، أُجيبه لا أُجيبه، ثم توقَّفت عن حيرتِها هذه، وضربت جبهتها بباطن يدها.

"يا لي من غبيّة! كيف أتجاهله ولقد قُلتُ له أنّي لن أترُكَه؟!"

لكن الوقت قد إنتهى بالفعل، وإن تأخَّرت دقيقة واحدة عن المكتب ستكون قد منحت لرئيسها الفُرصة لأن يصُبَّ جام غضبه عليها مُجددًا، وهذا ما ينتظره لوهان؛ فهو غاضب منها جدًا ولن يوفِّر أي فُرصة مهما كانت سخيفة للإنتقام منها.

لكنَّها توقَّفت لمحضِ ثواني؛ كي تبعث للوكاس رسالة نصيّة تقول فيها أنّها لن تستطيع إجابته الآن.

صعدت إلى مكتبها بعد ذلك، ووجدت الرئيس لوهان يقف في مكتبِها، ويتقفّى عن أثرِها بالجِوار، نظر في ساعته حالما وصلت ونبس بنبرةٍ موبِّخة.

"دقيقة وأربعون ثانية مَضى على إنتهاء فُسحتِك، أتظُنّي أننا هُنا نلعب؟!"

أخفضت رأسها، ورغم الألف شتيمة، التي تقذفه بها داخل رأسها، لكنَّها نبست.

"لا سيدي، أعتذر عن التأخير"

كانت تتأخَّر رُبع ساعة وأكثر ولا يُعلِّق؛ فهي جديدة على المكان وبحاجة لتكوين علاقات، لكنَّهُ الآن يُحاسبها على الثّانية.

لفرطِ حقدِه نحوها تكاد تنفجر غيظًا منه، أشار لها أن تتبعه إلى داخل مكتبه بطريقة مُتعالية، فتبعتهُ فيما تُتمتِم بالشَّتائم بٍحقِّه.

توقَّفت أمام مكتبه تعقد كفّيها أسفل معدتها، وهو يجلس بتراخي وإسترخاء على مقعدِه، أشار إلى كومة من الملفات على الطاولة وقال.

"قومي بهذا العمل عنّي، أنا مُرهَق"

"ماذا؟!"

رفع حاجبًا، ورمقها بتحدي أن تنبس بأي حرف إضافي لا يستهويه، لكنها إزدرئت جوفها، ثم حملت هذهِ الملفات تقصد مكتبها، لكنه طرق بِقاعِ القلم على الطاولة واتبع آمرًا.

"اعملي هنا، سأُراقبُكِ!"

أغمضت عيناها وسحبت نفسًا عميقًا؛ تحاول تهدئة نفسها وتبيط غضبها، وأخيرًا فتحت عيناها على صورةِ هذا الرَّجل المُستفز وامتثلت لأمرِه؛ إذ وضعت الأوراق على الطاولة البعيدة عنه، وجلست على إحدى الآرائك تُباشر العمل الذي جعله عليها، رغم أنَّ هذه ليست من مهامِها، لكنها تعلم وتفهم جيدًا ما الذي يحاول إيصاله إليها.

إنَّهُ يحاول إنعاش ذاكرتها بصعوبةِ العمل لدى الرئيس لوكاس، وكيف أنَّهُ توجَّب عليها بالقيام بكلِ العمل عنه، وأنه سيتوجَّب عليها أن تفعل لو عادت إلى العمل في مكتبِه.

مُقارنةً بين العمل لدى الرئيس لوكاس أو الرئيس لوهان، فالعمل عند لوهان أسهل بكثير، ومُجزيًا أكثر بالنِّسبةِ لها.

...........................


كانت تسير يوكي في حَيّها عودةً إلى المنزل، فيما تُمسِّد كتفها المُرهَق بيد، والأخرى تحمل بها حقيبة بلاستيكيّة؛ فوالدتها تشتهي الجاتو؛ لذا توقَّفت بطريقِها لشراء قالبًا مُغطّى بالشوكولاتة كما تُحِبُّه والدتها.

كانت تتذمَّر فيما تُمسِّد كتِفيها المُتشنِّجين، وجهها يُظهر مدى قباحة شعور الألم، الذي يلزمها الآن، وشفتاها تذرُف السُباب بِحقِّ لوهان المهووس.

"رجل أحمق ولعين، ماذا لو كان أطول قليلًا؟!
لأراد إحتلال العالم كما يحدث في قصص كرتون الأطفال المُستهلكة!"

توقَّفت عن السير حينما رأت سيّارة فارِهة تقِف أمام باب منزلها المتواضع، وإذ بشابٍّ طويل القامة يقف مُستندًا عليها فيما يضع كفّيه في جيوب بنطاله.

ما كانت إضاءة الشارع الخافتة تسمح لها بتمييز معالم وجهه حتى أوشكت منه.

"اووه! سيد لوكاس!"

إلتفت لها لوكاس حينما سمع صوتَها عن يمينه، ووقف مُعتدِلًا.

"آنسة يوكي، كنتُ بإنتظارِك"

لم تُظهر شعورًا بالغرابة حيال ظهوره في حيّها وأمام منزلها في هذا الوقت المُتأخِّر من الليل، أشارت له نحو منزلها وقالت.

"تكون أمي وجدَّتي ينتظرنَ عودتي بقلق، لذا تفضَّل معي إلى الدّاخل بدلًا من الوقوفِ هُنا"

نفى لوكاس بيديه وشعر بالحرج، لم يسبق له أن كان ودودًا معها كما هي ودودة معه الآن، وبصراحة لم يتوقع أن تُشدِد أزره في مُصيبته هذهِ أبدًا.

لقد تخلّى عنه الجميع بما فيهم يوجين، التي جمعته علاقة سنين طويلة معها، لم تسأل عنه ولم تواسيه في عزائه، حتى وإن إنتهت علاقتهما ما كان الإتصال للمواساة سيُكلِّفها شيء.

لكن يوكي... لا يجد كلامًا يوصِف إمتنانه لها، وإن كان وِدَّها معه نابع من شفقة، لا يهم... إن كانت تُشفق عليه فهي تحمل قلبًا رحيمًا ونظيفًا لتملك ناحيته هذا الشعور.

فلقد آذاها كثيرًا وأهانها، لكنَّهُ في المُقابل تلقّى منها معروفًا لن ينساه طيلةِ حياته.

"لا، ادخلي أنتِ، سأكون بإنتظاركِ هُنا"

أشاحت ببصرِها عنه لأنها تشعر بالحرج لقاء ما ستفوه به.

"همممم... نحنُ النّاس من هذهِ الطَّبقة المتواضعة قد لا نكون نملك إلا قوت يومنا، لكنكَ ستَجِدنا لا نتردَّد في التَّخلي عن قطعة الخُبز الوحيدة التي نملكها لضيفنا، لأننا هكذا تربّينا؛ على عِزَّةِ النَّفس وغِناها، وعلى خُلق الكرم وحُسنِ الضيّافة"

"ها؟!"

همس بتلك لوكاس، يفهم ما تقوله ولكنَّه لا يفهم ما ترمي إليه، حينها يوكي ضحكت.

"أقصد أن بيتي من الداخل متواضع جدًا ومائدتي بسيطة، ولكنني لن أخجل من إستضافتِكَ فيه، سأخجل لو رفضتَ إستضافتي"

ثم رفعت الحقيبة البلاستيكيّة إلى مَرمى عينيه واتبعت تبتسم.

"تشتهي أمي الجاتو؛ لذا أحضرت واحدًا معي، أدخل معي وتناولها معنا، ثم سنتحدَّث بما تشاء"

تبسَّم في وجهها، ولا يدري لِمَ فعل، لكن شعور غريب حَثَّهُ أن يرفع يده ويمسح بها على رأسِها بلُطف قبل أن ينبس.

"أنا مُتأكِّد أنَّ والدكِ فخور بكِ!"

شعرت يوكي بالإرتباك الشديد، حركته تلك كانت مُفاجئة وأشعرتها بالغرابة، لكنَّها أجبرت نفسها أن تبتسم، وأشارت له أن يدخل معها.

"الآن هيا تفضَّل"

سارت أمامه إلى الداخل، وعندما وصلت باب المنزل نزعت حِذائها وانتعلت خُفَّين خفيفين في قدميها، ولوكاس قلَّد ما تفعله، وذلك ما جعلها تبتسم بلطافة.

"أمي جدَّتي، لقد عُدت ومعي ضيفًا"

أطلَّت أمها، التي كانت في المطبخ تعُد العشاء، كذلك جدَّتِها، التي كانت تُساعدها، وما إن رأينَ هذا الشّاب الوسيم والطويل الأُم شهقت مُعجبة بهيئتِه، والجَدّة إبتسمت.

"من هذا الشّاب الوسيم؟!"

يوكي نبست بنبرة متوتِّرة.

"إنَّه لوكاس وونغ، رئيسي السابق؟!"

الجدّة صاحت.

"ماذا؟!"

والأم حملت ملعقةِ الطعام وإنطلقت إليه، فكلاهما -الجدّة والأُم- حاقدتان على رئيسها السابق الكريه، الذي كان يولّيها مهام أكثر من اللازم، وأبعدها عنهن قسرًا، وفوق ذلك طردها من العمل دون سببٍ مُقنِع.

لوكاس لم يتوقَّع مثل هذا الإستقبال الخامي، كذلك يوكي، التي كانت لِتَّو تُخبره عن حُسن الضيافة لديهم.












...............................


يُتبَع...

الفصل العشرون "يَرَقة"
الرواية الرومانسيّة "سكرتيرة أبليس|| Queen of Lies"


27/Mar/2021



.....................


سلااااااااااام



الفصل القادم بعد 100 فوت و100 كومنت.

1.رأيكم بلوهان؟ تصرفاته القاسية تجاه يوكي؟

2.رأيكم بيوكي؟ تحملها لضغط لوهان عليها؟! كلامها مع لوكاس؟

3.لوكاس؟ لِمَ أتى إلى يوكي؟

4.رأيكم بالجدة والأم؟ ماذا سيفعلن؟! وماذا ستكون ردة فعل لوكاس ويوكي؟ 

5.رأيكم بالفصل وتوقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love❤