1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
النهاية
16

صباح يوم جديد، هاريس.

أنه الفجر الٱن، أي بداية يوم جديد لست متأهبة له نهائياً، الأيام ههنا غير متشابهة أطلاقا كل يوم يحدث به العديد من الأشياء، تلك التغيرات المفاجأة مرعبة جداً بالنسبةِ لي.

أنا أشتاق لتلك الأيام القديمة، أشتاق للأيام المتكررة الروتينة، أشتاق للعطَل التي كنت أقضيها في المنزل دون فعل أي شيء عدا التحديق بالتلفاز وتناول الطعام السريع، أشتاق أيضاً لتلك الأيام التي كنت أظل مستيقظة ليومين متواصلين كي أعمل على قضية، أشتاق إلي تتبع المجرمين او المشكوك في كونهم مجرمين حتى أجمع بعض الأدلة، أشتاق لحياتي ببساطة.

ربما أنا من البداية أحب حياتي وأقدرها وكنت دوما أود الرجوع لها، ولكن خوفي هيأ لي أنه لا بأس بتلك الحياة، ربما ذاتي من أختلقت الأمر حتى لا أركض خلف حياتي بلندن، ربما من دواخلي علمت أنني أريد العودة ولكنني خشيت من فعل شيء.

كل شيء الان أصبح رمادي وباهت، الان أنا أعلم رغبتي بصدق ولكن الطريق مغلق أمامي، لن أعود لأنهم يستغلونني ههنا، أنا بالنسبة لهم مثل شيء مهم، هم يحتاجونني كشيء وليس كشخص لذا لن يطلقونني إلا بعد عناء سأخرج منهم كما يخرج الظفر من اللحم.
أتمنى أن أغمض أعيني وأفتحهما وأجدنى في سريري الذي يحتوى على بعض الملابس المتسخة، وأجدنى في غرفتي التي تحتوى على العديد من الملصقات لفرقي الموسيقية المفضلة.

ولكن كل هذا يبدو أنه بعيد جداً، يجب أن أنهض وأحاول فعل شيء ما بدلاً من الجلوس في رقعتي والنحيب دون جدوى.

«ألي أين أنت ذاهبة؟»
سألتني شمس، وجهها لوحدهُ يغضبني.

«إلي أهلي، أقتربي لتحصلي على مبتغاك، هل هكذا الطاقة أنتقلت لك؟»

«ماذا؟»
«لا شيء يا شمس لا ينقصني واحدة مثلك تدعى البراءة.»
أكره ذلك النوع من البشر، أولئك من يقتلون القتيل وينوحوا في جنازته، وقد يقولون في رثاءه بعض الشعر المُنمق أيضاً لا بأس بذلك لديهم. أريد الذهاب للرؤية مريم اليوم، اذا كانت لازالت تعارض على الخطوبة سأبذل ما في وسعي لكي أفسخها، ففي النهاية أنا لا أملك شيء لأخسره ههنا لذا أستطيع الذهاب لأبعد حد دون خوف.

وصلت للمنزل وظللت كثيرا حتى فتحت الأم الباب ووجهها كان أحمر من كثرة البكاء، بالرغم من كرهي لها قليلا ولكنني تعاطفت معاها.

أحتضنتها وسألتها أكثر من مرة عن ما الخطب، ولكنها كانت لا تستطيع التحدث من كثرة البكاء.
«مري-يم.»
تحدثت بتلعثم.

«ما بها؟»
«مريم ظهر عليها ذلك الجرح.»

«أتقصدين ذلك الجرح الذي يشبه  التنين؟»

«أجل أنه ذلك الشيء، حرارتها بدأت ترتفع منذ أمس وأنها تتقيأ كل ما تأكله، والدك ليس ههنا ولا أدري ما اللذي يجب أن أفعله؟»

«أهدأي سأحاول أن أساعدها.»

«لا يوجد أمل، كل اللذين ظهر عليهم ذلك الشيء أختفوا.»
أختفوا؟ ألم يموتوا؟

«ماذا؟»

«لقد أختفوا، لا يوجد أي دليل يصلنا بهم، حتى جثثهم ليست موجودة، الشرطة تبذل قصارى جهدها ولكن لا يوجد أي فائدة.»

«أريد أن أراها.»

«أنها بالأعلى، في غرفتك.»

«سأصعد لها.»

أتمنى حقا أن تتحسن قريباً، صعدت نحو غرفتي ووجدت عليّ يمسك بيدها في هدوء وكان يبكى، بينما هي كانت متسطحة على الفراش ووجها كان شاحب للغاية، جبينها يحتوى على قطرات عرق صغيرة، شفتيها لونهم أزرق ومتشققين وكانت ترتجف أسفل الغطاء.

«لقد أتيت.»
أبتسمت بضعف في وجهي لأثني ركبتي وأجلس أمامها، شعرها كان غير مرتب على غير عادته أنها متعبة منذ فترة.

«أجل لقد أتيت.»
مسحت على جبينها الذي كان ساخن للغاية.

«مريـم يجب أن تستحمي بماء بارد.»

«ستبرد  أكثر يا سمية.»

«كلا ستتحسن.»

«لا ستسوء حالتها.»

«اذا هل نجلس مكتفين الأيد ونشاهدها تموت أمامنا؟»

«لا، ولكن لا يجب أن نخاطر.»

«أنا سأتحمل المسؤولية.»

«أيت مسؤولية تلك؟ هل تعجلين بموتها؟»

«كلا يا علي، أنا متأكدة حقا من اللذي سأفعله.»

«أنهضي يا مريم، لا يجب أن تظلي ضعيفة هكذا، أنهضي.»

«سأموت في كل الأحوال يا سمية لا تتعبي نفسك.»

أنا أعتقد ذلك أيضا يا صغيرتي ولكن يجب أن تنهضي وتحاولي على الأقل لمرة أخيرة.

«ستموت بيأسك هـذا وليس سقمك، أنهضي.»

جذبتها من يدها لتنهض معي ولكنها كانت ضعيفة وكادت تقع.

«أسند علي.»
بعد مدة كنا قد وصلنا للحمام، جعلتها تجلس على الأرضية حتى لا تنزلق وتسقط وبدأت أسكب فوق رأسها الماء البارد، كانت ترتعش ولكنني لم أتوقف، أتمنى ان تكون أحسـن سريعا.

«سمية أريد تغير ملابسي.»

«سأتوقف هنا، حاولى أن تنهضي معي سنصعد للأعلى.»

امسكتها وبذلت كل طاقتي لكي أجعلها تقف، بعد عناء وقفت وصعدنا للأعلى، ساعدتها في تغير ملابسها وأرجعتها مجددا لمكانها.

«أمي، توقفي عن البكاء وعد بعض اللحم والخضار لمريم وأنا سأجلب الدواء من السوق.»

لم أعطيها فرصة لكي تتكلم وأرتديت الحجاب وحذائي وخرجت للخارج نحو السوق، سأجلب بعض الأعشاب التي تساعد بشكل عام، فأنا لا أدرى ما خطبها.
بعد قليل توصلت للسوق وكان يوجد عطار ما أمامه العديد من الناس لذا أقتربت لأرى ما الخطب أو ماذا يبيع.
«هل اذا أخدت زوجتي من ذلك الدواء ستصبح بخير وستنجو من ندبة التنين؟»

«أجل.»

لا أعلم لما ولكنني لم أرتاح له، فبالرغم من أنه يبدو واثق جدا ألا أن لغة جسده تقول العكس تماما، يده ترتعش بخفة ويحاول أن يوقف رعشتها بأحكام يده الأخرى فوقها، كما أنه يتجنب التواصل المباشر بالأعين، أنا أحاول جاهدة بأن أنظر في داخل عينه ألا أنه ينظر على جبيني أو حاجبي، أنه يراوغ كي لا ينظر في عيني.

لا أستبعد كونه متواطىء مع الشخص الذي سيستفيد من موت أولئك الناس بأي شكل من الأشكال، تركته وأكملت السير في ذلك السوق  الطويل حتى وجدت رجل ٱخر، أشتريت منه زهور اليونسون والقرفة ورجعت مجددا للمنزل.

«هل أستوى اللحم؟»

«سيستوى قريباً.»

تلك السيدة لم تتوقف عن البكاء، حتى أن أنفها يسيل، رباه أريدها أن تتوقف لأن مظهرها سيء كما أنني لا أحبها، تخطيتها وذهبت للمطبخ ووضعت الينسون والقرفة في قدر وخرجت لفناء المنزل لأشعل نيران لأن الموقد كان مشغول، كانت النيران قوية لذا لم يمر خمس دقائق والماء كان قد غلى لأسكب منه في أناء وأقدمه لتلك المسكينة.

«أتمنى أن يعجبك.»
اخذت تنفخ فيه قليلا ومن ثم أرتشفت منه.

«لا أحب القرفة، ولكنني سأشرب ذلك الشيء، بالمناسبة بعد أن أستحممت بالماء البارد أنخفضت حرارتي.»

«كنت أعلم أنها ستنخفض.»

«لم أكن أعرف أنكِ ذكية ومثقفة.»

«وها الٱن عرفتِ، سأجلب اللحم من أسفل أرتاحي.»

لا أعلم لماذا والدتها لا تصعد، كما أنني لا أجد أخاها بالجوار لقد ذهب إلي مكان ما.

«هل ستُصعدين اللحم لمريم؟»

«أجل.»

«أنتظري سأغرفه لك.»

«حسناً.»
لا أفهم لما لا تصعد للأعلى، أهي خائفة من رؤية بنتها مريضة؟ أم خائفة من أبنتها بحد ذاتها؟ ربما تظن أنها معدية.

«تفضلِ، ها.هو.»

«شكراً، ولكن أمي أريد أن أسألك على شيء، لما لا تصعدين لتفقد مريم لو لمرة؟ أ أنت خائفة من أن تصابي بمرضها؟»

«ليس كذلك فقط أنه.»

أخذت تتعلثم لتعلمني الأجابة  بالفعل، أن مريم أقل طفل مُفضل عندها، لقد كانت تحب سمية لأنها مثلها وتحب عليّ لانه فتى، أما مريم فلم تكن مثلها وكانت فتاة.
«أن ما تفعلينه خاطىء.»
أخبرتها بهدوء وتركتها خلفي وصعدت لمريم لأعطيها اللحم.

«ستتحسين أنا واثقة.»
_____________________________________

© ماريَام ' ,
книга «الثَـالث والعشـرُون».
Коментарі