7
الخميس - يوم الخطوبة.
الجميع كان مستيقظ منذُ الفجر ؛لكي يستقبلوا والدهم من سفره ولكي يعدوا لحفل الخطوبة.
مريم كانت تظهر علامات الملل، هاريس تشعر بالذنب بعض الشيء ولكنها تعاود وتذكر نفسها أنه ليس من شأنها، هي ليست تلك الفتاة.
أما الدتهم فَكانت تتأكد أن كل شيء على ما يرام للمرة الألف.
«مريم.»
كان ذلك صوت عليّ، أخو مريم التوأم، الذي دلف لغرفتها ليرى أحوالها.
«ماذا؟»
تسائلت بينما تمشط شعرها.
«ٱسف حقاً لأنني لم أوفي بوعدي.»
تحدث بٱسف يعنيه حقاً.
«لا تتأسف ليس خطأك، لقد كنت أريدُ قضاء فترة طفولة أطول فقط ولكن لا بأس.»
تحدثت وهي تبتسم بهدوء.
«ٱسف حقاً.»
عاود التأسف والندم كان بادي على وجهه.
«لا يهم عليّ لا تتأسف، سأخطب في نهاية المطاف أن لم أخطب في ذلك العام، سأخطب في العام الذي بعده، على أية حال هل أبدو جميلة؟»
تحدثت بعدما تركت الفرشاة والمرٱة من يديها ووجهت نظرها نحوه.
«أجل تبدين جميلة.»
نبس بها ومن ثم أرجع لها أحدى خصيلاتها خلف أذنها.
«أنه قادم.»
تحدثت سمية التي كانت تلهث بقوة بسبب ركضها على الدرج بسرعة.
نزل ثلاثتهم سريعاً وجلسوا في زاوية ما تمكنهم من رؤيته بشكل واضح دون جذب أنتباهه، كان باب المنزل مفتوح بالفِعل ووالدهم على الباب في أنتظار العريس.
«السلام عليكم.»
نبس بها شاب في بداية عقده الثاني، كان طويل وذو لحية.
«وعليكم السلام يا بُني.»
تحدث والد مريم بودٍ تجاهه وهو يربت على كتفه، دلفا سوياً للداخل وجلس كلاهما على الوسائد الموضوعة على الأرضية.
«لقد جِئت لأطلب يد أبنتكم مريم، من فضلك أعطني موافقتك يا عمي.»
«أنا موافق يبني، لنقرأ الفاتحة.»
حالما بدأ كلاهما في قراءة الفاتحة، بدأت أم مريم تُـزغرد وأتبعتها باقي نساء الحي.
خلال فترة وجيزة ملئ صوت الزغاريد الحي، وخرجت مريم بالعصائر والمعجنات الصغيرة لتوزعها على أطفال الحي وهي مبتسمة، أنها تحب تلك الأجواء، حيثُ الجميع مجتمع والسعادة منتشرة بينهم.
«تفضل.»
قدمت مريم تلك المرة لخطيبها، الذي أبتسم لها وأخذ الكأس.
بينما الجميع كان منشغل في الحفل أستغلت سمية ذلك وذهبت للزقاق أياه لتحاول أن تتواصل مع ثريا.
«ثريا أين أنتِ.»
أخذت تنادي بأسمها بصوت ضئيل حتى لا تجذب أنتباه أحدهم.
«لقد كنت أتناول طعامي وأنتِ لا تكفي عن المناداة، لقد قاطعتي أهم نشاط أفعله في يومي.»
تحدثت الٱخرى وهي تبتلع طعامها الذي كانت لا تزال تمضغهُ.
«ثريا، أنا لم أسأل عنكِ بالأساس لا أريدُ معرفة أخبارك وكنت أتمنى حقاً أن لا أرى وجهك يا أمرأة، أنا في وضع كارثي الٱن بعد أن كنت أكتب مقالات لكي أطالب بحقوق أضافية للنساء الٱن أنا متهمة في محاولة تزويج قاصر.»
كانت تتكلم بغضب وكانت تحرك يدها كثيراً في الهواء لتعبر عن وجهه نظرها.
«حسناً أهدأي، لما ناديتني؟»
تجاهلت ثريا غضب هاريس ذلك وتحدثت بهدوء.
«أنا أريدُ أصلاح حياة سمية تلك سريعاً والعودة لحياتي، لا أطيق أي شيء ههنا كل شيء يدفعني للغضب.»
«خطوة جيدة، من الجيد أنكِ أتخذتيها باكراً، ما الذي يجب عليكي أصلاحه بالظبط؟ ذلك ما ستكتشفيه عندما تعيشين حياتها.»
«أين منزلها؟ سأذهب لهُ بالغد»
تحدثت بعزم والعقدة التي بين حاجبيها لم تنفك.
«في صلاة الجمعة أنتظري ههنا وأنا سأنقلك.»
أعلمتها عن ميعاد مقابلتهم.
«جيد.»
أنصرفت من ذلك الزقاق وعادت مجدداً للحفل دون أن تعي أنه هناك أعين تراقب ما تفعله وٱذان مصغية لما تقولهُ شفتيها.
عندما عادت حاولت أن تقف في زاوية بعيدة عن الحشد لتفكر في هدوء.
«أين كنتِ سمية؟»
أقتربت والدتها وسألتها بشكٍ.
«لقد كنت في المطبخ لأشرب ماء يا أمي.»
«حسناً لا تغيبي عن المكان مجدداً.»
أومأت لها بهدوء وحاولت الأختلاط مع الناس في منتصف الحفل، وكانت كل فترة تلقي نظرة خاطفة على مريم لتتفقد حالها ولترى إذا كانت سعيدة أم لا، ولحسن الحظ كانت مريم سعيدة في الحفل، وكانت بين الفنية والٱخرى تلقي هي نظرة خاطفة على يزيد -خطيبها- لذا تقلص أحساس هاريس بالذنب.
أستمر الحفل حتى صلاة المغرب، فعندما سمع الناس المؤذن ذهب الرجال للمسجد بعضهم والبعض الٱخر صلى في منزله.
«مريم»
تحدثت سمية بصوت منخفض لتجذب أنتباه تلك الصغيرة التي همهمت لها.
فتحت فمها وأغلقته عدة مرات حتى تراجعت فيما ستقول.
«لا شيء.»
•
•
•
الجمعة ، ظهراً.
كان عليّ ووالده قد رحلوا حتى يصلوا في المسجد، ومريم كانت في غرفتها كذلك، تبقى فقط سمية ووالدتها.
«أمي، سأرحل الٱن أريدُ العودة لمنزلي.»
تحدثت سمية وهي تربط نعلها على قدميها.
«حسناً مع السلامة يا سُـمية، زوريني أنا وأخوتك بين الفنية والٱخرى.»
أستقامت والدتها وحضنتها بين أذرعها لتودعها، ربتت الٱخرى على كتفيها ورحلت.
خرجت سريعاً من حارتها وتوجهت نحو الزقاق المعتاد، في أنتظار تلك المرأة.
«السلام عليكم.»
تحدثت من خلفها وهي تضع يدها على كتفها، لتُثير بحركتها تلك الرعب في قلب الأخرى.
«لقد أرعبتيني.»
«ٱسفة.»
تحدثت وهي تقهقه قليلاً.
«أنظري سنذهب تلك المرة على أرجلنا لكي أجعلكِ تعلمين الطريق من منزلك لمنزل زوجك، وأيضـًا يوجد طريق مختصر يصل بين منزل زوجك ومتجري.»
«حقاً.»
تسائلت بأستغراب، لتومأ لها برأسها الٱخرى.
«سمية، أحملي تلك القماشة.»
دفعت ثريا قماشة مربوطة بها بعض الأشياء ليد سمية سريعاً، التي أمسكتها وهي متعجبة.
«ماذا؟»
تحدثت وهي تسير بدون بفهم مع تلك المرأة.
«السلام عليكم، إلي أين أنتِ متوجهة يا سمية في ذلك الوقت مع تلك المرأة؟»
كان ذلك عليّ أخيها الذي خرج حرفياً من أسفل الأرض وأخذ يسألها، فهمت هاريس مقصد الٱخرى .
«وعليكم السلام يعليّ، كنت متوجهة نحو منزل زوجي ووجدت تلك المرأة العجوز تحمل ذلك الحِمل فسألتها عن مقصدها ولأجل حسن الحظ كنا متوجهين إلي ذات الجهة.»
أومأ لها علي بشك ومن ثم تركها وأكمل طريقه نحو المنزل.
«اوف، لقد كان هذا وشيكاً.»
زفرت هاريس.
«ولكن كيف عرفتي أنه قادم؟»
نبست بها بعدما أرجعت لها أشيائها.
«أنه سر، ولكنكِ مدهشة حقاً لقد أختلقتي قصة كاملة في ثواني.»
«عندما كنت في لندن كنت أكذب كثيراً، تقريباً لم يكن يمر يوم دون أن أكذب، لقد كنت أعمل في المخابرات.»
«لا أعلم ما تلك المخابرات ولكنكِ حقاً جيدة في الكذب، لا أعتقد أن أمرنا سيكشف سريعاً.»
«أعتقد العكس ثريا، أنا لا أعلم أي شيء عن تلك المرأة مبادئنا مختلفة جداً كذلك طرق تفكيرنا، لا أعلم ماذا تحب وماذا تكره، لا أعلم عنها أي شيء.»
تحدثت وهي تزفر بأرهاق.
«بعد مدة صغيرة ستعرفين، عليكِ الصبر فقط، إن الذكريات مقترنة بالروح ومرتبطة بها، والعقل يحمل البعض كذلك بأعتباره جزء من الجسد الذي كان يحمل تلك الروح من قبل.»
«هذا جديد كلياً بالنسبةِ لي، في الواقع أنا شخص لا يؤمن بسهولة بأي شيء حتى العلم، في عالمي كان العلماء أجمع متأكدين من كون الأرض كروية كان يوجد الكثير من النظريات والأبحاث حتى أن بعض المعدات كانت تصور الأرض وهي معلقة في الفضاء الشاسع، ولكنني لم أؤمن بكونها مكورة حتى صعدت على طائرة بجانب البحر ووجدتها بالفِعل تبدو كروية، وقتها فقط صدقت الفكرة.»
«أنتِ أمرأة صعبة يا هاريس، أفكارك ومعتقداتك وشخصيتك جميعهم متصلبين، أنتِ مثل الحجر ولكن مع ذلك لستِ بتلك الصعوبة في التعامل، أتمنى أن تساعدي سمية حقاً دون أن تتسببي في مشاكل ضخمة في حياتها.»
تحدثت العجوز وهي تنظر لها وكأنها تصف ما تراه على وجهها.
«لا تقلقي.»
«ها هو منزلها.»
أشارت لها على منزل كان يبدو أنه شاسع من داخله.
«وها هو الزقاق الذي يصل بين المنزل ومتجري.»
أشارت لزقاق كان على نفس صف منزلها.
«حسناً شكراً لكِ.»
شكرتها ومن ثم أخذت تطرق على الباب طرقات متتالية حتى يَفتح لها أحدهم.
«قادمة.»
جائها صوت أمرأة من خلف الباب، وبعد برهة فتحت لها، وبالمصادفة كانت تلك هي المرأة التي صرخت في وجهها عند مدخل المدينة.
«سمية؟»
تسائلت تلك المرأة بسخرية، كانت تبدو في أواخر عقدها الرابع.
«أجل سمية، أيمكنني أن أعبر.»
تحدثت الٱخرى وهي تنظر لها بتململ وبتبجح بعض الشيء.
«بالطبع يمكنك العبور، أنا حقاً متفاجئة أن لديكِ صوت مثلنا.»
ضحكت الٱخرى بصوت مرتفع بعدما عبرت.
«أنا مليئة بالمفٱجات.»
تحدثت وبعدها توجهت نحو الوسائد وجلست فوقها.
«سمعت أن أختك مريم خطبت، مبارك لها.»
«بارك الله فيكِ.»
تحدثت بهدوء.
«ولكن لدي سؤال.»
«أسألي.»
«أنه شيء تافه ولكنني أودُ أن أعرف حقاً، هل هو غني؟»
«هل ستتزوجيه؟ لما لا تسأليه شخصياً؟»
ضحك الٱخرى بتوتر وتركتها بعد ذلك.
بعدما تركتها أخذت سمية تتأمل المنزل جيداً ولاحظت أنه ضخم ويبدو عليه علامات الثراء.
لقد كان السجاد ضخم ومنقوش بأحترافية، الوسائد كانت مغطاة بقماش مخملي أحمر اللون، النوافذ كانت مصنوعة من زجاج ملون عكس منزلهم حيثُ كانت النوافذ عبارة عن خشب فقط.
كما أنه كان يوجد مثل أناء بهِ بخور ذو رائحة هادئة أطفت على المنزل الهدوء، بجانب رائحة طبيخ يبدو شهي.
مرت قرابة العشر دقائق حتى نزلت تلك المرأة من أعلى ولكنها كانت مُـكحلة الأعين ومرتدية قلادة من الياقوت الأخضر.
«تبدين جميلة.»
علقت هاريس لا أرادياً على مظهر الٱخرى الذي كان لطيف بالنسبة لها.
«شكراً.»
تحدثت وهي تلمس أذنها بخجل طفيف، لتضحك هاريس على ردة فعلها.
مرت دقائق قليلة حتى طرق أحدهم الباب، لتنهض الٱخرى بسرعة وتفتح لهُ، لقد كانت في أنتظاره.
«نيار حبيبي.»
بعدما دخل أقفلت الباب وقبلت جانب خدهُ الأيمن وأحتضنته بخفة، لتبتسم هاريس مجدداً حيثُ وجدتتهم لطفاء سوياً.
«لقد أعددت لكَ الطعام.»
«يبدو أنكِ أعددتِ طبخ رائع، فرائحته تبدو شهية.»
كانت هاريس تتابع الوضع وهي مبتسمة لكونهم ثنائي لطيف، حتى تداركت الوضع، سمية تلك هي الزوجة الثانية لذلك الرجل.
أدراكها لذلك عَـظَم كرهها تجاه تلك المرأة أكثر مما كان.
جلس الرجل بجانب سمية في أنتظار الطعام التي كانت تجلبه الٱخرى من الداخل.
«اوه سمية، كيف حالك؟ لقد عدتِ سريعاً من منزل أهلك.»
«بخير، في الواقع لقد أشتقتُ لمنزلي كثيراً.»
«إذاً الأمر هكذا.»
أومأت لهُ الٱخرى ولم تتحدث مجدداً.
«سلمت أناملك يا شَمسي.»
نبس بها عندما وضعت زوجته الطعام أمامه.
«ألن تصعدي لغرفتك؟»
كان هذا السؤال صعب عليها ليس لكونها تشعر أنها منبوذة فهي لا تهتم بالأصل، ولكن كان صعب عليها لأنها لا تعلم بالأصل أي غرفة هي غرفتها.
«سأفعل.»
أستقامت وتوجههت نحو الأعلى، وتركت الأمر لحدسها، كان أمامها أربع غرف أختارت ثالث واحدة ودلفتها وأول شيء توجهت نحوه هو سلة الملابس وأخرجت عباءة كانت في مقاسها لذا خمنت أنها غرفتها.
وبعد قليل من الوقت لم تجد شيء لتفعله أفضل من أن تأخذ قيلولة صغيرة لتقتل بها الوقت كما أنها أستيقظت اليوم منذ الفجر لذا هي تشعر بصداع طفيف.
•
•
هاريس
«أيتها الفتاة أستيقظي.»
فتحت عيني على تلك المرأة وهي تيقظني.
«ماذا الٱن؟»
تحدثت بعدما عاودت أغماض عيني مجدداً.
«أستيقظي لتنظفي المنزل، أنه الجمعة.»
تثاوبت قليلاً وبعدها حمحمتُ لأطرد بحة النوم.
«هل أنا الخادمة الخاصة بكم؟»
تسائلت، لتنفي هي برأسها.
«لا يا عزيزتي، الخدم يأخذون مال أنما أنتِ لا تأخذي منا مال لذا أنتِ تقريباً عبدة لدي.»
يا ألهي أنها بغيضة، تلك الشمطاء أريدُ أن ألكم وجهها وأكسر أسنانها الأمامية ولكنني كسولة جداً لأفعل ذلك.
«جيد، العبدة تريدُ أن تكمل نومها.»
«لقد كنت أتحدث معكِ حتى الٱن بلطف، ولكنني أقسم بالله أن لم تنهضي يا سمية من مكانك سأصب ماءً عليكي.»
السيدة شمطاء غاضبة الٱن، أعتقد أنهُ من الأفضل أن أنهض لكي لا يتبلل فراشي العزيز، لأنه إذا تبلل لن يجف إلا بعد أسبوع في ذلك العصر الحجري الذي أنا فيه.
«ماذا الٱن؟»
تحدثت بعدما نهضت وتركت فراشي حبيبي.
«أريدك أن تنظفي الممر والسلالم ومدخل المنزل، هيا أنهضي.»
لا أملك خيار ٱخر عدا النهوض وفعل ما تريد.
خرجت من الغرفة ونزلت للأسفل نحو المطبخ، أخذت الدلو الخشبي وخرجت لأملئه من الأناء الخزفي الذي بالخارج.
بعدما ملئته أمسكت خرقة قديمة، وقلدت ما كانت تفعله أم مريم.
أن التنظيف بذلك الشكل أشبه بالرياضة، أشعر أن ظهري سينكسر ولكن لا بأس، سيكون الأمر صادم للجميع أن تتغير سمية من الفتاة المطيعة إلي الفتاة التي لا تبالي بكلام الجميع في ليلة وضحاها.
أتمنى أن ينتهي كل ذلك سريعاً، وأن أعود لحياتي الطبيعية حيثُ البرجر ومخبر الشرطة وبناطيلي وألعابي والأنميات الخاصة بي.
كل تِلك الأشياء تستحق العودة سأعود مجدداً مهما كلفني الأمر، يا أشيائي العزيزة أنتظريني.
______________________________________
١-من كان يراقب سمية؟
٢-نيار؟
٣-شمس؟
٤-ٱرائكم؟ أي شيء؟
الجميع كان مستيقظ منذُ الفجر ؛لكي يستقبلوا والدهم من سفره ولكي يعدوا لحفل الخطوبة.
مريم كانت تظهر علامات الملل، هاريس تشعر بالذنب بعض الشيء ولكنها تعاود وتذكر نفسها أنه ليس من شأنها، هي ليست تلك الفتاة.
أما الدتهم فَكانت تتأكد أن كل شيء على ما يرام للمرة الألف.
«مريم.»
كان ذلك صوت عليّ، أخو مريم التوأم، الذي دلف لغرفتها ليرى أحوالها.
«ماذا؟»
تسائلت بينما تمشط شعرها.
«ٱسف حقاً لأنني لم أوفي بوعدي.»
تحدث بٱسف يعنيه حقاً.
«لا تتأسف ليس خطأك، لقد كنت أريدُ قضاء فترة طفولة أطول فقط ولكن لا بأس.»
تحدثت وهي تبتسم بهدوء.
«ٱسف حقاً.»
عاود التأسف والندم كان بادي على وجهه.
«لا يهم عليّ لا تتأسف، سأخطب في نهاية المطاف أن لم أخطب في ذلك العام، سأخطب في العام الذي بعده، على أية حال هل أبدو جميلة؟»
تحدثت بعدما تركت الفرشاة والمرٱة من يديها ووجهت نظرها نحوه.
«أجل تبدين جميلة.»
نبس بها ومن ثم أرجع لها أحدى خصيلاتها خلف أذنها.
«أنه قادم.»
تحدثت سمية التي كانت تلهث بقوة بسبب ركضها على الدرج بسرعة.
نزل ثلاثتهم سريعاً وجلسوا في زاوية ما تمكنهم من رؤيته بشكل واضح دون جذب أنتباهه، كان باب المنزل مفتوح بالفِعل ووالدهم على الباب في أنتظار العريس.
«السلام عليكم.»
نبس بها شاب في بداية عقده الثاني، كان طويل وذو لحية.
«وعليكم السلام يا بُني.»
تحدث والد مريم بودٍ تجاهه وهو يربت على كتفه، دلفا سوياً للداخل وجلس كلاهما على الوسائد الموضوعة على الأرضية.
«لقد جِئت لأطلب يد أبنتكم مريم، من فضلك أعطني موافقتك يا عمي.»
«أنا موافق يبني، لنقرأ الفاتحة.»
حالما بدأ كلاهما في قراءة الفاتحة، بدأت أم مريم تُـزغرد وأتبعتها باقي نساء الحي.
خلال فترة وجيزة ملئ صوت الزغاريد الحي، وخرجت مريم بالعصائر والمعجنات الصغيرة لتوزعها على أطفال الحي وهي مبتسمة، أنها تحب تلك الأجواء، حيثُ الجميع مجتمع والسعادة منتشرة بينهم.
«تفضل.»
قدمت مريم تلك المرة لخطيبها، الذي أبتسم لها وأخذ الكأس.
بينما الجميع كان منشغل في الحفل أستغلت سمية ذلك وذهبت للزقاق أياه لتحاول أن تتواصل مع ثريا.
«ثريا أين أنتِ.»
أخذت تنادي بأسمها بصوت ضئيل حتى لا تجذب أنتباه أحدهم.
«لقد كنت أتناول طعامي وأنتِ لا تكفي عن المناداة، لقد قاطعتي أهم نشاط أفعله في يومي.»
تحدثت الٱخرى وهي تبتلع طعامها الذي كانت لا تزال تمضغهُ.
«ثريا، أنا لم أسأل عنكِ بالأساس لا أريدُ معرفة أخبارك وكنت أتمنى حقاً أن لا أرى وجهك يا أمرأة، أنا في وضع كارثي الٱن بعد أن كنت أكتب مقالات لكي أطالب بحقوق أضافية للنساء الٱن أنا متهمة في محاولة تزويج قاصر.»
كانت تتكلم بغضب وكانت تحرك يدها كثيراً في الهواء لتعبر عن وجهه نظرها.
«حسناً أهدأي، لما ناديتني؟»
تجاهلت ثريا غضب هاريس ذلك وتحدثت بهدوء.
«أنا أريدُ أصلاح حياة سمية تلك سريعاً والعودة لحياتي، لا أطيق أي شيء ههنا كل شيء يدفعني للغضب.»
«خطوة جيدة، من الجيد أنكِ أتخذتيها باكراً، ما الذي يجب عليكي أصلاحه بالظبط؟ ذلك ما ستكتشفيه عندما تعيشين حياتها.»
«أين منزلها؟ سأذهب لهُ بالغد»
تحدثت بعزم والعقدة التي بين حاجبيها لم تنفك.
«في صلاة الجمعة أنتظري ههنا وأنا سأنقلك.»
أعلمتها عن ميعاد مقابلتهم.
«جيد.»
أنصرفت من ذلك الزقاق وعادت مجدداً للحفل دون أن تعي أنه هناك أعين تراقب ما تفعله وٱذان مصغية لما تقولهُ شفتيها.
عندما عادت حاولت أن تقف في زاوية بعيدة عن الحشد لتفكر في هدوء.
«أين كنتِ سمية؟»
أقتربت والدتها وسألتها بشكٍ.
«لقد كنت في المطبخ لأشرب ماء يا أمي.»
«حسناً لا تغيبي عن المكان مجدداً.»
أومأت لها بهدوء وحاولت الأختلاط مع الناس في منتصف الحفل، وكانت كل فترة تلقي نظرة خاطفة على مريم لتتفقد حالها ولترى إذا كانت سعيدة أم لا، ولحسن الحظ كانت مريم سعيدة في الحفل، وكانت بين الفنية والٱخرى تلقي هي نظرة خاطفة على يزيد -خطيبها- لذا تقلص أحساس هاريس بالذنب.
أستمر الحفل حتى صلاة المغرب، فعندما سمع الناس المؤذن ذهب الرجال للمسجد بعضهم والبعض الٱخر صلى في منزله.
«مريم»
تحدثت سمية بصوت منخفض لتجذب أنتباه تلك الصغيرة التي همهمت لها.
فتحت فمها وأغلقته عدة مرات حتى تراجعت فيما ستقول.
«لا شيء.»
•
•
•
الجمعة ، ظهراً.
كان عليّ ووالده قد رحلوا حتى يصلوا في المسجد، ومريم كانت في غرفتها كذلك، تبقى فقط سمية ووالدتها.
«أمي، سأرحل الٱن أريدُ العودة لمنزلي.»
تحدثت سمية وهي تربط نعلها على قدميها.
«حسناً مع السلامة يا سُـمية، زوريني أنا وأخوتك بين الفنية والٱخرى.»
أستقامت والدتها وحضنتها بين أذرعها لتودعها، ربتت الٱخرى على كتفيها ورحلت.
خرجت سريعاً من حارتها وتوجهت نحو الزقاق المعتاد، في أنتظار تلك المرأة.
«السلام عليكم.»
تحدثت من خلفها وهي تضع يدها على كتفها، لتُثير بحركتها تلك الرعب في قلب الأخرى.
«لقد أرعبتيني.»
«ٱسفة.»
تحدثت وهي تقهقه قليلاً.
«أنظري سنذهب تلك المرة على أرجلنا لكي أجعلكِ تعلمين الطريق من منزلك لمنزل زوجك، وأيضـًا يوجد طريق مختصر يصل بين منزل زوجك ومتجري.»
«حقاً.»
تسائلت بأستغراب، لتومأ لها برأسها الٱخرى.
«سمية، أحملي تلك القماشة.»
دفعت ثريا قماشة مربوطة بها بعض الأشياء ليد سمية سريعاً، التي أمسكتها وهي متعجبة.
«ماذا؟»
تحدثت وهي تسير بدون بفهم مع تلك المرأة.
«السلام عليكم، إلي أين أنتِ متوجهة يا سمية في ذلك الوقت مع تلك المرأة؟»
كان ذلك عليّ أخيها الذي خرج حرفياً من أسفل الأرض وأخذ يسألها، فهمت هاريس مقصد الٱخرى .
«وعليكم السلام يعليّ، كنت متوجهة نحو منزل زوجي ووجدت تلك المرأة العجوز تحمل ذلك الحِمل فسألتها عن مقصدها ولأجل حسن الحظ كنا متوجهين إلي ذات الجهة.»
أومأ لها علي بشك ومن ثم تركها وأكمل طريقه نحو المنزل.
«اوف، لقد كان هذا وشيكاً.»
زفرت هاريس.
«ولكن كيف عرفتي أنه قادم؟»
نبست بها بعدما أرجعت لها أشيائها.
«أنه سر، ولكنكِ مدهشة حقاً لقد أختلقتي قصة كاملة في ثواني.»
«عندما كنت في لندن كنت أكذب كثيراً، تقريباً لم يكن يمر يوم دون أن أكذب، لقد كنت أعمل في المخابرات.»
«لا أعلم ما تلك المخابرات ولكنكِ حقاً جيدة في الكذب، لا أعتقد أن أمرنا سيكشف سريعاً.»
«أعتقد العكس ثريا، أنا لا أعلم أي شيء عن تلك المرأة مبادئنا مختلفة جداً كذلك طرق تفكيرنا، لا أعلم ماذا تحب وماذا تكره، لا أعلم عنها أي شيء.»
تحدثت وهي تزفر بأرهاق.
«بعد مدة صغيرة ستعرفين، عليكِ الصبر فقط، إن الذكريات مقترنة بالروح ومرتبطة بها، والعقل يحمل البعض كذلك بأعتباره جزء من الجسد الذي كان يحمل تلك الروح من قبل.»
«هذا جديد كلياً بالنسبةِ لي، في الواقع أنا شخص لا يؤمن بسهولة بأي شيء حتى العلم، في عالمي كان العلماء أجمع متأكدين من كون الأرض كروية كان يوجد الكثير من النظريات والأبحاث حتى أن بعض المعدات كانت تصور الأرض وهي معلقة في الفضاء الشاسع، ولكنني لم أؤمن بكونها مكورة حتى صعدت على طائرة بجانب البحر ووجدتها بالفِعل تبدو كروية، وقتها فقط صدقت الفكرة.»
«أنتِ أمرأة صعبة يا هاريس، أفكارك ومعتقداتك وشخصيتك جميعهم متصلبين، أنتِ مثل الحجر ولكن مع ذلك لستِ بتلك الصعوبة في التعامل، أتمنى أن تساعدي سمية حقاً دون أن تتسببي في مشاكل ضخمة في حياتها.»
تحدثت العجوز وهي تنظر لها وكأنها تصف ما تراه على وجهها.
«لا تقلقي.»
«ها هو منزلها.»
أشارت لها على منزل كان يبدو أنه شاسع من داخله.
«وها هو الزقاق الذي يصل بين المنزل ومتجري.»
أشارت لزقاق كان على نفس صف منزلها.
«حسناً شكراً لكِ.»
شكرتها ومن ثم أخذت تطرق على الباب طرقات متتالية حتى يَفتح لها أحدهم.
«قادمة.»
جائها صوت أمرأة من خلف الباب، وبعد برهة فتحت لها، وبالمصادفة كانت تلك هي المرأة التي صرخت في وجهها عند مدخل المدينة.
«سمية؟»
تسائلت تلك المرأة بسخرية، كانت تبدو في أواخر عقدها الرابع.
«أجل سمية، أيمكنني أن أعبر.»
تحدثت الٱخرى وهي تنظر لها بتململ وبتبجح بعض الشيء.
«بالطبع يمكنك العبور، أنا حقاً متفاجئة أن لديكِ صوت مثلنا.»
ضحكت الٱخرى بصوت مرتفع بعدما عبرت.
«أنا مليئة بالمفٱجات.»
تحدثت وبعدها توجهت نحو الوسائد وجلست فوقها.
«سمعت أن أختك مريم خطبت، مبارك لها.»
«بارك الله فيكِ.»
تحدثت بهدوء.
«ولكن لدي سؤال.»
«أسألي.»
«أنه شيء تافه ولكنني أودُ أن أعرف حقاً، هل هو غني؟»
«هل ستتزوجيه؟ لما لا تسأليه شخصياً؟»
ضحك الٱخرى بتوتر وتركتها بعد ذلك.
بعدما تركتها أخذت سمية تتأمل المنزل جيداً ولاحظت أنه ضخم ويبدو عليه علامات الثراء.
لقد كان السجاد ضخم ومنقوش بأحترافية، الوسائد كانت مغطاة بقماش مخملي أحمر اللون، النوافذ كانت مصنوعة من زجاج ملون عكس منزلهم حيثُ كانت النوافذ عبارة عن خشب فقط.
كما أنه كان يوجد مثل أناء بهِ بخور ذو رائحة هادئة أطفت على المنزل الهدوء، بجانب رائحة طبيخ يبدو شهي.
مرت قرابة العشر دقائق حتى نزلت تلك المرأة من أعلى ولكنها كانت مُـكحلة الأعين ومرتدية قلادة من الياقوت الأخضر.
«تبدين جميلة.»
علقت هاريس لا أرادياً على مظهر الٱخرى الذي كان لطيف بالنسبة لها.
«شكراً.»
تحدثت وهي تلمس أذنها بخجل طفيف، لتضحك هاريس على ردة فعلها.
مرت دقائق قليلة حتى طرق أحدهم الباب، لتنهض الٱخرى بسرعة وتفتح لهُ، لقد كانت في أنتظاره.
«نيار حبيبي.»
بعدما دخل أقفلت الباب وقبلت جانب خدهُ الأيمن وأحتضنته بخفة، لتبتسم هاريس مجدداً حيثُ وجدتتهم لطفاء سوياً.
«لقد أعددت لكَ الطعام.»
«يبدو أنكِ أعددتِ طبخ رائع، فرائحته تبدو شهية.»
كانت هاريس تتابع الوضع وهي مبتسمة لكونهم ثنائي لطيف، حتى تداركت الوضع، سمية تلك هي الزوجة الثانية لذلك الرجل.
أدراكها لذلك عَـظَم كرهها تجاه تلك المرأة أكثر مما كان.
جلس الرجل بجانب سمية في أنتظار الطعام التي كانت تجلبه الٱخرى من الداخل.
«اوه سمية، كيف حالك؟ لقد عدتِ سريعاً من منزل أهلك.»
«بخير، في الواقع لقد أشتقتُ لمنزلي كثيراً.»
«إذاً الأمر هكذا.»
أومأت لهُ الٱخرى ولم تتحدث مجدداً.
«سلمت أناملك يا شَمسي.»
نبس بها عندما وضعت زوجته الطعام أمامه.
«ألن تصعدي لغرفتك؟»
كان هذا السؤال صعب عليها ليس لكونها تشعر أنها منبوذة فهي لا تهتم بالأصل، ولكن كان صعب عليها لأنها لا تعلم بالأصل أي غرفة هي غرفتها.
«سأفعل.»
أستقامت وتوجههت نحو الأعلى، وتركت الأمر لحدسها، كان أمامها أربع غرف أختارت ثالث واحدة ودلفتها وأول شيء توجهت نحوه هو سلة الملابس وأخرجت عباءة كانت في مقاسها لذا خمنت أنها غرفتها.
وبعد قليل من الوقت لم تجد شيء لتفعله أفضل من أن تأخذ قيلولة صغيرة لتقتل بها الوقت كما أنها أستيقظت اليوم منذ الفجر لذا هي تشعر بصداع طفيف.
•
•
هاريس
«أيتها الفتاة أستيقظي.»
فتحت عيني على تلك المرأة وهي تيقظني.
«ماذا الٱن؟»
تحدثت بعدما عاودت أغماض عيني مجدداً.
«أستيقظي لتنظفي المنزل، أنه الجمعة.»
تثاوبت قليلاً وبعدها حمحمتُ لأطرد بحة النوم.
«هل أنا الخادمة الخاصة بكم؟»
تسائلت، لتنفي هي برأسها.
«لا يا عزيزتي، الخدم يأخذون مال أنما أنتِ لا تأخذي منا مال لذا أنتِ تقريباً عبدة لدي.»
يا ألهي أنها بغيضة، تلك الشمطاء أريدُ أن ألكم وجهها وأكسر أسنانها الأمامية ولكنني كسولة جداً لأفعل ذلك.
«جيد، العبدة تريدُ أن تكمل نومها.»
«لقد كنت أتحدث معكِ حتى الٱن بلطف، ولكنني أقسم بالله أن لم تنهضي يا سمية من مكانك سأصب ماءً عليكي.»
السيدة شمطاء غاضبة الٱن، أعتقد أنهُ من الأفضل أن أنهض لكي لا يتبلل فراشي العزيز، لأنه إذا تبلل لن يجف إلا بعد أسبوع في ذلك العصر الحجري الذي أنا فيه.
«ماذا الٱن؟»
تحدثت بعدما نهضت وتركت فراشي حبيبي.
«أريدك أن تنظفي الممر والسلالم ومدخل المنزل، هيا أنهضي.»
لا أملك خيار ٱخر عدا النهوض وفعل ما تريد.
خرجت من الغرفة ونزلت للأسفل نحو المطبخ، أخذت الدلو الخشبي وخرجت لأملئه من الأناء الخزفي الذي بالخارج.
بعدما ملئته أمسكت خرقة قديمة، وقلدت ما كانت تفعله أم مريم.
أن التنظيف بذلك الشكل أشبه بالرياضة، أشعر أن ظهري سينكسر ولكن لا بأس، سيكون الأمر صادم للجميع أن تتغير سمية من الفتاة المطيعة إلي الفتاة التي لا تبالي بكلام الجميع في ليلة وضحاها.
أتمنى أن ينتهي كل ذلك سريعاً، وأن أعود لحياتي الطبيعية حيثُ البرجر ومخبر الشرطة وبناطيلي وألعابي والأنميات الخاصة بي.
كل تِلك الأشياء تستحق العودة سأعود مجدداً مهما كلفني الأمر، يا أشيائي العزيزة أنتظريني.
______________________________________
١-من كان يراقب سمية؟
٢-نيار؟
٣-شمس؟
٤-ٱرائكم؟ أي شيء؟
Коментарі