1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
النهاية
9
خارج المدينة، في منتصف النهار.

«هل شارفنا على الوصول؟»
تسائلت هاريس وهي تتأفأف.

«كلا، ليس بعد.»
كانت تلك أجابة محمد الهادئ للمرة الألف على ذات السؤال.

«لما الجمل بطيء هكذا، ألا يستطيع أن يركض؟»
كانت تلك هاريس التي تحاول فتح حوار بينها وبين ذلك الفتى التي وجدته جذاب وذو شخصية لطيفة بأي طريقة، قهقه الأخر وهز رأسه لكلتا الجانبين.

«الجمال لا تركض يا سمية، أأول مرة تركبين جمل؟»

ليست أول مرة ولكنه بطيء حقا والجو حر ومتعب.»

«قليلا بعد وسنصل يكفى تذمر.»

ساد الصمت بينهما قليلاً، فَـبينما كان الفتى مركز على الطريق، كانت هاريس تطلع في وجهه وتتغزل به سراً، مع أبتسامة بلهاء على محياها، حتى أنه لاحظ الأمر.

«لما أنت مبتسمة؟»
حول وجهه نحوها بينما يسألها.

«لأنني سعيدة.»
نبست بذات الأبتسامة البلهاء.

«هل لأنك ستذهبين الي جدتك؟»
تحدث وهو يحاول تخمين سبب أبتسامتها التي شقت وجهها.

«أصَبت.»
«لابد أنكِ أشتقت لها.»
«أجل، لقد أشتقت لها كثيراً.»
«حتى أنا أشتقت لها أتمنى أن تتعافى قريبا.»
«وأنا أيضا أتمنى أن تتعافى.»

بينما كان الجمال تسير كان يتفقد حالها من وقتٍ لٱخر وكلما تفقدها وجدها لازالت مبتسمة ببلاهة.
«ألم يؤلمك فكك من كثرة الأبتسام؟»

«على الأطلاق، أتعلم يا محمد أشعر أن اليوم مميز حقا أشعر أن السعادة تغمرني بشكل غريب.»
تحدثت وهي تتأمل في وجهه المنحوت، وملامحه الحادة من عينيه إلي أنفه المرتفع وذقنه المدبب

«ليجعل الله كل أيامك هناء وسعادة.»
«وأنت أيضا.»

نبست بها وساد الصمت مجددا حتى وصلوا لوجهتهم، أناخ الفتى الجملين ومن ثم نزلت هاريس من على الجمل، وحملت أشيائها وتوجههت مع محمد نحو منزل الجدة.
طرقوا الباب ولم يحصلوا على رد لذا طرقوا الباب مجدداً وفي تلك المرة فتحت لهم سيدة في منتصف العمر.
"السلام عليكم، الحمدلله أنكم أتيتم سريعا أن جدتكم مريضة للغاية."
تحدثت تلك السيدة وسمحت لهم بالخول للداخل، ليركض محمد للداخل نحو الجدة التي كانت طريحة في الفراش.

«وعليكم السلام، منذ متى وهي مريضة؟ وهل أخذت دواء؟»
نبست هاريس بهدوء لتحاول معرفة حال تلك العجوز.

«منذ أمس، لم أعطيها دواء ولكنني أعطيتيها حساء خضروات.»

«شكراً لكِ،
سأتولى أمرها الٱن.»
أبتسمت تلك السيدة وربتت على كتفها.

«أنا في المنزل الذي بجوارك عن اليمين، اذا أحتجت شي فقط أطرقي على بابي.»

حسنا سأطرق الباب اذا أحتجت شيء، شكراً لكِ سأذهب لأرى حالها الٱن بعد ٱذنك.»
بدأت هي تغلق الباب، لتفهم تلك السيدة وتودعها وتذهب لمنزلها الخاص.

«أذهب يا محمد حتى تصل للمدينة قبل المساء، وأنا سأهتم بها لا تقلق.»
بعدما نبست بها، أومأ لها ولم يتواني في الذهاب، لتبقى تلك الفتاة مع الجدة، فجلست بجوارها على الأرض.

«سُـمية.»

نبست جدة سُـمية بصوتٍ واهن.

«

أجل، جدتي.»

«شكراً لقدومك.»
أمسكت بيديها وأخذَت تُطبطب عليها،ترقرقت عينيها قليلاً لأنها ذكرتها بجدتها الراحلة، لذا مسحت عينيها بسرعة وأبتسمت بهدوء.

«لا يجب أن تشكريني، أخبريني فقط ما خطبك؟»

«لا أعلم حرارتي مرتفعة ومعدتي تؤلمني.»
«هل تستطيعين التنفس بشكل جيد؟»
«أجل.»

«أعتقد أنه قد يكون مشكلة مرتبطة بالطعام، ماذا أكلتي أمس؟»
«لقد تناولت فرخة.»

«هل كانت تِلك الفرخة تأكل من الأرض؟»

«بالطبع يا سمية ستأكل من الأرض، أ يجب علي أن أقدم لها الطعام في أطباق؟»

قهقت الٱخرى حالما أدركت غباء السؤال.
«ليس هذا ما قصدته ولكن لا بأس.»

أستقامت وأخذت تبحث عن المطبخ بعينيها ولم تجده لذا خمنت أن الجدة تصنع طعامها في الخارج، لأنها عندما دخلت لاحظت بعض الأواني التي كانت في الخارج بجوار موقد بسيط.
خَرجت هي وأشعلت النيران بعد عَناء، وجلبت إناء وملئته ماء من الزير الخزفي ذاك ووضعت بعض الأعشاب من التي جلبتها الأم من سوق المدينة.

وبينما هي تنتظر غليان المياه بدأت تفكر في العديد من الأشياء منها هل هي بالفعل مستعدة للتخلي عن حياتها الحقيقة في لندن؟ هل بقاؤها ههنا أفضل؟ ماذا يجب أن تفعل حتى لا تندم فيما بعد؟ وأشياء كثيرة حتى أنها لم تلاحظ أن الماء قد غلى منذ مدة، حتى إن منسوبه قد قل قليلاً، لتهرع وتطفئه بسرعة.

«جدتي أين الأطباق؟»

«ألا تعرفي مكانها؟ ستجديها في الغرفة التي على يمينك.»
لم تجِب على سؤالها ودخلت الغرفة المقصودة وجلبت إناء خشبي غويط وخرجت للخارج وملئته من الماء الذي يحتوى على أعشاب.

«أتمنى أن تتحسني بعد شربه.»
نبست بها وهي تعضدها كي تنصب ظهرها.

«أفغري فاكِ.»

قالتها وهي تمد لها معلقة قد نفخت فيها مسبقا.

«لست بطفلة سأشربه حالما يبرد، أترككي من الدواء الان أحكي لي عن المستجدات التي في حياتك، ما ٱخر الأشياء التي فعلتيها؟»

شعرت هاريس بالود تجاهها وتذكرت جدتها الراحلة التي كانت تشبه تلك المرأة القابعة أمامها بشكل كبير، لذا بدأت تتحدث معها بالفِعل.

«لا يوجد تغير كبير جداً، ولكن يوجد أمر ما أريده ولكنني لست أعلم ما اللذي يجب أن أفعله حتى أحصل عليه أشعر أن ثمنه كبير وضخم كما أن ثمنهُ مجهول بالنسبة لي، لا أعلم كم سيتطلب، لذا أفكر في تركه يرحل وأبدأ بتنظيم حياتي كما لو أنه لم يوجد، ولكنني لازلتُ أريدهُ.»

«رباه لقد كبرتي يا سمية حقا حتى أصبح  لديكي أسرار مخباه عني.»
ضربتها على كتفها وهي تضحك وبعدها أكملت حديثها.

«حسناً أنظري سأخبرك بسرٍ ما، عندما كنت صغيرة أردت الزواج بجدك،  لقد كنا أحباب لفترة قصيرة، كانت رؤيتي له فقط تجعلني سعيدة، كنا نلتقي كل يوم عند البئر ذاتهُ فجراً لنجلب الماء، لم نكن نتحدث في بادئ الأمر، فقط ننتظر بعضنا البعض كل يوم ونرحل، إلى أن جاء اليوم الذي سألني فيه عن أسمي، لقد ظللت اليوم بأكملهُ سعيدة بذلك، بعدها كنا نتحدث قليلاً فقط، هكذا بدأ الأمر، فقط الجلوس بجواره بعدما أشرَقت الشمس بقليل والعصافير ترفرف فقط هذا كان يجعلني سعيدة، حتى لو لم نتحدث.»
تنهدت قليلاً قبل أن تكمل.

«كان ذلك تقريباً وأنا في سن مَـريم أو أكبر قليلاً، قد تمت خطبتي للرجل ٱخر وقتها شعرت كما لو أن عالمي ينهار أخبرت والديّ مراراً وتكراراً أنني لا أريده ولكن لم يهتم أحد لي، لذا توقفت عن تناول الطعام ليومين تقريباً لم آكل أو ٱشرب شيء، حتى أُغمى علي، حينها فقط أدركوا مدى رفضي للزواج من ذلك الفتى وفي النهاية تزوجت جدك.»

سكتت قليلا لتبتلع ريقها ولتشرب من ذلك الدواء العشبي ومن ثم أردفَت.

«بينما كان الجوع يلتف ويعصر في بطني كنت غير واثقة فيما أفعله لم أكن واثقة من النتيجة كنت ليلاً أبكي وأدعو بكل قلبي، وقتها كانت دعواتي يائسة حقاً رُبما لهذا السبب أستمَع لي الرب، كنت في ذلك الوقت واثقة أن الأمر لن يتم كما أريد، كنت محبطة للغاية ولم أملك طاقة لفعل أي شيء، كنت أشبه بشخص يحاول النجاة في وسط المحيط الكبير بالرغم من أنه لا يرى أي يابسة، وبالرغم من ذلك كان يُجدف بأرجله بكل قوته كان يصارع المياة وهو وهنٍ وضعيف. ولكنني كنت أعلم أنني سأندم للأبد إذا لم أحاول لذلك السبب حاولت، على قدر أهمية الشيء عندكِ حاربي من أجله.»

_________________________________________


أهلاً 👋🏼💗

أكتبوا أي شيء تودون كتابتهُ، حتى لو ليس لهُ علاقة بالرواية.(•̀ᴗ•́)

© ماريَام ' ,
книга «الثَـالث والعشـرُون».
Коментарі