"1"
"2"
"3"
"4"
"5"
"6"
"7"
"8"
"9"
"10"
"11"
"12"
"13"
"14"
"15"
"16"
"17"
"18"
"19" The end
"2"

(بعد حادثة المطبخ خلدت للنوم والشكوك تراودني ...أكنت أتخيل ؟ أم أنه كان صوتًا من الخارج ؟ مستحيل! .. لقد سمعته وأنا واثق من أنه من مطبخي ...حسنًا من يعلم ..)

هذا ما كان يفكر فيه تايهيونغ خلال اليومين الذين تليا يوم شرائه لذلك الكتاب الذي انتهى به المطاف في علّيّة منزله عندما كان يقوم بتنظيفه...قام بوضعه في صندوق خشبي مع مجموعة أخرى من الكتب التي قرر أن يتبرع بها عندما يجد وقتاً لذلك ..

ارتدى قبعته الصيفية ليخرج من منزله بعد أن تأكد من إقفال الباب خلفه ...

عندما استيقظ في الصباح الباكر على غير عادته في أيام العطل ..كان يشعر برغبةٍ كبيرةٍ في الذهاب إلى قبر والديه فقد مضت مدة على آخر مرةٍ زارهما بسبب انشغاله بدراسته في الجامعة بتخصص اللغات بالتحديد اللغة الإنجليزية ...رغم أنه لم يكن يحبها لكنّ جيمين أقنعه بدراستها عوضاً عن دراسة القضاء كما كان يفكر الأصغر ...وهو بحق بدأ يعتقد أنه أخطأ الاختيار فهي ليست سهلة كما تمنى ...

كان بالفعل قد وصل الى تلك المقبرة الكبيرة التي حوت أجساداً عاشت فيها في إحدى الأيام أرواحٌ عذبتها الحياة و نقشت عليها آثارها ...

شقّ طريقهُ بين القبور وهو يضع هدفاً أمامه ...قبران متوسطا الحجم يستظلان مع مجموعة أخرى من القبور بشجرة كبيرة امتدت ظلالها على الأرض ...

عندما وصلهما ...ارتسمت ابتسامة صغيرة على ثغره ...ربما كانت مليئة بالحزن ...

وضع باقة الزهور التي في يده أمام شاهدة القبر ..ثم انحنى ليجلس على ركبتيه ويداه تشدان على بنطاله ...رغم أنه لم يعش مع والديه كثيراً ..إلا أنه أحبهما ... ذلك الشعور نما في داخله رغم عدم تذكره لوجهيهما جيداً ...لولا تلك الصور القديمة التي ملأت أحد الألبومات في درج مكتبه..

امتلأت كذلك عيناه بالدموع بمجرد تذكره لتلك الصور وللقصص والذكريات التي كانت تروى له على ألسنة جيرانهم القدامى ...لم يستطع كبت ألم وحدته أكثر فانفجر بالبكاء يحاول خفض صوته بتغطية فمه بيده المرتجفة .. الدموع سالت على وجهه بغزارة ...ربما هي كانت تنتظر الوقت المناسب للنزول فلم تنزل منها واحدة قط خلال الأشهر الماضية ....

ازداد بكاؤه وعلا صوته بكلمات عتابِ محبٍ للراحلين اللذين لم يكن لهما يد فيما حدث

( لماذا ذهبتما ؟ لمَ تركتماني وحيداً ؟ هذا مؤلم أتعلمان كم أشعر بالفراغ والوحدة ؟... أتعلمان ؟) ..
زاد ارتجاج جسده أكثر حتى بدأ بكاؤه يصبح هستيرياً ...لكن ربما حال شعورٌ غمره من أن يتحول بكاؤه إلى آخر يزعج تلك الأرواح التي يحق لها أن ترقد بسلام ....

كان شعوراً دافئاً بيدين طويلتين التفتا حول خاصرته تضمه في عناقٍ من الخلف ...
توقف عن البكاء تدريجياً ..فقد كان مصدوماً .. من قد يأتي ليخفف عنه ألمه ؟ هو بالفعل لا يعرف الكثير من الناس ...وتلك اليدان أكبر من أن تكونا لجيمين !..

بلع ريقه بعد أن توقف كلياً عن البكاء ودون أن ينظر بأي اتجاه آخر حرّك رأسه ليساره مغمض العينين...

لم يشعر إلا بأنفاس حارة ترتطم بوجهه ...

ابتلع ريقه مرةً أخرى ثم فتح عينيه ببطء شديد....
فتحهما ..لكنه لم يقابل أي شيءٍ أمامه...كان المكان خالياً من أي روح غير خاصته .... رمش مراتٍ عديدة وقام بفرك عينيه بكلا كفيه ...
من شدة إرهاقه الذي اكتسبه من بكائه ..هو لم يفكر بالأمر كثيراً ..وأسند السبب في شعوره إلى وحدته و افتقاده لهما ...لمن لم يرهما كثيراً ....

بعد إمضاء ساعة أخرى في مكانه لكن دون دموع رطبة لتغلف وجهه الذي بات جافاً منها بفعل أشعة الشمس القوية ...أمضى تلك الساعة يدعو لهما و يعيد استرجاع تلك الذكريات التي يحفظها في ذاكرته كأغلى الكنوز في حياته ....

عاد لمنزله مرهقاً و متعب الروح يشعر باختناق في صدره لا يعرف كيف يتخلص منه ...أكان كل هذا فقط ما قُدِّر عليه أن يعيشه من الوحدة و العزلة ؟ ..رغم كون جيمين أفضل صديق له إلا أنهما رغم هذا لا يريان بعضهما البعض كثيراً لانشغالهما في حياتهما ..أحدهما في دراسته والآخر في إدارة شركة والده التي مازالت صغيرة وتحتاج للاهتمام حتى تنجح كما كانت أمنية الراحل ...

كان يسير بترنح يشعر بالصداع ينهش خلايا رأسه ..ربما لشدة بكائه...لم يستقل سيارة في طريق عودته ...هو أراد وبشدة الشعور بلفحات الهواء التي باتت باردة لأن ستار الليل بدأ ينسدل على المدينة ...
كان يسير ..لكن عقله لم يكن معه ..كان بالفعل شارد الانتباه و كأنه في عالم آخر ...للدرجة التي جعلته لا يعي أنه قطع الشارع من ممر المشاة والإشارة الضوئية لم تكن تضيء باللون الذي يسمح له بذلك ...الحظ لم يكن حليفه ..- ربما كما كان في العادة - ...

فإحدى الحافلات التي كانت تنوي قطع الطريق وقتها وجدته عائقاً أمامها ..لكن صاحبها لم يكن يملك الوقت الكافي ليغير طريقه ويتفادى ذلك ...
من حال دون موت شخص آخر في هذا العالم...كانت يداً باردة أحاطت ساعده الأيسر لتسحبه بعنف تجاه صاحبها ...ثم تركته بعد أن أبعدته عن الطريق ليسقط على الأرض بقرب الرصيف بعنف لتهرب منه صرخة ألم....

الحافلة توقفت بفوضوية ونزل سائقها ليتفقد الآخر...أما اللذين كانوا خلفه ولم يعصوا قوانين المرور -بقطع الشارع بتلك الطريقة المتهورة- ..

كانوا ينظرون له بنظرات مستفسرة وأخرى بدت أقرب للمرعوبة ...ربما لتلك الطريقة الغريبة التي انتُشل فيها و أُبعد عن موته الذي كاد أن يكون محتماً ... فأكثر ما كان يبدو عليه الأمر أن شخصاً ما كان يقف خلف الآخر ..استناداً للطريقة التي شُدّت فيها ذراعُه بعيداً عنه و كيف رُميَ للخلف ..
تايهيونغ فحسب قام بمبادلتهم ذات النظرات ..ربما المستفسرة والمرعوبة قليلاً...
من يدري ما كان ذلك ..أكان حقيقياً ؟!

.




© mira_cha,
книга «أحببت وجودك».
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (6)
Neekoo
"2"
انتي راويتي المفضله..خلاص بلا نقاش؛-؛💜💜🌸🌸
Відповісти
2018-08-21 09:21:35
1
Sho8765Sho
"2"
@Neekoo وانا ايضا حبي لروايه قاعد يزيد
Відповісти
2018-08-21 09:32:09
2
سَلام
"2"
حبيت تشبيهك للآشياء +تحمست للمجهول وقصته .
Відповісти
2018-08-26 16:19:15
3