"9"
.
الخذلان شعور مؤلم ....يستمر بنهش روحك وتحطيمها لأجزاء صغيرة تتبعثر في طريقك في الحياة مشكلةً دربًا من الألم خلفكَ يلازمك للأبد ....
.
غسلَ يدهُ ثم رفعها أمامه ينظر لها بشرود ...كل شيء يمكن وصفه بالوهم ...لكن عندما يصبح ملموسا لا مشاهدًا او صوتًا ..عندما يصبح بين يديك حينها يمكنك أن تتوقف عن الشعور بالتشتت ..فكل شيء يصبح منطقيًا بشكلٍ غير منطقي ... سيكون صعبًا على العقل البشري تخيُله ..لكن المعجزات موجودة ..اذاً كل شيء ممكن و بشكل ما !
.
جلس على تلك الأريكة التي تتوسط غرفة المعيشة في منزله ...ستار الليل مازالَ مسدلًا على المكانِ ...رغم ذلك هو أضاء مصباحَ الغرفة .. أيعتبر هذا تغيرًا في عاداته ؟
.
مرت ثلاثة أسابيع فعلًا على تلك الليلة التي أفصح أثناء ساعاتها لجيمين عمّا كان يحدث معه وعن تلك التغيراتِ التي كبلت يديه بحبل سَحَبهُ أحدهم متجهًا بتايهيونغ للجنون ...لكن ..من أمسك ذلك الحبل اختفى ..
اختفى فجأةً ! ..ترك تاي يحاولُ فهم أمره ...أهو حرٌ الآن من تلك القيود ؟ أيستطيع العودة لحياتهِ الكئيبةِ و الوحيدةِ مرةً أخرى ؟ دون تلك الأحداث التي أشعرته أنه يعيش في أحد أفلام الرعبِ الخيالية ! ..
.
أعاد رأسه للخلفِ ليرتكزَ على ظهرِ الاريكةِ ....و أعاد معه سرد أيام و ساعات تلك الأحداث ...تذكرها جميعها و بتفاصيلها ...
فكرَ فيها ..فكرَ كثيرًا ..
هو للآن يشعر أنها شيءٌ أشبه بكابوسٍ أو حلمٍ عاشه ..و لا يدري حقاً ..أكانت تؤلمهُ لِمَ أحدثتهُ في روحهِ حقاً ؟ هل آلمتهُ حقاً ؟ أم أن ذلك الألم كان نابعًا من أن حياتهُ بِها تغيرت فجأةً ...بطريقةٍ ما هي لم تَعُد ذاتَ الحياة التي كان يعيش سابقا ... هو شَعر بطيفِ الوحدة ينسِلُ منها و يخرجِ بهدوءٍ شديدٍ .... شعر بالحياةِ معها ..حتى لو كانت غريبةً و صعبةَ التصديق ..هو شعر بوجودٍ .. يؤنسهُ ...
وفي بعض الأوقاتِ كان ينقذهُ و يحافظُ على حياتهِ ..في البعضِ الآخر كان يرميه في مستنقع] من الشكوكِ و التشتتِ اللامتناهي ...
فستاءل (ما ذاك ؟ )
أفي ما حدثَ لهُ خيرٌ لهُ أم شرٌ ..أم شيءٌ آخر لا يعرفه ..أحقا يوجد خيارٌ ثالث !؟
أكان الموت؟ ..هل نهايةُ كل هذا موتهُ؟ ...أغمضَ عينيه بألم لتلك الفكرةِ ...إلى الآن و رغم كل شيء هو ما زال يريدُ و يحلم بحقٍ بالعيشِ بسعادةٍ و الشعورِ بالحياةِ تقفُ معهُ و تُسعِدهُ باختفاء وحدته و آلامه التي تأتي له من حيث لا يدري..
كرر رفع يده لتصبح أمام وجهه ...رغم أنه غسل ما كان عليها ...لكنه ما زال يستطيع تذكر ذلك الشعور ..الشعور بقطرةٍ صغيرةٍ تحطُ عليها وتتناثر ...من كان يبكي؟ ..
هل البشرُ وحدهم من يبكون ؟ ...لا ..لكن لا شيء آخر يبكي غير الكائناتِ الحية ...اذاً الجدارُ و السقفُ لن يبكيا !
شعر ببعضِ الإحباطِ لكميةِ الغموضِ في ثنايا التفاصيل...
هو حقاً بدأ ..أو بالفعل هو يصدق الآن كل شيء حدثَ لهُ ...
و يريدُ فجأةً أن يصبح واقعًا و حقيقةً ...
لا يدري لم ..لكن شعورًا صغيرًا بدأ ينمو في داخل روحهِ ومن بين ركامِها خرجت براعمه ..هو رآها هبةً من السماءِ ... مَهمَن كان و مهما كان السبب فيما حدث ..هو يريد له الاستمرار ...لكن دون أذيته طبعاً...فذاته بالفعل تأذت بما يكفي و هي لا تريد من يزيد الجرح ألمًا ..
ربما ألمه ذلك كان بدايةً لعلاجِ جروحه ...كمعقمٍ لها ..سيؤلم قليلًا لكنه سيساعدها لتشفى ...
.
فابتسم ...هو ابتسم حقا !
ليس أي ابتسامة ...بل ابتسامة مرتاحة مر على أخر مرة ظهرت فيها سنوات عدة ..اختفت لفترة لكنها عادت ..ربما رسم بعض الآمال و لو كانت خياليةً قليلًا تنقذنا ..
(إن كانت تلك الخيالات ستنقذني فسأدمنها كما ندمن نحن البشر الهواء بشكلٍ غريزي )…
حمل جسده من مكانهِ ليستقيم و يغلق الضوء ثم ذهب للمطبخ ...صنع قهوةً مرّةً له ..ثم ارتدى سترتًا فالجو بارد قليلا وهو للحق لا يريدُ تواجد المرض بقربه ...
خرج من منزله بعد تأكده من أقفاله ....
كان الجو كما يعرفه هادئ .. تصاحبه لفحات هواء بارده تجعل الجسد يرتعش قليلًا ...هو أحبَ ذلك الشعور وهو يسري في جسده ليجعله ينتفضَ بخفةٍ ...وكأنهُ يعيدُ إنعاشهُ بشكلٍ ما ! .
.
سار على الطريق المجاور لصف أشجارٍ عاليةٍ قليلًا اصطفت بانتظام.....
كل بضعة دقائق كان يرفع يده اليمنى التي تحمل كوب القهوة بها ...يقربه لشفاههِ المتوردةِ بفعلِ الهواءِ الباردِ .. يحتسي القليل ثم يعيد إنزالها مرة أخرى ...
هو لم يبتعد في سيره كثيرًا عن منزلهِ ... سيرُ بعضِ مئاتٍ من الأمتار في منطقةِ سكنه سيصفي ذهنه من كل شيء و يجعله يصبح هادئًا مرة أخرى كهدوءِ المكان ...
.
رأى كرسيًا خشبيًا تحت أحدى الأشجار ...جلست عليه بعض أوراقها ..أزاحها بيده و جلس عليه هو الآخر...كان مرتاحًا...يشعرُ بكمٍ كبيرٍ من الراحةِ تجتاحه ..و للحظةٍ فكر و تمنى بشرودٍ لو كانت تلك اليدان موجودتان لتعانقه بحضنها الدافئ مرة اخرى ...ابتسم ..هو حقا بحاجتها ...
تايهيونغ ! هل أنت بالصدفةِ شخصٌ خارق !!!؟
.
دقائق قليلة ..ربما اثنتان أو ثلاثة .. فحسب و كانت اليدان تلتفان حول رقبته و جسد صاحبها المجهول لامس رأس تاي من الخلف كون الآخر أرخى رأسه بمجرد شعوره بهما تحيطانه ...أغمض عينيه ...لا يدري لمَ لكنه لم يفكر بالنظر للخلف ..أراد فقط الاستمتاع بهذه اللحظة بعد مرور وقتٍ طويلٍ جداً على أخر مرة حظي بها ...
كانتا باردتا الأصابع ..هذا ما شعر به عندما لامست أسفل رقبته و عظمة ترقوته البارزة المكشوفة ...رغم هذا هو استطاع الشعور بالدفء حقا ..جسد من يحتضنهُ كان ينشر الدفء بجسد تاي البارد بسبب بردةِ تلك الليلة ...
.
مغمضَ العينين لدقائق بقي ...يبتسم بخفه بارتفاع طرف شفتيه ..
كان حضنًا دافئًا لكن ليس بقوي بل لطيفًا يزيد من هدوء الجو ...
مر قليلٌ من الوقت ثم ازداد انغلاق جفني تاي ...ثم نام مرتاحًا ...يشعر بشكل ما بأن ألمًا كان يجلس على صدره قد أزيح و اختفى بعيدًا ...
نام و هو مازال مبتسمًا...
( تاي كُنْ واثقًا أن كل شيء سيتغير و يصبح أفضل )
ربما جملة جيمين التي قالها لتاي و قتها تحدُث ؟
جيمين مالذي يجعلك واثقًا بتغير كل شيء ؟ أهذا لشدة حبك للأخر و حرصك على سعادته ؟..
تاي نام مبتسمًا و مرتاحًا يشعر بالدفء في سريره مغطًا بغطاءٍ دافء كي لا يبرد ...و الفاعل حقًا كان يبتسم أيضًا ...
.
وبس
للصدق جاني جفاف وانا اكتب ؛-؛
اصلا عادي
.
كونوا بخير
وابتسموا
و اضحكوا
.
لوف يو يعسل
انتم مصدر لسعادتي
Коментарі