2. Coincidence
أستيقظت متأخرة عن العادة و أشعر و كأن جسدي مُحطم من إرهاق ليلة أمس لكن هذا لن يمنعني من ممارسة رياضتي اليومية. أرتديت ملابس الركض الخاصة بي و ترجلت من المنزل، السماعات في أذني أستمع لبعض الأغاني و أردد كلماتها و أنا أركض.
ظللت أركض لنصف ساعة تقريباََ حتي شعرت بالتعب الشديد فقررت أن أتوقف عند المخبز القديم لكي أشتري بعض الأغراض ثم أعود لتناولها في المنزل مع كوب من القهوة.
أزلت سماعة أذني و دلفت للمخبز. من الغريب أنه كان خالِِ من البشر! عادةََ ما يكون مزدحم. أياََ يكن، توقفت في المكان المخصص للطلب و لكنني لم أجد أحداََ ايضاََ.
"مرحباََ ؟" قلتها بنبرة اشبة بالتساؤل لأتأكد ما إن كان هناك أحد.
ظهر أيزاك بعدها من أسفل الطاولة الكبيرة المخصصة للطلب، أكاد أجزم أن ظهوره المفاجئ كاد يسبب لي سكتة قلبية.
"هل تمازحني؟!"سألت بإستنكار بينما أراقبه بغير تصديق. منذ متي و هو يعمل هنا؟! أنا آتي إلي هنا من مرتين إلي ثلاث مرات إسبوعياََ و لم أره هنا من قبل.
" ألم أقل لكِ أنكِ ستجدين طريقك لي بيل" قالها مقهقهاََ ثم غمز لي بطريقة مريبة، يتصرف و كأنها ليست محض صدفة.
"منذ متي و أنت تعمل هنا أيزاك؟" قلتها متجاهلة طريقته المريبة، هذه مجرد صدف إنه فقط يبالغ في الأمر.
"لقد بدأت العمل هنا تواََ، أنت تعلمين لقد أنتقلت إلي هنا حديثا و أحتاج أن أعمل بالطبع" قالها و هو ينتظر مني أن أخبره بطلبي كي يقوم بتدوينه.
"أريد قطعة من فطيرة التفاح تلك و كوب قهوة". بدأ بتدوين الطلب سريعاً ثم قال "أرتاحي علي تلك الطاولة و سوف آتي لكِ بطلبك" و أعطاني إبتسامة لطيفة قبل المغادرة.
جلست علي الطاولة منتظرة أن يأتي أيزاك بالطلب و بالفعل بعد عدة دقائق ظهر أيزاك و معه طلبي و كوبان من قهوة.
" أتمانعين لو أنضممت إليكِ؟" سألني و هو يضع الفطيرة و كوبي أمامي علي الطاولة.
" لا بالطبع، تفضل" جلس مبتسماََ، يرتشف من قهوته بمزاج.
"إذا.. كم عمرك بيل؟"
"أنا في التاسعة عشر من عمري، ماذا عنك؟ "
" أثنين و عشرون" أومأت له و بدأت بتناول الفطيرة، إنها لذيذة جداََ، هذا ما كنت أجتاجه لليوم.
"إنها حقاََ لذيذة شكراََ لك" قلتها بإبتسامة خفيفة.
" انتِ ستغادرين للجامعة بعد العطلة، أليس كذلك؟"
" نعم سأفعل" أردت التساؤل عن سبب عمله و انتقاله هنا لكنه سبقني قائلاََ
" بالتأكيد يُرهقك والديكِ بالحديث عن كم سيفتقدوكي و ما شبة" قال مقهقاََ و نظره موجه لي. تحولت ملامحي إلي العبوس و أجبته
"كنت أتمني ذلك لكنهم قد توفوا عندما كنت في الخامسة عشر" قلتها متذكرة ما حدث،راقبني أيزاك بحزن قبل أن يردف بنبرة نادمة
"أَوة... أنا أسف"
لا عليك، إنه ليس خطأك" قلتها مهونة عليه فهو بالتأكيد ليس خطأه.
" كيف حدث ذلك؟" تمنيت بداخلي أن لا يسأل هذا السؤال كي لا تعود تلك اللحظات إلي ذاكرتي مجدداً فقد أرهقتني لفترة كبيرة من حياتي و أنا فقط لا أستطيع أن أتحدث و أخبر أحد بما يحدث داخلي من دمار لم و لن أفعل ذلك. أنا لا أثق بأحد كفاية كي أفتح معه تلك الصفحة من حياتي و أنا واثقه بأنه لن ينفر و يرحل بعيداََ كما فعل الجميع. حتي إيما لا تعرف، لا أحد يعرف.
"أين ذهبتي؟" قال ملوحاََ بيديه أمام وجههي لأستفيق سريعاََ و أجيب بمختصرة
"حادث" توقف عن التلويح و أومأ متفهماََ
"لا عليك، لقد توفى والداي أيضاََ مما دفعني للإنتقال إلي هنا في لوس أنجلوس كبداية جديدة"
"أتمني أن تكون بداية جديدة موفقة" قلتها بإبتسامة لطيفة
" هي كذلك " قالها بصوت أشبه من الهمس مبتسماََ و هو يتمعن النظر إلى وجههي، أعتقد أنه أطال النظر قليلاََ لأتحمحم قائلة
" حسناََ شكراََ لك علي الفطور مرة أخرى، يجب علي الذهاب للمنزل"قلتها بينما أخرج الأموال من حقيبتي و أضعها علي الطاولة فأنا اعرف كم تكلفة هذا الطلب. كنت متجهه نحو الباب لكن أوقفني صوته الذي صدح في المكان
" انتظري، ما هذا ؟" قالها مشيراََ إلي الأموال التي علي الطاولة
" إنه الحساب و لا تفكر حتي بمجادلتي و محاولة التهرب من أخذ الأموال لأنني أُصر" قلتها بجدية ليومئ رافعاََ يديه بإستسلام
"حسناََ حسناََ" قالها ثم ألتفت مرة أخري ناحية الباب لكنه أوقفني مجدداََ
"بيل" نظرت له ثم همهمت بإنصات
"هل يمكننا أن نلتقي مجدداََ؟ " قالها بنبرة مترددة بعض الشيء
" بالطبع يمكننا، ألسنا أصدقاء؟" قلتها و أنا اهز رأسي بالموافقة
"أين نلتقي في المرة المقبلة؟"سألني بإبتسامة متسعة. حسناََ ربما لم أقل ذلك عن أحد مسبقاََ لكنه حقاََ يملك إبتسامة بأمكانِها أسر قلبك.
" ستجد طريقك لي أيزاك قلتها مقتبسة جملته الغريبة بإبتسامة لعوبة ، تركته و خرجت من المخبز، سرت بضعة خطوات و الإبتسامة لم تفارق وجهي ثم توقفت. عدت أدراجي مرة أخرى للمخبز و فتحت الباب مجدداََ لأجد أن أيزاك مازال علي نفس وضعيته المبتسمة حتى أنتبه لدخولي مرة أخرى، لاحظت إرتباكه لكنني تجاهلته قائلة
غداََ الساعة السادسة مساءََ في الحديقة المجاورة بعد إنهاء عملك" خرجت و أغلقت الباب مجدداََ دون أن أسمع رده لأضع السماعات في أذني مرة أخري و أسير عائدة لمنزلي.
قضيت أغلب يومي أطبخ الغذاء لنفسي و أشاهد البرامج التلفزيونية و أتحدث مع إيما عن كيف كان يومها،هي تقضي وقتاََ ممتعاََ في ميامي و هي سعيدة جداََ. تحدثت لساعة كاملة عن كم أن فتيان ميامي وسيمين و هي فقط لا تستطيع التوقف عن التحديق بهم. لم أخبرها عن أيزاك و لا أعلم لمَ لكن أعتقد لأنني لا أريد أن أسمعها تصرخ و تختار لنا أسماء أطفالنا بالمستقبل. هي فقط تبالغ كثيراََ أنا لا أعرفه سوى منذ يومين.
أعتقد أنه شخص لطيف حقاََ لكن هناك جانباََ منه يجعلني أشعر بالريبة و الفضول تجاهه. لا أعلم لمَ أشعر بتلك الطريقة لكنني فقط لا أستطيع إخماد ذلك الجزء مني الذي يريد أن يعلم كل أسراره التي يخفيها و بالطبع هو لن يخبر شخصاََ تعرف عليه لتوه لذا علي فقط التعايش مع الأمر.
أنتهي اليوم و قررت أن أخلد للنوم لأنني أشعر بالملل الشديد لكن بالطبع أفكاري لن تدعني وشأني. أفكر بكل شئ تقريبا
والداي
الجامعة
أيزاك
المستقبل
و أنا
دائماََ ما كنت أهاب التفكير في المستقبل، فيما مضي لم أكن حتي أفكر به و أعيش اليوم بيومه. لقد تغيرت و أصبحت شخصاََ يريد أن يعلم ماذا سيفعل و ماذا سيحدث لا أريد أن أتماشي مع الحياة و أكتشف مستقبلي في الوقت المناسب؛لأنه ليس مناسباََ بالنسبة لي، أنا فقط لا أريد أن أُصدم من الذي سيحدث، ليس مجدداََ.
ماذا لو كان مقدر أن يحدث لي أشياء سيئة أخري؟ ماذا لو لم أستطع أن أخبر أحد عن الدمار الذي بداخلي؟ماذا لو كتمت كل شئ بداخلي كما أفعل دائماََ و تسرب الحزن بداخلي حتي قتل روحي لأبقى هكذا دون مشاعر مثل الشخص الميت ؟ ماذا لو لم أعرف أبداََ من أنا؟
علي الأقل أعلم أنني فوضي.
غلبني النوم و أخيراََ ليمنع تلك الأفكار و الذكريات من التسلل إلي رأسي و العبث بها.
اليوم التالي
إن الساعة الآن السادسة مساءََ و أنا في طريقي لمقابلة أيزاك في الحديقة.
مازلت لا أستطيع تحديد الجزء المريب منه لكنني سأكتشفه مع الوقت.
وصلت للحديقة و رأيت أيزاك يلوح لي لأعرف مكانه و أتجه ناحيته بإبتسامة متسعة
"مرحباََ أيزاك" قلتها و أنا أصافحه و قبل أن يرد التحية أخرج وردة من معطفه و أهداها لي و قال بإبتسامته الجذابة
" مرحباََ بيل"
"أنت نبيل جدا أيزاك، شكراً لك" قلتها، أخذت منه الوردة و أشتممتها بينما هو أبتسم بخجل
"كيف عرفت نوعي المفضل؟ " سألته عاقدة حاجبي
"لم أكن أعلم صراحة لقد جلبتها و تمنيت طوال الطريق أن تكون نوعك المفضل" قهقت علي ما قاله، ربما هو مريب بعض الشيء لكن هذا لا يعني أنه ليس لطيفاََ جداََ.
جلست بجانبه و تبادلنا أطراف الحديث،كان يحدثني عن مواقف له في الطفولة و كنت لا أستطيع التوقف عن الضحك فقد كان مرحاََ و أحمقاََ في طفولته.
" ألا يوجد موقف ممتع لا تستطيعين نسيانه من طفولتك؟" توقفت عن الضحك و أنا أحاول التذكر لكن كل ما يأتي في مخيلتي هي ذكريات لم أرغب يوماََ في تذكرها. صمتُ قليلاََ ثم أخبرته
'' لقد كنت أذهب في العطلة أنا و أمي و أبي و أخي إلي منزل جدتي المتوفاة و كنت أحب الذهاب إلي هناك فقد كان في الريف و كان هناك العديد من الألعاب، كنا نقضي العديد من الوقت نتسابق و علمني أبي ركوب الخيل و لكنه كان يرفض أن أمتطي الحصان وحدي لأنه كان يهاب من أن يفقد الحصان السيطرة و يؤذيني. أتذكر وجود أرجوحة كانت والدتي دائما ما تأخذني معها و نجلس سوياََ نتحدث معاََ، كانت تحكي لي العديد من القصص حتي أغفو" نبرتي خوجت مهزوز في جملتي الأخيرة، بالكاد خرجت الكلمات من فمي. علي الرغم من أنها ذكريات سعيدة إلا أن تذكرها يحرق قلبي.
" كم كان عمرك؟" سأل أيزاك بحزن
" العاشرة" قلتها بإبتسامة حزينة
لمَ أشعر أنني علي حافة البكاء الآن؟ لا لا أنا لن أبكي لا أريد البكاء لقد تحدثت معه عن طفولتي و ذلك لا يجب أن يحدث، أنا أكره الحديث عنها.
"لقد كانت لي أخت أيضاََ" حديثه قاطع أفكاري و جعلني أنتبه له.
" ثم ماذا؟" تساءلت بهدوء، لمَ أشعر أن رده لن يعجبني؟
"ماتت، في الواقع هي كانت كل ما أملك" أجاب بحزن و صوت خافت.
وضعت يدي علي يداه مهونة عليه قائلة
"إن فقدان تلك الأشخاص العزيزة علينا مؤلم كاللعنة،إنه جرح لا يلتئم لكن يهون مع الوقت ، ربما هم يسمعونا الآن و يروننا أيضاََ أو ربما يشعرون بنا حتي.." قبل أن أكمل ربت علي يده بخفة و أستكلملت
" لذلك ،لنتماسك و لنكن بخير من أجل هؤلاء الذين فارقونا بأجسادهم لكنهم مازالوا معنا بقلوبهم، فربما نتلقى مجدداََ"
شعرت بالدموع تشق طريقها إلى وجنتي، لم يكن هذا الكلام لأيزاك فقط بل كان لي أيضاََ، الكلام الذي أحاول أن أستمد الطاقة منه، و أحاول مسامحة نفسي به. أنا الآن أخبر أيزاك بالكلام الذي لطالما أردت سماعه، لكن ربما هو يحتاج إليه أكثر.
شعرت بالحزن الكبير في عيونه، هو على حافة البكاء أنا متأكدة من ذلك لكنه يحاول أن يتماسك. بهدوء و بلطف قام أيزاك بمسح دموعي التي علي وجنتي و هو يهمس بصوت مسموع لي قائلاََ
"ربما نلتقي مجدداََ "
_________________________
الشابتر إهداء لأي شخص فقد حد عزيز عليه.
لنكن بخير من أجل هؤلاء الذين فارقونا بأجسادهم لكنهم مازالوا معنا بقلوبهم💕
رأيكم بالشابتر؟🌚
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(4)
2. Coincidence
@Q ❤️❤️
Відповісти
2020-07-26 20:57:57
Подобається
2. Coincidence
تحفةةةةةة بجد 🔥🔥🔥
Відповісти
2020-07-26 22:48:04
1
2. Coincidence
الإقتباس اللي في الآخر دة عاجبني اوووووي 🥀🍂💕
Відповісти
2020-07-26 22:48:33
1