38. Our little infinity
"عائلة باركر هي من خططت لهذا الحادث أنابيل، عائلة الحقيرة لورين باركر"
الصمت سيد المكان بين الرفاق الأربعة، كما لو أن ما يتفوه به ديلان الآن فوق إستياعبهم.
"أنت تهذي" قال أيزاك بعدم تصديق
"لا تُصدقني ، أليس كذلك؟" صاح ديلان
"بالطبع لا أفعل، ديلان هل فقدت عقلك؟ أنا من سحبها من أمام السيارة هذا اليوم. كنتُ شاهداََ على الحادث و ها أنا الآن أُخبرك بأنه من المستحيل أن يكون مُدبراََ" صاح أيزاك بغضب، صياحه ليس لأنه غاضب بل لأن تلك الذكرى غير مُحببة لأنابيل بالتأكيد ستتدهور حالتها ما إن يتحدث عنها.
"حسناََ أتضح أنه ليس مُستحيلاََ" أجاب ديلان بنبرة هادئة عكس خاصة أيزاك
"كفى ديلان ان.. " قاطعته أنابيل سريعاََ
"دعه يُكمل" رمقها أيزاك بعدم تصديق كما لو أنه يتساءل ' كيف لكِ أن تُصدقي شيئاََ كهذا' لكنها تجاهلته و أنتبهت لديلان مجدداََ.
"بيل، أعلم أن ما سأحدثك عنه سيبدو جنونياََ لكن هذه هي الحقيقة، مُنذ أن كنا صغار كان والدنا شريك السيد باركر و صديقه المُقرب، كانت شركتهم من أربح الشركات على مستوى العالم و هذا قبل أن ننتقل من فلوريدا إلى هنا، لكن أتضح أن سبب إنتقالنا لم يكن من أجل ما تعرضتي له من تنمر، بل كان هناك سبباََ لكل شيء"
تنهدت أنابيل بحيرة قبل أن تردف قائلة "حسناََ، و ما علاقة هذا كله بوفاتهم؟ "
"دعيني أُكمل، حينها إحدى الشركات عرضت صفقة على والدنا و السيد باركر و أرادت شراء ثلاثين بالمئة من أسهم شركتهم، كان السيد باركر غاية في الحماس حتى أنه كان يبذل كل ما بوسعه لعقد تلك الصفقة نظراََ لكونها شركة عالمية راقية بل و أكثر رُقي من شركته، أما عن والدنا فهو لم يشعر بالطمأنينة حيالهم لذا رفض عقد الصفقة و بالتأكيد صفقة كتلك لن تتم سوى برضاه نظراََ لأنه صاحب نسبة الأسهم الأكبر في الشركة، رفض السيد باركر تقبل حقيقة أن الصفقة لن تتم بعد كل ما بذله من جهد و عناء في سبيل إتمامها لذا حاول إقناع والدنا مراراََ و تكراراََ لكنه ثبت على موقفه، لذا فكر أنه ربما إن أمسك بيده التي تؤلمه سيتنازل عن أسهم الشركة، و هذا كان سبب إيذاء لورين لكِ، لأنها إبنه والدها المُدللة"
هدوء غير مُريح مشحون بالتوتر طغى علي المكان ليقطعه أندرو ساخراََ
" نتعلم من ذلك أن ليس كل من يخون أصدقائه لأجل عائلته يُعد بريئاََ"
"ثق بي أندرو، لورين أبعد ما يكون عن كونها بريئة، هي الجحيم بذاته"
"ماذا حدث بعد ذلك ؟" سألت إيما.
"عندما عادت أنابيل إلى المنزل مُنهارة لم يحمل والدي و كان يلوم نفسه في كل ليلة على ما حدث لها، لذا لتخفيف ذلك العبئ و لو قليلاََ أنتقلنا هنا لبداية جديدة، لكنها لم تكن موفقة مع الأسف لأن والدنا رغم كل شيء رفض التخلي عن نصيبه من الشركة، لذا لاحقه السيد باركر إلى هنا و صدم سيارته به عن عمد دون أن يعلم بوجود زوجته برفقته، ليس و كأنه يحفل لأنه بكلتا الحالتين زيف وصيته بأنه سيتنازل عن نصيبه من الشركة لصديقه العزيز ميشيل باركر، لكن لا تقلقي ذلك اللعين لقي حتفه بعدها بثلاثة أشهر لكن لا تفاصيل عن وفاته" أنهى ديلان حديثة بنبرة كارهة حقودة لتذرف عيناي أنابيل الدموع لكنها سُرعان ما أزالتها بعيداََ. طوال تلك السنين تتألم، تلوم نفسها، تتحطم لخطأ لم ترتكبه من الأساس، كان أيزاك على حق حينما أخبرها بأنه ليس خطأها.
"أجل" همس أيزاك بإستياعاب ثم أنتبه لهم و أعاد كلمته بنبرة أعلى "أجل هو على حق، سيارته أصطدمت به عن عمد بدليل أن المصابيح الأمامية للسيارة كانت مُغلقة في ليلة حالكة ماطرة! هو على حق تلك لم تكن مُصادفة و لم يكن خطأ آنا كذلك، هي فقط كانت كالطُعم الذي يسر عملية الصيد" نظر الجميع لأنابيل الصامتة لا تفعل أو تقول شيئاََ لتستنتج أنهم ينتظرون حديثها لذا تحمحمت قبل أن تقول
" من الجيد معرفة أنني لم أكن السبب" تعجب الجميع من ردة فعلها فالكلام وحده في هذا الشأن يُرهقها كثيراََ لتتساءل بإستنكار
"ماذا؟! ألا تُريدوني أن أمضي قدماََ؟ ثم أنني لن أحزن علي لورين مجدداََ فحزني علي تلك الحقيرة أفقدني والداي لذا الأمر مُنتهي"
صعدت إلي غرفتها في هدوء و تركتهم جميعاََ في حيرة من أمرهم
"سأتفقدها" همس أيزاك قبل أن يصعد خلفها.
.........
صوت طرق صدح في غرفة أنابيل و إيما لتصيح أنابيل ب"تفضل"
دلف أيزاك للغرفة بإبتسامة لطيفة، ردتها له بخفة ثم ربتت على البقعة الفارغة بجانبها علي الفراش.
تمدد بجانبها و أراح رأسه في عناقها لتبتسم بتكلف قبل أن تُحرك يدها لتلعب بخصلات شعره.
"أعنيتي ما قُلتيه بالأسفل؟ و لا تُفكري بالكذب حتى آنا أنا أعرفك جيداََ" قال أيزاك بنبرة خاملة قبل أن يُغمض عيناه بإرتياح.
"أجل عنيتُ ما قلته" قالت ببساطة. رفع أيزاك بؤبؤ عيناه ليحدق بها بمعني "حقاََ؟" لتقهقة أنابيل قبل قول
"أنا أعنيها أيزاك حقاََ، سأمت من الحزن و القتلة و هذا الهراء بأكمله، لم أعد أُريد فعل ذلك أكثر ."
"هل أنتِ نادمة على معرفتي آنا؟" قاطع سؤال أيزاك المُفاجئ حديثها لتصمت قليلاََ، كانت ستُجيب لكنها قررت تغيبر الأمر لتسأل
"أتعلم ما الذي أُريده حقاََ؟" همهم أيزاك بإنصات لتستكمل
"أُريد أن أحظى بحياة طبيعية كأي مراهقة في مثل عمري، أريد أن أهتم بشؤون الجامعة و الأحباء و تلك الأشياء التي أعتدت تلقيبها بال'حماقات' " أبتسم أيزاك بتكلف ثم رفع رأسه ليُقابل وجهها خاصته ثم همس ب
"لنكن حمقى إذاََ"
قهقهت أنابيل لإعتقادها بأنه يمزح لكن عندما لاحظت تحديقه بها سألت بإستنكار
"ألا تمزح؟!" أومأ أيزاك
"كيف سنفعل ذلك؟" سألت مجدداََ، أبتسم أيزاك قبل أن يُقبل وجنتها سريعاََ ثم قال
"أرتدي شيئاََ فخماََ لليلة" كان على وشك الخروج من الغرفة لولا أنها أوقفته بسؤالها الألف لليوم
"أين سنذهب؟"
"لموعدكِ الأول"
.
.
.
"أنا لازلت لا أفهم لمَ تسعى خلفها الآن؟ من المفترض أن يكون ماضياََ و أنتهى و إن كان هناك من سيُلاحق الآخر فمن المفترض أن تكون أنابيل لا لورين" قال أندرو بحيرة
"لا أعلم أندرو كي أكون صريحاََ، هذا كل ما أخبرني به جدي و ها أنا أخبركم به، هو سمعها تصرخ ب اللعنة عليكي لورين باركر او شيء من هذا القبيل لذا أخبرني و أنا أخبرته عن ما يحدث" أجاب ديلان
"من المستحيل أن يكون وفاته بعدها بثلاثة أشهر فحسب مُصادفة" قالت إيما ليومئ أندرو بموافقة.
"كان لدى والداي الكثير من الأحبة بفلوريدا لذا لن أتعجب إن كان هذا من عمل أحدهم" سأل أندرو
"وكيف لهم أن يعرفوا أن الحادث من تدبير ميشيل؟" هز ديلان كتفاه بمعنى لا أعلم.
"أهم شيء للآن هو أن نحفظ بيل بأمان"
.
.
تتزين أمام مرآتها بحماس بالغ كونها مرتها الأولى التي تذهب بها إلى موعد، الأمر يبدو غريباََ عليها لكنها لا تُمانع بأن تكون كذلك من أجله.
أرتدت فستان أسود يصل لركبتيها، أحذية طويلة الرقبة لتُغطي الجزء المُتبقي من ساقيها، سترة بيضاء نظراََ لبرودة الجو.
تركت شعرها مُنسدلاََ ليزيدها رونقاََ على رونق، و بالطبع مع القلادة الجميلة التي أهداها إياها أيزاك، هي لم تخلعها للحظة من الأساس لكنها منحت زيها مظهراََ أرقى، و أخيراََ مُستحضرات التجميل الخفيفة كي تبدو أكثر طبيعية.
"أتساءل من سيُرافق تلك الفاتنة الليلة، ياله من سعيد الحظ" مزح أيزاك الذي لم ينفك عن مُراقبتها أثناء وضعها لللماسات الأخيرة علي مظهرها.
قهقهت أنابيل بخجل قبل أن تلتفت له، كانت على وشك الإجابة بإطراء آخر على مظهره الوسيم لكن رؤية الدماء التي تسللت من أنفه دون سابق إنذار أنستها كلامها و ذكرتها بأنه مهما أستمتعت معه سواء تلك الليلة أو غيرها، لن يدوم طويلاََ.
"ما بكِ لما عبستي فجأة؟" تنهدت أنابيل بحنق و أخرجت منديلاََ ورقياََ من حقيبتها، أقتربت من أيزاك الجالس علي فراشها و جثت على ركبتيها كي تكون في مستوي وجهه ثم بحركة خفيفة أزالت الدماء من أنفه.
تفهم أيزاك سبب عبوسها لذا قبل أن تنهض علي قدميها مجدداََ أمسك بذراعها كي تبقي علي نفس وضعيتها قليلاََ بعد
"آنا" همس بحنو لتهمهم
"أنا لن أدع شيئاََ يُفسد عليكِ موعدك الأول، حسناََ؟" قال مُحدقاََ بعيناها مُباشرةََ.
"ألا نستطيع تأجيل الموعد حتي تُصبح أفضل؟" أمسك أيزاك بكف يدها و طبع قبلة خفيفة عليه قبل أن يردف
"أنا بأفضل حال لأنني هنا بجانبك" أبتسمت بخجل لكن ذلك لا يُنكر كونها مُنزعجة جراء ما يحدث له لكنها أومأت بتفهم في النهاية.
نهض أيزاك و رتب ملابسه قبل أن يمد ذراعه لآنا ثم قال برسمية مُزيفة
"هل ستُصبحين موعدي اليوم أيتها الآنسة الفاتنة؟" ضحكت أنابيل بصخب قبل أن تُشبك ذراعها بخاصته و تردف
"بكل سرور"
نزل أيزاك و أنابيل الدرجات بهدوء بينما هو من الثانية للأخرى يُطري عليها بأرقى كلمات الغزل.
"ها قد وصل الثنائي الألمع" قالها ديلان متأملاََ مظهرما اللطيف سوياََ.
ألتفت كلاََ من إيما و أندرو لهما بملامح مذهولة
"لم أكن أعلم أن تلك الدرجة من الجمال تتواجد بالعالم بيل" أثنى عليها أندرو بطريقته النبيلة المُعتادة.
حاوط أيزاك ظهرها بذراعه ثم رمق أندرو إبتسامة إستفزازية قبل أن يقول
"أجل يوجد، و من الأفضل أن تُبعد عيناك كي لا تحترق" ضحك أندرو بصخب قبل أن يرفع يداه ببراءة
"أهدأ يا صاح، كنتُ أتصرف كرجل نبيل لا أكثر"
"لا تحتاج فهي تملك واحداََ" قالها بتكبر مُزيف.
"هلا منحتنا دقيقة بمفردنا؟ " قالت إيما بنبرة و ملامح جدية ليومئ أيزاك و يتركها لتذهب مع صديقتها في غُرفة أخرى.
دبَ القلق في قلب أنابيل من نبرتها الجدية تلك لكن ما إن أختفوا عن أنظار الثلاث شُبان صاحت بحماس مُبالغ بينما تقفز في مكانها
"لا أُصدق نفسي أنابيل أنا أشهد ذلك اليوم قبل وفاتي" وضعت إيما يداها علي رأسها بعدم تصديق بينما أنابيل عاقدة حاجبيها بعدم فهم.
"ماذا؟!" سألت أنابيل.
"أنتِ ذاهبة معه في موعد غرامي يا حمقاء هل كلماته العذبة أفقدتكِ الذاكرة أم ماذا؟"
"أجل أجل فهمت، ألا تُمانعين إيما؟ أعني هو سيأخذني لموعد على الرغم من ما حدث البارحة" سألت بيل بتوتر
"أتُمازحيني أنابيل؟ بالطبع لا يا حمقاء. لا أريدك أن تتفوهي بهذا الهُراء مرة أخرى، ما سيُسعدني الآن هو رؤيتك مع من تحبيه، و رؤيتك تستمتعين بحياتك تماماََ كما يجب أن يكون." أبتسمت أنابيل بإمتنان ثم عانقتها سريعاََ
"أُحبك إيما" همست بيل في أُذنها
"أُحبك أيضاََ"
بعد فترة من العناق أبعدتها عنها بخفة "هيا كي لا تتأخري، أخبريني بكل ما حدث عند عودتك أو سأقتلك بنفسي" قهقهت أنابيل ثم قالت مازحة
"حسناََ أمي"
عاد الأثنتان إلى غرفة المعيشة حيثُ أيزاك و أندرو
"جاهزة عزيزتي؟" سأل أيزاك لتومئ أنابيل.
شبك يده بيديها ثم توجها إلي باب المنزل و بالطبع إيما و أندرو خلفهم كالوالدان الفخوران بأبنائهما.
"وداعاََ بيل" قالتها إيما
"وداعاََ أيزاك ، أنابيل أخبريني في حال أفسد الموعد بغيرته المُبالغة تلك، أُقسم أنني سأجعله يبيت خارجاََ مع الكلاب لأنني هرمت من أجل تلك اللحظة" قهقة جميعهم في آنٍ واحد قبل أن يُغلق أندرو باب المنزل بعد توديعهم.
صعدت إيما لغرفتها و ديلان عاد إلي منزل آرثر مجدداََ. قررت إيما الذهاب إلى منزلها هي الآخرى نظراََ لأنه لا شيء لتفعله هنا لذا بدأت بالتجهز كي ترحل.
قاطع تجهزها طرق خافت على باب غرفتها
"تفضل" صاحت ليدلف أندرو
"أأنتي ذاهبة إلى مكانٍ ما إيم؟" سأل لتومئ
"سأعود للمنزل، شكراََ لك على حسن إستضافتك"
"لا تذهبي إيم" قالها بنبرة أقرب للحزن مُتجاهلاََ ما قالته.
عندما لاحظ صمتها أرتبك بعض الشيء و قال "امم.. أعني أنا سأبقى بمفردي و أنا لا أحبذ هذا، لذا لمَ لا تبقى القليل بعد؟" فكرت إيما قليلاََ ثم تنهدت بإستسلام
"إذاََ ماذا نفعل؟" سألت بإبتسامة ودودة ليبتسم برضا قبل أن يسأل
"ألستِ جائعة؟"
.
.
"أيُعجبك المطعم؟" سأل أيزاك.
أنابيل حدقت في أنحاء المطعم الفخم الذي تعجز عن وصف جماله أو جمال طعامه بالكلمات حتى، إضاءته الذهبية تُضيف لأمسيتهم المُميزة بريقاََ خلاباََ ،و بالطبع الموسيقي تأسرك بنغماتها الهادئة لتأخذك في عالمها الخاص، كل هذا لا يُضاهي وجود أيزاك بجانبها، فوجوده معها و يداه مُتشابكة مع خاصتها هو ما يجعل النعيم نعيماََ.
"أعجز عن وصف سعادتي بالكلمات" قالتها بسعادة بالغة في نبرتها. أبتسم أيزاك برضا قبل أن يُقبل يدها بحنو.
"أنتِ تستحقين ما هو أكثر من ذلك آنا، تستحقين أن يُحلق بكِ أحدهم فوق السحاب، يأخذك من بلدة لأخرى، يُريكي الفن على أصوله، الثقافة و الحضارة و المشروبات، عالم ساحر بأكمله في إنتظار أن يتم إكتشافه، كم أتمنى أن تتسنى لي الفرصة لأفعل هذا من أجلك." كم هي كلمات و عبارات جميلة خارجة من قلب من تُحب، لكنها ليست صحيحة.
هزت أنابيل رأسها بنفي قبل أن تتحدث قائلة
"إن كنت تظن أنني أهتم بإستكشاف العالم فأنت مُخطيء، أنا لا أحتاج لمن يُحلق بي فوق السحاب لأن كلماتك وحدها قادرة على فعل ذلك، كلمة 'أحبك' على الرغم من بساطتها إلا أنها تقودني لعالم آخر لا أعلم عنه شيء سوى أنه خلاب، عالم حيثُ أُحلق فيه عالياََ. أما عن الثقافة ، الحضارة، المشروبات و العالم بأسره فجميعها أشياء فانية، لن أشعر بالرغبة في إكتشافها قط لو لم يكن لأجلك، فربما أبدو عنيدة لكن عندما يأتي الأمر لكَ أيزاك فوركس فأنا لن أتردد لحظة في إستكشاف العالم معك و لو سيراََ على الأقدام؛ لأن ببساطة كل شيء لا قيمة له إن لم يكن من أجلك"
أقتربت أكثر من أيزاك المُفتت لقطع صغيرة جراء أشعارها التي تضرب آذانه بتناغم كالسيمفونية ، وضعت يدها فوق خاصته المتوترة أثر نبض قلبه المُتسارع ثم همست قائلة بصوت هو فقط من سيسمعه
"كل ما عليك فعله من أجلي هو أن تضمني بقوة و أن لا تتركني أبداََ"
حول أيزاك نظره إلي الطعام و بدت على ملامحه الحزن لذا دون أن يتفوه بأي شيء أكملت بيل
"أعلم ما يدور بعقلك أيزاك، ماذا إن لم أستطع؟" أنتبه لها مجدداََ مُنتظراََ منها الإجابة على هذا السؤال الذي يؤرقة.
"لأكون صريحة معك أنا أيضاََ لا أعرف لكن هذا لأنني لا أريد التفكير بالأمر، أنت لن تدع حبنا يذهب أيزاك، أليس كذلك؟" تنهد أيزاك بقلة حيلة قائلاََ
"الحياة لا تتمحور حول الحب فقط آنا، لكنني لن أدع حبنا يذهب مهما حدث، أتعلمين لمَ؟ لأنني سأُحبك دائماََ و أبداََ، و لآخر نفس."
كلماته تُحلق بها لتضعها في حيرة من أمرها، قلبها يرتجف عشقاََ له و خوفاََ من فكرة فراقه، كل إنش بها يصرخ مُتمنياََ أن تحدث مُعجزة لتُنقذهم من معضلتهم.
"الحساب سيدي" قاطع النادل حديثهم.
حاسب أيزاك على الطعام و ترجل هو و أنابيل للمطعم، في طريقهم إلي السيارة جذبت أنابيل ذراعه بسرعة لينتبه لها
"أُريد الذهاب إلى حانة" قالت بلا مُقدمات
"معذرةََ؟!" سأل أيزاك مُتعجباََ.
"ماذا؟ أنا فوق السن القانوني كما أنني بعد تلك المُحادثة أحتاج مشروباََ" ضحك أيزاك بصخب علي عفويتها قبل أن يفتح لها باب السيارة برسمية ثم قال
"أنتِ تأمرين و أنا أُلبي آنسة جونسون"
#في الحانة
دلف كلاهما للحانة التي تُعد أرقى مقاماََ من الأخرى خاصة كريس لكن كالعادة صوت الموسيقي يكاد يخترق طبلة آذانهم و الأجساد مُلتصقة تتراقص معاََ بجنون.
"أمتأكدة من أنكِ تريدين أن تكوني هنا؟" صاح أيزاك بجانب أذنها كي تسمعه
"أتُمازحني أيزاك؟! هذا المكان رائع" صاحت بحماس قبل أن تسحب ذراعه إلي حلبة الرقص.
"آنا لا أعلم كيف أخبرك بالأمر لكنني لستُ معجباََ كبيراََ بالرقص" قال بنبرة متوترة
"كم أنك كاذب أيزاك، لقد رقصنا معاََ مرتان مُسبقاََ" قالت بمرح
"في الواقع مرة واحدة، تعلمين المرة الأولى كانت.. " ندم على تذكيرها بالأمر بعدما كانوا على وفاق لكنها أبتسمت بتفهم
"لنعوضها إذاََ" تبخر توتره بالهواء و تحول إلى إبتسامة مُفعمة بالسعادة.
في بداية الأمر كانا مُحرَجان بعض الشيء لكنهما سُرعان ما أندمجا معاََ و مع الحشود الراقصة، كوب وراء الآخر أصبحت أنابيل ثملة بالكامل، تتصرف بحرية و عفوية أكثر.
"يجب عليك تذوق واحداََ" قالتها مُشيرة إلي أكواب الشراب
"و من سيقود السيارة؟"
"لا يُهم"
أستكملت رقصها بعفوية بينما أيزاك يراقبها تارة و يُراقصها في الأخرى، و أخيراََ سنحت لها الفرصة كي تتصرف كفتاة شابة حُرة لا كفريسة هاربة من صياد.
أمسك أيزاك بذراعها و جعلها تلتف حول نفسها ثم قربها لعناقه مجدداََ بينما يتمتم كلاهما بكلمات الأغنية
أتعلمون ذلك الشعور الذي ينتابكم حينما ترغب في قول شيء ما بشدة لكنك فقط لا تجد الكلمات المُلائمة، لتأتي أغنية ما عن طريق الصدفة تفصح عن كل ما بداخلك، كل ما أردت قوله لكن أعجزتك الكلمات، هذا ما كان يشعر به كلاهما.
تلك النظرة الصادقة التي تحملها عيناهما تقول كل شيء، على الرغم من أن كلمات الأغنية ليست خاصة بهم إلا أنهم يشعرون بها، أكثر من أي شيء.
الثمالة لم تطغى على خوفها كما تمنت، لم تُخفي مشاعرها و لو قليلاََ، بل جعلتها مُعظمة، لتجلب لها أشد الألم.
توقف الزمن من حولهما، الأجساد و الأصوات كأن لا وجود لها هو لا يرى سواها و هي كذلك.
فجأة توقفا عن الرقص، فقط يُحدقان ببعضهما البعض ، مشاعرهما المُختلطة تتضح من عينيهما لكنها فضلت مقاطعة ذلك التواصل البصري بعناق هادئ و لطيف.
أغمضت أنابيل عيناها بإرتياح ليحاوطها أيزاك بذراعيه و يُغمض عيناه بسلام هو الآخر بينما يداه تُداعب خصلاتها.
في تلك اللحظة فحسب تفهم كلاهما أن الرقص و الجنون ليس ما كانا بحاجته، بل السلام النفسي هو ما كانا يبحثان عنه طوال تلك المدة، فما من شيء بإمكانه تشتيتهما عن الحقيقة.
"آنا" همس ايزاك بأذنها لتهمهم بإنصات و عيناها لاتزال مُغلقة بإبتسامة مُطمئنة.
"لنذهب من هنا" قالها لتحاوطه بقوة أكبر
"لا، لازلت أُريد شراباََ آخر بعد" قالت بعناد
"أرجوكي آنا لنرحل من هنا، لنذهب إلى أي مكان نكون به وحدنا" رفعت نظرها له قبل أن تومئ بموافقة.
ترجلا من الحانة ليضرب الهواء البارد وجهيهما.
بعد عدة دقائق كان كلاهما بالسيارة، أنابيل تضحك و تغني بثمالة، الهواء يضرب خصلاتها ليمنحها شعوراََ مُنعشاََ.
"أين تريدين الذهاب؟" سأل أيزاك
صمتت أنابيل لوهلة تُفكر جيداََ قبل أن يخطر في بالها المكان المُناسب.
"لنذهب إلى مكاننا المُميز" قالت بحماس، أومأ أيزاك بإبتسامة مُتفهة قبل أن يزيد السرعة.
.
.
.
"إذاََ ، كم كان عمرك حينما أكتشفت أنك لا تتقدم في السن؟" سألت إيما الجالسة فوق طاولة المطبخ، أندرو بجانبها يُعد الطعام و يحاول تقطيع الخضروات و إيما كل ما تفعله هو الثرثرة و أكل قطع الخضروات التي يُقطعها أندرو.
"الثامنة و العشرون" أجاب أندرو
"تبدو في الرابعة و العشرون" قالتها بتعجب، أبتسم أندرو بتكلف ثم قال
"أشكرك على إطرائك" وضعت إيما قطعة الجزر بفمها قبل أن تقول
"هذا ليس إطراءََ ، هذه حقيقة"
"حسناََ لكن هلا توقفتي عن تناول الخضروات إيما ستشعرين بالشبع من قبل إعداد الطعام حتى" ضحكت إيما بصخب
"أنت لا تعرفني حتى أندرو، حتى إن أنهيت الطبق بأكلمه سأظل جائعة لذا لا داعي للقلق" قهقة أندرو بخفة قبل أن يطلب
"إذاََ ساعديني بشيء إيما"
"أسفة عزيزي أنا و الطبخ لا نجتمع في جملة واحدة"
أراح أندرو وجنته علي يده و رمقها نظرة بريئة كوجه الجرو محاولاََ إقناعها لكن بطريقة لطيفة.
تنهدت إيما بقلة حيلة قبل أن تهمس لنفسها
"ماذا عساي أن أفعل؟ الوجوه الوسيمة هي نقطة ضعفي" قهقة أندرو بخفة قبل أن يتساءل بحماس
"ستساعديني؟! "
"أخبرني ماذا أفعل"
بعد ساعات من إعداد الطعام و المزاح المتواصل أنتهوا من إعداده. تجمع أندرو و إيما حول الطاولة و اخذوا يتناولون طعامهم.
"لا أُصدق أنني أعددت طعام بهذا الجمال" أثنت إيما على نفسها ليسخر أندرو قائلاََ
"لا تتباهي بنفسك إيم كل ما فعلتيه هو غسل الصحون"
"أصمت و أتركني أشعر بالفخر و لو قليلاََ" أغلق أندرو فمه بسحاب وهمي ثم ألقاه بعيداََ.
"إذاََ إيم" قال أندرو أثناء تناول الطعام لتهمهم إيما
"هل كنتِ مع أحدهم من قبل؟" سأل
"لا، أنا تعيسة الحظ كصديقتي، كما يقولون الطيور على أشكالها تقع"
"لمَ؟"سأل أندرو
فكرت إيما قليلاََ قبل أن تُجيب ب"لا أعلم، ربما لأنني لم أجد الشخص المُناسب بعد، الشخص الذي يتفهمني بالطريقة الصحيحة، أو ربما لأنني لست جيدة بما فيه الكفاية لا أعلم" قهقهت بسخرية في جملتها الأخيرة.
"أتهزأي بي إيما؟ أنتِ مثالية" جادل أندرو بجدية.
"نعم نعم محاولة رائعة، ثم أنه لا أحد مثالي"
"هذا من منظورك أنتِ، أما من منظوري فأنتِ مثالية"
"كيف لك أن تؤمن بشيء لا وجود له كالمثالية؟" سألت بتعجب
"لأنه إذا ألقيتي نظرة عن قرب ستجدي أن المثالية عينها بها عيوب، جميعنا كذلك لكن هذا لا يعني أننا لا نستحق أن يُطلق علينا لقب 'مثالي'، بمجرد أن تتعلمي رؤية الجميل بالأشياء أولاََ ستستشعري المثالية، و بالطبع لا تتناسي حقيقة أن معايير الجمال تختلف من شحص لآخر، و هذا يعني أنه ما قد تظني أنه عيباََ ربما أراه أنا ميزة"
أومأت إيما بإقتناع و إعجاب في آن واحد قبل أن تهمس ب " قالها الطبيب النفسي ذو المئة عام" ضحك أندرو بصخب لتشاركه إيما.
"أستحبين أن يصبح لديكِ حبيب في يوم من الأيام؟" سأل أندرو
"بالتأكيد " هزت كتفاها بمنطقية
"حتى إن كان غريب الأطوار؟"
"غريبي الأطوار فقط هم القادرون على تفهمي أندرو"
بعد إنتهاءهم من الطعام جلسا أمام التلفاز في محاولة لإختيار فيلم يشغل وقت فراغهم
"رعب؟" سأل أندرو مُتفقداََ كومة من الإسطوانات الخاصة بالأَفلام
"لا" أجابت إيما بملل، ألقي بإسطوانة الأفلام الرعب بعيداََ
"مغامرة؟"
"لا"
"كئيب؟"
"كما لو أنه ينقصني، لا"
"رومانسي؟"
"سأمل إن لم يعترف بحبه لها بعد خمس دقائق من بدء الفيلم"
رمقها نظرة مُتعجبة قبل أن يتساءل "أنتِ تملين بسرعة أليس كذلك؟" أومأت إيما بحركة سريعة
"سأضع ذلك في الحسبان، إذاََ كارتون؟"
"أجل و أخيراََ" صاحت بحماس.
"أتمازحيني؟ أنتِ تشاهدين أفلام الرسوم المتحركة؟"
"أجل، ما العيب في هذا؟ هيا هيا أختر فيلمََا ما و أجلس بجانبي قبل أن أُنهي الفشار"
نفذ ما قالته و جلس بجانبها علي الأريكة غير مُبالي بالفيلم، فقط يراقبها بينما تشاهده بتركيز
"هل تُريد مراقبة الفيلم بدلاََ مني؟" قالتها بسخرية على أمل أن يكف عن مراقبتها لكنه صدمها بقوله
"لا، أنا بخير هكذا"
أنتهت ليلتهم بعد الكثير من المُزاح و بعض الكلمات العذبة من أندرو حتى غلبهم النعاس أثر الإرهاق، غفل أندرو كما هو في مكانه بينما إيما أراحت رأسها علي قدماه دون وعي منها و أنتقلت إلى عالم الأحلام.
.
.
.
"بقعتي المفضلة حتى الآن" قالت أنابيل حينما وصلت هي و أيزاك إلى البحيرة القابعة في مُنتصف الغابة.
جلست أنابيل على حافة اللوح الخشبي و أيزاك بجانبها يحيط ظهرها بذراعه كي يُدفئها نظراََ لبرودة الجو.
"السلام النفسي الذي أشعر به هنا لا مثيل له" قالها أيزاك بشرود
تمعنت أنابيل النظر إلي ملامحة قبل أن تهمس هي الأخرى بثمالة "أنا أشعر بالسلام النفسي أينما تتواجد أنت"
حول نظره لها بملامح خجلة بعض الشيء، وجهه قريب من خاصتها و ضوء القمر المُتسلط علي وجهه زاده وسامه، أهملت أنابيل المظهر الخلاب من حولهما و أكتفت بمراقبة ملامحة الهادئة.
"آنا" همهمت بيل بإنصات
"من الجيد أنكِ معي" أبتسمت بتكلف قبل أن تُجيب
"حتى وجودي بجانبك الآن لا يوافيك حقك، أنت فعلت الكثير من أجلي بينما أنا مجرد خاسرة لا تعرف كيف تجعل بعض الدماء تتوقف" وضع أيزاك سبابته علي فمها كي تصمت قبل أن يهمس بحنو قائلاََ
"أنتِ أنهيتي حزني، آنا. تماماََ كما وعدتيني ذلك اليوم بالمصحة."
"و أنت أنهيت خاصتي، لم يعد يؤلم بعد الآن يا أيزاك و هذا بفضلك"
أرتسمت إبتسامه واسعه علي شفته كما لو أنها أخبرته ببُشرى سارة للغاية.
"أنا لا أُريد الحديث عن الأمر أنابيل صدقيني لكن هناك ما علي قوله لكِ، هناك ما عليكِ معرفته أنابيل" تلك المرة هي من وضعت سبابتها علي فمه ثم همست ب
"ششش، ستنجو أيزاك أنا واثقة من ذلك فقط توقف عن قول مثل تلك الأشياء"
أبعد سبابتها بعيداََ و أمسك وجنتها بيده قبل أن يتساءل
"آنا هل تثقين بي؟"
"بالطبع لك.. " قاطعها قبل أن تُكمل
"إذاََ ثقي بي حينما أخبرك بأنني سأحبك إلى ما تبقى لي من أيام"
أراحت جبينها علي خاصته و شهقة باكية هربت منها
"هذا ليس وداعاََ يا أيزاك" قالت باكية
"أنتِ لا تعلمين أبداََ متي يكون اللقاء الأخير، لذا يجب عليكي أن تُنصتي لي جيداََ" أومأت أنابيل بحركة سريعة بينما عيناها تذرف الدموع
"هل ستفعلين أي شيء أطلبه منكِ؟" سأل لتومئ دون تردد
"آنا، إذا حدث شيء لي.."
"لا أيزاك أرجوك" قاطعته ببكاء يزداد حرقة جملة بعد جملة
"فقط أستمعي لي" قالها و رفع وجهها ليقابل خاصته
"إذا حدث شيء لي، عديني أنكِ ستُكملي حياتك آنا، ستعثري علي حبك، ستكوني صداقات، لن تتوقف حياتك بسببي أبداََ، أرجوكِ عديني" هزت أنابيل رأسها نافية بسرعة، شهقاتها و دموعها تأبى التوقف، ناهيك عن الصاعقة التي تُصيب فؤادها حينما يُفكر في فراقه.
سالت الدماء من أنفه ليمسحها بعنف ثم أسترسل بنبرة تُنذر ببكاء قريب
"هذا ما سيجعلني سعيداََ آنا"
أكتفت بالنظر له دون قول شيء، فإن كانت تلك لحظاتهم الأخيرة فهي فقط تُريده بجانبها دون مثرة حديث.
"أنا أحبك" همس أيزاك بهيام
"أحبك أيضاََ"
.
.
.
أما في إحدى البيوت الراقية أجتمعت تلك السيدة المُراهقة مع رجالها تُراجع معهم الخطة للمرة العاشرة علي التوالي، تحذرهم من فشل الخطة و تُمنيهم بجائزتهم إن نجحت.
"أبقوا أعينكم و آذانكم مفتوحة جيداََ، إذا نجحت تلك الخطة فمن المُستحيل أن تنجو و لو بنسبة ضئيلة"
"ماذا إذا لم تنجح سيدتي؟" تساءل أحد الرجال بإحترام
ضحكت بصخب و أشارت على صاحب السؤال بسبابتها قائلة "سؤال جيد"
و في لمح البصر كانت رصاصة سلاحها أخترقت رأسه ليسقط أرضاََ ، بركة من الدماء تكونت تحت رأسه، جميع زملائه يحدقون بجثته بذهول أما عنها فهي باردة الدماء كما كانت دائماََ. أبتسمت بخبث و نفخت علي فوهه سلاحها كما لو أنها تُطفيء شمعة ثم قالت
"هذا ما سيحدث"
..................
Коментарі