6. You know too much
ربما هذه المرة الثانية التي أرى بها ذلك الأسى الشديد في عيون أيزاك بعد اليوم الذي أخبرني فيه عن وفاة أخته، لكنني حقاََ أكره أن أرى الحزن مُرتسماََ علي محياه، ربما أنا لا أعرف كل ما حدث معه و لا أعرفه جيداََ أيضاََ لكنني أكره رؤيته حزيناََ، الأمر يُشعرني بالضيق، لطالما كنت أهتم بنفسية من حولي و سعادتهم حتي لو أهملت خاصتي،إن ملامح الحزن لا تليق بوجهك،أيزاك.
ربما كل ما يحتاجه هو فرصة ثانية حيث يمكنه أن يُعَوِض ما حدث معه و يُصلح بعضاََ من أخطائه لكن لا أعتقد أن الحياة قد منحته تلك الفرصة. أحياناً أشعر و كأنني أريد أن آخذ هذا الحمل و الحزن الثقيل عنه فانا أعلم جيداََ شعور أن تأبي الحياة أن تمنحك فرصة لتصحيح أخطائك، أعلم جيداََ كيف يؤلم. عندما رفع قميصه و رأيت ما تحته صُدمت من علامة الحرق الكبيرة التي رأيتها، أنا لا أصدق أن ذلك كان بفعل والده ،إنها تبدو قديمة لكن بالتأكيد كانت تؤلمه كثيراََ حينها، كما أنه كان صغيراََ ليتحمل كل هذا.
ربما تلك العلامة هي ما تُعيقه عن المضي قدماََ، فمشكلته الكبرى هي أنه لا يعلم كيف يتخطي ماضيه بدليل أنه يُحدثني عنه حتى بعد كل ما مر من سنوات، خمسة و ستون عاما، خمسة و ستون عاماََ و أيزاك مايزال يعاني منه كما لو أنه البارحة. مازلت لا أستطيع الحُكم لأنني أجهل الكثير عن ما فعله ليحظى بكل هذا الكرة، لكن الجميع لديه ماضي يحاول الهرب منه... أما عن أيزاك، أيزاك يعيش به. كأن الجميع يقف أمامه كي يُعيقه عن المضي قدماََ.
وصلت أنا و هو إلي منزله القديم و كان منزل صغير و يبدو أن مالكيه من الطبقة المتوسطة. ذهب أيزاك نحو الباب و حاول فتحه لكنه مُغلق.
''ألا تستطيع فتحه بتعويذة ما '' قلتها بجدية، لا أُنكر أن الأمر غريب بالنسبة لي لكنني سأعتاد الأمر عاجلاََ أم آجلاََ.
''لماذا سأستخدم تعويذة و هذه النافذة المؤديه إلي المطبخ مفتوحة علي مصراعيها و كبيرة كفاية لتسع كلانا؟ '' قالها مشيراََ إلى نافذه المطبخ.
هي ليست بعيدة جداََ لكنها ليست قريبة أيضاََ.
'' لأنها الطريقة الأسهل؟ '' سألت بإستنكار.
'' الأسهل لا يوجد به مخاطر '' أبتسم بخبث و هو يتحرك بإتجاه النافذة.
''أجل، لهذا أقترح الطريق الأسهل'' قلتها بمنطقية، لمَ هو يبحث عن المتاعب فقط؟
'' هيا يا بيل تعالي، سأرفعك'' قالها ماداََ ذراعيه ناحيتي.
''ألن تستسلم؟ '' قلتها بملل بينما أسير بإتجاهه.
''لن يحدث '' قال و رفع قدماي من على الأرض بذراعيه، أطلقت صرخة صغيرة عندما شعرت أنني سأسقط و تشبثت بظهره أكثر.
''لا داعي للقلق ،لن أدعكِ تسقطين '' قالها ثم رفعني أكثر لأصل لتلك النافذة، قبل أن أدلف للداخل شعرت به يدفعني للأمام بقوة، سقطت على أرضية المطبخ و أصطدمت رأسي بها. أيهزأ بي؟ كنت سأدلف بنفسي.
بعد فترة قصيرة دلف هو الآخر لأصيح بعتاب
''هل جُننت يا أيزاك؟ ماذا إن كُسرت يدي أو قدمي أو جُرحت رأسي حتى ''
''لا أعلم لكنها لن تكون مشكلتي '' قالها بلا مبالاة ثم ساعدني على النهوض، شعرت برغبة ملحة للكمه بشدة في وجهه لكنه أستكمل مقاطعاََ أفكاري ''هيا قبل أن ينتهي الحدث العائلي الكبير ''.
دلفنا أنا و أيزاك لغرفة المعيشة فأشار بيداه إلي رجل ما ثم قال
''هذا والدي '' ثم أشار إلي المرأة التي تقف بجانبه ''و هذه زوجته '' و قبل أن يُكمل سألت بفضول'' أين والدتك؟ '' ثم أشار إلي سيدة أخرى تبدو شاحبة كثيراََ تجلس بعيداََ عنهم و تراقب حديث أيزاك الصغير مع والده. كان شجاراََ اكثر من كونه حديث لأكون صريحة.
'' أيزاك'' قلتها و جذبت ذراعه بخفة ثم أشرت إلي تلفاز قديم بجانب والدته.
''هل كان لديكم تلفاز حينها؟! '' تساءلت بذهول و هو كالعادة غير مبالي.
'' أجل'' قال مختصراََ
'' نحن حتى لا نملك تلفازاََ في المخبأ الذي بالغابة'' قلتها مقهقهة ليقاطع حديثنا التافة صراخ والد أيزاك قائلاََ
'' قلت لك أعطيني الأموال الآن''
'' لا ،لن يحدث لقد شقيت لأجنيها لماذا لا تبحث لك عن عمل بدلاََ من كونك عديم الفائدة؟ '' صرخ أيزاك الصغير على والده فصفعه السيد فوركس بقوة، نظرت والده أيزاك له ببرود بينما هو ينتظر منها فعل أي شيء لكنها خيبت ظنه.
''كيف تجرؤ علي محادثتي بتلك الطريقة بعد كل ما فعلته من أجلك؟ '' أردف والده بخزي من تصرفات أبنه
'' و مالذي فعلته لي؟'' قالها مقهقهاََ بسخرية لتقاطع قهقهته زوجة والده السيدة إلينور قائلة ''لقد تكفل والدك بجميع مصاريف علاجك بالمصحة، حتى أنه كان يتركنا ننام جوعى كي تتعالج، و أنت بتلك البساطة تتساءل مالذي فعله لأجلك؟ تلك الأموال التي طلبها منك ما هي إلا دين ترده له لا أكثر '' ضحك أيزاك الصغير علي كلامها بهستيرية.
مصحة؟!
'' علاجي في المصحة؟ '' سألها مستنكراََ ثم أستكمل ضحكه و قال''عزيزتي، تلك المصحة كفيلة لجعلي أفقد صوابي نهائياََ لا لمعالجتي ''. أردت أن أسأل أيزاك عن أي مصحة يتحدثون لكن قاطعني صراخ والده قائلاََ ''لا تُحمل المصحة أمر فشل علاجك لقد كنت أنت الميؤوس منه لا أكثر''
أستطيع أن أرى وجهه يستشيط غضباََ ليصرخ قائلاََ ''لم أكن حالة ميؤوس منها بل لم أكن مجنوناََ من الأساس.. '' قاطعه والده قائلاََ بنبره خالية من الرحمة'' بلى يا أيزاك كنت مجنوناََ و ميؤوس منه و خطر، لقد عشت بتلك الطريقة و ستظل كذلك '' و قبل أن يُكمل السيد فوركس جملته أنهالت عليه ضربات أيزاك الصغير بعنف و عدوانية كأنه لا يري سوى غضبه و من قوتها و سرعتها لم يستطع والده الدفاع عن نفسه، لمعت في عيناه نظرة خالية من الحياة أو الإنسانية، تماماََ كالتي رأيتها حينما كان يخنقني. دفنتُ رأسي بسرعه في ذراع أيزاك كي لا أرى ذلك المشهد الدموي بين الأب و أبنه. لطالما كرهت مشاهد العنف و الدماء، دائماََ ما كنت أهاب رؤية الدماء.
.
.
.
كانت إلينور و والده أيزاك السيدة كارول يحاولان إبعاده عن والده بشتى الطرق لكن جميع المحاولات بائت بالفشل. فجأة توقف أيزاك عن ضرب والده عندما لاحظ أنه قد فقد الوعي جراء ما تلقى من ضربات عنيفة. سارعت كارول لتتفقد نبض السيد فوركس من عنقه لكن لا يوجد نبض. لقد مات!
''كارول ماذا حدث؟ هل هناك نبض'' قالتها إلينور بقلق لتهز كارول رأسها نافية، وقعت عليها تلك الجملة كوقع الصاعقة، فتصنمت في مكانها و دون أي مقدمات أجهشت ببكاء شديد.
لم تبكِ كارول حينها فقد أعطاها كريستوفر _والد أيزاك_أسباب عديدة لتبغضه لكنها لن تنكر أن جزءََ بداخلها شعر بالحزن فما حدث لا يُمحي ما كان بينهم من ذكريات.
أيزاك الصغير تجمد في مكانه لا يُصدق ما حدث للتو، يداه و قيمصه ملطخان بدماء والده، يتمنى لو يخبره أحدهم بأي شيء عدا أنه زهق روح والده.
كانت أنابيل قد رفعت وجهها الذي كان مُخبأَََ في ذراع أيزاك عندما لاحظت الهدوء الغريب بالأجواء.
'' أنت، أنت قاتل، لقد قتلت والدك! أنت هو الوحش عينه الذي دخل المصحة كما قال والدك و ستعود لها مجدداََ و لا يهمني إذا تعالجت أم تعفنت بالداخل '' صرخت إلينور بوجهه بينما جثه كريستوفر قابعة بين ذراعيها. أستفاق أيزاك الصغير علي ما قالته و نظر لها بصدمة ثم همس بصوت خافت مرتجف
''لا لا لا، ليس مجدداََ لا، لا أريد الذهاب إلي المصحة أرجوكِ لا تفعلي ذلك بي أنا لم أقصد قتله أقسم لكُ، قولي شيئاََ يا أمي أرجوكِ''
وقفت السيدة كارول شاردة بجثه والده، ألتزمت الصمت لمدة و ياليتها ألتزمته دهراََ حتى لا يستمع أيزاك إلي تلك النبرة الباردة منها و هي تقول
''أتصلي بالمصحة يا إلينور، يجب عليه العودة''
صُعق بيل و أيزاك الصغير من جواب والدته البارد كبرودة الثلج هي لتوها ألقت بأبنها في التهلكة، حاول أيزاك أن ينال إستعطافها و لو قليلاََ لكنه فشل
'' لا لا، أمي أرجوكِ لا تفعلي بي ذلك هل فقدتي عقلك؟ لماذا تفعلين ذلك بي؟ أنا أبنك'' أرتجف أيزاك طالباََ النجاة من ذلك القلب المُتحجر و قد أنكسر صوته و أمتلأت عيناه بالدموع في أخر جملته.
'' لقد مات أبني منذ ذلك الحادث بالمدرسة '' قالت بلا مبالاة و أمسكت إلينور الهاتف لتتصل بالمصحة، لكن لا، السجن أحب إليه من ذلك المكان المشؤوم. ركض أيزاك الصغير خارج المنزل بكل ما يملكه من قوة و أختفى عن الأنظار بعد وهلات قليلة. على الرغم أن ذلك لن يمنع المصحة من البحث عنه لكن هو واثق من شيء واحد فقط و هو أنه مهما حدث لن يعود إلي تلك المصحة مجدداََ.
.
.
.
لم أعد أرى شيئاََ سوى الظلام لأستنتج أن أيزاك قد أخرجنا من اللعبة. نزعت الرباط عن عيناي و كان وجه أيزاك الشاحب أول ما وقعت عليه عيناي.
تمنيت للحظه لو أني لم أخلعه بسبب نظره الحزن التي عادت مجدداََ علي محياه . أنا لا أتفهم شعوره بالظبط لكنني أعلم جيداََ أن ذلك الموقف يَصعُب علي نفس أيزاك تذكره
''هل تصدقيني أنابيل؟ '' قالها بنبرة منكسرة مقاطعاََ أفكاري لأسأله
'' أصدقك في ماذا؟! "
''هل ستصدقيني إن أخبرتك أنني لم أتعمد قتله؟ '' قالها بنبرة هشة و منكسرة، شعرت بأن قلبي يتفتت أثر سماعها، أمسكت بيداه و تحدثت بصدق
''نعم، سأصدقك'' فعلياََ أنا لا أعرف ما الذي أتفوه به أو لمَ حتي صدقته بتلك السرعة لكن نفسي لا تقوى علي تكذيبه، و كأن هناك جانبين مختلفتين من أيزاك، جانب قتل والده و احتجزني هنا و كاد يقتلني، و جانب آخر يعاملني بلطف و يندم على ما فعله في الماضى و أنا فقط لا أقوى علي تكذيب ذلك الجانب مهما حاولت.
'' شكراََ لكِ، لم يُصدقني أحد'' قالها ثم نهض و أتجه إلي غرفته.
قبل أن أخلد إلي النوم كنتُ أفكر في أن الحياة كانت قاسية لأبعد الحدود معه، والده كان قاسِِ حد اللعنة و صاحب المخبز و زوجه والده، حتي والدته لم تتردد لحظه في التخلي عنه. انا لم أستجوبه عن أمر المصحة بعد لكنني سأفعل. ربما ما كان يحتاجه أيزاك منذ البداية هو من يخبره بأنه يصدقه،حتي في أكثر الأشياء الغير واقعيه التي يقولها، كمثل أنه كان في الثامنة عشر من عمره في عام ١٩٥٥.
.......
أستيقظت صباح اليوم التالي لأجد أيزاك جالس علي الأريكة بجانبي و نظره موجه للأرض لأقاطع شروده بصوت ناعس
'' أيزاك '' ناديت ليلتفت لي مبتسماََ، حرك أناملة بخصلات شعري بطريقة حنونة لكنها نوعاََ ما لم تُشعرني بالراحة، قبل أن أدفع يداه بعيداََ بخفة أو أطلب منه أن يبتعد، قاطعني قائلا بهدوء و نبرة نادمة
''أنا أسف بيل''
''علامَ تأسف؟''تساءلت بتعجب بينما أراقبه بعدم فهم ليقول سريعاً
''على هذا '' و في لمح البصر رفع يداه من جيب بنطاله ليُخرج منه سكيناََ و يضعها علي عنقي، يُفرقني عن الموت حركة بسيطة من ذراعه، حركة واحدة فحسب و سأكون بتعداد الموتى.
تجمدت مكاني من هول الموقف و عينايا تكاد تُفارق مكانها
'' أيزاك؟! ''
''أنتِ تعلمين الكثير ''
__________________________________
هاي سويتيز💕
رأيكم في الشابتر؟
ربما كل ما يحتاجه هو فرصة ثانية حيث يمكنه أن يُعَوِض ما حدث معه و يُصلح بعضاََ من أخطائه لكن لا أعتقد أن الحياة قد منحته تلك الفرصة. أحياناً أشعر و كأنني أريد أن آخذ هذا الحمل و الحزن الثقيل عنه فانا أعلم جيداََ شعور أن تأبي الحياة أن تمنحك فرصة لتصحيح أخطائك، أعلم جيداََ كيف يؤلم. عندما رفع قميصه و رأيت ما تحته صُدمت من علامة الحرق الكبيرة التي رأيتها، أنا لا أصدق أن ذلك كان بفعل والده ،إنها تبدو قديمة لكن بالتأكيد كانت تؤلمه كثيراََ حينها، كما أنه كان صغيراََ ليتحمل كل هذا.
ربما تلك العلامة هي ما تُعيقه عن المضي قدماََ، فمشكلته الكبرى هي أنه لا يعلم كيف يتخطي ماضيه بدليل أنه يُحدثني عنه حتى بعد كل ما مر من سنوات، خمسة و ستون عاما، خمسة و ستون عاماََ و أيزاك مايزال يعاني منه كما لو أنه البارحة. مازلت لا أستطيع الحُكم لأنني أجهل الكثير عن ما فعله ليحظى بكل هذا الكرة، لكن الجميع لديه ماضي يحاول الهرب منه... أما عن أيزاك، أيزاك يعيش به. كأن الجميع يقف أمامه كي يُعيقه عن المضي قدماََ.
وصلت أنا و هو إلي منزله القديم و كان منزل صغير و يبدو أن مالكيه من الطبقة المتوسطة. ذهب أيزاك نحو الباب و حاول فتحه لكنه مُغلق.
''ألا تستطيع فتحه بتعويذة ما '' قلتها بجدية، لا أُنكر أن الأمر غريب بالنسبة لي لكنني سأعتاد الأمر عاجلاََ أم آجلاََ.
''لماذا سأستخدم تعويذة و هذه النافذة المؤديه إلي المطبخ مفتوحة علي مصراعيها و كبيرة كفاية لتسع كلانا؟ '' قالها مشيراََ إلى نافذه المطبخ.
هي ليست بعيدة جداََ لكنها ليست قريبة أيضاََ.
'' لأنها الطريقة الأسهل؟ '' سألت بإستنكار.
'' الأسهل لا يوجد به مخاطر '' أبتسم بخبث و هو يتحرك بإتجاه النافذة.
''أجل، لهذا أقترح الطريق الأسهل'' قلتها بمنطقية، لمَ هو يبحث عن المتاعب فقط؟
'' هيا يا بيل تعالي، سأرفعك'' قالها ماداََ ذراعيه ناحيتي.
''ألن تستسلم؟ '' قلتها بملل بينما أسير بإتجاهه.
''لن يحدث '' قال و رفع قدماي من على الأرض بذراعيه، أطلقت صرخة صغيرة عندما شعرت أنني سأسقط و تشبثت بظهره أكثر.
''لا داعي للقلق ،لن أدعكِ تسقطين '' قالها ثم رفعني أكثر لأصل لتلك النافذة، قبل أن أدلف للداخل شعرت به يدفعني للأمام بقوة، سقطت على أرضية المطبخ و أصطدمت رأسي بها. أيهزأ بي؟ كنت سأدلف بنفسي.
بعد فترة قصيرة دلف هو الآخر لأصيح بعتاب
''هل جُننت يا أيزاك؟ ماذا إن كُسرت يدي أو قدمي أو جُرحت رأسي حتى ''
''لا أعلم لكنها لن تكون مشكلتي '' قالها بلا مبالاة ثم ساعدني على النهوض، شعرت برغبة ملحة للكمه بشدة في وجهه لكنه أستكمل مقاطعاََ أفكاري ''هيا قبل أن ينتهي الحدث العائلي الكبير ''.
دلفنا أنا و أيزاك لغرفة المعيشة فأشار بيداه إلي رجل ما ثم قال
''هذا والدي '' ثم أشار إلي المرأة التي تقف بجانبه ''و هذه زوجته '' و قبل أن يُكمل سألت بفضول'' أين والدتك؟ '' ثم أشار إلي سيدة أخرى تبدو شاحبة كثيراََ تجلس بعيداََ عنهم و تراقب حديث أيزاك الصغير مع والده. كان شجاراََ اكثر من كونه حديث لأكون صريحة.
'' أيزاك'' قلتها و جذبت ذراعه بخفة ثم أشرت إلي تلفاز قديم بجانب والدته.
''هل كان لديكم تلفاز حينها؟! '' تساءلت بذهول و هو كالعادة غير مبالي.
'' أجل'' قال مختصراََ
'' نحن حتى لا نملك تلفازاََ في المخبأ الذي بالغابة'' قلتها مقهقهة ليقاطع حديثنا التافة صراخ والد أيزاك قائلاََ
'' قلت لك أعطيني الأموال الآن''
'' لا ،لن يحدث لقد شقيت لأجنيها لماذا لا تبحث لك عن عمل بدلاََ من كونك عديم الفائدة؟ '' صرخ أيزاك الصغير على والده فصفعه السيد فوركس بقوة، نظرت والده أيزاك له ببرود بينما هو ينتظر منها فعل أي شيء لكنها خيبت ظنه.
''كيف تجرؤ علي محادثتي بتلك الطريقة بعد كل ما فعلته من أجلك؟ '' أردف والده بخزي من تصرفات أبنه
'' و مالذي فعلته لي؟'' قالها مقهقهاََ بسخرية لتقاطع قهقهته زوجة والده السيدة إلينور قائلة ''لقد تكفل والدك بجميع مصاريف علاجك بالمصحة، حتى أنه كان يتركنا ننام جوعى كي تتعالج، و أنت بتلك البساطة تتساءل مالذي فعله لأجلك؟ تلك الأموال التي طلبها منك ما هي إلا دين ترده له لا أكثر '' ضحك أيزاك الصغير علي كلامها بهستيرية.
مصحة؟!
'' علاجي في المصحة؟ '' سألها مستنكراََ ثم أستكمل ضحكه و قال''عزيزتي، تلك المصحة كفيلة لجعلي أفقد صوابي نهائياََ لا لمعالجتي ''. أردت أن أسأل أيزاك عن أي مصحة يتحدثون لكن قاطعني صراخ والده قائلاََ ''لا تُحمل المصحة أمر فشل علاجك لقد كنت أنت الميؤوس منه لا أكثر''
أستطيع أن أرى وجهه يستشيط غضباََ ليصرخ قائلاََ ''لم أكن حالة ميؤوس منها بل لم أكن مجنوناََ من الأساس.. '' قاطعه والده قائلاََ بنبره خالية من الرحمة'' بلى يا أيزاك كنت مجنوناََ و ميؤوس منه و خطر، لقد عشت بتلك الطريقة و ستظل كذلك '' و قبل أن يُكمل السيد فوركس جملته أنهالت عليه ضربات أيزاك الصغير بعنف و عدوانية كأنه لا يري سوى غضبه و من قوتها و سرعتها لم يستطع والده الدفاع عن نفسه، لمعت في عيناه نظرة خالية من الحياة أو الإنسانية، تماماََ كالتي رأيتها حينما كان يخنقني. دفنتُ رأسي بسرعه في ذراع أيزاك كي لا أرى ذلك المشهد الدموي بين الأب و أبنه. لطالما كرهت مشاهد العنف و الدماء، دائماََ ما كنت أهاب رؤية الدماء.
.
.
.
كانت إلينور و والده أيزاك السيدة كارول يحاولان إبعاده عن والده بشتى الطرق لكن جميع المحاولات بائت بالفشل. فجأة توقف أيزاك عن ضرب والده عندما لاحظ أنه قد فقد الوعي جراء ما تلقى من ضربات عنيفة. سارعت كارول لتتفقد نبض السيد فوركس من عنقه لكن لا يوجد نبض. لقد مات!
''كارول ماذا حدث؟ هل هناك نبض'' قالتها إلينور بقلق لتهز كارول رأسها نافية، وقعت عليها تلك الجملة كوقع الصاعقة، فتصنمت في مكانها و دون أي مقدمات أجهشت ببكاء شديد.
لم تبكِ كارول حينها فقد أعطاها كريستوفر _والد أيزاك_أسباب عديدة لتبغضه لكنها لن تنكر أن جزءََ بداخلها شعر بالحزن فما حدث لا يُمحي ما كان بينهم من ذكريات.
أيزاك الصغير تجمد في مكانه لا يُصدق ما حدث للتو، يداه و قيمصه ملطخان بدماء والده، يتمنى لو يخبره أحدهم بأي شيء عدا أنه زهق روح والده.
كانت أنابيل قد رفعت وجهها الذي كان مُخبأَََ في ذراع أيزاك عندما لاحظت الهدوء الغريب بالأجواء.
'' أنت، أنت قاتل، لقد قتلت والدك! أنت هو الوحش عينه الذي دخل المصحة كما قال والدك و ستعود لها مجدداََ و لا يهمني إذا تعالجت أم تعفنت بالداخل '' صرخت إلينور بوجهه بينما جثه كريستوفر قابعة بين ذراعيها. أستفاق أيزاك الصغير علي ما قالته و نظر لها بصدمة ثم همس بصوت خافت مرتجف
''لا لا لا، ليس مجدداََ لا، لا أريد الذهاب إلي المصحة أرجوكِ لا تفعلي ذلك بي أنا لم أقصد قتله أقسم لكُ، قولي شيئاََ يا أمي أرجوكِ''
وقفت السيدة كارول شاردة بجثه والده، ألتزمت الصمت لمدة و ياليتها ألتزمته دهراََ حتى لا يستمع أيزاك إلي تلك النبرة الباردة منها و هي تقول
''أتصلي بالمصحة يا إلينور، يجب عليه العودة''
صُعق بيل و أيزاك الصغير من جواب والدته البارد كبرودة الثلج هي لتوها ألقت بأبنها في التهلكة، حاول أيزاك أن ينال إستعطافها و لو قليلاََ لكنه فشل
'' لا لا، أمي أرجوكِ لا تفعلي بي ذلك هل فقدتي عقلك؟ لماذا تفعلين ذلك بي؟ أنا أبنك'' أرتجف أيزاك طالباََ النجاة من ذلك القلب المُتحجر و قد أنكسر صوته و أمتلأت عيناه بالدموع في أخر جملته.
'' لقد مات أبني منذ ذلك الحادث بالمدرسة '' قالت بلا مبالاة و أمسكت إلينور الهاتف لتتصل بالمصحة، لكن لا، السجن أحب إليه من ذلك المكان المشؤوم. ركض أيزاك الصغير خارج المنزل بكل ما يملكه من قوة و أختفى عن الأنظار بعد وهلات قليلة. على الرغم أن ذلك لن يمنع المصحة من البحث عنه لكن هو واثق من شيء واحد فقط و هو أنه مهما حدث لن يعود إلي تلك المصحة مجدداََ.
.
.
.
لم أعد أرى شيئاََ سوى الظلام لأستنتج أن أيزاك قد أخرجنا من اللعبة. نزعت الرباط عن عيناي و كان وجه أيزاك الشاحب أول ما وقعت عليه عيناي.
تمنيت للحظه لو أني لم أخلعه بسبب نظره الحزن التي عادت مجدداََ علي محياه . أنا لا أتفهم شعوره بالظبط لكنني أعلم جيداََ أن ذلك الموقف يَصعُب علي نفس أيزاك تذكره
''هل تصدقيني أنابيل؟ '' قالها بنبرة منكسرة مقاطعاََ أفكاري لأسأله
'' أصدقك في ماذا؟! "
''هل ستصدقيني إن أخبرتك أنني لم أتعمد قتله؟ '' قالها بنبرة هشة و منكسرة، شعرت بأن قلبي يتفتت أثر سماعها، أمسكت بيداه و تحدثت بصدق
''نعم، سأصدقك'' فعلياََ أنا لا أعرف ما الذي أتفوه به أو لمَ حتي صدقته بتلك السرعة لكن نفسي لا تقوى علي تكذيبه، و كأن هناك جانبين مختلفتين من أيزاك، جانب قتل والده و احتجزني هنا و كاد يقتلني، و جانب آخر يعاملني بلطف و يندم على ما فعله في الماضى و أنا فقط لا أقوى علي تكذيب ذلك الجانب مهما حاولت.
'' شكراََ لكِ، لم يُصدقني أحد'' قالها ثم نهض و أتجه إلي غرفته.
قبل أن أخلد إلي النوم كنتُ أفكر في أن الحياة كانت قاسية لأبعد الحدود معه، والده كان قاسِِ حد اللعنة و صاحب المخبز و زوجه والده، حتي والدته لم تتردد لحظه في التخلي عنه. انا لم أستجوبه عن أمر المصحة بعد لكنني سأفعل. ربما ما كان يحتاجه أيزاك منذ البداية هو من يخبره بأنه يصدقه،حتي في أكثر الأشياء الغير واقعيه التي يقولها، كمثل أنه كان في الثامنة عشر من عمره في عام ١٩٥٥.
.......
أستيقظت صباح اليوم التالي لأجد أيزاك جالس علي الأريكة بجانبي و نظره موجه للأرض لأقاطع شروده بصوت ناعس
'' أيزاك '' ناديت ليلتفت لي مبتسماََ، حرك أناملة بخصلات شعري بطريقة حنونة لكنها نوعاََ ما لم تُشعرني بالراحة، قبل أن أدفع يداه بعيداََ بخفة أو أطلب منه أن يبتعد، قاطعني قائلا بهدوء و نبرة نادمة
''أنا أسف بيل''
''علامَ تأسف؟''تساءلت بتعجب بينما أراقبه بعدم فهم ليقول سريعاً
''على هذا '' و في لمح البصر رفع يداه من جيب بنطاله ليُخرج منه سكيناََ و يضعها علي عنقي، يُفرقني عن الموت حركة بسيطة من ذراعه، حركة واحدة فحسب و سأكون بتعداد الموتى.
تجمدت مكاني من هول الموقف و عينايا تكاد تُفارق مكانها
'' أيزاك؟! ''
''أنتِ تعلمين الكثير ''
__________________________________
هاي سويتيز💕
رأيكم في الشابتر؟
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(3)
6. You know too much
يبني بقا ملحقتش اتعاطف معاك سيب البنت😂😂
Відповісти
2020-07-28 20:37:52
1
6. You know too much
لا بس بجد صعب عليا ازاي اهله بالشكل ده
Відповісти
2020-07-28 20:38:11
1
6. You know too much
حماااااااااااس🔥🔥💃🏻
Відповісти
2020-07-28 21:01:25
Подобається