نبذة
مقدمة
1: اليوم الأول في كاميلوت
2: يبدو و كأنه سحر
3: فوضى عارمة
4: فتاة الغابة
5: إن صبري ينفذ! 1
6: إن صبري ينفذ! 2
7: إن صبري ينفذ! 3
8: احذر مما تتمناه أيها الجمال النائم!
9: ابنةٌ جاحدة
10: هل الحقيقة مرة أم ساحرة 1
11: هل الحقيقة مرة أم ساحرة2
12: كاميلوت في أزمة
13: كنت أحكم هذا المكان
14: الحب في الأجواء و الخيانة على الأبواب
15: الطبول تقرع بجنون إذًا لا مفر
16: ما يقبع خلف الستر
17: و من قال بأن الطبيعة رحيمة
18: مفاجأة تليق بملك !
19: رفقة سيئة
20: مازلت أريدك بالجوار
21: ما تفسده سيدة البحيرة تصلحه سيدة السماء
22: و الآن يسدل الستار1
23: و الآن يسدل الستار 2
2: يبدو و كأنه سحر
" كان عليك أن تكون أكثر حذرًا يا لورانس ، أنتَ تعلم كيف ينتهي هذا "

قال جايوس مؤنبًا لورانس الجالس أمامه بشرودٍ بعدما ساد الصمت طوال فترة علاجه فأسرع لورانس قائلًا ليدافع عن نفسه :

" لم أكن أعلم ، أقسم ! "

أومأ جايوس ثم قال : " نعم ، أعلم ، لكن مازال عليك أن تكون أكثر حذرًا "

ساد الصمت لبضع دقائق قبل أن يسأل لورانس بقلق : " أتظن أن آرثر قد يخبر والده بما حدث ؟ "

ابتسم جايوس مطمئنًا و قال : " لا ، آرثر .. ربما مغرورٌ قليلًا ، لكنه ليس شخصًا سيئًا ، ثم لا داعي لإزعاج الملك بشيءٍ بسيطٍ كهذا "

" جيد "

تناول جايوس كتابًا كان موضوعًا على طاولة الطعام خلفهما و أعطاه للورانس الذي تفحصه بتعجبٍ و هو يزيل الأتربة التي تغطيه قبل أن يفتحه و يقلب صفحاته ليبتسم و يلتفت لجايوس الذي ابتسم بدوره قائلًا :

" من أين لك هذا ؟ "

تردد جايوس قليلًا قبل أن يجيب : " كان ملكًا لصديقٍ قديم "

ثم أردف محاولًا تغيير الموضوع :
" سيفيدك في التحكم بقواك كثيرًا "

" شكرًا ، سأدرسه بجد ، أعدك "
.
.
" هذا لكِ يا سيدتي ، إنه من أجل صوتك .. أعتذر على التأخير "

قال لورانس و هو ينحني للدوقة كاثرين التي أخذت منه الزجاجة الصغيرة و هي تبتسم متمتمةً بـ : " شكرًا "

بمجرد عودتها لداخل حجرتها عادت لهيئة السيدة العجوز و شربت محتوى الزجاجة قبل أن تتفحص مظهرها في المرآة ، ثوبٌ ذهبيٌّ جميلٌ و أنيق ، لا يتناسب مع شعرها الفضي أو وجهها المشوه مطلقًا !

قامت بإخفاء سكينٍ في طيات ثوبها عند الخصر ، ابنها كان صيادًا و علمها كيفية استخدامها ، مهمةٌ انتحاريةٌ واحدةٌ تنتقم بها من أسرة بن دراجون التي حلت معها اللعنة على الناس جميعًا .. و بعدها تلحق بابنها ، قرأت بضع كلماتٍ غير مفهومةٍ من كتابٍ موضوعٍ أمامها و هي تقبض على قلادةٍ خشبيةٍ قبل أن تغلقه و تخفيه في صندوق ثيابها على عجل .

أما في قاعة الاحتفالات التي زُينت بأعلام كاميلوت الحمراء و الذهبية و الشموع المعطرة ، بالإضافة للموائد الضخمة التي تحمل كل ما لذ و طاب من الطعام أو الشراب و المائدة الصغيرة التي وضعها الخدم للتو أمام ثلاثة عروش ، اثنان من الفضة و يتوسطهما آخر من الذهب الخالص و نقش على ظهر كلٍ منهم التنين الذهبي من شعار كاميلوت .

امتلأت القاعة بالضيوف الذين بدأوا بالوصول بأعدادٍ كبيرةٍ و واحدًا تلو الآخر ، و بالخدم كذلك الذين أنهوا عملهم في تنظيم الحفل و قد تكرم الملك و سمح لهم بحضور الحفل - بطلبٍ من مرجانة و موافقة آرثر - بشرط ألا يغفلوا عن خدمة الحضور و تلبية طلباتهم بين حينٍ و آخر ، حتى أنه قد أعدت لهم مائدةٌ كبيرةٌ أيضًا لكنها في الخلف بحيث تكون بعيدةً قليلًا عن الحضور الأثرياء .

ساد الصمت فجأةً عندما خطت مرجانة بهدوءٍ داخل القاعة و معها فتاةٌ ذات شعرٍ بنيٍّ فاتحٍ و فستانٍ أخضر جميل ، ذهبت الفتاة و جلست على طاولة الخدم وسط ذهول البعض أن فتاةً بجمالها خادمة أما الباقي فمازالت عيونهم مثبتةً على مرجانة ذات الفستان الأحمر الداكن و الشعر الأسود الحريري المرفوع التي جلست بهدوءٍ على العرش الفضي الموضوع على اليسار ، تقدم آرثر بعدها مباشرةً و قد حان دور الفتيات لتحدقن بإعجابٍ و هو يجلس بهدوءٍ على العرش الفضي الآخر على اليمين ، عاد الجميع لحديثهم ، حتى آرثر كان يحادث مرجانة التي زال انزعاجها و صارت تبتسم بلطفٍ حين دخل جايوس و لورانس الذي جلس على مائدة الخدم بينما جايوس ذهب ليحادث حارس الحديقة عن مرضه .

" مرحبًا ، أنتَ جديدٌ هنا ؟ "

قالتها تلك الجميلة ذات الشعر البني التي كانت ترافق مرجانة للورانس الذي ابتسم و أجابها : " نعم ، لقد بدأت العمل بالأمس "

" أنا جوانهومارا ، الخادمة الخاصة بالكونتيسة مرجانة "

" سعيدٌ لمقابلتك ، أنا لورانس .. أنا أعمل مع جايوس في العيادة "

" أنا أيضًا سعيدةٌ لمقابلتك .. للآن مازلت أراها مختبرًا أكثر منها عيادة "

" أنتِ محقة ، إن الأمر غريب ، لكنه يساعد المرضى لذا لا مشكلة في الأمر "

" صحيح "

" تبدين جميلة "

" شكرًا ، إنه .. سيدتي أعطته لي ، و لا أعرف لمَ أقول هذا حتى "

" لا عليكِ ، إنها أول مرةٍ أحادث فتاةً لذا .. لست الوحيدة التي قد تقول شيئًا غريبًا "

" حقًا ؟ لا أصدق ! أعني .. لي الشرف أن أكون الأولى يا سيدي المحترم "

شاركها الضحك على جملتها الأخيرة ثم تمتم : " كان ذلك جيدًا "

" شكرًا ، أنا أتعلم الكثير من بقائي هنا ، و سيدتي لطيفةٌ جدًا ، أتمنى أن تعجبك الإقامة هنا ... و يمكنك مناداتي جوان ، مرجانة هي أول من ناداني بذلك ، و أعتذر إن كنت ثرثارة "

" لا ، أبدًا ، محادثتك ممتعة "

ابتسمت جوان قائلةً : " و أنتَ كذلك "

كان على وشك سؤالها عن الكونتيسة التي لم يسمع بها من قبل لكن الصمت المفاجئ للجميع جعلهما يصمتان كذلك و يلتفتان حيث ينظرون ، كان الملك أوثر يتقدم بهدوءٍ نحو عرشه الذهبي بينما وقف الجميع حتى آرثر و مرجانة كتحيةٍ له ، أشار لهم بالجلوس ثم قال بصوتٍ جهوري :

" شكرًا لكم على تلبية دعوتي ، اليوم هي ذكرى مرور ثلاثين عامًا على تحررنا من بطش السحرة ، مرحبًا بكم في كاميلوت .. المملكة الوحيدة الآمنة من السحر .. و من الساكسون ، لنأمل أن تنضم إلينا الدول الأخرى ، فليبدأ الاحتفال ! "

تعالَ تصفيق الحضور ما عدا مرجانة التي دحرجت عينيها بسخريةٍ متجاهلةً أن أوثر رآها تفعل ذلك و مائدة الخدم الذين صفقوا بخفوتٍ لأسفهم على ما يصحب هذا التطهير من السحرة من سفكٍ للدماء و خاصةً جايوس و لورانس و جوان !

دلفت الدوقة كاثرين إلى القاعة ليتعالى التصفيق الحار مجددًا ، اتجهت نحو تلك البقعة المرتفعة قليلًا كمسرحٍ صغيرٍ حيث وقفت الفرقة الموسيقية ، ابتسم الملك و أومأ لها قبل أن يجلس كما فعل بقية الحضور ، بدأت الدوقة بغناء أغنيةٍ هادئةٍ بصوتٍ شديد العذوبة و الجميع منبهرٌ بجمال صوتها و رقته محاولين الاستمتاع به قدر الإمكان ، و في منتصف الأغنية نزلت تلك الدرجات القليلة و هي مستمرةٌ بالغناء .. و الاقتراب من العروش الثلاثة و قد صفق لها بعض الحضور .

همست مرجانة باسم آرثر بقلقٍ شديدٍ لم تعرف له سببًا فنظر إليها بطرف عينه ثم أعاد نظره للدوقة كاثرين ليشهق الحضور عندما طارت سكينٌ لم يدر أحدٌ من أين جاءت نحو آرثر الذي بدا له أن السكين توقفت في مكانها لثانيةٍ أو اثنتين قبل أن تعاود الاتجاه نحوه لكن هاتين الثانتين كانتا كافيتين لمنحه الفرصة ليتدارك الموقف و يتفاداها ببراعة .

أسرع لورانس يتخطى الحشود لا شعوريًا لكنه تجمد في مكانه في ذهولٍ عندما رأى دخانًا أرجوانيًا ينتزع قلادةً خشبيةً من عنق الدوقة كاثرين ثم اختفى تمامًا و ظهرت الساحرة العجوز التي توعدت الملك أوثر بالأمس مرتديةً فستان الدوقة ، أسرعت بالانقضاض على الطاولة أمام العروش الثلاثة لتلتقط سكينًا لكن في ذاك الوقت القصير كان لورانس قد أخذ سيف أقرب حارسٍ إليه و صاح باسم آرثر ممررًا السيف إليه فالتقطه آرثر بسرعةٍ و صوبه نحو العجوز التي تجولت بنظرها بسرعةٍ في القاعة قبل أن تغرس السكين في عنقها !

شهق الحاضرون و تعالت صرخات النساء عند رؤيتهم للدماء المتدفقة بغزارةٍ و جسد الساحرة يتحلل بسرعةٍ و يختفي ، وضع الملك يده على كتف ابنه و هو يومئ له سعيدًا بنجاته قبل أن يأمر بإزالة تلك الدماء أما مرجانة فقد عانقت آرثر بقوةٍ و قد أوشكت على البكاء ، و بالعودة للورانس فقد وقف مصدومًا يبحث عن تفسيرٍ لما رآه عندما شعر بجوان تلقي بنفسها عليه قائلةً بسعادة :

" كان ذلك رائعًا يا لورانس ، لقد نسيت تقريبًا كيف أتنفس حينها ، أنت مدهش ! "

التفت إلى جايوس و هو ما يزال مصدومًا ليجد البرود يكتسي ملامحه ، هو فقط حائر .. هل عليه أن يكون سعيدًا أم غاضبًا لأن لورانس قد خالف تعليماته بعدم لفت الانتباه للتو ، اندفع الضيوف يهنئون الملك أوثر و آرثر بينما اتجه بعض الخدم للتحدث مع لورانس و الذين انسحبوا فورًا عندما وجدوا الأمير آرثر يقترب منهم ، و لتزداد صدمة لورانس فقد شكره آرثر قبل أن يبتسم محاولًا منع نفسه من الضحك على شكل لورانس المصدوم ثم أعاد السيف لصاحبه و عاد للوقوف بجوار والده .
.
.
" أنا آسفٌ جدًا يا جايوس "

" لا ، ليس عليك أن تكون كذلك ، على الأقل أنت لم تستخدم السحر هذه المرة "

وافقه لورانس بها بشرودٍ و هو يتذكر ما رآه ، أحدهم استخدم السحر لإنقاذ الموقف هو متأكد ، و متأكدٌ أيضًا أنه لم يكن هو .. إذًا من ؟

أيقظه من شروده صوت جايوس الذي قال : " عليك أن ترتاح الآن ، لقد تأخر الوقت و كانت ليلةً طويلةً للجميع "

أومأ لورانس و توجه لغرفته بصمتٍ إلى أن لاحظ وجود شيءٍ على سريره ، كتابٌ كبيرٌ و قديم ، قلب بضع صفحاتٍ لتتبين له ماهية الكتاب .. إنه كتاب تعاويذ ، لكن من أين جاء ؟ هل وضعه جايوس ؟ من أين يأتي بهذه الكتب أصلًا ؟

أخرج الكتاب الذي أعطاه جايوس إياه عصر اليوم من أسفل فراشه ، بدأ بتفحص الكتاب الجديد لتسقط منه ورقةٌ بيضاء صغيرةٌ كتب عليها بأحرف من ذهب :

" كان هذا ملكًا لتلك الساحرة ، آتمنك عليه و أرجو أن يكون مفيدًا لك "

و ازدادت دهشته ؛ فبمجرد أن قرأ تلك الكلمات اختفت تمامًا و كأنها احترقت و تبخرت !

أما في غرفة آرثر فقد كان جالسًا بشرودٍ يفكر في ما حدث كذلك إلى أن قرر أنه أطال السهر كثيرًا لكنه تجمد في مكانه عندما خيل إليه أن الصندوق الأسود الذي وجده سابقًا يشع منه ضوءٌ بنفسجيٌّ جميل ، اقترب منه ببطءٍ لكن لم يحدث شيء ، أخذ الصندوق برفقٍ و بدأ يتفحصه ، لم يكن به أي شيءٍ غريبٍ سوى المزيد من الشقوق الحديثة التي ظهرت بشكلٍ غامض ، هل عبثت إحدى الخادمات به و أسقطته مثلًا ؟ لكنه تجاهل تلك الفكرة فهذه الشروخ أكبر من أن تسببها سقطة لصندوقٍ قويٍّ كهذا و الأغرب أنه بالرغم منها إلا أن الصندوق لم ينكسر ، تركه بإهمالٍ على المنضدة متجهًا إلى فراشه .

و في ظلمة الليل و الجميع نيامٌ بالمملكة بأكملها كان ذاك الصندوق يضئ بخفوتٍ فعلًا ! و في عالم الأحلام وجد لورانس نفسه يسير في ممرٍ مظلمٍ لا بداية له و لا نهاية ، تَردد صوت فتاةٍ في المكان تُردد اسمه بقلق .

" لورانس ، عليك أن تساعدني ، رجاءً .. اتبع الضوء "

قالت الفتاة مترجيةً و هو مازال عاجزًا عن رؤيتها و كل ما استطاع التفوه به كان :
" من أنتِ ؟ "

" أنا هنا لمساعدتك لكن عليك أن تتعاون معي كذلك ، هيا اتبعه بسرعةٍ فالوقت
ينفذ "

قال الصوت بسرعةٍ لدرجة أنه بالكاد فهم ما قالته لكنه بدأ بالسير بخطواتٍ كبيرةٍ خلف الضوء و التي استحالت سريعًا للركض بينما قال الصوت مجددًا :

" سأجيبك على كل أسئلتك لاحقًا ، لا تتعجل و ركز فحسب على فتح الباب "

" أي باب ؟ و كيف أعرف أنكِ صادقة ؟ "

بمجرد أن أنهى سؤاله ظهر أمامه بابٌ ذهبيٌّ كبيرٌ جدًا تزينه أحجار الزمرد .

" لأنني تعمدت جعلك أنت فقط تراني أنقذ آرثر ، و الآن حاول فتحه بسحرك قبل أن .. لورانس ! "

صرخت باسمه في فزعٍ مما أفزعه بدوره و أيقظه و نبضه متسارع ، لم يتمكن من العودة للنوم .. و لم يرد ذلك فأخذ ذاك الكتاب الذي منح له بشكلٍ غامضٍ و بدء يتفحص صفحاته واحدةً تلو الأخرى - في منتصف الليل - دون أن يملك حتى سببًا لفعلته تلك !

و بعد حوالي ثلاث ساعاتٍ ربما عاد الصندوق يومض من جديدٍ و إن كان يبدو كأنه سيتحطم من لمسةٍ واحدةٍ بعد ظهور كل تلك الشقوق ، و لم يمضِ أكثر من بضع دقائق حتى انتفض آرثر و استيقظ كذلك ، التفت حوله ليستوعب أنه مازال في غرفته قبل أن يتمتم بكلمةٍ واحدة :

" المفتاح ! "

عندها فقط لاحظ أنه يقبض على مفتاحٍ بالفعل ! كان مفتاحًا ذهبيًّا مثبتةٌ به أحجار الأميثيست الأرجوانية و قطعةٌ واحدةٌ من الزمرد موضوعةٌ بجانب قطعةٍ أكبر قليلًا أرجوانية داخل قلبٍ ذهبيٍّ يقبض عليه تنينٌ أسود و ذهبيٌّ .



كاد أن يذهب و يخبر مرجانة بأمر المفتاح ؛ فهي الوحيدة التي قد تنصت إليه .. على عكس والده الملك ، لكنه لسببٍ ما أحجم عن ذلك و وضعه أسفل وسادته حتى يفكر بأمره في الصباح .

و في الصباح الباكر حين كان لورانس يتناول فطوره بصمتٍ مع جايوس الذي كان يراقبه بطرف عينيه متسائلًا عن سبب شروده إلى أن سأل لورانس :

" هل تراود السحرة أحلامٌ غريبةٌ
أحيانًا ؟ "

راقبه جايوس بفضولٍ ليقول موضحًا :
" كأن تلتقي بشخصٍ لا تعرفه أو ترى شيئًا غريبًا ؟ "

صمت جايوس مفكرًا لبضع لحظاتٍ ثم أجاب : " أحيانًا ، لكن هذا نادر الحدوث .. بعضها يكون تحذيراتٍ عن شيءٍ سيحدث في المستقبل أو رؤًى للمستقبل عامةً ، و البعض الآخر يكون محاولةً للتخاطر أو التواصل مع أحدهم "

" و كيف تعرف الفرق ؟ "

" لا أعلم ، يفترض أنك أنت من ستعرف من تلقاء نفسك .. هل رأيت شيئًا سابقًا و تحقق من قبل ؟ "

" لمرةٍ واحدة ، رأيت السد القريب من قريتنا يتحطم و يغرق أكثر من نصف القرية "

" و هل حدث ذلك ؟ "

" لقد أقنعت أمي رجال القرية أنها رأت جزءً متضررًا بالسد أثناء إحضارها الماء فذهبنا و أصلحناه .. لكننا لم نكن سريعين كفايةً ، دمرت المياه بعض المنازل "

" قد يكون أمرًا مماثلًا ، ماذا رأيت بالأمس ؟ "

" أنا .. لست واثقًا لكن .. لقد تحدث إليَّ أحدهم ، لا أعلم ماذا يريد "

وجد لورانس هذه الكلمات تخرج من فمه بتلقائيةٍ ، هو فقط لسببٍ ما أراد الاحتفاظ بالتفاصيل لنفسه ، و يبدو أن جايوس قد لاحظ ذلك حيث دقق النظر به لبعض الوقت بشكٍ لكنه لم يعلق على ذلك .

أما في الجهة الأخرى حيث كان آرثر يتدرب مع الفرسان أصدقائه .. انقسموا لثنائياتٍ حيث يتبارزون رجلًا لرجل ، أما آرثر فقد كان يصد ضربات أحد الفرسان له بمهارةٍ و سيوفهما تحتك ببعضها بعنفٍ قبل أن يتعثر الفارس بسبب آرثر و يشعر بسيفه يوضع على عنقه في تهديد .

" هذا ليس عدلًا "

قال الفارس بغضبٍ مصطنعٍ و الذي لم يكن إلا أحد أصدقاء آرثر الذي رمقه بنظرة تهديدٍ قبل أن يمرر السيف على عنق صديقه كأنه يختار الجهة التي سيقتله منها فهمس الفارس بـ : " أنا أعتذر يا سموك "

ابتسم آرثر بسخريةٍ قبل أن يساعده على النهوض قائلًا : " كل شيءٍ مسموحٌ بالحرب يا سير كاي "

لم يعلق كاي على تلك العبارة و اكتفى بالإيماء قبل أن يتجه حيث اجتمع بقية الخاسرين عندما رأى فارسين آخرين متجهين نحوهما و اللذان وقفا بجوار آرثر و هم يشاهدون كاي يبتعد بسخريةٍ قبل أن يقول أحدهما :

" يبدو أن صديقنا كاي بدأ يفقد مهاراته يا غاوين "

قالها ذاك الفارس الطويل ذو الشعر الأشقر المسمى بـ " بيدوير " و المعروف أيضًا
بـ " بيديفر " فأجابه الفارس الآخر الذي مازال يضع خوذته :

" هو فقط سيء الحظ لأنه تحدى أمير كاميلوت "

" و ماذا عن حظكما أنتما الاثنين ؟ "

سأل آرثر ليتبادل غاوين و بيديفر الابتسامات قبل أن يقول بيديفر :
" لنجرب "

و بدأ كلاهما بتسديد الضربات كذلك لآرثر لكن ما هي سوى بضع دقائق حتى انقلبت الأوضاع و صار آرثر هو المهاجم و هما بالكاد يدافعان عن نفسيهما و فجأةً سقط بيديفر أرضًا و صار سيفه بيد آرثر الذي صوبه إلى غاوين و وجه سيفه لعنق بيديفر ، ابتسم آرثر بهدوءٍ و لم يعلق على هزيمة صديقيه ثم أبعد السيفين عنهما و أعطى بيديفر سيفه و قال على عجلةٍ :

" يبدو أن تدريبي قد انتهى لليوم "

و ترك سيفه عند قائد الفرسان متجاهلًا تساؤلات صديقيه و نظرات كاي المتعجبة له و اتجه مسرعًا لغرفته و فتشها جيدًا لكنه لم يجد المفتاح .. و لا حتى الصندوق الأسود الكريستالي ! كيف أمكنه أن ينسى أمره أصلًا بعد ما حدث ؟ دلفت خادمةٌ لغرفته ثم ما لبثت أن تراجعت خطوةً للخلف في تفاجؤ ثم انحنت قائلةً و هي تقبض على المكنسة بيدها :

" عذرًا جلالتك ، ظننتك في التدريب و أتيت لتنظيف الغرفة "

" كان هناك صندوقٌ أسود هنا له مفتاحٌ ذهبي، هل رأيتي أيًا منهما ؟ "

" لا يا سيدي، لم أرهما أبدًا "

دقق آرثر النظر بها للحظاتٍ قبل أن يومئ و يقول : " بإمكانكِ العودة لعملك أنا ذاهبٌ على أي حال "

ثم ذهب للإسطبل الملكي و أخذ جواده الأبيض و انطلق مسرعًا بلا هدفٍ إلى الغابة .
1
2
3
4
5
6
7
8

© Queen MG,
книга «خلف ستر كاميلوت».
3: فوضى عارمة
Коментарі