"فاقد الأمل لا يعطيه"
"هلاوس"
"آسفة فأنا اريد شخصاً نظيفاً"
"أهواك"
"ذكريات مؤلمة"
"وداع"
"ذبول"
"هروب"
"كم هي قاسية تلك الحياة"
"رد الجميل"
"شرود"
"صِدام"
"خوف"
"لقاء"
"الغريب"
"اسيل"
"احلاهما مر"
"ملاك"
"مواجهة"
"ألم"
"اعتراف"
"أمل"
"برد"
"صداقة"
"النهاية"
"النهاية"
الآن قد ظهر المشهد المقيت الذي كان يخشاه كل من في تلك البقعة من المستشفى...مشهد كان من المحتوم عليهم مشاهدته... ينظرون الى طه وهو يدخل غرفة العمليات بحزن وقلق شديد...تملأ أعينهم نظرات الإشفاق...نظرات الخوف...نظرات الوداع!
لا يعلمون ماذا سيحدث بالداخل ولا يريدون حتى توقع ذلك...بضع ساعات طويلة مقيتة تحبس الأنفاس! ولكنهم سينتظرونها تنتهي لمعرفة النتيجة...فإما أن يخرج طه سليما من تلك الجراحة...او يخرج على كرسي لا يستطيع الحراك إلى الأبد! أو يخرج مكفناً في إحدى تلك الملاءات البيضاء مودعا إياهم في منظر كئيب تقشعر له الأبدان وتنفطر عليه القلوب!
أما عن طه فقد دخل إلى الغرفة مبتسما يحاول تجنب النظر إليهم حتى لا يزيد من صعوبة تلك اللحظة...كان مبتسما راضيا مسلما أمره لربه لا يريد أي شيء آخر...فهو قد حقق حلمه الرئيسي بنجاح! وهو التغلب على ذلك الطُفيل الذي كان يتغذى علي عقله طوال تلك السنوات الماضية...لا يقصد بذلك السرطان الذي يسكن في دماغه الآن...انما يقصد بذلك الكوكايين والمخدرات الأخرى وتلك الأماكن القذرة التي كان يرتادها كل يوم...لعل اكتشاف ذلك السرطان كان المفتاح ونقطة تحول كبيرة في حياته أوصلته الى تلك المرحلة...وهو راضٍ تماما عما وصل إليه الآن...بالطبع يتمنى الخروج من هنا سالما يمشى على قدميه مجددا...ولكنه لن يحزن لو من تتحقق تلك الأمنية...فهو يثق أن أصدقائه الذين ينتظرون بالخارج سيراعونه لو حدث مكروه له بلا أي ملل أو كَلل...فهو كأخ لهم كما هم أخوات له...قد لاحظ غياب عبد القادر لكنه لم يحزن...فهو يعلم طبيعة كل شخص منهم يعلم أنه لا يجب أن يكون حاضرا هنا معهم ليخبره بأنه مستعد لخدمته طوال عمره لو حدث شيء له...وأهم ما في الأمر والده العزيز الذي ينتظر بالخارج وعلامات الحب والقلق الشديد تظهر جلية عليه... لم يكن يتوقع كل ذلك للحب من والده بعدما قام بارتكاب تلك الخطايا والأشياء ابتي لا تغتفر...
لقد دلف إلى الداخل تاركا ورائه تلك النظرات المودعة والدموع المليئة بالحب....
قام بالجلوس على السرير ليظهر بعدها الطبيب بردائه الأبيض وكمامته التي تخبأ وجهه...اقترب الطبيب من طه وقام بنزعها وقال له بعض الكلمات المطمئنة عن العملية واحتمالية خروجه سليما من هنا دون أي أعراض جانبية
ليجيبه طه بابتسامة راضية تفيد بأن يباشر عمله ويخرج تلك الكتلة من دماغه!
لم تمر لحظات قليلة حتى حقنه الطبيب بمخدرِ ليغيب عن الوعي وعن الحياة تدريجيا حتى أصبح لا يرى شيء سوى الظلام... لا يسمع شيئا ولا حتى اصوات همس تزعج أذنه... إنه الصمت الرحيم!
مرت الساعات الخمس ثقيلة مربكة على كل من ينتظرون بالخارج... كلما زادت المدة كلما تسرب القلق أكثر إلى نفوسهم... كلما أصبحت التوقعات أسوء!
وقتها كان كلا من عبد القادر وأسيل مستلقيان على العشب الأخضر المبتل ينظران إلى النجوم... يعدونها ويشيرون إليها في سعادة كأنهما لا يزالا طفلين! كان لدى كل واحد منهما تلك الهواية من صغره! كان عبد القادر يجلس في الشرفة يتطلع إلى تلك النجوم ويستمتع بذلك الليل الهادئ الجميل! وقد كبرت معه تلك الهواية الغريبة... الفرق الوحيد أنه قد كبر في السن وتلك الزجاجة الممتلئة بالخمر أصبحت لا تفارق يداه... لكنه الآن قد رجع إلى طفولته مجددا... حيث الليل الهادئ والنجوم... دون تلك الزجاجة كريهة الرائحة لاذعة الطعم! أصبحت الحياة أكثر بساطة واستقرارا الآن... يعلم أنه من المحال ان يظل الوضع كما هو... ولكنه يحب الاستمتاع بوقته! تلك الفترات القصيرة ذات البهجة والهدوء النفسي... فهي الآن بين ذراعيه محتضنة إياه بكل حب تشعر بالسكون والأمان بين ضلوعه! لقد عادت إليه تلك الملاك الرحيم... قطعت أسيل ذلك الصمت بسؤالها:
_وكيف أمضيت تلك الفترة بدوني؟ أكنت وحدك كما تركتك؟! أم أنك وجدت من يشاركك حياتك المملة تلك؟
حينها ضحك عبد القادر ضحكته المرحة المعتادة... لكن هذه المرة كان سعيدا من داخله ايضا! لم يعد يحتاج إلى التمثيل والتظاهر بأنه سعيد... لأنه وبكل رضا يشعر بالسعادة الآن.. توقف عن الضحك ورد عليها وهو ينظر إلى النجوم ثانية ممتنا لأولئك الذين تحملوه كل تلك الفترة:
_لم أجد الكثير من الأصدقاء ولم أصنع الكثير من المعارف... لكني تعرفت على إثنين يمكنك القول إنهما اخوتي وليسوا أصدقاء فقط! لم أكن أعلم مدى أهمية تلك الرابطة ولم يكونوا أيضا يعلمون! ولكننا أدركنا سويا أننا لا نستطيع الافتراق عن بعض! أدرك كل واحد منا أهميته عند الآخر في كثير من المواقف... لقد ارتبط بهم وأحببتهم دون أن أعي فعلا أنني أفعل ذلك... بدأ الأمر بتوصيلة مني لهم إلى السكن الجامعي... والآن هم يمثلون عائلتي!
إنهما "آسر" و "طه"!
حينها ضمت أسيل عبد القادر أكثر إليها وابتسمت عندما سمعت عبد القادر يتكلم بذلك الحب عن أشخاص آخرين! عن أصدقائه... يا إلهي إنها لا تصدق ما تسمعه! هل فعلا نجح أخيرا في تكوين صداقات مع أشخاص آخرين؟ يبدو أنها لم تحب الشخص الخطأ كما كانت تعتقد...
وقتها تغيرت نظرات عبد القادر وشرد كأنه يتذكر شيئا ما... نعم صحيح... طه! يا إلهي كيف لم يتذكر ميعاد العملية!
انتفض عبد القادر بسرعة من مكانه فسألته أسيل بعدم فهم لما يحدث فأجابها وهو يجري ناحية السيارة ممسكا بيد أسيل التي تحاول ان تجاريه في سرعته قائلا: "طه! علي أن أطمئن عليه" وأكمل في معاتبة نفسه بصوت عالٍ "كيف نسيت... كيف"!
سار بأسرع ما يمكن كي يصل إلى هناك وهو يصلي ويدعو ربه أن ينقذ طه وأن تنجح العملية فهو يستحق أكثر من ذلك!
ظلت أسيل تتساءل عما يفعله عبد القادر حتى لاحظت شروده التام ودموعه التي يحاول بقد الإمكان إخفائها... حينها توقفت عن الكلام وتركته لما هو فيه! بل وبدأت تدعو لما يدعو به عبد القادر...فقد أدركت تماما أن ذلك الشخص مريض وفي حالة حرجة!
بعد فترة بدأ عبد القادر في السرد... قال لها كل شيء تقريبا عما يمر به طه وأسبابه ونتائج ذلك المرض الذي كان نقطة تغير كبيرة في حياته وحياتهم أيضا!
وصل عبد القادر إلى المستشفى لا يزال ممسكا بيد أسيل يجرها ورائه لا يعلم ماذا يفعل... فقط يريد الوصول إلى هناك... سأل عن اسم الحالة في المستشفى وصعد إلى الطابق الثالث حيث وجد كلا من ملك وآسر حاضران هناك وشخص ثالث كبير في السن لم يره من قبل يدخل غرفة العمليات بسرعة! استنتج أنه والد طه... ترك عبد القادر يد أسيل ليذهب إلى آسر ويوبخه قائلا:
_ما الذي أتى بك إلى هنا؟! ألا تعلم أنه من الخطر عليك التحرك من على السرير!
حينها أجابه آسر ببرود:
_لا تقلق لقد مررت بأسوأ من هذا في حياتي... ثم أكمل قائلا:
وأنت ما الذي أخرك كل هذا؟ ونظر إلى تلك الفتاة في الخلف التي كانت تبتسم لما يفعله عبد القادر... رغم علمه بأنها من المؤكد "أسيل" تلك الفتاة التي حصدت قلب عبد القادر وقصة حبهم الغريبة!
ليرد عبد القادر وهو ينظر إليها في حب وقال:
_إنها ملاكي.. حب حياتي أسيل!
حينها ضحك آسر من منظر عبد القادر الشارد وصوته الخفيض قائلا: أعذرني يا صديقي فأنا لم أرك هكذا من قبل!
ليبادله عبد القادر بضحكة مرحة أخرى تجعل كل من في الغرفة يبتسمون...
كيف تضحك هكذا يا عبد القادر وأنت تعلم أن صديقنا بالداخل يتألم! صمت عبد القادر فجأة متأثرا بما قاله آسر: آسف...لم أكن أقصد فعل ذلك!
ليضحك آسر بصوت عالٍ مجددا قائلا بابتسامة مليئة بالفرح:
_لقد تأخرت كثيرا يا صديقي وفاتتك آخر الأخبار... فطه الآن في الداخل ينعم بنوم هادئ بعد نجاح العملية وإخراج تلك الكتلة من دماغه أخيرا!
لم يصدق حينها عبد القادر ما يسمعه وقام باحتضان آسر بقوة لصرخ آسر قائلا:
_أيها الغبي...عظامي ستتكسر!
أفلته عبد القادر بسرعة وأعتذر بحماقة مجددا والابتسامة لا تفارق وجهه منذ سماعه لذلك الخبر المفرح!
كل ذلك كانت تراقبه أسيل من بعيد وتبتسم وقد زادت ابتسامتها أكثر وأكثر وهي لا تصدق أن هذا الشخص الضاحك الذي يرتكب تلك الأفعال الحمقاء هو عبد القادر! هو نفسه ذلك الإنسان السكير عبد شهوته التي لم تكن تفارق نظرته الجامدة والحزينة وجهه اليائس ذو العين المنكسرة! يا له من تغير مفاجئ يجعل قلبها يرفرف من السعادة... تحمد الله علي تلك الصداقة التي غيرته هو وغيرتهم أيضا إلى الأفضل! شكرا لتلك الظروف القاسية التي جمعتهم ببعضهم وغيرتهم بالكامل
وانتهى المشهد أخيرا... ذلك المشهد البطيء الثقيل قد انتهى بالفعل! والأهم من ذلك انه انتهى بسلام بشكل غير متوقع! بدون خسائر وبدون أي حزن وأحداث كئيبة غير منتظرة يا له من يوم لا ينسى بكل تفاصيله... و يا لها من نهاية جميلة لم تكن في الحسبان... لم تكن في نيتهم توقع الشيء الحسن لكيلا يرتبطوا به...لكيلا يعطيهم الأمل مجددا فيسحقه القدر مثل كل مرة! ولكن هذه المرة مختلفة... هذه المرة بدون خسائر!
خرج كل من في المكان سعداء عما وصلت إليه الأمور إلى الآن... أما طه فعليه أن يمضي في المستشفى على الأقل أسبوع كي يباشر بقية العلاج وتتحسن حالته! قال لهم الطبيب أنه سيحتاج إلى كرسي متحرك في أول شهر فقط بعد العملية ومع بعض التمرينات الخفيفة والعلاج المنتظم سيرجع إلى الوقوف على قدميه مجددا! لم يبالِ كل منهم بما قاله الطبيب في أول كلامه... فقد عبروا عن سعادتهم عند سماعهم لآخر جملة... "سيرجع الى الوقوف على قدميه مجددا"
بعدها ذهب البقية إلى بيت عبد القادر وقام كل من ملك وأسيل وعبد القادر بتنظيف البيت ورمي تلك الزجاجات الكريهة! وإبعاد كل تلك الأكوام من التراب التي تراكمت في هذا البيت على مر السنين! ليعود البيت إلى شكله الطبيعي ويتخلى عن ذلك المنظر الكئيب الذي كان يظهر به!
أما عن آسر فقد أمسك بهاتفه ودخل إلى غرفته واتصل بذلك الرقم لآخر مرة! فهو لم يعد بحاجة إلى الاتصال بهذا الرقم مجددا... ولا عاد بحاجة إلى صاحب الرقم من الأساس!

قام بطلب ذلك الرقم الذي كان يحفظه عن ظهر قلب... ليرن وبعدها بفترة يظهر صوت خشن يقول في غضب:
_ألم أقل لك أن لا تحاول ال...
قاطعه آسر بجملة لاذعة كان يود قولها لهذا الشخص منذ زمن... بصوت بارد لا يحمل أي مشاعر:
_أنا أكرهك!
بكل صدق أنا لا أكن لك ذرة حب في قلبي... لطالما حاولت الاتصال بك مرارا وتكرارا لأعتذر لك عما اقترفته... لكنني الآن أتصل بك لأقولها في وجهك انا لا أعترف بك كأب لي! لقد توقفت عن تعاطي المخدر يا أبي... أصبح لدي عائلة هنا... اشخاص يهتمون بي ويراعون مشاعري... يكنون إلى الحب كما أكنه لهم... لم يتخلوا عني عندما أخطأت ولم يفقدوا الأمل في! لقد أصبحت شخصا صالحا يا أبي... تغيرت كثيرا عن ذلك الشخص الذي كنته يوما...
ولن أنسب إليك الفضل في أي شيء فعلته... فأنت لم تكن بجانبي يوم احتجتك!
وأغلق الخط بسرعة قبل أن ينطق والده بكلمة! فهو لا يريد سماع صوته مجددا...

رغم أنه يشعر بالراحة لاعترافه بذلك وإزالة ذلك الحمل الثقيل عنه... تلك الكلمات التي طالما كانت محبوسة بداخله لا يريد الاعتراف بوجودها! لكنه قالها أخيرا! يرغب الآن بشدة في البكاء بعد ما قاله لم يتردد فيما قاله ولو عاد به الزمن لقال نفس تلك الكلمات اللاذعة مجددا ومجددا! ولكنه يظل إحساسا صعبا

لم يكن فقط إحساسه بالحزن والرغبة في البكاء هو ما يشعر به! فقد كان يشعر بشيء آخر يتسلل إلى جسده... إحساس يعرفه جيدا لم يأتي إليه منذ فترة قد طالت! لكنه لا يزال يعلم تماما ذلك الاحساس وتلك البوادر! رمى الهاتف من يده وتحرك بسرعة خارج الغرفة وهو يصرخ مناديا عبد القادر ليأتي إليه مسرعا في قلق... ليكتشف سبب صراخ آسر دون حتى أن ينطق بكلمة! كان يعلم تماما ماذا يحصل له ولكن ما أكده قول آسر وهو مبتسم:
_إنه اليوم الثالث بدون مخدر!

ووقع بعدها على الأرض تتشنج تقريبا كل عضلة في جسده مع ارتجاف حاد وصراخ وألم لا يطاق! أصبح متكوما حول نفسه يحاول قدر الإمكان أن يحد من تلك التشنجات وجسده الذي ترتجف كل ذرة فيه... ظهرت حينها آثار التعذيب في جسده التي لا تزال خطيرة في منظر مؤلم يفطر القلوب! أمسكت به ملك ووضعت رأسه على فخذيها واحتضنته بقوة باكية لا تدري ماذا تفعل... تصرخ قائلة: ماذا بك يا حبيبي؟ ترجوه أن يهدأ وهي لا تستطيع تفسير ماذا يحدث له! في حين هرع عبد القادر ليأتي بطبيب يعرفه جيدا... لطالما كان يحكي له آسر عن ذلك الطبيب... إنه الطبيب المشرف علي حالة آسر حالة "الصرع"
بقي الوضع هكذا حوالي ثلاثون دقيقة لم تتوقف فيهم ملك عن البكاء وهي تنادي على آسر أن يهدأ وتضع يدها على وجه آسر الذي تحول إلى اللون الأحمر وعضلات وجهه مشدودة.. يعض على أسنانه بوحشية لا يستطيع إرخاء عضلاته!
حينها وصل الطبيب أخيرا وقام بحقنه مباشرة بحقنة بها القليل من مادة مخدرة ومنوم قوي المفعول! للأسف إنها الطريقة الوحيدة الفورية لخروجه من تلك الحالة!

قاموا بوضع آسر على السرير بعدما هدأ ودخل في حالة سبات عميق!
وقتها أخذ الطبيب كلا من ملك وعبد القادر وأخبرهم عن الصرع الذي يعاني منه آسر وعن خطورته!
أخبرهم أنهم قد تأخروا كثيرا وقد بدأت مضاعفات الصرع بالفعل في الظهور على وجهه! أخبرهم بأنه سيظل نائما إلى أجل غير مسمى! فإما أن يستيقظ الآن... أو غدا أو بعد شهر أو لا يستيقظ مطلقا إن حدث تلف في الدماغ نتيجة لتلك المدة التي تعرض إليها لنوبة الصرع

هزت ملك رأسها في ألم وعدم تصديق لما يقوله ذلك الطبيب ودخلت بسرعة إلى غرفة آسر وهي تكتم بكائها قدر استطاعتها... هي الآن تراه الآن راقدا على السرير مجددا لا يتحرك! آثار الجروح والكسور لم تترك جزءا من جسده سليما... لم تكن تعلم أي شيء عن ذلك الصرع أيضا! كيف لشخص وحده أن يتحمل كل هذا؟
أمسكت يده الخالية من الأظافر برفق ووضعت يدها الأخرى على رأسه تمسح الدموع التي كانت تتساقط من عينه قبل أن يعطيه الطبيب المنوم ليسكن أخيرا ويتوقف عن الرعشة والتشنج!

قالت والدموع تملأ عيناها تخاطبه وهو نائم أمامها لا يستطيع النظر إليها تلك النظرة الواثقة التي تجعلها تبتسم مجددا:
_لن تواجه كل ذلك بمفردك بعد الآن! فأنا إلى جانبك يا حبيبي! بجانبك طوال الوقت... سأهتم بك وبحالتك كما لم يفعل أحد من قبل... ارجوك رد علي... طمئنني عليك فأنا بحاجة ماسة إلى سماع صوتك مجددا! آسر أنا أحبك.... حتى لو لم تخبرني بحبك لي أولا فأنا أعترف بحبي لك... أرجوك قم بسرعة لا تقلقني عليك... لا يمكنك أن تتركني هكذا أيها الأناني الأحمق! لا يمكنك أن تتركنا بعد كل هذا! هيا أرجوك قم من أجلي... من أجل طه الذي نجحت عمليته اتذكر ذلك؟ من أجل عبد القادر الذي تغير كليا!

لمَ لا يمكننا أن نحظى بنهاية سعيدة أجبني!
أعذرني يا آسر فأنا لم أكن الحبيبة المثالية! لم أكن الشخص الذي كنت تتمناه... لم أستطع ان أعوضك عن والدك وحبيبتك السابقة! لم أستطع أن أكون الصديقة والحبيبة والأم في نفس الوقت!
دخل عبد القادر الغرفة في صمت تام...يتأمل ذلك الشخص المسكين الراقد أمامه وملاكه التي تمسك بيده تعتصرها بحزن...تصرخ فيه بكلمات تفطر قلبه... تقدم في خطوات صامتة إلى المكتب الراقد بجانب سرير آسر وأخرج منه ورقة قد لُفت بعناية ليعطيها لملك في صمت ويخرج من الغرفة تاركا إياها تقرأ ما حملته تلك الرسالة فتحتها لتلتهم عيناها بحرقة كل ما كتب على السطور

"لا أعلم كم من الوقت سيمضي قبل أن يصيبني ذلك الصرع مجددا...لا أعلم هل سأستطيع المقاومة أن ستخور قواي وأسقط مهزوما أمام ذلك الصرع...لكني ولأول مرة راضٍ بكل شيء سيحدث...لن أجهد عقلي في تصور ما سيحمله المستقبل لي...بل سأفعل ما أبرع في فعله دائما...سأترك الأمور  تحدث!
لست حزينا على أي شيء بالعكس لأول مرة سأخرج من المعركة منتصرا مهما كانت الأحداث...سأخرج من المعركة منتصرا على نفسي وواقعا في حب بطلة القصة...لا بأس أن يموت بطل القصة في النهاية طالما ظفر بالبطلة...ملاكه الجميل الخالي من الأجنحة الكاذبة
"أحبك يا ملك! أحبك من كل قلبي... شكرا على كونك بشرا لا ملاك لا يخطئ... لا ملاك لا أستطيع النظر إليه"

"النهاية"

شكرا لكل اللي كملوا الرواية معايا بأحداثها للآخر... شكرا على كومنتاتكوا الجميلة وكلامكوا المشجع...شكرا على إنتظاركوا للبارت الجديد

شكرا على كل حاجة 🖤
© Mohamed Hassan,
книга «"ألف ميل"».
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (2)
Mo
"النهاية"
ويت.. انتهت؟!! أنا مش قادرة أوقف دموعي بجدد دخلت قلبي وحببتها جدا 😭❤❤ يعطيك العافية ☹👏
Відповісти
2020-07-25 09:23:57
Подобається
Rawan Yasser
"النهاية"
رغم اني قرأت الرواية علي الواتباد عشان مش قادره استغني عنه بس و لو و لو هدعمك هنا بردو حرفيا الرواية قمر جدا بجد و أسلوب سردك قمر فعلا و مش لاقيه كلام تاني والله يكفي حلاوه روايتك😂🤷🏻‍♀️🖤
Відповісти
2020-07-25 23:23:54
Подобається