"صداقة"
شكرا على ما فعلته يا بني...على عدم إخفاء أي شيء عني... كان يجب على أن أكون مع ولدي في تلك اللحظة... لم أكن لأصل إلى هنا لولا مكالمتك لي... شكرا على كل شيء
كان صوت والد طه لا يخلو من الامتنان والحب علي موقف آسر الشجاع... لقد أبلغه أن ابنه في حاجة إليه... لم يستطع أن يقولها بفمه لأنه كان ولا يزال لا يقوى على الكلام أو الحراك... ولكنه يشعر بالفخر والسعادة لأنه جمع كلاهما مجددا معا... نعم لقد تأخر اللقاء كثيرا... نعم لم يكن مجيئه في الوقت المناسب... ولكنه على الأقل قد أتى... على الأقل علم أن ابنه يحتاجه فذهب إليه دون أي تردد... ذهب لينقذه مما هو فيه... ذهب ليكون بجانبه في مِحنته ومشكلته... لم يكترث لما آل إليه حال ولده وكيف تغير شكله أو صفاته... لم ييأس من ولده ويفقد الأمل فيه من أول محاولة ويتركه يغرق في ظلماته وحيدا دون مساعدة... ذلك هو الأب الذي يستحق الحب... يستحق لقبه كأب...يستحق أن يشتاق إليه ولده... أن يشعر بالفرح والأمان وقت وصوله... ان ينتظر اللقاء بفارغ الصبر....
وقتها أيقن آسر وبكل حزن وألم أن والده لا يحبه!
لا يُكن له أي نوع من الحنان... فهو لم يحاول الاتصال به مرة واحدة بعد رحيله... بالعكس فإنه لم يرد على مكالمات آسر له... تخلى عنه في تلك اللحظة التي كان آسر في أمس الحاجة له...في أمس الحاجة لدور الأب! شخص يحتويه... يشعره بالأمان ويقول له أنه لا يزال هناك فرصة للخروج من ذلك النفق المظلم الذي سقط فيه!
يخبره ضاحكا عن تجاربه السابقة وكيف كان أحمقا مثله في يوم من الأيام يجري وراء شهواته... وفي آخر الكلام يأخذه في حضنه ويقول له أنه يثق بنفسه... يثق بأنه سيتجاوز ذلك بسهولة فهو ابنه الشجاع الذي لا يقع في مثل تلك الأمور... كان يتمني لو أنعم الله عليه بوالد كهذا...
لكنه على عكس ذلك... لم يرى والده سوى أنه مصدر للمال ليس إلا... كان يهابه أكثر مما يحبه... لم يعهد أنه قام بالمزاح معه مرة او خلق حوارا دام لأكثر من خمس دقائق! لم يحكي له أي شيء واجهه... لم يصارحه خوفا من العقاب الشديد والألم... لم يحاول مصادقته فوالده من ابتعد عنه أولا ليس هو
كم يكره والده! كان يحاول إبعاد تلك الأفكار عن عقله طوال الوقت... لكنه لم يعد يطيق ذلك... نعم إنه يمقته بشدة... كان من الممكن أن يتحول إلى إنسان أفضل إذا تلقى الدعم والثقة من والده... لكنه لم يفعل ذلك بتاتاً! كم كان قاسيا معه... ذلك اليوم! تلك النظرة!
نظرات الخزي التي كانت تملأ عيناه كأن ولده قد مات أمام عيناه... لم يرى في ولده الأمل ولم يحاول فعل ذلك! ليس خطأه أنه حرم من حنان الأب... لم يجد الملجأ الذي يذهب إليه وهو خائف فضل الطريق باحثا عن ذلك الأمان... عن ذلك الشيء الذي يبعده عن واقعه الكريه وأحداثه المقيتة... أُناسه المريضون أصحاب الحقد والكراهية... كان يريد ان يجد المخبأ من كل ذلك... لم يكن يريد أن تأول الأمور إلى ما هي عليها الآن! لم يكن يريد كل ذلك!
قطع صوت "والد طه" الذي كان لا يزال معه على الهاتف تلك الذكريات المؤلمة والماضي المقيت بجملة:
"طه يود أن يراك قبل دخوله إلى العملية ألن تأتِ لرؤيته؟!"
حينها انتفض آسر من سريره واتسعت عيناه ثم رد مصدوما:
_ماذا قلت؟! عملية! كيف ذلك؟! كيف لم أعلم! لمَ لم يخبرني أحد؟!
لمَ لم تخبريني؟! لماذا!
كان ينظر لملك بنظرات الصدمة وكأن روحه تصرخ بداخله... لقد تأثرت كثيرا بتلك النظرة... قالت بصوت يملأه الأسف:
_لم أشأ أن أخبرك يا آسر وأنت في هذه الحالة... لقد كنت أعلم أنك ستتصرف هكذا لذا لم أخبرك... سامحني ولكنه كان الخيار الوحيد!
لم يكن يستمع إليها من كثرة صراخه وتكراره لجملة "لِم لم تخبريني"
هم بالقيام من مكانه لكن سرعان ما رن جرس الإنذار وأتت الممرضات بسرعة لإعادته إلى مكانه... لكنه لم يكن يرى أو يستمع إلى أي شيء فقط يصرخ قائلا "اريد الخروج من هنا... طه... طه يحتاجني! ارجوكم اخرجوني"
قامت ملك بسرعة للإمساك به لكنه دفعها هي أيضا ونظر لها تلك النظرة لتقف في مكانها لا تفعل شيئا...
استدعت إحدى الممرضات والطبيب المشرف على حالة آسر ليأتي مسرعا
"اهدئ آسر...لا يمكنك الخروج من هنا... لن تنجو إذا أجهدت نفسك أكثر من هذا... ستكون العواقب وخيمة صدقني!
صاح فيه آسر:
_لا أكترث... هناك شخص بحاجة إليّ بالخارج... صديق! احبه أكثر من نفسي... وعدته أن أكون بجانبه مهما كانت الظروف... لذا إنسي الأمر فأنا سأخرج من هنا حتى لو مت وأنا أحاول!
حينها أخذ الطبيب نفسا عميقا وأيقن أنه لا فائدة مما سيقوله... فأخرج ورقة صغيرة وقلما وقال:
_حينها ستحتاج إلى التعهد ب...
لم يكد يكمل الطبيب بقية كلامه فقد انتزع تلك الورقة من يده وكتب بسرعة:
"أتعهد أنا... آسر منصور الجندي... بأنني المسؤول عن حالتي خارج المستشفى وأن إدارة المستشفى غير مسؤولة عن أي شيء يحصل لي طوال تلك الفترة"
واعطاه تلك الورقة ونظر في عينيه نظرة تحدي ليفسح الطبيب له الطريق ويأمر بجلب كرسي متحرك له!
خرجت ملك وهي تدفع الكرسي الجالس عليه آسر خارج مبني المستشفى... كانت سعيدة بما تفعله لا تعلم لماذا... فذلك الشيطان الثائر في غرفة المشفى يجلس هادئا الآن على كرسيه كأنه طفل في عربة الأطفال وهي أمه الحنون التي تدفعه وتتطلع إلى بسمته من حين لآخر
لم تكن المستشفى الأخرى بعيدة لذا ظلت تتمشى معه دافعة ذلك الكرسي طوال الطريق دون تعب أو ملل
قال آسر بصوت هادئ وأعين حالمة تنظر الى جمال السماء في الليل:
_آسف يا ملك على ما بدر منى بالداخل... أعلم أنك فعلت الصواب بعدم إخباري بذلك... لكنه لا يملك أحدا غيري في تلك الدنيا يا ملك... وأنا أيضا لا أملك صديقا وأخا سواه!
فقالت مبتسمة ابتسامة دافئة حنون:
_لا تتأسف يا آسر... لقد فعلت ما يجب عليك فعله كصديق... ليس صديق فقط! بل كأخ له
ومضيا في طريقهما الى طه تتقلب مشاعرهما بين الفرحة للقائه.... والقلق عليه مما سيحصل له في تلك العملية الصعبة!
وها قد وصلا إلى المستشفى... لقد التقيا ببعضهما مجددا... ولكن تلك المرة في ظروف مختلفة تماما... ضحك آسر على ملابس المرضى التي يرتديها طه رغم أنه يعلم أنه يرتدي نفس تلك الملابس المقيتة... لكنه فقط يضحك...دون أي سبب!
أما عن طه فقد كان لقائه لآسر غريبا قليلا... فهو يراه الآن جالسا على كرسي مرتديا ملابس المرضى كما يرتديها هو... وآثار الجروح والكسور تقريبا تحاوط جسده بالكامل! والأكثر غرابة في ذلك أنه يضحك! ما المضحك فيما يراه؟! هو لا يعلم لكنه ابتسم باشتياق إليه هو الآخر وجرى بسرعة إليه ليسأله عما حل به... ليجيب آسر بابتسامة صادقة:
_لا تقلق علي يا صديقي فأنا بخير... المهم أنني جئت إلى هنا لأراك!
وفتح ذراعيه على آخرهما ليحتضن علي طه والدموع تنزل من عيناه... وسط ذهول كل من ملك وطه...
لقد تغير كثيرا ذلك الجماد عديم المشاعر!
كان صوت والد طه لا يخلو من الامتنان والحب علي موقف آسر الشجاع... لقد أبلغه أن ابنه في حاجة إليه... لم يستطع أن يقولها بفمه لأنه كان ولا يزال لا يقوى على الكلام أو الحراك... ولكنه يشعر بالفخر والسعادة لأنه جمع كلاهما مجددا معا... نعم لقد تأخر اللقاء كثيرا... نعم لم يكن مجيئه في الوقت المناسب... ولكنه على الأقل قد أتى... على الأقل علم أن ابنه يحتاجه فذهب إليه دون أي تردد... ذهب لينقذه مما هو فيه... ذهب ليكون بجانبه في مِحنته ومشكلته... لم يكترث لما آل إليه حال ولده وكيف تغير شكله أو صفاته... لم ييأس من ولده ويفقد الأمل فيه من أول محاولة ويتركه يغرق في ظلماته وحيدا دون مساعدة... ذلك هو الأب الذي يستحق الحب... يستحق لقبه كأب...يستحق أن يشتاق إليه ولده... أن يشعر بالفرح والأمان وقت وصوله... ان ينتظر اللقاء بفارغ الصبر....
وقتها أيقن آسر وبكل حزن وألم أن والده لا يحبه!
لا يُكن له أي نوع من الحنان... فهو لم يحاول الاتصال به مرة واحدة بعد رحيله... بالعكس فإنه لم يرد على مكالمات آسر له... تخلى عنه في تلك اللحظة التي كان آسر في أمس الحاجة له...في أمس الحاجة لدور الأب! شخص يحتويه... يشعره بالأمان ويقول له أنه لا يزال هناك فرصة للخروج من ذلك النفق المظلم الذي سقط فيه!
يخبره ضاحكا عن تجاربه السابقة وكيف كان أحمقا مثله في يوم من الأيام يجري وراء شهواته... وفي آخر الكلام يأخذه في حضنه ويقول له أنه يثق بنفسه... يثق بأنه سيتجاوز ذلك بسهولة فهو ابنه الشجاع الذي لا يقع في مثل تلك الأمور... كان يتمني لو أنعم الله عليه بوالد كهذا...
لكنه على عكس ذلك... لم يرى والده سوى أنه مصدر للمال ليس إلا... كان يهابه أكثر مما يحبه... لم يعهد أنه قام بالمزاح معه مرة او خلق حوارا دام لأكثر من خمس دقائق! لم يحكي له أي شيء واجهه... لم يصارحه خوفا من العقاب الشديد والألم... لم يحاول مصادقته فوالده من ابتعد عنه أولا ليس هو
كم يكره والده! كان يحاول إبعاد تلك الأفكار عن عقله طوال الوقت... لكنه لم يعد يطيق ذلك... نعم إنه يمقته بشدة... كان من الممكن أن يتحول إلى إنسان أفضل إذا تلقى الدعم والثقة من والده... لكنه لم يفعل ذلك بتاتاً! كم كان قاسيا معه... ذلك اليوم! تلك النظرة!
نظرات الخزي التي كانت تملأ عيناه كأن ولده قد مات أمام عيناه... لم يرى في ولده الأمل ولم يحاول فعل ذلك! ليس خطأه أنه حرم من حنان الأب... لم يجد الملجأ الذي يذهب إليه وهو خائف فضل الطريق باحثا عن ذلك الأمان... عن ذلك الشيء الذي يبعده عن واقعه الكريه وأحداثه المقيتة... أُناسه المريضون أصحاب الحقد والكراهية... كان يريد ان يجد المخبأ من كل ذلك... لم يكن يريد أن تأول الأمور إلى ما هي عليها الآن! لم يكن يريد كل ذلك!
قطع صوت "والد طه" الذي كان لا يزال معه على الهاتف تلك الذكريات المؤلمة والماضي المقيت بجملة:
"طه يود أن يراك قبل دخوله إلى العملية ألن تأتِ لرؤيته؟!"
حينها انتفض آسر من سريره واتسعت عيناه ثم رد مصدوما:
_ماذا قلت؟! عملية! كيف ذلك؟! كيف لم أعلم! لمَ لم يخبرني أحد؟!
لمَ لم تخبريني؟! لماذا!
كان ينظر لملك بنظرات الصدمة وكأن روحه تصرخ بداخله... لقد تأثرت كثيرا بتلك النظرة... قالت بصوت يملأه الأسف:
_لم أشأ أن أخبرك يا آسر وأنت في هذه الحالة... لقد كنت أعلم أنك ستتصرف هكذا لذا لم أخبرك... سامحني ولكنه كان الخيار الوحيد!
لم يكن يستمع إليها من كثرة صراخه وتكراره لجملة "لِم لم تخبريني"
هم بالقيام من مكانه لكن سرعان ما رن جرس الإنذار وأتت الممرضات بسرعة لإعادته إلى مكانه... لكنه لم يكن يرى أو يستمع إلى أي شيء فقط يصرخ قائلا "اريد الخروج من هنا... طه... طه يحتاجني! ارجوكم اخرجوني"
قامت ملك بسرعة للإمساك به لكنه دفعها هي أيضا ونظر لها تلك النظرة لتقف في مكانها لا تفعل شيئا...
استدعت إحدى الممرضات والطبيب المشرف على حالة آسر ليأتي مسرعا
"اهدئ آسر...لا يمكنك الخروج من هنا... لن تنجو إذا أجهدت نفسك أكثر من هذا... ستكون العواقب وخيمة صدقني!
صاح فيه آسر:
_لا أكترث... هناك شخص بحاجة إليّ بالخارج... صديق! احبه أكثر من نفسي... وعدته أن أكون بجانبه مهما كانت الظروف... لذا إنسي الأمر فأنا سأخرج من هنا حتى لو مت وأنا أحاول!
حينها أخذ الطبيب نفسا عميقا وأيقن أنه لا فائدة مما سيقوله... فأخرج ورقة صغيرة وقلما وقال:
_حينها ستحتاج إلى التعهد ب...
لم يكد يكمل الطبيب بقية كلامه فقد انتزع تلك الورقة من يده وكتب بسرعة:
"أتعهد أنا... آسر منصور الجندي... بأنني المسؤول عن حالتي خارج المستشفى وأن إدارة المستشفى غير مسؤولة عن أي شيء يحصل لي طوال تلك الفترة"
واعطاه تلك الورقة ونظر في عينيه نظرة تحدي ليفسح الطبيب له الطريق ويأمر بجلب كرسي متحرك له!
خرجت ملك وهي تدفع الكرسي الجالس عليه آسر خارج مبني المستشفى... كانت سعيدة بما تفعله لا تعلم لماذا... فذلك الشيطان الثائر في غرفة المشفى يجلس هادئا الآن على كرسيه كأنه طفل في عربة الأطفال وهي أمه الحنون التي تدفعه وتتطلع إلى بسمته من حين لآخر
لم تكن المستشفى الأخرى بعيدة لذا ظلت تتمشى معه دافعة ذلك الكرسي طوال الطريق دون تعب أو ملل
قال آسر بصوت هادئ وأعين حالمة تنظر الى جمال السماء في الليل:
_آسف يا ملك على ما بدر منى بالداخل... أعلم أنك فعلت الصواب بعدم إخباري بذلك... لكنه لا يملك أحدا غيري في تلك الدنيا يا ملك... وأنا أيضا لا أملك صديقا وأخا سواه!
فقالت مبتسمة ابتسامة دافئة حنون:
_لا تتأسف يا آسر... لقد فعلت ما يجب عليك فعله كصديق... ليس صديق فقط! بل كأخ له
ومضيا في طريقهما الى طه تتقلب مشاعرهما بين الفرحة للقائه.... والقلق عليه مما سيحصل له في تلك العملية الصعبة!
وها قد وصلا إلى المستشفى... لقد التقيا ببعضهما مجددا... ولكن تلك المرة في ظروف مختلفة تماما... ضحك آسر على ملابس المرضى التي يرتديها طه رغم أنه يعلم أنه يرتدي نفس تلك الملابس المقيتة... لكنه فقط يضحك...دون أي سبب!
أما عن طه فقد كان لقائه لآسر غريبا قليلا... فهو يراه الآن جالسا على كرسي مرتديا ملابس المرضى كما يرتديها هو... وآثار الجروح والكسور تقريبا تحاوط جسده بالكامل! والأكثر غرابة في ذلك أنه يضحك! ما المضحك فيما يراه؟! هو لا يعلم لكنه ابتسم باشتياق إليه هو الآخر وجرى بسرعة إليه ليسأله عما حل به... ليجيب آسر بابتسامة صادقة:
_لا تقلق علي يا صديقي فأنا بخير... المهم أنني جئت إلى هنا لأراك!
وفتح ذراعيه على آخرهما ليحتضن علي طه والدموع تنزل من عيناه... وسط ذهول كل من ملك وطه...
لقد تغير كثيرا ذلك الجماد عديم المشاعر!
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(1)
"صداقة"
😭😭😭❤❤❤
Відповісти
2020-07-25 09:14:20
Подобається