"فاقد الأمل لا يعطيه"
"هلاوس"
"آسفة فأنا اريد شخصاً نظيفاً"
"أهواك"
"ذكريات مؤلمة"
"وداع"
"ذبول"
"هروب"
"كم هي قاسية تلك الحياة"
"رد الجميل"
"شرود"
"صِدام"
"خوف"
"لقاء"
"الغريب"
"اسيل"
"احلاهما مر"
"ملاك"
"مواجهة"
"ألم"
"اعتراف"
"أمل"
"برد"
"صداقة"
"النهاية"
"مواجهة"
حانة أخري... عاهرات اخريات.... اناس قذرة جديدة... لكن نفس زجاجات الخمر.... نفس النوع.... نفس التأثير.... هكذا كان الحال منذ أن ترك عبد القادر الحانة القديمة التي قد حصل بها الكثير من المشاكل....
تقليله في الشرب جعله يتذكر حبه القديم أكثر.... الذكريات القليلة التي جمعتهم معا.... لكنها ايضا اضافت اليه الشعور بالذنب والحزن عندما تذكر لحظات الفراق! اللحظات الذي شكلها هو بنفسه... هو من بدأها... قطع بملء إرادته آخر خيط يربطهما ببعضهما... ولكن لا يزال يشتاق لها الى الآن! لم ينجح في تخطي الأمر بسهولة كما كان يعتقد!! أصبح العالم كئيبا جدا بدونها...شعر ببرودته وكآبته حينما ابتعدت عنه...لا يندم على قراره ذاك ابدا ولا يعتبر نفسه أنانيا...بالعكس فكما قال لنفسه سابقا...قد قام بإخراجها من قفصه...قام بإخراجها للعيش مجددا...على الأقل طرف منهما يمكنه العيش بسلام بدون قيود...
لم يستطع عبد القادر الصبر أكثر من ذلك! قام بوضع زجاجة الخمر عن يده وأمسك بهاتفه...سوف يبعث لها فقط رسالة من رقم مجهول.... فقط محاولة أخيرة...رسالة واحدة! سيعترف فيها بكل ما يحمله في قلبه! أخبرها ان كل ما قاله عنها في آخر مقابلة لهم كان كذبا...فقط عبارة عن كذب لم يعني منه كلمة واحدة...أخبرها أنه كان يريد فقط فك قيودها وجعلها تخرج من حياته اللعينة لأنه هو نفسه يكرهها...لم يشأ أن يشاهدها تعاني...أخبرها أن قلبه يحترق في كل مرة يتذكر ما قاله لها.... صارحها بحبه لها...لأول مرة يقولها لها صريحة أنه يحبها...يعشقها بكل ما فيها.... كانت بالنسبة له حلما لا يستطيع الوصول اليه...شيء أكثر مما يستحقه… أخبرها أنه لم يعد شابا متهورا يريدها فقط لبعض الوقت او لمرحلة معينة...بل يريدها كل الوقت! يريد أن يكمل حياته معها...يريد الزواج بها...أخبرها بكل شيء...أشياء ليس لها علاقة ببعضها...فقط كتب كل ما يجول في خاطره عنها...أخبرها كم هي جميلة...كم هي "ملاك" بالنسبة له
****
ها قد حان الوقت...انه يثق تمام الثقة بما سيقدم على فعله الآن...او بالأحرى هو لا يملك حرية الاختيار! في كلتا الحالتين قد انتهى أمره...هو يعلم ذلك منذ بداية الأمر...كل ما في الأمر هو أنه يريد وقتا أطول قليلا...هو غير مستعد للرحيل الآن...لا يزال يريد الاعتراف لعائلته بكل شيء...يعترف لهم أنه وبكل أسف قد خذلهم...لم يستطع أن يكون ما كانوا يظنونه!! لم يستطع أن يكون الابن المتفوق فخر العائلة...يريد أن يعترف لهم بالكثير! اشياء كثيرة يكبتها في نفسه يريد البوح بها...يريد أن يلومهم على تقصيرهم...على عدم الاهتمام به...على عدم تعليمه الفرق بين الصواب والخطأ...تركوه يقاسي ويلات الحياة وحده..... يواجه ألمه ويأسه وحده...كان يريد أن يتغير بكل الطرق لكن يبدو أن الحياة لا تريد أن تعطيه فرصة أخري...ايضا كان يريد أن يودعهم...يجعلهم يعلمون أنه يحبهم من كل قلبه...ولكنه لا يقدر على ذلك! لا يقدر أن يواجههم الآن...ينبغي أن تتحسن الأمور قليلا حتى يستطيع النظر في أعينهم...الوضع كئيب جدا هنا...طالما كان هكذا...أيام ثقيلة تمر وعمر يفنى دون أي جدوى...لم يجد المغزى من حياته بعد ولا يعتقد أنه سيبقي حيا ليجده...يجلس وحيدا في الغرفة منتظرا ميعاد الحقنة القادمة...الآن قد أدرك نعمة تلك الحقنة بعد أن امتنع عن أخذها لفترة...لا عجب أن الممرضين سمحوا له بذلك...لقد كانت تلك الحقنة تخفي اعراض انسحاب الكوكايين المفاجئ في جسده...لم يعد كما كان كل همه هو الحصول علي جرعته المعتادة من الكوكايين...فهم السرطان الذي يأكل في دماغه قد أنساه من يكون من الأساس...كل ما يتمنى أن يتخطى تلك المرحلة...أن تنتهي بسلام تلك العملية ...رغم أنه يعلم من داخله أنه لن يفعلها...لن ينجو...لقد توقف منذ زمن عن توقع لأحداث الجيدة...إن ذلك يجعله أكثر تأهبا لمواجهة مصيره
****
قد حان وقت جرعة المخدر... وعلى ما يبدو ان آسر لا يبدي اية مقاومة... العائق الوحيد فقط ان المال أوشك على النفاذ... هذه المرة يجب ان ينزل لكي يأتي بالكوكايين بنفسه... لن ينتظر ال "ديلر" لأنه مكلف للغاية كما ان الجرعة تكون قليلة.... كان من الافضل له ان يذهب قبل ان تظهر عليه اعراض انسحاب الكوكايين من جسده... فهي تبدأ برعشة في جفون عينيه وتتطور حتى ارتجاف جميع اعصابه مع العرق الغزير.... كان سيطلب من ملك ان تقله بسيارتها لكنه لا يريد ان يعرضها للخطر.... يريد ان يريها ذلك الجانب من شخصيته أكثر من ذلك! أصبح يتنقل كالضائع الذي يبحث عن ضالته... من حي إلى زقاق... من حانة إلى أخرى... حتى اهتدى الى ضالته... حانة جديدة!! أخبر أحد المسؤولين عن غايته فتبعه إلى غرفة منفصلة بعيدة عن جو الحانة الصاخب... لم يلبث أن دخل حتى بدأ في غلي الكوكايين بملعقة وحضر الحقنة وادخلها الى وريده... ليمتزج دمه بالكوكايين وينقله إلى عالم آخر... عالم يحب ان يكون فيه... حيث تسكن كل آلامه للحظات قليلة... يختفي الشعور بالوحدة واليأس تدريجيا ويحل محلها احساس باللا مبالاة والسعادة الوهمية... حينها اقتربت منه بعض العاهرات... كان سيصدهم عنه كالعادة... لكن هذه المرة تركهم.... تركهم يلمسون جسده...عسى هذا ان يعطيه احساسا بالمتعة!!
استجاب لكل ما يفعلون به... قام من مكانه وبدأ في التمايل والرقص بجسد ثقيل وعقل فاقد للوعي... لكن هذا لم ينسيه ابدا طه...لم يتوقف ان الاحساس بالقلق عليه... اخذ في التمايل أكثر وأكثر... لكن ما من جدوى... سكب زجاجات الخمر الموجودة على رأسه وشرب حتى امتلأت معدته... ضحك ضحكا هستيريا واحتضن تلك العاهرات بيده... لكنه لا يتوقف عن التفكير في امكانية موت صديقه... عدم رؤيته مجددا!! هز رأسه يمينا ويسارا واستمع لتلك الموسيقي الصاخبة علي أمل ان يغفل عن طه قليلا... علي أمل ان يتوقف دماغه عن التفكير في ذلك...
قال لتلك العاهرة التي بين ذراعيه ضاحكا غير مستوعب ما يقول:
_طه... طه سوف يموت!! وأكمل في ضحكاته العالية!
لم تفهم تلك الفتاة منه شيئا فقط اكملت في تصنع الابتسامة التي على وجهها وتجاهلت ما يقول ذلك المعتوه
ترك آسر تلك الفتاة واتجه الى البار منتشيا لا يدري ماذا يفعل... ظل يتمتم بكلمات غريبة ويذكر اسم طه كثيرا حتى أخاف كل من في المكان...
طلب من البار بلسان ثقيل زجاجة ويسكي اخرى لكن النادل رفض اعطائه اي شيء وقال له انه أكثر من الشرب... حينها صرخ آسر فيه قائلا:
_ما دخلك انت؟! احضر لي ايها الغبي ما اطلبه منك!!
وقام بتكسير جميع الزجاجات التي أمامه... وأمسك النادل من رقبته وكان ينوي ضربه... نادى النادل بسرعة على الحراس لكي يخرجوا ذلك السكير من هنا... حينها حاول آسر الهرب منهم وسط الزحام لكنهم للأسف قد استطاعوا الامساك به وايقاعه ارضا.... تلقى آسر عدة ضربات قوية في وجهه وجميع انحاء جسده... لكن فجأة توقف هؤلاء الحراس عن ضربه حيث صرخ فيهم شخص قائلا إنه سيخرجه من الحانة دون مشاكل... لم يستطع آسر رؤية من يكون ذلك الشخص بوضوح... لكن هذا الوجه ليس غريبا ابدا عليه!!

© Mohamed Hassan,
книга «"ألف ميل"».
Коментарі