"فاقد الأمل لا يعطيه"
ها هو ذا يستعيد وعيه مجددا..
يفتح عينيه ثانية بعد ان كان يتمنى ان تظل مغلقة لبعض الوقت...يقف مذهولا وخائفا يحاول بشتى الطرق ان يحول ذلك الواقع المقيت الى كابوس...على الأقل سيضمن انه عندما يستيقظ مجددا لن يشعر بذلك الألم النفسي الذي يسيطر عليه الآن...
ولكن ما من أمل...فهو يعلم أنه في عالمه الحقيقي! يتذكر انه تركه هكذا...هو ذاته بنفس قباحته!
نفس الموقف...نفس الطريقة...نفس كل شيء!! ولكن الألم فقط هو من يزداد حدة
استعاد قليلا من وعيه بعد عدة دقائق...كما ان اهتزاز الصورة في عينه أصبح اقل قليلا...قام بتجفيف حبات العرق التي ملأت وجهه وجسده بالكامل!
قام من على تلك الأريكة القديمة التي يكسوها التراب وجلس عليها قليلا قبل أن يقف ثانية...لا يستطيع فتح عينيه جيدا...لا يعلم حتى هل هذا بسبب المخدر ام انه فقط يريد النوم!
وقف على قدميه بعد مضى بعض الوقت ثم سار الى باب تلك الغرفة المشبوهة في أحد الحواري الهادئة...تفقد الغرفة جيدا لكنه لم يراه...اعاد النظر ثانية الى اوجه هؤلاء الأشخاص المتناثرين على ارضية تلك الغرفة الضيقة لكن لا أثر له!
يبدو انه سبقه الى السكن الجامعي مثل كل مرة...مضى في طريقه الى الباب مجددا بخطوات متثاقلة...تعثرت قدمه في أحد الفتيان الذي كانوا معه في البارحة... من المفترض انه يعرفه ويعرف اسمه ايضا...لكنه غير قادر على التذكر!
ليته لا يشعر بشيء مثلهم...ينامون في هدوء وأنفاسهم منتظمة مطمئنين...كأنهم كانوا في حفلة نوم وسهروا على مشاهدة فيلم رعب رائع...مثلما كان يفعلها في بيته القديم مع اصدقائه الحقيقيين!
لكن كل شيء قد تغير الآن...الأمر الوحيد الذي بقي على حاله هو انه لايزال ينام مع اصدقائه في الليل...
بعد ان كان سبب النوم هو انتهاء الفيلم...أصبح سببه هو انتهاء مفعول المخدر
اوقف احلام اليقظة تلك... لا يريد ان يفكر الآن في شيء سوى ان يعود الى سكنه الجامعي مجددا قبل شروق الشمس...لا يريد ان يشغل باله بشيء...فهو يعلم انه ان اعطى الفرصة لدماغه ان يعمل الآن.. فذلك سيؤلمه أكثر مما يفيده...
لا يريد ان يتذكر شيئا مما فعله البارحة...يود لو ينسى كل شيء! ولكنه يعجز عن ذلك بكل تأكيد....
آثار الإبر المغروزة في ذراعه التي ترتجف بشدة وعدم وعيه الكامل بما يحدث حوله تؤكد له انه لن ينسى أي شيء مما حدث
نظر الى الباب مجددا ثم سار متمايلاً شارداً اليه... تاركاً ورائه تلك الجثث الهامدة مكانها
من المفترض ان يعرف اين يقع ذلك المكان وكيف يعود ثانية الى سكنه الجامعي لكنه يظل يسأل المارة كل مرة عن كيفية الوصول الى "جامعة المنصورة"
دائماً كان يلاحظ نظرات المارة المتفحصة اليه...فمنهم من كان يعتقد ان ذلك السواد الذي يحاوط عيناه وحركة فمه الثقيل تدل على انه فقط لم ينم جيدا في تلك الأيام السابقة
ومنهم من يوقن انه قد تعاطى شيئاً ما وأن حركة فمه الثقيل ومشيته الغير منتظمة تدل على ذلك...
في الواقع لقد صدق الإثنين... فهو متعاطي للمخدرات وأيضا لم ينعم بنوم هانئ منذ مدة قد طالت
وصل الشاب الى السكن الجامعي اخيرا بعد عناء هذه المرة...كانت الساعة قاربت على الخامسة صباحا
دخل الى غرفته في صمت تام...مطأطئ رأسه ناظراً للأسفل...استمر في الحركة حتى بلغ المرحاض وبدأ في التقيؤ والدموع تملأ عينيه...لا يبدو عليه الألم...ولم يشاء ان يُظهر لأحد أنه يتألم...لكن معدته كانت تقتله من الداخل...كان يتفادى دائما النظر الى المرآة ومشاهدة نفسه وهو في هذه الحالة... لذا أكمل سيره الى السرير وعينيه تنظر للأسفل...
لم يشغل باله حتى ذلك المسكين الذي يبكي بالقرب منه...ينظر اليه بعين حمراء قد انهكتها الدموع...هو يعلم ماذا سيقول بالضبط...لذا لم يعِره اهتماماً وتركه يبكي على راحته...
ابتسم له ابتسامة باردة يملأها الكثير من الألم ثم قال له:
ما فائدة البكاء ان كنا نعلم اننا لن نتغير؟! لن يفيد في شيء!
نم يا صديقي قليلا ووفر بعض الدموع للغد!
أما عن ردة فعل الآخر...يبدو أنه اقتنع بما يقول!
فعلا...ماذا سيفيد الندم على شيء لا نية له حتى في تغييره؟!
استلقى على السرير وعاد بظهره للخلف ثم أغمض عينيه المرتجفتان راجيا ان تسكن قليلا ليستطيع النوم...
****
استيقظ طه من النوم على صوت البنائين في المبنى المقابل
يا له من صوت مزعج يستيقظ لأجله...نظر بعين تكاد أن تكون مغلقة لذلك الوغد الذي يستمتع بنوم هانئ رغم كل تلك الضوضاء...أزاح بجسده الغطاء وتحرك قليلا حتى تلامست قدمه مع أرضية الغرفة الباردة قام من على سريره ولم تفارق عينه ذلك ال(الآسر) النائم
لم يشغل باله النظر إلى تلك الساعة الكبيرة التي تقع في منتصف الغرفة...كان يعلم انه قد تأخر عن المحاضرة...
هو فقط يريد أن ينسى لبعض الوقت...
لكن حان الوقت لكي يعرف كم بقي من الوقت لملاقاة الدكتور المريض ذاك
إنها التاسعة صباحا...مما يعنى أن المحاضرة قد بدأت ولكن من المستحيل أن يتغيبا عن تلك المحاضرة... فذلك الدكتور الغبي قد أقسم انه سوف يجعلهما يرسبان في مادته إذا لم يحضرا تلك المحاضرة..
أسرع طه في إيقاظ ذلك اللعين الراقد بجانبه
"آسر...استيقظ أيها الأحمق لقد تأخرنا عن المحاضرة"
أجاب آسر بصوت متكاسل:
_ماذا؟! كم الساعة الآن؟!
_الساعة التاسعة وخمسة!! سنصل بعد انتهاء المحاضرة
لم تكن كلية "تجارة المنصورة" ببعيدة عن السكن الجامعي...ولكن لا يزالان متأخران عن الميعاد!!
نظر آسر ببرود إلى وجه طه الغاضب ثم اعتدل على السرير وقام إلى الحمام دون أن يقول شيئا
نفس الألم في معدته ثانية...لكن هذه المرة هو لا يجد شيئا في معدته لكي يتقيأه!
كان يبدو عليه آثار الإعياء والتعب بالرغم من كل محاولاته لإخفاء ذلك...حتى إن طه قد لاحظ ذلك لكن لا يمكن ان يقول له ان يبقى! هذه المادة إن رسبا فيها ستؤدي إلى إعادة السنة مجددا...
لم يقل آسر أي كلمة ولم يقصد أن يبدو مثيرا للشفقة لكيلا يذهب إلى المحاضرة...فقط قام بتغيير ملابسه وأشار لطه بأن يتبعه إلى باب السكن آملا أن يصمد طوال وقت المحاضرة ولا ينهار!
يفتح عينيه ثانية بعد ان كان يتمنى ان تظل مغلقة لبعض الوقت...يقف مذهولا وخائفا يحاول بشتى الطرق ان يحول ذلك الواقع المقيت الى كابوس...على الأقل سيضمن انه عندما يستيقظ مجددا لن يشعر بذلك الألم النفسي الذي يسيطر عليه الآن...
ولكن ما من أمل...فهو يعلم أنه في عالمه الحقيقي! يتذكر انه تركه هكذا...هو ذاته بنفس قباحته!
نفس الموقف...نفس الطريقة...نفس كل شيء!! ولكن الألم فقط هو من يزداد حدة
استعاد قليلا من وعيه بعد عدة دقائق...كما ان اهتزاز الصورة في عينه أصبح اقل قليلا...قام بتجفيف حبات العرق التي ملأت وجهه وجسده بالكامل!
قام من على تلك الأريكة القديمة التي يكسوها التراب وجلس عليها قليلا قبل أن يقف ثانية...لا يستطيع فتح عينيه جيدا...لا يعلم حتى هل هذا بسبب المخدر ام انه فقط يريد النوم!
وقف على قدميه بعد مضى بعض الوقت ثم سار الى باب تلك الغرفة المشبوهة في أحد الحواري الهادئة...تفقد الغرفة جيدا لكنه لم يراه...اعاد النظر ثانية الى اوجه هؤلاء الأشخاص المتناثرين على ارضية تلك الغرفة الضيقة لكن لا أثر له!
يبدو انه سبقه الى السكن الجامعي مثل كل مرة...مضى في طريقه الى الباب مجددا بخطوات متثاقلة...تعثرت قدمه في أحد الفتيان الذي كانوا معه في البارحة... من المفترض انه يعرفه ويعرف اسمه ايضا...لكنه غير قادر على التذكر!
ليته لا يشعر بشيء مثلهم...ينامون في هدوء وأنفاسهم منتظمة مطمئنين...كأنهم كانوا في حفلة نوم وسهروا على مشاهدة فيلم رعب رائع...مثلما كان يفعلها في بيته القديم مع اصدقائه الحقيقيين!
لكن كل شيء قد تغير الآن...الأمر الوحيد الذي بقي على حاله هو انه لايزال ينام مع اصدقائه في الليل...
بعد ان كان سبب النوم هو انتهاء الفيلم...أصبح سببه هو انتهاء مفعول المخدر
اوقف احلام اليقظة تلك... لا يريد ان يفكر الآن في شيء سوى ان يعود الى سكنه الجامعي مجددا قبل شروق الشمس...لا يريد ان يشغل باله بشيء...فهو يعلم انه ان اعطى الفرصة لدماغه ان يعمل الآن.. فذلك سيؤلمه أكثر مما يفيده...
لا يريد ان يتذكر شيئا مما فعله البارحة...يود لو ينسى كل شيء! ولكنه يعجز عن ذلك بكل تأكيد....
آثار الإبر المغروزة في ذراعه التي ترتجف بشدة وعدم وعيه الكامل بما يحدث حوله تؤكد له انه لن ينسى أي شيء مما حدث
نظر الى الباب مجددا ثم سار متمايلاً شارداً اليه... تاركاً ورائه تلك الجثث الهامدة مكانها
من المفترض ان يعرف اين يقع ذلك المكان وكيف يعود ثانية الى سكنه الجامعي لكنه يظل يسأل المارة كل مرة عن كيفية الوصول الى "جامعة المنصورة"
دائماً كان يلاحظ نظرات المارة المتفحصة اليه...فمنهم من كان يعتقد ان ذلك السواد الذي يحاوط عيناه وحركة فمه الثقيل تدل على انه فقط لم ينم جيدا في تلك الأيام السابقة
ومنهم من يوقن انه قد تعاطى شيئاً ما وأن حركة فمه الثقيل ومشيته الغير منتظمة تدل على ذلك...
في الواقع لقد صدق الإثنين... فهو متعاطي للمخدرات وأيضا لم ينعم بنوم هانئ منذ مدة قد طالت
وصل الشاب الى السكن الجامعي اخيرا بعد عناء هذه المرة...كانت الساعة قاربت على الخامسة صباحا
دخل الى غرفته في صمت تام...مطأطئ رأسه ناظراً للأسفل...استمر في الحركة حتى بلغ المرحاض وبدأ في التقيؤ والدموع تملأ عينيه...لا يبدو عليه الألم...ولم يشاء ان يُظهر لأحد أنه يتألم...لكن معدته كانت تقتله من الداخل...كان يتفادى دائما النظر الى المرآة ومشاهدة نفسه وهو في هذه الحالة... لذا أكمل سيره الى السرير وعينيه تنظر للأسفل...
لم يشغل باله حتى ذلك المسكين الذي يبكي بالقرب منه...ينظر اليه بعين حمراء قد انهكتها الدموع...هو يعلم ماذا سيقول بالضبط...لذا لم يعِره اهتماماً وتركه يبكي على راحته...
ابتسم له ابتسامة باردة يملأها الكثير من الألم ثم قال له:
ما فائدة البكاء ان كنا نعلم اننا لن نتغير؟! لن يفيد في شيء!
نم يا صديقي قليلا ووفر بعض الدموع للغد!
أما عن ردة فعل الآخر...يبدو أنه اقتنع بما يقول!
فعلا...ماذا سيفيد الندم على شيء لا نية له حتى في تغييره؟!
استلقى على السرير وعاد بظهره للخلف ثم أغمض عينيه المرتجفتان راجيا ان تسكن قليلا ليستطيع النوم...
****
استيقظ طه من النوم على صوت البنائين في المبنى المقابل
يا له من صوت مزعج يستيقظ لأجله...نظر بعين تكاد أن تكون مغلقة لذلك الوغد الذي يستمتع بنوم هانئ رغم كل تلك الضوضاء...أزاح بجسده الغطاء وتحرك قليلا حتى تلامست قدمه مع أرضية الغرفة الباردة قام من على سريره ولم تفارق عينه ذلك ال(الآسر) النائم
لم يشغل باله النظر إلى تلك الساعة الكبيرة التي تقع في منتصف الغرفة...كان يعلم انه قد تأخر عن المحاضرة...
هو فقط يريد أن ينسى لبعض الوقت...
لكن حان الوقت لكي يعرف كم بقي من الوقت لملاقاة الدكتور المريض ذاك
إنها التاسعة صباحا...مما يعنى أن المحاضرة قد بدأت ولكن من المستحيل أن يتغيبا عن تلك المحاضرة... فذلك الدكتور الغبي قد أقسم انه سوف يجعلهما يرسبان في مادته إذا لم يحضرا تلك المحاضرة..
أسرع طه في إيقاظ ذلك اللعين الراقد بجانبه
"آسر...استيقظ أيها الأحمق لقد تأخرنا عن المحاضرة"
أجاب آسر بصوت متكاسل:
_ماذا؟! كم الساعة الآن؟!
_الساعة التاسعة وخمسة!! سنصل بعد انتهاء المحاضرة
لم تكن كلية "تجارة المنصورة" ببعيدة عن السكن الجامعي...ولكن لا يزالان متأخران عن الميعاد!!
نظر آسر ببرود إلى وجه طه الغاضب ثم اعتدل على السرير وقام إلى الحمام دون أن يقول شيئا
نفس الألم في معدته ثانية...لكن هذه المرة هو لا يجد شيئا في معدته لكي يتقيأه!
كان يبدو عليه آثار الإعياء والتعب بالرغم من كل محاولاته لإخفاء ذلك...حتى إن طه قد لاحظ ذلك لكن لا يمكن ان يقول له ان يبقى! هذه المادة إن رسبا فيها ستؤدي إلى إعادة السنة مجددا...
لم يقل آسر أي كلمة ولم يقصد أن يبدو مثيرا للشفقة لكيلا يذهب إلى المحاضرة...فقط قام بتغيير ملابسه وأشار لطه بأن يتبعه إلى باب السكن آملا أن يصمد طوال وقت المحاضرة ولا ينهار!
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(2)
"فاقد الأمل لا يعطيه"
بأمانة أول مرة أقرئلك بس بجد عظمة عااااش💛
Відповісти
2020-07-23 15:35:51
Подобається
"فاقد الأمل لا يعطيه"
بداية رهيبة 😭👏
Відповісти
2020-07-25 07:48:34
Подобається