"فاقد الأمل لا يعطيه"
"هلاوس"
"آسفة فأنا اريد شخصاً نظيفاً"
"أهواك"
"ذكريات مؤلمة"
"وداع"
"ذبول"
"هروب"
"كم هي قاسية تلك الحياة"
"رد الجميل"
"شرود"
"صِدام"
"خوف"
"لقاء"
"الغريب"
"اسيل"
"احلاهما مر"
"ملاك"
"مواجهة"
"ألم"
"اعتراف"
"أمل"
"برد"
"صداقة"
"النهاية"
"هلاوس"
مضى آسر في طريقه إلى جامعة المنصورة مستندا على طه قليلا ليتمكن من المشي بسرعة..
لم يكن هنالك أي وسيلة للمواصلات في ذلك الشارع الهادئ لذا اختارا المشي على أقدامهم حتى يجدوا أي وسيلة للوصول إلى الجامعة...
لم تكن الجامعة بعيدة عن السكن...بل كانوا على بعد ثلاث شوارع تقريبا للوصول إلى هناك...لكن الساعة قد قاربت على التاسعة والنصف ولم يعد هناك وقت!
اوقف طه بيده اليمنى سيارة أجرة بينما كانت يده اليسرى ممسكة ب آسر حتى لا يفقد توازنه ويسقط
دلفا إلى السيارة ووصف طه المكان للسائق...لم يمضِ أكثر من دقيقتان حتى وصلا إلى هناك...كانت المحاضرة في الطابق الثالث...انتظرا المصعد لكنهما وجداه معطل كالعادة فقاما بالصعود على السلم بأسرع ما يمكنهم..
لم يكن آسر في كامل وعيه...فقط كان يشعر ب "طه" وهو يسحبه بشدة كي يصلا إلى مكان المحاضرة..
لم يمانع في شيء...فقط ترك الأحداث تنقله إلى مكان آخر...وهو ينظر لها بعين المشاهد ليس بعين الفاعل
إلى متى سيظل هكذا؟؟
ترك ذلك السؤال يدور في عقله ك المعتاد ووجه نظره إلى القاعة التي تلقى فيها المحاضرة
وقفا الاثنان أمام الباب الزجاجي الملوث ينظران إلى الدكتور وإلى ذلك الحشد الهائل الذي يحضر له...لن يفيدهما كلامه في شيء...لقد أتيا فقط خوفا من الرسوب في مادته...
كانا ينظران إلى بعضهما ليقررا من فيهم سيدخل أولا..
الواضح انه طه لأن ذلك ال "آسر" ليس في وعييه الآن...
طرق طه الباب عدة طرقات خفيفة لينتبه إليهم ذلك الدكتور الجالس على كرسي طويل يعلو بقية المقاعد
نظر الدكتور بغيظ أراد كتمه إلى الساعة...لقد أصبحت "العاشرة صباحاً"
لم يتبقى غير ساعة لتنتهي تلك المحاضرة...
كان من المتوقع ألا يعير الدكتور انتباها إليهما... لكنه على غير العادة نزل من على الكرسي وتقدم إليهما بخطوات هادئة..
ازاح ذلك الباب الزجاجي بيديه ووقف منتظرا أن يبدأ طه في الحديث:
_حضرة الدكتور...نحن متأسفين جدا لتأخرنا...
ولكن صديقي قد أصيب بألم حاد في معدته وكان يتوجب عليّ أن أوصله بنفسي إلى المحاضرة...
نظر الدكتور إلي آسر ليتحقق من صحة ما يقوله طه ثم استدرك قائلا:
_في العادة انا لا أدخل أحد الطلاب في وقت كهذا... لكن موقفك مع صديقك يستحق المكافئة...تفضلا بالدخول إذا...
شكر طه الدكتور وقام بإدخال آسر الذي لم ينطق بكلمة إلى المدرج وجلس بجانبه مقلدا أولئك الطلاب الذين يمثلون انهم مستوعبون ما يقوله ذلك الدكتور...
همس طه في أذن آسر قائلا:
_يبدو أن ألم بطنك قد نفعنا هذه المرة...
ابتسم آسر قائلاً:
_اطمأن...فإنه سيدوم لبعض الوقت...

في الواقع لم يكن يمزح...يبدو ان ذلك الألم سوف يدوم فعلاً
تفقد آسر الحاضرين بعين تكاد أن تكون مغلقة...هو يعلم انه سيغلبه النعاس عاجلا أم آجلا.. لكنه يظل يحرك عينيه على أمل ان يظل مستيقظاً لوقت أطول
الأمر أشبه بالحلم...لا يدري ما الذي يحدث له...لكنه سيستسلم لتلك الهلاوس قليلا عسى أن تنتهي
إنه يشاهد نفسه الآن ملقى على الأرض يحاوطه بعض ممن هم في نفس حالته...جميعهم تحت تأثير المخدر...يرى الآن تقلبات وجهه الغير منتظمة بين الفرح والحزن والدموع تتساقط من عينيه السوداويتين...
لقد كان أشبه بكائن غير بشري! واضعاً يده على أذنيه كمن يحاول صم أذنه كيلا يسمع شيئا...لكن لم يكن هنالك أي صوت! فقط الهدوء ورائحة الحشيش تغطى المكان...

لطم خده عدة مرات برفق كي لا ينتبه إليه أحد...عسى أن تكف تلك الهلاوس عن الظهور...ولكن ما من فائدة!
هو يرى نفسه الآن قائماً من مكانه ممسكا بيد الأريكة كي تساعده على النهوض...عيناه تكاد أن تكون بيضاوتان...لا يدري ماذا يفعل...ولا وقت لطرح ذلك السؤال...

توجه إلى شرفة تلك الغرفة التي يسمونها "غرزة" وهو يبكي بحرقة! لا يعلم سبب بكائه...لا يعلم سبب تواجده في الشرفة اصلا!
نظر إلى الشارع من الطابق الثالث...الكثير من الأضواء التي تجعل دماغه مشوشة أكثر!
رفع رأسه ناظرا إلى القمر الهادئ الجميل...ثم أخذ نفسا عميقا قد ارتاح له صدره وقام بإلقاء نفسه من الشرفة مستسلما لذلك الهواء الرائع!
في ذلك الوقت صرخ آسر في المحاضرة لتتوجه جميع نظرات الطلاب والدكتور إليه...ساد الصمت قليلا...لم يكن يعرف ماذا يقول...فهو يعرف إن أرسلوه إلى المستشفى فسوف يكون في مأزق حقيقي...عندها سيكتشفون أنه تحت تأثير مخدر لعين!
اعتذر آسر بسرعة وبطريقة مرتبكة وقال إن شيئا ما قد ارتطم بساقه مما سبب صراخه...
لم يكن العذر الأمثل... لكنه سيفي بالغرض.
انصرفت الأعين عنه وعاد الدكتور في شرح ذلك الكلام المبهم ثانية
لا يشعر انه بخير...يعد الدقائق والثواني التي تفصل بينه وبين انتهاء المحاضرة! يود العودة للبيت لكي ينام...لكي ينتهي ذلك العذاب قليلا...النوم هو مخرجه الوحيد من حياته المقيتة!
معظم كلمات الدكتور كانت تحتوي على ذلك النوع المعتاد من الكلام المعسول...بعض الجمل عن كيفية الاستفادة من الوقت...بعض الجمل عن كيفية النظر إلى الوضع بشكل أفضل...
تلك الجمل التي تعطيك نفس مفعول المخدر لبعض الوقت...لبعض الوقت تشعر أن الحياة لازالت جيدة...لازالت على ما يرام...لم يحدث بعد ما يفسدها بأكملها
ولكن كما قلت
"لبعض الوقت...دائما لبعض الوقت ليس هناك في الحياة شيء دائم"
انتهت المحاضرة وانتهت معها تلك النوبة من الهلوسة...على الأقل بات يعرف ما سيفعله الآن!
سيذهب إلى البيت لكي ينام
قام من مكانه مغلق العينين يحاول أن يأخذ نفساً عميقاً...يتخيل نفسه في تلك الشرفة...لا يريد أن يلقي بنفسه... فقط يريد بعض الهدوء وقليل من الهواء النظيف
ليس بالشيء الصعب...لكنه يجب أن يأخذ بعض المسكنات أولا...أي شيء يذهب عقله...يبعده عن الواقع قليلا...فهو لا يحبه!
أما عن طه فهو على الأقل مدرك لما يفعله... لم يفقد الأمل بعد... يستجيب لتلك الكلمات التي تتحدث عن الأمل...عن رؤية القمر رغم الظلام الحالك...أما هو فقد ذبُلت روحه...هناك شيء بداخله قد تحطم...يأخذ كل تلك الكمية من المخدرات على أمل أن تحييه مجددا
لكنه ينفخ في جسد فاني!
تجمعت الدموع في عين آسر...لكنها لا تسقط! فقط تتوقف عند ذلك الحد...فهو رغم كل شيء لا يريد أن يُبدي لأحد ضعفه...هو الآن مجرد هيكل متماسك بداخله فوضى عارمة! روح تائهة تأبى أن تعود لذلك الجسد الفاني..
لكن لا يمكنه أن يتوقف الآن...فقد اقترب الوقت!!

© Mohamed Hassan,
книга «"ألف ميل"».
"آسفة فأنا اريد شخصاً نظيفاً"
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (1)
Jana Walied
"هلاوس"
عظمة💛
Відповісти
2020-07-23 15:37:17
Подобається