"اعتراف"
ممر أبيض طويل تملؤه الأبواب من كلا الجانبين... تُرى ما هذا المكان! ما الذي أتى به الى هنا؟
لم يجد من يجيب عن سؤاله فأكمل في المشي بجسده المصاب...لا تزال أصابعه تنزف دما ملوثةً ذلك الممر الأبيض الغريب... جسده يتأرجح يمينا ويسارا مرتديا وشاحا أبيض مثل الذي يرتديه المرضى... الجو ساكن... هادئ لدرجة الخوف!!
يستطيع أن يري آثار الحروق في جميع أجزاء جسده...أظافره المخلوعة...حتى الندبات على ظهره لا تزال موجودة!! لكنه لا يشعر بأي ألم...عينه لا تستطيع رؤية نهاية ذلك الممر...لكنه يستمر في المشي بدون أي تفكير أو شعور...
لكن الآن أصبح يسمع صوتا ما...صوت بكاء أحدهم!! يبدو أنه يصدر من إحدى تلك الغرف المغلقة...توجه آسر ناحية ذلك الصوت المشوش ببطيء شديد...وقلقه يزداد أكثر وأكثر...يبدو أنه بات يعرف صحاب ذلك الصوت....
طه! كان يتمني ان يُكَذب أذنه لكنه قد شاهد المنظر بعينيه... انه طه في إحدى غرف ذلك المكان الذي اتضح انه مستشفى!!
كان هناك... راقدا على السرير ترتجف كل ذرة في جسده... ينظر إليه بعينان حمراوتان لا يستطيع الكلام...جسده شاحب كالأموات لا يستره سوى غطاء رديء قد لف به كأنه كفن
فقط يمد ذراعه إلى النافذة الشفافة التي ينظر آسر من خلالها... في مشهد صامت قاتل وسط بكاء آسر ونظرات طه التي توحي بأنه على وشك الموت!! وفجأة ظهر ذلك الصفير اللعين من جهاز رسم القلب... وارتخت ذراع طه وتوقف جسده عن الحركة تماما... حينها انهار آسر من البكاء وهو يصدم ذلك الزجاج برأسه ليتحول الزجاج الشفاف إلى اللون الأحمر!
صوت بداخله يخبره بأنه هو من قتله! هو من نصحه بإجراء تلك العملية...
وقتها شعر آسر بأصوات كثيرة حوله... وأيادي كثيرة تمسك به كأنها تقيده! حينها فتح آسر عينيه مفزوعا يصرخ باسم طه في ألم قبل أن يكتشف أن كل ذلك كان مجرد حلم! كابوس مقزز
كان مستلقيا على سرير المستشفى يشعر بكل شيء في جسده... كل الحروق... آثار الجلد التي على ضهره... أظافره المخلوعة من مكانها... كان جسده ملفوف بضمادات ويده اليسرى لا يستطيع حتى رؤيتها من كثافة الضماد الملفوف حولها...لكنه لا يزال يشعر بالألم! لم يكترث لكل ذلك... صرخ بصوت مبحوح عن مكان طه الآن... وهو يأمل أن ما شاهده يظل في نطاق الحلم فقط!!
اقترب عبد القادر منه يطمئن على حاله ليسحبه آسر بقوة من قميصه لتقترب أذنه من فم آسر... ويقول بصوت مبحوح مريض:
_اتصل بعائلة طه... فقط افعل ذلك! من أجلي... هو يستحق أن يراهم مجددا... لعلها تكون آخر مرة!
وترك آسر عبد القادر ليرجع إلى الوراء قليلا وينظر إليه لا يعلم ماذا يقول... لكن نظرات آسر تجعله يريد تنفيذ الأمر دون أي جدال!
أمسك آسر هاتفه من المكتب الذي بجانبه وأشار لعبد القادر بإصبعه على رقم فرد من عائلة طه
أمسك عبد القادر الهاتف من يد آسر وهز رأسه في تفهم لما يريده آسر... وخرج ليجري تلك المكالمة
****
لم يتبقى سوي يوم من الآن... بضع ساعات فقط تفصله عن إجراء العملية! أين آسر الآن ليخفف عنه حمل تلك الأفكار! أين بقية عائلته... اصدقائه.. اي شخص يمكنه السؤال على حاله... سيموت وحيدا بدون أصدقاء او عائلة تحزن لفراقه... بدون حبيبة بدون أولاد! فقط ستنتهي حياته هكذا؟! بهذه البساطة!
يتمني من الله فرصة أخري ليصحح كل ما فاته... سيصلح علاقته مع عائلته... يقسم انه سيتوقف عن تعاطي المخدرات... لن يسمح لشيء أن يهلكه مجددا!
مرت ساعات طويلة وطه على هذا الوضع... فقط يتخيل نهايات كثيرة لذلك اليوم المشؤوم... لا يمكنه التفكير في شيء آخر ولا يستطيع التوقف عن التفكير في ذلك...
استلقي قليلا ليجد باب الغرفة يفتح مبددا معه ظلمة الغرفة تلك... إنه ذلك الممرض مجددا... لكن هذه المرة يخبره بأن هناك رجل كبير في السن ينتظره في الخارج... لتظهر علي طه علامات التعجب والدهشة! لم يسبق له أن قابل شخصا بتلك المواصفات من قبل... من هذا الشخص!!
****
كانت هناك تكتم دموعها بحرقة ثم سألته:
_ما الذي حدث يا آسر...
لم يلتفت إليها آسر...قال بصوت منهك:
_ما الذي حدث!! ألا تعلمين؟!
حينها لم تستطع ملك السيطرة على مشاعرها أكثر... انفجرت من البكاء تبكي بحرقة لما تراه أمامها...لاسيما أنها السبب الوحيد لكل ذلك...لا تدري ماذا تقول...تنظر الى آسر بنظرة تملؤها الخجل والأسى الشديد على حالته تلك...وهو يقابلها بنظرات باردة لا تستطيع أن تميز شعوره منها!!
ابتلعت ريقها بصعوبة وحاولت أن تتوقف عن البكاء قليلا ثم نظر إليه في حزن... تعجز الكلمات عن وصف شعورها الآن
_من المؤكد أن ذلك الخنزير قد شوه صورتي أمامك بكلامه...لكن صدقني يا آسر لم أكن أنوي أن أورطك في أي من مشاكلي...فهذا شيء بيني وبينه ويجب على أن أواجه نتيجة أخطائي....
نظرت إليه وقد بدأت الدموع تظهر في عينيها مجددا وقالت: آسفة على كل شيء...آسفة لأنني لم أستطع أن أكون ملاكك!!
عادت برأسها للخلف وأخذت نفسا عميقا وقالت باكية:
_من حقك أن تعرف كل شيء عني
لقد توفي أبي وأمي في حادث سير منذ ثلاث سنوات...
تغيرت حينها نظرات آسر الباردة آسر بنظرات التفهم والأسف على تلك الحادثة...فأكملت وعيناها لا تتوقفان عن البكاء:
_قضيت من بعدهم أسوء ثلاث سنوات في حياتي كلها...كنت فتاة حمقاء تجري وراء ما يمتعها ويشعرها ببعض السعادة اللحظية...ترك لي أبي وأمي الكثير من المال...لذا لم أكن أعي ماذا أفعل...أجرب كل ما كان يخطر ببالي...تعرفت على شخصيات قذرة...لازلت نادمة الى الآن على مصادقتهم..."اصحاب السوء" كما يقولون...كنت أتعاطى كل ما يقدموه الى...مستسلمة لهم...ظنا مني أنني هكذا اعيش شبابي...
وفي يوم ...كان هناك فرد جديد في جلستنا تلك...برروا الموقف بأنه صاحب تلك المخدرات وأنه سيتكفل بالحساب...كعربون صداقة
لقد كان هو...ذلك الشخص...ذلك الكابوس!!
كانت الجلسة طبيعية الى أن وجدت اصدقائي ينسحبون واحدا تلو الآخر.... وقتها كان المخدر قد تمكن مني وشعرت بأن دماغي ثقيلة والرؤية اصبحت صعبة...حينها قمت من مكاني مع آخر شخص خرج...كان يمشي ببطيء مثلي في البداية وكنت خلفه مباشرة...كان الباب يقترب!! لكن فجأة وجدت ذلك الشخص يجري الى الباب ويغلقه خلفه بعد ما خرج...وسمعت صوت المفتاح وهو يغلق الباب من الخارج...كنت مرعوبة من ذلك المنظر المخيف...لم يتبقى في المكان سواي أنا وذلك الشخص! وعلي ما يبدو أنه لن يتركني أخرج من الباب سليمة!! لم تمر ثوان قليلة حتى هجم على ذلك القذر...صرخت حتى بح صوتي لكن لم أجد أحدا يسمعني...حتى ضربني بشيء على دماغي وغبت عن الوعي...لم استيقظ إلا في اليوم الثاني وأنا مع ذلك القذر على نفس السرير!! لم ألبث أن استعدت وعيي وسرقت المفتاح وجريت الى الخارج بأسرع ما يمكنني...كان جسدي كله يرتجف لم أكن أقوي على الحراك...لكن كل ما كنت أفكر فيه هو الابتعاد عن ذلك المكان بأسرع ما يمكنني.... ذهبت الى أقرب قسم الشرطة وأبلغت عن الحادث وحكيت لهم كل ما حصل باستثناء أنني تعاطيت المخدرات...قلت لهم أنه أرغمني على فعل ذلك
لكنهم للأسف لم يجدوه...لقد هرب!
ولكن لم تنته القصة عند هذا الحد...أصبح يطاردني في كل مكان ويطلب مني المال بدلا من أن ينشر تلك الصور التي أخذها لي في ذلك اليوم...لم تستطع الشرطة القبض عليه ولم أستطع أن اتخلص منه لذا اتفقت على أن اقابله في تلك الحانة واعطيه ما يريد مقابل اعطائي تلك الصور وعدم رؤية وجهه مجددا...هددني بأنني لو استعنت بالشرطة وتم القبض عليه سيتم نشر تلك الصور بواسطة شخص آخر!
لكنه أيضا حاول التعدي علي في تلك الحانة...حينها تدخلت أنت وأنقذتني في ذلك اليوم
زادت أصوات بكائها والدموع التي تسقط من عينيها: آسفة يا آسر علي كل شيء...لكنني لست كما تظن صدقني...
حينها زالت جميع ملامح البرود والعتاب على وجه آسر
ابتسم في وجهها.. ابتسامة خفيفة لكنها كانت قادرة على جعلها تتوقف عن البكاء...نظر في عينيها بعد أن كان ينظر إلى السقف في البداية غير متقبل لما تقول....قال بصوت متعب قليلا هادئ بعض الشيء يبعث الطمأنينة في نفسها:
_من قال انني كنت اريد ملاكا لا تخطئ؟! كل ما كنت أريده هو شخص يتفهمني... شخص يرضى بي وأنا على هذه الحالة... يري في الجانب الجيد حتى ولو كان ضئيلا... وأتيتِ انتِ وحققتِ كل ما كنت أتمناه... لم أسئلك عما حدث ولكني كنت أريد أن أعرف ماذا فعل بك ذلك المعتوه...
أنا من عليَّ أن اتأسف لجعلك تقصين تلك الحادثة مجددا...
لم أكن لأشك فيكِ لحظة واحدة!
أعرف ذلك الشعور جيدا... تلك اللحظة التي يتوجب عليك الإفصاح بأسوأ ما مررت به لشخص آخر
هذا ما كنت أريده... فقط شخص يتفهم شعوري وأفهم شعوره!
لم يجد من يجيب عن سؤاله فأكمل في المشي بجسده المصاب...لا تزال أصابعه تنزف دما ملوثةً ذلك الممر الأبيض الغريب... جسده يتأرجح يمينا ويسارا مرتديا وشاحا أبيض مثل الذي يرتديه المرضى... الجو ساكن... هادئ لدرجة الخوف!!
يستطيع أن يري آثار الحروق في جميع أجزاء جسده...أظافره المخلوعة...حتى الندبات على ظهره لا تزال موجودة!! لكنه لا يشعر بأي ألم...عينه لا تستطيع رؤية نهاية ذلك الممر...لكنه يستمر في المشي بدون أي تفكير أو شعور...
لكن الآن أصبح يسمع صوتا ما...صوت بكاء أحدهم!! يبدو أنه يصدر من إحدى تلك الغرف المغلقة...توجه آسر ناحية ذلك الصوت المشوش ببطيء شديد...وقلقه يزداد أكثر وأكثر...يبدو أنه بات يعرف صحاب ذلك الصوت....
طه! كان يتمني ان يُكَذب أذنه لكنه قد شاهد المنظر بعينيه... انه طه في إحدى غرف ذلك المكان الذي اتضح انه مستشفى!!
كان هناك... راقدا على السرير ترتجف كل ذرة في جسده... ينظر إليه بعينان حمراوتان لا يستطيع الكلام...جسده شاحب كالأموات لا يستره سوى غطاء رديء قد لف به كأنه كفن
فقط يمد ذراعه إلى النافذة الشفافة التي ينظر آسر من خلالها... في مشهد صامت قاتل وسط بكاء آسر ونظرات طه التي توحي بأنه على وشك الموت!! وفجأة ظهر ذلك الصفير اللعين من جهاز رسم القلب... وارتخت ذراع طه وتوقف جسده عن الحركة تماما... حينها انهار آسر من البكاء وهو يصدم ذلك الزجاج برأسه ليتحول الزجاج الشفاف إلى اللون الأحمر!
صوت بداخله يخبره بأنه هو من قتله! هو من نصحه بإجراء تلك العملية...
وقتها شعر آسر بأصوات كثيرة حوله... وأيادي كثيرة تمسك به كأنها تقيده! حينها فتح آسر عينيه مفزوعا يصرخ باسم طه في ألم قبل أن يكتشف أن كل ذلك كان مجرد حلم! كابوس مقزز
كان مستلقيا على سرير المستشفى يشعر بكل شيء في جسده... كل الحروق... آثار الجلد التي على ضهره... أظافره المخلوعة من مكانها... كان جسده ملفوف بضمادات ويده اليسرى لا يستطيع حتى رؤيتها من كثافة الضماد الملفوف حولها...لكنه لا يزال يشعر بالألم! لم يكترث لكل ذلك... صرخ بصوت مبحوح عن مكان طه الآن... وهو يأمل أن ما شاهده يظل في نطاق الحلم فقط!!
اقترب عبد القادر منه يطمئن على حاله ليسحبه آسر بقوة من قميصه لتقترب أذنه من فم آسر... ويقول بصوت مبحوح مريض:
_اتصل بعائلة طه... فقط افعل ذلك! من أجلي... هو يستحق أن يراهم مجددا... لعلها تكون آخر مرة!
وترك آسر عبد القادر ليرجع إلى الوراء قليلا وينظر إليه لا يعلم ماذا يقول... لكن نظرات آسر تجعله يريد تنفيذ الأمر دون أي جدال!
أمسك آسر هاتفه من المكتب الذي بجانبه وأشار لعبد القادر بإصبعه على رقم فرد من عائلة طه
أمسك عبد القادر الهاتف من يد آسر وهز رأسه في تفهم لما يريده آسر... وخرج ليجري تلك المكالمة
****
لم يتبقى سوي يوم من الآن... بضع ساعات فقط تفصله عن إجراء العملية! أين آسر الآن ليخفف عنه حمل تلك الأفكار! أين بقية عائلته... اصدقائه.. اي شخص يمكنه السؤال على حاله... سيموت وحيدا بدون أصدقاء او عائلة تحزن لفراقه... بدون حبيبة بدون أولاد! فقط ستنتهي حياته هكذا؟! بهذه البساطة!
يتمني من الله فرصة أخري ليصحح كل ما فاته... سيصلح علاقته مع عائلته... يقسم انه سيتوقف عن تعاطي المخدرات... لن يسمح لشيء أن يهلكه مجددا!
مرت ساعات طويلة وطه على هذا الوضع... فقط يتخيل نهايات كثيرة لذلك اليوم المشؤوم... لا يمكنه التفكير في شيء آخر ولا يستطيع التوقف عن التفكير في ذلك...
استلقي قليلا ليجد باب الغرفة يفتح مبددا معه ظلمة الغرفة تلك... إنه ذلك الممرض مجددا... لكن هذه المرة يخبره بأن هناك رجل كبير في السن ينتظره في الخارج... لتظهر علي طه علامات التعجب والدهشة! لم يسبق له أن قابل شخصا بتلك المواصفات من قبل... من هذا الشخص!!
****
كانت هناك تكتم دموعها بحرقة ثم سألته:
_ما الذي حدث يا آسر...
لم يلتفت إليها آسر...قال بصوت منهك:
_ما الذي حدث!! ألا تعلمين؟!
حينها لم تستطع ملك السيطرة على مشاعرها أكثر... انفجرت من البكاء تبكي بحرقة لما تراه أمامها...لاسيما أنها السبب الوحيد لكل ذلك...لا تدري ماذا تقول...تنظر الى آسر بنظرة تملؤها الخجل والأسى الشديد على حالته تلك...وهو يقابلها بنظرات باردة لا تستطيع أن تميز شعوره منها!!
ابتلعت ريقها بصعوبة وحاولت أن تتوقف عن البكاء قليلا ثم نظر إليه في حزن... تعجز الكلمات عن وصف شعورها الآن
_من المؤكد أن ذلك الخنزير قد شوه صورتي أمامك بكلامه...لكن صدقني يا آسر لم أكن أنوي أن أورطك في أي من مشاكلي...فهذا شيء بيني وبينه ويجب على أن أواجه نتيجة أخطائي....
نظرت إليه وقد بدأت الدموع تظهر في عينيها مجددا وقالت: آسفة على كل شيء...آسفة لأنني لم أستطع أن أكون ملاكك!!
عادت برأسها للخلف وأخذت نفسا عميقا وقالت باكية:
_من حقك أن تعرف كل شيء عني
لقد توفي أبي وأمي في حادث سير منذ ثلاث سنوات...
تغيرت حينها نظرات آسر الباردة آسر بنظرات التفهم والأسف على تلك الحادثة...فأكملت وعيناها لا تتوقفان عن البكاء:
_قضيت من بعدهم أسوء ثلاث سنوات في حياتي كلها...كنت فتاة حمقاء تجري وراء ما يمتعها ويشعرها ببعض السعادة اللحظية...ترك لي أبي وأمي الكثير من المال...لذا لم أكن أعي ماذا أفعل...أجرب كل ما كان يخطر ببالي...تعرفت على شخصيات قذرة...لازلت نادمة الى الآن على مصادقتهم..."اصحاب السوء" كما يقولون...كنت أتعاطى كل ما يقدموه الى...مستسلمة لهم...ظنا مني أنني هكذا اعيش شبابي...
وفي يوم ...كان هناك فرد جديد في جلستنا تلك...برروا الموقف بأنه صاحب تلك المخدرات وأنه سيتكفل بالحساب...كعربون صداقة
لقد كان هو...ذلك الشخص...ذلك الكابوس!!
كانت الجلسة طبيعية الى أن وجدت اصدقائي ينسحبون واحدا تلو الآخر.... وقتها كان المخدر قد تمكن مني وشعرت بأن دماغي ثقيلة والرؤية اصبحت صعبة...حينها قمت من مكاني مع آخر شخص خرج...كان يمشي ببطيء مثلي في البداية وكنت خلفه مباشرة...كان الباب يقترب!! لكن فجأة وجدت ذلك الشخص يجري الى الباب ويغلقه خلفه بعد ما خرج...وسمعت صوت المفتاح وهو يغلق الباب من الخارج...كنت مرعوبة من ذلك المنظر المخيف...لم يتبقى في المكان سواي أنا وذلك الشخص! وعلي ما يبدو أنه لن يتركني أخرج من الباب سليمة!! لم تمر ثوان قليلة حتى هجم على ذلك القذر...صرخت حتى بح صوتي لكن لم أجد أحدا يسمعني...حتى ضربني بشيء على دماغي وغبت عن الوعي...لم استيقظ إلا في اليوم الثاني وأنا مع ذلك القذر على نفس السرير!! لم ألبث أن استعدت وعيي وسرقت المفتاح وجريت الى الخارج بأسرع ما يمكنني...كان جسدي كله يرتجف لم أكن أقوي على الحراك...لكن كل ما كنت أفكر فيه هو الابتعاد عن ذلك المكان بأسرع ما يمكنني.... ذهبت الى أقرب قسم الشرطة وأبلغت عن الحادث وحكيت لهم كل ما حصل باستثناء أنني تعاطيت المخدرات...قلت لهم أنه أرغمني على فعل ذلك
لكنهم للأسف لم يجدوه...لقد هرب!
ولكن لم تنته القصة عند هذا الحد...أصبح يطاردني في كل مكان ويطلب مني المال بدلا من أن ينشر تلك الصور التي أخذها لي في ذلك اليوم...لم تستطع الشرطة القبض عليه ولم أستطع أن اتخلص منه لذا اتفقت على أن اقابله في تلك الحانة واعطيه ما يريد مقابل اعطائي تلك الصور وعدم رؤية وجهه مجددا...هددني بأنني لو استعنت بالشرطة وتم القبض عليه سيتم نشر تلك الصور بواسطة شخص آخر!
لكنه أيضا حاول التعدي علي في تلك الحانة...حينها تدخلت أنت وأنقذتني في ذلك اليوم
زادت أصوات بكائها والدموع التي تسقط من عينيها: آسفة يا آسر علي كل شيء...لكنني لست كما تظن صدقني...
حينها زالت جميع ملامح البرود والعتاب على وجه آسر
ابتسم في وجهها.. ابتسامة خفيفة لكنها كانت قادرة على جعلها تتوقف عن البكاء...نظر في عينيها بعد أن كان ينظر إلى السقف في البداية غير متقبل لما تقول....قال بصوت متعب قليلا هادئ بعض الشيء يبعث الطمأنينة في نفسها:
_من قال انني كنت اريد ملاكا لا تخطئ؟! كل ما كنت أريده هو شخص يتفهمني... شخص يرضى بي وأنا على هذه الحالة... يري في الجانب الجيد حتى ولو كان ضئيلا... وأتيتِ انتِ وحققتِ كل ما كنت أتمناه... لم أسئلك عما حدث ولكني كنت أريد أن أعرف ماذا فعل بك ذلك المعتوه...
أنا من عليَّ أن اتأسف لجعلك تقصين تلك الحادثة مجددا...
لم أكن لأشك فيكِ لحظة واحدة!
أعرف ذلك الشعور جيدا... تلك اللحظة التي يتوجب عليك الإفصاح بأسوأ ما مررت به لشخص آخر
هذا ما كنت أريده... فقط شخص يتفهم شعوري وأفهم شعوره!
Коментарі