"ذبول"
لم يستطع كلا الإثنين ان يناما هذا اليوم...فقط لحظات قاسية من فقدان الأمل تمر عليهما.... لا يستطيعا النوم ولا يستطيعا النهوض...الحياة قد توقفت في عينهما الآن...فجأة وبدون أي مقدمات لا يقدران على المواصلة أكثر
يحتاجان الى بعض الوقت للنهوض مجددا...يتمنيان أن يصبحا شخصا أفضل من ذلك...أو على الأقل أن يدوم ذلك الإحساس بالندم بداخلهما...لكن كل ذلك سيزول في الصباح...سيعود العمى إلى عينهم مجددا...فقط أبصرا لبضع دقائق فلم يتحملا هذا...لم يتحملا حقيقة أنفسهم!
ظل آسر جالسا على السرير ناظرا لسقف غرفته يتحدى ذاكرته أن تأتي بذكريات أسوء من ذلك
جلس يتفقد هاتفه من الملل ينتظرها ان تتصل.. أو على الأقل يجد ما يفعله...لكنها لم تفعل
يجب أن ينام الآن... فإجهاد عقله سيبطل مفعول المخدر وسيعود لواقعه من جديد.... كان يفكر في تقليل الكمية لأنه أفرط في التعاطي تلك الأيام... في الحقيقة لأنه لم يعد لديه المال الكافي!
لكنه كان يريد أن يكون أكثر تفاؤلا
قال بصوت عال ليسمعه طه:
"لن أذهب غدا"
انتظر قليلا ليرد عليه طه لكنه لم يسمع صوته.. فاستدرك قائلا:
أعلم أنك مستيقظ يا صديقي...صدقني لن تنام رغما عنك... تكلم معي هذا سيشعرك بتحسن
وأخيرا سمع آسر صوت طه ولكنه صوت ضحكات...
فأكمل ساخرا:
اتضحك على أنني لن أذهب غدا أم لأن كلامك معي سوف يشعرك بتحسن؟!
رد طه قائلا:
انت لا ترى نفسك عندما ينفذ الكوكايين من جسدك.. لن تستطيع أن تتحمل دقائق!!
أطال آسر النظر في سقف الغرفة هو الآخر ثم ابتسم ساخرا وهو يقول في ألم:
_بل أراها... أراها بوضوح... أشعر كأن روحي تسحب من جسدي كما أسحب المحلول من الأنبوب..
_وماذا ستفعل حيال ذلك؟!
انتظر طه رداً من آسر لكنه لم يفعل...أكمل بخيبة أمل
كما توقعت... لا تجيد إلا الصمت!!
نظر آسر لطه تلك النظرة التي يمقتها... ينظر في عينيه مباشرة حتى ينظر طه الى الأرض... يشعره بضعفه وقلة حيلته هو الآخر...يشبهه تماما... الفرق أنه لا يزال يستطيع الكلام!
لا يدري حقا ما يفعله...ليس هناك أي علامة لطريق النجاة... ماذا يفعل الآن؟! هل سينطق ثانية تلك الوعود الكاذبة!!
بأنه ينتظر فقط الغد كي يصبح شخصا جيدا؟! إنه يبتعد كثيرا... قد ضل طريق العودة.... أصبح وحيدا تحيط به تلك الأفكار السوداء
ربت آسر على كتف طه لا يدري ماذا يفعل... هو أيضا يأس من تلك الوعود الفارغة...
التقط آسر هاتفه وطلب "عبد القادر" ليجيب بعد عدة محاولات:
_آسر آسف يا صديقي لم أستطع اصطحابك لأنني كنت مخمورا لا أدري ماذا أفعل... أعدك أنها ستكون آخر مرة
_لا لا عليك لقد وجدنا وسيلتنا للعودة... ألديك بعض الوقت لكي تصطحبنا قليلا؟!
_نعم سأوافيك بعد ساعة
سمع آسر صوت فتاة تداعبه فقال ساخرا:
لا تثقل على نفسك... حتى لا أضطر أن آتي لآخذك أنا
ضحك عبد القادر وقال:
_لا تقلق أنا أسيطر على الوضع هنا
أغلق آسر الهاتف ناظرا الى طه الذي قد هدأ قليلا ثم قال:
_استبكي هنا مثل الفتيات أم ستأتي معي وتصطحب الفتيات؟!
ضحك طه ماسحا بقايا دموعه من على وجهه ونظر الى آسر... إنه يعشق تلك النظرة المرحة فيه مهما كانت نادرة
بادره قائلا:
أين سوف نذهب؟!
رد آسر ببرود مفتعل:
أي مكان يقتنه الخمر والنساء
قال طه ضاحكا:
أنت كما أنت لم تتعلم شيئا طيلة حياتك
قال آسر باسما:
بل تعلمت... تعلمت أنك أفضل صديق لي... سنتجاوز هذا يا صديقي.... أعدك أننا سنفعل!
أما عن وجهة الذهاب فأنا لا أعلمها... لكن للأسف لن يكون فيها خمر ونساء
هم آسر بالوقوف ليرتدي ملابسه... اختار الزي المفضل لديه...تلك السترة الزرقاء وعليها معطف أسود اللون
أما عن طه فقد كان يحب الألوان الأكثر إشراقا... لم يعجب أي منهم ذوق الآخر في اختيار الملابس أبدا يسخرون من ملابسهما كل مرة
أشعل آسر سيجارا أخرى ودخل إلى الشرفة مجددا... الآن جسده أصبح دافئا... يوجه انتباهه إلى الشارع الهادئ منتظرا عبد القادر أن يأتي... لكنه فوجئ بسيارة أخري تعبر الشارع.... تلك السيارة السوداء! يتذكرها جيدا... كانت مركونة بالقرب من الحانة... بدأت ضربات قلب آسر تزداد بشكل غريب... أيعقل أنه هو؟! ذلك الأحمق الذي أرديته أرضا في الحانة!
ما إن تأمل آسر ذلك الوجه الجالس في مؤخرة السيارة حتى تيقن أنه هو... لم يأتي بمفرده لقد أتي ومعه صحبة... أربعة رجال ضخام الحجم سود البشرة... أولئك الذين يحرسون الشياطين أمثال ذلك اللعين
كل ذلك حصل في جزء من الثانية... دخل آسر وأغلق النافذة بإحكام وقام بفتح الدولاب الخاص به ليأتي بقبعتين كبيرتين تكاد تغطي وجهيهما... ارتدي واحدة وأمر طه أن يرتدي الأخرى جثا على ركبته وقام بجلب سكين صغير من أحد أدراج المكتب الخاص به.... كل ذلك وسط ذهول طه الذي لا يدري ما يفعله بالضبط... التقط آسر السكين بسرعة وقام بشد طه من مكانه لكي يهربا من هذا المكان بسرعة قبل أن يلاحظه ذلك اللعين
فتح آسر الباب ودفع طه للأمام على السلالم لكي ينزل بسرعة... قال آسر في إيجاز:
ذاك الفتي الذي ضربته في الحانة قد أتى إلي ومعه بعض حراسه الأغبياء... يجب أن نخرج من هنا وبسرعة!!
رد طه في خوف:
وكيف علم مكاننا ذلك الأحمق!
رد آسر في اقتضاب:
صاحب الحانة... لقد قلت له أننا طلاب في تجارة المنصورة... ذلك الوغد!!
وصل آسر وطه الى ساحة المبني... لقد كانوا أمامهم مباشرة... لا يفصلهم عن بعضهم سوي سور من الحديد!
خرج آسر من فتحة نافذة الى الساحة المطلة على ظهر المبنى... تبعه طه بنفس الحركات حتي تسلقوا السور وهرعوا الى إحدى الحواري الضيقة التي تقابل المبنى الجامعي...
استرق آسر النظر من وراء إحدى بيوت تلك الحارة الى أولئك الأغبياء
كما كان يعتقد... لقد تسلقوا السور بصعوبة... وذهبوا لتفتيش المبني بحثا عنهم... رأي آسر ذلك المنظر فتنهد في راحة... على الأقل لن يعلما مكانهما الآن... لكن ليس هناك وقت بضع دقائق فقط حتى يكتشفون أنه لاذ بالفرار....
التقط آسر هاتفه ليكلم عبد القادر بصوت يحاول أن يجعله طبيعيا:
_أين أنت أيها اللعين
_أنا عند البنزينة... خمس دقائق وسأصل إليكما
رد آسر بسرعة:
_لا لا تذهب إلى هناك... سنقابلك على الطريق الدائري المقابل لدار القلب...
تعجب عبد القادر من طلب آسر لكنه أجاب:
كما تريد يا صديقي أنا في طريقي إليكم
نظر آسر الى السيارة نظرة أخيرة... لا يزال ذلك المغفلان في الداخل... أمر آسر طه أن يتحركا بسرعة...
لم يكن يبعد ذلك العنوان عن المكان... لكن أهم ما يميزه أنه في الطريق المعاكس تماما للطريق الذي شاهد آسر تلك السيارة تعبره للوصول إليه!
وصل آسر الى المكان ليرى سيارة عبد القادر في أول الطريق... انتظرا بضع ثوان حتى يأتي إليهم... دلفا إلى السيارة بهدوء كي لا يشعر صديقهما بشيء...
التفت عبد القادر ناحيتهما وقال باسما:
من أين تريدان أن تبدأ الرحلة؟!
قال آسر:
"نريد أن نتنزه خارج المدينة"
يحتاجان الى بعض الوقت للنهوض مجددا...يتمنيان أن يصبحا شخصا أفضل من ذلك...أو على الأقل أن يدوم ذلك الإحساس بالندم بداخلهما...لكن كل ذلك سيزول في الصباح...سيعود العمى إلى عينهم مجددا...فقط أبصرا لبضع دقائق فلم يتحملا هذا...لم يتحملا حقيقة أنفسهم!
ظل آسر جالسا على السرير ناظرا لسقف غرفته يتحدى ذاكرته أن تأتي بذكريات أسوء من ذلك
جلس يتفقد هاتفه من الملل ينتظرها ان تتصل.. أو على الأقل يجد ما يفعله...لكنها لم تفعل
يجب أن ينام الآن... فإجهاد عقله سيبطل مفعول المخدر وسيعود لواقعه من جديد.... كان يفكر في تقليل الكمية لأنه أفرط في التعاطي تلك الأيام... في الحقيقة لأنه لم يعد لديه المال الكافي!
لكنه كان يريد أن يكون أكثر تفاؤلا
قال بصوت عال ليسمعه طه:
"لن أذهب غدا"
انتظر قليلا ليرد عليه طه لكنه لم يسمع صوته.. فاستدرك قائلا:
أعلم أنك مستيقظ يا صديقي...صدقني لن تنام رغما عنك... تكلم معي هذا سيشعرك بتحسن
وأخيرا سمع آسر صوت طه ولكنه صوت ضحكات...
فأكمل ساخرا:
اتضحك على أنني لن أذهب غدا أم لأن كلامك معي سوف يشعرك بتحسن؟!
رد طه قائلا:
انت لا ترى نفسك عندما ينفذ الكوكايين من جسدك.. لن تستطيع أن تتحمل دقائق!!
أطال آسر النظر في سقف الغرفة هو الآخر ثم ابتسم ساخرا وهو يقول في ألم:
_بل أراها... أراها بوضوح... أشعر كأن روحي تسحب من جسدي كما أسحب المحلول من الأنبوب..
_وماذا ستفعل حيال ذلك؟!
انتظر طه رداً من آسر لكنه لم يفعل...أكمل بخيبة أمل
كما توقعت... لا تجيد إلا الصمت!!
نظر آسر لطه تلك النظرة التي يمقتها... ينظر في عينيه مباشرة حتى ينظر طه الى الأرض... يشعره بضعفه وقلة حيلته هو الآخر...يشبهه تماما... الفرق أنه لا يزال يستطيع الكلام!
لا يدري حقا ما يفعله...ليس هناك أي علامة لطريق النجاة... ماذا يفعل الآن؟! هل سينطق ثانية تلك الوعود الكاذبة!!
بأنه ينتظر فقط الغد كي يصبح شخصا جيدا؟! إنه يبتعد كثيرا... قد ضل طريق العودة.... أصبح وحيدا تحيط به تلك الأفكار السوداء
ربت آسر على كتف طه لا يدري ماذا يفعل... هو أيضا يأس من تلك الوعود الفارغة...
التقط آسر هاتفه وطلب "عبد القادر" ليجيب بعد عدة محاولات:
_آسر آسف يا صديقي لم أستطع اصطحابك لأنني كنت مخمورا لا أدري ماذا أفعل... أعدك أنها ستكون آخر مرة
_لا لا عليك لقد وجدنا وسيلتنا للعودة... ألديك بعض الوقت لكي تصطحبنا قليلا؟!
_نعم سأوافيك بعد ساعة
سمع آسر صوت فتاة تداعبه فقال ساخرا:
لا تثقل على نفسك... حتى لا أضطر أن آتي لآخذك أنا
ضحك عبد القادر وقال:
_لا تقلق أنا أسيطر على الوضع هنا
أغلق آسر الهاتف ناظرا الى طه الذي قد هدأ قليلا ثم قال:
_استبكي هنا مثل الفتيات أم ستأتي معي وتصطحب الفتيات؟!
ضحك طه ماسحا بقايا دموعه من على وجهه ونظر الى آسر... إنه يعشق تلك النظرة المرحة فيه مهما كانت نادرة
بادره قائلا:
أين سوف نذهب؟!
رد آسر ببرود مفتعل:
أي مكان يقتنه الخمر والنساء
قال طه ضاحكا:
أنت كما أنت لم تتعلم شيئا طيلة حياتك
قال آسر باسما:
بل تعلمت... تعلمت أنك أفضل صديق لي... سنتجاوز هذا يا صديقي.... أعدك أننا سنفعل!
أما عن وجهة الذهاب فأنا لا أعلمها... لكن للأسف لن يكون فيها خمر ونساء
هم آسر بالوقوف ليرتدي ملابسه... اختار الزي المفضل لديه...تلك السترة الزرقاء وعليها معطف أسود اللون
أما عن طه فقد كان يحب الألوان الأكثر إشراقا... لم يعجب أي منهم ذوق الآخر في اختيار الملابس أبدا يسخرون من ملابسهما كل مرة
أشعل آسر سيجارا أخرى ودخل إلى الشرفة مجددا... الآن جسده أصبح دافئا... يوجه انتباهه إلى الشارع الهادئ منتظرا عبد القادر أن يأتي... لكنه فوجئ بسيارة أخري تعبر الشارع.... تلك السيارة السوداء! يتذكرها جيدا... كانت مركونة بالقرب من الحانة... بدأت ضربات قلب آسر تزداد بشكل غريب... أيعقل أنه هو؟! ذلك الأحمق الذي أرديته أرضا في الحانة!
ما إن تأمل آسر ذلك الوجه الجالس في مؤخرة السيارة حتى تيقن أنه هو... لم يأتي بمفرده لقد أتي ومعه صحبة... أربعة رجال ضخام الحجم سود البشرة... أولئك الذين يحرسون الشياطين أمثال ذلك اللعين
كل ذلك حصل في جزء من الثانية... دخل آسر وأغلق النافذة بإحكام وقام بفتح الدولاب الخاص به ليأتي بقبعتين كبيرتين تكاد تغطي وجهيهما... ارتدي واحدة وأمر طه أن يرتدي الأخرى جثا على ركبته وقام بجلب سكين صغير من أحد أدراج المكتب الخاص به.... كل ذلك وسط ذهول طه الذي لا يدري ما يفعله بالضبط... التقط آسر السكين بسرعة وقام بشد طه من مكانه لكي يهربا من هذا المكان بسرعة قبل أن يلاحظه ذلك اللعين
فتح آسر الباب ودفع طه للأمام على السلالم لكي ينزل بسرعة... قال آسر في إيجاز:
ذاك الفتي الذي ضربته في الحانة قد أتى إلي ومعه بعض حراسه الأغبياء... يجب أن نخرج من هنا وبسرعة!!
رد طه في خوف:
وكيف علم مكاننا ذلك الأحمق!
رد آسر في اقتضاب:
صاحب الحانة... لقد قلت له أننا طلاب في تجارة المنصورة... ذلك الوغد!!
وصل آسر وطه الى ساحة المبني... لقد كانوا أمامهم مباشرة... لا يفصلهم عن بعضهم سوي سور من الحديد!
خرج آسر من فتحة نافذة الى الساحة المطلة على ظهر المبنى... تبعه طه بنفس الحركات حتي تسلقوا السور وهرعوا الى إحدى الحواري الضيقة التي تقابل المبنى الجامعي...
استرق آسر النظر من وراء إحدى بيوت تلك الحارة الى أولئك الأغبياء
كما كان يعتقد... لقد تسلقوا السور بصعوبة... وذهبوا لتفتيش المبني بحثا عنهم... رأي آسر ذلك المنظر فتنهد في راحة... على الأقل لن يعلما مكانهما الآن... لكن ليس هناك وقت بضع دقائق فقط حتى يكتشفون أنه لاذ بالفرار....
التقط آسر هاتفه ليكلم عبد القادر بصوت يحاول أن يجعله طبيعيا:
_أين أنت أيها اللعين
_أنا عند البنزينة... خمس دقائق وسأصل إليكما
رد آسر بسرعة:
_لا لا تذهب إلى هناك... سنقابلك على الطريق الدائري المقابل لدار القلب...
تعجب عبد القادر من طلب آسر لكنه أجاب:
كما تريد يا صديقي أنا في طريقي إليكم
نظر آسر الى السيارة نظرة أخيرة... لا يزال ذلك المغفلان في الداخل... أمر آسر طه أن يتحركا بسرعة...
لم يكن يبعد ذلك العنوان عن المكان... لكن أهم ما يميزه أنه في الطريق المعاكس تماما للطريق الذي شاهد آسر تلك السيارة تعبره للوصول إليه!
وصل آسر الى المكان ليرى سيارة عبد القادر في أول الطريق... انتظرا بضع ثوان حتى يأتي إليهم... دلفا إلى السيارة بهدوء كي لا يشعر صديقهما بشيء...
التفت عبد القادر ناحيتهما وقال باسما:
من أين تريدان أن تبدأ الرحلة؟!
قال آسر:
"نريد أن نتنزه خارج المدينة"
Коментарі