"فاقد الأمل لا يعطيه"
"هلاوس"
"آسفة فأنا اريد شخصاً نظيفاً"
"أهواك"
"ذكريات مؤلمة"
"وداع"
"ذبول"
"هروب"
"كم هي قاسية تلك الحياة"
"رد الجميل"
"شرود"
"صِدام"
"خوف"
"لقاء"
"الغريب"
"اسيل"
"احلاهما مر"
"ملاك"
"مواجهة"
"ألم"
"اعتراف"
"أمل"
"برد"
"صداقة"
"النهاية"
"صِدام"
نظر آسر الى طه لا يدري ماذا يقول...كل الكلمات قد تجمدت في حلقه.... يريد طرح الكثير من الأسئلة...قول الكثير من الكلام الذي يجعله يعلم أنه فعلا لا يستطيع العيش بدونه.... هو يحتاجه!! يقتله مجرد التفكير فقط في رحيل صديقه الوحيد...شقيقه!! لكنه لم يرى في ملامح صديقه أي جدوى لتغيير رأيه....

تلك النظرة التي في عينيه تخبرانه بأنه قد حسم الأمر قبل المناقشة حتى! لقد قرر ذلك وسيفعله مهما كانت العواقب!
عقله مشوش الآن يفكر في أكثر من شيء في آن واحد...يفكر في بعض الكلمات التي قد تؤثر على قرار طه المفاجئ.... يفكر في مرضه ونسبه تعافيه منه....

يفكر في كيف ساقهم ذلك المخدر اللعين الى كل تلك الأحداث...يفكر في احساسه بالذنب تجاهه لأنه لا يقدر على تغييرها...

يري كل تلك الأشياء الفظيعة تحدث لهما ويقف مكتوف الأيدي غير قادر على فعل شيء!
يراه الآن يضغط على نفسه لكيلا يبكي....

لكيلا يظهر ضعيفا أمامه! عيناه الحمراوتان الجادتان تحمل الكثير من الألم...يود الاتصال بأهله الآن ولكن بماذا يخبرهم؟! أيخبرهم بأن ولدهم مصدر بهجتهم وفرحتهم كما يزعمون سيذهب إلى مصحة لعلاج الإدمان؟؟ أم يخبرهم بأنه يعاني من ورم سرطاني في الدماغ!

بالطبع قد كذب عليه الطبيب قائلا ان نسبة الشفاء كبيرة وانه لايزال هناك أمل.... لكنه يعلم!! كل تلك القصص عن اولئك الذين دخلوا تلك المصحات لا تبشر بالخير إطلاقا.... ولكن هذا لا يرهبه...لم يعد يهاب شيئا الآن...فقط يريد أن ينهي حياته بسلام.... على الأقل سيقال إنه حاول!

حزم طه أغراضه مسرعا تاركا آسر في نفس مكانه لا يحرك ساكنا...بعد انتهائه نظر الى آسر والدموع تملأ عينيه قائلا:
برغم ما اقترفناه سويا...فأنت ستبقي أفضل شيء حصل لي في حياتي.... لن أندم على تلك الصداقة مطلقا.... ستظل أفضل صديق لي على الإطلاق....

اقترب من آسر مادا يده لكي يسلم عليه...لكنه وجد آسر فاتحا ذراعيه...يبتسم مؤيدا طه على ذلك القرار ليخفف من وطأة الموقف... عانقه عناقا دام طويلا!! لم يكن يتصور أن ذلك اليوم سيأتي!! لكنه في هذا اليوم بالفعل
"لا اريدك في الجوار اثناء القبض على او تسليم نفسي....
ب

وسعك أن تأتي لتزورني كل أسبوع...ولكن حاول أن تبدو طبيعيا...بلغ سلامي الى عبد القادر...قل له انه كان أكثر من اخ بالنسبة لي.... الوداع يا صديقي! لا تنساني او تغفل عني مهما تغيرت...مهما تغير شكلي وتساقط شعري...مهما نسيت واصبحت اقل تركيزا.... لا تنساني فأنا لن أنساك"

وانتهي العناق! وانتهى معه كل أمل في تغيير رأي طه! وبدأ الجزء الأكثر صعوبة...وهو ترك طه يعبر هذا الباب لكي يلاقي مصيره!! لا يسعه سوى الوقوف جانبا وترك صديقه يبتعد عنه...ربما إلى الأبد! كم هي قاسية تلك اللحظات...لا تعلم كيف أنك غير مستعد لشيء كهذا....

تنحى آسر جانبا لكي يفسح الطريق لطه.... لا يمكن وصف شعور طه وقتها! شعور بفقدان الذات! شعور بالنهاية الحتمية...نهاية مستقبله وحاضره معا...يخطو خطوات بطيئة مترددة الى باب البيت ساحبا خلفه حقيبة صغيرة جمع فيها ما يمكن جمعه...وترك الباقي...جمع صوره مع عائلته...صور اول سنة في الكلية ونظرة البسمة والتفاؤل التي كانت تغطي وجهه بالكامل! ليت الحال قد استمر على ذلك...في كل خطوة يتذكر شيئا ما...شريط حياته القاسي يمر امام عيناه! حلوه ومره
مضى في طريقه ليسلم نفسه...ليحجز نفسه بيديه في مصحة ادمان

قام بالتقاط هاتفه وبحث عن رقم قلما كان يبحث عنه...رقم والده! يريد سماع صوته...يريد سماع صوت امه الحنون واخته الصغرى الجميلة.... انتظر قليلا يحاول تمالك نفسه واخفاء صوته الباكي لكيلا يقلق عائلته عليه...سيتركهم يعيشون على سرابه...شخصه القديم الرائع!

قام بالاتصال فلم يلبث إلا قليلا حتى رد عليه والده بصوت مرحب يملأه الشوق لأنه لم يسمع عن ولده منذ فترة...جرى الحديث عاديا...الأب يسأل عن أحواله والابن يكذب عليه قائلا انه في أحسن حال!
كان يطول في الحديث قدر المستطاع مع عائلته...سألهم عن كل شيء تقريبا! وعدهم بأنه سيبذل جهده ليتحسن...وسيفعل ما يتطلبه الأمر ليكونوا فخورين به...كانوا يظنون أنه يتكلم عن مستقبله وكليته ولكنه كان يقصد شيء آخر...ختم حديثه مع عائلته بجملة
"سأشتاق إليكم كثيرا" كانت نابعة من اعماق قلبه هذه المرة!
لا يزال آسر واقفا في الغرفة منذ وقت طويل...يحاول فقط استيعاب ما حدث للتو...قام بإشعال سيجار ظنا منه على انها سوف تساعده على التفكير...قام بأخذ عدة انفاس منها وإخراجه ببطيء...لم تساعده في التفكير لكنها هدأت من روعه قليلا...سيزوره كل أسبوع...لن يفوت زيارة واحدة! ليس بوسعه فعل أكثر من ذلك!
تركه يمضي أمام عينيه بابتسامة فاترة قد فقد كل معانيها...لم يرد أن يكون آخر لقاء بينهما حزين لهذه الدرجة

****
ا

قترب طه من "مصحة الأمل" لعلاج الإدمان.... لا يستطيع أن يخفي خوفه.... فقط وقف قليلا يفكر! يندب حظه! يتألم لكونه ذلك الشخص الذي هو عليه الآن...تقدم بخطوات مترددة وعين شاردة تكاد لا تري ما الذي أمامها...كان المكان قد مُلِأ بالأضواء والكثير من الزينة لكي تبث الطاقة الايجابية في نفوس الزوار.... ولكن مثلما قال! فقط في نفوس الزوار وليس المقيمين في ذلك الحجز...وقف أمام الباب الزجاجي للمصحة...الكثير من الأشخاص في حجرة الانتظار يودون الاطمئنان على ما بقي من معارفهم في الداخل!

بالطبع هو يهول الأمر قليلا ولكن ليس هناك أفظع من رؤية مدمن بدون أخذ مخدر لفترة طويلة! هنا كل أصناف الإدمان ليس فقط الكوكايين...حفنة من أسوء الأشخاص الممكن أن تقابلهم في حياتك...بالطبع هناك من تطوع وقدم إلى هنا من تلقاء نفسه.... وهناك من قبض عليه وجاء إلى هنا رغما عن انفه! هو لا يتوقع شيئا سيئا للغاية...ولكنه ايضا لا يتوقع معالجين لطفاء ومعاملة حسنة!

رفع هاتفه وقام بالاتصال علي الطبيب المشرف علي حالته...اجاب بعد عدة محاولات بصوت مرتبك تملؤه الدهشة:
_طه؟! ك..كيف...!

قاطع طه كلام الطبيب قائلا بهدوء مريب:
_كيف ماذا؟! كيف حالي! أم كيف لم يمسكوا بي الى الآن؟!

انتظر طه يائسا من ان يجاوب الطبيب ثم أكمل قائلا:
_العنوان كان خاطئا.... لا جدوى من البحث عني هناك فلن تجدوا لي أثر...ولكني هنا أمام المصحة كل ما آمله أن تتم معالجتي كما تزعمون...سأنتظرك بالداخل أيها الطبيب كي تشرح لهم حالتي!

قال الطبيب في محاولة انكار انه ابلغ عن حالته:
_طه...أنت تعلم ان ما فعلته كان لمصلحتك...سواء احببته أم لا! فيجب ان تتخلص من ذلك المخدر يا بني...فمن واجبنا نحن الأطباء مساعدتكم...تظنون اننا نقوم بحبسكم والقبض عليكم وإلقائكم في أماكن للتعذيب.... ولكن الحقيقة انكم أنتم من حبستم أنفسكم داخل تلك العقاقير والمخدرات...سمحتم لشيء مثل هذا ان يتحكم بعقولكم...جعلتم المخدر شيئا أساسيا لا تستطيعون العيش بدونه! نحن هنا لمساعدتكم على التخلص من تلك المخدرات والنجاة بما تبقي منكم...وأنتم لا تريدون مساعدتنا حتى في ذلك...ماذا تنتظر منا أن نفعل؟! نقف مكتوفي الأيدي ونحن نشاهدكم تضيعون شبابكم وأعماركم بالكامل من أجل شيء حقير مثل هذا؟!

أشكرك يا طه من كل قلبي على ما فعلته اليوم...قد لا تكون مرتاحا لما أنت على وشك أن تخوضه الآن...ولكن أنت اتخذت القرار السليم اريدك ان تتأكد من ذلك

كانت كلمات الطبيب تلت تبث الطمأنينة في نفس طه...يستمع الى كل كلمة يقولها إليه بإمعان...
الآن اختفت تلك الربكة التي في صوته...هو يتحدث بصدق...ليس أمامه خيار سوي أن يثق في كلامه ويدعو ربه أن يجعله شخصا أفضل مما هو عليه الآن!

© Mohamed Hassan,
книга «"ألف ميل"».
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (1)
Mo
"صِدام"
اوك محد ببكي هسا
Відповісти
2020-07-25 08:25:20
Подобається