Chapter Twenty-three
" كرزة و رصاصة "
نحن متطابقين لدرجة إن تلامسنا إلتحمنا ، أنا و أنت كيان واحد لا نهزم .
فقد الوعي ! إنه لا يعي شيء ، أخشى أن أخسره و أبقى هكذا عاجزة عن إنقاذه ، أنا يجب علي أن أفعل شيئاً ما .
هذا الكهف مكشوف ، الشرطة قد تأتي و تقبض علينا داخله في أي حين ، أنا بدأت أسمع حسيسهم من الخارج و اضوائهم من بعيد حتى ، يا إلهي !
نهضتُ سريعاً و جررت جسد سيهون أحاول تخبأته في زاوية مظلمة لا يكشفها الكهف ، أنا حامل و لا أستطيع أن أسنده ، كما أن كتفه مصاب لا أستطيع سحبه ، ستتمزق عضلات كتفه .
تانيا : يا إلهي ماذا أفعل ؟!
لم يكن لدي حل سوى أن أمزق فستاني و ألف كتفه بقطعة القماش ، شددتها بقوة حتى يتوقف النزيف لكنه أنَّ متألماً حالما فعلت ، سحبته من قدميه إلى دهاليز ظلمة هذا الكهف ، أخشى أن يخرج لنا ثعبان أو حيوان بري ، وقتها سنوفر على الشرطة إعدامنا .
ضممته إلى صدري و ثبتُ قدميه مرفوعتين بقدميّ ، هودتُ عليه و أنا ارتجف بشدة خوفاً ، هاهي الأضواء تلج الكهف و صوت أقدامهم بالداخل أيضاً .
" سيدي لا نجد شيء "
و اختفت الأضواء و تراجعوا ، تنهدتُ بتكتم و كنتُ قد كتمتُ أنفاسي لشدة هلعي ، حمداً لله لم يمسكوا بنا .
رغم ذلك أنا لا أستطيع الخروج من الكهف الآن ، أخشى أنهم ما زالوا يطوقون المنطقة ، علينا أن نخرج من هنا قبل أن يمشطوا المنطقة بالكلاب البوليسية .
لا أعرف بعدها كيف غفوت و رأسي أسنده على رأس سيهون و بذراعيّ اضمه إلى صدري ، لا أعلم كيف نمت رغم الخطر المحدق حولنا ، علي أن أخرجه من هنا ، علينا أن ننجو .
استيقظتُ و كانت الشمس متسترة خلف شفق الفجر الأحمر ، أظنها الخامسة صباحاً الآن ، دثرته بمعطفي و معطفه لكنني أخشى عليه من الحيوانات ، ماذا علي أن افعل يجب أن أخرج دونه ، لا أستطيع أن أحمله .
خرجتُ سريعاً أحمل جسدي بوهن و أركض بعيداً عن الكهف ، هناك قرى نائية في مفترق هذه الغابة لذا أود لو يقدم لي أحد المساعدة ، ركضت و ركضت و ركضت ، منذ ساعة و أنا اركض بين هذه الأشجار الكثيفة .
الخوف يجعل الجسد سلطان و يمنح البدن قوة ما كان يملكها ، لو كنتُ في حالة طبيعية لما استطعتُ أن أركض هذه المسافة أبداً و أنا حامل أيضاً .
وصلت إلى قرية نائية ، كانت تعج بالحياة عكس الطريق الذي سلكته في الغاب ، الناس يرمقوني بإستهجان ربما بسبب حالتي التي يرثى لها .
ركضت على أحد المنازل أطلب النجدة فوجدت فيه رجلاً كهلاً لم يتوانى عن تقديم المساعدة عندما أخبرته أن زوجي عالق في الغاب و قد يموت في الداخل .
أخذني الرجل بسيارته المهترئة و القديمة إلى الغابة و دللته على الكهف ، سيارته تشبه سيارة سيهون التي كان يمتلكها وقتما كان يدعي الفقر .
وصلنا إلى الكهف ، كانت قد أشرقت الشمس و استفاق سكان الغاب و هذا جعلني ارتعد خوفاً على سيهون أرجو أنه لم يتأذى .
دخلت إلى الكهف و خلفي الرجل الكهل ، توجهت فوراً إلى النقطة التي تركت سيهون فيها ، ركضت كالمجنونة نحوه عندما وجدتُ أفعى تقترب منه .
صرخ الرجل علي ألا أقترب و لكنني دون أن أهتم لنفسي ضربتها في صخرة كبيرة همشت بها رأسها اللعين ، رغم أنني أخاف الأفاعي بشدة لكنني أمام سلامة سيهون نسيتُ أنني أخاف .
نقلنا سيهون إلى السيارة و وضعناه في الكرسي الخلفي ممداً على جنبه السليم ، كان يأنّ بألم ، وضعتُ رأسه بلطف على قدميّ و هدهدتُ عليه كي لا يجزع ، يا حبيبي ، ليت الألم بي و ليس بك !
في طريقنا إلى القرية مجدداً استيقظ في حالة هذيان ، العرق يتصبب من جبهته و ملامحه منكمشة في ألم ، كان يهذي بكلام غير مفهوم يظهر اسمي فيه .
سيهون : تانيا إنني أتألم !
تلك فقط التي فهمتها مما قاله جعلني أبكي جزعاً و خوفاً عليه ، أرجو أن يكون بخير ، ساعده يا الله ، أنقذه و أعده إلي سليماً معافى ، قبلتُ رأسه قُبل متفرقة و مسحت وجهه من العرق الذي يتصبب منه .
بعد فينة وصلنا إلى القرية و ساعدتُ الرجل بحمله ، طلبتُ منه أن يحتفظ بسرية الأمر و أنني سأخبره قصتنا فور أن نستطيع معالجة سيهون .
و المصيبة هنا ، كيف سيتحمل سيهون إخراج الرصاصة دون مخدر و كيّ جرحه ، أنا متأكدة أنه سيفقد الوعي لكنني لا أستطيع أن أتركه على هذه الحال حتى يُصفَّى دمه و يموت .
تانيا : ألا يوجد مركز صحي في الجوار يا عم ؟!
تنهد الرجل ثم أجابني بنبرة متشائمة .
" يوجد يا ابنتي لكن على بُعد ثلاث قُرى من هنا ، تحتاجين في السيارة ساعتين حتى تصلي إلى هناك و ساعتين حتى تعودي ، لا اعلم إن كان زوجكِ سيصمد حتى ذلك الحين . "
لقد صمد لليلة كاملة و لكنني لن أعتمد على الحظ حتى يصمد للمزيد من الوقت ، لستُ محظوظة عادة ، سأذهب لكن ربما لاحقاً ، حالما نستطيع السيطرة على جرحه .
تانيا : نحتاج أن نخرج الرصاصة من كتفه يا عم ، أرجوك أفعل له ذلك ، أنا لن أستطيع !
لن أستطيع لأنني أحبه ، سأحاول أن أمده بالعون و لكنني لا أستطيع إيلامه ، أومئ لي الرجل ثم نهض و تركني وحدي معه .
سيهون : أنتِ بخير يا تانيا ؟
نبس بها بصوت ضعيف جداً بينما ينظر إلي بنصف عين مفتوحة ، أومأت له سريعاً و سقطت دمعة مني على وجنته .
تانيا : أنا بخير يا عمري ، أنت فقط تحمل قليلاً و كن بخير !
ابتسمت شفتاه بوهن و علق بصعوبة .
سيهون : يا عمري ! تقولينها لي عندما تكونين في أوج حبكِ لي ، أنتِ ما زلتِ تحبينني !
أنا لم أكرهك يوماً ، كنتُ ادعي هذا ببساطة !
عاد الرجل بدلو صغير مليء بالماء المغلي ، وضعه أرضاً لأرى فيه مقص و بعض الأدوات الأخرى و كأنه يتوقع حضور مصاب إلى بيته ، ادهشني الأمر في البداية و لكن سرعان ما إلتفت إلى سيهون ، هو أهم الآن .
فككتُ قطعة القماش من على كتفه و كشفت عن جرحه ، أنه غائر و دامي ، سيكون مؤلماً و صعب أن نخرج الرصاصة و لن يتعافى سريعاً ، كل ما يحدث له بسببي ، أكره نفسي لأنني السبب في شقائه .
تناول الرجل من الدلو ملقط حديدي تماماً كالذي في المستشفيات ، هبطت دموعي سريعاً و أنا أنظر نحو هذا الملقط ، حضنت رأس سيهون إلى صدري و وضعتُ قطعة من القماش النظيف في فمه .
سيهون : عندما تشعر بالألم عض القماش ، أرجوك كون قوياً !
لامس الملقط الجرح ليأن سيهون بألم و أسنانه عضت على القماش بقوة ، أغلق عينيه بقوة و صرخ بصوت مكتوم عندما نبش الملقط جرحه ، أخذت أبكي بقوة عندما انتفض لشدة ألمه و أنا أحاول تثبيته .
تانيا : لا تتحرك ارجوك يا سيهون !
توقف عن الحركة لكنه رفع رأسه و ضربه بقوة بقدمي ، ضل يضربه بقوة حتى رفع ذراعه المصاب يبغى ضربه بالأرض لكنني تمسكت به بكل ما أستطيع ، فخذيّ يؤلمني جداً لكثرة ما ضرب رأسه بهما ، أشعر بالخدر .
لا بأس ، المهم أن يكون بخير ، لولا قدميّ لأدمى رأسه لكثرة ما ضربه ، أخرج الرصاصة من كتفه أخيراً و وضعها جانباً ثم خرج ، كان أنين سيهون في غاية الصخب ، إنه يبكي كطفل صغير و يشهق ، لأول مرة في حياتي أراه بهذه الحالة البائسة .
صدره يرتفع و ينخفض بقوة ، يتصبب عرقاً و يبكي و يأنّ ، حالته تجعلني أتمنى الموت على أن أراه هكذا ، عاد الرجل مرة أخرى و بيده مقبض حديد قد أحمر لشدة سخونته ، لا أستطيع أن ارى هذا و لا أستطيع جعله أن يضعه عليه .
تانيا : لا تضعه عليه ، سيموت سأذهب إلى المركز و آتي له بمضاد ، أرجوك لا تكويه !
" إن تركتُ الجرح مفتوح هكذا حتى تعودي قد يموت لأنه ليس ببيئة صحية ، هذه ستؤلمه جداً و لكنها لن تقتله . "
قبل أن اوافق أو أرفض وضع الحديد المتجمر على كتفه ليصرخ سيهون كالمجنون و قد خبأ وجهه في قدمي ، لحظات و فقد وعيه .
تانيا : قلت لك لا تضعه ، سأقتلك لو مات زوجي !
صرخت بها بجنون في وجه الرجل و قد أمسكته من عنقه ، كدتُ أقتله دون وعي حتى استطاع أفلات نفسه مني بصعوبة ، سعل بقوة و حالما استطاع جمع أنفاسه ابتسم بوهن و همس .
" لأي درجة تحبينه ؟! تقتلين لأجله ! "
تانيا : أفعل أي شيء لأجله !
قبضتُ حاجبيّ و رددتُ بهذه ، وقف بعدها ثم قال .
" حسناً إذن أخيطي له جرحه بينما هو فاقد لوعيه حتى لا يشعر بالألم و أنا سأذهب لأحضر له ادوية و ما يحتاجه ليشتد عوده من جديد ."
و خرج و تركني وحدي أتألم لألم روحي و عمري بين يديّ ، أمسكت بذلك الخيط و الأبرة التي في دلو الماء المغلي ، قاومتُ سخونتها الشديدة و خيطتُ له جرحه بحذر شديد ، فلأحترق أنا ايضاً رغم أن ألمي أمام ألمه لا يذكر .
انتهيت من ذلك لذا رفعتُ عليه الغطاء و دثرته به جيداً حتى يعود الرجل و أضع فوق جرحه ضمادة ، للأسف هذا الجرح سيترك أثراً كما تركت الرصاصتين التي ضربته بهما .
قبلتُ رأسه و شرعت بتصفيف شعره ، ابتسمت رغم أن عيني لا تبخل بصب مزيداً من الدموع رثاءً على حاله ، ابتسمتُ بوهن و بدأت اغني له تلك الأغنية التي يحبها ، رغم أن صوتي بشع لطالما أحب أن يسمعني أغنيها له .
سيهون : غني لي تلك الأغنية الجميلة التي تدندنين ألحانها عادة !
ضحكتُ وقتها ، لم يكُ يظهر جانبه الصبياني هذا عادة ، دوماً ما كان الرجل القاسي رئيس العصابات .
تانيا : لكن صوتي بشع !
تبسم وقتها بحب لي ثم استنكر بهمس دغدغ به قلبي .
سيهون : من قال لكِ ذلك ، إن صوتكِ عذب كما العندليب إن غنى !
كانت هذه أكبر كذبة قالها في حياته و سمعتها في حياتي .
كان يضع رأسه على قدمي كما هو الآن ، لكن شتان بين حالته الآن و حالته في ذاك الوقت ، أذكر أنني أخذت أسرح شعره كما أفعل الآن و بدأت أنشد .
حبيبي انظر إلي ، هل ما زلت تحبني ؟!
حبي انظر إلى عيني و اخبرني
القلب المُحِب لا يمكن إخفائه
انظر هنا في نفس المكان في نفس الزمان نحن مع بعضنا
تستطيع دوماً أن تأتي لي ، تعود إلى مكانك
سيهون : لحظة ! لقد سمعتها من قبل ، رجال يغنونها و يخاطبون إمرأة ، لقد شوهتِ الأغنية .
ابتسمت وقتها بحب له ثم همست .
تانيا : بل زدتها جمالاً عندما خاطبتك بها !
وقتها تمعن في النظر إلى وجهي ثم قبلني بحب .
مسحت دموعي حالما فرغتُ من الغناء له ، يومها كان مبتهجاً كطفل حظي بقنطار سعادة ، اليوم وجهه يخلو من الحياة ، عد إلى الحياة مجدداً ، عد إلى بهجتك مجدداً و أعدك أننا سنبقى في طور الحب إلى الأبد ، أعدك أنني سأسعدك !
عاد الرجل بعد أن غاب ثلاث ساعات طِوال قضاها سيهون نائم و قضيتها أهدهد عليه و أحتضنه بحب بخلتُ عليه فيه سابقاً .
عاد الرجل يحمل حقيبة ثم أفرغ محتواها على صينية وضعها على السرير .
" أتيتُ له بمغذي ، معقم ، ضمادات ، مسكنات ، لواصق طبية ، مضادات حيوية ، و شاش ، أيضاً الأدوية اللازمة ، إن أهتممنا به سيتعافى بأسبوع فقط ، الآن سأضع له المضاد الحيوي في وريده . "
غريب أمر هذا الرجل ، أنه يستطيع معالجته كما لو أنه خبير ، هناك أمر مريب حوله ، سأرى في أمره عندما يتعافى سيهون .
وضع له المضاد في وريده و علق الكيس الذي يحويه على طرف السرير ، يبدو ذا خبرة ، تأكد من درجة حرارته و ضغط دمه من أجهزة موجودة في منزله ثم انتهى به الأمر يغطيه بغطاء ثخين و جلس على طرف السرير يتأمل وجهه .
تانيا : أتعرفه ؟!
نظر إلي و على شفتيه إبتسامة ثم نفى برأسه .
" اخبريني الآن ، ما قصتكم ؟! "
توترت ملامحي إذ أنني أعلم ما الذي سأقوله رغم ذلك أخاف أن يكشفني .
" نحن كوريون الأصل لكننا نعيش في الخارج و تزوجنا بالخارج ، هو وعدني أن يأتي بي إلى كوريا فور أن ينتهي من عمله ، بقينا هنا لفترة و أدركنا تصريح الزيارة و تجوزناه لذا نحن محجوزين في كوريا حتى نسدد لتصريح الدخول ، لكننا لا نملك المال الآن . "
أومئ بهدوء ثم وقف ليربت على كتفي و قال .
" حسناً ، لا تهملي نفسك و لا طفلك حتى ذلك الوقت ، سيارتكم الفارهة لقد أحضرتها و خبأتها جيداً لذا لا تقلقوا . "
كدت أن أختنق عندما آتى بسيرة السيارة ، يا إلهي ! السيارة ليست فارهة فقط أنها مرشوشة بالرصاص ، لقد اكتشف أمرنا .
أوقفته قبل أن يخرج بحرج و همست ارجوه .
تانيا : من فضلك لا تبلغ عنا الشرطة ، نحن فور أن يصح سيهون سأخذه من هنا و اذهب ، أعدك !
نفى برأسه و عاد مجدداً ليريح كفه على وجنة سيهون ثم قال .
" اوه سيهون و بارك تانيا أطفالي ، أنا لن أؤذيكم أبداً يا صِغار و لن أفرط بكم لحبل المشنقة . "
إلتجم لساني عن الحديث و نظرت إليه مدهوشة ، أنه يعرف الكثير عنا .
" بالمناسبة ، لو ما كنت اعرفكِ لصدقتُ قصتك حضرة المدعي العام . "
يا إلهي ! ما هذه الورطة ؟!
خرج الرجل و تركنا وحدنا مجدداً و أنا قضيت اليوم اعتني بسيهون و الأيام الثلاثة اللاحقة على أمل أن يستيقظ و لكنه لم يفعل .
اغير له جرحه كل يوم و اضع له محلول المغذي ثلاث مرات في اليوم ، غيرت ثيابه و اغير وضعيته كي لا يتعب جسده ، اهتم به كثيراً على حساب صحتي و طفلي حتى أنني ما عدت اشتهي اللوز و الكرز ، أريده هو فقط .
في عصر اليوم الرابع ، كنت بالخارج اعلق ثيابه بعد أن غسلتها على يدي و ثيابي ، لقد أتى لي الرجل بفستان و أخذت من عنده ثياب لسيهون .
في المنزل المقابل كانت هناك شجرة كرز كالذي أردته ، نظرت نحوها و تنهدت ، فقط لو ما طلبت منه أن نخرج لنشتريه لما حدث كل هذا ، نظرت بجانبي عندما شعرت بحركة لأجد الرجل يحمل سلة خضروات مليئة بالكرز و اللوز .
قدمها لي ثم قال بإبتسامة .
" رأيتكِ ترمقين شجرة الكرز البارحة فطلبت القليل من أصحاب المنزل و في الغابة تنمو أشجار اللوز لذا أردت أن احضر لك القليل علها تحسن مزاجك "
أخذت السلة من يده و ما استطعت السيطرة على دموعي عندما إنسابت تنخز روحي قبل أن تبلل وجهي .
" أنا أعتذر يا ابنتي إن كنت ضايقتك ! "
نفيت برأسي سريعاً ثم ابتسمت لأشكره .
تانيا : لا عليك ، كنت أشتهيها بالفعل .
تبسم مجدداً و ربت على شعري ثم عاد إلى الداخل .
لم يسألني الرجل شيء عن حياتنا قط ، هو لم يفعل منذ أن كشف كذبتي ، نحن فقط نريد لسيهون العافية و أنا لا أريد شيئاً آخر بصدق .
حتى لو استفاق و وبخني عمّا حدث ، حتى لو لامني لأنني السبب ، حتى لو هددني مجدداً و قال لي أنه سيقتلني فور أن ألد ، فليفعل ما يشاء ، أنا فقط أريد منه أن يستيقظ .
أصبحت الشمس مائلة للغروب و الرياح تهب علينا بلطف ، ها هي شمس اليوم الثالث تودع و هو لم يعد بعد ، مسحت دموعي فور ان تكونت مجدداً بجفوني ، حقاً مللت من البكاء ، الآن وقت أن أكون أقوى .
عدتُ إلى الداخل مجدداً و توجهت إلى السرير الذي ينام عليه منذ أيام عُجاف ، تحسست حرارته و فحصت ضغطه ، إنه بخير ، أتمنى أن يكون كذلك !
أمسكت بيده و حضنتها إلى صدري و لا أعلم كيف غفوت بعدها ، ربما التعب أدركني و جسدي يفرض علي حقه في أخذ قسط من الراحة لأعتني به .
.....................................................
أشعر بالخدر يلم جانبي و رأسي ثقيل ، يدي دافئة و فوقها أشعر بنبض هادئ يداعبها ، ما الذي حدث معي ؟!
فتحتُ عينيّ و رمشت بخفة حتى اعتاد على الرؤية و يزول التشويش ، هل أصبحت أعمى أم أن هذه الغرفة مظلمة ؟!
لكنني أستطيع ان أشعر بجسدي و يدي التي تُحتَضن ، إنني دافئ و لا أشعر بالألم او الجوع ، حركت جسدي قليلاً وقتها شعرت بالألم في كتفي ، ها أنا أتألم .
صدر عني صوت وجع خفيض فجأة أنارت الغرفة فكمشت جفوني للمفاجاة و وصلني صوت .
تانيا : سيهون أنت بخير ؟!
هذا صوت تانيا ! فتحت عينيّ و نظرت ناحية مصدر الصوت ، إنها هي بالفعل تجلس أرضاً و تحتضن يدي إلى قلبها ، يبدو أنها نامت هكذا .
سيهون : ما الذي حدث ؟!
صمتت عن أجابتي و نهضت تضمني و هي تبكي بولع ، تحمد الله كثيراً و تتلهف للأجابة عن سؤالها الذي لم أجبه و طرحت غيره الكثير مثل هل تشعر بالألم ؟ أتشعر أنك بخير ؟
رويداً رويداً أخذت الأحداث تتدفق إلى رأسي ، المداهمة ، إصابتي ، الكهف ، ثم الألم عندما اخرجوا الرصاصة و حرقوا كتفي ، أعي أنها لم تكن وحدها.
إذن هي انقذتني رغم كل الخلافات التي تتقد بيننا ، هي أنجبت سلامتي بصعوبة و بمخاض طويل رغم خِصامنا ، هي تجاوزت عن كل شيء و انقذتني .
اذكر انها قالت لي " يا عمري " ما زال لها نغم في اذني كما أول مرة ، لقد وعييت بينما أركض بها في الغابة أنني ما زلت أحبها و ها هي الآن أثبتت لي أنها تحبني .
سيهون : بخير !
قبلت جبهتي و وجنتي ثم شفتيّ و كأنها تفعل كل يوم ثم ضحكت بفرح و ضمتني مجدداً إلى صدرها ، أشعر بالدفئ و السكينة رغم أن قلبي أكثر صخباً من طبل رنّان .
صرخت تنادي رجلاً ما ليدخل بعد وهلة رجلاً كهلاً ، تبسم بوجهي ثم هنأني لسلامتي ، أدركت أنه ذات الرجل الذي كان مع تانيا ، شكرته لأنه ساعدني لكنه قاطعني بينما يربت على كتف تانيا .
" لا تشكرني أيها الشاب أنما أشكر زوجتك ، لقد ركضت في البرية لساعة حتى أستطاعت جلبي و نقلك من الكهف ، أنها تعتني بك منذ أيام ، حتى أنها خاطرت بحياتها و قتلت أفعى كي لا تمسك ، و بالطبع لم أنسى أنها هددتني بالقتل إن حدث لك شيء ، حمداً لله بسلامتك أنا أيضاً نجوت من تهديدها. "
مسحت دموعها و ضحكت له بهدوء ثم قالت .
تانيا : ما كنت اقصد ذلك يا عم ، لولاك لفقدت زوجي ، شكراً لك !
خرج بعد فينة و تركنا وحدنا ، كنا في حالة حرج ، لا أعلم لماذا ، لا هي تنظر نحوي و لا أنا أفعل ، و كأننا غرباء أو بالأحرى جُدد على الحب مجدداً .
سيهون : أنتِ لم تتأذي ؟
نفت برأسها ثم شرعت تتحسس بطنها .
تانيا : لا تقلق ، الطفل بخير !
نبست و قد علق بصري على وجهها .
سيهون : لقد قصدتكِ أنتِ !
نظرت نحوي بأعين متسعة ثم تنحنحت بحرج و حكت فروة رأسها باظافرها ، تفعل هذه عندما تشعر بالحرج الشديد و الخجل ، اشتقتت لحركاتها العفوية .
حاولت أن اقيم ظهري لأستند على السرير لكنها نهرتني سريعاً و نهضت تثبتني .
تانيا : لا تفعل ، كتفك مصاب ، ستضغط على الجرح .
رن في أذني صوت صراخي و لوهلة شعرت بألم النار على جسدي ، كان هذا مؤلماً جداً ، وقتها كتمت رغبتي بالموت على هذا الوجع غصباً .
في اليوم التالي نهضتُ على صوت طفيف لأجدها ترتب شيئاً ما .
سيهون : ماذا تفعلين ؟!
انتفضت بخفة ثم إلتفت لي و يدها إلى صدرها .
تانيا : أيقظتك ؟! أعتذر حاولت ألا اصدر صوت !
أومأت لها و انتظرت أن تجيب على سؤالي لذا نهضت و تقدمت نحوي تحسست حرارتي عندما وضعت راحتها على جبهتي .
تانيا : أقوم بترتيب حقيبة لنا ، بما أنك استيقظت علينا أن نرحل قبل أن يبلغ عنا الرجل ، هو يعلم عنا كل شيء و لا أعلم كيف ذلك .
سيهون : ربما من التلفاز و الجرائد ، على آية حال له فضل علينا ، ليس هناك عاقل سيحمي مطلوبين للعدالة في بيته .
أومأت لي بحرج ثم كادت أن تنهض لكنني تمسكت بيدها التي نزعتها عن جبهتي لأبقيها بجانبي .
سيهون : لم تكن المداهمة ذنبك ، لا تحملي على نفسكِ أمرها ، أنتِ انقذتِ حياتي .
ابتسمت و بكت ، أنا لا أفهم هذه المرأة أبداً ، مسحت دموعها ثم ربتت على يدي لتقول .
تانيا : أنا لست مذنبة بأمر المداهمة لكن لدي في حساباتك ذنوب متراكمة ، حتى المداهمة كنتُ السبب فيها لو أنني فقط ما أصررت عليك لنخرج لما حدث شيء .
لا أعرف لماذا حضنتها إلي عندما بكت بصوت عالي و لماذا واسيتها .
سيهون : لا عليكِ الآن ، سأشتري لكِ لوز و كرز فور أن أتعافى و أخرج ، حسناً ؟!
همست بنبرة باكية على صدري كما لو أنها طفلة أحاول مراضاتها .
تانيا : لا داعٍ لهذا ، الرجل احضر لي سلة مليئة و أكلتها كلها .
بمزاح استهجنت .
سيهون : و لم تبقي لي شيء ؟!
أومأت لي على صدري لأضحك بخفة ثم حضنتها أقوى بذراعي السليم و همست في أذنها .
سيهون : بالهناء و الشفاء لكِ و لأبني منكِ .
رفعت رأسها عن صدري و نظرت إلى وجهي ، عينيها متسعة و ملامحها مستنفرة كما لو أنها رأت شبحاً أي أنها لم تصدق ما قلته .
فاهها يناضد بقية ملامح وجهها بفغرهها لشفتيها ، لِمَ هذه الشفتين تجذبني لأقبلها الآن ؟! إن فعلت سأسامحها مجدداً و أثق بها ، أخاف أن تطعنني بظهري مجدداً !
................................................
سلااااااااااام
بارت مؤثر و حزين و رومنسي و كلو مع بعضو
رح تبلش تنكشف الأسرار و نعرف أسباب كل الي صار و رح نكتشف كل شي مخبى .
أنتو متحمسين ؟!
البارت القادم بعد 80 تعليق و فوت .
١. رأيكم بتانيا ؟! حمايتها لسيهون و مشاعرها ؟
٢. رأيكم بسيهون ؟! موقفه من تانيا ؟
٣. رأيكم بالعم ؟ و كيف يعلم كل هذه الأمور عن الثنائي ؟ و لماذا يحميهم ؟!
٤. هل حان وقت الربيع أخيراً أم أن هناك عاصفة قادمة ؟
٥. رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين ❤
Love❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
نحن متطابقين لدرجة إن تلامسنا إلتحمنا ، أنا و أنت كيان واحد لا نهزم .
فقد الوعي ! إنه لا يعي شيء ، أخشى أن أخسره و أبقى هكذا عاجزة عن إنقاذه ، أنا يجب علي أن أفعل شيئاً ما .
هذا الكهف مكشوف ، الشرطة قد تأتي و تقبض علينا داخله في أي حين ، أنا بدأت أسمع حسيسهم من الخارج و اضوائهم من بعيد حتى ، يا إلهي !
نهضتُ سريعاً و جررت جسد سيهون أحاول تخبأته في زاوية مظلمة لا يكشفها الكهف ، أنا حامل و لا أستطيع أن أسنده ، كما أن كتفه مصاب لا أستطيع سحبه ، ستتمزق عضلات كتفه .
تانيا : يا إلهي ماذا أفعل ؟!
لم يكن لدي حل سوى أن أمزق فستاني و ألف كتفه بقطعة القماش ، شددتها بقوة حتى يتوقف النزيف لكنه أنَّ متألماً حالما فعلت ، سحبته من قدميه إلى دهاليز ظلمة هذا الكهف ، أخشى أن يخرج لنا ثعبان أو حيوان بري ، وقتها سنوفر على الشرطة إعدامنا .
ضممته إلى صدري و ثبتُ قدميه مرفوعتين بقدميّ ، هودتُ عليه و أنا ارتجف بشدة خوفاً ، هاهي الأضواء تلج الكهف و صوت أقدامهم بالداخل أيضاً .
" سيدي لا نجد شيء "
و اختفت الأضواء و تراجعوا ، تنهدتُ بتكتم و كنتُ قد كتمتُ أنفاسي لشدة هلعي ، حمداً لله لم يمسكوا بنا .
رغم ذلك أنا لا أستطيع الخروج من الكهف الآن ، أخشى أنهم ما زالوا يطوقون المنطقة ، علينا أن نخرج من هنا قبل أن يمشطوا المنطقة بالكلاب البوليسية .
لا أعرف بعدها كيف غفوت و رأسي أسنده على رأس سيهون و بذراعيّ اضمه إلى صدري ، لا أعلم كيف نمت رغم الخطر المحدق حولنا ، علي أن أخرجه من هنا ، علينا أن ننجو .
استيقظتُ و كانت الشمس متسترة خلف شفق الفجر الأحمر ، أظنها الخامسة صباحاً الآن ، دثرته بمعطفي و معطفه لكنني أخشى عليه من الحيوانات ، ماذا علي أن افعل يجب أن أخرج دونه ، لا أستطيع أن أحمله .
خرجتُ سريعاً أحمل جسدي بوهن و أركض بعيداً عن الكهف ، هناك قرى نائية في مفترق هذه الغابة لذا أود لو يقدم لي أحد المساعدة ، ركضت و ركضت و ركضت ، منذ ساعة و أنا اركض بين هذه الأشجار الكثيفة .
الخوف يجعل الجسد سلطان و يمنح البدن قوة ما كان يملكها ، لو كنتُ في حالة طبيعية لما استطعتُ أن أركض هذه المسافة أبداً و أنا حامل أيضاً .
وصلت إلى قرية نائية ، كانت تعج بالحياة عكس الطريق الذي سلكته في الغاب ، الناس يرمقوني بإستهجان ربما بسبب حالتي التي يرثى لها .
ركضت على أحد المنازل أطلب النجدة فوجدت فيه رجلاً كهلاً لم يتوانى عن تقديم المساعدة عندما أخبرته أن زوجي عالق في الغاب و قد يموت في الداخل .
أخذني الرجل بسيارته المهترئة و القديمة إلى الغابة و دللته على الكهف ، سيارته تشبه سيارة سيهون التي كان يمتلكها وقتما كان يدعي الفقر .
وصلنا إلى الكهف ، كانت قد أشرقت الشمس و استفاق سكان الغاب و هذا جعلني ارتعد خوفاً على سيهون أرجو أنه لم يتأذى .
دخلت إلى الكهف و خلفي الرجل الكهل ، توجهت فوراً إلى النقطة التي تركت سيهون فيها ، ركضت كالمجنونة نحوه عندما وجدتُ أفعى تقترب منه .
صرخ الرجل علي ألا أقترب و لكنني دون أن أهتم لنفسي ضربتها في صخرة كبيرة همشت بها رأسها اللعين ، رغم أنني أخاف الأفاعي بشدة لكنني أمام سلامة سيهون نسيتُ أنني أخاف .
نقلنا سيهون إلى السيارة و وضعناه في الكرسي الخلفي ممداً على جنبه السليم ، كان يأنّ بألم ، وضعتُ رأسه بلطف على قدميّ و هدهدتُ عليه كي لا يجزع ، يا حبيبي ، ليت الألم بي و ليس بك !
في طريقنا إلى القرية مجدداً استيقظ في حالة هذيان ، العرق يتصبب من جبهته و ملامحه منكمشة في ألم ، كان يهذي بكلام غير مفهوم يظهر اسمي فيه .
سيهون : تانيا إنني أتألم !
تلك فقط التي فهمتها مما قاله جعلني أبكي جزعاً و خوفاً عليه ، أرجو أن يكون بخير ، ساعده يا الله ، أنقذه و أعده إلي سليماً معافى ، قبلتُ رأسه قُبل متفرقة و مسحت وجهه من العرق الذي يتصبب منه .
بعد فينة وصلنا إلى القرية و ساعدتُ الرجل بحمله ، طلبتُ منه أن يحتفظ بسرية الأمر و أنني سأخبره قصتنا فور أن نستطيع معالجة سيهون .
و المصيبة هنا ، كيف سيتحمل سيهون إخراج الرصاصة دون مخدر و كيّ جرحه ، أنا متأكدة أنه سيفقد الوعي لكنني لا أستطيع أن أتركه على هذه الحال حتى يُصفَّى دمه و يموت .
تانيا : ألا يوجد مركز صحي في الجوار يا عم ؟!
تنهد الرجل ثم أجابني بنبرة متشائمة .
" يوجد يا ابنتي لكن على بُعد ثلاث قُرى من هنا ، تحتاجين في السيارة ساعتين حتى تصلي إلى هناك و ساعتين حتى تعودي ، لا اعلم إن كان زوجكِ سيصمد حتى ذلك الحين . "
لقد صمد لليلة كاملة و لكنني لن أعتمد على الحظ حتى يصمد للمزيد من الوقت ، لستُ محظوظة عادة ، سأذهب لكن ربما لاحقاً ، حالما نستطيع السيطرة على جرحه .
تانيا : نحتاج أن نخرج الرصاصة من كتفه يا عم ، أرجوك أفعل له ذلك ، أنا لن أستطيع !
لن أستطيع لأنني أحبه ، سأحاول أن أمده بالعون و لكنني لا أستطيع إيلامه ، أومئ لي الرجل ثم نهض و تركني وحدي معه .
سيهون : أنتِ بخير يا تانيا ؟
نبس بها بصوت ضعيف جداً بينما ينظر إلي بنصف عين مفتوحة ، أومأت له سريعاً و سقطت دمعة مني على وجنته .
تانيا : أنا بخير يا عمري ، أنت فقط تحمل قليلاً و كن بخير !
ابتسمت شفتاه بوهن و علق بصعوبة .
سيهون : يا عمري ! تقولينها لي عندما تكونين في أوج حبكِ لي ، أنتِ ما زلتِ تحبينني !
أنا لم أكرهك يوماً ، كنتُ ادعي هذا ببساطة !
عاد الرجل بدلو صغير مليء بالماء المغلي ، وضعه أرضاً لأرى فيه مقص و بعض الأدوات الأخرى و كأنه يتوقع حضور مصاب إلى بيته ، ادهشني الأمر في البداية و لكن سرعان ما إلتفت إلى سيهون ، هو أهم الآن .
فككتُ قطعة القماش من على كتفه و كشفت عن جرحه ، أنه غائر و دامي ، سيكون مؤلماً و صعب أن نخرج الرصاصة و لن يتعافى سريعاً ، كل ما يحدث له بسببي ، أكره نفسي لأنني السبب في شقائه .
تناول الرجل من الدلو ملقط حديدي تماماً كالذي في المستشفيات ، هبطت دموعي سريعاً و أنا أنظر نحو هذا الملقط ، حضنت رأس سيهون إلى صدري و وضعتُ قطعة من القماش النظيف في فمه .
سيهون : عندما تشعر بالألم عض القماش ، أرجوك كون قوياً !
لامس الملقط الجرح ليأن سيهون بألم و أسنانه عضت على القماش بقوة ، أغلق عينيه بقوة و صرخ بصوت مكتوم عندما نبش الملقط جرحه ، أخذت أبكي بقوة عندما انتفض لشدة ألمه و أنا أحاول تثبيته .
تانيا : لا تتحرك ارجوك يا سيهون !
توقف عن الحركة لكنه رفع رأسه و ضربه بقوة بقدمي ، ضل يضربه بقوة حتى رفع ذراعه المصاب يبغى ضربه بالأرض لكنني تمسكت به بكل ما أستطيع ، فخذيّ يؤلمني جداً لكثرة ما ضرب رأسه بهما ، أشعر بالخدر .
لا بأس ، المهم أن يكون بخير ، لولا قدميّ لأدمى رأسه لكثرة ما ضربه ، أخرج الرصاصة من كتفه أخيراً و وضعها جانباً ثم خرج ، كان أنين سيهون في غاية الصخب ، إنه يبكي كطفل صغير و يشهق ، لأول مرة في حياتي أراه بهذه الحالة البائسة .
صدره يرتفع و ينخفض بقوة ، يتصبب عرقاً و يبكي و يأنّ ، حالته تجعلني أتمنى الموت على أن أراه هكذا ، عاد الرجل مرة أخرى و بيده مقبض حديد قد أحمر لشدة سخونته ، لا أستطيع أن ارى هذا و لا أستطيع جعله أن يضعه عليه .
تانيا : لا تضعه عليه ، سيموت سأذهب إلى المركز و آتي له بمضاد ، أرجوك لا تكويه !
" إن تركتُ الجرح مفتوح هكذا حتى تعودي قد يموت لأنه ليس ببيئة صحية ، هذه ستؤلمه جداً و لكنها لن تقتله . "
قبل أن اوافق أو أرفض وضع الحديد المتجمر على كتفه ليصرخ سيهون كالمجنون و قد خبأ وجهه في قدمي ، لحظات و فقد وعيه .
تانيا : قلت لك لا تضعه ، سأقتلك لو مات زوجي !
صرخت بها بجنون في وجه الرجل و قد أمسكته من عنقه ، كدتُ أقتله دون وعي حتى استطاع أفلات نفسه مني بصعوبة ، سعل بقوة و حالما استطاع جمع أنفاسه ابتسم بوهن و همس .
" لأي درجة تحبينه ؟! تقتلين لأجله ! "
تانيا : أفعل أي شيء لأجله !
قبضتُ حاجبيّ و رددتُ بهذه ، وقف بعدها ثم قال .
" حسناً إذن أخيطي له جرحه بينما هو فاقد لوعيه حتى لا يشعر بالألم و أنا سأذهب لأحضر له ادوية و ما يحتاجه ليشتد عوده من جديد ."
و خرج و تركني وحدي أتألم لألم روحي و عمري بين يديّ ، أمسكت بذلك الخيط و الأبرة التي في دلو الماء المغلي ، قاومتُ سخونتها الشديدة و خيطتُ له جرحه بحذر شديد ، فلأحترق أنا ايضاً رغم أن ألمي أمام ألمه لا يذكر .
انتهيت من ذلك لذا رفعتُ عليه الغطاء و دثرته به جيداً حتى يعود الرجل و أضع فوق جرحه ضمادة ، للأسف هذا الجرح سيترك أثراً كما تركت الرصاصتين التي ضربته بهما .
قبلتُ رأسه و شرعت بتصفيف شعره ، ابتسمت رغم أن عيني لا تبخل بصب مزيداً من الدموع رثاءً على حاله ، ابتسمتُ بوهن و بدأت اغني له تلك الأغنية التي يحبها ، رغم أن صوتي بشع لطالما أحب أن يسمعني أغنيها له .
سيهون : غني لي تلك الأغنية الجميلة التي تدندنين ألحانها عادة !
ضحكتُ وقتها ، لم يكُ يظهر جانبه الصبياني هذا عادة ، دوماً ما كان الرجل القاسي رئيس العصابات .
تانيا : لكن صوتي بشع !
تبسم وقتها بحب لي ثم استنكر بهمس دغدغ به قلبي .
سيهون : من قال لكِ ذلك ، إن صوتكِ عذب كما العندليب إن غنى !
كانت هذه أكبر كذبة قالها في حياته و سمعتها في حياتي .
كان يضع رأسه على قدمي كما هو الآن ، لكن شتان بين حالته الآن و حالته في ذاك الوقت ، أذكر أنني أخذت أسرح شعره كما أفعل الآن و بدأت أنشد .
حبيبي انظر إلي ، هل ما زلت تحبني ؟!
حبي انظر إلى عيني و اخبرني
القلب المُحِب لا يمكن إخفائه
انظر هنا في نفس المكان في نفس الزمان نحن مع بعضنا
تستطيع دوماً أن تأتي لي ، تعود إلى مكانك
سيهون : لحظة ! لقد سمعتها من قبل ، رجال يغنونها و يخاطبون إمرأة ، لقد شوهتِ الأغنية .
ابتسمت وقتها بحب له ثم همست .
تانيا : بل زدتها جمالاً عندما خاطبتك بها !
وقتها تمعن في النظر إلى وجهي ثم قبلني بحب .
مسحت دموعي حالما فرغتُ من الغناء له ، يومها كان مبتهجاً كطفل حظي بقنطار سعادة ، اليوم وجهه يخلو من الحياة ، عد إلى الحياة مجدداً ، عد إلى بهجتك مجدداً و أعدك أننا سنبقى في طور الحب إلى الأبد ، أعدك أنني سأسعدك !
عاد الرجل بعد أن غاب ثلاث ساعات طِوال قضاها سيهون نائم و قضيتها أهدهد عليه و أحتضنه بحب بخلتُ عليه فيه سابقاً .
عاد الرجل يحمل حقيبة ثم أفرغ محتواها على صينية وضعها على السرير .
" أتيتُ له بمغذي ، معقم ، ضمادات ، مسكنات ، لواصق طبية ، مضادات حيوية ، و شاش ، أيضاً الأدوية اللازمة ، إن أهتممنا به سيتعافى بأسبوع فقط ، الآن سأضع له المضاد الحيوي في وريده . "
غريب أمر هذا الرجل ، أنه يستطيع معالجته كما لو أنه خبير ، هناك أمر مريب حوله ، سأرى في أمره عندما يتعافى سيهون .
وضع له المضاد في وريده و علق الكيس الذي يحويه على طرف السرير ، يبدو ذا خبرة ، تأكد من درجة حرارته و ضغط دمه من أجهزة موجودة في منزله ثم انتهى به الأمر يغطيه بغطاء ثخين و جلس على طرف السرير يتأمل وجهه .
تانيا : أتعرفه ؟!
نظر إلي و على شفتيه إبتسامة ثم نفى برأسه .
" اخبريني الآن ، ما قصتكم ؟! "
توترت ملامحي إذ أنني أعلم ما الذي سأقوله رغم ذلك أخاف أن يكشفني .
" نحن كوريون الأصل لكننا نعيش في الخارج و تزوجنا بالخارج ، هو وعدني أن يأتي بي إلى كوريا فور أن ينتهي من عمله ، بقينا هنا لفترة و أدركنا تصريح الزيارة و تجوزناه لذا نحن محجوزين في كوريا حتى نسدد لتصريح الدخول ، لكننا لا نملك المال الآن . "
أومئ بهدوء ثم وقف ليربت على كتفي و قال .
" حسناً ، لا تهملي نفسك و لا طفلك حتى ذلك الوقت ، سيارتكم الفارهة لقد أحضرتها و خبأتها جيداً لذا لا تقلقوا . "
كدت أن أختنق عندما آتى بسيرة السيارة ، يا إلهي ! السيارة ليست فارهة فقط أنها مرشوشة بالرصاص ، لقد اكتشف أمرنا .
أوقفته قبل أن يخرج بحرج و همست ارجوه .
تانيا : من فضلك لا تبلغ عنا الشرطة ، نحن فور أن يصح سيهون سأخذه من هنا و اذهب ، أعدك !
نفى برأسه و عاد مجدداً ليريح كفه على وجنة سيهون ثم قال .
" اوه سيهون و بارك تانيا أطفالي ، أنا لن أؤذيكم أبداً يا صِغار و لن أفرط بكم لحبل المشنقة . "
إلتجم لساني عن الحديث و نظرت إليه مدهوشة ، أنه يعرف الكثير عنا .
" بالمناسبة ، لو ما كنت اعرفكِ لصدقتُ قصتك حضرة المدعي العام . "
يا إلهي ! ما هذه الورطة ؟!
خرج الرجل و تركنا وحدنا مجدداً و أنا قضيت اليوم اعتني بسيهون و الأيام الثلاثة اللاحقة على أمل أن يستيقظ و لكنه لم يفعل .
اغير له جرحه كل يوم و اضع له محلول المغذي ثلاث مرات في اليوم ، غيرت ثيابه و اغير وضعيته كي لا يتعب جسده ، اهتم به كثيراً على حساب صحتي و طفلي حتى أنني ما عدت اشتهي اللوز و الكرز ، أريده هو فقط .
في عصر اليوم الرابع ، كنت بالخارج اعلق ثيابه بعد أن غسلتها على يدي و ثيابي ، لقد أتى لي الرجل بفستان و أخذت من عنده ثياب لسيهون .
في المنزل المقابل كانت هناك شجرة كرز كالذي أردته ، نظرت نحوها و تنهدت ، فقط لو ما طلبت منه أن نخرج لنشتريه لما حدث كل هذا ، نظرت بجانبي عندما شعرت بحركة لأجد الرجل يحمل سلة خضروات مليئة بالكرز و اللوز .
قدمها لي ثم قال بإبتسامة .
" رأيتكِ ترمقين شجرة الكرز البارحة فطلبت القليل من أصحاب المنزل و في الغابة تنمو أشجار اللوز لذا أردت أن احضر لك القليل علها تحسن مزاجك "
أخذت السلة من يده و ما استطعت السيطرة على دموعي عندما إنسابت تنخز روحي قبل أن تبلل وجهي .
" أنا أعتذر يا ابنتي إن كنت ضايقتك ! "
نفيت برأسي سريعاً ثم ابتسمت لأشكره .
تانيا : لا عليك ، كنت أشتهيها بالفعل .
تبسم مجدداً و ربت على شعري ثم عاد إلى الداخل .
لم يسألني الرجل شيء عن حياتنا قط ، هو لم يفعل منذ أن كشف كذبتي ، نحن فقط نريد لسيهون العافية و أنا لا أريد شيئاً آخر بصدق .
حتى لو استفاق و وبخني عمّا حدث ، حتى لو لامني لأنني السبب ، حتى لو هددني مجدداً و قال لي أنه سيقتلني فور أن ألد ، فليفعل ما يشاء ، أنا فقط أريد منه أن يستيقظ .
أصبحت الشمس مائلة للغروب و الرياح تهب علينا بلطف ، ها هي شمس اليوم الثالث تودع و هو لم يعد بعد ، مسحت دموعي فور ان تكونت مجدداً بجفوني ، حقاً مللت من البكاء ، الآن وقت أن أكون أقوى .
عدتُ إلى الداخل مجدداً و توجهت إلى السرير الذي ينام عليه منذ أيام عُجاف ، تحسست حرارته و فحصت ضغطه ، إنه بخير ، أتمنى أن يكون كذلك !
أمسكت بيده و حضنتها إلى صدري و لا أعلم كيف غفوت بعدها ، ربما التعب أدركني و جسدي يفرض علي حقه في أخذ قسط من الراحة لأعتني به .
.....................................................
أشعر بالخدر يلم جانبي و رأسي ثقيل ، يدي دافئة و فوقها أشعر بنبض هادئ يداعبها ، ما الذي حدث معي ؟!
فتحتُ عينيّ و رمشت بخفة حتى اعتاد على الرؤية و يزول التشويش ، هل أصبحت أعمى أم أن هذه الغرفة مظلمة ؟!
لكنني أستطيع ان أشعر بجسدي و يدي التي تُحتَضن ، إنني دافئ و لا أشعر بالألم او الجوع ، حركت جسدي قليلاً وقتها شعرت بالألم في كتفي ، ها أنا أتألم .
صدر عني صوت وجع خفيض فجأة أنارت الغرفة فكمشت جفوني للمفاجاة و وصلني صوت .
تانيا : سيهون أنت بخير ؟!
هذا صوت تانيا ! فتحت عينيّ و نظرت ناحية مصدر الصوت ، إنها هي بالفعل تجلس أرضاً و تحتضن يدي إلى قلبها ، يبدو أنها نامت هكذا .
سيهون : ما الذي حدث ؟!
صمتت عن أجابتي و نهضت تضمني و هي تبكي بولع ، تحمد الله كثيراً و تتلهف للأجابة عن سؤالها الذي لم أجبه و طرحت غيره الكثير مثل هل تشعر بالألم ؟ أتشعر أنك بخير ؟
رويداً رويداً أخذت الأحداث تتدفق إلى رأسي ، المداهمة ، إصابتي ، الكهف ، ثم الألم عندما اخرجوا الرصاصة و حرقوا كتفي ، أعي أنها لم تكن وحدها.
إذن هي انقذتني رغم كل الخلافات التي تتقد بيننا ، هي أنجبت سلامتي بصعوبة و بمخاض طويل رغم خِصامنا ، هي تجاوزت عن كل شيء و انقذتني .
اذكر انها قالت لي " يا عمري " ما زال لها نغم في اذني كما أول مرة ، لقد وعييت بينما أركض بها في الغابة أنني ما زلت أحبها و ها هي الآن أثبتت لي أنها تحبني .
سيهون : بخير !
قبلت جبهتي و وجنتي ثم شفتيّ و كأنها تفعل كل يوم ثم ضحكت بفرح و ضمتني مجدداً إلى صدرها ، أشعر بالدفئ و السكينة رغم أن قلبي أكثر صخباً من طبل رنّان .
صرخت تنادي رجلاً ما ليدخل بعد وهلة رجلاً كهلاً ، تبسم بوجهي ثم هنأني لسلامتي ، أدركت أنه ذات الرجل الذي كان مع تانيا ، شكرته لأنه ساعدني لكنه قاطعني بينما يربت على كتف تانيا .
" لا تشكرني أيها الشاب أنما أشكر زوجتك ، لقد ركضت في البرية لساعة حتى أستطاعت جلبي و نقلك من الكهف ، أنها تعتني بك منذ أيام ، حتى أنها خاطرت بحياتها و قتلت أفعى كي لا تمسك ، و بالطبع لم أنسى أنها هددتني بالقتل إن حدث لك شيء ، حمداً لله بسلامتك أنا أيضاً نجوت من تهديدها. "
مسحت دموعها و ضحكت له بهدوء ثم قالت .
تانيا : ما كنت اقصد ذلك يا عم ، لولاك لفقدت زوجي ، شكراً لك !
خرج بعد فينة و تركنا وحدنا ، كنا في حالة حرج ، لا أعلم لماذا ، لا هي تنظر نحوي و لا أنا أفعل ، و كأننا غرباء أو بالأحرى جُدد على الحب مجدداً .
سيهون : أنتِ لم تتأذي ؟
نفت برأسها ثم شرعت تتحسس بطنها .
تانيا : لا تقلق ، الطفل بخير !
نبست و قد علق بصري على وجهها .
سيهون : لقد قصدتكِ أنتِ !
نظرت نحوي بأعين متسعة ثم تنحنحت بحرج و حكت فروة رأسها باظافرها ، تفعل هذه عندما تشعر بالحرج الشديد و الخجل ، اشتقتت لحركاتها العفوية .
حاولت أن اقيم ظهري لأستند على السرير لكنها نهرتني سريعاً و نهضت تثبتني .
تانيا : لا تفعل ، كتفك مصاب ، ستضغط على الجرح .
رن في أذني صوت صراخي و لوهلة شعرت بألم النار على جسدي ، كان هذا مؤلماً جداً ، وقتها كتمت رغبتي بالموت على هذا الوجع غصباً .
في اليوم التالي نهضتُ على صوت طفيف لأجدها ترتب شيئاً ما .
سيهون : ماذا تفعلين ؟!
انتفضت بخفة ثم إلتفت لي و يدها إلى صدرها .
تانيا : أيقظتك ؟! أعتذر حاولت ألا اصدر صوت !
أومأت لها و انتظرت أن تجيب على سؤالي لذا نهضت و تقدمت نحوي تحسست حرارتي عندما وضعت راحتها على جبهتي .
تانيا : أقوم بترتيب حقيبة لنا ، بما أنك استيقظت علينا أن نرحل قبل أن يبلغ عنا الرجل ، هو يعلم عنا كل شيء و لا أعلم كيف ذلك .
سيهون : ربما من التلفاز و الجرائد ، على آية حال له فضل علينا ، ليس هناك عاقل سيحمي مطلوبين للعدالة في بيته .
أومأت لي بحرج ثم كادت أن تنهض لكنني تمسكت بيدها التي نزعتها عن جبهتي لأبقيها بجانبي .
سيهون : لم تكن المداهمة ذنبك ، لا تحملي على نفسكِ أمرها ، أنتِ انقذتِ حياتي .
ابتسمت و بكت ، أنا لا أفهم هذه المرأة أبداً ، مسحت دموعها ثم ربتت على يدي لتقول .
تانيا : أنا لست مذنبة بأمر المداهمة لكن لدي في حساباتك ذنوب متراكمة ، حتى المداهمة كنتُ السبب فيها لو أنني فقط ما أصررت عليك لنخرج لما حدث شيء .
لا أعرف لماذا حضنتها إلي عندما بكت بصوت عالي و لماذا واسيتها .
سيهون : لا عليكِ الآن ، سأشتري لكِ لوز و كرز فور أن أتعافى و أخرج ، حسناً ؟!
همست بنبرة باكية على صدري كما لو أنها طفلة أحاول مراضاتها .
تانيا : لا داعٍ لهذا ، الرجل احضر لي سلة مليئة و أكلتها كلها .
بمزاح استهجنت .
سيهون : و لم تبقي لي شيء ؟!
أومأت لي على صدري لأضحك بخفة ثم حضنتها أقوى بذراعي السليم و همست في أذنها .
سيهون : بالهناء و الشفاء لكِ و لأبني منكِ .
رفعت رأسها عن صدري و نظرت إلى وجهي ، عينيها متسعة و ملامحها مستنفرة كما لو أنها رأت شبحاً أي أنها لم تصدق ما قلته .
فاهها يناضد بقية ملامح وجهها بفغرهها لشفتيها ، لِمَ هذه الشفتين تجذبني لأقبلها الآن ؟! إن فعلت سأسامحها مجدداً و أثق بها ، أخاف أن تطعنني بظهري مجدداً !
................................................
سلااااااااااام
بارت مؤثر و حزين و رومنسي و كلو مع بعضو
رح تبلش تنكشف الأسرار و نعرف أسباب كل الي صار و رح نكتشف كل شي مخبى .
أنتو متحمسين ؟!
البارت القادم بعد 80 تعليق و فوت .
١. رأيكم بتانيا ؟! حمايتها لسيهون و مشاعرها ؟
٢. رأيكم بسيهون ؟! موقفه من تانيا ؟
٣. رأيكم بالعم ؟ و كيف يعلم كل هذه الأمور عن الثنائي ؟ و لماذا يحميهم ؟!
٤. هل حان وقت الربيع أخيراً أم أن هناك عاصفة قادمة ؟
٥. رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين ❤
Love❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Коментарі