Chapter Nineteen.
- ما الذي تفعلينَـه؟
تفاجئَت أنَّـه إستيقَظ لِتحاوِل مسح دموعِـها وهي تُخفي التحاليل خلفَ ظهرِها ولِحسن الحظ كانَ لايزال على السرير
= لـ..لا أفـ..ـعل شيئًا!
أسقطَت الأوراق عمدًا وذهبَت بِاتجاهه ، جلسَت على السرير وهي تُـكافِح ألَّا تبكي الآن
= ألَن تُخبرني أينَ كنت؟
آلمَها قلبـها وهي تتذكَر آخر ما قرأتَـه وتتصنَّـع الجَهل ، رأَت نظرات التوتر في عينيه . قالَ بعد فترة من التفكير
- كنتُ .. مع صديق .
يلمِس أنفَـه وبعدَها يمسَح أعينَـه بِرقة ، أليسَت تِلكَ تصرفات شخصٍ كاذِب؟
= وكيفَ لي أن أعرف أنَّـه صديق وليسَت فتاة؟
- إن كانَت فتاة ، لِمَ سَأعود؟
إبتسمَ بِـشيطانيـة وهو يُطيل النظر في عينيها ، كانَت تِلك النظرة نفسَـها بِذلكَ الحزن والعُـمق حينَ فعلَ منذُ ستة أعوام ، حينَ كانَ كل شيءٍ بِخير لكنَّـه رحل!
= أنتَ تكذِب كثيرًا!
إرتعشَـت إبتسامتـه وحاولَ التحدُّث بِصوتٍ غير مُـثيرٍ لِـلشكوك
- لِـ.. لِمَ تقولينَ هذا ؟ أنا لستُ أكذِب .
إتجهَت أصابِع يده إلى أنفِـه مُجددًا لولا إمساكِـها لِيده بِقوة
= أنتَ .. حقًا متى كنتَ تنوي إخباري؟
- إخبارِكِ بِماذا؟ أنا لا أفـ..
= بِمرضكَ.
أحكمَت الغلق على يدِه ، كانَت تتألَم وهي تتذكَر ذلكَ الكلام وتِلكَ الحروف المُؤلِـمة . نظرَ إلى حيثُ وضعَ التحاليل أمس فَوجدَها على الأرض ، تنهدَ بِيأس بينمَا يبتسِم
- كنتُ سَأفعل! الأمر فقط .. لم أجِد وقتًا!
حتى في تِلكَ اللحظة التي إنتظرَت ردَه كانَت تتمنى لو أنَّـه يُـنكر ، لو أن أبجديتَـها لم تُسعِـفها وقرأت الاسم بِشكلٍ خاطِئ ، أو أن كل ذلكَ حلمٌ سَخيف لا ينتهي ، أو أي شيءٍ آخر عدا ذلك ، عدا حقيقة مرضِـه!
= لـ..لكن كيف؟ لِماذا؟
ضحكَ بِروعة حتى وسط تِلكَ الأحداث قائِلًا بينمَا يقترِب أكثَر منها واضِـعًا يده على وجنتِـها
- هل كنتُ أشرَب عصير فراولة؟ إنَّـها سجائِر إيڤ!
نظرَت إليه بِغضبٍ وهي تراه يهرَب مُجددًا ، يهرَب فقط من مواجَهة ذلك ، من التحدُّث كَـشخص على وشكِ الموت!
- أنظُر حولي بِقلق -
= هل لاتزال غير مُـدرِكًـا بِخطورة الأمر؟ هل جُننت؟
- إهدأي إيڤ ، أرجوكِ!
= أ..أهدأ؟ أنا لا أُصدقـكَ حقًا!!!!!
ربتَ على يدِها بِخفة كي تهدأ قليلًا
- إهدأي و سَنتحدَث بِالأمر ..
سكتَت لِشعورِها بِضربات قلبِها تزداد
- تنفسي بِعمق!
بدأت ملامِـحها تلين دليلًا على بُكائِـها ، مسحَ الدموع التي نزلَت بِـإبتسامة وهمسَ بِصوتٍ مُنخفِض
- تنفسي .. بِعمق!
أخذَت نفسًا عميقًا زفرَته تزامنًـا مع هبوط دموعِـها مرة أخرى ، إحتضنَـها بِقوة بينمَا يُـمرر يدَه على شعرِها ، عانقَـته بِقوة تضَع رأسَـها على كتفِه وتجلِس على قدميه ولاتزال تبكي
- إهدأي إيڤ! لا بأسَ بِالأمر .
إبتعدَت عنه فَأخذَ يُبعِـد الخصلات المُبتلة بِدموعِها وهو يُطالِـعها بنفس الإبتسامة
= توقَف عن جعل الأمر يبدو وكأنَّـه عاديًا!!
- لَكنه كذلك!
= أريد صفعَك حقًا الآن!!!!!!
- أنتِ عنيفة حقًا تِجاه شخص مَريض!
عادَت تبكي مرة أخرى بينمَا تُعانِقه ، أصبحَت تُصدر أصواتًا عالية فَجعلت الأمر صعبًا عليه في تهدِئتِـها ، هو أيضًا يتألَم ، هو أيضًا يعرِف أن أمر نجاتِـه من ذلك المَرض شِبه مُستحيل لكنَّـه لم ييأس بَل يتعلَق بِأي مُعجزة يُمكِن أن تحدُث ، على الرغم مِن أنَّـها لا تحدُث سوى في الأفلام لَكِنـه لا يمتلِك غيرَها .. مُعجزة تجعلَه يبقى معها! ومع فوكس .
- إيڤ ، إيڤ ، إنظري إليَّ!
وضعَ وجهَـها بينَ يديه وهو يقصِد أن ينظُر في عينيها كي يجعلَـها توقِف بُكائـها قليلًا
- هذا يحدُث! أعني .. كل يوم تقريبًا يُـصاب شخص ما بهذا المرض ، كما أنَّـني في مرحلة مُـبكِرة لِذا لا داعي للقلق!
كانَت مُتردِدة في تصديقِـه ، أطالَت النظر له كي تعرِف ما إن كانَ يكذِب أم لا لكنَّـه قاطعَـها بِقبلة سريعة على شفتيها
- ما الساعة الآن ؟
سألَها بينمَا يُمرر إبهامَـه على وجنتِها كي تنسى قليلًا ، وهو مُتأكد أنَّـها لن تفعَل!
= لا أعرِف ، هاتفي وراءَك .
إلتقطَه بِخفة وهي لاتزال جالِسة على قدميه ، أضاءَ الشاشة لِـيبتسِم بِتلقائية ما إن رأى صورة تجمعَـها بِفوكس ، لم يُعلِق عليها وأردفَ
- الساعة التاسِعة! هيا لِننام قليلًا .
إستعدَت للنهوض لكنَّـه ثبتَـها على قدميه قائِلًا
- ننام! ألا تعرفينَ ما فائِدة نون الجَمع؟
أمسكَ بِخصرِها بينمَا يعود للخلف بِحيث يستلقي على السرير و وضعَها بِجانِبـه ، قربَّـها منه حتى إلتصقَ ظهرُها بِصدره . بعدَ دقائِق سمعَ صوت بُـكائِها فقالَ لها بينمَا يلمِس يدَها
- أتُريدينَ معرفة شيءٍ ؟
لم ينتظِر إجابتَها وقالَ
- ذلكَ اليوم ، عِندما أنشئتِ ذلك الحساب المُزيف ، أردتُ بِشدة أن أُحادِثكِ!
= لِمَ لم تفعَل ؟
أخرجَت حروفَـها خالية من البُكاء
- لا أعرِف ..
ثم ضحكَ ساخِرًا
- رُبَّـما لم أُرِد إفساد خطتكِ الفاشِلة؟
ضحكَت رغمًـا عنها ثم قالَت
= هذا اليوم ، أرسلتُ إلى فوكس أطلُب منه المَجئ من نفس الحِساب ..
ضَحكَت ثانيًة حينَ تذكرَت ذلك اليوم بينمَا إستمعَ لها بِحب
= كانَ فوكس غاضِبًا جِدًا مني ليسَ فقط لِأنني أنشئتَه لِأتتبَعـ..
أدركَت ما كانَت مُقدِمة على قولِه فَأدركَ ذلك ، شدَّ على يدِها هامِسًا بينمَا يُعانقـها
- أكملي!
= كـ..كان غاضِبًا لِفشلي في ذلك .
أنهَت الجملة سريعًا وزفرَت بِراحة حينَ لم يُعلِق إلا أنَّـه دقائِق وقال
- فوكس صديق جيد جدًا ، أليسَ كذلك ؟ أنتـما قريبان جِدًا من بعضِـكما .
همهمَت بينمَا تُردِف
= لم نكُـن قريبـين حتى ذلك اليوم .. حينَ قابلـتَه.
- أخبرتَه ألَّا يُخبركِ!
= لم يفعَل ، عامِل المقهى هو مَن أخبرَني .
همهمَ وظلَّ يُربِت على يدِها حتى سمعَ صوتَ بُكائِـها مرة أخرى ، سَيتغاضى عن الأمر علَّـها هي الأخرى تفعَل .
- إيڤ .
= نـ..نعـ..ـم ؟
- عِندما أخبرتكِ أنَّـني سعيد لِأن فوكس كانَ بِجانبكِ ، كنتُ أعنيها!!
= ما فائِدة إخباري بِذلكَ ؟
أدارَها كي تُقابِل وجهَه ومسحَ دموعَـها قائِلًا
- كي تتوقفي عن ذلك! توقفي عن البُكاء .
لم تستطِع التوقف وإنفجرَت باكيًة مرة أخرى وحاوطَته بِذراعيها مُخبِـئة وجهَـها في صدرِه فَعانقَها مُربتًـا على ظهرِها يُتمتِم بِعباراتٍ لن تُهدئَها و لكنَّـه يُحاوِل .
- والِدكِ سَيستيقِظ بِتلكَ الطريقة !
همسَ بِأذنيـها فَابتعدَت عنه ، صنعَ ملامِـحًا حزينة مـردِفًا
- ألَـن تُعانقيني بِهذه الطريقة سوى عِندما تبكين؟ هيا عودي لِلبكاء هيا!
ضحكَت بِصوتٍ عالٍ ثم خفضتَه تدريجيًا ، قالَ لها بينمَا يُبعِد خصلات شعرِها
- أنتِ قبيحة جدًا عِندما تبكين!
وضعَت يدَها على وجنتِه ، أغمضَ عينيه ما إن لمسَته مُبتسِمـًا
= أنتَ أيضًا!
ضحكَ بينمَا يبتسِم لها وقالَ بِنبرة جادة يتحدَث بها قليلًا
- إيڤ ، أنا سَأكون بِخير حقًا! سَأتعافى! لِذا لا تبكي!!
أومأَت له
- عانِقيني هيا!
فعلَت مُجددًا وبِشكلٍ أقوى
= ماذا سَنفعَل مع والِدي ؟
- كنتُ أفكر في نفس الشيء!
تنهدَ قليلًا ثُمَّ بدا وكأنَّـه وجدَ فكرة
- ماذا لو .. أخلَع قميصي؟ أعني إذا دخلَ على الأقل يعتقِد أنَّـنا فعلنا شيئًا نحنُ لسنا في الكنيسة!
زادَت ضربات قلبِها وحاولَت الإبتعاد عنه خجِلة لكنِّـه لم يسمَح لها
- هل .. بِالصدفة .. تُريدينَ فِعل ..
غمزَ لها هامِـسًا أمامَ شفتيها
- شيئًـا ؟
إبتلَعَت ريقَها وأغلقَت عينيها بِقوة وهي تسحَب يدَها من عِناقِـه واضِعة إياها على شفتيها كي لا يفعَل شيئًا
- لِمَ تضَعينَ يدكِ هكذا ؟ أنا لن أُقبلكِ!
فتحَت أعينَـها تنظُر إليه تُحاول إستنتاج الصدق في كلماتِه ، وجدَته أخيرًا ، نزعَت يدَها بِبطيءٍ عن شفتيها تتنفَس بِراحة كونـه لن يفعَل .
- لا تثقي في الرجال ، حلوتي!
قيدَ يدَها ساحِـبًا شفتيها في قبلة أخذَت أنفاسَـها ، دقات قلبِها ، خوفِها ، توترِها ، قلقِـها ، إيش هذا والله نفس الشي!
حاولَت إبعادَه حينَ وجدَت نفسَها غير قادِرة على التنفس ، إبتعدَ ناظِرًا إليها بِثمالة .. هو .. لن يفعَل مِثل الأمس ، صحيح ؟
- الآن حانَ وقت الإطمئنان على طعامي !
أبعدَته حينَ أدركَت مبتغاه ناظِرة إليه بِلومٍ ، عاتبَها
- هل أنتِ راهِبة؟ حقًا أخبريني!! أُريد فقط الإطمئنان!
= أعطِني المفتاح كي أخرُج قبـ..
- إيڤ!! هل أنتِ نائِمة؟
اللعنة!!!!! إنَّـه والِدها!!!!!!
قاطِـع الملذات!!!!
•••
- هل تنوينَ القضاء عليَّ؟ لا ، بِالطبع لن يبقى في منزلي!!
صرخَ بها فوكس من مطبخِـه إلى إيڤ
= فوكس ، أوشكَ أبي على كشفي اليوم أرجوكَ!
نظرَ لها وكانَ سَيتحدَث لكِـن صوت إيريك خرجَ من غرفة فوكس
- فوكس ، ألا يُوجَد لديكَ قميص غير ذلك؟
أغمضَ عينيه بِإرهاق وهو يُطالِع إيڤ ، قالَ
= حسنًا ، لكِن لِفترة قصيرة حسنـ...
قاطَعَ حديثهما صوت طرقٍ على بابِه ، سألَته إيڤ
- هل تنتظِر أحدًا؟
= لا .. أم أنَّـه والِدكِ؟ أو والِدي؟
- ماذا سَنفعَل؟
= دَعينا نلعَن اليوم الذي دفعتكِ فيه في المَدرسة!
نظرَت إليه بِإحتقارٍ ، ضربَته بِخفة على كتفِه
- سَأدخل غرفتكَ ، أيًـا يكُن لن يعرِف بِوجودِنا ، حسنًا؟
أومأَ لها ذاهِبـًا لِفتح الباب .
فتاة عشرينية لاحظَـها عدة مرات في الجامِعة تقِف أمامَـه وتعتلي وجنتاها حُمرة لطيفة ، حاولَ جاهِدًا تذكُّـر اسمها لكِن ذاكِرته لا تساعِد . نظرَ إلى ملابِسه المُهمَـلة وشعرِه الذي لم تلبَث إيڤ أن جذبَته منه ، قالَ
- أ..أهلًا!؟
كانَ سؤالًا أكثَر من كونِه ترحيبًـا بها ، لاحظَ توترَها فَـحكَّ رقبتَه
- كيفَ حالِكِ ؟
سؤالًا آخر وهي تقِف على الباب بِحرج ولا تُجيب ، أتعبَـه الوقوف كثيرًا فَأمسكَ معصمَها ساحِبًا إياها إلى الداخِل ، توترَت مرة أخرى فَتركَها مُحرجًا
- آسف ، لكِن .. ماذا كانَ اسمكِ؟
نظرَت إليه أخيرًا ، فَسرحَ في ملامِحها قليلًا .. إنَّـها لَطيفة ، تُشبِـهها!
= إيلينا .
الاسم الأقرَب إلى قلبِه !
- آه ، تـ..تفضلي!
سبقَها إلى الداخِل لكنَّـها لم تدخُل ، عادَ إليها مُـتعِجبًا
- لا تقلقي ، لا أحدَ في الداخِل!
أليسَ من المُفترض أن تقلق بعدَ علمِها بِذلك؟
= لا ، أنا فقط جِئت كي أُخبركَ بِشيءٍ وسَأرحَل!
وقفَ أمامَها يحثَـها على المواصَلة ، نظرَت له لَحظة وإبتسمَت إليه بِروعة ، إقتربَت منه قليلًا وهي لاتزال تنظُر في عينيهِ ، شعرَ بِالحرج لكنَّـه تماسَك
= أنا .. مُعجبة بكَ!!!!
وضعَت شفتيها على خاصتِه بِسرعة وإلتفَتت كي تخرُج إلا أنَّـه منعَها مُـمسِكًا بِمعصمِها قائِلًا بِصدمة
- مـ..ما الذي فعلتيه؟ لِـلتو؟
= آ..آسفة!
خرجَت تجري من منزلِه بينمَا أغلقَ الباب وراءَها بِدهشة لكنَّـه بِرغم ذلك لا يستطيع الجَزم أن الأمر لم يُعجبَه!
خرجَ كلًا من إيريك وإيڤ مُتجاهلين تمامًا ما سمِعاه ، بعدَ ساعة تقريبًا من الصمت تكلَم إيريك بينمَا يستعِد إلى الوقوف ، قالَ بِدرامية
- أنا .. مُعجبة بكَ!!!!
لِتقف إيڤ أمامَـه محاوِلة تقليد فوكس
= مـ..ما الذي فعلتيه؟ لِـلتو؟
إنفجرَ إيريك ضاحِكًا بِقوة تبعَته إيڤ تحتَ أنظار فوكس الغاضِبة ، صمتوا حينَ رأوا نظرة فوكس المُـرعبة ، جلسا على الأريكة أمامَه يُحاولان كتم ضحكـهما حينَ تكلمَ فوكس
- اسمَع إيريك ، هذا منزلي يَعني هنا قوانيني! أنا وفقط أنا!
= لا تكُن هكذا! أنا صديقكَ!
- حتى لو!
= أنتَ .. لن تتحرَش بي وتجعلَني أتكتَم على الأمر ، صحيح؟
نهضَ ذاهِبًا إلى المَطبَخ فَنظرَ إيريك إلى إيڤ بِخبث قائِلًا
= هل تعرفينَ مَن تِلكَ الفتاة؟
- لا ، لكن أعتقِد أنَّـه يعرِفها بِالفعل .
= كيفَ؟ لقد كانَ ناسيًـا اسمها!
حدقَت في الفراغ وهي تستمِع إلى حديث إيريك ، ألَم يُخبرها فوكس أنَّـه يوجَد فتاة يُحبها؟ أيُعقَل أنَّـها ليسَت هي؟ ما الذي يحدُث؟!
إنتفضَت حينَ شعرَت به قريب جدًا منها
= تبدينَ رائِعة حينَ تُفكرينَ وبِما أنَّـكِ لا تفعلينَ ذلك كثيرًا لم أرى ذلك سابِقًا!
إبتعدَت عنه قائِلة
- هل أفرَح أم أغضَب؟
= أعطيني قُبلة!
إنَّ مُهمتَه إختراع إجاباتٍ أخرى.
- لن أفعل!
= إذًا سَأفعل أنا!
ضـمَّ شفتيه بِطفوليَّـة وإقتربَ منها واضِـعًا قبلة على خديها وهمسَ بِصوتٍ مُنخفِض بِجانب أذنيِها
- هل يُمكنـني الإطمئنان على طعامي الآن ؟
لم تنتبِه إلى كلماتِه بِقدر ما إنتبهَت إلى مُحاولاتِه الجاهِدة في تشتيتِـها ، بِرغم كل تِلكَ الأحاديث الساخِرة من مرضِه ، بِرغم فشلِه في تهدئتِـها ، بِرغم كل ذلك إلا أن حزنَـه يظهَر في عينيه بِطريقٍة رائِعة ، رائِعة لكنَّـها حزينة!
قالَت له فجأة
= يصعُب قراءَة عينيكَ جدًا!
كانَت تكذِب وكانَ متأكِد أنَّـها تكذِب ، هي أرادَتـه واضِحًا لها كي تفهمَـه بِصورة أسهَل ، وهو نزعَ إدعاءاتِـه جانِبًا في حضرتِها ، لم يكُن هناك علاقة سلِسة مِثل خاصتهُما ، ينزعان كل تِلكَ الوجوه المُزيفة كي يلتقيا في لقاءٍ عارٍ إلا من الحب!
- إيڤ ، والِدكِ إتصل!
قاطَعَ فوكس نظراتِـهما ، تشتَتت ، بِرغم سهولة قراءَة عينيه إلا أن رؤيتَـها لِذلك الحب لها فيهما مُربِك!
- إنتظري سَأوصلكِ!
قالَها إيريك بينمَا يمشي وراءَها بِالفعل وعِند الباب حينَ اوشكَت على الرحيل أمسكَ بيدِها بِقوة
- لا تبكي ، أرجوكِ!
= لن أفعَل!
بِسرعة وضعَت قبلة على شفتيه هارِبة بعدَها وسطَ الناس ، إبتسمَ حينَ وجدَها تَمشي بِأريحية بينهم ، لم تعُد تِلكَ الفتاة غريبة الأطوار .
جلسَ أمامَ فوكس مُستعِدًا لِإخباره كما إتفقا هو وإيڤ
- فوكس ، هل يُمكنكَ الجلوس لحظة؟
جلسَ فوكس وعلامات الإستفهام على وجهِه
= ما بك؟ أنتَ لم تتحدَث بِتلكَ الجدية منذُ .. أنتَ لم تتحدَث بها مُطلقًا!
- أحتاج إلى إخباركَ بِشيءٍ ما!
توسَّعت أعين فوكس واضِعًا يدَه على فمِه بِفزع
= هـ..هل أنتَ أيضًـ..ـا مُعجب بي؟
- أنا لا أمزَح ، أحتاج إلى إخباركَ بِشيءٍ مهم.
= حسنًا هيا أخبِرني!
- مؤخرًا تمَّ تشخيصي بِسرطان الرِئة .
= مـ..ما الذي تـ..ـهذي به ؟ ريك! لا تمزَح!!!
لقد عادَ يدعوه ريك مرة أخرى! كم فرحَ لِذلك..
- أنا لا أمزَح ، حقًا ، هذا حقيقي!
أصبحَ تنفُس فوكس أصعَب ، صدرَه يعلو ويهبِط لا إراديًا ، ينظُر إليه بِغير تصديق ، هـ..هذا لا يُمكِن أن يحدُث!
= بِالطبع يوجَـ..ـد خطأ!
تلألأت عيناه دليلًا على بكاءٍ قريب
= هـ..هذا غير صحيح ، ريك! هذه مُزحة!
جلسَ بعدَ أن كانَ واقِفًا من هولِ الخبر يُخبره
= ريك! أخبِرني أن هذه مُزحة!
ضغطَ إيريك على فكيهِ بِقوة ، لا يعرِف كيفَ يُجيبه ، هو أيضًا يتمنى لو أنَّـها كذلك! لو أنَّـها مُزحة!
أسرعَ فوكس يجلِس بِجانِبه مُمسِكًا به وبدأ يبكي
= أنا .. أنا لا أكرهَك! إن كنتَ تفعَل ذلك كي تختبِرني فَأنا حقًا لم أكرهَك أبدًا! أ..أنـ..ـا فقط كنتُ غـ..ـاضبًا منكَ! لكنِّي لم أكرهَك! تحدث!!!!!
إستجمعَ ريك قواه ، يجِب مُصارحة شخصٍ واحِد على الأقل
- هذا يحدُث فوكس! كل يومٍ يُصاب شخص بِهذا المرض كما أنَّـني لازِلت في مرحلة مبكرة لِذا من المُمكن علاجها!
مسحَ فوكس دموعَـه و أومأَ بِقوة مؤكِدًا كلامَـه
= نـ..نعم أنتَ مُحِـ...
لِيضحكَ ريك ساخِرًا وأردفَ
- هذا ما تعرِفه إيڤ!
عادَت ملامِح الحزن تُسيطر على فوكس بينمَا يسألَه بِقلق
= ماذا تعني؟
مسحَ ريك على وجهِه بِقوة بينمَا يُكمِل
- لا أحدَ ينجو من هذا المَرض فوكس! لا أحد!
- وأنا لا أعرِف في أي مرحلة أكون أنا؟!!
تفاجئَت أنَّـه إستيقَظ لِتحاوِل مسح دموعِـها وهي تُخفي التحاليل خلفَ ظهرِها ولِحسن الحظ كانَ لايزال على السرير
= لـ..لا أفـ..ـعل شيئًا!
أسقطَت الأوراق عمدًا وذهبَت بِاتجاهه ، جلسَت على السرير وهي تُـكافِح ألَّا تبكي الآن
= ألَن تُخبرني أينَ كنت؟
آلمَها قلبـها وهي تتذكَر آخر ما قرأتَـه وتتصنَّـع الجَهل ، رأَت نظرات التوتر في عينيه . قالَ بعد فترة من التفكير
- كنتُ .. مع صديق .
يلمِس أنفَـه وبعدَها يمسَح أعينَـه بِرقة ، أليسَت تِلكَ تصرفات شخصٍ كاذِب؟
= وكيفَ لي أن أعرف أنَّـه صديق وليسَت فتاة؟
- إن كانَت فتاة ، لِمَ سَأعود؟
إبتسمَ بِـشيطانيـة وهو يُطيل النظر في عينيها ، كانَت تِلك النظرة نفسَـها بِذلكَ الحزن والعُـمق حينَ فعلَ منذُ ستة أعوام ، حينَ كانَ كل شيءٍ بِخير لكنَّـه رحل!
= أنتَ تكذِب كثيرًا!
إرتعشَـت إبتسامتـه وحاولَ التحدُّث بِصوتٍ غير مُـثيرٍ لِـلشكوك
- لِـ.. لِمَ تقولينَ هذا ؟ أنا لستُ أكذِب .
إتجهَت أصابِع يده إلى أنفِـه مُجددًا لولا إمساكِـها لِيده بِقوة
= أنتَ .. حقًا متى كنتَ تنوي إخباري؟
- إخبارِكِ بِماذا؟ أنا لا أفـ..
= بِمرضكَ.
أحكمَت الغلق على يدِه ، كانَت تتألَم وهي تتذكَر ذلكَ الكلام وتِلكَ الحروف المُؤلِـمة . نظرَ إلى حيثُ وضعَ التحاليل أمس فَوجدَها على الأرض ، تنهدَ بِيأس بينمَا يبتسِم
- كنتُ سَأفعل! الأمر فقط .. لم أجِد وقتًا!
حتى في تِلكَ اللحظة التي إنتظرَت ردَه كانَت تتمنى لو أنَّـه يُـنكر ، لو أن أبجديتَـها لم تُسعِـفها وقرأت الاسم بِشكلٍ خاطِئ ، أو أن كل ذلكَ حلمٌ سَخيف لا ينتهي ، أو أي شيءٍ آخر عدا ذلك ، عدا حقيقة مرضِـه!
= لـ..لكن كيف؟ لِماذا؟
ضحكَ بِروعة حتى وسط تِلكَ الأحداث قائِلًا بينمَا يقترِب أكثَر منها واضِـعًا يده على وجنتِـها
- هل كنتُ أشرَب عصير فراولة؟ إنَّـها سجائِر إيڤ!
نظرَت إليه بِغضبٍ وهي تراه يهرَب مُجددًا ، يهرَب فقط من مواجَهة ذلك ، من التحدُّث كَـشخص على وشكِ الموت!
- أنظُر حولي بِقلق -
= هل لاتزال غير مُـدرِكًـا بِخطورة الأمر؟ هل جُننت؟
- إهدأي إيڤ ، أرجوكِ!
= أ..أهدأ؟ أنا لا أُصدقـكَ حقًا!!!!!
ربتَ على يدِها بِخفة كي تهدأ قليلًا
- إهدأي و سَنتحدَث بِالأمر ..
سكتَت لِشعورِها بِضربات قلبِها تزداد
- تنفسي بِعمق!
بدأت ملامِـحها تلين دليلًا على بُكائِـها ، مسحَ الدموع التي نزلَت بِـإبتسامة وهمسَ بِصوتٍ مُنخفِض
- تنفسي .. بِعمق!
أخذَت نفسًا عميقًا زفرَته تزامنًـا مع هبوط دموعِـها مرة أخرى ، إحتضنَـها بِقوة بينمَا يُـمرر يدَه على شعرِها ، عانقَـته بِقوة تضَع رأسَـها على كتفِه وتجلِس على قدميه ولاتزال تبكي
- إهدأي إيڤ! لا بأسَ بِالأمر .
إبتعدَت عنه فَأخذَ يُبعِـد الخصلات المُبتلة بِدموعِها وهو يُطالِـعها بنفس الإبتسامة
= توقَف عن جعل الأمر يبدو وكأنَّـه عاديًا!!
- لَكنه كذلك!
= أريد صفعَك حقًا الآن!!!!!!
- أنتِ عنيفة حقًا تِجاه شخص مَريض!
عادَت تبكي مرة أخرى بينمَا تُعانِقه ، أصبحَت تُصدر أصواتًا عالية فَجعلت الأمر صعبًا عليه في تهدِئتِـها ، هو أيضًا يتألَم ، هو أيضًا يعرِف أن أمر نجاتِـه من ذلك المَرض شِبه مُستحيل لكنَّـه لم ييأس بَل يتعلَق بِأي مُعجزة يُمكِن أن تحدُث ، على الرغم مِن أنَّـها لا تحدُث سوى في الأفلام لَكِنـه لا يمتلِك غيرَها .. مُعجزة تجعلَه يبقى معها! ومع فوكس .
- إيڤ ، إيڤ ، إنظري إليَّ!
وضعَ وجهَـها بينَ يديه وهو يقصِد أن ينظُر في عينيها كي يجعلَـها توقِف بُكائـها قليلًا
- هذا يحدُث! أعني .. كل يوم تقريبًا يُـصاب شخص ما بهذا المرض ، كما أنَّـني في مرحلة مُـبكِرة لِذا لا داعي للقلق!
كانَت مُتردِدة في تصديقِـه ، أطالَت النظر له كي تعرِف ما إن كانَ يكذِب أم لا لكنَّـه قاطعَـها بِقبلة سريعة على شفتيها
- ما الساعة الآن ؟
سألَها بينمَا يُمرر إبهامَـه على وجنتِها كي تنسى قليلًا ، وهو مُتأكد أنَّـها لن تفعَل!
= لا أعرِف ، هاتفي وراءَك .
إلتقطَه بِخفة وهي لاتزال جالِسة على قدميه ، أضاءَ الشاشة لِـيبتسِم بِتلقائية ما إن رأى صورة تجمعَـها بِفوكس ، لم يُعلِق عليها وأردفَ
- الساعة التاسِعة! هيا لِننام قليلًا .
إستعدَت للنهوض لكنَّـه ثبتَـها على قدميه قائِلًا
- ننام! ألا تعرفينَ ما فائِدة نون الجَمع؟
أمسكَ بِخصرِها بينمَا يعود للخلف بِحيث يستلقي على السرير و وضعَها بِجانِبـه ، قربَّـها منه حتى إلتصقَ ظهرُها بِصدره . بعدَ دقائِق سمعَ صوت بُـكائِها فقالَ لها بينمَا يلمِس يدَها
- أتُريدينَ معرفة شيءٍ ؟
لم ينتظِر إجابتَها وقالَ
- ذلكَ اليوم ، عِندما أنشئتِ ذلك الحساب المُزيف ، أردتُ بِشدة أن أُحادِثكِ!
= لِمَ لم تفعَل ؟
أخرجَت حروفَـها خالية من البُكاء
- لا أعرِف ..
ثم ضحكَ ساخِرًا
- رُبَّـما لم أُرِد إفساد خطتكِ الفاشِلة؟
ضحكَت رغمًـا عنها ثم قالَت
= هذا اليوم ، أرسلتُ إلى فوكس أطلُب منه المَجئ من نفس الحِساب ..
ضَحكَت ثانيًة حينَ تذكرَت ذلك اليوم بينمَا إستمعَ لها بِحب
= كانَ فوكس غاضِبًا جِدًا مني ليسَ فقط لِأنني أنشئتَه لِأتتبَعـ..
أدركَت ما كانَت مُقدِمة على قولِه فَأدركَ ذلك ، شدَّ على يدِها هامِسًا بينمَا يُعانقـها
- أكملي!
= كـ..كان غاضِبًا لِفشلي في ذلك .
أنهَت الجملة سريعًا وزفرَت بِراحة حينَ لم يُعلِق إلا أنَّـه دقائِق وقال
- فوكس صديق جيد جدًا ، أليسَ كذلك ؟ أنتـما قريبان جِدًا من بعضِـكما .
همهمَت بينمَا تُردِف
= لم نكُـن قريبـين حتى ذلك اليوم .. حينَ قابلـتَه.
- أخبرتَه ألَّا يُخبركِ!
= لم يفعَل ، عامِل المقهى هو مَن أخبرَني .
همهمَ وظلَّ يُربِت على يدِها حتى سمعَ صوتَ بُكائِـها مرة أخرى ، سَيتغاضى عن الأمر علَّـها هي الأخرى تفعَل .
- إيڤ .
= نـ..نعـ..ـم ؟
- عِندما أخبرتكِ أنَّـني سعيد لِأن فوكس كانَ بِجانبكِ ، كنتُ أعنيها!!
= ما فائِدة إخباري بِذلكَ ؟
أدارَها كي تُقابِل وجهَه ومسحَ دموعَـها قائِلًا
- كي تتوقفي عن ذلك! توقفي عن البُكاء .
لم تستطِع التوقف وإنفجرَت باكيًة مرة أخرى وحاوطَته بِذراعيها مُخبِـئة وجهَـها في صدرِه فَعانقَها مُربتًـا على ظهرِها يُتمتِم بِعباراتٍ لن تُهدئَها و لكنَّـه يُحاوِل .
- والِدكِ سَيستيقِظ بِتلكَ الطريقة !
همسَ بِأذنيـها فَابتعدَت عنه ، صنعَ ملامِـحًا حزينة مـردِفًا
- ألَـن تُعانقيني بِهذه الطريقة سوى عِندما تبكين؟ هيا عودي لِلبكاء هيا!
ضحكَت بِصوتٍ عالٍ ثم خفضتَه تدريجيًا ، قالَ لها بينمَا يُبعِد خصلات شعرِها
- أنتِ قبيحة جدًا عِندما تبكين!
وضعَت يدَها على وجنتِه ، أغمضَ عينيه ما إن لمسَته مُبتسِمـًا
= أنتَ أيضًا!
ضحكَ بينمَا يبتسِم لها وقالَ بِنبرة جادة يتحدَث بها قليلًا
- إيڤ ، أنا سَأكون بِخير حقًا! سَأتعافى! لِذا لا تبكي!!
أومأَت له
- عانِقيني هيا!
فعلَت مُجددًا وبِشكلٍ أقوى
= ماذا سَنفعَل مع والِدي ؟
- كنتُ أفكر في نفس الشيء!
تنهدَ قليلًا ثُمَّ بدا وكأنَّـه وجدَ فكرة
- ماذا لو .. أخلَع قميصي؟ أعني إذا دخلَ على الأقل يعتقِد أنَّـنا فعلنا شيئًا نحنُ لسنا في الكنيسة!
زادَت ضربات قلبِها وحاولَت الإبتعاد عنه خجِلة لكنِّـه لم يسمَح لها
- هل .. بِالصدفة .. تُريدينَ فِعل ..
غمزَ لها هامِـسًا أمامَ شفتيها
- شيئًـا ؟
إبتلَعَت ريقَها وأغلقَت عينيها بِقوة وهي تسحَب يدَها من عِناقِـه واضِعة إياها على شفتيها كي لا يفعَل شيئًا
- لِمَ تضَعينَ يدكِ هكذا ؟ أنا لن أُقبلكِ!
فتحَت أعينَـها تنظُر إليه تُحاول إستنتاج الصدق في كلماتِه ، وجدَته أخيرًا ، نزعَت يدَها بِبطيءٍ عن شفتيها تتنفَس بِراحة كونـه لن يفعَل .
- لا تثقي في الرجال ، حلوتي!
قيدَ يدَها ساحِـبًا شفتيها في قبلة أخذَت أنفاسَـها ، دقات قلبِها ، خوفِها ، توترِها ، قلقِـها ، إيش هذا والله نفس الشي!
حاولَت إبعادَه حينَ وجدَت نفسَها غير قادِرة على التنفس ، إبتعدَ ناظِرًا إليها بِثمالة .. هو .. لن يفعَل مِثل الأمس ، صحيح ؟
- الآن حانَ وقت الإطمئنان على طعامي !
أبعدَته حينَ أدركَت مبتغاه ناظِرة إليه بِلومٍ ، عاتبَها
- هل أنتِ راهِبة؟ حقًا أخبريني!! أُريد فقط الإطمئنان!
= أعطِني المفتاح كي أخرُج قبـ..
- إيڤ!! هل أنتِ نائِمة؟
اللعنة!!!!! إنَّـه والِدها!!!!!!
قاطِـع الملذات!!!!
•••
- هل تنوينَ القضاء عليَّ؟ لا ، بِالطبع لن يبقى في منزلي!!
صرخَ بها فوكس من مطبخِـه إلى إيڤ
= فوكس ، أوشكَ أبي على كشفي اليوم أرجوكَ!
نظرَ لها وكانَ سَيتحدَث لكِـن صوت إيريك خرجَ من غرفة فوكس
- فوكس ، ألا يُوجَد لديكَ قميص غير ذلك؟
أغمضَ عينيه بِإرهاق وهو يُطالِع إيڤ ، قالَ
= حسنًا ، لكِن لِفترة قصيرة حسنـ...
قاطَعَ حديثهما صوت طرقٍ على بابِه ، سألَته إيڤ
- هل تنتظِر أحدًا؟
= لا .. أم أنَّـه والِدكِ؟ أو والِدي؟
- ماذا سَنفعَل؟
= دَعينا نلعَن اليوم الذي دفعتكِ فيه في المَدرسة!
نظرَت إليه بِإحتقارٍ ، ضربَته بِخفة على كتفِه
- سَأدخل غرفتكَ ، أيًـا يكُن لن يعرِف بِوجودِنا ، حسنًا؟
أومأَ لها ذاهِبـًا لِفتح الباب .
فتاة عشرينية لاحظَـها عدة مرات في الجامِعة تقِف أمامَـه وتعتلي وجنتاها حُمرة لطيفة ، حاولَ جاهِدًا تذكُّـر اسمها لكِن ذاكِرته لا تساعِد . نظرَ إلى ملابِسه المُهمَـلة وشعرِه الذي لم تلبَث إيڤ أن جذبَته منه ، قالَ
- أ..أهلًا!؟
كانَ سؤالًا أكثَر من كونِه ترحيبًـا بها ، لاحظَ توترَها فَـحكَّ رقبتَه
- كيفَ حالِكِ ؟
سؤالًا آخر وهي تقِف على الباب بِحرج ولا تُجيب ، أتعبَـه الوقوف كثيرًا فَأمسكَ معصمَها ساحِبًا إياها إلى الداخِل ، توترَت مرة أخرى فَتركَها مُحرجًا
- آسف ، لكِن .. ماذا كانَ اسمكِ؟
نظرَت إليه أخيرًا ، فَسرحَ في ملامِحها قليلًا .. إنَّـها لَطيفة ، تُشبِـهها!
= إيلينا .
الاسم الأقرَب إلى قلبِه !
- آه ، تـ..تفضلي!
سبقَها إلى الداخِل لكنَّـها لم تدخُل ، عادَ إليها مُـتعِجبًا
- لا تقلقي ، لا أحدَ في الداخِل!
أليسَ من المُفترض أن تقلق بعدَ علمِها بِذلك؟
= لا ، أنا فقط جِئت كي أُخبركَ بِشيءٍ وسَأرحَل!
وقفَ أمامَها يحثَـها على المواصَلة ، نظرَت له لَحظة وإبتسمَت إليه بِروعة ، إقتربَت منه قليلًا وهي لاتزال تنظُر في عينيهِ ، شعرَ بِالحرج لكنَّـه تماسَك
= أنا .. مُعجبة بكَ!!!!
وضعَت شفتيها على خاصتِه بِسرعة وإلتفَتت كي تخرُج إلا أنَّـه منعَها مُـمسِكًا بِمعصمِها قائِلًا بِصدمة
- مـ..ما الذي فعلتيه؟ لِـلتو؟
= آ..آسفة!
خرجَت تجري من منزلِه بينمَا أغلقَ الباب وراءَها بِدهشة لكنَّـه بِرغم ذلك لا يستطيع الجَزم أن الأمر لم يُعجبَه!
خرجَ كلًا من إيريك وإيڤ مُتجاهلين تمامًا ما سمِعاه ، بعدَ ساعة تقريبًا من الصمت تكلَم إيريك بينمَا يستعِد إلى الوقوف ، قالَ بِدرامية
- أنا .. مُعجبة بكَ!!!!
لِتقف إيڤ أمامَـه محاوِلة تقليد فوكس
= مـ..ما الذي فعلتيه؟ لِـلتو؟
إنفجرَ إيريك ضاحِكًا بِقوة تبعَته إيڤ تحتَ أنظار فوكس الغاضِبة ، صمتوا حينَ رأوا نظرة فوكس المُـرعبة ، جلسا على الأريكة أمامَه يُحاولان كتم ضحكـهما حينَ تكلمَ فوكس
- اسمَع إيريك ، هذا منزلي يَعني هنا قوانيني! أنا وفقط أنا!
= لا تكُن هكذا! أنا صديقكَ!
- حتى لو!
= أنتَ .. لن تتحرَش بي وتجعلَني أتكتَم على الأمر ، صحيح؟
نهضَ ذاهِبًا إلى المَطبَخ فَنظرَ إيريك إلى إيڤ بِخبث قائِلًا
= هل تعرفينَ مَن تِلكَ الفتاة؟
- لا ، لكن أعتقِد أنَّـه يعرِفها بِالفعل .
= كيفَ؟ لقد كانَ ناسيًـا اسمها!
حدقَت في الفراغ وهي تستمِع إلى حديث إيريك ، ألَم يُخبرها فوكس أنَّـه يوجَد فتاة يُحبها؟ أيُعقَل أنَّـها ليسَت هي؟ ما الذي يحدُث؟!
إنتفضَت حينَ شعرَت به قريب جدًا منها
= تبدينَ رائِعة حينَ تُفكرينَ وبِما أنَّـكِ لا تفعلينَ ذلك كثيرًا لم أرى ذلك سابِقًا!
إبتعدَت عنه قائِلة
- هل أفرَح أم أغضَب؟
= أعطيني قُبلة!
إنَّ مُهمتَه إختراع إجاباتٍ أخرى.
- لن أفعل!
= إذًا سَأفعل أنا!
ضـمَّ شفتيه بِطفوليَّـة وإقتربَ منها واضِـعًا قبلة على خديها وهمسَ بِصوتٍ مُنخفِض بِجانب أذنيِها
- هل يُمكنـني الإطمئنان على طعامي الآن ؟
لم تنتبِه إلى كلماتِه بِقدر ما إنتبهَت إلى مُحاولاتِه الجاهِدة في تشتيتِـها ، بِرغم كل تِلكَ الأحاديث الساخِرة من مرضِه ، بِرغم فشلِه في تهدئتِـها ، بِرغم كل ذلك إلا أن حزنَـه يظهَر في عينيه بِطريقٍة رائِعة ، رائِعة لكنَّـها حزينة!
قالَت له فجأة
= يصعُب قراءَة عينيكَ جدًا!
كانَت تكذِب وكانَ متأكِد أنَّـها تكذِب ، هي أرادَتـه واضِحًا لها كي تفهمَـه بِصورة أسهَل ، وهو نزعَ إدعاءاتِـه جانِبًا في حضرتِها ، لم يكُن هناك علاقة سلِسة مِثل خاصتهُما ، ينزعان كل تِلكَ الوجوه المُزيفة كي يلتقيا في لقاءٍ عارٍ إلا من الحب!
- إيڤ ، والِدكِ إتصل!
قاطَعَ فوكس نظراتِـهما ، تشتَتت ، بِرغم سهولة قراءَة عينيه إلا أن رؤيتَـها لِذلك الحب لها فيهما مُربِك!
- إنتظري سَأوصلكِ!
قالَها إيريك بينمَا يمشي وراءَها بِالفعل وعِند الباب حينَ اوشكَت على الرحيل أمسكَ بيدِها بِقوة
- لا تبكي ، أرجوكِ!
= لن أفعَل!
بِسرعة وضعَت قبلة على شفتيه هارِبة بعدَها وسطَ الناس ، إبتسمَ حينَ وجدَها تَمشي بِأريحية بينهم ، لم تعُد تِلكَ الفتاة غريبة الأطوار .
جلسَ أمامَ فوكس مُستعِدًا لِإخباره كما إتفقا هو وإيڤ
- فوكس ، هل يُمكنكَ الجلوس لحظة؟
جلسَ فوكس وعلامات الإستفهام على وجهِه
= ما بك؟ أنتَ لم تتحدَث بِتلكَ الجدية منذُ .. أنتَ لم تتحدَث بها مُطلقًا!
- أحتاج إلى إخباركَ بِشيءٍ ما!
توسَّعت أعين فوكس واضِعًا يدَه على فمِه بِفزع
= هـ..هل أنتَ أيضًـ..ـا مُعجب بي؟
- أنا لا أمزَح ، أحتاج إلى إخباركَ بِشيءٍ مهم.
= حسنًا هيا أخبِرني!
- مؤخرًا تمَّ تشخيصي بِسرطان الرِئة .
= مـ..ما الذي تـ..ـهذي به ؟ ريك! لا تمزَح!!!
لقد عادَ يدعوه ريك مرة أخرى! كم فرحَ لِذلك..
- أنا لا أمزَح ، حقًا ، هذا حقيقي!
أصبحَ تنفُس فوكس أصعَب ، صدرَه يعلو ويهبِط لا إراديًا ، ينظُر إليه بِغير تصديق ، هـ..هذا لا يُمكِن أن يحدُث!
= بِالطبع يوجَـ..ـد خطأ!
تلألأت عيناه دليلًا على بكاءٍ قريب
= هـ..هذا غير صحيح ، ريك! هذه مُزحة!
جلسَ بعدَ أن كانَ واقِفًا من هولِ الخبر يُخبره
= ريك! أخبِرني أن هذه مُزحة!
ضغطَ إيريك على فكيهِ بِقوة ، لا يعرِف كيفَ يُجيبه ، هو أيضًا يتمنى لو أنَّـها كذلك! لو أنَّـها مُزحة!
أسرعَ فوكس يجلِس بِجانِبه مُمسِكًا به وبدأ يبكي
= أنا .. أنا لا أكرهَك! إن كنتَ تفعَل ذلك كي تختبِرني فَأنا حقًا لم أكرهَك أبدًا! أ..أنـ..ـا فقط كنتُ غـ..ـاضبًا منكَ! لكنِّي لم أكرهَك! تحدث!!!!!
إستجمعَ ريك قواه ، يجِب مُصارحة شخصٍ واحِد على الأقل
- هذا يحدُث فوكس! كل يومٍ يُصاب شخص بِهذا المرض كما أنَّـني لازِلت في مرحلة مبكرة لِذا من المُمكن علاجها!
مسحَ فوكس دموعَـه و أومأَ بِقوة مؤكِدًا كلامَـه
= نـ..نعم أنتَ مُحِـ...
لِيضحكَ ريك ساخِرًا وأردفَ
- هذا ما تعرِفه إيڤ!
عادَت ملامِح الحزن تُسيطر على فوكس بينمَا يسألَه بِقلق
= ماذا تعني؟
مسحَ ريك على وجهِه بِقوة بينمَا يُكمِل
- لا أحدَ ينجو من هذا المَرض فوكس! لا أحد!
- وأنا لا أعرِف في أي مرحلة أكون أنا؟!!
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(1)
Chapter Nineteen.
هولي فاكن شيت !!!💔💔💔💔
Відповісти
2020-08-09 10:49:36
1