Chapter 19
ثمانية،
و ما بينهم من ضحايا،
كل شخص يختار قدره،
هو اختار شخص،
و انا اخترت مجموعته،
و كل من يقع عليه الاختيار يموت .
____________________________________
لم اعلم مالذي علي فعله في وقتها، هل علي الصراخ ام الفزع ام ماذا بضبط. كل ما شعرت به هو قلبي الذي انقبض و نفسي الذي ثقل ثم سواد لا نهاية له .
ذلك السواد انكسر عند فتح عيني للمرة الثانية لأجد نفسي في غرفتي .
لم يدم هذا الهدوء طويلاً لإني شعرت بتواجد شخصٍ آخر معي، لا..بل شخصين!
انتفضت من مكاني بسرعة و اكتشف أن بلايك و إمرأه رأيت وجهها من قبل، كانوا يقفون أمام السرير..كإنهم ينتظروني حتي استيقظ .
"أخيراَ استيقظتي!" تنهدت بلايك براحة و هي تحاول الإبتسام لي لكن ظلت الملامح الجامدة علي وجهي..لا اريد التحدث مع اي شخص الآن..و خاصتاً جايس .
ركزت نظري علي تلك الإمرأة، تلك من خرجت قوة الثلج خاصتي لأول مرة بإتجاهها..و هي اوقفت الثلج بيدها قبل أن يصل لها .
"أنا فرانسيس، اتتذكريني؟"
"ماذا تريدون؟" سؤالي جعل ملامج بلايك تضيق كإنها لا تستطيع الإجابة و لكن فرانسيس لم تتغير ملامح وجهها بل ظلت هادثة مثل جميع المرات التي رأيتها فيها .
"أنا صديقة الألفا-.."
"لم أطلب منكِ التعريف عن نفسك" توقفت عن الكلام و اخذت نفساً كإنها بدأت تفقد اعصابها.
"انظري ايفا-.."
"لونا ايفا" عصرت عيناها و اخذت نفساً عميقاً و اكلمت .
"لونا ايفا..اعلم إنك من الطبيعي ان تحزني-.."
"انتي لا تعرفين اي شي"
"بل انا اعرف كل شئ" عيناي التي لم ترد النظر لها وقعت عليها بسرعة، هي ايضاَ تعرف..
"حسناَ، طالما أنتي تعرفين كل شئ و بالطبع ستتصرفين مثل الكل و لن تقولي شيئاَ فأتركيني وحدي" صمت الإنثان بينما انا عاقدة ذراعاي انظر بحدة لكلتاهما .
"اركايترزم بالفعل يكون مرضاً" تحدثت فرانسيس لتكمل بلايك الأخري .
"و فينيكس مصاب به كما رأيتي"
ابتلعت لعابي بصعوبة و صمتت قليلاً ثم تحدثت مرة اخري .
"و ما هي اعراضه؟" لم اشعر سوي بصوتي يهتز و الدموع تتجمع في عيني، اتذكر منظر فينيكس الذي كان يتألم امامي بينما جلد وجهه كأنه اهترأ و لم يعد هناك اثر لوجهه الطبيعي. ذلك التواصل البصري الذي اقمناه جعلني اعرف من هو، شعرت بالدنيا كلها في تلك اللحظة تدور حولي و لم اري بعدها سوي بسواد .
لإن فينيكس اصبح مثل تلك الكائنات .
اظافر اليد اليمني كانت تحفر في جلد اليسري احاول الا انهار امامهم، الا تنزل مني ولا دمعة علي الرغم من الشعور بأشواك تخترق حلقي و تخنقني، اصبحت فالمرحلة قبل البكاء لكن لا..لن انهار امامهم، لن ابكي و لن احزن .
ليس امامهم .
فرانسيس سمعتها تأخذ نفسها فركزت سمعي معها حتي تحدثت .
"المرض في اول مرحلة يقطع رباط الرفيق.." ابتلعت ريقي بصعوبة من الغضة التي زادت و جعلتني غير القادرة علي التنفس و هي اكملت .
"و المرحلة الثانية..يموت الذئب و يصبح صاحب المرض بشرياً.." تجمعت الدموع في عيني و ظللت ساكنة مكاني لتتنهد هي و تكمل .
"و تأتيه اصعب امراض بشرية سواء في الجلد او في العقل و تجعله حتي غير قادر علي النوم..و هذه المرحلة الثالثة" نفسي ارتعش و اسمع صوتي يصرخ في عقلي بأصمتي و كفي..فهذا ما يمر به فينيكس الآن .
"و المرحلة الرابعة و الاخيرة..هي الموت"
رقبتي رفعت لها بسرعة و عيناي مفتوحة علي مصرعيها..الموت .
"الا توجد لهذه اللعنة دواء؟" صوتي خرج منخفض، نظرات فرانسيس كانت تخترقني و جعلت جسدي يرتعش عندما اجابت علي سؤالي .
"لا..لا يوجد" .
كأن العالم توقف من حولي و شعرت كإنه لم يعد هناك سبب للعيش، اريد الموت علي أن اري هؤلاء الاشخاص الذين يحملون هذا المرض يتعذبون .
فينيكس في هذا المبني القبيح يتعذب و انا هنا اقيم في غرفة في بيت الالفا و لا توجد بيدي حيلة لكي انقذه، كإنه في حالة متأخرة من السرطان..لم تعد هناك حلول لإنقاذ حياته..
الدموع كانت تسيل ببطئ بعد أن ارفض ان اظهر لهم ألمي لكن ذلك الشئ الغير مرئي الذي كان يلتف حول عنقي لحظة تلو الأخري،هذا الشعور..شعور كإنه رئتاك لم تعد تريد الهواء الذي يدخل لها و الألم في قلبك يزداد كإنه يحارب لكي يتوقف .
شعور ما قبل الإنهيار..
لم اعطي لم اي مجال لكي يروني وانا ابكي فقد كنت اعطيهم جانب رأسي و شعري اخفي وجهي عنهم، كنت ممتنة ان لا احد يستطيع أن يري ما ابدو عليه..او يعلم بما اشعر به، يجب أن اظل قوية..او حتي ابدو كذلك .
شعرت بنظراتهم علي لكني ظللت أنظر بعيداً، الصمت كان يسود الغرفة و هم لازالوا ينتظرون مني رداً لكني رافضة التحدث، ببطئ سمعت خطوات فرانسيس تفتح الباب ثم تسلك طريقها للخارج تلتفت و لكن رائحة بلايك هي التي لازالت بالغرفة..هي لم تذهب ظلت .
سمعتها تتقدم ببطئ حتي وصلت الي جانب السرير، انا كنت ساكنة و دموعي لم تتوقف، كانت تسيل علي خدي بهدوء عكس العاصفة التي بداخلي .
بعد أن وضعت هذا الشئ بجانبي، وقفت تنظر لي لفترة علي أمل ان اقوم بأي شئ لكني لا..لم ابدي أي ردة فعل . سمعتها تتنهد بإحباط و تسلك طريقها للخارج .
و عندما نظرت لهذا الشئ اتضح إنه كان كتاباً .
عنوانه كان "حياة مستذئب" .
______________________
سمع أخت صديقه و هي تقوم بالإتصال في عقله و صوتها يرن في دماغه يخبره إنها علمت أنه كان مرضاً .
شعر في وقتها إنه قد أفسد كل شئ، لكن ما عرفه إنها منهارة بسبب عدم إخبارها بإنه كان مرضاً .
فماذا ستفعل عندما تعلم إنه بالفعل السبب في هذا المرض؟
قام بسلك طريقه الي مكانها، و كانت تتواجد في بيت صديقها فينيكس الذي لم يعد يتواجد مع عائلته و اصبح يرقد في ذلك المبني المهترئ الذي تكرهه ايفا بشدة .
في طريقه كانت توجد الكثير من المناقشات و الكلمات التي ألفها و التي سيقولها عندما يراها، لكن حينما وقعت عيناه عليها تبخرت كل ما جهزه بسبب صوت بكائها الذي وصل لمسامعه الحادة .
بكائها الذي كون الغضة في حلقه و شعر إنه يحتاج لمئة طعنة لأنه السبب، برغم إنه رأي علي مر السنين إناسٍ الكثيرة أعزاء عليه يموتون بسبب هذا المرض .
ناس كثيرة كان يعرفهم أعز معرفة آخرون رآهم و هم أرواحهم تحترق و كل هذا كان بسببه .
لكن رؤيتها و هي تحتضن شقيق صديقها و تبكي لعلمها أنها لن تستطيع مساعدته..فمصيره الموت علي كل حال .
حاول أن يتحدث أو يقوم بأي شئ لتهدئتها، و لكنها لا تريد النظر إليه برغم من علمها بوجوده إلا إنها تعطيه ظهرها وتدفن رأسها في حضن الفتي الصغير ذو خمسة أعوام .
نظر للسيدة صاحبة المنزل و أم الولدين الذي واحداً منهم في مبني المهترئ، كانت تنظر لهم و تحاول الا تنهار أمامهم فتزيد الوضع سوءاً، هي بالفعل تعلم أن إبنها سيموت لكنها لا تستطيع إبداء أي ردة فعل، لم تعد قادرة علي فعل ما تفعله ايڤا الآن .
ليس بعد موت زوجها..و هاهو الآن إبنها العزيز يلحقه .
إقترب منها و لم يعد يفصل بينهم سوي بعض الإنشات، هي شعرت بحرارته خلفها و مجدداً لم ترضي أن تنظر له..فقط تستند علي كتف الفتي الصغير بعدما انتهي الإثنان من البكاء علي شقيقه و صديقها .
"إيفا ." تحدث بصوته العميق لكي تنتبه له لكنها ظلت علي وضعيتها علي الأرض جالسة علي ركبتيها و تحتضن الأصغر .
"إيڤا، أُتركيهم أنتِ تزيدين الأمر سوءاً." بعد ثانيتين هي كانت صامتة تماماً و لكنها لازالت لا تريد رفع وجهها .
الصغير كان صامتاً تماماً حتي وضع يده علي شعرها لترفع رأسها من حضنه و تنظر لوجهه البرئ بعيناها الدامعتان .
"لونا ايڤا؟" دمعة تسللت خارج عيناها و هي تومئ له بخفة لكي يخبرها ما يريد قوله .
"لا تبكي لأجل أخي أرجوكي، اذا كان هنا لن يريد أن يري عيناكي تذرفان الدموع. و ايضاً أنا وعدت أبي أن لا ابكي بعدما مات، لذلك أريدك أيضاً أن تعوديني بألا تبكي علي أخي ابداً ."
لحظة هدوء عمت المكان، ما كان أحد يتصور أن تلك الكلمات تخرج من فم فتي صغير في الخامسة من عمره. تلك الكلمات البريئة كانت كفيلة لتوقف ايڤا عن البكاء و تجعلها تستجمع نفسها لتخرج اول كلمة يسمعها جايس منها منذ وجوده هنا .
"أعدُك ." قبلت وجنتاه و أحتضنته ثم إتجهت نظراتها نحو السيدة الكبيرة التي تقف في الزاوية عيناها تملأهما حزن و حسرة من كل ما يحصل حولها حتي ذهبت لها ايڤا و إرتمت في حضنها .
"أنا آسفة..ما كان علي المجيئ. " دفعتها السيدة بخفة لتنظر لوجهها و تمسك به و تبتسم .
"لا تقولي هذا لونا، نحن ممتنون إنك تشاركينا أحزانك و قلقك علي إبني ." إبتسمت لها ايڤا بخفة و ربتت عليها .
"إذا إحتجتي اي شئ لا تترددي و تخبريني أو حتي تبعثي ذلك الصغير اللطيف إلي ." داعبت ايڤا خد الفتي ليبتسم بكسوف لينفطر قلب ايڤا . لقد كان يشبهه، هذا الفتي الصغير يشبه أخيه جداً و ذلك زين الحزن في قلبها لكنها استجمعت نفسها و تنهدت لتبتسم مرة أخري لهم ثم تخرج دون حتي النظر لمن كان يقف و ينتظرها لتذهب معه .
كان علي وشك الذهاب لكنه شعر أن عليه فعل شيئاً..
نظر للفتي و أمه الذين لا يفهمون لمَ لم يذهب حتي الآن .
"أعتذر مما بدر من اللونا..هي فقط مشتتة في الوقت الحالي لأن ڤينيكس كان يعتبر صديقها لذلك.."تنهد و أغمض عينيه مبتلعاً للعابه ببطئ بسبب الغضة التي بحلقه. "لا تفكروا في الموضوع كثيراً، و كما قالت..إذا احتجتم الي شئ أخبرونا في الحال ." إلتفت و خرج و لكن صوت والدة فينيكس أوقفه .
"شكراً لك ألفا..نحن لا نعلم بدونك ما سيكون وضع مجموعتنا ."
*أفضل..* هذا ما نطقه ذئبه ليتنهد هو و يومئ لها ثم يسلك طريقه مؤدياً الي رفيقته .
كانت تمشي ذاهبة الي حديقة بجانب المبني الشبه المدرسة لتعليم الأطفال في سن شقيق ڤينيكس. لم ترد النظر ورائها برغم من نداؤه عليها لكنها لا تريد التحدث معه . هي فقط تريد الوحدة لبعض الوقت .
"ايڤا، لا تتجاهليني ."
"و ماذا تريدني أن افعل؟! هل تريد مني الإبتسام بعدما أخفيت سر الأركايترزم هذا؟ و بعد أن عرفت أن صديقي مصيره الموت. ڤينيكس من المفترض أن يكون من مجموعتي! و من غيره؟! من غيره أصيب بهذه اللعنة و كان مصيره العذاب ثم الموت؟!" هو لم يتحمل، إنهيارها أمامه لم يكن بالشئ الصغير لكن كلامها أشعره إنه لا يعرف أي شئ عن العذاب و هذا كان الشئ الوحيد الذي إختبره كل يوم .
فجأه أمسك بذراعيها و سحبها ليجعل بعض الإنشات هي ما تفصلهم و عيناه البنية التي كانت تميل للخضار أصبحت سوداء و كإن عروقه علي وشك الإنفجار .
"تتحدثين كإنك من اختبر الألم و العذاب كل ثانية و نسيتي إني أشعر بكل شئ يشعرون به، و الرابط بيني و بين كل واحد منهم أصيب بهذه اللعنة كما تقولين يجعلني أستطيع أن أحس بألم عشرة في وقت واحد. لا أطلب منكِ الشفقة لأجلي أو لأجل المجموعة، لكن لا تتسرعي بالحكم علي أشياء أنتِ لا تعلمين عنها شيئاً سوي المظهر الخارجي ."
ثم ترك ذراعها و ذهب بخطوات غاضبة و لازال يفكر بما قاله. لم يكن عليه الغضب، هذا ما كان يفكر فيه..هي بالفعل مشوشة و ها هو يزيد من معاناتها. تمني أن يرجع لها و يعتذر لها عن طريقته في التحدث..هو فكر في ما قاله لبعض الوقت، نعم جعلها تتعمق في دوامة الأركايترزم أكثر التي لم يرد لها أن تدخلها ابداً..لكنها رفيقته..أما هو أما هي .
أما عنها فكانت تنظر للمكان الذي آخر لمحة منه إختفت منه ولا تستطيع التعبير عما يدور بداخلها، فقط صمت. شعرت بضيق بداخلها و ألم..هو كان علي حق، هي حكمت علي الأمر بتسرع من ناحية عدم إخباره لها عن المرض لكن كلماته أخبرتها أن معاناته كان أكبر من أي ستتحمله هي .
كل يوم و كل مريض، شعر معه بألم فقدان الرفيق رغم عدم إنقطاع رباطه مع رفيقته هو .
شعر بألم موت الذئب و ذئبه لا يموت بالفعل .
شعر بالامراض الجلدية و السرطانية التي لا تجعلهم يناموا برغم من حالته الصحية أكثر من جيدة .
و كان يختبر الموت كل يوم و مع ذلك هو لم يمت .
تلك هي الافكار التي تسللت لعقلها و جعلت قدماها لم تعد قادرة علي حملها، سقطت علي ركبتيها و في تلك اللحظة كان ايلڤيس يمشي مع ايڤان و كايلب لكن رؤيته لإيڤا و هي تسقط أسقطت قلبه معها و لم يمنع نفسه من تركه و الإتجاه لها علي الفور .
"ايڤا! مالذي حصل؟ لم أنتِ بهذا الشكل؟!-.."
"أتركني إيلڤيس ." لكن قاطعها هو بسرعة .
"لا لن أتركك! هيا تعالي معي ." أسند ذراعها علي كتفه و أوقفها و قام بسلك طريقه لمكان خالٍ، كان مكاناً بين الأشجار كي تأخذ ي راحتها في التحدث كما تريد .
"هيا أخبريني ." جلس بجانبها علي جزع شجره ينظر لوجهها بينما هي تحدق بكل الخضرة التي أمامها من أشجار و حشائش صامتة تماماً حتي تحدثت و أخبرته بكل شئ، كلام آجنس، المرض، كلام جايس..ڤينيكس .
و هو كان يستمع بكل إهتمام و تفهم لكل ما تمر به في الوقت الحالي مع رفيقها حتي انتهت و تحدث هو .
"من الواضح انه يهتم لكي كثيراً، من كلامه أوضح لكي أنه كان سعيداً أمامك برغم من حزنه علي كل من فقدهم من المرض، عندما كان يتظاهر بالقوة و هو كان متألم..هو يفعل كل شئ لسببً ما..ذلك السر-.." قاطعته بإنفعالٍ باكي .
"لكنه علي الاقل يشاركني حزنه يا إيلڤيس، أليس هذا ما يفعله الرفقاء؟!" إمسك بيديها ليهدئها بسرعة .
"هو لا يريدك أن تحملي همه أو تحزني. نعم هذا يعد قراراً خاطئاً ألا يخبرك عن المرض لكن فيه بعض الصواب. هو يفعل ذلك لأنه يهتم لكي و يريدك بجانبه سعيدة و لذلك لم يرد أن يسقط كبريائك و أخبر الجميع في إحتفال المجموعة الأخري إنك اللونا، و أيضاً قام بإعداد مكتبة كاملة لكي أنتِ فقط..أكُل ما فعله نسيتيه و ركزتي علي الغضب منه لأنه لم يخبرك بأمر المرض؟ الأمر صعب بالفعل للعلم أن صديق لك سيموت قريباً لكن نحن جميعاً مصيرنا في النهاية الموت، لذلك هيا أذهبي أيتها الحمقاء لرفيقك و توقفي عن التصرفات العصبية تلك!" صاح بآخر كلامه ليصدم ايڤا من ردة فعله..كان يقول بعض الحكم منذ قليل ..
إبتسمت قليلاً ثم تحدثت، "دعنا من الحديث عني الآن، أنت من يجب علي سؤالك، كيف أصبحت تتعايش مع الأمور هنا بالرغم من كوننا مستذئبين و كونك بشري؟" إبتسم قليلاً علي سؤالها ثم جاوب وهو يلعب بأصابعه .
"فالحقيقة أنا لم أتقبل أي شئ في هذا المكان نهائياً في البداية، لكن تعرفي علي ايفان و كايلب هدأ لي الأمور و شعرت بالراحة معهم لم أشعرها مع أياً من أصدقائي من قبل، و ايضاً علي الإعتراف.." صمت قليلاً ثم تنهد. "أنا كنت معجب بكي و لهذا أردت العثور عليكي ."
العالم عندها كأنه توقف عن العمل لجملته تلك..طوال عمرها إنتظرت هذه الكلمات من شفتيه كانت تنظر هذا الشعور الذي ينتابها بعدما يخبرها إعجابه بها لكن الآن تمنت بألا يقولها أبداً.
و لوهلة فكرت في جايس و شعرت أن قلبها يدق بسرعة و فهمت عندها ما معني هذا الشعور الذي دب بروحها بمجرد أن عبرت صورته في عقلها .
"لكن الآن أنا لم أعد كذلك لإني أعرف إنك رفيقة الألفا و مقدر لكم أن تكونوا مع بعضكم.."شعرت براحة فجأة لكلمته و الدفء يحتضن قلبها عند قوله أنها و جايس مقدرين لبعض .
"أهذا حقاً كل شئ؟" نظرت له بإستنكار لأنه من الواضح بإخفائه لأمرٍ ما. ظل ينظر لكل مكان معادا عيناها حتي شعر أنه لم يحتمل بعصر عيناه و إبتسامة واسعة زينت وجهه و فجأه فتح عيناه ثم قالها .
"أنا معجب ببلايك!" ضحكت علي ردة فعله اللطيفة .
"إذاً لمَ لا تحاول التعرف عليها؟" هو رفع كتفه بقلة حيلة ثم رد عليها مبادلاً طرف الحوار .
"أشعر إنها لن تتقبلني، هي بالفعل من أحسن المحاربين في المجموعة و معتادة علي الشدة، كإني لو تحدثت معها من الممكن أن تلكمني أو شئٍ من هذا القبيل" ضحكت علي تصوره بما قد تفعله بلايك له لكنها في لحظة تذكرت ما قاله جايس لها في آخر كلامه ثم كررته لإيلفيس .
"لا تتسرع بالحكم علي الأشياء و أنت لا تعلم عنها سوي المظهر الخارجي ."
هو اومئ لها و أستعدوا للذهاب من المكان لكنهم لم يعرفوا أن هناك شخصاً كان يسمع حواراتهم .
بلايك .
___________________
في تلك الليلة، ذهبت ايفا للمنزل و ما ضايقها أن جايس لم يكن موجوداً حتي إنها انتظرته لوقت متأخر . لكن في الناحية الأخري ايلفيس كان في غرفته في بيت المجموعة مرتدياً ملابس أخري مستعداً للنوم و هاهو الباب يطرق ببطء ليعقد هو حاجبيه و يهم بترك السرير .
"من الذي يريدني في هذا الوقت؟" قالها بإنزعاج و معالم وجهه تعبر عن الضيق حتي فتح الباب و ظهرت بلايك من وراؤه .
"ب-بلايك!" عيناه توسعت بينما هي كانت صامتة ولا توجد أي ملامح علي وجهها مما جعله متوتراً، أخذت خطوة للأمام مما جعله يتراجع للوراء .
"هل تحتاجي الي شئ؟" أصبحت بالكامل بداخل الغرفة. إبتلع ريقه بصعوبة عندما رآها تغلق الباب ورائها دون فصل إتصال الأعين بينهم .
تنفسه يصبح أثقل كلما أقتربت حتي أصبحت أمامه بضبط ولا يفضل عن وجوههم سوي بعض السنتيمترات .
"بلايك.." بكل رقة قامت بسحب عنقه بينما تقف علي أطراف أصابعها و تجعل شفتاهم يتلامسا أخيراً .
لم تتوقع في يوم أن يكون لديها تلك الجرأة في مواضيع الحب هذه..حتي رفيقها الأول كانت تخجل و خديها تتجمع بهم الدماء عندما يقبلا بعضهم. و ها هي لآن..في غرفته تقبله بكل لطف و أصابعها بشعره بينما يداه علي خصرها يسحبها إليه أكثر و يقربها منه كإنه إحتاج لهذا منذ وقتٍ طويل .
بعد وقتٍ ليس بقصير إبتعدا عن بعضهم ليأخذا أنفسهم بينما أعينهم لا تريد فقدان أي تواصل بصري بينهم، كإنها تتحدث بدلاً عنهم عما كل ما يدور في ذهنهم .
كان الصمت يعم الغرفة و أصوات تنفسهم هي كل ما يسمعونه حتي إبتعدت قليلاً عنه لتتحدث .
"و أنا ايضاً معجبة بك ." و تضع قبلة صغيرة علي شفته و تخرج تاركة خلفها الفتي الذي يتحسس شفته بخفه و يتذكر ملمس شفتها علي خاصته و قربهم من بعضهم و إبتسامة بلهاء تزين وجهه ليقع علي السرير خلفه براحة كبيرة تُركت في قلبه .
في اليوم التالي كانت تجلس ايڤا علي جزع شجرة تشاهد التدريبات الحربية التي يقومون بها فتيان و فتيات المجموعة سواء دفاع أو هجوم . بعد القليل من الوقت سرحت في تفكيرها الي أن شعرت بتواجد أحد ما بجانبها .
نظرت له و كان كاي .
أدارت وجهها مرة أخري ليتحدث هو .
"ألتلك الدرجة أشتقتي لي، لونا؟" دورت عيناها ثم نظرت له بتنهد .
"مرحباً لك ايضاً ." ضحك ليرجع نظره للتمارين التي تُدار أمامهم و تحدث .
"أصبحتي قريبة من بلايك، أنا ممتن لهذا ." إبتسمت بخفة ليكمل هو. "هي لم تعد تنفتح لأي أحد مهما كان سواي أنا و إيڤان و كايلب، و لكن تعلمين هي فالأول و فالآخر فتاة. لن تخبرنا بكل شئ يدور في حياتها ."
"نعم، هذا ما كنت سأفعله لو كنت مكانها ." إبتسم هو قليلاً ليرد عليها .
"لذلك أنا أشكرك لإنك جعلتي أختي تثق بكي و تخبرك بما حصل ." نظرت له بسرعة تفكر فيما قاله .
"كيف عرفت إنها أخبرتني بما حصل؟"
"أختي عندما تكون مع شخصٍ ما طوال الوقت معناه إنه قريب منها و أنها أخبرته بهذا الموضوع، و هي فالفترة الأخيرة شبه معكي دائماً..زائد أن هذا ما كانت تفعله مع إيڤان و كايلب لو كنت مشغولاً ." اومئت بتفهم..كإنه يخبرها بما هي عليع شخصية بلايك .
هي لديها دائرتها الصغيرة من الأشخاص الذين تحتاجهم في حياتها، هؤلاء الأشخاص هم من تجعلهم يروا شخصيتها الحقيقية، إبتسامتها و أسرارها. أما مع الجميع فهي تتخفي تحت قناع العصبية و الشدة و البرود .
و لذلك في البداية الفتاتان كرهوا بعضهم لأن الإثنان فالحقيقة لم يعرفوا شيئاً عن بعضهم و لكن مع الوقت أصبحت الأمور أفضل بينهم و تلك الأقنعة التي كانت علي وجوهم تتكسر تدريجياً .
"فالحقيقة أنا تحدثت عن بلايك لإني البارحة لاحظت شيئاً ." عقدت حاجبيها لتنظر له بإستفهام، لاحظ ماذا؟
"هي عادت للبيت في وقتٍ متأخر بينما أنا كنت في طريقي للمكتب لرؤية بعض الأشغال التي تخص المجموعة. مررت من جانبها و أشتممت رائحة غريبة عليها ." عيناها توسعت قليلاً .
"رائحة ماذا؟" نظرته كإنه يتذكر شيئاً و ايڤا تنتظره ليكمل .
"ذلك البشري..إيلڤيس ." عيناها توسعت بشدة، اللعنة ماللذي فعلته مع الفتي؟!
"لذلك أردت سؤالك اذا كنتِ تعرفين اذا كان يدور أي شئ بينهم؟" خارجياً هي كانت تعطيه وجههاً شبه خالياً من التعابير لكن بالداخل فهي ترقص فرحاً لأجلهم .
بلايك بالفعل كانت متوترة من الحديث معه، و هو كان يعتقد إنها لن تتقبله .
اياً كان ما حصل بينهم، فرائحته عليها تكون علامة جيدة .
أبتسمت ايڤا، "لا، لا أعلم أي شئ ." اومئ كاي بتفهم حتي تحدثت ايڤا مرة أخري .
"أعتقد أنه اذا رأيت شيئاً في شخصاً تحبه، لا تسأل الآخرين عليه. عليك السماع منه شخصياً ." إبتسم لي و اومئ . لحظة صمت عمت المكان حتي قاطعه شخصاً يأخذ نفسي كلما تحدث .
"ايفا، هيا الي التدريب ." عقدت حاجبي بسرعة .
"تدريب؟!" تحدث كاي بعدها .
"الجميع عليه التدرب، لا أحد منا يضمن مالذي ممكن أن يحصل له لذلك الجميع مجبر علي هذا ." هي ظلت صامتة بينما رفيقها يحدق بها ولا تعابير علي وجهه، فقط يحدق بها و هي لاتعلم مالذي حصل لها لكنها لا تستطيع النظر في عينه .
بتردد منها وقفت من مكانها، "حسناً ." ثم ذهبت وراؤه .
في طريقهم لساحة التدريب كانت هي تشعر بالتوتر، تشعر أنه سيعاملها بسوء..أو أسوأ، البرود. أن يلبس قناع البرود و يعاملها بتلك الطريقة الخالية من المشاعر لديها أسوأ من أن يتحدث معها بعصبية أو بنفاذ صبر .
كإنها ليست لها أهمية..مثلها مثل أي شخص في هذه الساحة..سيدربهم ثم يتركهم لباقي اليوم .
وقفوا بعيداً عن الجميع ثم بدأ جايس بقول التعليمات لها بينما هي لا تستطيع التركيز معه . هو لاحظ ذلك بالفعل و صمت لتلاحظ هي صمته .
"لمَ توقفت؟"
"لمَ سرحتي؟"
لم ترد عليه ليقوم بأخذ خطوة مقترباً منها أكثر .
كل نهما صامت و يتنظر الآخر ليتحدث لكنهم لا يعلمون مالذي عليهم قوله في تلك اللحظة حتي تحدث هو .
"مالذي يشغل تفكيرك؟" إبتلعت ريقها بصعوبة و ردت دون النظر في عينه بينما هو كان يحدق بها مخترقاً لروحها .
"كيف عندما معك أغضب من كل شئ تفعله و من قربك لي و بينما عدم وجودي بجانبك يجعلني أكره نفسي و أريد الركض إليك و عدم ترك مكاني بين ذراعيك ابداً؟" تنفسه توقف للكلمات التي خرجت من شفتيها، هذا ليس جيداً . برغم من فرحه لإنها تريد أن تظل معه الا أن الشعور الذي ينتابها و هي ليست بجانبه هو أكثر ما يقلقه .
اومئ لها ثم نظر لعيناها، "لا تهتمي بكل هذا..فقط ركزي علي ." ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تومئ و تحاول التركيز مع تعليماته .
"هيا لنجرب كل ما قلته عملياً ." فعلت كما فعل و إتخذت وضعية القتال و هو وقف أمامها رافعاً يداه الي جانب رأسه .
"قومي بلكمي ." توسعت عيناها لتنزل يديها و تتحدث بغير تصديق .
"أنت قلت ماذا؟"
"قومي بلكمي..حاولي أن تجعليني أتألم ." هزت رأسها بسرعة و قدماها تتحرك كأنها تريد الذهاب .
"لا، لن أفعل ذلك ." أمسك بمعصمها بعنف .
"لا تتركيني و أنا اتحدث اليكي، هذا أمر. " نفسها أهتز للحظة و هي تشعر بألم مسكه لمعصمها بشدة حتي تركها و هي عادت لوضعية القتال بتردد .
هو بالفعل يشعر بالألم من مرضي مجموعته..هل يريدها أن تزيد المه و معاناته أكثر؟
قامت بإعطائه لكمة بصدره ولم يحصل شئ .
"اضربي بقوة أكبر، ايفا ." اطاعت ما قاله و شدت علي قبضتها أكثر ثم ضربت .
"مرة أخري ."
ضربة .
"مرة أخري ."
ضربة .
"مرة أخري ."
قلبها كان يتحطم مع كل مرة أخبرها أن تلكمه أكثر و جعله يتألم بشكل أكبر بسببها، لذلك في آخر مرة أمرها بضربه، هي لم تفعل ذلك بل أستسلمت لشعورها و دفنت وجهها بصدره و أحاطت ذراعيها خصره .
"توقف عن هذا، توقف! أنت تحطمني بما تفعله هذا! " شدت حضنها عليه و دفنت وجهها أكثر حتي أصبحت تسمع ضربات قلبه بوضوح .
وضع يده علي شعرها و الأخري رفعت ذقنها لتنظر .
"الألم الذي أعطيتيه الي كان أكبر عشرات المرات عندما أراكي حزينة أو غاضبة و في كل مرة أكون انا السبب . عليكي معرفة أن لدي اسبابي لعدم إخبارك ما هو سري و لعدم إخبارك عن الأركايترزم..كل شئ أفعله كان لسبب، لذلك مهما حصلت الظروف لا يجب الضعف و الإنهيار بهذا الشكل لإنك لم تفعلي هذا عندما هجرك حبيبك السابق.." تركها ثم عاد لمكانه لكنها جمدته بسؤالها .
"كيف عرفت بأنه كان لدي حبيب؟" أصبح ينظر في كل مكان ماعدا عيناها حتي إتخذت خطوة خطيرة مقتربة منه و تنظر تحديداً لعيناه بحدة .
"أنا اكره ما يحصل لي بالفعل عندما أكون بجانبك، بربك لا تزيد الأمر تعقيداً و أخبرني كيف عرفت عن حبيبي السابق؟!" صاحت بوجهه و جذبت بعض الأعين لهم لكنه لم يرد عليها لتتعصب أكثر و تدفعه .
"كيف عرفت؟! و لكن نبرة الالفا ظهرت في صوته ليوقفها .
"عودي الي التدريب ." و بدون أن تشعر أطاعت ما قاله . ظل يكمل التعليمات و لكنه كان يعلم إنها تعرفها بالفعل..هي تمرنت في الملاكمة من قبل لذلك قبل أن ينتهي قامت بلكمه ضربات سريعة .
هو لم يكن متفاجئ، هو علم بحبها لعنصر المفاجئة لذلك تفادي جميع ضرباتها ثم أمسك بقبضة يدها اليمني و لوي ذراعها وراء ظهرها حتي جعلها ملتصقة به و نفسه علي رقبتها بينما ذراعه اليسري ملتفة حول جسدها و شفته تتلامس مع أذناها و يخبرها آخر تعليماته قبل أن يذهب .
"عندما يهجم العدو، لا تترددي بإدخال يدك في ضلوعه و تقتلعي قلبه من مكانه و أنتِ تنظرين لعيناه و تري النور ينطفئ بهم ."
و ما بينهم من ضحايا،
كل شخص يختار قدره،
هو اختار شخص،
و انا اخترت مجموعته،
و كل من يقع عليه الاختيار يموت .
____________________________________
لم اعلم مالذي علي فعله في وقتها، هل علي الصراخ ام الفزع ام ماذا بضبط. كل ما شعرت به هو قلبي الذي انقبض و نفسي الذي ثقل ثم سواد لا نهاية له .
ذلك السواد انكسر عند فتح عيني للمرة الثانية لأجد نفسي في غرفتي .
لم يدم هذا الهدوء طويلاً لإني شعرت بتواجد شخصٍ آخر معي، لا..بل شخصين!
انتفضت من مكاني بسرعة و اكتشف أن بلايك و إمرأه رأيت وجهها من قبل، كانوا يقفون أمام السرير..كإنهم ينتظروني حتي استيقظ .
"أخيراَ استيقظتي!" تنهدت بلايك براحة و هي تحاول الإبتسام لي لكن ظلت الملامح الجامدة علي وجهي..لا اريد التحدث مع اي شخص الآن..و خاصتاً جايس .
ركزت نظري علي تلك الإمرأة، تلك من خرجت قوة الثلج خاصتي لأول مرة بإتجاهها..و هي اوقفت الثلج بيدها قبل أن يصل لها .
"أنا فرانسيس، اتتذكريني؟"
"ماذا تريدون؟" سؤالي جعل ملامج بلايك تضيق كإنها لا تستطيع الإجابة و لكن فرانسيس لم تتغير ملامح وجهها بل ظلت هادثة مثل جميع المرات التي رأيتها فيها .
"أنا صديقة الألفا-.."
"لم أطلب منكِ التعريف عن نفسك" توقفت عن الكلام و اخذت نفساً كإنها بدأت تفقد اعصابها.
"انظري ايفا-.."
"لونا ايفا" عصرت عيناها و اخذت نفساً عميقاً و اكلمت .
"لونا ايفا..اعلم إنك من الطبيعي ان تحزني-.."
"انتي لا تعرفين اي شي"
"بل انا اعرف كل شئ" عيناي التي لم ترد النظر لها وقعت عليها بسرعة، هي ايضاَ تعرف..
"حسناَ، طالما أنتي تعرفين كل شئ و بالطبع ستتصرفين مثل الكل و لن تقولي شيئاَ فأتركيني وحدي" صمت الإنثان بينما انا عاقدة ذراعاي انظر بحدة لكلتاهما .
"اركايترزم بالفعل يكون مرضاً" تحدثت فرانسيس لتكمل بلايك الأخري .
"و فينيكس مصاب به كما رأيتي"
ابتلعت لعابي بصعوبة و صمتت قليلاً ثم تحدثت مرة اخري .
"و ما هي اعراضه؟" لم اشعر سوي بصوتي يهتز و الدموع تتجمع في عيني، اتذكر منظر فينيكس الذي كان يتألم امامي بينما جلد وجهه كأنه اهترأ و لم يعد هناك اثر لوجهه الطبيعي. ذلك التواصل البصري الذي اقمناه جعلني اعرف من هو، شعرت بالدنيا كلها في تلك اللحظة تدور حولي و لم اري بعدها سوي بسواد .
لإن فينيكس اصبح مثل تلك الكائنات .
اظافر اليد اليمني كانت تحفر في جلد اليسري احاول الا انهار امامهم، الا تنزل مني ولا دمعة علي الرغم من الشعور بأشواك تخترق حلقي و تخنقني، اصبحت فالمرحلة قبل البكاء لكن لا..لن انهار امامهم، لن ابكي و لن احزن .
ليس امامهم .
فرانسيس سمعتها تأخذ نفسها فركزت سمعي معها حتي تحدثت .
"المرض في اول مرحلة يقطع رباط الرفيق.." ابتلعت ريقي بصعوبة من الغضة التي زادت و جعلتني غير القادرة علي التنفس و هي اكملت .
"و المرحلة الثانية..يموت الذئب و يصبح صاحب المرض بشرياً.." تجمعت الدموع في عيني و ظللت ساكنة مكاني لتتنهد هي و تكمل .
"و تأتيه اصعب امراض بشرية سواء في الجلد او في العقل و تجعله حتي غير قادر علي النوم..و هذه المرحلة الثالثة" نفسي ارتعش و اسمع صوتي يصرخ في عقلي بأصمتي و كفي..فهذا ما يمر به فينيكس الآن .
"و المرحلة الرابعة و الاخيرة..هي الموت"
رقبتي رفعت لها بسرعة و عيناي مفتوحة علي مصرعيها..الموت .
"الا توجد لهذه اللعنة دواء؟" صوتي خرج منخفض، نظرات فرانسيس كانت تخترقني و جعلت جسدي يرتعش عندما اجابت علي سؤالي .
"لا..لا يوجد" .
كأن العالم توقف من حولي و شعرت كإنه لم يعد هناك سبب للعيش، اريد الموت علي أن اري هؤلاء الاشخاص الذين يحملون هذا المرض يتعذبون .
فينيكس في هذا المبني القبيح يتعذب و انا هنا اقيم في غرفة في بيت الالفا و لا توجد بيدي حيلة لكي انقذه، كإنه في حالة متأخرة من السرطان..لم تعد هناك حلول لإنقاذ حياته..
الدموع كانت تسيل ببطئ بعد أن ارفض ان اظهر لهم ألمي لكن ذلك الشئ الغير مرئي الذي كان يلتف حول عنقي لحظة تلو الأخري،هذا الشعور..شعور كإنه رئتاك لم تعد تريد الهواء الذي يدخل لها و الألم في قلبك يزداد كإنه يحارب لكي يتوقف .
شعور ما قبل الإنهيار..
لم اعطي لم اي مجال لكي يروني وانا ابكي فقد كنت اعطيهم جانب رأسي و شعري اخفي وجهي عنهم، كنت ممتنة ان لا احد يستطيع أن يري ما ابدو عليه..او يعلم بما اشعر به، يجب أن اظل قوية..او حتي ابدو كذلك .
شعرت بنظراتهم علي لكني ظللت أنظر بعيداً، الصمت كان يسود الغرفة و هم لازالوا ينتظرون مني رداً لكني رافضة التحدث، ببطئ سمعت خطوات فرانسيس تفتح الباب ثم تسلك طريقها للخارج تلتفت و لكن رائحة بلايك هي التي لازالت بالغرفة..هي لم تذهب ظلت .
سمعتها تتقدم ببطئ حتي وصلت الي جانب السرير، انا كنت ساكنة و دموعي لم تتوقف، كانت تسيل علي خدي بهدوء عكس العاصفة التي بداخلي .
بعد أن وضعت هذا الشئ بجانبي، وقفت تنظر لي لفترة علي أمل ان اقوم بأي شئ لكني لا..لم ابدي أي ردة فعل . سمعتها تتنهد بإحباط و تسلك طريقها للخارج .
و عندما نظرت لهذا الشئ اتضح إنه كان كتاباً .
عنوانه كان "حياة مستذئب" .
______________________
سمع أخت صديقه و هي تقوم بالإتصال في عقله و صوتها يرن في دماغه يخبره إنها علمت أنه كان مرضاً .
شعر في وقتها إنه قد أفسد كل شئ، لكن ما عرفه إنها منهارة بسبب عدم إخبارها بإنه كان مرضاً .
فماذا ستفعل عندما تعلم إنه بالفعل السبب في هذا المرض؟
قام بسلك طريقه الي مكانها، و كانت تتواجد في بيت صديقها فينيكس الذي لم يعد يتواجد مع عائلته و اصبح يرقد في ذلك المبني المهترئ الذي تكرهه ايفا بشدة .
في طريقه كانت توجد الكثير من المناقشات و الكلمات التي ألفها و التي سيقولها عندما يراها، لكن حينما وقعت عيناه عليها تبخرت كل ما جهزه بسبب صوت بكائها الذي وصل لمسامعه الحادة .
بكائها الذي كون الغضة في حلقه و شعر إنه يحتاج لمئة طعنة لأنه السبب، برغم إنه رأي علي مر السنين إناسٍ الكثيرة أعزاء عليه يموتون بسبب هذا المرض .
ناس كثيرة كان يعرفهم أعز معرفة آخرون رآهم و هم أرواحهم تحترق و كل هذا كان بسببه .
لكن رؤيتها و هي تحتضن شقيق صديقها و تبكي لعلمها أنها لن تستطيع مساعدته..فمصيره الموت علي كل حال .
حاول أن يتحدث أو يقوم بأي شئ لتهدئتها، و لكنها لا تريد النظر إليه برغم من علمها بوجوده إلا إنها تعطيه ظهرها وتدفن رأسها في حضن الفتي الصغير ذو خمسة أعوام .
نظر للسيدة صاحبة المنزل و أم الولدين الذي واحداً منهم في مبني المهترئ، كانت تنظر لهم و تحاول الا تنهار أمامهم فتزيد الوضع سوءاً، هي بالفعل تعلم أن إبنها سيموت لكنها لا تستطيع إبداء أي ردة فعل، لم تعد قادرة علي فعل ما تفعله ايڤا الآن .
ليس بعد موت زوجها..و هاهو الآن إبنها العزيز يلحقه .
إقترب منها و لم يعد يفصل بينهم سوي بعض الإنشات، هي شعرت بحرارته خلفها و مجدداً لم ترضي أن تنظر له..فقط تستند علي كتف الفتي الصغير بعدما انتهي الإثنان من البكاء علي شقيقه و صديقها .
"إيفا ." تحدث بصوته العميق لكي تنتبه له لكنها ظلت علي وضعيتها علي الأرض جالسة علي ركبتيها و تحتضن الأصغر .
"إيڤا، أُتركيهم أنتِ تزيدين الأمر سوءاً." بعد ثانيتين هي كانت صامتة تماماً و لكنها لازالت لا تريد رفع وجهها .
الصغير كان صامتاً تماماً حتي وضع يده علي شعرها لترفع رأسها من حضنه و تنظر لوجهه البرئ بعيناها الدامعتان .
"لونا ايڤا؟" دمعة تسللت خارج عيناها و هي تومئ له بخفة لكي يخبرها ما يريد قوله .
"لا تبكي لأجل أخي أرجوكي، اذا كان هنا لن يريد أن يري عيناكي تذرفان الدموع. و ايضاً أنا وعدت أبي أن لا ابكي بعدما مات، لذلك أريدك أيضاً أن تعوديني بألا تبكي علي أخي ابداً ."
لحظة هدوء عمت المكان، ما كان أحد يتصور أن تلك الكلمات تخرج من فم فتي صغير في الخامسة من عمره. تلك الكلمات البريئة كانت كفيلة لتوقف ايڤا عن البكاء و تجعلها تستجمع نفسها لتخرج اول كلمة يسمعها جايس منها منذ وجوده هنا .
"أعدُك ." قبلت وجنتاه و أحتضنته ثم إتجهت نظراتها نحو السيدة الكبيرة التي تقف في الزاوية عيناها تملأهما حزن و حسرة من كل ما يحصل حولها حتي ذهبت لها ايڤا و إرتمت في حضنها .
"أنا آسفة..ما كان علي المجيئ. " دفعتها السيدة بخفة لتنظر لوجهها و تمسك به و تبتسم .
"لا تقولي هذا لونا، نحن ممتنون إنك تشاركينا أحزانك و قلقك علي إبني ." إبتسمت لها ايڤا بخفة و ربتت عليها .
"إذا إحتجتي اي شئ لا تترددي و تخبريني أو حتي تبعثي ذلك الصغير اللطيف إلي ." داعبت ايڤا خد الفتي ليبتسم بكسوف لينفطر قلب ايڤا . لقد كان يشبهه، هذا الفتي الصغير يشبه أخيه جداً و ذلك زين الحزن في قلبها لكنها استجمعت نفسها و تنهدت لتبتسم مرة أخري لهم ثم تخرج دون حتي النظر لمن كان يقف و ينتظرها لتذهب معه .
كان علي وشك الذهاب لكنه شعر أن عليه فعل شيئاً..
نظر للفتي و أمه الذين لا يفهمون لمَ لم يذهب حتي الآن .
"أعتذر مما بدر من اللونا..هي فقط مشتتة في الوقت الحالي لأن ڤينيكس كان يعتبر صديقها لذلك.."تنهد و أغمض عينيه مبتلعاً للعابه ببطئ بسبب الغضة التي بحلقه. "لا تفكروا في الموضوع كثيراً، و كما قالت..إذا احتجتم الي شئ أخبرونا في الحال ." إلتفت و خرج و لكن صوت والدة فينيكس أوقفه .
"شكراً لك ألفا..نحن لا نعلم بدونك ما سيكون وضع مجموعتنا ."
*أفضل..* هذا ما نطقه ذئبه ليتنهد هو و يومئ لها ثم يسلك طريقه مؤدياً الي رفيقته .
كانت تمشي ذاهبة الي حديقة بجانب المبني الشبه المدرسة لتعليم الأطفال في سن شقيق ڤينيكس. لم ترد النظر ورائها برغم من نداؤه عليها لكنها لا تريد التحدث معه . هي فقط تريد الوحدة لبعض الوقت .
"ايڤا، لا تتجاهليني ."
"و ماذا تريدني أن افعل؟! هل تريد مني الإبتسام بعدما أخفيت سر الأركايترزم هذا؟ و بعد أن عرفت أن صديقي مصيره الموت. ڤينيكس من المفترض أن يكون من مجموعتي! و من غيره؟! من غيره أصيب بهذه اللعنة و كان مصيره العذاب ثم الموت؟!" هو لم يتحمل، إنهيارها أمامه لم يكن بالشئ الصغير لكن كلامها أشعره إنه لا يعرف أي شئ عن العذاب و هذا كان الشئ الوحيد الذي إختبره كل يوم .
فجأه أمسك بذراعيها و سحبها ليجعل بعض الإنشات هي ما تفصلهم و عيناه البنية التي كانت تميل للخضار أصبحت سوداء و كإن عروقه علي وشك الإنفجار .
"تتحدثين كإنك من اختبر الألم و العذاب كل ثانية و نسيتي إني أشعر بكل شئ يشعرون به، و الرابط بيني و بين كل واحد منهم أصيب بهذه اللعنة كما تقولين يجعلني أستطيع أن أحس بألم عشرة في وقت واحد. لا أطلب منكِ الشفقة لأجلي أو لأجل المجموعة، لكن لا تتسرعي بالحكم علي أشياء أنتِ لا تعلمين عنها شيئاً سوي المظهر الخارجي ."
ثم ترك ذراعها و ذهب بخطوات غاضبة و لازال يفكر بما قاله. لم يكن عليه الغضب، هذا ما كان يفكر فيه..هي بالفعل مشوشة و ها هو يزيد من معاناتها. تمني أن يرجع لها و يعتذر لها عن طريقته في التحدث..هو فكر في ما قاله لبعض الوقت، نعم جعلها تتعمق في دوامة الأركايترزم أكثر التي لم يرد لها أن تدخلها ابداً..لكنها رفيقته..أما هو أما هي .
أما عنها فكانت تنظر للمكان الذي آخر لمحة منه إختفت منه ولا تستطيع التعبير عما يدور بداخلها، فقط صمت. شعرت بضيق بداخلها و ألم..هو كان علي حق، هي حكمت علي الأمر بتسرع من ناحية عدم إخباره لها عن المرض لكن كلماته أخبرتها أن معاناته كان أكبر من أي ستتحمله هي .
كل يوم و كل مريض، شعر معه بألم فقدان الرفيق رغم عدم إنقطاع رباطه مع رفيقته هو .
شعر بألم موت الذئب و ذئبه لا يموت بالفعل .
شعر بالامراض الجلدية و السرطانية التي لا تجعلهم يناموا برغم من حالته الصحية أكثر من جيدة .
و كان يختبر الموت كل يوم و مع ذلك هو لم يمت .
تلك هي الافكار التي تسللت لعقلها و جعلت قدماها لم تعد قادرة علي حملها، سقطت علي ركبتيها و في تلك اللحظة كان ايلڤيس يمشي مع ايڤان و كايلب لكن رؤيته لإيڤا و هي تسقط أسقطت قلبه معها و لم يمنع نفسه من تركه و الإتجاه لها علي الفور .
"ايڤا! مالذي حصل؟ لم أنتِ بهذا الشكل؟!-.."
"أتركني إيلڤيس ." لكن قاطعها هو بسرعة .
"لا لن أتركك! هيا تعالي معي ." أسند ذراعها علي كتفه و أوقفها و قام بسلك طريقه لمكان خالٍ، كان مكاناً بين الأشجار كي تأخذ ي راحتها في التحدث كما تريد .
"هيا أخبريني ." جلس بجانبها علي جزع شجره ينظر لوجهها بينما هي تحدق بكل الخضرة التي أمامها من أشجار و حشائش صامتة تماماً حتي تحدثت و أخبرته بكل شئ، كلام آجنس، المرض، كلام جايس..ڤينيكس .
و هو كان يستمع بكل إهتمام و تفهم لكل ما تمر به في الوقت الحالي مع رفيقها حتي انتهت و تحدث هو .
"من الواضح انه يهتم لكي كثيراً، من كلامه أوضح لكي أنه كان سعيداً أمامك برغم من حزنه علي كل من فقدهم من المرض، عندما كان يتظاهر بالقوة و هو كان متألم..هو يفعل كل شئ لسببً ما..ذلك السر-.." قاطعته بإنفعالٍ باكي .
"لكنه علي الاقل يشاركني حزنه يا إيلڤيس، أليس هذا ما يفعله الرفقاء؟!" إمسك بيديها ليهدئها بسرعة .
"هو لا يريدك أن تحملي همه أو تحزني. نعم هذا يعد قراراً خاطئاً ألا يخبرك عن المرض لكن فيه بعض الصواب. هو يفعل ذلك لأنه يهتم لكي و يريدك بجانبه سعيدة و لذلك لم يرد أن يسقط كبريائك و أخبر الجميع في إحتفال المجموعة الأخري إنك اللونا، و أيضاً قام بإعداد مكتبة كاملة لكي أنتِ فقط..أكُل ما فعله نسيتيه و ركزتي علي الغضب منه لأنه لم يخبرك بأمر المرض؟ الأمر صعب بالفعل للعلم أن صديق لك سيموت قريباً لكن نحن جميعاً مصيرنا في النهاية الموت، لذلك هيا أذهبي أيتها الحمقاء لرفيقك و توقفي عن التصرفات العصبية تلك!" صاح بآخر كلامه ليصدم ايڤا من ردة فعله..كان يقول بعض الحكم منذ قليل ..
إبتسمت قليلاً ثم تحدثت، "دعنا من الحديث عني الآن، أنت من يجب علي سؤالك، كيف أصبحت تتعايش مع الأمور هنا بالرغم من كوننا مستذئبين و كونك بشري؟" إبتسم قليلاً علي سؤالها ثم جاوب وهو يلعب بأصابعه .
"فالحقيقة أنا لم أتقبل أي شئ في هذا المكان نهائياً في البداية، لكن تعرفي علي ايفان و كايلب هدأ لي الأمور و شعرت بالراحة معهم لم أشعرها مع أياً من أصدقائي من قبل، و ايضاً علي الإعتراف.." صمت قليلاً ثم تنهد. "أنا كنت معجب بكي و لهذا أردت العثور عليكي ."
العالم عندها كأنه توقف عن العمل لجملته تلك..طوال عمرها إنتظرت هذه الكلمات من شفتيه كانت تنظر هذا الشعور الذي ينتابها بعدما يخبرها إعجابه بها لكن الآن تمنت بألا يقولها أبداً.
و لوهلة فكرت في جايس و شعرت أن قلبها يدق بسرعة و فهمت عندها ما معني هذا الشعور الذي دب بروحها بمجرد أن عبرت صورته في عقلها .
"لكن الآن أنا لم أعد كذلك لإني أعرف إنك رفيقة الألفا و مقدر لكم أن تكونوا مع بعضكم.."شعرت براحة فجأة لكلمته و الدفء يحتضن قلبها عند قوله أنها و جايس مقدرين لبعض .
"أهذا حقاً كل شئ؟" نظرت له بإستنكار لأنه من الواضح بإخفائه لأمرٍ ما. ظل ينظر لكل مكان معادا عيناها حتي شعر أنه لم يحتمل بعصر عيناه و إبتسامة واسعة زينت وجهه و فجأه فتح عيناه ثم قالها .
"أنا معجب ببلايك!" ضحكت علي ردة فعله اللطيفة .
"إذاً لمَ لا تحاول التعرف عليها؟" هو رفع كتفه بقلة حيلة ثم رد عليها مبادلاً طرف الحوار .
"أشعر إنها لن تتقبلني، هي بالفعل من أحسن المحاربين في المجموعة و معتادة علي الشدة، كإني لو تحدثت معها من الممكن أن تلكمني أو شئٍ من هذا القبيل" ضحكت علي تصوره بما قد تفعله بلايك له لكنها في لحظة تذكرت ما قاله جايس لها في آخر كلامه ثم كررته لإيلفيس .
"لا تتسرع بالحكم علي الأشياء و أنت لا تعلم عنها سوي المظهر الخارجي ."
هو اومئ لها و أستعدوا للذهاب من المكان لكنهم لم يعرفوا أن هناك شخصاً كان يسمع حواراتهم .
بلايك .
___________________
في تلك الليلة، ذهبت ايفا للمنزل و ما ضايقها أن جايس لم يكن موجوداً حتي إنها انتظرته لوقت متأخر . لكن في الناحية الأخري ايلفيس كان في غرفته في بيت المجموعة مرتدياً ملابس أخري مستعداً للنوم و هاهو الباب يطرق ببطء ليعقد هو حاجبيه و يهم بترك السرير .
"من الذي يريدني في هذا الوقت؟" قالها بإنزعاج و معالم وجهه تعبر عن الضيق حتي فتح الباب و ظهرت بلايك من وراؤه .
"ب-بلايك!" عيناه توسعت بينما هي كانت صامتة ولا توجد أي ملامح علي وجهها مما جعله متوتراً، أخذت خطوة للأمام مما جعله يتراجع للوراء .
"هل تحتاجي الي شئ؟" أصبحت بالكامل بداخل الغرفة. إبتلع ريقه بصعوبة عندما رآها تغلق الباب ورائها دون فصل إتصال الأعين بينهم .
تنفسه يصبح أثقل كلما أقتربت حتي أصبحت أمامه بضبط ولا يفضل عن وجوههم سوي بعض السنتيمترات .
"بلايك.." بكل رقة قامت بسحب عنقه بينما تقف علي أطراف أصابعها و تجعل شفتاهم يتلامسا أخيراً .
لم تتوقع في يوم أن يكون لديها تلك الجرأة في مواضيع الحب هذه..حتي رفيقها الأول كانت تخجل و خديها تتجمع بهم الدماء عندما يقبلا بعضهم. و ها هي لآن..في غرفته تقبله بكل لطف و أصابعها بشعره بينما يداه علي خصرها يسحبها إليه أكثر و يقربها منه كإنه إحتاج لهذا منذ وقتٍ طويل .
بعد وقتٍ ليس بقصير إبتعدا عن بعضهم ليأخذا أنفسهم بينما أعينهم لا تريد فقدان أي تواصل بصري بينهم، كإنها تتحدث بدلاً عنهم عما كل ما يدور في ذهنهم .
كان الصمت يعم الغرفة و أصوات تنفسهم هي كل ما يسمعونه حتي إبتعدت قليلاً عنه لتتحدث .
"و أنا ايضاً معجبة بك ." و تضع قبلة صغيرة علي شفته و تخرج تاركة خلفها الفتي الذي يتحسس شفته بخفه و يتذكر ملمس شفتها علي خاصته و قربهم من بعضهم و إبتسامة بلهاء تزين وجهه ليقع علي السرير خلفه براحة كبيرة تُركت في قلبه .
في اليوم التالي كانت تجلس ايڤا علي جزع شجرة تشاهد التدريبات الحربية التي يقومون بها فتيان و فتيات المجموعة سواء دفاع أو هجوم . بعد القليل من الوقت سرحت في تفكيرها الي أن شعرت بتواجد أحد ما بجانبها .
نظرت له و كان كاي .
أدارت وجهها مرة أخري ليتحدث هو .
"ألتلك الدرجة أشتقتي لي، لونا؟" دورت عيناها ثم نظرت له بتنهد .
"مرحباً لك ايضاً ." ضحك ليرجع نظره للتمارين التي تُدار أمامهم و تحدث .
"أصبحتي قريبة من بلايك، أنا ممتن لهذا ." إبتسمت بخفة ليكمل هو. "هي لم تعد تنفتح لأي أحد مهما كان سواي أنا و إيڤان و كايلب، و لكن تعلمين هي فالأول و فالآخر فتاة. لن تخبرنا بكل شئ يدور في حياتها ."
"نعم، هذا ما كنت سأفعله لو كنت مكانها ." إبتسم هو قليلاً ليرد عليها .
"لذلك أنا أشكرك لإنك جعلتي أختي تثق بكي و تخبرك بما حصل ." نظرت له بسرعة تفكر فيما قاله .
"كيف عرفت إنها أخبرتني بما حصل؟"
"أختي عندما تكون مع شخصٍ ما طوال الوقت معناه إنه قريب منها و أنها أخبرته بهذا الموضوع، و هي فالفترة الأخيرة شبه معكي دائماً..زائد أن هذا ما كانت تفعله مع إيڤان و كايلب لو كنت مشغولاً ." اومئت بتفهم..كإنه يخبرها بما هي عليع شخصية بلايك .
هي لديها دائرتها الصغيرة من الأشخاص الذين تحتاجهم في حياتها، هؤلاء الأشخاص هم من تجعلهم يروا شخصيتها الحقيقية، إبتسامتها و أسرارها. أما مع الجميع فهي تتخفي تحت قناع العصبية و الشدة و البرود .
و لذلك في البداية الفتاتان كرهوا بعضهم لأن الإثنان فالحقيقة لم يعرفوا شيئاً عن بعضهم و لكن مع الوقت أصبحت الأمور أفضل بينهم و تلك الأقنعة التي كانت علي وجوهم تتكسر تدريجياً .
"فالحقيقة أنا تحدثت عن بلايك لإني البارحة لاحظت شيئاً ." عقدت حاجبيها لتنظر له بإستفهام، لاحظ ماذا؟
"هي عادت للبيت في وقتٍ متأخر بينما أنا كنت في طريقي للمكتب لرؤية بعض الأشغال التي تخص المجموعة. مررت من جانبها و أشتممت رائحة غريبة عليها ." عيناها توسعت قليلاً .
"رائحة ماذا؟" نظرته كإنه يتذكر شيئاً و ايڤا تنتظره ليكمل .
"ذلك البشري..إيلڤيس ." عيناها توسعت بشدة، اللعنة ماللذي فعلته مع الفتي؟!
"لذلك أردت سؤالك اذا كنتِ تعرفين اذا كان يدور أي شئ بينهم؟" خارجياً هي كانت تعطيه وجههاً شبه خالياً من التعابير لكن بالداخل فهي ترقص فرحاً لأجلهم .
بلايك بالفعل كانت متوترة من الحديث معه، و هو كان يعتقد إنها لن تتقبله .
اياً كان ما حصل بينهم، فرائحته عليها تكون علامة جيدة .
أبتسمت ايڤا، "لا، لا أعلم أي شئ ." اومئ كاي بتفهم حتي تحدثت ايڤا مرة أخري .
"أعتقد أنه اذا رأيت شيئاً في شخصاً تحبه، لا تسأل الآخرين عليه. عليك السماع منه شخصياً ." إبتسم لي و اومئ . لحظة صمت عمت المكان حتي قاطعه شخصاً يأخذ نفسي كلما تحدث .
"ايفا، هيا الي التدريب ." عقدت حاجبي بسرعة .
"تدريب؟!" تحدث كاي بعدها .
"الجميع عليه التدرب، لا أحد منا يضمن مالذي ممكن أن يحصل له لذلك الجميع مجبر علي هذا ." هي ظلت صامتة بينما رفيقها يحدق بها ولا تعابير علي وجهه، فقط يحدق بها و هي لاتعلم مالذي حصل لها لكنها لا تستطيع النظر في عينه .
بتردد منها وقفت من مكانها، "حسناً ." ثم ذهبت وراؤه .
في طريقهم لساحة التدريب كانت هي تشعر بالتوتر، تشعر أنه سيعاملها بسوء..أو أسوأ، البرود. أن يلبس قناع البرود و يعاملها بتلك الطريقة الخالية من المشاعر لديها أسوأ من أن يتحدث معها بعصبية أو بنفاذ صبر .
كإنها ليست لها أهمية..مثلها مثل أي شخص في هذه الساحة..سيدربهم ثم يتركهم لباقي اليوم .
وقفوا بعيداً عن الجميع ثم بدأ جايس بقول التعليمات لها بينما هي لا تستطيع التركيز معه . هو لاحظ ذلك بالفعل و صمت لتلاحظ هي صمته .
"لمَ توقفت؟"
"لمَ سرحتي؟"
لم ترد عليه ليقوم بأخذ خطوة مقترباً منها أكثر .
كل نهما صامت و يتنظر الآخر ليتحدث لكنهم لا يعلمون مالذي عليهم قوله في تلك اللحظة حتي تحدث هو .
"مالذي يشغل تفكيرك؟" إبتلعت ريقها بصعوبة و ردت دون النظر في عينه بينما هو كان يحدق بها مخترقاً لروحها .
"كيف عندما معك أغضب من كل شئ تفعله و من قربك لي و بينما عدم وجودي بجانبك يجعلني أكره نفسي و أريد الركض إليك و عدم ترك مكاني بين ذراعيك ابداً؟" تنفسه توقف للكلمات التي خرجت من شفتيها، هذا ليس جيداً . برغم من فرحه لإنها تريد أن تظل معه الا أن الشعور الذي ينتابها و هي ليست بجانبه هو أكثر ما يقلقه .
اومئ لها ثم نظر لعيناها، "لا تهتمي بكل هذا..فقط ركزي علي ." ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تومئ و تحاول التركيز مع تعليماته .
"هيا لنجرب كل ما قلته عملياً ." فعلت كما فعل و إتخذت وضعية القتال و هو وقف أمامها رافعاً يداه الي جانب رأسه .
"قومي بلكمي ." توسعت عيناها لتنزل يديها و تتحدث بغير تصديق .
"أنت قلت ماذا؟"
"قومي بلكمي..حاولي أن تجعليني أتألم ." هزت رأسها بسرعة و قدماها تتحرك كأنها تريد الذهاب .
"لا، لن أفعل ذلك ." أمسك بمعصمها بعنف .
"لا تتركيني و أنا اتحدث اليكي، هذا أمر. " نفسها أهتز للحظة و هي تشعر بألم مسكه لمعصمها بشدة حتي تركها و هي عادت لوضعية القتال بتردد .
هو بالفعل يشعر بالألم من مرضي مجموعته..هل يريدها أن تزيد المه و معاناته أكثر؟
قامت بإعطائه لكمة بصدره ولم يحصل شئ .
"اضربي بقوة أكبر، ايفا ." اطاعت ما قاله و شدت علي قبضتها أكثر ثم ضربت .
"مرة أخري ."
ضربة .
"مرة أخري ."
ضربة .
"مرة أخري ."
قلبها كان يتحطم مع كل مرة أخبرها أن تلكمه أكثر و جعله يتألم بشكل أكبر بسببها، لذلك في آخر مرة أمرها بضربه، هي لم تفعل ذلك بل أستسلمت لشعورها و دفنت وجهها بصدره و أحاطت ذراعيها خصره .
"توقف عن هذا، توقف! أنت تحطمني بما تفعله هذا! " شدت حضنها عليه و دفنت وجهها أكثر حتي أصبحت تسمع ضربات قلبه بوضوح .
وضع يده علي شعرها و الأخري رفعت ذقنها لتنظر .
"الألم الذي أعطيتيه الي كان أكبر عشرات المرات عندما أراكي حزينة أو غاضبة و في كل مرة أكون انا السبب . عليكي معرفة أن لدي اسبابي لعدم إخبارك ما هو سري و لعدم إخبارك عن الأركايترزم..كل شئ أفعله كان لسبب، لذلك مهما حصلت الظروف لا يجب الضعف و الإنهيار بهذا الشكل لإنك لم تفعلي هذا عندما هجرك حبيبك السابق.." تركها ثم عاد لمكانه لكنها جمدته بسؤالها .
"كيف عرفت بأنه كان لدي حبيب؟" أصبح ينظر في كل مكان ماعدا عيناها حتي إتخذت خطوة خطيرة مقتربة منه و تنظر تحديداً لعيناه بحدة .
"أنا اكره ما يحصل لي بالفعل عندما أكون بجانبك، بربك لا تزيد الأمر تعقيداً و أخبرني كيف عرفت عن حبيبي السابق؟!" صاحت بوجهه و جذبت بعض الأعين لهم لكنه لم يرد عليها لتتعصب أكثر و تدفعه .
"كيف عرفت؟! و لكن نبرة الالفا ظهرت في صوته ليوقفها .
"عودي الي التدريب ." و بدون أن تشعر أطاعت ما قاله . ظل يكمل التعليمات و لكنه كان يعلم إنها تعرفها بالفعل..هي تمرنت في الملاكمة من قبل لذلك قبل أن ينتهي قامت بلكمه ضربات سريعة .
هو لم يكن متفاجئ، هو علم بحبها لعنصر المفاجئة لذلك تفادي جميع ضرباتها ثم أمسك بقبضة يدها اليمني و لوي ذراعها وراء ظهرها حتي جعلها ملتصقة به و نفسه علي رقبتها بينما ذراعه اليسري ملتفة حول جسدها و شفته تتلامس مع أذناها و يخبرها آخر تعليماته قبل أن يذهب .
"عندما يهجم العدو، لا تترددي بإدخال يدك في ضلوعه و تقتلعي قلبه من مكانه و أنتِ تنظرين لعيناه و تري النور ينطفئ بهم ."
Коментарі