Chapter 26
انفاسنا تلهث محاولة ملء الهواء في رئتينا .
كلانا ينظر امامه و اعيننا لا ترمش حتي .
اجسادنا كانت مجردة من الملابس و بشرتنا كانت مكسوة بالاغطية .
لقد كنت متفاجئة كيف مرت تلك العملية بدون محاولة إبعاده، بل بالعكس!
لقد كنت اريده قربه أكثر، شعور السعادة غمرني كمن تعاطي المخدرات و أصبح منتشي .
في تلك الليلة كنت مدمنة، و هو كان كحولي..و لقد شربته كله حتي شبعت .
من بين انفاسي التي بُطئت سرعتها عما كانت في الاول و تحدثت .
"أنا لا أعلم مالذي يحصل لي، جايس ."
"إنها اللعنة..هي ما تبعدك عني ."
"كلما حاولت الصمود، كانت تهدم حوائطي ." شعرت به يمسك يدي لأنظر لعيناه العسلية .
"لا تقلقي، كل شئ سيمر علي ما يرام ."
_____________
مضي ثلاثة اسابيع منذ تلك الليلة التي قضيناها معاً، لقد كان جيداً و هادئاً، لم أشعر أمامه بالخوف او بالتوتر بل أشعرني بالحب و الإطمئنان .
من بعد هذه الليلة مشاعري التي كنت أشعر بها ناحيته عادت، نعم كانت تتغير في بعض الأحيان و اغضب عندما أكون معه و أحبه عندما أبتعد عنه، لكن..كإنه أوقف تقلبات المزاج التي تحصل لي، او علي الأقل هدأها .
نفسياً حالتي أصبحت مستقرة..لكن جسدياً لا .
كل دقيقتين أشعر بنفسي أريد التقيؤ او بالدوار و احياناً يتطور الأمر الي الإغماء لكن هذا يحصل نادراً .
"هل أنتي بخير؟" سألتني بلايك و هي تمسك بجسدي،من كتفاي لتسندني حيث كنت سأسقط بسبب دوار رأسي .
"لا..لا أشعر اني كذلك ."
"هيا، سأوصلك للمنزل ."
أجلستني بلايك علي السرير بينما هي ترتمي بجانبي محاولة فتح أي موضوع معي .
لكنها لم تمر دقائق حتي شعرت بنفسي اريد التقيؤ، فجأة قمت مسرعة ناحية دورة المياة لأستفرغ كل ما بمعدتي و أحاول ضبط نفسي .
شعرت بالدنيا تدور حولي و انا ادور معها حتي امسكتني بلايك و اوقفتني .
"دعيني أغسل لك وجهك ." ظلت تسندني حتي إنتهيت و عدنا بصعوبة لغرفتي مرة أخري .
"اللعنة ايفا، وجهك أصبح شاحباً كفاية لأي أحد يعتقد إنك من الموتي الأحياء.." نظرت لها بضعف و عيناي فقط التي تتحرك، لكني مع ذلك تحدثت .
"أريد ماءاً ."
بسرعة خرجت من الغرفة تنفيذاً لرغبتي و إحضار ما طلبته لكن عيناي لم تصمدا أكثر و سرعان ما أُغلقت و أحاطني السواد من كل ناحية .
و لكن ذلك السواد لم يستمر كثيراً، كأني رمشت للحظة و كان جايس، بلايك و فرانسيس أمامي ينظرون الي هيئتي منتظرين من أن أفيق .
الفتاتان كانتا تقفان أمام السرير، أما هو فكان يجلس بجانبي ممسكاً يدي بيد و الأخري بكوب المياة .
"أخيراً لقد أفاقت ." كانت بلايك المتحدثة، شعرت بالفرخ من كلماتها لكن للأسف لن أستطع إبداء اي تعبير علي وجهي .
"إشربي هيا ." قرب كوب المياة من شفتي و بيده التي تركت يدي، سند رأسي لأستطيع الشرب بشكل أفضل .
ّبعدما إنتهيت ظل الصمت سائداً للمكان و لكن لم يكن صمتاً عادياً، النظرات بين جايس و فرانسيس لم تكن عادية، هدوء بلايك لم يكن عادي ولا ملامحها .
قطع الصمت جايس الذي أمسك بيدي مرة أخري بيداه الإثنان ثو ظل يضغط عليها بخفة .
"ايفا، هناك ما يجب أن تعلمي بشأنه ." عقلي كان متعباً جداً للتفكير في أي شئ لذلك رسمت ملامحي علامة الإستفهام علي وجهي منتظرة منه أن يقول ما يريد قوله .
فرانسيس إقتربت قليلاً و ظلت صامتة لبعض الوقت حتي تحدثت .
"لقد أخبرنا طبيبة المجموعة عن مرضك و حالتك الجسدية، و ايضاً إستخدمت سحري للتأكيد ." ثم صمتت قليلاً كإنها تحاول تجميع كلماتها حتي تحدثت قبل أن يقاطعها جايس.
"و إتضح إنك-.."
"حامل ."
برغم طاقتي المعدومة و جسدي الشبه ميت من الحركة، فعيناي قد فتحا علي مصرعيهما و يدي ببطء كانت تأخذ مجراها نحو فمي .
جايس وضع نفسي في حضني و يحيط خصري بذراعيه، و أنا لازلت في حالة صدمة .
لا أعلم مالذي يجب علي الشعور به في تلك اللحظة و مالذي أشعر به بالفعل الآن .
هل هو فرح أم حزن؟
خوف أم سعادة؟
هل يجب علي الإبتسام لأجل تحقق أُمنيتي التي طالما أردتها و أن أكون أُماً و نسختي المصغرة تركض بين قدماي؟
أم أشعر بالهرف علي ما سيقابله هذا الطفل بعد ما يولد؟
لا أعلم اذا كان جايس سيكون حياً عندما يأتي الطفل أم ستتغلب اللعنة علينا..
فالنهاية كل تلك العمليات التي أجراها عقلي من الأفكار التي دخلت له فجأة و تصادمت مع بعضها لم يكن أمامي سوي الإبتسام مع إبتسامة جايس التي كانت علي شفتاه بالفعل و إحتضانه لرأسي و تقبيل مقدمتها .
أتمني أن تسير الأمور علي ما يرام..
أتمني..
___________________
الحمل عند المستذئب يختلف عن البشر .
البشر يقضون تسعة أشهر ليكتمل نمو الجنين و يستعد للخروج الي العالم .
أما عن المستذئبين فلا، فهم يقضون ثلاثة أشهر فقط في الحمل نظراً لسرعة النمو لديهم و اكتمالهم الجسدي عكس البشر .
و الآن بعد شهر و نصف أُخر، الأوضاع كانت مستقرة .
الشئ المتغير الوحيد هو ايفا .
بالفعل لقد إزداد حجمها و تضاعف حجم الطفل مما أدي لتضاعف حجم بطنها و تضاعف سعادتي برؤيتي لها كل مرة .
لقد عادت ببطء إلي تقلبات المزاج التي تحصل لها معي قبل الحمل لكن إخبارها لي إنها ستحاول التغاضي عن الأمر و تجاهل هذا الشعور الذي يدفعها لفعل تلك التصرفات جعلني أريد إعتصارها بين ذراعي في حضني لكن أخاف بشدة علي الطفل .
لم أعد أستطي قول أي شئ عند رؤيتي لها إلا ذلك الصوت الذي تخرجه الحنجرة كلما رأيت شيئاً لطيفاً، فبرغم تغير شكل جسدها المثالي خاصتي و إندفاع ذلك البطن الكبير الذي يحمل طفلنا إلي الأمام إلا إنها ستظل فتاتي الجميلة حتي لو قالت إنها أصبحت قبيحة مليون مرة .
لكن الجانب الجيد هو محاولتها لتخفيف آثار اللعنة و التقلبات المزاجية، فعندنا تشعر بالطفل يركل بداخلها تصرخ بإسمي فآتي لها ولو علي بُعد مئة متر منها لأضع يدي علي الرحم و أشعر بكل ما يفعله بالداخل بأضحك علي تذمرات ايفا التي من ضمنها:
"أنا لست بمدينة ملاهي كي تلعب بهذا الشكل!"
"اللعنة عليك و علي و علي اليوم الذي حملت فيه و يوم ما وطأت قدمي تلك المجموعة و علي آجنس و كاسيوس و علي والدك!"
هي تقول أكثر من هذا..كان ذلك مجرد واحد في المئة من أقوالها..
في النهاية سأظل معها..واقع بها..و كل تفصيلة تفتنني و هي ترهق قلبي من كثرة الدق في ضلوعي .
إبتسامة تسللت لشفتاي فور ما سمعت صراخها المتذمر لجوعها.
"جائعه جاايس!" ضحكت عليها و من ثم إنتهيت من تحضير كل شئ وضعته في صينية متجهاً لها، وضعته علي الطاولة الصغيرة أمامها بينما هي تشاهد التلفاز.
نظر للصينيه ثم لي رافعه حاجباً:"اخبرني انك لا تراني بحجم الفيل؟"
عقد حاجباي بتساؤل. "انظر! انت تضع طعام يكفي بلدة جايس!"
ضحكت و جلست جانبها:"يجب أن تتغذي جيداً."
"يجب أن تتغذي جيداً." قلدت جملتي أسفل أنفاسها بنبرة ساخره و هي تمد يدها لتبدأ في الأكل.
تأملت تفاصيل وجهها اللطيفه و هي تأكل، ردة فعلها لطعم الاكل، حركة شفتيها، عينيها التي تشاهد التلفاز. كل تفاصيلها كانت تحفر داخلي، أخشى أن تبتعد عني يوماً.
"أتعلم..؟" التفتت لي لأنظر لعينيها. "أشعر أن هذا الطفل بالفعل قربنا من بعضنا أكثر من البداية.."
"نعم، بالرغم من اللعنة و كل شئ لكننا لازلنا متمسكين ببعضنا ." إبتسمت لي لأفعل المثل.
اقتربت منها لأسحب شفتيها في قبله لطيفه هادئه، ابتعدت عنها لتنظر لي مبتسمه. مدت يدها لتمسح شفتاي. "يوجد صوص على شفتيك."
"لا يهم." ابتسمت و عادت هي تراقب التلفاز مره اخرى.
"لما لم تذهبي مع بلايك؟ ألم تحتاجي لكسر روتينك؟" التفتت لي متنهده.
"نعم،و لكني أخبرت نفسي الا اتركك وحدك." اتسعت ابتسامتي."يمكننا كسر الروتين سوياً، اليوم."
"نعم." طبعت قبله اخرى على شفتيها."إذاً دعيني اذهب لأنهي بعض الأعمال و أعود لنكسره." ألقيت غمزه لها لتضحك و تومئ.
اتجهت الي المكتب، و صراحتا كنت أحاول إنهاء تلك الأمور بسرعه كي أعود لها. هي وحدها من تستطيع انتشالي من كل الأشياء، حتى العمل الذي افضله على الجميع.
ظللت أقلب بالأوراق التي تخص المجموعة و علاقاتنا بالمجموعات الأخري و الكثير من الأشياء الأخري حتي توقفت..
توقفت عندما سمعت صوت صينية الطعام تقع كاسره صوت الهدوء الذي حل على المنزل. "ايفا ." قلبي سقط حرفياً لأنهض بسرعه متجهاً للغرفة.
توقفت عن الباب، كان الباب على مصارعه و الغرفه مضيئه بنور التلفاز فقط.
يغلق، و يفتح، يغلق و يفتح.
دلفت ببطأ و انا انظر للتلفاز الذي ظل يقلب بين القنوات وحده. و عندما أصبحت داخل الغرفه الباب أغلق بقوه خلفي لينطفئ التلفاز.
لم يكن هناك سوي صوت أنفاسي المتقطعه، نبضات قلبي التي وصلت لأقصاها."ايفا؟" همست.
اقتربت من الباب لكني توقفت مكاني عندما عاد ضوء ابيض خافت، التفت مره اخرى لأجد إيفا تقف تواليني ظهرها.
القلق الذي دب بداخلي هدأ و تنفست بإرتياح."ايفا! لقت اقلقتيني عليكِ..." حاولت التحرك ناحيتها لكنني عجزت.
جسدي بأكلمه...تجمد.
حاولت الركض، الصراخ، فعل اي شئ لكنني كنت كجماد ساكن. صوت انفاسي اختفى، فقط طنين عالي مؤلم يضرب اذني. ايفا لازالت تعطيني ظهرها و أنا لا أستطيع الوصول لها، قدماي ثابتتان علي الأرض و لا يمكنني الحركة.
ملامحي انكمشت في الم و حاولت التحرك مره اخرى، استطيت ببطأ شديد مد يدي الي الامام للإمساك بها لكن فجأة الغرفة أصبحت الضعف و إبتعدت ايفا بالرغم من عدم تحركها..
سقط ارضاً و عاد كل شئ لطبيعته، انفاسي كانت عاليه، قوية، و كأنني كنت اسفل الماء لساعات.
رفعت رأسي ببطأ حيث كانت تقف إيفا، نهضت عن الأرض ببطأ. "ايفا ماذا يحدث بحق ال—"
هي التفتت ببطأ و بنفس بطأها اختفت انفاسي. وجهها!
كان شاحب، شاحب و رفيع لدرجة مرعبه، أسفل عينيها كدمات بنفسجيه، جسدها كان هذيل و ارفع بكثير لكن بطنها لاتزال موجوده. كانت تشبه الجثث.
فجأة ضحكت..بصوت عالي."اوه جايس..أأنت قلق على؟ على عائلتك؟"
ابتسمت إبتسامه مرعبه و حركت رأسها لليسار قليلاً:"تخاف على طفلك؟ لكن لما؟ ألم تقتل واحداً بالماضي؟"
"لقد قتلت الكثير من الناس..أزهقت أرواح..و المت الكثير من القلوب." اخفضت رأسها و فجأة أصبحت عينيها سوداء بالكامل، و ملامحها اكثر ظلاماً.
صوتها كان مضعف، قوياً، عالياً و مرعباً رغم هدوءه."حان الدور لتشرب من نفس الكأس."
عيناي اتسعت عندما رفعت يدها بدأت الغرفه من حولنا تتدمر، الأساس يسقط، ورق الجدار يقطع، و مع كل ذلك إيفا كانت ساكنه مكانها.
اظلم كل شئ و اختفى الصوت.
رفعت رأسي لأجد نفسي في الغابه..في نفس المكان الذي كنت اتبادل انا و اجنس القبل فيه ، عيناي اتسعت و التفت حولي، المكان خالي و مظلم، فقط ضوء القمر الخافت.
"ايفا؟" صرخت لكن لم اسمع رد، التفت لأجد إيفا في وجهي شهقت بشدة عندما امسكت عنقي بيدها.
خطوط سوداء اسفل عينيها و ممتده الي عنقها، و صدرها و كأنها تسيطر على جسدها كله.
اعتصرت عنقي بقوه، لم أقوى على اخذ نفسي حتى ألقت بجسدي بعيداً ليتصدم في إحدى الأشجار و أسقط فوق صخره.
تأوهت بألم، كنت استطيع سماع عظام قفصي الصدري تعيد التحالمها من جديد. رفعت نظري لها لتتسع عيناي عندما كانت قريبه مني، أمام وجهي تماماً:"الألم.." همست.
عيناي ثبتت على عينيها السوداء، داخلها كنت أرى اجنس، طفلي، لحظات اجهاضه.
صرخة حادة، و معدتي تنقبض تجعلني اتقيأ الدماء.
أفراد مجموعتي، جميعهم موتى. كاي، بلايك، فرانسيس.
نفسي ينقطع و المزيد من الدماء تسيل من فمي.
طفلي، إيفا. تموت! إيفا تموت!
فتحت عيني بسرعة و شهقة عالية خرجت من فمي فورما إستيقظت..لازلت في المكتب في المنزل، كل شئ كما هو. رفعت رأسي عن ذراعاي الذي كنت مستنداً عليهم و تنهدت و انا أستند علي الكرسي..
ربما كان كابوساً..
ذهبت ناحية باب الغرفة خارجاً منها، المنزل كان فارغاً..و الأضواء تتراقص..
تفتح و تغلق.
سمعت صوت حركه لألتفت بسرعه، إيفا كانت تقف أعلى السلم لكنني لم أرى ملامحها بسبب العتمة. "جايس أأنت بخير؟"
"ايفا." تنهدت براحه و راقبتها تنزل السلم، و مع كل خطوه تخطيها يغلق نوراً و يفتح اخر.
"أأنت خائف جايس؟" صوتها تغير تدريجياً.
"لما لا؟ فقد كنت كذلك يوماً ما." عندما نزلت رأيت وجهها الأكثر اظلاماً و قبل أن افتح فمي للتحدث جسدي اعتصر نفسه.
صرخت بألم، صوت عظامي تنكسر، الدماء تنفجر من فمي، اذناي، عيناي. "الألم جايس!"
صرخت عالياَ:"ايفا!"
توقف كل شئ من جديد، تنفست بصعوبه و شعرت بجسدي يرتطم أرضاً. تلك المره لم أقوى على الحركه فعلاً، عيناي أغلقت بألم. "جايس.." صوتها المتألم وصل لمسامعي جعلني أريد التخلص من كل ذلك..أريد إنقاذها!
"جايس ساعدني.." استندت على يدي و رفعت جسدي عن الأرض ببطأ، عظام جسدي عادت تلتحم من جديد حتى استطعت الوقوف.
"جايس!" صرخت و لكن أين هي؟!
انفاسي أصبحت أعلى و انا التفت حولي باحثاً عنها كالمجنون.
"ايفا!!" صرخت عالياً و تحركت في أنحاء المنزل بصعوبه.
كل الأبواب التي امر بها تغلق، تغلق في وجهي و كأنها تخبرني انه لا يوجد أي سبيل. "ايفا!"
النور فُتح في الغرفة التي كانت في نهاية الرواق، إيفا كانت تقف هناك ممسكه بسكين. عيناي اتسعت و تجمد جسدي و انا اراقبها تنظر للسكين بإبتسامة مرعبة.
"ايفا، اهدأي ارجوكِ." اقتربت منها ببطأ، رأسها ارتفعت لي و قد اختفت الابتسامه عنها."يمكنك التغلب عليها، انا و انتِ و طفلنا...سوياً إيفا."
"ارجوكِ." همست بضعف.
رفعت السكين لتمررها على يدها ببطأ شديد، الدماء كانت تسيل من يدها سوداء و ثقيله. عيناي اتسعت و هممت بالتحرك ناحيتها لكني توقفت عندما رفعت اصبع السبابه ناحيتي. "آه آه! لا تقترب حبيبي."
"اترجاكِ ،توقفي عن أذية نفسكِ ايفا." نبرتي أصبحت أضعف، أقرب إلى البكاء استمرت في قطع يدها ضاحكه.
"انا لم ابدأ بعد جايس." أنزلت يديها جانباً و دماءها تتساقط من يدها بغزاره. "انت لم تشعر بذرة من المي بعد."
فجأة كل شئ حدث ببطأ عندما رفعت السكين لتطعن بطنها بقوه، صرخت و حاولت الركض ناحيتها لكن جسدي تجمد مكانه.
الدماء انفجرت من بطنها و من بين قدميها، ملامحها المخيفة اختفت و عادت ملامح إيفا، عينيها متسعه تكاد تخرج من مكانها، صرختها رجت المنزل..
صرخة جعلت كل الزجاج تكسر .
صرخة جعلت جميع المعلقات علي الحوائط وقعت .
صرخة و من ثم فقدت الوعي .
و أنا أمسكتها .
و آخر شئ سمعته هو فتح الأبواب و صوت كاي و من معه يحيط المكان..
و يحيط الأسود أنظاري..
______________
فتحت عيناي و رمشت عدة مرات لأعيد أحداث التي حصلت .
إنتفضت لأجلس علي السرير مما جعل كاي الذي كان معي بالغرفة ينتفض هو الآخر و يضع يده علي قلبه .
"يا رجل لقد أفزعتني!"
"أين هي يا كاي؟" كنت علي وشك الخروج من الغرفة لكنه إستوقفني .
"لازال طبيب المجموعة بالداخل و بلايك ايضاً معها..أما أنت فعليك أن ترتاح ."
"و كيف لي أن أفعل ذلك؟" قلتها و أنا أشد علي أسناني و أنا أزيحه لأخرج من الغرفة .
و في نفس اللحظة خرج الطبيب من غرفتها و أسرع إليه .
"كيف حالها الآن؟!"
"لقد كادت الأمور أن تخرج عن السيطرة لولا تدخلنا في آخر لحظة ."
"ماذا عن الطفل؟!"
"الطفل أُنقذ و أصبحت حالته مستقرة الآن، لا تقلق علي أي شئ ألفا، اللونا و الطفل في أمان ." الصخرة التي كانت علي صدري أُزيحت و كإن قلبي إنفكت المقابض من عليه ليرتاح أخيراً..
"حسناً..شكراً لك.."
"سأتابع حالتها و إنتبه لها لكي تأخذ ادويتها و تأكل طعامها..هي الآن بحاجة للراحة، اذا حصل أي شئ غير طبيعي، أبلغني في الحال ألفا، و سأكون موجوداً ." اومئت له و انا مغمض عيناي و أضع يدي علي قلبي .
الطبيب إنصرف و أنا دخلت و ورائي كاي الي الغرفة التي بلايك كانت تجلس بجانب رفيقتي الفاقدة للوعي .
ظللنا نحن الثلاثة صامتين و الهدوء يملأوه الأفكار التي لا نهاية لها .
لا أعلم مالذي حصل و كيف..لكني أعلم أن آجنس لها علاقة بالموضوع .
قاطعت أفكاري بلايك و هي تحك وراء أُذنها..
"غريب.."
"ما الغريب؟" سألت .
"كل ما حصل ."
لم أجب عليها..ظللت صامتاً حتي أكملت كلامها الذي جعل نفسي ينقطع .
"لأني علي حسب تذكري..ايفا كانت معي طوال اليوم!"
ما اللعنة!
كلانا ينظر امامه و اعيننا لا ترمش حتي .
اجسادنا كانت مجردة من الملابس و بشرتنا كانت مكسوة بالاغطية .
لقد كنت متفاجئة كيف مرت تلك العملية بدون محاولة إبعاده، بل بالعكس!
لقد كنت اريده قربه أكثر، شعور السعادة غمرني كمن تعاطي المخدرات و أصبح منتشي .
في تلك الليلة كنت مدمنة، و هو كان كحولي..و لقد شربته كله حتي شبعت .
من بين انفاسي التي بُطئت سرعتها عما كانت في الاول و تحدثت .
"أنا لا أعلم مالذي يحصل لي، جايس ."
"إنها اللعنة..هي ما تبعدك عني ."
"كلما حاولت الصمود، كانت تهدم حوائطي ." شعرت به يمسك يدي لأنظر لعيناه العسلية .
"لا تقلقي، كل شئ سيمر علي ما يرام ."
_____________
مضي ثلاثة اسابيع منذ تلك الليلة التي قضيناها معاً، لقد كان جيداً و هادئاً، لم أشعر أمامه بالخوف او بالتوتر بل أشعرني بالحب و الإطمئنان .
من بعد هذه الليلة مشاعري التي كنت أشعر بها ناحيته عادت، نعم كانت تتغير في بعض الأحيان و اغضب عندما أكون معه و أحبه عندما أبتعد عنه، لكن..كإنه أوقف تقلبات المزاج التي تحصل لي، او علي الأقل هدأها .
نفسياً حالتي أصبحت مستقرة..لكن جسدياً لا .
كل دقيقتين أشعر بنفسي أريد التقيؤ او بالدوار و احياناً يتطور الأمر الي الإغماء لكن هذا يحصل نادراً .
"هل أنتي بخير؟" سألتني بلايك و هي تمسك بجسدي،من كتفاي لتسندني حيث كنت سأسقط بسبب دوار رأسي .
"لا..لا أشعر اني كذلك ."
"هيا، سأوصلك للمنزل ."
أجلستني بلايك علي السرير بينما هي ترتمي بجانبي محاولة فتح أي موضوع معي .
لكنها لم تمر دقائق حتي شعرت بنفسي اريد التقيؤ، فجأة قمت مسرعة ناحية دورة المياة لأستفرغ كل ما بمعدتي و أحاول ضبط نفسي .
شعرت بالدنيا تدور حولي و انا ادور معها حتي امسكتني بلايك و اوقفتني .
"دعيني أغسل لك وجهك ." ظلت تسندني حتي إنتهيت و عدنا بصعوبة لغرفتي مرة أخري .
"اللعنة ايفا، وجهك أصبح شاحباً كفاية لأي أحد يعتقد إنك من الموتي الأحياء.." نظرت لها بضعف و عيناي فقط التي تتحرك، لكني مع ذلك تحدثت .
"أريد ماءاً ."
بسرعة خرجت من الغرفة تنفيذاً لرغبتي و إحضار ما طلبته لكن عيناي لم تصمدا أكثر و سرعان ما أُغلقت و أحاطني السواد من كل ناحية .
و لكن ذلك السواد لم يستمر كثيراً، كأني رمشت للحظة و كان جايس، بلايك و فرانسيس أمامي ينظرون الي هيئتي منتظرين من أن أفيق .
الفتاتان كانتا تقفان أمام السرير، أما هو فكان يجلس بجانبي ممسكاً يدي بيد و الأخري بكوب المياة .
"أخيراً لقد أفاقت ." كانت بلايك المتحدثة، شعرت بالفرخ من كلماتها لكن للأسف لن أستطع إبداء اي تعبير علي وجهي .
"إشربي هيا ." قرب كوب المياة من شفتي و بيده التي تركت يدي، سند رأسي لأستطيع الشرب بشكل أفضل .
ّبعدما إنتهيت ظل الصمت سائداً للمكان و لكن لم يكن صمتاً عادياً، النظرات بين جايس و فرانسيس لم تكن عادية، هدوء بلايك لم يكن عادي ولا ملامحها .
قطع الصمت جايس الذي أمسك بيدي مرة أخري بيداه الإثنان ثو ظل يضغط عليها بخفة .
"ايفا، هناك ما يجب أن تعلمي بشأنه ." عقلي كان متعباً جداً للتفكير في أي شئ لذلك رسمت ملامحي علامة الإستفهام علي وجهي منتظرة منه أن يقول ما يريد قوله .
فرانسيس إقتربت قليلاً و ظلت صامتة لبعض الوقت حتي تحدثت .
"لقد أخبرنا طبيبة المجموعة عن مرضك و حالتك الجسدية، و ايضاً إستخدمت سحري للتأكيد ." ثم صمتت قليلاً كإنها تحاول تجميع كلماتها حتي تحدثت قبل أن يقاطعها جايس.
"و إتضح إنك-.."
"حامل ."
برغم طاقتي المعدومة و جسدي الشبه ميت من الحركة، فعيناي قد فتحا علي مصرعيهما و يدي ببطء كانت تأخذ مجراها نحو فمي .
جايس وضع نفسي في حضني و يحيط خصري بذراعيه، و أنا لازلت في حالة صدمة .
لا أعلم مالذي يجب علي الشعور به في تلك اللحظة و مالذي أشعر به بالفعل الآن .
هل هو فرح أم حزن؟
خوف أم سعادة؟
هل يجب علي الإبتسام لأجل تحقق أُمنيتي التي طالما أردتها و أن أكون أُماً و نسختي المصغرة تركض بين قدماي؟
أم أشعر بالهرف علي ما سيقابله هذا الطفل بعد ما يولد؟
لا أعلم اذا كان جايس سيكون حياً عندما يأتي الطفل أم ستتغلب اللعنة علينا..
فالنهاية كل تلك العمليات التي أجراها عقلي من الأفكار التي دخلت له فجأة و تصادمت مع بعضها لم يكن أمامي سوي الإبتسام مع إبتسامة جايس التي كانت علي شفتاه بالفعل و إحتضانه لرأسي و تقبيل مقدمتها .
أتمني أن تسير الأمور علي ما يرام..
أتمني..
___________________
الحمل عند المستذئب يختلف عن البشر .
البشر يقضون تسعة أشهر ليكتمل نمو الجنين و يستعد للخروج الي العالم .
أما عن المستذئبين فلا، فهم يقضون ثلاثة أشهر فقط في الحمل نظراً لسرعة النمو لديهم و اكتمالهم الجسدي عكس البشر .
و الآن بعد شهر و نصف أُخر، الأوضاع كانت مستقرة .
الشئ المتغير الوحيد هو ايفا .
بالفعل لقد إزداد حجمها و تضاعف حجم الطفل مما أدي لتضاعف حجم بطنها و تضاعف سعادتي برؤيتي لها كل مرة .
لقد عادت ببطء إلي تقلبات المزاج التي تحصل لها معي قبل الحمل لكن إخبارها لي إنها ستحاول التغاضي عن الأمر و تجاهل هذا الشعور الذي يدفعها لفعل تلك التصرفات جعلني أريد إعتصارها بين ذراعي في حضني لكن أخاف بشدة علي الطفل .
لم أعد أستطي قول أي شئ عند رؤيتي لها إلا ذلك الصوت الذي تخرجه الحنجرة كلما رأيت شيئاً لطيفاً، فبرغم تغير شكل جسدها المثالي خاصتي و إندفاع ذلك البطن الكبير الذي يحمل طفلنا إلي الأمام إلا إنها ستظل فتاتي الجميلة حتي لو قالت إنها أصبحت قبيحة مليون مرة .
لكن الجانب الجيد هو محاولتها لتخفيف آثار اللعنة و التقلبات المزاجية، فعندنا تشعر بالطفل يركل بداخلها تصرخ بإسمي فآتي لها ولو علي بُعد مئة متر منها لأضع يدي علي الرحم و أشعر بكل ما يفعله بالداخل بأضحك علي تذمرات ايفا التي من ضمنها:
"أنا لست بمدينة ملاهي كي تلعب بهذا الشكل!"
"اللعنة عليك و علي و علي اليوم الذي حملت فيه و يوم ما وطأت قدمي تلك المجموعة و علي آجنس و كاسيوس و علي والدك!"
هي تقول أكثر من هذا..كان ذلك مجرد واحد في المئة من أقوالها..
في النهاية سأظل معها..واقع بها..و كل تفصيلة تفتنني و هي ترهق قلبي من كثرة الدق في ضلوعي .
إبتسامة تسللت لشفتاي فور ما سمعت صراخها المتذمر لجوعها.
"جائعه جاايس!" ضحكت عليها و من ثم إنتهيت من تحضير كل شئ وضعته في صينية متجهاً لها، وضعته علي الطاولة الصغيرة أمامها بينما هي تشاهد التلفاز.
نظر للصينيه ثم لي رافعه حاجباً:"اخبرني انك لا تراني بحجم الفيل؟"
عقد حاجباي بتساؤل. "انظر! انت تضع طعام يكفي بلدة جايس!"
ضحكت و جلست جانبها:"يجب أن تتغذي جيداً."
"يجب أن تتغذي جيداً." قلدت جملتي أسفل أنفاسها بنبرة ساخره و هي تمد يدها لتبدأ في الأكل.
تأملت تفاصيل وجهها اللطيفه و هي تأكل، ردة فعلها لطعم الاكل، حركة شفتيها، عينيها التي تشاهد التلفاز. كل تفاصيلها كانت تحفر داخلي، أخشى أن تبتعد عني يوماً.
"أتعلم..؟" التفتت لي لأنظر لعينيها. "أشعر أن هذا الطفل بالفعل قربنا من بعضنا أكثر من البداية.."
"نعم، بالرغم من اللعنة و كل شئ لكننا لازلنا متمسكين ببعضنا ." إبتسمت لي لأفعل المثل.
اقتربت منها لأسحب شفتيها في قبله لطيفه هادئه، ابتعدت عنها لتنظر لي مبتسمه. مدت يدها لتمسح شفتاي. "يوجد صوص على شفتيك."
"لا يهم." ابتسمت و عادت هي تراقب التلفاز مره اخرى.
"لما لم تذهبي مع بلايك؟ ألم تحتاجي لكسر روتينك؟" التفتت لي متنهده.
"نعم،و لكني أخبرت نفسي الا اتركك وحدك." اتسعت ابتسامتي."يمكننا كسر الروتين سوياً، اليوم."
"نعم." طبعت قبله اخرى على شفتيها."إذاً دعيني اذهب لأنهي بعض الأعمال و أعود لنكسره." ألقيت غمزه لها لتضحك و تومئ.
اتجهت الي المكتب، و صراحتا كنت أحاول إنهاء تلك الأمور بسرعه كي أعود لها. هي وحدها من تستطيع انتشالي من كل الأشياء، حتى العمل الذي افضله على الجميع.
ظللت أقلب بالأوراق التي تخص المجموعة و علاقاتنا بالمجموعات الأخري و الكثير من الأشياء الأخري حتي توقفت..
توقفت عندما سمعت صوت صينية الطعام تقع كاسره صوت الهدوء الذي حل على المنزل. "ايفا ." قلبي سقط حرفياً لأنهض بسرعه متجهاً للغرفة.
توقفت عن الباب، كان الباب على مصارعه و الغرفه مضيئه بنور التلفاز فقط.
يغلق، و يفتح، يغلق و يفتح.
دلفت ببطأ و انا انظر للتلفاز الذي ظل يقلب بين القنوات وحده. و عندما أصبحت داخل الغرفه الباب أغلق بقوه خلفي لينطفئ التلفاز.
لم يكن هناك سوي صوت أنفاسي المتقطعه، نبضات قلبي التي وصلت لأقصاها."ايفا؟" همست.
اقتربت من الباب لكني توقفت مكاني عندما عاد ضوء ابيض خافت، التفت مره اخرى لأجد إيفا تقف تواليني ظهرها.
القلق الذي دب بداخلي هدأ و تنفست بإرتياح."ايفا! لقت اقلقتيني عليكِ..." حاولت التحرك ناحيتها لكنني عجزت.
جسدي بأكلمه...تجمد.
حاولت الركض، الصراخ، فعل اي شئ لكنني كنت كجماد ساكن. صوت انفاسي اختفى، فقط طنين عالي مؤلم يضرب اذني. ايفا لازالت تعطيني ظهرها و أنا لا أستطيع الوصول لها، قدماي ثابتتان علي الأرض و لا يمكنني الحركة.
ملامحي انكمشت في الم و حاولت التحرك مره اخرى، استطيت ببطأ شديد مد يدي الي الامام للإمساك بها لكن فجأة الغرفة أصبحت الضعف و إبتعدت ايفا بالرغم من عدم تحركها..
سقط ارضاً و عاد كل شئ لطبيعته، انفاسي كانت عاليه، قوية، و كأنني كنت اسفل الماء لساعات.
رفعت رأسي ببطأ حيث كانت تقف إيفا، نهضت عن الأرض ببطأ. "ايفا ماذا يحدث بحق ال—"
هي التفتت ببطأ و بنفس بطأها اختفت انفاسي. وجهها!
كان شاحب، شاحب و رفيع لدرجة مرعبه، أسفل عينيها كدمات بنفسجيه، جسدها كان هذيل و ارفع بكثير لكن بطنها لاتزال موجوده. كانت تشبه الجثث.
فجأة ضحكت..بصوت عالي."اوه جايس..أأنت قلق على؟ على عائلتك؟"
ابتسمت إبتسامه مرعبه و حركت رأسها لليسار قليلاً:"تخاف على طفلك؟ لكن لما؟ ألم تقتل واحداً بالماضي؟"
"لقد قتلت الكثير من الناس..أزهقت أرواح..و المت الكثير من القلوب." اخفضت رأسها و فجأة أصبحت عينيها سوداء بالكامل، و ملامحها اكثر ظلاماً.
صوتها كان مضعف، قوياً، عالياً و مرعباً رغم هدوءه."حان الدور لتشرب من نفس الكأس."
عيناي اتسعت عندما رفعت يدها بدأت الغرفه من حولنا تتدمر، الأساس يسقط، ورق الجدار يقطع، و مع كل ذلك إيفا كانت ساكنه مكانها.
اظلم كل شئ و اختفى الصوت.
رفعت رأسي لأجد نفسي في الغابه..في نفس المكان الذي كنت اتبادل انا و اجنس القبل فيه ، عيناي اتسعت و التفت حولي، المكان خالي و مظلم، فقط ضوء القمر الخافت.
"ايفا؟" صرخت لكن لم اسمع رد، التفت لأجد إيفا في وجهي شهقت بشدة عندما امسكت عنقي بيدها.
خطوط سوداء اسفل عينيها و ممتده الي عنقها، و صدرها و كأنها تسيطر على جسدها كله.
اعتصرت عنقي بقوه، لم أقوى على اخذ نفسي حتى ألقت بجسدي بعيداً ليتصدم في إحدى الأشجار و أسقط فوق صخره.
تأوهت بألم، كنت استطيع سماع عظام قفصي الصدري تعيد التحالمها من جديد. رفعت نظري لها لتتسع عيناي عندما كانت قريبه مني، أمام وجهي تماماً:"الألم.." همست.
عيناي ثبتت على عينيها السوداء، داخلها كنت أرى اجنس، طفلي، لحظات اجهاضه.
صرخة حادة، و معدتي تنقبض تجعلني اتقيأ الدماء.
أفراد مجموعتي، جميعهم موتى. كاي، بلايك، فرانسيس.
نفسي ينقطع و المزيد من الدماء تسيل من فمي.
طفلي، إيفا. تموت! إيفا تموت!
فتحت عيني بسرعة و شهقة عالية خرجت من فمي فورما إستيقظت..لازلت في المكتب في المنزل، كل شئ كما هو. رفعت رأسي عن ذراعاي الذي كنت مستنداً عليهم و تنهدت و انا أستند علي الكرسي..
ربما كان كابوساً..
ذهبت ناحية باب الغرفة خارجاً منها، المنزل كان فارغاً..و الأضواء تتراقص..
تفتح و تغلق.
سمعت صوت حركه لألتفت بسرعه، إيفا كانت تقف أعلى السلم لكنني لم أرى ملامحها بسبب العتمة. "جايس أأنت بخير؟"
"ايفا." تنهدت براحه و راقبتها تنزل السلم، و مع كل خطوه تخطيها يغلق نوراً و يفتح اخر.
"أأنت خائف جايس؟" صوتها تغير تدريجياً.
"لما لا؟ فقد كنت كذلك يوماً ما." عندما نزلت رأيت وجهها الأكثر اظلاماً و قبل أن افتح فمي للتحدث جسدي اعتصر نفسه.
صرخت بألم، صوت عظامي تنكسر، الدماء تنفجر من فمي، اذناي، عيناي. "الألم جايس!"
صرخت عالياَ:"ايفا!"
توقف كل شئ من جديد، تنفست بصعوبه و شعرت بجسدي يرتطم أرضاً. تلك المره لم أقوى على الحركه فعلاً، عيناي أغلقت بألم. "جايس.." صوتها المتألم وصل لمسامعي جعلني أريد التخلص من كل ذلك..أريد إنقاذها!
"جايس ساعدني.." استندت على يدي و رفعت جسدي عن الأرض ببطأ، عظام جسدي عادت تلتحم من جديد حتى استطعت الوقوف.
"جايس!" صرخت و لكن أين هي؟!
انفاسي أصبحت أعلى و انا التفت حولي باحثاً عنها كالمجنون.
"ايفا!!" صرخت عالياً و تحركت في أنحاء المنزل بصعوبه.
كل الأبواب التي امر بها تغلق، تغلق في وجهي و كأنها تخبرني انه لا يوجد أي سبيل. "ايفا!"
النور فُتح في الغرفة التي كانت في نهاية الرواق، إيفا كانت تقف هناك ممسكه بسكين. عيناي اتسعت و تجمد جسدي و انا اراقبها تنظر للسكين بإبتسامة مرعبة.
"ايفا، اهدأي ارجوكِ." اقتربت منها ببطأ، رأسها ارتفعت لي و قد اختفت الابتسامه عنها."يمكنك التغلب عليها، انا و انتِ و طفلنا...سوياً إيفا."
"ارجوكِ." همست بضعف.
رفعت السكين لتمررها على يدها ببطأ شديد، الدماء كانت تسيل من يدها سوداء و ثقيله. عيناي اتسعت و هممت بالتحرك ناحيتها لكني توقفت عندما رفعت اصبع السبابه ناحيتي. "آه آه! لا تقترب حبيبي."
"اترجاكِ ،توقفي عن أذية نفسكِ ايفا." نبرتي أصبحت أضعف، أقرب إلى البكاء استمرت في قطع يدها ضاحكه.
"انا لم ابدأ بعد جايس." أنزلت يديها جانباً و دماءها تتساقط من يدها بغزاره. "انت لم تشعر بذرة من المي بعد."
فجأة كل شئ حدث ببطأ عندما رفعت السكين لتطعن بطنها بقوه، صرخت و حاولت الركض ناحيتها لكن جسدي تجمد مكانه.
الدماء انفجرت من بطنها و من بين قدميها، ملامحها المخيفة اختفت و عادت ملامح إيفا، عينيها متسعه تكاد تخرج من مكانها، صرختها رجت المنزل..
صرخة جعلت كل الزجاج تكسر .
صرخة جعلت جميع المعلقات علي الحوائط وقعت .
صرخة و من ثم فقدت الوعي .
و أنا أمسكتها .
و آخر شئ سمعته هو فتح الأبواب و صوت كاي و من معه يحيط المكان..
و يحيط الأسود أنظاري..
______________
فتحت عيناي و رمشت عدة مرات لأعيد أحداث التي حصلت .
إنتفضت لأجلس علي السرير مما جعل كاي الذي كان معي بالغرفة ينتفض هو الآخر و يضع يده علي قلبه .
"يا رجل لقد أفزعتني!"
"أين هي يا كاي؟" كنت علي وشك الخروج من الغرفة لكنه إستوقفني .
"لازال طبيب المجموعة بالداخل و بلايك ايضاً معها..أما أنت فعليك أن ترتاح ."
"و كيف لي أن أفعل ذلك؟" قلتها و أنا أشد علي أسناني و أنا أزيحه لأخرج من الغرفة .
و في نفس اللحظة خرج الطبيب من غرفتها و أسرع إليه .
"كيف حالها الآن؟!"
"لقد كادت الأمور أن تخرج عن السيطرة لولا تدخلنا في آخر لحظة ."
"ماذا عن الطفل؟!"
"الطفل أُنقذ و أصبحت حالته مستقرة الآن، لا تقلق علي أي شئ ألفا، اللونا و الطفل في أمان ." الصخرة التي كانت علي صدري أُزيحت و كإن قلبي إنفكت المقابض من عليه ليرتاح أخيراً..
"حسناً..شكراً لك.."
"سأتابع حالتها و إنتبه لها لكي تأخذ ادويتها و تأكل طعامها..هي الآن بحاجة للراحة، اذا حصل أي شئ غير طبيعي، أبلغني في الحال ألفا، و سأكون موجوداً ." اومئت له و انا مغمض عيناي و أضع يدي علي قلبي .
الطبيب إنصرف و أنا دخلت و ورائي كاي الي الغرفة التي بلايك كانت تجلس بجانب رفيقتي الفاقدة للوعي .
ظللنا نحن الثلاثة صامتين و الهدوء يملأوه الأفكار التي لا نهاية لها .
لا أعلم مالذي حصل و كيف..لكني أعلم أن آجنس لها علاقة بالموضوع .
قاطعت أفكاري بلايك و هي تحك وراء أُذنها..
"غريب.."
"ما الغريب؟" سألت .
"كل ما حصل ."
لم أجب عليها..ظللت صامتاً حتي أكملت كلامها الذي جعل نفسي ينقطع .
"لأني علي حسب تذكري..ايفا كانت معي طوال اليوم!"
ما اللعنة!
Коментарі