CH14||العنقاء إحترق
تشانيول (البطل المُضاد)
في:
العنقاء|| The Emperor's Return
"العنقاء إحترق"
...
عودة في الوقت...
إنغلق على القادة الثلاث، سيهون، جونغ إن، وهيريم، بالإضافة إلى قائد هذا المَقَر تحديدًا، كيونغسو، كذلك الوزير الأول، جونغكوك، والملك العنقاء، بيكهيون، حُجرة الإجتماعات في هذا المَقر.
فلقد قرروا جميعًا بِدءَ الحركة لإستعادةِ العرشَ الملكيّ، وذلك بتخطيطِ الملك شخصيًا مُستعينًا بوزيرِه المُقرَّب جونغكوك؛ ففي الدّائرة السياسيّة؛ تتراجع قُدرات قادة جماعةُ القمر الدَّموي على التخطيط؛ فهُم لهم التدابير العسكريّة لا السياسيّة.
وبعد إنغلاق دامَ لِعدَّةِ ساعات في حُجرةِ الإجتماعات؛ تقرَّرت الخطوة الأولى في هذهِ المعركة؛ وهي لَمُّ المُخلصين لاسمِ الملك بيكهيون، ودَسِّهم في صفوفِ الملك الجديد تشانيول؛ كمُخبرين ومُخرِّبين سياسيّن.
ولا مُخلصون للملكِ بيكهيون في القصر؛ بقدرِ رَجُلين معروفين بالنِّسبةِ للملك ولو لم تُأطِّرَهُ علاقةٌ خاصّة معهم؛ كالصَّداقة أو شيئًا من هذا القَبيل.
فالمواقف المُشرِّفة، التي قام بها نائب الوزير الأول كيم جونغداي وقائد فِرق الحرس الملكي، تشهد لهم على إخلاصهما ووفائهما للملكِ بيكهيون، خصوصًا أنَّهُما أوفيا له حتى وهو بعيد، وفي موقفٍ هَش وضعيف.
ورُغمَ أنَّهُما يعلمان عواقِب الوفاء له والبقاء في صفِّه في ظِلِّ قوّة الأمير تشانيول إلا أنَّهُما تمسكا بوفائهما له، وفضَّلا أن يتعرَّضا للعِقاب الظّالِم على أن يندسّا في جريمة لا أخلاقيّة، وهي خيانة الملك.
والآن بيكهيون يعلم ما جرى على رجاله الأوفياء، ويعلم جيدًا أن تشانيول يُخطِّط لما هو أعظم مِمّا فعله، لذا عليهِ أن يتحرَّك سريعًا.
وضِعَت الخُطّة للمُداهمة على المَعبد الكونفوشي، الذي يُحتجزان به جونغداي وايشينغ، الليلة، وما بقيَّ عليهم سوى التَّنفيذ.
آتى الليلُ سريعًا أثناء الإنشغال بالتَّحضيرات للمُداهمة ووضعِ الخُطَط العسكريّة اللّازِمة، التي هي شأن قادة القمر الدَّموي بالتحديد.
قُبيل خروج فِرق المُداهمة؛ وفيما الملك، كبقيةِ عناصر الجماعة، يرتدي الرِّداء الأدهم ذاته، ويضع دِرعه ولِثامه، رأى زوجتهُ راهي تُراقبُه من بعيد، ويستطيع أن يُدرِك أنَّها ترمقُه بِقلق؛ فهي صامِدة لأنَّهُ معها، ولن تصمُد لو خَسِرته.
إقترب منها بيكهيون حتى أصبح أمامها، فأنحنت له بِصفتِه مَلِكُها إلى الأبد، ولا تهتم إن كان يعلو العرش فعليًا، فالعرش حقَّه مهما كان، لكنَّهُ منعها إذ أقام كتفيها ونبس.
"لا تنحني لي، ما عدتُ ملكًا"
رفعت رأسها لِتنظُر في عينيه وهمست.
"أنتَ الملك ولو أنكركَ الجميع، سأؤمن بِك!"
تبسَّم بيكهيون وربَّتَ على كتِفِها، يعلم بيكهيون أنَّ راهي تُحبُّه حُبًا جمًّا، وأنَّها رَضَت بالقليلِ منه على أن تبقى معه، فبينما ناري الرّاحِلة تتلقّى منهُ كُلَّ الحُب والإهتمام كانت راهي تُراقب من بعيد.
لا تُنكر أنَّها تمنَّت مكانَ ناري، وكثيرًا ما غَفَت وهي تبكي؛ لأنَّها لا تحصُل على شيء مِنه سوى ليلة في الشَّهر؛ وذلك إتباعًا لإنظمةِ القصر الدّاخليّة، لا لأنَّهُ يُريدها بالفعل، لكنَّها لم ترغب أن يفقد ناري أبدًا، أو أن تَتَبدَّد سعادتُه أبدًا، وإن كانت سعادتها ناقصة؛ كانت سعيدة لأنَّهُ سعيد ولو مع إمرأةٍ أُخرى، لطالما راعت أنَّهُ الملك في هذهِ المَسألة.
قاطع بيكهيون شرودها في معالِمه حينما قال.
"سأذهب في أوَّلِ مُهِمَّة لإستعادةِ العَرش، أيُمكنني أن أؤمِّنكِ على أطفالي الخمس في غيابي وإن طال؟"
تبسَّمت يملأ عيناها الدَّمع، ثم نَفَت لهُ برأسِها واتبعت.
"لا تُطيل الغياب، ولا تقلق بالنِّسبة للأطفال، أطفالُكَ هُم أطفالي، وأعدُكَ أنني سأكون بمثابةِ أُم لهم جميعًا كما أنا أُم لي جون"
رفع بيكهيون يدهُ ليُربِّت على وجنتِها وقال.
"شُكرًا لكِ... أراكِ على خير"
أومأت فيما تتغلغل الدموع في عينيها، لكنَّهُ نفى برأسِه لها ألّا تبكي، ثم إجتذبها إليه من قفا عُنقها ليطبع قُبلة على جبهتِها، ثم همس.
"وداعًا"
من هولِ الصَّدمة راهي تجمَّدت، فلم يسبق لهُ أن كان بهذهِ الحميميّة نَحوها وذلكَ الحنان، لم يَكُ سيئًا معها في السّابِق، لكنَّهُ لم يَكُ ودود أيضًا.
لكن لبيكهيون أسبابه، ليس أنَّ راهي حلَّت محلَّ ناري في قلبِه؛ هذا غير ممكن، فمحلُّ ناري سيبقى لناري ولن تحتلَّه إمرأة أُخرى، لكن بيكهيون يُقدِّر الوفاء، والإنتماء، والإخلاص، والتَّضحية، وكُلِّ تلك الصِّفات تتوفَّر في راهي.
فهي ملكة إبنةُ وزير أسبق، من عائلة نبيلة وثريّة ذائعةُ الصيت وذات نفوذٍ مَهول، لبست الحرير ونامت على الرّيش وتزيَّنت بالذَّهبِ والأحجار الكريمة، وأكلت أفضل الطعام وأندره، وعاشت حياة مُرفَّهة تتلقى الخدمة والجميع ينحني لها وينعتها بمولاتي.
والآن ها هي في قلبِ كهف قِفار فقير من أي مُقوِّمات الرَّفاهية، التي عاشت عليها طيلة عُمرها، وتُعامل مُعاملة عاديّة لا تمجيد بها، ويُقدَّم لها ما يُقدَّم لأصغر عُنصر في قلبِ هذا الكهف، لكنَّها راضية ولم تشتكي، مُكتفيّة بما يُقدَّم لها، ومُمتنَّة لهؤلاء الناس، الذين أنقذوا حياة طفلها وزوجها وحياتها.
وفي هذهِ الرِّحلة، التي تعلم أنَّها ستكون عصيبة، قرَّرت أن تكون دِرعَ الملك البشري وسنده، ستُساعده بما تستطيع، وتتحمَّل لأجلِه ما يُمكِن تحمله وما لا يُمكن... وكُلُّ ذلك الملك يعرفه؛ لذا يُكافئها بالإحسان إليها، فهذا ما يستطيع تقديمُه في هذا الوقت.
ولكنَّ جونغ إن، الذي يقف بعيدًا بجوارِ أُخته، وكلاهما يُراقبان حميميّةَ الملك مع ملكتِه الأُخرى، لا يفهم أي شيء مما يدورُ في خَلدِ الملك، وأطلق حُكمًا عامًا.
"انظروا إلى هذا الملك الدَّجّال!
بالأمسِ ماتت زوجتُه التي يُحبها، واليوم يُقبِّل زوجتهُ الأُخرى علنًا هكذا!
جميع الرجال سواسية سواء كان ملك أو عبد، جميعهم خونة"
نظرت هيريم نحو أخاها وقالت.
"هل تحتاج أن أُذكرُك أنَّكَ أيضًا رَجُل؟!"
حرَّك كتفيه بلامُبالاة ونبس.
"أنوي أن أخون زوجتي، هل لديكِ مُشكلة أيَّتُها القزمة؟!"
رفعت هيريم قبضتها، تُريدها أن تهوي على بدنِ أخيها لولا أنَّهُ هرب سريعًا، وهي صرخت بهِ في ظهرِه.
"سأقتُلكَ حينها، لن أسمح لكَ أن تكسر قلبَ إحداهُن!"
سخر منها جونغ إن فيما يُكرِّر كلامها، وما زال يلوذُ بِالفِرار منها؛ وكأنَّها تتبعُه.
أما هيريم؛ فوقفت تتخصَّر بِغُل، ولم تلحظ الملك يقترب منها حتى أصبح في ظهرِها، ونبس فجأة فإلتفتت إليه سريعًا وانحنت له.
"ما بالُكِ غاضبة؟!"
أشارت نحو جونغ إن وهمست مُتنهِّدة.
"تشاجرتُ أنا وأخي"
ضحك بيكهيون بِخفّة ونبس.
"ليتني أملُك أخًا أتشاجر معهُ هكذا"
تمتمت هيريم فيما تشيح بوجهها يمينًا.
"صدِّقني سترغب في قتله"
"ماذا قُلتِ؟!"
نفت هيريم وإبتسمت له.
"لا شيء مُهِم مولاي، إن كُنتَ جاهزًا أننطلق؟!"
أومئ لها، ثم صعد الحِصان الذي خصَّصوه لأجلِه، ثم هيريم صعدت على ظهرِ حِصانها بجوارِه وقالت.
"جلالتُك ستكون بِفرقتِي، وأخشى أن يُزعجكَ أنني أقودَك، يُمكنكَ تولّي القيادة بدلًا مني"
نفى بيكهيون برأسِه وقال.
"هذهِ الشكليات لا تُهمني، المُهِم بالنِّسبةِ لي أن تُحسني أداء دورِك كقائدة، يُمكنكِ إستعراض مهاراتِك القيّاديّة علي"
"أمرُكَ مولاي!"
نبست بتلك، ثم رفعت لِثامها لتُغطّي معالم وجهها، ولا يظهر منها سوى عيناها، كذلك فعل البقيّة من بعدِها، ثُمَّ ضربت الحِصان بِخفّة وأنطلقت ليتبعونها الفُرسان بأحصنتهم، ومن بينهم الملك بيكهيون.
قطعت الفِرق الأربعة من أربعةِ طُرق مُختلِفة الأدغال حتى وصلوا إلى قِمَّةِ الجبل، الذي عليه المَعبد، وهناك تركوا أحصنتهم مع مجموعة من العناصر التي أتت سابقًا لحمايةِ الأحصِنة، وصعدوا هُم الجبل مُتسلِّقين ومُتفرِّقين، ولكن على حسب إشارة القادة يتحرَّكون؛ كي لا يُباغتهم العدو ولا يكشف تحرُّكاتهم، فالحذر والحيطة في هذهِ المُهِمّات واجب.
تسلَّقوا الجبل حتّى وصلوا أسوارَ المَعبد، تبادل القادة الأربع إشارات الإستعداد، ثم كل قائد من كُلِّ جِهة رمى بحبلٍ غليظ آخره أداة حديديّة كما لو أنها مرساة شائكة؛ لِتُثبِّت الحبل وتحوله دون السقوط.
ثم بدأوا الجنود تسلُّق الأسوار عبر هذهِ الحِبال، آتى دور بيكهيون ليصعد وكان الأخير قبل هيريم، لكنه إمتنع عن الصعود قائلًا.
"اصعدي أنتِ أولًا، أخشى أن يحدُث لكِ شيء هُنا"
تبسَّمت هيريم بإمتنان لإهتمامه وهمست.
"لا تقلق علي مولاي، أنا القائدة هيريم ومُعتادة على صعودِ هذهِ الأحبال كآخرِ شخص"
تنهد بيكهيون ونبس.
"لا يبدو أنَّني سأنتصر على عِنادِك، سأصعد أولًا ولكنني سأبقى خلف السور حتى تصعدي وتُرافقيني"
أومأت له.
"ثِق بي مولاي"
صعد بيكهيون، ثم صعدت هي من خلفه بعدما تلقَّت إشارة من بقيةِ القادة، وبحسبِها فالجميع أصبح في داخلِ المعبد.
وهكذا تَسلَّلَ كُلُّ فريق من جِهة بحذرٍ شديد؛ فخُطَّتهُم تحوي شرطًا أساسيًّا، ألّا يأذوا الرُّهبان أو العُّزل وألّا يُسفَك الدِّماء في المَعبد؛ فلِهذا المكان إحترامه وقُدسيتُه الخاصّة.
سارت الفِرق الأربعة بذلكَ الحذر حتى أدركوا غُرَف التَّوبة والتّأمُّل، هُناكَ كان بإنتظارِ القادة الرّاهِب التّابع لهم، ودلَّ القادة بالإشارة إلى الغُرفة المُرادة.
هكذا وتوزَّعت كُلُّ فِرقة من الفِرق الأربعة في جِهة مُتخفّينَ لحراسةِ المكان بينما القادة الأربع والوزير الأول جونغكوك كذلك الملك، ولجوا إلى الغُرفة.
فتح الرّاهب لهم الباب، وبان من خلفه جونغداي وايشينغ بأزياء الرُّهبان التُّرابية، وبرؤوس صلعاء لامعة.
إلتفت كلاهما سريعًا ووقفا بوضعيةِ الهجوم، فلقد دخل عليهم ستة مُلثَّمين يتقدمهم واحد منهم، فيما جونغداي قال.
"من أنتم؟! ومن بعثكم؟!"
لكن ما إن أنزل الرجل، الذي في المُقدِّمة، لِثامه حتى تهاوت دفعاتهما، وبلا تصديق همس كلاهما معًا.
"جلالتُك!"
همهم لهُما بيكهيون فأنحنيا لَهُ سريعًا مشدوهين.
أقام جونغداي نفسه وهمس مشدوهًا.
"لقد ظنَّنا أنَّكَ مُت حقًا!"
جلس بيكهيون أرضًا، ثُمَّ أشارَ للجميعِ بالجلوس، وأمّا جونغداي وايشينغ فقد جلسا قِبالته، وما زالا يرمقانه بإندهاش فابتسم بيكهيون وربَّت على كتفيهما يقول.
"تيسَّرَ لي من ينقذني من خُطَط تشانيول لِتَّخلُّص منّي والإستيلاء على مكاني"
نظر جونغداي إلى جونغكوك، فَفَهِم الأخير ما يدور في خَلَدِ الأول دونَ كلام؛ لذا فسَّر.
"كان الأمير تشانيول يُخطِّط لقتلي أيضًا، لذا أنقذوني أنا أيضًا"
تنهَّد ايشينغ وأخفض رأسِه يقول.
"ما عاد أميرًا، لقد إستولى على العرش والكثرة يؤيّدونَه!"
ردَّ بيكهيون.
"لا بأس؛ المُهِم ما سنقوم بِه في المُستقبل، هل تُسانداني لإستعادة عرشي؟!"
سُرعان ما ردَّ جونغداي.
"بِالطَّبع مولاي! نفديكَ بأرواحِنا!"
هَمهَم لهُما بيكهيون مُبتسِمًا، لكن ايشينغ أشار إلى المُلثَّمين الأربعة خلف الملك ووزيره مُتسآلًا.
"لكن مولاي، من هؤلاء؟!"
أخفض سيهون لِثامه فتقلَّدَهُ البقيّة، ثم هو تولّى مهمَّة التعريف عن جماعتِه.
"نحنُ جماعة القمر الدَّمويّ أو كما تعرِفوننا جماعة المُتمرِّدين"
وقف كلاهما بإستنفار لولا أنَّ بيكهيون تولّى دفَّةِ الشرح.
"لا تُسيؤا الفهم، هُم من أنقذوني وعائلتي، ومن قبلي أنقذوا جونغكوك وابنتي الأميرة"
إستنكرَ ايشينغ بعصبيّة.
"ولكن كيف ذلك؟! هُم مجموعة من المُخرّيبين والقتلة والسّارقين!"
إلتفتَ لهُم بيكهيون برأسه، ثم أومئ.
"حسنًا، ما زِلتُ لا أدري ما مُبرِّراتَهم لإقتراف هذه الجرائم، لكنَّني أُدرِك جيّدًا أنَّهم أوفياء لي، وهذا المُهِم في هذهِ المَرحلة"
رمقاهُم جونغداي وايشينغ بنظراتٍ مُنزعِجة، جونغ إن رفع حاجبه مُستاءً وكاد أن يتسبَّبَ في مُشكلة لولا أنَّ سيهون شدَّ على يدِه.
تنهَّد جونغداي ثُمَّ تسآل.
"مولاي، ماذا حصلَ مع الملكة ناري؟!"
عبوس الملك وصمتُه كان أوفى إجابة، إنتكسَ رأس ايشينغ بأسف وقال.
"هذا ذنبي، أنا لم أُفلِح في حمايتِها"
تنهَّد بيكهيون ونفى برأسِه قائلًا.
"لا عليك، لقد كانت ضحيّة وثأري سآخُذه من رقبةِ تشانيول بِكُلِّ تأكيد!"
تنهَّدَ ايشينغ فيما جونغداي يقول.
"لا أدري كيف وجد تشانيول في جناحِها أوراق تُدينها"
قبض ايشينغ حاجبيه، وتذكَّر تِلكَ الليلة، حينما رأى حارس السِّجن الصَّغير يخرُج من الحَرم المَلكي.
"لحظة! أظُنَّني أتذكَّر في تِلكَ الليلة رأيتُ شابًّا صغيرًا يعمل كحارِس في السِّجن المَلَكي، لقد رأيتُه يخرُج من الحرمِ الملكي، لكن لأنَّهُ بَدى جبان ما شككتُ به"
"ما الذي تعرفُه عنه؟!"
تسآل بيكهيون فأجابه ايشينغ.
"لا أدري ما اسمه، لكن يُمكِن أن أصِفه لَكُم!"
وهكذا ذكر ايشينغ صِفات الشّاب الصغير للملك ورِفاقِه، ثُمَّ الملك ووزيره أمليا على جونغداي وايشينغ ما عليهُما فعله حالما يخرجا من هُنا، فالعنقاء إحترق بالفعل، والآن يجمع رماده ليُبعَث من جديد.
.................................
تنام رايناه على فراشٍ وثير في جناحها المَلَكي، لقد مَضى على نومها وقتٌ طويل، لدرجةِ أنَّها تشعر بألمٍ شديد في رأسِها، وكُلُّ رُكن من جسدِها يبعث بها الألم.
قعدت على الفراش فيما تتأوَّه وتُمسِك برأسِها، الذي تشعر به يكاد ينفجر لِشدَّةِ الألم، أسندت ظهرها على عارِضةِ السرير، وبدأت تتذكَّر ما حدث لها قبل أن تفقد وعيها؛ زوجها المجنون.
تشانيول المهووس بها سرقَ العرش من أخيها، وسرق مِنه قصرِه ومملكتِه وحتى أقصى خصوصيّاتِه؛ نِسائه من المحظيّات.
سرق شعبَه، ومملكتَه، ومُلكَه، وينتظر منها أن تُبارك لَهُ ما حصلَ عليه بالغُشِّ والخِداع، يُريد منها أن تقف في صفِّه رغمًا عن حقيقة أنَّهُ قاتل شقيقها، وقاتل زوجة شقيقها، وقاتل أطفال شقيقها، لا تنسى أنَّهُ أراد إبنة أخيها إمرأة له.
الآن ماذا ينتظر منها؟!
أن تُصفِّق له وتَشُدَّ عِضدِه على الباطِل.
لكن بعد أفعاله هذهِ؛ رايناه الآن تعلم بأيّ صفٍ تَقِف، ستتفوَّق على خوفِها، وتقف مع الحق ولو كلَّفها الحق رأسها... قرَّرت ألّا تُبالي.
فُتِحَ عليها باب الجناح؛ وإذ بها إحدى سيدات البلاط اللاتي تعمل في خدمتِها، إنحنت لها ثم قالت.
"جلالتك؛ جلالة الملك يطلبُ حضورك إلى جناحِه؛ لِتناول وجبة معه"
تنهَّدت رايناه، يتصرَّف كما لو أنَّهُ لم يفعل بها شيء بالأمس، وكأنَّهُ لم يوسِعها ضربًا حتى فقدت وعيها.
"أنا أميرة، لا تُناديني جلالتك، ولن أذهب لأي مكان، أنا مُرهقة"
إرتبكت سيدةُ البلاط، لكنَّها إنحنت لرايناه.
"أمرُ سموِّك!"
خرجت سيدة البلاط لِتُبلغ الملك الجديد برسالة ملكتِه، كانت مُرتبِكة إلى أقصى حد، فالجميع يعلم كم أن تشانيول غليظُ الطِّباع وصعبُ المَراس، والآن أصبح الملك سيزداد سوءً.
ولجت إلى جناحه بعدما أذِنَ لها، وبعدما إنحنت له وهو يجلس خلف طاولة عامرة بِكُلِّ ما تشتهيها النَّفس قالت.
"سموَّها ترفض أن تأتي، تقول أنَّها مُرهقة"
كوَّنَ تشانيول في يدِه قبضة وضرب بها بقوّة على سطحِ الطاولة بغضب، إنتفضت سيدة البلاط وهو وقف على قدميه يقول بعصبيّة.
"هذهِ المرأة ستجعلني أُجَن قريبًا!"
خرج مُسرِعًا من جناحِه يقصِد جناحَها، فوجدها في فِراشها تتدثَّر، تنام على طرفِ السَّرير وتمنحه ظهرها.
قبضت على يدها أسفل الغِطاء حينما سمعت صوته يُناديها فيما يقتحم الجناح بخشونة.
"رايناه!"
إدَّعت أنَّها نائمة فيما هو يُناديها، لكنَّها لا تستجيب له؛ لذا إقترب من السرير وصعده برُكبته، وضع يده على كتفها وحرَّكها كي يرى وجهها.
ملامحها مُعبّأة بالتَّعب ومُتورِّمة، تنهَّد بِعُمق ومسح على وجنتها بإبهامه، فكشَّرت ملامحها وتأوَّهت؛ فلقد مَسَّ لِتوِّه إحدى الكدمات التي تسبَّبَ بها لها.
"مَلكتي؟!"
همس بتلك لها، ففتحت عيناها لتنظُر إلى وجهه الوشيك منها، أبعدت يده عن وجهها وأشاحت عنه يمينًا.
"كيف أكون ملكتك وتضربني؟! أين الشخصيّة الملكيّة التي تعرَّضت للضَّرب على يد زوجها عبر التاريخ؟!"
نظرت إليه مُجددًا وهمست.
"لا أحد؛ لذا أنا لستُ ملكة، أنا لستُ أميرة حتّى، أنتَ حططتَ منّي كفاية لأكون مثل العبد الذي لو أخطأ ضُرِب، وإن لم يُخطئ سيُضرَب أيضًا"
"رايناه..."
قاطعته.
"أنا لستُ ملكتك ولا أميرتك، ولا حتى أنفع أن أكون بمقامِ محظيّة لديك... عبدة، أنا مثل عبد إشتريته بمالك ولك الحق أن تقتله لو شئت"
نفى تشانيول برأسه، ورفعها من ذراعيها ليدسَّها بين ذراعيه يُعانقها بقوّة ويُخبئ وجهه في عُنقها.
"لا، لستِ كذلك... أنا فقدتُ سيطرتي على نفسي، أنتِ لستِ جيّدة معي، لا تُحبّيني ولا تُحسنين لي، أنتِ سيئة معي لكنني أُحبُك، صدِّقيني أنَّني أُحبُك!"
إزدرئت رايناه جوفها تبتلع تلك الغصّة في حلقها، ثم زفرت أنفاسها بِعُمق فيما دموعها تُبلِّل وجنتيها مثلَ حبّاتِ النَّدى على سطحِ أوراقٍ ناعمة.
إبتعد عنها وأحاط وجهها بكفّيه، معالمه تقول أنَّهُ ليس مسرورًا بما يفعله بها كما أنَّ سلوكها نحوه لا يَسرُّه.
"بالنِّسبةِ لي؛ لا بأس لو كان كُلُّ النّاس ضِدي، لكن أنتِ لا، لا أُطيق أن تكرهيني، لا أُطيق أن تُعاديني، أرجوكِ أحبّيني وأحسني لي ولن أمسِّك بِضُر!"
إزدرئت رايناه جوفها وأومأت له.
"بما أنَّني لا أستطيع إسترجاع ما أخذتَه منّي، ولا أستطيع أن أتحرَّر منك، فأنا لا أملك الخيار، سأكون لكَ ما تُريد فتوقَّف عن إهانتي!"
قرَّبها منه أكثر، أمال رأسه وخاض على شفتيها حربٍ شغوفة إختلطت فيها كُلُّ مشاعرها، التي لا يحس بها إلا معها هي تحديدًا.
قبضت رايناه على رٍداءه، كمشت عيناها ثم بادلته تلك القُبلة، فجُنَّ جنونه وتجاوز عن كُلِّ مَهمّاتِه، التي عليه إنجازها اليوم لصالح أن يقضي معها وقتًا شغوفًا بين الأغطية.
يَذكُر جيّدًا أول مرَّة قبَّلتهُ فيها، كانت ليلة زفافهما، وكانت الأخيرة، آخر مرَّة قبَّلتهُ فيها؛ لأنَّهُ في الليلة التالية خسرَ مشاعرها الودودة معها حينما رأت في فراشه إحدى محظيّاتِه.
مُذُّ ذلك الوقت وهو يطوق إلى حُبِّها، الذي حرم نفسه منه، واليوم هي لأولِ مرَّة تُقبِّله بعد مرور سنين طويلة.
عانق خصريها بذراعيه وأنامها برفق على الفِراش، وفيما يُعانقها ويحتك بها أخذ يُقبِّل شفتيها، وكُل زاوية فيهما، ثم وجهها، عيناها أنفها، ووجنتيها، وفوق كُل كدمة تسبَّبَ لها بها.
فيما رايناه تُحيط عُنقه بذراعيها، وأناملها الرَّفيعة تندَّس في خُصلِ شعره التي تتساقط على وجهها، وتتفاعل معه كما أُنثى شديدة النعومة تتلقّى الحُب على يد رَجُل خشن تُحِبُّه.
حَلَّ أشرطة ثوبها ثم ثوبه، ثم إنغمس بها وخاض بها كما لم يفعل من قبل؛ بِحُب.
كانت تنام على جنبها الأيسر وهو ورائها يُعانقها، ظهرها يمس صدره وذراعه تُحيط خصرها والأخرى أسفل رأسها، فيما هو يُعانقها ويُفرِّق القُبل على كتفها.
"هل أنتَ سعيد الآن؟"
همهم ويده تُلامس خصرِها العاري بطريقة تُدغدِغ المشاعر، تنهَّدت بقوّة وأمسكت بيده تنهاه عن مَسِّها بهذهِ الطريقة فتبسَّم ولمس كتفها بِقُبلة أُخرى.
"سأُحِبُك طالما تُحبيني، صدِّقيني أنا لا أريد منكِ سوى الحُب، لا تفعلي أي شيء آخر لي، فقط أحبّيني"
شابكت أناملها بأنامله التي على خصرِها، وإلتفتت برأسِها له تطبع على رقبته قُبلة، جعلته يتنهَّد بِقوّة ثم يبتسم إبتسامة واسعة جعلت غمّازتاه تحفر وجنتيه بِعُمق.
تحسَّست وجهه بأطرافِ أناملها بنعومة ثم همست.
"سيقولون أنَّ الملك يُهمِل واجباتِه الملكيّة ليقضي الوقت مع الملكة"
"لا يهمني ما سيقولون، أنتِ واجبي الأول"
تبسَّمت له وهمست.
"لكنني أهتم بِسُمعتك، اذهب الآن لقضاء مهمامك وسآتي إليك كُلَّما أردت"
"حسنًا إذًا"
همس بتلك فيما يقعد على السرير، ثم أخفض جِذعه نحوها يسرق من شِفاهها قُبلة أُخرى قبل أن ينهض من جانبها.
تنهَّدت رايناه فيما تُراقبه يبتعد، ثم أغمضت عيناها وتستَّرت بالغطاء.
.......................................
وأما الليلة في مَقرِّ جماعة القمر الدَّموي؛ فجونغ إن في الخارج يُمارِس هوايته المُفضَّلة في وقتِ فراغِه؛ وهي الرَّقص والغناء مع الأطفال.
سيهون يتدرَّب على رمايةِ الأسهُم مع كيونغسو، جلالةُ المَلِك ووزيره الأول يسيران أمام المَقر ويتحدَّثان في شؤونهما، التي قد تكون سياسيّة وقد تكون شخصيّة.
وأمّا الملكة راهي؛ فلقد نهضت مُذُّ وقت لتضع الأطفال الثلاث الصِّغار في الفِراش، وأخيرًا هيريم فلقد كانت تجلس وحدها تنحت من قِطعةِ خشب بسكّينها عصا، لكنَّ الأميرتان إنضممنَ لها.
"أيُمكن أن نجلس معك؟!"
ولأنَّ هيريم أصبحت تتعامل معهن براحة أكثر؛ فلم تُكلِّف نفسها عناء إظهار الإحترام لهن، بل هي أومأت برأسِها بإبتسامة وأشارت لهن أن يجلسن.
"تفضَّلن"
جلسنَ الأميرتان قِبالتِها وهي مُستمِرّة في نحتِ العصا، لكنَّها عندما نظرت إلى الأميرة جيهان وجدتها تنظر إلى شيء خلفها، فإلتفتت هيريم تتقصّى وإذ به جونغ إن الذي يقضي وقتًا مُمتعًا مع الأطفالِ هُنا.
عاودت هيريم الإلتفات وهمست بينما تعمل على العصا.
"لا أنصحكِ أن تقعي في حُبِّه، هو مُتمرِّد بلطجي محكوم عليه بالإعدام وعمره قصير"
زفرت هيريم أنفاسها براحة بما أنَّها أنجزت العصا، وضعتها في حِجرها وأكملت.
"قد يخرج في مُهِمَّة ولا يعود"
"ألا تتكلَّمين بقسوة؟!"
إستنكرت جيهان فحرَّكت كتفيها هيريم ونبست بعد تنهيدة عميقة.
"لستُ أتكلَّم بِقسوة، الواقع قاسي بالفعل، نحنُ هُنا جميعًا إخترنا هذا المصير ونحنُ نُدرك أنَّه غُراب يُعشعِش على أعمارِنا"
"أيُمكن أن أسأل سؤال؟!"
تسآلت بيكهي فأومأت لها هيريم.
"لو كنتُ أستطيع الإجابة عليه، لن أُقصِّر"
"لِمَ إخترتُم هذا المصير بدلًا من أن تعيشوا حياة عاديّة؟!"
تهكَّمت هيريم بإبتسامة ونبست.
"لم تكُن الحياة الطبيعيّة خيارًا مُتاحًا لنا"
"كيف ذلك؟!"
تنهَّدت هيريم ثم همست.
"لا أظن أنَّهُ يمكنني الإفشاء عن أسرارِنا لأحد بعد، اعذرنَني!"
جيهان نبست.
"لا بأس أيَّتُها القائدة، نحنُ هُنا دومًا لسماعِ قصَّتِك"
ضحكت هيريم بِخفَّة ونبست.
"حسنًا، أنا لا أتمنى أن تكونَّ هُنا دومًا، يجب أن تعدنَ إلى مكانكن الصحيح"
وبينما هُنَّ يجلسن هكذا؛ أتت إمرأة من المُجنَّدات إلى هيريم، جلست القُرفصاء قُربها، ثم وشوشت لها بشيء جعلَت هيريم تبتسِم.
"ما الذي يحدُث؟!"
همست بيكهي مُبتسِمة، نهضت هيريم بحماسة وأشارت لهن أن يتبعنها.
"الليلة ليلةٌ سعيدة... سيُقام عُرس لإفرادنا من المُجنَّدين والمُجنَّدات"
نهضت هيريم سريعًا يتبعنها الأميرتان إلى الدّاخل، توقف بيكهيون؛ لينظُر إلى إبنتيه وهُنَّ يجرين خلف هيريم، تبسَّم، من الجيّد أنهن يُطقنَ المكان، ويُحبِبنَ الناس هُنا.
"ما بِهُن بناتي يركضن خلف تلك البربريّة المُسترجِلة هكذا؟!"
ضحك جونغكوك بِخفّة ونبس.
"أظُن أنَّهم ينظمون لحفلِ زفاف جماعي الليلة لعدد من الأزواج"
برم بيكهيون شفتيه، ثم أومئ.
دخلت هيريم إلى غُرفتِها وسمحت للأميرتين بالدِّخول أيضًا، ثم فتحت دولابها الخشبي الصغير وأخرجت منه ثوب أنثوي جميل.
تبادلن الأميرتان نظراتٍ مُشدوهة، ثم بيكهي همست.
"هل سترتدي هذا؟!"
أومأت هيريم تقول.
"نعم، سأرتديه!"
توارت خلف الحاجز القابل للطيّ والمصنوع من القش لِتُبدِّل ثيابها، وعلى سمع الأميرتين تكلَّمت.
"صحيح أنني أحملُ السيف والسهم، أقتل وأضرب وألبس كالرِّجال، لكنني من الدّاخل أُنثى مثلكن، لكن الظروف أجبرتني أن أسترجِل"
بِحرَج تناظرنَ الأميرتان ثم بيكهي نبست.
"نحنُ آسفتان، لم نقصد"
خرجت هيريم من خلفِ العازل وهي تفرد شعرِها لأوَّلِ مرَّة، بدت مُختلفة كُليًّا، ليس وكأنَّها إبنةُ البرّية والكهف، ولا كأنَّ السّيف والسَّهم رفيقيها، بدت أُنثى لا تختلف عن الأميرتين بشيء.
بيكهي وجيهان يرمقنها بذهول، وهذا ما جعل هيريم تضحك بِخفّة وتُشير بعينيها إلى الدّولاب.
"هُناك ثياب جديدة في الدولاب، يمكنكن أخذها والإحتفال معنا الليلة"
"هذا يبدو جيّدًا!"
تبسَّمت هيريم وأومأت لجيهان تسمح لهن بأختيار الأثواب، بينما هي جلست أمام مرآتِها الصغيرة، أخرجت من الجرّار أسفل المِرآة حقيبة قُماشية وأخرجت مُستحضرات التجميل وأغراض الزّينة التي تخُصَّها.
"تبدين جميلة جدًا! لا يظهر كل هذا الجمال بثياب الرِّجال التي تلبسينها عادةً!"
علَّقت جيهان بعدما غيَّرت ثيابها وأتت لتجلس بجانب هيريم التي تبسَّمت بِخفّة، ثم أتت بيكهي وهمست مُشدوهة.
"هيريم! أنتِ حقًّا جميلة!"
جلست بيكهي بجانبها وهمست.
"تزوجي أبي!"
سُرعان ما إلتفتت إليها هيريم، كذلك جيهان، بيكهي إزدرئت جوفها ثم تبسَّمت بِحرَج تقول.
"عُذرًا! فقدتُ سيطرتي على لساني!"
جيهان وبَّخت أُختها قائلة.
"هيريم بعُمرنا، هي أصغر من أبي بكثير، كيف تتزوجه؟!"
تبسَّمت هيريم تتجاوز عن كلامِ بيكهي، وضعت يداها على وجنتيها وأخذت تُرفرف بأهدابها.
"لِمَ؟! كم تظُني عمري؟!"
لوت جيهان شفتيها وأشارت إلى هيريم فيما تسأل بيكهي.
"من هذه؟!"
حرَّكت بيكهي كتفيها بجهل.
"لا أعرفها!"
ضحكت هيريم فيما تُضبضِب أغراضها.
"أنا في عُمر قريب منكن لكنني لستُ في سنكن"
رمقتها بيكهي بغرابة واستنكرت.
"لِمَ؟ هل أنتِ أكبر؟"
أومأت هيريم ونبست.
"أبلغ من العمر خمسةٍ وعشرين عامًا"
نظرت جيهان إلى بيكهي بتردد ثم نظرت إلى هيريم تقول.
"لو تقدَّم لكِ رجلًا بسن أبي، هل سيكون عمره عائقًا؟"
نظرت إليها هيريم فيما تُضيّق عيناها.
"تتكلَّمين وكأنَّ والدك عجوز يسير على عُكاز، الفارق بيننا عشرة سنين، ليست عائقًا"
ضحكت جيهان بحرج وهمست.
"رُبَّما لأنَّهُ والدي أراهُ عتيق"
"بل لأنَّكِ صغيرة جدًا ترينه هكذا"
علَّقت هيريم ونهضت سريعًا إلى الخارج تقول.
"هيّا يا فتيات! هل سنقضي بقيّة اليوم هنا؟!"
خرجت هيريم تركض بثوبها الأنثوي بين الأطفال، وجعلت الطبّال يُطبِّل والعازف يعزف وفي مُنتصفِ الساحة أخذت ترقص بين الأطفال ومعهم.
لفتت نظر الجميع، سيهون، جونغ إن، كيونغسو، جونغكوك.... وحتى الملك.
كان تايهيونغ يقف قريبًا من جونغ إن بينما هيريم ترقص هكذا والأميرتان إنضممن لها.
"لأوَّلِ مرّة أرى القائدة هيريم كآنسة عاديّة"
تبسَّم جونغ إن وقال.
"حفلات الزفاف التي تُقام هنا هي الفرصة الوحيدة لها لتتزيّن بأنوثتها"
ثم جونغ إن ترك تايهيونغ وهرول إلى أخته، أمسك بيديها وأخذ يرقص معها، مما جعلها تضحك، فهو أفضل منها بالرَّقص رُغمَ أنَّهُ الرَّجُل ها هُنا!
بيكهيون توقف عن الحديث مع جونغكوك وبدى شاردًا، فالتفتَ جونغكوك لينظر إلى ما ينظر له بيكهيون، سُرعان ما نبس مشدوهًا.
"يا للغرابة!"
تبسَّمَ بيكهيون وهمس.
"إنها جميلة وناعمة!"
رمقه جونغكوك مُضيّقًا عينه فيما يبتسم بِخُبث.
"قبل قليل كانت البربريّة المُسترجِلة!"
تحمحم بيكهيون بِعُمق ثم ضرب جونغكوك على بطنِه بِخفّة حينما بدأ يضحك ووبَّخه.
"أتضحك علي أيُّها الوزير؟!"
تحمحم جونغكوك ونفى برأسِه قائلًا.
"لا أبدًا مولاي، شعرتُ بالدَّغدغة فقط!"
ولأنَّ بيكهيون يشعُر بالحرج من إبتسامات جونغكوك الخفيّة ضلَّ يتحمحم ولكنَّهُ ضلَّ يُراقبها وهي ترقص بعفويّة وحيويّة مع شقيقها وابنتيه.
إنَّها تملك وجهًا جميلًا... لا شكَّ في ذلك!
حتى عندما ترتدي ثياب الرِّجال، وتضع الدِّرع واللِّثام، وتحمل السّيف والسَّهم والقوس... وجهها يبقى جميلًا.
لكنَّهُ لأوَّلِ مرّة يرى شعرها الأسود كاللّيل والليلك يُدغدِغ أُخدودي خصرِها المنحوت برشاقة، لأوَّلِ مرّة يراها أُنثى، لأوَّلِ مرّة يراها بعينِ رَجُل.
نفض رأسه وأفكاره وتنهَّد ثم أشار إلى جونغكوك أن يسير معه نحو الحفل، خرج العِرسان لتأديةِ طقوس الزَّواج، كانوا خمسة أزواج ينقصهم عريس واحد، وهو العريس الذي إختارته جاهي شقيقة تايهيونغ.
كانت تقف جاهي وحدها، تبحث عنهُ في عينيها، لا تدري إن كان يتجهَّز، لكنَّهُ وصله بلاغ بالتّأكيد أنَّهُما اليوم يتزوَّجان؛ هو وجاهي.
إقترب تايهيونغ منها يسألها عن سيهون، لكنَّها لم تُجيب بما أنَّها لا تملك إجابة، وهيريم التي لاحظت غياب العريس صرخت غاضبة.
"أين هو العريس؟! أيعدها بالزواج ويهرب؟! أُقسم أنَّني سأُقطِّعُه إربًا لو فعل!"
ضربها جونغ إن على قِفا رأسها وعندما إلتفتت إليه بعصبيّة تتمسَّك بحيثُ ضربها جمع كفّيه في توسُّل ونبس.
"أرجوكِ كوني أُنثى ليومٍ واحد فقط، هل ينبغي عليكِ أن تظهري رجل الكهف الذي يعيش داخلك في كُلِّ مرَّة تلبسين فيها هكذا؟!"
تخصَّرت بِغُل ورفعت سبّابتها نحوه تُهدِّده.
"هل نعتَّني لِتَّو برجُلِ الكهف؟!
إن لم أجد هذا العريس الهارب سأذهب بك إلى دارِ المحظيّات وأربطكَ على شجرةِ العار!"
إنفجر الجميع ضاحكًا حتّى الملك، يستمع لِشِجار الإخوة هذا ويضحك، وإمّا جونغ إن فشكَّل قبضتين ورفعهما قُرب وجهها بغيظ، لكنَّهُ لم يفعل لها شيء وانسحب غاضبًا.
ولولا أنَّ صوت العريس المفقود آتى من خلفِ قِناع العِرسان لما إنتهى شجارهما إلى هذا الحد.
"أنا هُنا"
تبادلا جونغ إن وهيريم نظراتٍ جاهلة.
"ها؟!"
"ألا يبدو هذا الصوت مألوف؟!"
أجابت هيريم أخاها بغرابة.
"ألا يبدو مثل صوت...!"
رفع العريس عن وجهه فصرخ كلا الشقيقان بدهشة.
"سيهون!"
كاد كلاهما أن يهجما عليه لولا أنَّهُ رفع سبّابتِه مُهدِّدًا.
"المُستغني عن روحه منكما فليتقدَّم!"
توقف جونغ إن وهيريم عن بُعدِ مسافة مُعتبرة من شقيقهم الأكبر وهيريم بضيق قالت.
"كيف يمكنكَ أن تتزوج من دون علمنا؟!"
اتبع جونغ إن.
"الفُلفُل يَحُكُّه!"
هيريم لم تفهم، كذلك أيًّا من النِّسوة لم يفهمن، لكن الرِّجال إنفجروا ضاحكين حتى بيكهيون إنحنى على عقبيه وهو يضحك.
لكن سيهون إشتعل وجهه الشاحب ليصبح مثل الجمر من شدة الخجل والغضب، وسُرعان ما أخرج سيفه ولاحق به جونغ إن الذي فرَّ منه هاربًا يصرُخ.
"يا أُمّي أنقذيني!"
همست جيهان لهيريم.
"ماذا كان يقصد؟!"
حرَّكت هيريم كتفيها بجهل، وبتلك اللحظة تحديدًا وقع بصرها على الملك بيكهيون وهو ينحني على عقبيه ويضحك منه قلبه.
لم يسبق لها أن رأته يضحك بِصدق هكذا، لكن... لضحكاتِه رنّات لذيذة على السَّمع، شفتيه تضحك على آخرها وترتفع وجنتيه وتغار عينيه فتضحك معه.
صوته، حركاته، ملامحه، شخصيّتُه، وكى تفصيل تعلمه أو لا تعلمه به يُعجبها... وتُحِبُّه!
وبينما هي غارقة في تفاصيل ضحكته ورنّاتِ صوته إلتقى بصره ببصرها فأنحسرت ضحكته رويدًا رويدًا لكنَّها لم تُزِح بعينيها عنه حتى أزاحها هو، وهي إبتسمت نتيجة لذلك.
تحمحم بحرج وأقام عوده يقف مُعتدِلًا ويداه تتشابك خلف ظهره فيما يُفكِّر.
"هل غازلتني لِتَّو؟!"
.............................
في ذاتِ الليلة ولكن في القصرِ المَلَكي، كان رَجُلٌ من حَرسِ السِّجن المَلَكي يضع لِحمامةٍ زاجِلة رسالة صغيرة حول قدمها؛ لكنَّهُ فجأة شعر بيد على كتفِه.
تيبَّست قدميه في الأرض، وانتفض قلبه رُعبًا، أراد أن يتلفت لكن صاحب اليد يأبى، ومن ثُمَّ تحدَّث آمرًا.
"ضَع هذهِ الرِّسالة بدلًا من الرسالة التي وضعتها بالفعل"
إزدرئ الرَّجُل جوفه مُجدَّدًا وأراد أن يلتفِت من جديد، لكنَّ الذي خلفه هدَّد.
"أيّاك! لا تهدر حياتك لأجلِ رسالة صغيرة إبعثها بسلام إلى جماعة المتمرّدين"
ردَّ الرَّجُل بإقتِضاب.
"تعوَّدتُ ألا أخاف الموت، ساُضحّي بحياتي لأحمي رِفاقي"
توقَّف الآخر عن الحركة لِوهلة، ثُمَّ رفع يده عن كتفِ الرَّجُل وقال.
"شجاعتُك أثارت إعجابي، يُمكنكَ أن تقرأ ما بداخل الرِّسالة التي أُريد أن أبعثها إليهم، وأخبرهم أنَّني أُريد أن انضم إليهم"
فتح الرَّجُل الرِّسالة وقرأ مُحتواها، ثم نظر إلى المُلثَّم مشدوهًا ونبس.
"هل أنتَ مُتأكِّد من صِحَّةِ هذا الخبر؟"
أومئ له فاتبع الآخر.
"وما ضمانتي؟!"
"لا أملك ضمانة"
تنهَّد الرَّجُل وأومئ قائلًا.
"حسنًا، ولكن لو كان ذلك فخ فهُم سيعثروا عليك ويقتلونك"
"موافق!"
وضع الرَّجُل الرِّسالة في قلبِ حقيبة الحمامة وجعلها تنطلق، حينما وصلت الحمامة إلى المقر كان حفل الزِّفاف قد إنتهى.
ولأنَّ الأمر مُستعجَل بعث الرَّجل المسؤول عن المراسيل الرسالة عبر إحدى العناصر الجُدُد إلى القائد سيهون.
إذ كانوا الإخوة الثلاثة يجلسون في غُرفةِ الإجتماعات قبل أن يتفرَّقوا إلى مضاجعِهم، دخل المُجنَّد عليهم وهو يحمل الرِّسالة، وضعها أمامهم وغادر بعد إعلامهم.
"هذهِ رسالة من القصر الملكي"
فتحها سيهون وقرأها، ثُمَّ طواها بيدِه.
"ما المكتوب بها؟"
تسآل جونغ إن فأجابه سيهون.
"أحدهم قبض على مُخبرِنا بينما يُحاوِل مُراسلتِنا، يقول أنَّهُ يُريد الإنضمام لنا، وكعربون يُقدِّم لنا معلومة هامّة"
"وما هي؟!"
تسآلت هيريم فأجابها.
"أنَّ الذي وضع المراسيل التي وضِعت في جناحِ الملكة ناري قد وضعها حارس صغير يُدعى تشا أون وو"
"قد تكون هذهِ معلومة زائفة وفخ للقبضِ علينا"
أومئ سيهون وقال.
"لذلك سنذهب أنا وأنت وحدنا"
وقفت هيريم تضرب بقبضتيها الطّاوِلة برفضٍ تام.
"هل جُننتُم؟! لن أسمح لكم بالتأكيد أن تذهبوا دوني"
ثم نظرت إلى سيهون واتبعت.
"وأنت، الليلة ليلةُ زفافك، ألا يكفي أنَّ عروسك تنتظرُك مُذُّ ساعتين؟!
والآن تُريد أن تذهب وتترُكها؟!"
بِحِدَّة همس سيهون فيما يقف ويأخُذ عِدَّته القتاليّة.
"أنا وجونغ إن سنذهب وأنتِ ستبقي هُنا؛ إنتهى الجِدال"
"أنت! أنا لستُ مُجنَّدتُك الصغيرة!"
إقتربت منه هيريم بغضب فتنهد سيهون كاظِمًا غيضه وألتفتَ لها مُحذِّرًا.
"لكن أنتِ أُختي الصغيرة، ومن حقّي أن تستمعي إليّ، حسنًا؟!"
تنهدت هيريم وأشاحت بوجهها عنه مُنزعِجة، فربَّتَ على كتفِها ثم خرج، يتبعه جونغ إن الذي أخرج لسانه لها؛ كي يُغيظها فحسب.
رفعت قبضتها تُريد هيريم أن تضرب أخيها، لكنَّهُ هرب.... تنهدت، وبعد وقت خرجت لتودعهم.
وبينما يصعدا أحصنتهما ويضعا اللِّثام قالت.
"سأنتظركم هُنا، وإن ما عُدتُّما حتّى الصباح لن أتردَّد بإرتكابِ فعلٍ مجنون"
علَّقَ جونغ إن.
"أنتِ مجنونة بالأصل"
رفعت قبضتها نحوه تقول.
"أنتَ لن أسأل عنك لو لم تعود"
غمز لها ضاحكًا.
"أعلم أنَّكِ تكذبي"
"كفى لهوًا، وهيّا بِنا!"
أمر سيهون وانطلق بحصانه ثم جونغ إن تبعه فيما هيريم تراقبهما بقلبٍ مُثقَل حتّى إختفيا خلف ظِلال الأشجار واندمج صهيل الأحصنة والأصوات الصّادرة من الغابة.
تنهَّدت هيريم وولجت إلى داخلِ الكهف، وإذ بها جاهي تقف بِحُلَّتِها العرائسية بإنتظارِ سيهون، لكنَّهُ رحل ونَسيَ أنَّهُ ترك خلفه عروسه في ليلةِ زفافه.
كانت تبكي فتنهَّدت هيريم واقتربت منها، سارعت جاهي بمسحِ دموعها وأخفضت رأسها، هيريم رفعت يدها لِتُربِّت عليها.
"هكذا تكون الحياة هُنا، لا تتوقَّعي أن تعيشي حياةً عاديّة، بالنِّسبة للقائد؛ فإنَّ مصلحة الجماعة تأتي في المركز الأول قبل حياته وعلاقاته وكل شيء يَخُصَّه"
ربَّتت هيريم على كتفها مُجدَّدًا قبل أن تلج إلى غُرفتها؛ لِتُبدِّل ثوبها الأنثوي بثياب البراري المُسترجلة.
خرجت تحمل سيفها وقوسها وكنانتِها، جلست أمام فوهة الكهف قُربَ النّار، تستدفئ بالنار وعيناها تترصَّد الغابة؛ وإن طال الإنتظار ستنتظر أخويها حتى يعودا.
وإما عند سيهون وجونغ إن؛ فبفضلٍ عناصر الجماعة العاملين في القصر إستطاعا التَّسلُّل إلى داخلِ القصر.
إذ فورما إقتربا من القصر الملكي أطلق سيهون سهمًا يحمل علمًا؛ علم القمر الدمويّ، إلى داخل أسوار القصر، حيثُ يحرسون عناصر من جماعته.
فُتِحَت البوّابة لهم، وكلاهما دخل بحذر، كلاهما يحمل سيفه ويضع لِثامه تحضُّرًا لأي فخ، لكنَّهم كانوا فقط رجال الجماعة خلف البوّابة، تنهَّد سيهون براحة وإقترب من أحد الحرس يسأله.
"أين نجد تشا أون وو؟!"
"لقد إكتشفنا أنَّهُ حارس صغير في مكتب العدل، سأدُلَّك عليه"
أومئ سيهون ثم أشار لجونغ إن أن يتبعه، والقائدان بعونِ الرَّجُل وصلوا فعلًا إلى حيثُ يعمل ذلك الحارس.
توقَّف الرَّجل وأشار ناحيته.
"هو ذلك الشّاب الجميل الذي يقف هناك!"
أومئ له سيهون ثُمَّ نبس.
"سنتولّى الأمر من هُنا، عُد إلى نُقطةِ حراستِك"
"أمرُكَ سيّدي!"
غادر الرَّجُل بِحذر، وفيما أون وو يسير حول الزِّنزانات بجولة تفقُّديّة رأى أحدهم يقفز من على الشجرة أمامه، تبسَّم الرَّجُل الغريب عليه من أسفل لِثامه وقال.
" لِمَ يقولون عنكَ جميل؟!
أنا أجمل منك!"
"من أنت؟!"
نبس بتلك أون وو، لكنَّهُ سرعان ما إنتفض وأخذت أوصاله ترتجف، فأحدهم قد أصبح خلفه أيضًا وقال.
"أياك أن تُصدِر صوتًا أو تُقاوم، سيُكلِّفُكَ ذلك روحك؛ تفهم؟!"
إزدرئ أون وو جوفه وأومئ برأسه، ثم رفع يديه مُستسلمًا، هو أجبن من أن يُقاوِم أي أحد، قيَّده سيهون من خلفه، وجونغ إن لوح له بيده قبل أن يضربه على رأسه ويفقده وعيه.
"أحلامًا سعيدة أيُّها الكتكوت!"
وضعاه داخل كيس مُخرَّم، وسحباه حتى أدركا أحصنتهما، صعد جونغ إن حصانه، وما إن أراد أن يصعد سيهون أيضًا سمعا صوتًا من خلفه.
"أنتَ أيضًا أيّاكَ أن تُصدر صوتًا أو تُقاوم، لأنَّ ذلك لن يكلفك روحك، بل روح الذي بالكيس؟!"
إلتفت سيهون خلفه وإذ برجل ضئيل البُنية خلفه رجلان آخرين، تبسَّم سيهون وأخرج سيفه يقول.
"من الجيّد أنَّكَ تعلم أنَّني لا أخشى الموت!"
رفع سيهون سيفه ليضرب به الرَّجُل الضئيل ذاك، لولا أنَّ كلا الرَّجُلين الذي كانا خلفه أصبحا أمامه، يدافعان عنه ويتصدَّيان لسيفِ سيهون.
لعن جونغ إن وترجَّل عن حصانه ليُقاتِل مع أخيه، مهارات الرَّجُلين الغريبين عاليّة، لكن لا أحد أكفئ من قادةِ جماعة القمر الدموي في ساحةِ القِتال.
أستطاع أن يضع سيهون سيفه على رقبةِ أحدهما وجونغ ثبَّت سيفه امام قلب الآخر، فيما الآخران يلهثان بسببِ حِدَّةِ القِتال الذي خسرانِه.
أنزل سيهون اللِّثام عن وجه الرَّجُل الذي أخضعه، فاتَّسعت عيناه وهمس بلا تصديق.
"أنت!"
تبسَّم الرَّجُل اللَّاهِث ذا الجروح، ثم نظر إلى أعالي الجِبال، نظر سيهون إلى ما ينظر إليه وإذ برُماةِ الأسهم يحاصرونهم.
"أما زِلتَ لا تخشى الموت؟!"
همس بلا تصديق سيهون.
"أيُّها الخائن!"
ففعلًا قد وقعا بالفخ من طرفٍ غير متوقع على الإطلاق، من طرف يُفترض به أن يكون معه في ذاتِ صفِّه، لا بالصَّف المُعاكِس.
....................
يُتبَع...
الفصل الرّابِع عشر "العنقاء إحترق"
الرواية التّاريخيّة "العنقاء||The" Emperor's Return"
7th/May/2021
..........................
سلااااااااااام
الفصل القادم بعد 100فوت و كومنت.
1.رأيكم بِ:
بيكهيون؟!
تعامله الودود مع راهي؟
تعامله الجيد مع هيريم وجماعتِها؟
بداية إختلاف نظرته لهيريم؟
2. راهي؟
حُبها من طرف واحد لبيكهيون؟
3.تشانيول؟!
الشخصيّة الجبّارة التي تصبح وديعة بين يدي رايناه؟!
4.رايناه؟!
تُقبلها لقدرها مع تشانيول وقرارها للتعايش معه؟!
5.هيريم؟
مشاعرها الواضحة لبيكهيون؟
ملاحظة: مشاعر هيريم لبيك مش وليدة اللحظة، ح تعرفوا التفاصيل في المستقبل.
6.سيهون؟
زواجه المُفاجئ؟!
تركه لعروسه في ليلة الزفاف لأجل مهماته؟
7.جونغ إن؟
ردة فعله على زواج سيهون ومرحه؟
8.بيكهي وجيهان وتقربهن من هيريم؟
9.من الذي أوقع سيهون وجونغ إن بالفخ؟!
من الخائن؟
وما الذي سيحدث لهما؟
10. رأيكم بالفصل وتوقعاتكم للقادم؟
دُمتُم سالمين❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love❤
في:
العنقاء|| The Emperor's Return
"العنقاء إحترق"
...
عودة في الوقت...
إنغلق على القادة الثلاث، سيهون، جونغ إن، وهيريم، بالإضافة إلى قائد هذا المَقَر تحديدًا، كيونغسو، كذلك الوزير الأول، جونغكوك، والملك العنقاء، بيكهيون، حُجرة الإجتماعات في هذا المَقر.
فلقد قرروا جميعًا بِدءَ الحركة لإستعادةِ العرشَ الملكيّ، وذلك بتخطيطِ الملك شخصيًا مُستعينًا بوزيرِه المُقرَّب جونغكوك؛ ففي الدّائرة السياسيّة؛ تتراجع قُدرات قادة جماعةُ القمر الدَّموي على التخطيط؛ فهُم لهم التدابير العسكريّة لا السياسيّة.
وبعد إنغلاق دامَ لِعدَّةِ ساعات في حُجرةِ الإجتماعات؛ تقرَّرت الخطوة الأولى في هذهِ المعركة؛ وهي لَمُّ المُخلصين لاسمِ الملك بيكهيون، ودَسِّهم في صفوفِ الملك الجديد تشانيول؛ كمُخبرين ومُخرِّبين سياسيّن.
ولا مُخلصون للملكِ بيكهيون في القصر؛ بقدرِ رَجُلين معروفين بالنِّسبةِ للملك ولو لم تُأطِّرَهُ علاقةٌ خاصّة معهم؛ كالصَّداقة أو شيئًا من هذا القَبيل.
فالمواقف المُشرِّفة، التي قام بها نائب الوزير الأول كيم جونغداي وقائد فِرق الحرس الملكي، تشهد لهم على إخلاصهما ووفائهما للملكِ بيكهيون، خصوصًا أنَّهُما أوفيا له حتى وهو بعيد، وفي موقفٍ هَش وضعيف.
ورُغمَ أنَّهُما يعلمان عواقِب الوفاء له والبقاء في صفِّه في ظِلِّ قوّة الأمير تشانيول إلا أنَّهُما تمسكا بوفائهما له، وفضَّلا أن يتعرَّضا للعِقاب الظّالِم على أن يندسّا في جريمة لا أخلاقيّة، وهي خيانة الملك.
والآن بيكهيون يعلم ما جرى على رجاله الأوفياء، ويعلم جيدًا أن تشانيول يُخطِّط لما هو أعظم مِمّا فعله، لذا عليهِ أن يتحرَّك سريعًا.
وضِعَت الخُطّة للمُداهمة على المَعبد الكونفوشي، الذي يُحتجزان به جونغداي وايشينغ، الليلة، وما بقيَّ عليهم سوى التَّنفيذ.
آتى الليلُ سريعًا أثناء الإنشغال بالتَّحضيرات للمُداهمة ووضعِ الخُطَط العسكريّة اللّازِمة، التي هي شأن قادة القمر الدَّموي بالتحديد.
قُبيل خروج فِرق المُداهمة؛ وفيما الملك، كبقيةِ عناصر الجماعة، يرتدي الرِّداء الأدهم ذاته، ويضع دِرعه ولِثامه، رأى زوجتهُ راهي تُراقبُه من بعيد، ويستطيع أن يُدرِك أنَّها ترمقُه بِقلق؛ فهي صامِدة لأنَّهُ معها، ولن تصمُد لو خَسِرته.
إقترب منها بيكهيون حتى أصبح أمامها، فأنحنت له بِصفتِه مَلِكُها إلى الأبد، ولا تهتم إن كان يعلو العرش فعليًا، فالعرش حقَّه مهما كان، لكنَّهُ منعها إذ أقام كتفيها ونبس.
"لا تنحني لي، ما عدتُ ملكًا"
رفعت رأسها لِتنظُر في عينيه وهمست.
"أنتَ الملك ولو أنكركَ الجميع، سأؤمن بِك!"
تبسَّم بيكهيون وربَّتَ على كتِفِها، يعلم بيكهيون أنَّ راهي تُحبُّه حُبًا جمًّا، وأنَّها رَضَت بالقليلِ منه على أن تبقى معه، فبينما ناري الرّاحِلة تتلقّى منهُ كُلَّ الحُب والإهتمام كانت راهي تُراقب من بعيد.
لا تُنكر أنَّها تمنَّت مكانَ ناري، وكثيرًا ما غَفَت وهي تبكي؛ لأنَّها لا تحصُل على شيء مِنه سوى ليلة في الشَّهر؛ وذلك إتباعًا لإنظمةِ القصر الدّاخليّة، لا لأنَّهُ يُريدها بالفعل، لكنَّها لم ترغب أن يفقد ناري أبدًا، أو أن تَتَبدَّد سعادتُه أبدًا، وإن كانت سعادتها ناقصة؛ كانت سعيدة لأنَّهُ سعيد ولو مع إمرأةٍ أُخرى، لطالما راعت أنَّهُ الملك في هذهِ المَسألة.
قاطع بيكهيون شرودها في معالِمه حينما قال.
"سأذهب في أوَّلِ مُهِمَّة لإستعادةِ العَرش، أيُمكنني أن أؤمِّنكِ على أطفالي الخمس في غيابي وإن طال؟"
تبسَّمت يملأ عيناها الدَّمع، ثم نَفَت لهُ برأسِها واتبعت.
"لا تُطيل الغياب، ولا تقلق بالنِّسبة للأطفال، أطفالُكَ هُم أطفالي، وأعدُكَ أنني سأكون بمثابةِ أُم لهم جميعًا كما أنا أُم لي جون"
رفع بيكهيون يدهُ ليُربِّت على وجنتِها وقال.
"شُكرًا لكِ... أراكِ على خير"
أومأت فيما تتغلغل الدموع في عينيها، لكنَّهُ نفى برأسِه لها ألّا تبكي، ثم إجتذبها إليه من قفا عُنقها ليطبع قُبلة على جبهتِها، ثم همس.
"وداعًا"
من هولِ الصَّدمة راهي تجمَّدت، فلم يسبق لهُ أن كان بهذهِ الحميميّة نَحوها وذلكَ الحنان، لم يَكُ سيئًا معها في السّابِق، لكنَّهُ لم يَكُ ودود أيضًا.
لكن لبيكهيون أسبابه، ليس أنَّ راهي حلَّت محلَّ ناري في قلبِه؛ هذا غير ممكن، فمحلُّ ناري سيبقى لناري ولن تحتلَّه إمرأة أُخرى، لكن بيكهيون يُقدِّر الوفاء، والإنتماء، والإخلاص، والتَّضحية، وكُلِّ تلك الصِّفات تتوفَّر في راهي.
فهي ملكة إبنةُ وزير أسبق، من عائلة نبيلة وثريّة ذائعةُ الصيت وذات نفوذٍ مَهول، لبست الحرير ونامت على الرّيش وتزيَّنت بالذَّهبِ والأحجار الكريمة، وأكلت أفضل الطعام وأندره، وعاشت حياة مُرفَّهة تتلقى الخدمة والجميع ينحني لها وينعتها بمولاتي.
والآن ها هي في قلبِ كهف قِفار فقير من أي مُقوِّمات الرَّفاهية، التي عاشت عليها طيلة عُمرها، وتُعامل مُعاملة عاديّة لا تمجيد بها، ويُقدَّم لها ما يُقدَّم لأصغر عُنصر في قلبِ هذا الكهف، لكنَّها راضية ولم تشتكي، مُكتفيّة بما يُقدَّم لها، ومُمتنَّة لهؤلاء الناس، الذين أنقذوا حياة طفلها وزوجها وحياتها.
وفي هذهِ الرِّحلة، التي تعلم أنَّها ستكون عصيبة، قرَّرت أن تكون دِرعَ الملك البشري وسنده، ستُساعده بما تستطيع، وتتحمَّل لأجلِه ما يُمكِن تحمله وما لا يُمكن... وكُلُّ ذلك الملك يعرفه؛ لذا يُكافئها بالإحسان إليها، فهذا ما يستطيع تقديمُه في هذا الوقت.
ولكنَّ جونغ إن، الذي يقف بعيدًا بجوارِ أُخته، وكلاهما يُراقبان حميميّةَ الملك مع ملكتِه الأُخرى، لا يفهم أي شيء مما يدورُ في خَلدِ الملك، وأطلق حُكمًا عامًا.
"انظروا إلى هذا الملك الدَّجّال!
بالأمسِ ماتت زوجتُه التي يُحبها، واليوم يُقبِّل زوجتهُ الأُخرى علنًا هكذا!
جميع الرجال سواسية سواء كان ملك أو عبد، جميعهم خونة"
نظرت هيريم نحو أخاها وقالت.
"هل تحتاج أن أُذكرُك أنَّكَ أيضًا رَجُل؟!"
حرَّك كتفيه بلامُبالاة ونبس.
"أنوي أن أخون زوجتي، هل لديكِ مُشكلة أيَّتُها القزمة؟!"
رفعت هيريم قبضتها، تُريدها أن تهوي على بدنِ أخيها لولا أنَّهُ هرب سريعًا، وهي صرخت بهِ في ظهرِه.
"سأقتُلكَ حينها، لن أسمح لكَ أن تكسر قلبَ إحداهُن!"
سخر منها جونغ إن فيما يُكرِّر كلامها، وما زال يلوذُ بِالفِرار منها؛ وكأنَّها تتبعُه.
أما هيريم؛ فوقفت تتخصَّر بِغُل، ولم تلحظ الملك يقترب منها حتى أصبح في ظهرِها، ونبس فجأة فإلتفتت إليه سريعًا وانحنت له.
"ما بالُكِ غاضبة؟!"
أشارت نحو جونغ إن وهمست مُتنهِّدة.
"تشاجرتُ أنا وأخي"
ضحك بيكهيون بِخفّة ونبس.
"ليتني أملُك أخًا أتشاجر معهُ هكذا"
تمتمت هيريم فيما تشيح بوجهها يمينًا.
"صدِّقني سترغب في قتله"
"ماذا قُلتِ؟!"
نفت هيريم وإبتسمت له.
"لا شيء مُهِم مولاي، إن كُنتَ جاهزًا أننطلق؟!"
أومئ لها، ثم صعد الحِصان الذي خصَّصوه لأجلِه، ثم هيريم صعدت على ظهرِ حِصانها بجوارِه وقالت.
"جلالتُك ستكون بِفرقتِي، وأخشى أن يُزعجكَ أنني أقودَك، يُمكنكَ تولّي القيادة بدلًا مني"
نفى بيكهيون برأسِه وقال.
"هذهِ الشكليات لا تُهمني، المُهِم بالنِّسبةِ لي أن تُحسني أداء دورِك كقائدة، يُمكنكِ إستعراض مهاراتِك القيّاديّة علي"
"أمرُكَ مولاي!"
نبست بتلك، ثم رفعت لِثامها لتُغطّي معالم وجهها، ولا يظهر منها سوى عيناها، كذلك فعل البقيّة من بعدِها، ثُمَّ ضربت الحِصان بِخفّة وأنطلقت ليتبعونها الفُرسان بأحصنتهم، ومن بينهم الملك بيكهيون.
قطعت الفِرق الأربعة من أربعةِ طُرق مُختلِفة الأدغال حتى وصلوا إلى قِمَّةِ الجبل، الذي عليه المَعبد، وهناك تركوا أحصنتهم مع مجموعة من العناصر التي أتت سابقًا لحمايةِ الأحصِنة، وصعدوا هُم الجبل مُتسلِّقين ومُتفرِّقين، ولكن على حسب إشارة القادة يتحرَّكون؛ كي لا يُباغتهم العدو ولا يكشف تحرُّكاتهم، فالحذر والحيطة في هذهِ المُهِمّات واجب.
تسلَّقوا الجبل حتّى وصلوا أسوارَ المَعبد، تبادل القادة الأربع إشارات الإستعداد، ثم كل قائد من كُلِّ جِهة رمى بحبلٍ غليظ آخره أداة حديديّة كما لو أنها مرساة شائكة؛ لِتُثبِّت الحبل وتحوله دون السقوط.
ثم بدأوا الجنود تسلُّق الأسوار عبر هذهِ الحِبال، آتى دور بيكهيون ليصعد وكان الأخير قبل هيريم، لكنه إمتنع عن الصعود قائلًا.
"اصعدي أنتِ أولًا، أخشى أن يحدُث لكِ شيء هُنا"
تبسَّمت هيريم بإمتنان لإهتمامه وهمست.
"لا تقلق علي مولاي، أنا القائدة هيريم ومُعتادة على صعودِ هذهِ الأحبال كآخرِ شخص"
تنهد بيكهيون ونبس.
"لا يبدو أنَّني سأنتصر على عِنادِك، سأصعد أولًا ولكنني سأبقى خلف السور حتى تصعدي وتُرافقيني"
أومأت له.
"ثِق بي مولاي"
صعد بيكهيون، ثم صعدت هي من خلفه بعدما تلقَّت إشارة من بقيةِ القادة، وبحسبِها فالجميع أصبح في داخلِ المعبد.
وهكذا تَسلَّلَ كُلُّ فريق من جِهة بحذرٍ شديد؛ فخُطَّتهُم تحوي شرطًا أساسيًّا، ألّا يأذوا الرُّهبان أو العُّزل وألّا يُسفَك الدِّماء في المَعبد؛ فلِهذا المكان إحترامه وقُدسيتُه الخاصّة.
سارت الفِرق الأربعة بذلكَ الحذر حتى أدركوا غُرَف التَّوبة والتّأمُّل، هُناكَ كان بإنتظارِ القادة الرّاهِب التّابع لهم، ودلَّ القادة بالإشارة إلى الغُرفة المُرادة.
هكذا وتوزَّعت كُلُّ فِرقة من الفِرق الأربعة في جِهة مُتخفّينَ لحراسةِ المكان بينما القادة الأربع والوزير الأول جونغكوك كذلك الملك، ولجوا إلى الغُرفة.
فتح الرّاهب لهم الباب، وبان من خلفه جونغداي وايشينغ بأزياء الرُّهبان التُّرابية، وبرؤوس صلعاء لامعة.
إلتفت كلاهما سريعًا ووقفا بوضعيةِ الهجوم، فلقد دخل عليهم ستة مُلثَّمين يتقدمهم واحد منهم، فيما جونغداي قال.
"من أنتم؟! ومن بعثكم؟!"
لكن ما إن أنزل الرجل، الذي في المُقدِّمة، لِثامه حتى تهاوت دفعاتهما، وبلا تصديق همس كلاهما معًا.
"جلالتُك!"
همهم لهُما بيكهيون فأنحنيا لَهُ سريعًا مشدوهين.
أقام جونغداي نفسه وهمس مشدوهًا.
"لقد ظنَّنا أنَّكَ مُت حقًا!"
جلس بيكهيون أرضًا، ثُمَّ أشارَ للجميعِ بالجلوس، وأمّا جونغداي وايشينغ فقد جلسا قِبالته، وما زالا يرمقانه بإندهاش فابتسم بيكهيون وربَّت على كتفيهما يقول.
"تيسَّرَ لي من ينقذني من خُطَط تشانيول لِتَّخلُّص منّي والإستيلاء على مكاني"
نظر جونغداي إلى جونغكوك، فَفَهِم الأخير ما يدور في خَلَدِ الأول دونَ كلام؛ لذا فسَّر.
"كان الأمير تشانيول يُخطِّط لقتلي أيضًا، لذا أنقذوني أنا أيضًا"
تنهَّد ايشينغ وأخفض رأسِه يقول.
"ما عاد أميرًا، لقد إستولى على العرش والكثرة يؤيّدونَه!"
ردَّ بيكهيون.
"لا بأس؛ المُهِم ما سنقوم بِه في المُستقبل، هل تُسانداني لإستعادة عرشي؟!"
سُرعان ما ردَّ جونغداي.
"بِالطَّبع مولاي! نفديكَ بأرواحِنا!"
هَمهَم لهُما بيكهيون مُبتسِمًا، لكن ايشينغ أشار إلى المُلثَّمين الأربعة خلف الملك ووزيره مُتسآلًا.
"لكن مولاي، من هؤلاء؟!"
أخفض سيهون لِثامه فتقلَّدَهُ البقيّة، ثم هو تولّى مهمَّة التعريف عن جماعتِه.
"نحنُ جماعة القمر الدَّمويّ أو كما تعرِفوننا جماعة المُتمرِّدين"
وقف كلاهما بإستنفار لولا أنَّ بيكهيون تولّى دفَّةِ الشرح.
"لا تُسيؤا الفهم، هُم من أنقذوني وعائلتي، ومن قبلي أنقذوا جونغكوك وابنتي الأميرة"
إستنكرَ ايشينغ بعصبيّة.
"ولكن كيف ذلك؟! هُم مجموعة من المُخرّيبين والقتلة والسّارقين!"
إلتفتَ لهُم بيكهيون برأسه، ثم أومئ.
"حسنًا، ما زِلتُ لا أدري ما مُبرِّراتَهم لإقتراف هذه الجرائم، لكنَّني أُدرِك جيّدًا أنَّهم أوفياء لي، وهذا المُهِم في هذهِ المَرحلة"
رمقاهُم جونغداي وايشينغ بنظراتٍ مُنزعِجة، جونغ إن رفع حاجبه مُستاءً وكاد أن يتسبَّبَ في مُشكلة لولا أنَّ سيهون شدَّ على يدِه.
تنهَّد جونغداي ثُمَّ تسآل.
"مولاي، ماذا حصلَ مع الملكة ناري؟!"
عبوس الملك وصمتُه كان أوفى إجابة، إنتكسَ رأس ايشينغ بأسف وقال.
"هذا ذنبي، أنا لم أُفلِح في حمايتِها"
تنهَّد بيكهيون ونفى برأسِه قائلًا.
"لا عليك، لقد كانت ضحيّة وثأري سآخُذه من رقبةِ تشانيول بِكُلِّ تأكيد!"
تنهَّدَ ايشينغ فيما جونغداي يقول.
"لا أدري كيف وجد تشانيول في جناحِها أوراق تُدينها"
قبض ايشينغ حاجبيه، وتذكَّر تِلكَ الليلة، حينما رأى حارس السِّجن الصَّغير يخرُج من الحَرم المَلكي.
"لحظة! أظُنَّني أتذكَّر في تِلكَ الليلة رأيتُ شابًّا صغيرًا يعمل كحارِس في السِّجن المَلَكي، لقد رأيتُه يخرُج من الحرمِ الملكي، لكن لأنَّهُ بَدى جبان ما شككتُ به"
"ما الذي تعرفُه عنه؟!"
تسآل بيكهيون فأجابه ايشينغ.
"لا أدري ما اسمه، لكن يُمكِن أن أصِفه لَكُم!"
وهكذا ذكر ايشينغ صِفات الشّاب الصغير للملك ورِفاقِه، ثُمَّ الملك ووزيره أمليا على جونغداي وايشينغ ما عليهُما فعله حالما يخرجا من هُنا، فالعنقاء إحترق بالفعل، والآن يجمع رماده ليُبعَث من جديد.
.................................
تنام رايناه على فراشٍ وثير في جناحها المَلَكي، لقد مَضى على نومها وقتٌ طويل، لدرجةِ أنَّها تشعر بألمٍ شديد في رأسِها، وكُلُّ رُكن من جسدِها يبعث بها الألم.
قعدت على الفراش فيما تتأوَّه وتُمسِك برأسِها، الذي تشعر به يكاد ينفجر لِشدَّةِ الألم، أسندت ظهرها على عارِضةِ السرير، وبدأت تتذكَّر ما حدث لها قبل أن تفقد وعيها؛ زوجها المجنون.
تشانيول المهووس بها سرقَ العرش من أخيها، وسرق مِنه قصرِه ومملكتِه وحتى أقصى خصوصيّاتِه؛ نِسائه من المحظيّات.
سرق شعبَه، ومملكتَه، ومُلكَه، وينتظر منها أن تُبارك لَهُ ما حصلَ عليه بالغُشِّ والخِداع، يُريد منها أن تقف في صفِّه رغمًا عن حقيقة أنَّهُ قاتل شقيقها، وقاتل زوجة شقيقها، وقاتل أطفال شقيقها، لا تنسى أنَّهُ أراد إبنة أخيها إمرأة له.
الآن ماذا ينتظر منها؟!
أن تُصفِّق له وتَشُدَّ عِضدِه على الباطِل.
لكن بعد أفعاله هذهِ؛ رايناه الآن تعلم بأيّ صفٍ تَقِف، ستتفوَّق على خوفِها، وتقف مع الحق ولو كلَّفها الحق رأسها... قرَّرت ألّا تُبالي.
فُتِحَ عليها باب الجناح؛ وإذ بها إحدى سيدات البلاط اللاتي تعمل في خدمتِها، إنحنت لها ثم قالت.
"جلالتك؛ جلالة الملك يطلبُ حضورك إلى جناحِه؛ لِتناول وجبة معه"
تنهَّدت رايناه، يتصرَّف كما لو أنَّهُ لم يفعل بها شيء بالأمس، وكأنَّهُ لم يوسِعها ضربًا حتى فقدت وعيها.
"أنا أميرة، لا تُناديني جلالتك، ولن أذهب لأي مكان، أنا مُرهقة"
إرتبكت سيدةُ البلاط، لكنَّها إنحنت لرايناه.
"أمرُ سموِّك!"
خرجت سيدة البلاط لِتُبلغ الملك الجديد برسالة ملكتِه، كانت مُرتبِكة إلى أقصى حد، فالجميع يعلم كم أن تشانيول غليظُ الطِّباع وصعبُ المَراس، والآن أصبح الملك سيزداد سوءً.
ولجت إلى جناحه بعدما أذِنَ لها، وبعدما إنحنت له وهو يجلس خلف طاولة عامرة بِكُلِّ ما تشتهيها النَّفس قالت.
"سموَّها ترفض أن تأتي، تقول أنَّها مُرهقة"
كوَّنَ تشانيول في يدِه قبضة وضرب بها بقوّة على سطحِ الطاولة بغضب، إنتفضت سيدة البلاط وهو وقف على قدميه يقول بعصبيّة.
"هذهِ المرأة ستجعلني أُجَن قريبًا!"
خرج مُسرِعًا من جناحِه يقصِد جناحَها، فوجدها في فِراشها تتدثَّر، تنام على طرفِ السَّرير وتمنحه ظهرها.
قبضت على يدها أسفل الغِطاء حينما سمعت صوته يُناديها فيما يقتحم الجناح بخشونة.
"رايناه!"
إدَّعت أنَّها نائمة فيما هو يُناديها، لكنَّها لا تستجيب له؛ لذا إقترب من السرير وصعده برُكبته، وضع يده على كتفها وحرَّكها كي يرى وجهها.
ملامحها مُعبّأة بالتَّعب ومُتورِّمة، تنهَّد بِعُمق ومسح على وجنتها بإبهامه، فكشَّرت ملامحها وتأوَّهت؛ فلقد مَسَّ لِتوِّه إحدى الكدمات التي تسبَّبَ بها لها.
"مَلكتي؟!"
همس بتلك لها، ففتحت عيناها لتنظُر إلى وجهه الوشيك منها، أبعدت يده عن وجهها وأشاحت عنه يمينًا.
"كيف أكون ملكتك وتضربني؟! أين الشخصيّة الملكيّة التي تعرَّضت للضَّرب على يد زوجها عبر التاريخ؟!"
نظرت إليه مُجددًا وهمست.
"لا أحد؛ لذا أنا لستُ ملكة، أنا لستُ أميرة حتّى، أنتَ حططتَ منّي كفاية لأكون مثل العبد الذي لو أخطأ ضُرِب، وإن لم يُخطئ سيُضرَب أيضًا"
"رايناه..."
قاطعته.
"أنا لستُ ملكتك ولا أميرتك، ولا حتى أنفع أن أكون بمقامِ محظيّة لديك... عبدة، أنا مثل عبد إشتريته بمالك ولك الحق أن تقتله لو شئت"
نفى تشانيول برأسه، ورفعها من ذراعيها ليدسَّها بين ذراعيه يُعانقها بقوّة ويُخبئ وجهه في عُنقها.
"لا، لستِ كذلك... أنا فقدتُ سيطرتي على نفسي، أنتِ لستِ جيّدة معي، لا تُحبّيني ولا تُحسنين لي، أنتِ سيئة معي لكنني أُحبُك، صدِّقيني أنَّني أُحبُك!"
إزدرئت رايناه جوفها تبتلع تلك الغصّة في حلقها، ثم زفرت أنفاسها بِعُمق فيما دموعها تُبلِّل وجنتيها مثلَ حبّاتِ النَّدى على سطحِ أوراقٍ ناعمة.
إبتعد عنها وأحاط وجهها بكفّيه، معالمه تقول أنَّهُ ليس مسرورًا بما يفعله بها كما أنَّ سلوكها نحوه لا يَسرُّه.
"بالنِّسبةِ لي؛ لا بأس لو كان كُلُّ النّاس ضِدي، لكن أنتِ لا، لا أُطيق أن تكرهيني، لا أُطيق أن تُعاديني، أرجوكِ أحبّيني وأحسني لي ولن أمسِّك بِضُر!"
إزدرئت رايناه جوفها وأومأت له.
"بما أنَّني لا أستطيع إسترجاع ما أخذتَه منّي، ولا أستطيع أن أتحرَّر منك، فأنا لا أملك الخيار، سأكون لكَ ما تُريد فتوقَّف عن إهانتي!"
قرَّبها منه أكثر، أمال رأسه وخاض على شفتيها حربٍ شغوفة إختلطت فيها كُلُّ مشاعرها، التي لا يحس بها إلا معها هي تحديدًا.
قبضت رايناه على رٍداءه، كمشت عيناها ثم بادلته تلك القُبلة، فجُنَّ جنونه وتجاوز عن كُلِّ مَهمّاتِه، التي عليه إنجازها اليوم لصالح أن يقضي معها وقتًا شغوفًا بين الأغطية.
يَذكُر جيّدًا أول مرَّة قبَّلتهُ فيها، كانت ليلة زفافهما، وكانت الأخيرة، آخر مرَّة قبَّلتهُ فيها؛ لأنَّهُ في الليلة التالية خسرَ مشاعرها الودودة معها حينما رأت في فراشه إحدى محظيّاتِه.
مُذُّ ذلك الوقت وهو يطوق إلى حُبِّها، الذي حرم نفسه منه، واليوم هي لأولِ مرَّة تُقبِّله بعد مرور سنين طويلة.
عانق خصريها بذراعيه وأنامها برفق على الفِراش، وفيما يُعانقها ويحتك بها أخذ يُقبِّل شفتيها، وكُل زاوية فيهما، ثم وجهها، عيناها أنفها، ووجنتيها، وفوق كُل كدمة تسبَّبَ لها بها.
فيما رايناه تُحيط عُنقه بذراعيها، وأناملها الرَّفيعة تندَّس في خُصلِ شعره التي تتساقط على وجهها، وتتفاعل معه كما أُنثى شديدة النعومة تتلقّى الحُب على يد رَجُل خشن تُحِبُّه.
حَلَّ أشرطة ثوبها ثم ثوبه، ثم إنغمس بها وخاض بها كما لم يفعل من قبل؛ بِحُب.
كانت تنام على جنبها الأيسر وهو ورائها يُعانقها، ظهرها يمس صدره وذراعه تُحيط خصرها والأخرى أسفل رأسها، فيما هو يُعانقها ويُفرِّق القُبل على كتفها.
"هل أنتَ سعيد الآن؟"
همهم ويده تُلامس خصرِها العاري بطريقة تُدغدِغ المشاعر، تنهَّدت بقوّة وأمسكت بيده تنهاه عن مَسِّها بهذهِ الطريقة فتبسَّم ولمس كتفها بِقُبلة أُخرى.
"سأُحِبُك طالما تُحبيني، صدِّقيني أنا لا أريد منكِ سوى الحُب، لا تفعلي أي شيء آخر لي، فقط أحبّيني"
شابكت أناملها بأنامله التي على خصرِها، وإلتفتت برأسِها له تطبع على رقبته قُبلة، جعلته يتنهَّد بِقوّة ثم يبتسم إبتسامة واسعة جعلت غمّازتاه تحفر وجنتيه بِعُمق.
تحسَّست وجهه بأطرافِ أناملها بنعومة ثم همست.
"سيقولون أنَّ الملك يُهمِل واجباتِه الملكيّة ليقضي الوقت مع الملكة"
"لا يهمني ما سيقولون، أنتِ واجبي الأول"
تبسَّمت له وهمست.
"لكنني أهتم بِسُمعتك، اذهب الآن لقضاء مهمامك وسآتي إليك كُلَّما أردت"
"حسنًا إذًا"
همس بتلك فيما يقعد على السرير، ثم أخفض جِذعه نحوها يسرق من شِفاهها قُبلة أُخرى قبل أن ينهض من جانبها.
تنهَّدت رايناه فيما تُراقبه يبتعد، ثم أغمضت عيناها وتستَّرت بالغطاء.
.......................................
وأما الليلة في مَقرِّ جماعة القمر الدَّموي؛ فجونغ إن في الخارج يُمارِس هوايته المُفضَّلة في وقتِ فراغِه؛ وهي الرَّقص والغناء مع الأطفال.
سيهون يتدرَّب على رمايةِ الأسهُم مع كيونغسو، جلالةُ المَلِك ووزيره الأول يسيران أمام المَقر ويتحدَّثان في شؤونهما، التي قد تكون سياسيّة وقد تكون شخصيّة.
وأمّا الملكة راهي؛ فلقد نهضت مُذُّ وقت لتضع الأطفال الثلاث الصِّغار في الفِراش، وأخيرًا هيريم فلقد كانت تجلس وحدها تنحت من قِطعةِ خشب بسكّينها عصا، لكنَّ الأميرتان إنضممنَ لها.
"أيُمكن أن نجلس معك؟!"
ولأنَّ هيريم أصبحت تتعامل معهن براحة أكثر؛ فلم تُكلِّف نفسها عناء إظهار الإحترام لهن، بل هي أومأت برأسِها بإبتسامة وأشارت لهن أن يجلسن.
"تفضَّلن"
جلسنَ الأميرتان قِبالتِها وهي مُستمِرّة في نحتِ العصا، لكنَّها عندما نظرت إلى الأميرة جيهان وجدتها تنظر إلى شيء خلفها، فإلتفتت هيريم تتقصّى وإذ به جونغ إن الذي يقضي وقتًا مُمتعًا مع الأطفالِ هُنا.
عاودت هيريم الإلتفات وهمست بينما تعمل على العصا.
"لا أنصحكِ أن تقعي في حُبِّه، هو مُتمرِّد بلطجي محكوم عليه بالإعدام وعمره قصير"
زفرت هيريم أنفاسها براحة بما أنَّها أنجزت العصا، وضعتها في حِجرها وأكملت.
"قد يخرج في مُهِمَّة ولا يعود"
"ألا تتكلَّمين بقسوة؟!"
إستنكرت جيهان فحرَّكت كتفيها هيريم ونبست بعد تنهيدة عميقة.
"لستُ أتكلَّم بِقسوة، الواقع قاسي بالفعل، نحنُ هُنا جميعًا إخترنا هذا المصير ونحنُ نُدرك أنَّه غُراب يُعشعِش على أعمارِنا"
"أيُمكن أن أسأل سؤال؟!"
تسآلت بيكهي فأومأت لها هيريم.
"لو كنتُ أستطيع الإجابة عليه، لن أُقصِّر"
"لِمَ إخترتُم هذا المصير بدلًا من أن تعيشوا حياة عاديّة؟!"
تهكَّمت هيريم بإبتسامة ونبست.
"لم تكُن الحياة الطبيعيّة خيارًا مُتاحًا لنا"
"كيف ذلك؟!"
تنهَّدت هيريم ثم همست.
"لا أظن أنَّهُ يمكنني الإفشاء عن أسرارِنا لأحد بعد، اعذرنَني!"
جيهان نبست.
"لا بأس أيَّتُها القائدة، نحنُ هُنا دومًا لسماعِ قصَّتِك"
ضحكت هيريم بِخفَّة ونبست.
"حسنًا، أنا لا أتمنى أن تكونَّ هُنا دومًا، يجب أن تعدنَ إلى مكانكن الصحيح"
وبينما هُنَّ يجلسن هكذا؛ أتت إمرأة من المُجنَّدات إلى هيريم، جلست القُرفصاء قُربها، ثم وشوشت لها بشيء جعلَت هيريم تبتسِم.
"ما الذي يحدُث؟!"
همست بيكهي مُبتسِمة، نهضت هيريم بحماسة وأشارت لهن أن يتبعنها.
"الليلة ليلةٌ سعيدة... سيُقام عُرس لإفرادنا من المُجنَّدين والمُجنَّدات"
نهضت هيريم سريعًا يتبعنها الأميرتان إلى الدّاخل، توقف بيكهيون؛ لينظُر إلى إبنتيه وهُنَّ يجرين خلف هيريم، تبسَّم، من الجيّد أنهن يُطقنَ المكان، ويُحبِبنَ الناس هُنا.
"ما بِهُن بناتي يركضن خلف تلك البربريّة المُسترجِلة هكذا؟!"
ضحك جونغكوك بِخفّة ونبس.
"أظُن أنَّهم ينظمون لحفلِ زفاف جماعي الليلة لعدد من الأزواج"
برم بيكهيون شفتيه، ثم أومئ.
دخلت هيريم إلى غُرفتِها وسمحت للأميرتين بالدِّخول أيضًا، ثم فتحت دولابها الخشبي الصغير وأخرجت منه ثوب أنثوي جميل.
تبادلن الأميرتان نظراتٍ مُشدوهة، ثم بيكهي همست.
"هل سترتدي هذا؟!"
أومأت هيريم تقول.
"نعم، سأرتديه!"
توارت خلف الحاجز القابل للطيّ والمصنوع من القش لِتُبدِّل ثيابها، وعلى سمع الأميرتين تكلَّمت.
"صحيح أنني أحملُ السيف والسهم، أقتل وأضرب وألبس كالرِّجال، لكنني من الدّاخل أُنثى مثلكن، لكن الظروف أجبرتني أن أسترجِل"
بِحرَج تناظرنَ الأميرتان ثم بيكهي نبست.
"نحنُ آسفتان، لم نقصد"
خرجت هيريم من خلفِ العازل وهي تفرد شعرِها لأوَّلِ مرَّة، بدت مُختلفة كُليًّا، ليس وكأنَّها إبنةُ البرّية والكهف، ولا كأنَّ السّيف والسَّهم رفيقيها، بدت أُنثى لا تختلف عن الأميرتين بشيء.
بيكهي وجيهان يرمقنها بذهول، وهذا ما جعل هيريم تضحك بِخفّة وتُشير بعينيها إلى الدّولاب.
"هُناك ثياب جديدة في الدولاب، يمكنكن أخذها والإحتفال معنا الليلة"
"هذا يبدو جيّدًا!"
تبسَّمت هيريم وأومأت لجيهان تسمح لهن بأختيار الأثواب، بينما هي جلست أمام مرآتِها الصغيرة، أخرجت من الجرّار أسفل المِرآة حقيبة قُماشية وأخرجت مُستحضرات التجميل وأغراض الزّينة التي تخُصَّها.
"تبدين جميلة جدًا! لا يظهر كل هذا الجمال بثياب الرِّجال التي تلبسينها عادةً!"
علَّقت جيهان بعدما غيَّرت ثيابها وأتت لتجلس بجانب هيريم التي تبسَّمت بِخفّة، ثم أتت بيكهي وهمست مُشدوهة.
"هيريم! أنتِ حقًّا جميلة!"
جلست بيكهي بجانبها وهمست.
"تزوجي أبي!"
سُرعان ما إلتفتت إليها هيريم، كذلك جيهان، بيكهي إزدرئت جوفها ثم تبسَّمت بِحرَج تقول.
"عُذرًا! فقدتُ سيطرتي على لساني!"
جيهان وبَّخت أُختها قائلة.
"هيريم بعُمرنا، هي أصغر من أبي بكثير، كيف تتزوجه؟!"
تبسَّمت هيريم تتجاوز عن كلامِ بيكهي، وضعت يداها على وجنتيها وأخذت تُرفرف بأهدابها.
"لِمَ؟! كم تظُني عمري؟!"
لوت جيهان شفتيها وأشارت إلى هيريم فيما تسأل بيكهي.
"من هذه؟!"
حرَّكت بيكهي كتفيها بجهل.
"لا أعرفها!"
ضحكت هيريم فيما تُضبضِب أغراضها.
"أنا في عُمر قريب منكن لكنني لستُ في سنكن"
رمقتها بيكهي بغرابة واستنكرت.
"لِمَ؟ هل أنتِ أكبر؟"
أومأت هيريم ونبست.
"أبلغ من العمر خمسةٍ وعشرين عامًا"
نظرت جيهان إلى بيكهي بتردد ثم نظرت إلى هيريم تقول.
"لو تقدَّم لكِ رجلًا بسن أبي، هل سيكون عمره عائقًا؟"
نظرت إليها هيريم فيما تُضيّق عيناها.
"تتكلَّمين وكأنَّ والدك عجوز يسير على عُكاز، الفارق بيننا عشرة سنين، ليست عائقًا"
ضحكت جيهان بحرج وهمست.
"رُبَّما لأنَّهُ والدي أراهُ عتيق"
"بل لأنَّكِ صغيرة جدًا ترينه هكذا"
علَّقت هيريم ونهضت سريعًا إلى الخارج تقول.
"هيّا يا فتيات! هل سنقضي بقيّة اليوم هنا؟!"
خرجت هيريم تركض بثوبها الأنثوي بين الأطفال، وجعلت الطبّال يُطبِّل والعازف يعزف وفي مُنتصفِ الساحة أخذت ترقص بين الأطفال ومعهم.
لفتت نظر الجميع، سيهون، جونغ إن، كيونغسو، جونغكوك.... وحتى الملك.
كان تايهيونغ يقف قريبًا من جونغ إن بينما هيريم ترقص هكذا والأميرتان إنضممن لها.
"لأوَّلِ مرّة أرى القائدة هيريم كآنسة عاديّة"
تبسَّم جونغ إن وقال.
"حفلات الزفاف التي تُقام هنا هي الفرصة الوحيدة لها لتتزيّن بأنوثتها"
ثم جونغ إن ترك تايهيونغ وهرول إلى أخته، أمسك بيديها وأخذ يرقص معها، مما جعلها تضحك، فهو أفضل منها بالرَّقص رُغمَ أنَّهُ الرَّجُل ها هُنا!
بيكهيون توقف عن الحديث مع جونغكوك وبدى شاردًا، فالتفتَ جونغكوك لينظر إلى ما ينظر له بيكهيون، سُرعان ما نبس مشدوهًا.
"يا للغرابة!"
تبسَّمَ بيكهيون وهمس.
"إنها جميلة وناعمة!"
رمقه جونغكوك مُضيّقًا عينه فيما يبتسم بِخُبث.
"قبل قليل كانت البربريّة المُسترجِلة!"
تحمحم بيكهيون بِعُمق ثم ضرب جونغكوك على بطنِه بِخفّة حينما بدأ يضحك ووبَّخه.
"أتضحك علي أيُّها الوزير؟!"
تحمحم جونغكوك ونفى برأسِه قائلًا.
"لا أبدًا مولاي، شعرتُ بالدَّغدغة فقط!"
ولأنَّ بيكهيون يشعُر بالحرج من إبتسامات جونغكوك الخفيّة ضلَّ يتحمحم ولكنَّهُ ضلَّ يُراقبها وهي ترقص بعفويّة وحيويّة مع شقيقها وابنتيه.
إنَّها تملك وجهًا جميلًا... لا شكَّ في ذلك!
حتى عندما ترتدي ثياب الرِّجال، وتضع الدِّرع واللِّثام، وتحمل السّيف والسَّهم والقوس... وجهها يبقى جميلًا.
لكنَّهُ لأوَّلِ مرّة يرى شعرها الأسود كاللّيل والليلك يُدغدِغ أُخدودي خصرِها المنحوت برشاقة، لأوَّلِ مرّة يراها أُنثى، لأوَّلِ مرّة يراها بعينِ رَجُل.
نفض رأسه وأفكاره وتنهَّد ثم أشار إلى جونغكوك أن يسير معه نحو الحفل، خرج العِرسان لتأديةِ طقوس الزَّواج، كانوا خمسة أزواج ينقصهم عريس واحد، وهو العريس الذي إختارته جاهي شقيقة تايهيونغ.
كانت تقف جاهي وحدها، تبحث عنهُ في عينيها، لا تدري إن كان يتجهَّز، لكنَّهُ وصله بلاغ بالتّأكيد أنَّهُما اليوم يتزوَّجان؛ هو وجاهي.
إقترب تايهيونغ منها يسألها عن سيهون، لكنَّها لم تُجيب بما أنَّها لا تملك إجابة، وهيريم التي لاحظت غياب العريس صرخت غاضبة.
"أين هو العريس؟! أيعدها بالزواج ويهرب؟! أُقسم أنَّني سأُقطِّعُه إربًا لو فعل!"
ضربها جونغ إن على قِفا رأسها وعندما إلتفتت إليه بعصبيّة تتمسَّك بحيثُ ضربها جمع كفّيه في توسُّل ونبس.
"أرجوكِ كوني أُنثى ليومٍ واحد فقط، هل ينبغي عليكِ أن تظهري رجل الكهف الذي يعيش داخلك في كُلِّ مرَّة تلبسين فيها هكذا؟!"
تخصَّرت بِغُل ورفعت سبّابتها نحوه تُهدِّده.
"هل نعتَّني لِتَّو برجُلِ الكهف؟!
إن لم أجد هذا العريس الهارب سأذهب بك إلى دارِ المحظيّات وأربطكَ على شجرةِ العار!"
إنفجر الجميع ضاحكًا حتّى الملك، يستمع لِشِجار الإخوة هذا ويضحك، وإمّا جونغ إن فشكَّل قبضتين ورفعهما قُرب وجهها بغيظ، لكنَّهُ لم يفعل لها شيء وانسحب غاضبًا.
ولولا أنَّ صوت العريس المفقود آتى من خلفِ قِناع العِرسان لما إنتهى شجارهما إلى هذا الحد.
"أنا هُنا"
تبادلا جونغ إن وهيريم نظراتٍ جاهلة.
"ها؟!"
"ألا يبدو هذا الصوت مألوف؟!"
أجابت هيريم أخاها بغرابة.
"ألا يبدو مثل صوت...!"
رفع العريس عن وجهه فصرخ كلا الشقيقان بدهشة.
"سيهون!"
كاد كلاهما أن يهجما عليه لولا أنَّهُ رفع سبّابتِه مُهدِّدًا.
"المُستغني عن روحه منكما فليتقدَّم!"
توقف جونغ إن وهيريم عن بُعدِ مسافة مُعتبرة من شقيقهم الأكبر وهيريم بضيق قالت.
"كيف يمكنكَ أن تتزوج من دون علمنا؟!"
اتبع جونغ إن.
"الفُلفُل يَحُكُّه!"
هيريم لم تفهم، كذلك أيًّا من النِّسوة لم يفهمن، لكن الرِّجال إنفجروا ضاحكين حتى بيكهيون إنحنى على عقبيه وهو يضحك.
لكن سيهون إشتعل وجهه الشاحب ليصبح مثل الجمر من شدة الخجل والغضب، وسُرعان ما أخرج سيفه ولاحق به جونغ إن الذي فرَّ منه هاربًا يصرُخ.
"يا أُمّي أنقذيني!"
همست جيهان لهيريم.
"ماذا كان يقصد؟!"
حرَّكت هيريم كتفيها بجهل، وبتلك اللحظة تحديدًا وقع بصرها على الملك بيكهيون وهو ينحني على عقبيه ويضحك منه قلبه.
لم يسبق لها أن رأته يضحك بِصدق هكذا، لكن... لضحكاتِه رنّات لذيذة على السَّمع، شفتيه تضحك على آخرها وترتفع وجنتيه وتغار عينيه فتضحك معه.
صوته، حركاته، ملامحه، شخصيّتُه، وكى تفصيل تعلمه أو لا تعلمه به يُعجبها... وتُحِبُّه!
وبينما هي غارقة في تفاصيل ضحكته ورنّاتِ صوته إلتقى بصره ببصرها فأنحسرت ضحكته رويدًا رويدًا لكنَّها لم تُزِح بعينيها عنه حتى أزاحها هو، وهي إبتسمت نتيجة لذلك.
تحمحم بحرج وأقام عوده يقف مُعتدِلًا ويداه تتشابك خلف ظهره فيما يُفكِّر.
"هل غازلتني لِتَّو؟!"
.............................
في ذاتِ الليلة ولكن في القصرِ المَلَكي، كان رَجُلٌ من حَرسِ السِّجن المَلَكي يضع لِحمامةٍ زاجِلة رسالة صغيرة حول قدمها؛ لكنَّهُ فجأة شعر بيد على كتفِه.
تيبَّست قدميه في الأرض، وانتفض قلبه رُعبًا، أراد أن يتلفت لكن صاحب اليد يأبى، ومن ثُمَّ تحدَّث آمرًا.
"ضَع هذهِ الرِّسالة بدلًا من الرسالة التي وضعتها بالفعل"
إزدرئ الرَّجُل جوفه مُجدَّدًا وأراد أن يلتفِت من جديد، لكنَّ الذي خلفه هدَّد.
"أيّاك! لا تهدر حياتك لأجلِ رسالة صغيرة إبعثها بسلام إلى جماعة المتمرّدين"
ردَّ الرَّجُل بإقتِضاب.
"تعوَّدتُ ألا أخاف الموت، ساُضحّي بحياتي لأحمي رِفاقي"
توقَّف الآخر عن الحركة لِوهلة، ثُمَّ رفع يده عن كتفِ الرَّجُل وقال.
"شجاعتُك أثارت إعجابي، يُمكنكَ أن تقرأ ما بداخل الرِّسالة التي أُريد أن أبعثها إليهم، وأخبرهم أنَّني أُريد أن انضم إليهم"
فتح الرَّجُل الرِّسالة وقرأ مُحتواها، ثم نظر إلى المُلثَّم مشدوهًا ونبس.
"هل أنتَ مُتأكِّد من صِحَّةِ هذا الخبر؟"
أومئ له فاتبع الآخر.
"وما ضمانتي؟!"
"لا أملك ضمانة"
تنهَّد الرَّجُل وأومئ قائلًا.
"حسنًا، ولكن لو كان ذلك فخ فهُم سيعثروا عليك ويقتلونك"
"موافق!"
وضع الرَّجُل الرِّسالة في قلبِ حقيبة الحمامة وجعلها تنطلق، حينما وصلت الحمامة إلى المقر كان حفل الزِّفاف قد إنتهى.
ولأنَّ الأمر مُستعجَل بعث الرَّجل المسؤول عن المراسيل الرسالة عبر إحدى العناصر الجُدُد إلى القائد سيهون.
إذ كانوا الإخوة الثلاثة يجلسون في غُرفةِ الإجتماعات قبل أن يتفرَّقوا إلى مضاجعِهم، دخل المُجنَّد عليهم وهو يحمل الرِّسالة، وضعها أمامهم وغادر بعد إعلامهم.
"هذهِ رسالة من القصر الملكي"
فتحها سيهون وقرأها، ثُمَّ طواها بيدِه.
"ما المكتوب بها؟"
تسآل جونغ إن فأجابه سيهون.
"أحدهم قبض على مُخبرِنا بينما يُحاوِل مُراسلتِنا، يقول أنَّهُ يُريد الإنضمام لنا، وكعربون يُقدِّم لنا معلومة هامّة"
"وما هي؟!"
تسآلت هيريم فأجابها.
"أنَّ الذي وضع المراسيل التي وضِعت في جناحِ الملكة ناري قد وضعها حارس صغير يُدعى تشا أون وو"
"قد تكون هذهِ معلومة زائفة وفخ للقبضِ علينا"
أومئ سيهون وقال.
"لذلك سنذهب أنا وأنت وحدنا"
وقفت هيريم تضرب بقبضتيها الطّاوِلة برفضٍ تام.
"هل جُننتُم؟! لن أسمح لكم بالتأكيد أن تذهبوا دوني"
ثم نظرت إلى سيهون واتبعت.
"وأنت، الليلة ليلةُ زفافك، ألا يكفي أنَّ عروسك تنتظرُك مُذُّ ساعتين؟!
والآن تُريد أن تذهب وتترُكها؟!"
بِحِدَّة همس سيهون فيما يقف ويأخُذ عِدَّته القتاليّة.
"أنا وجونغ إن سنذهب وأنتِ ستبقي هُنا؛ إنتهى الجِدال"
"أنت! أنا لستُ مُجنَّدتُك الصغيرة!"
إقتربت منه هيريم بغضب فتنهد سيهون كاظِمًا غيضه وألتفتَ لها مُحذِّرًا.
"لكن أنتِ أُختي الصغيرة، ومن حقّي أن تستمعي إليّ، حسنًا؟!"
تنهدت هيريم وأشاحت بوجهها عنه مُنزعِجة، فربَّتَ على كتفِها ثم خرج، يتبعه جونغ إن الذي أخرج لسانه لها؛ كي يُغيظها فحسب.
رفعت قبضتها تُريد هيريم أن تضرب أخيها، لكنَّهُ هرب.... تنهدت، وبعد وقت خرجت لتودعهم.
وبينما يصعدا أحصنتهما ويضعا اللِّثام قالت.
"سأنتظركم هُنا، وإن ما عُدتُّما حتّى الصباح لن أتردَّد بإرتكابِ فعلٍ مجنون"
علَّقَ جونغ إن.
"أنتِ مجنونة بالأصل"
رفعت قبضتها نحوه تقول.
"أنتَ لن أسأل عنك لو لم تعود"
غمز لها ضاحكًا.
"أعلم أنَّكِ تكذبي"
"كفى لهوًا، وهيّا بِنا!"
أمر سيهون وانطلق بحصانه ثم جونغ إن تبعه فيما هيريم تراقبهما بقلبٍ مُثقَل حتّى إختفيا خلف ظِلال الأشجار واندمج صهيل الأحصنة والأصوات الصّادرة من الغابة.
تنهَّدت هيريم وولجت إلى داخلِ الكهف، وإذ بها جاهي تقف بِحُلَّتِها العرائسية بإنتظارِ سيهون، لكنَّهُ رحل ونَسيَ أنَّهُ ترك خلفه عروسه في ليلةِ زفافه.
كانت تبكي فتنهَّدت هيريم واقتربت منها، سارعت جاهي بمسحِ دموعها وأخفضت رأسها، هيريم رفعت يدها لِتُربِّت عليها.
"هكذا تكون الحياة هُنا، لا تتوقَّعي أن تعيشي حياةً عاديّة، بالنِّسبة للقائد؛ فإنَّ مصلحة الجماعة تأتي في المركز الأول قبل حياته وعلاقاته وكل شيء يَخُصَّه"
ربَّتت هيريم على كتفها مُجدَّدًا قبل أن تلج إلى غُرفتها؛ لِتُبدِّل ثوبها الأنثوي بثياب البراري المُسترجلة.
خرجت تحمل سيفها وقوسها وكنانتِها، جلست أمام فوهة الكهف قُربَ النّار، تستدفئ بالنار وعيناها تترصَّد الغابة؛ وإن طال الإنتظار ستنتظر أخويها حتى يعودا.
وإما عند سيهون وجونغ إن؛ فبفضلٍ عناصر الجماعة العاملين في القصر إستطاعا التَّسلُّل إلى داخلِ القصر.
إذ فورما إقتربا من القصر الملكي أطلق سيهون سهمًا يحمل علمًا؛ علم القمر الدمويّ، إلى داخل أسوار القصر، حيثُ يحرسون عناصر من جماعته.
فُتِحَت البوّابة لهم، وكلاهما دخل بحذر، كلاهما يحمل سيفه ويضع لِثامه تحضُّرًا لأي فخ، لكنَّهم كانوا فقط رجال الجماعة خلف البوّابة، تنهَّد سيهون براحة وإقترب من أحد الحرس يسأله.
"أين نجد تشا أون وو؟!"
"لقد إكتشفنا أنَّهُ حارس صغير في مكتب العدل، سأدُلَّك عليه"
أومئ سيهون ثم أشار لجونغ إن أن يتبعه، والقائدان بعونِ الرَّجُل وصلوا فعلًا إلى حيثُ يعمل ذلك الحارس.
توقَّف الرَّجل وأشار ناحيته.
"هو ذلك الشّاب الجميل الذي يقف هناك!"
أومئ له سيهون ثُمَّ نبس.
"سنتولّى الأمر من هُنا، عُد إلى نُقطةِ حراستِك"
"أمرُكَ سيّدي!"
غادر الرَّجُل بِحذر، وفيما أون وو يسير حول الزِّنزانات بجولة تفقُّديّة رأى أحدهم يقفز من على الشجرة أمامه، تبسَّم الرَّجُل الغريب عليه من أسفل لِثامه وقال.
" لِمَ يقولون عنكَ جميل؟!
أنا أجمل منك!"
"من أنت؟!"
نبس بتلك أون وو، لكنَّهُ سرعان ما إنتفض وأخذت أوصاله ترتجف، فأحدهم قد أصبح خلفه أيضًا وقال.
"أياك أن تُصدِر صوتًا أو تُقاوم، سيُكلِّفُكَ ذلك روحك؛ تفهم؟!"
إزدرئ أون وو جوفه وأومئ برأسه، ثم رفع يديه مُستسلمًا، هو أجبن من أن يُقاوِم أي أحد، قيَّده سيهون من خلفه، وجونغ إن لوح له بيده قبل أن يضربه على رأسه ويفقده وعيه.
"أحلامًا سعيدة أيُّها الكتكوت!"
وضعاه داخل كيس مُخرَّم، وسحباه حتى أدركا أحصنتهما، صعد جونغ إن حصانه، وما إن أراد أن يصعد سيهون أيضًا سمعا صوتًا من خلفه.
"أنتَ أيضًا أيّاكَ أن تُصدر صوتًا أو تُقاوم، لأنَّ ذلك لن يكلفك روحك، بل روح الذي بالكيس؟!"
إلتفت سيهون خلفه وإذ برجل ضئيل البُنية خلفه رجلان آخرين، تبسَّم سيهون وأخرج سيفه يقول.
"من الجيّد أنَّكَ تعلم أنَّني لا أخشى الموت!"
رفع سيهون سيفه ليضرب به الرَّجُل الضئيل ذاك، لولا أنَّ كلا الرَّجُلين الذي كانا خلفه أصبحا أمامه، يدافعان عنه ويتصدَّيان لسيفِ سيهون.
لعن جونغ إن وترجَّل عن حصانه ليُقاتِل مع أخيه، مهارات الرَّجُلين الغريبين عاليّة، لكن لا أحد أكفئ من قادةِ جماعة القمر الدموي في ساحةِ القِتال.
أستطاع أن يضع سيهون سيفه على رقبةِ أحدهما وجونغ ثبَّت سيفه امام قلب الآخر، فيما الآخران يلهثان بسببِ حِدَّةِ القِتال الذي خسرانِه.
أنزل سيهون اللِّثام عن وجه الرَّجُل الذي أخضعه، فاتَّسعت عيناه وهمس بلا تصديق.
"أنت!"
تبسَّم الرَّجُل اللَّاهِث ذا الجروح، ثم نظر إلى أعالي الجِبال، نظر سيهون إلى ما ينظر إليه وإذ برُماةِ الأسهم يحاصرونهم.
"أما زِلتَ لا تخشى الموت؟!"
همس بلا تصديق سيهون.
"أيُّها الخائن!"
ففعلًا قد وقعا بالفخ من طرفٍ غير متوقع على الإطلاق، من طرف يُفترض به أن يكون معه في ذاتِ صفِّه، لا بالصَّف المُعاكِس.
....................
يُتبَع...
الفصل الرّابِع عشر "العنقاء إحترق"
الرواية التّاريخيّة "العنقاء||The" Emperor's Return"
7th/May/2021
..........................
سلااااااااااام
الفصل القادم بعد 100فوت و كومنت.
1.رأيكم بِ:
بيكهيون؟!
تعامله الودود مع راهي؟
تعامله الجيد مع هيريم وجماعتِها؟
بداية إختلاف نظرته لهيريم؟
2. راهي؟
حُبها من طرف واحد لبيكهيون؟
3.تشانيول؟!
الشخصيّة الجبّارة التي تصبح وديعة بين يدي رايناه؟!
4.رايناه؟!
تُقبلها لقدرها مع تشانيول وقرارها للتعايش معه؟!
5.هيريم؟
مشاعرها الواضحة لبيكهيون؟
ملاحظة: مشاعر هيريم لبيك مش وليدة اللحظة، ح تعرفوا التفاصيل في المستقبل.
6.سيهون؟
زواجه المُفاجئ؟!
تركه لعروسه في ليلة الزفاف لأجل مهماته؟
7.جونغ إن؟
ردة فعله على زواج سيهون ومرحه؟
8.بيكهي وجيهان وتقربهن من هيريم؟
9.من الذي أوقع سيهون وجونغ إن بالفخ؟!
من الخائن؟
وما الذي سيحدث لهما؟
10. رأيكم بالفصل وتوقعاتكم للقادم؟
دُمتُم سالمين❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love❤
Коментарі