ما قبل الإحتراق
CH1||سياسة التَّمرُّد
CH2||الملك أيضًا أب
CH3||بِدء التنفيذ
CH4||كرامة الملك
CH5||تأثير الفراش
CH6||اسم الملك
CH7||الإمبراطور
CH8||نِصف قمر دموي
CH9||على حافة الهاوية
CH10||العرش يهتز
CH11||عصر من الظلام
CH12||قلبي يتمزَّق
CH13||جِراحُ المَلِك
CH14||العنقاء إحترق
CH15||شرانق عواطف
CH16||إبنة الكهوف
CH17|| الحب في سيماءه
CH18|| القلوب تبكي
CH19||الحيرة والحب
CH20|| المُفارقات
CH21|| البطلة
CH22||سيّدة التَّفرُّد
CH23||شُعلات حُب وحرب
CH24||كش ملك
CH25||خيبة
CH26||الحُب والحرب
CH27||ساعة الحِساب
CH28||عجز
CH29|| مُنكسرة الفؤاد
CH30||زمهرير
CH5||تأثير الفراش
بيون بيكهيون (الإمبراطور)

بَطَل:

العنقاء|| The King's Return








"تأثير الفراش"

















وصل العلم للأمير تشانيول، أن زوجته الأميرة رايناه قد ذهبت لترى أخيها الملك بأمرٍ منه؛ لا بدعوى يُمكن رفضها، ووصلهُ خبر أن أُخته الملكة مُحتجزة في جناحها، ولا يمكن أن تخرج بأمرٍ من الملك شخصيًّا.

خرج الأمير تشانيول بعد هذه الأخبار؛ ليرى ما حلَّ في غيابه عن قُرب، فذهب بزيارة إلى الملك؛ كابن عمِّه وصهرِه فقط.

أذِنَ له بيكهيون بالدخول إلى جناحه المَلكي، إذ كان يجلس بوقار خلف طاولة أرضيّة فاخرة ومُزخرفة، وهو مُتكئ على أريكة في غاية البذخ.

إنحنى له تشانيول فورما دخل بموجب مكانته، والملك لم يأذن له بالجلوس، فبقيَ الأمير واقفًا لكنه قال.

"أتيتُ لاصطحب زوجتي إلى بيتي، ولأرى أختي، لكنهم لم يأذنوا لي سموك، أمِن خطب؟"

تهكَّمَ بيكهيون بِضحكةِ خافتة ونبس.

"تُجيد التَّمثيل حقًا"

"عُذرًا؟!"

رمق بيكهيون تشانيول بنظراتٍ حادّة ونبس.

"ما زِلتَ تذكر أن أختُكَ زوجتي، وما تفعله بأختي أستطيع أن أفعله بأُختُكَ نِكالًا بِك؟!"

تجهَّمت ملامح تشانيول، وفهم أن رايناه شكته لأخيها، ورغم الغضب الذي يتسلل إليه؛ حاول أن يتحكم بنبرته ضمن الأدب؛ كي لا يُتَّهم بالتَّطاول على الملك.

"جلالتك، علاقتي بزوجتي تَخصُّني أنا وحسب، لا شأن لأختي بالأمر!"

ضرب بيكهيون بيده الطاولة بعصبية، وصاح في وجه تشانيول.

"زوجتكَ أُخت الملك، أختي أنا!

وأنا لا يُمكن أن أتهاون معك، لأن إهانة أختي من إهانتي!

ما رأيكَ لو قلت لك أن لا زوجة لك عندي، وأن أُختي معكَ لن تعود؟!

من سيجرؤ حينها على مُعارضتي؟ هل ستجرؤ أنت؟!"

تشانيول استنفر واستغلظ صوته، فلقد أحسَّ بالخطرِ المُحدِق حول حصونه، يُمكنه أن يتخلّى عن أي شيء مهما كان ثمين، ولا يتخلى عن رايناه.

"تعلم جيدًا جلالتك أن الطلاق وإنفصال الازواج ليس حلالًا في هذه المملكة، لن يُفرِّقني عنها سوى الموت!"

وقف الملك، وسار يضع يديه خلف ظهره حتى واجه زوج أخته.

"ماذا لو سَنَنتَهُ وأصبح حِلًّا حلالًا بهذا البلد؟!

لن تكون لك كلمة فوق كلمتي حينها، لو أمرتُكَ أن تُطلِّقُها ستطُلِّقُها رُغمًا عنكَ، وسأجعلكَ تراها تُزَّف لِرَجُلٍ سواك، ولن تقدر أن تفعل شيء!"

رفع بيكهيون يده ولكم بها صدر تشانيول الذي لم يتحرك ولم يتأثر كما لو أنه جلمود، فقط يرمقه بأعين حمراء من شِدةِ الغضب فيما يحز على فكّيه، ويضم قبضتيه بقسوة.

"وأمام عيناك سأجعلها تُغادِر مع رَجُل غيرك!"

ضَمَّ تشانيول يده في قبضة شديدة، وما نطق بحرف بعدها، فقط حَزَّ على أضراسه بغضب شديد وشدَّ على يده، والملك تجاوزه للخارِج.

وأما الملك؛ فلقد خرج ليتقصّى عن أخته الأميرة، ويحسم أمرها هُنا والآن، فوجدها تبكي في كُنف زوجته ناري، وتشكو لها صعوبة معيشتها دون أن تَشعر به يقف قريبًا.

أشار للملكة ناري بالصمت حينما رأته وألا تُحسِّس الأميرة بوجوده، واستمع لشكواها، لقد أوجعه قلبه عليها، ووَدَّ لو يقدر أن يعوضها عن كل لحظة تألمت بها وهو لا يدري عنها.

إقترب منها من خِلاف دون أن تشعر به، ثم وضع يده على رأسها، وهمس بنبرة حنون.

"الفاه الذي سيتحدث عنكِ بالسوء سأُقطِّبه، واليد التي تمتد عليكِ بالبَطش سأقتلعها من جذورها"

إلتفتت رايناه إلى أخيها، ووقفت تمسح دموعها قبل أن تهمس.

"أخي، دعني أعود إلى بيت زوجي، أنا أُفضِّل أن أتحمل زوجي ولا أتحمل أن ينظر الناس لي بإزدراء"

وكز بيكهيون صِدغها بسبابتها ونبس غاضبًا.

"جُنِنتِ أنتِ؟ ولِمَ أُعيدُكِ؟ ليضربكِ مرارًا وتكرارًا ويُعذِّبكِ؟!"

نفت رايناه برأسها وما زالت تبكي.

"أرجوك افهمني يا أخي، إنَّه زوجي، ولا يُفرِّق الزوجة عن زوجها سوى اللَّحد.

أنا لا أُريد أن يذكروني الناس بسيرة سيئة، ولا أريد أن أشوِّه اسمك واسم أبي، أنا بخير معه، أرجوك أعدني"

تنهد بيكهيون باستياء شديد، ورايناه استرسلت في البُكاء، نظر لها بيكهيون ونبس بضيق.

"أنا أحكم إمبراطورية وأعجز أن أحكم أختي في مثل هذه المسألة، أنا حقًا لا أفهمك!"

أخفضت رايناه رأسها، حينها الملك تنهد ونبس.

"حسنًا ستعودين، لكن بشروط!"

رفعت وجهها إليه، ووافقت على شروطه بإيمائة قبل أن تسمعها حتى.

"كل يوم ستأتي على وجبةِ الغداء، وتقضي بعض الوقت مع زوجاتي وأطفالي، وكل يوم يجب أن أراكِ، ولا تدرين متى أطلب من الطبيبة أن تأتي وتفحصك، ولو وجدت علامة صغيرة سأعيدها على جسد زوجك، تفهمين؟!"

إزدرئت جوفها تبتلع غصَّة، لكنها وافقت عمّا قاله جلالة الملك، وانحنت شاكرة له، فأقام عودها بإقامة كتفيها، وضمّها مُجددًا مُتنهدًا.

ربَّت على ظهرها ونبس.

"ابقي هنا حتى أُناديكِ"

أومأت له، وهو خرج عائدًا إلى حيث ترك صهرَه وحده في جناحه، وجده ما يزال يقف على ذات الوقفة والغضب ينفر منه رُغمًا عنه.

جلس الملك حيثُ كان مجددًا، ونظر إلى تشانيول تعلوه طلائع السُّلطة، فلهُ اليد العُليا هُنا.

"سأسمح لرايناه أن تعود معك، وغدًا سأبعث إلى منزلك أختك الملكة لتراها، وعندما تراها تذكَّر أن هذهِ نتيجة أفعالك، فلا تَلُم سوى نفسك، ذلك لتتذكَّر أن أختك عندي كما أختي عندك... انصرف!"

إنحنى تشانيول له، ثم خرج مُسرعًا من جناح الملك، والملك تمتم.

"وغد حقير!"

.......................

بَلغَ تشانيول العلم أنَّ زوجتَه أصبحت في منزلِه بالفعل، وهو ترك كُل شيء، ولم يهتم لأي خُطط تنعقد الليلة وأيُها تُنفَّذ، وذهب بقلبٍ حافٍ إلى قصره.

ولج جناحه يُنادي بصوتٍ جَهور.

"رايناه... رايناه!"

أبعد الستائر التي تفصم مُنتصفِ جناحه ليراها تقِف قُربَ السَّرير بثياب النَّوم، شهقت بقوّة عندما دفع بها من كتفيها لتسقط على الفِراش، ولم تقدر أن تأخذ نفسًا حتى وجدته يصعدها بجسده، وذقنها قد علق بين أصابعه بقوَّة آلمتها.

"هل نجحتِ هذهِ المرّة وبعثتِ رسالة إستنجاد إلى الملك؟
ألم أُحذِّرك أنّي سأقطع لكِ عُنقك لو فعلتِها مُجددًا!"

صرخت بقوّة عندما أخرج سيفه، ووضعه على عُنقها، ثم قالت بصعوبة وعيناها مثل غيمة تنزف مطرًا.

"أنا لم أبعث شيء لأخي، أرجوك!"

رمى بسيفه جانبًا، ورفع يده يبغي صفعها لولا أنها أحاطت رأسها بكفّيها وصرخت.

"أرجوك لا تؤذني، أخي يقوم بمُراقبتك، وقال أنه لن يتهاون معك مجددًا"

قبض حاجبيه مُستنكرًا، ثم قبض على عنقها وصاح في وجهها.

"أتُهدديني الآن؟!"

تمسَّكت بيديه وتمتمت بصعوبة.

"لقد أقسم أن يأخذني منك لو رأى عليَّ علامات تعنيف جديدة، لو أنَّكَ تُريد التخلص مني نفِّس عن غضبكَ بي الآن، هذهِ ستكون فرصتُكَ الأخيرة لتفعل!"

إرتخت يده على عُنقها، ثم نهض عنها يصيح بعصبيّة، ويُحطِّم كل ما يقع تحت يديه، وأما رايناه فجرَّت جسدها حتى قعدت على السرير، بيد تسند جسدها وبيد تُمسِّد عُنقها وتسعُل.

كانت ترمقه بخوف وهي ما زالت تتنفس بصعوبة، وهو ما زال يُنفِّس عن غضبه بِكُلِّ شيء عداها.

أخيرًا عندما أصبح كل شيء أرضًا مُحطَّمًا إلتفتَ لها لاهثًا وعيناه حارّة حادّة، إقترب منها مُجددًا، وهي تراجعت باكيّة خائفة حتى ألصقت ظهرها بمقدمة السرير.

"أرجوكَ كفى!"

أمسك بكتفيّها، واجتذبها له، ثم نظر في عينيها الباكية، ونبس بأنفاس حارّة بغضب.

"فلتفهمي أنتِ وأخوكِ والناس أجمع؛ أنا لن أتخلّى عنكِ أبدًا، ولو وضعت كل ما أملك وما أطمح إليه بكفّة وأنتِ بكفّة سأختارُكِ أنتِ، تعلمين لماذا؟!"

أمسك بيديها وضرب بها صدره يهمس.

"لأنّي مجنون... مجنون بكِ، وأنتِ لا يُمكِن أن تتخلَّصي منّي أبدًا، تفهمين؟!"

أومأت له عدة مرّات، فمسح دموعها بأصابعه القاسيّة، ثم ابتعد عنها وخرج.

سار حتى أدرك بلاطه، وهناك رأى أن بعض الوزراء بإنتظارِه، ركض أحدهم إليه ليُخبّره.

"مولاي، بعد ساعة سنُداهم جناح الأميرة بيكهي ونختطفها"

أومئ تشانيول ونبس.

"فلتفعلوا!"

ثم سار حتى جلس في قِمّةِ المجلس حيث مكانه، ما زال يتنفَّس بغِلظه، صدره ثائر، ومعالم وجهه مُستشرِسة.

لكنه قريبًا سيهدأ، حينما تدخل الأميرة الصغيرة وِكر الثُعبان سيبرد غضبه، وسيحرص أن يحصل على إنتقامه سريعًا من أبيها، الذي يظن أنَّهُ لن يقدِر عليهِ أحد.

...................

تاي هان تجلِس على سريرها في جناحها المَلكي، تَضُم نفسها فوقه، إذ تضم ساقيها إلى صدرها وترتجف، إنَّهُ فصل الصيف، لكنها ترتجف خوفًا.

لطالما كان بيكهيون ملكًا مُهيب، وقائد شُجاع، كذلك أبًا حنون، وزوج رومانسيّ للملكة الأولى فقط، ورَجُل نبيل مع النِّساء عادةً، لكنه إن غضب يكون غاضب فقط، لا نبيل، ولا حنون، ولا بقلبِه رأفة، سيُعاقِب بقدرِ الجريمة.

وجريمة تاي هان كبيرة؛ إذ تطاولت على الأميرة الأولى، وحرَّضت أخاها الأمير على أُخت الملك، والملك لن يتهاون في عقابها، سيذوِّقها ما ذوَّقتهُ لأُختُه.

شهقت ترفع رأسها عن حِجرها، تنظر ناحية الباب حينما فُتِحَ بقوّة وبلا إستئذان، إزدرئت جوفها بأرتياب، فلا يجرؤ على مِثلِ هذا الفعل سوى الملك، فوحده من يملك يد أعلى منها هُنا.

إقترب الملك من مخدعِها وبخشونة قال.

"انهضي فورًا!"

سُرعان ما نهضت تُلبّي أوامره، وحينما أصبحت تقف أمامه تُخفِض رأسها؛ إلتفت يمنحها ظهره ونبس.

"انزعي عنّي ردائي"

نظرت إلى ظهره بخوف، ثم رفعت أنامل ترتجف حتى لمست كتفيه، وخلعت عنه رداءه، إلتفت لها عندما أصبح بثيابه الداخليّة فقط، وهي قميص أبيض فِضفاض وبنطال بنفسِّ السِّمات، نُسِجت له من حرير.

إلتفت ناحيتها، وسار حتى أدرك مِرآته، فحلَّ زينة شعره الملكيّة، وترك شعره الحرير يُدرِك حدود كتفيه براحة.

إلتفت لها أخيرًا وكفّيه خلف ظهره، ثم قال.

"الطبيبة عَدَّت على جسد رايناه عشرون كدمة، كيف ترغبين بالتسديد؟"

سُرعان ما ركعت على قدميها أمامه، وتمسَّكت ببِنطاله تتوسله.

"أرجوكَ لا تفعل، أنا آسفة، حقًا لن أتدخل مُجددًا بين تشانيول ورايناه، أقسم لكَ!"

دفع بها عنه بقدمه، فأخذت تبكي كثيرًا، إنحنى بيكهيون حتى جلس القرفصاء أمامها، وبانت على شفتيه إبتسامة لئيمة.

"لا تُقسمي زوجتي العزيزة، لا شيء سينقذك الآن!"

جمعت كفّيها بتوسل ونبست باكية.

"أنا أرجوك!"

قبض على شعرها بيده، وجعلها تستقيم بقوّة قبل أن يدفعها نحو السرير بقسوة، صرخت لأن قبضته آلمتها، ولم تقدر أن تتحرك لتهرب، فلقد حاصرها بجسده وانتهى.

"مولاي أرجوك، أنا آسفة!"

صرخت، لكنه أمسك بذقنها، ونبس بخشونة فيما يضغط على فكيّه بذات القدر، الذي يضغط به على ذقنِها بيده.

"هل أعُدَّ أنا بدلًا منكِ، أم تعُدّي أنتِ؟!"

"أرجوكَ أرجوك!"

توسلته للمرة الأخيرة، لكنها بعد ذلك لم تقدر أن تنبس بحرف صحيح، فراحت لكثرة الوجع؛  تصرخ بإستنجاد؛ رغم أنها تعلم أن لا أحد سيُنجدها، فهذا جزاء ما صنعت يداها.

وهو راح يصرخ عليها بغضب بعد كل لطمة يلطمها بها.

"واحد، إثنان، ثلاثة..."

تصرخ وتصرخ وهي تتعرض للضرب القاسي من يده، وهو ما زال يَعُد، وقلبه لم يأخذه برأفة عليها، ولم يتعب من ضربها.

"...ثمانية عشر، تِسعة عشر، عشرون."

توقف عن ضربها، ونهض عنها يلهث أنفاسه بقسوة، وهي تبكي بجنون، وتضم جسدها المُهشَّم بذراعيها.

لقد بُحَّ صوتها لكثرة ما بكت، وعيناها تورمت، شفتاها نازفة، ووجنتيها مُتكدِّمة، ولا تقدر أن تُحرِّك أي أنش من جسدها، فهو لم يترك موضعًا إلا وضربها فيه.

سحب جسده، وجلس على الكرسي القريب، وما زال يلهث أنفاسه بقسوة.

"تذكري أنكِ من دفعتِني لمثلِ هذا الفعل الرخيص، وأنا بالتأكيد المرّة القادمة سأضربكِ أكثر، لذا توخي الحذر ولا تسمحي بوجود مرة قادمة، تفهمين؟"

لم تجبه، بل ما زالت تبكي، لكنه عندما صرخ بها يُكرر إنتفضت، ثم أومأت.

"تفهمين؟"

"أفهم... أفهم!"

حمل نفسه عن الكرسي، ونبس قبل أن يُغادر.

"جيّد!"

ما إن خرج أمر سيدات البلاط بأن لا يخدمنها الليلة، وأن لا يدخل أحد عليها وممنوع أن تخرج حتى الغد.

لربما تتعِض، وتُفكِّر جيدًا قبل أن ترتكب أي خطأ، فالملك لن يتهاون بعقابِ أحد مهما كان.

.........................

قارب الليل على الإنتِصاف؛ والنوم قد أدرك الجميع إلا بعض الحرس الذين يقفون في المناورة الليليّة لحراسة القصر، إنها فُرصة هيريم الوحيدة لتنفيذ العمليّة.

إحدى الحرس من أتباعِها بالفعل، لقد بعث لها عبر حمامة زاجلة رسالة يُخبِرُها فيها عن طبيعةِ نظام الحِراسة في داخل القصر وكل التفاصيل التي تُهمها لتنفيذ عمليَّة الليلة.

هيريم وحدها من تسلَّلت إلى داخل القصر أولًا، إرتدت زي سيدات البلاط بعون إحدى التَّابِعات هُنا، ثم قصدت جناح الأميرة بيكهي تحمل على كفّيها صينيّة عليها شراب الشاي.

سارت بلا أن تجذب النظر، ثم حينما أدركت بوابة جناح الأميرة؛ أوقفها إحدى الحارسان، اللذان يقفان لحراسها الأميرة.

"الأميرة بالتأكيد نائمة الآن، لا تحتاج أي خدمات!"

نظرت له هيريم بصمت، فردد مُستاء.

"قُلتُ لكِ نائمة أي اذهبي من هُنا!"

بِخفَّة؛ سحبت هيريم من كُمِّ رِداءها مِثقَب حديدي، ضربت رأسه به فسقط مُغشى عليه، والثّاني ما إن أراد أن يخرج سيفه حتى نال نصيبه بضربة على رأسه، وفقد وعيه.

صَفَّرت هيريم كإشارة لتابعتِها، فأتت وسحبت جسدي الرجُلين بعيدًا، ثم ظهر جونغ إن خلفه تايهيونغ.

أشارت لهم بالوقوف قُرب الباب، وذلك لسترِ الأميرة لو تحتاج.

حملت هيريم غِطاءً خفيفًا، ثم توجهت إلى السرير لتضعه على الأميرة الغافية، ثم أشارت لتايهيونغ أن يأتي.

"أحملها، ولا تسمح لأنش من جسدها أن يظهر، تفهم؟"

أومئ تايهيونغ، ورفعها بين ذراعيه، حينها الأميرة فتحت عيناها، لغرابة الشعور الذي أحسَّت به عندما رُفعِت، لكنها لم تكاد تصرخ لرؤية الرجل المُلثَّم الذي يحملها، فلقد وضع أحدهم على وجهها قُماشة رَطِبة، ما إن إستنشقتها حتى فَقدت وعيها.

دثَّرتها هيريم بالغطاء، ثم أشارت لتايهيونغ أن يُخرِج الأميرة بحذر، وهي وقفت لِتحرُس من الأمام، وجونغ إن من الخلف يحرُس.

خرجت بسلاسة من القصر، ولم يلحظهم أحد أبدًا، وما إن وضعوها داخل الهودَج، حتى عَبَرَ الهودَج الذي يَخُص الأمير تشانيول، لكنه بلا أسف سيعود فارغًا، فالاميرة الآن بأمان، ولن تُستَغل ولن تُنتَهك، ولن تُستَخدم لِلَويِّ ذِراع الملك أو إلحاق العار به وباسمه.

كانت هيريم داخل الهودَج معها، وتايهيونغ يقوده، ثم جونغ إن في المُقدّمة على حصانه، وعشرة رِجال أُخَر خلف الهودج للحصانة.

قُرب الغاب كان سيهون ينتظر على حصانه، بجواره الوزير جيون على حصان آخر، وإحدى الرِّجال قد ذهب؛ ليتقصّى الأخبار مُسبقًا.

الوزير جيون يَشعُر بالقلق الشَّديد، خصِّيصًا أنها الأميرة بيكهي تحديدًا، وهي غالية وثمينة على قلب أبيها بشكلٍ إستثنائي.

يرجو فقط أن تصل سالمة وأن تَثبُت هذهِ الجماعة صدقها وإخلاصها بحفظِ الأميرة وصونها من الشَّر.

عاد الرجل الذي بعثه سيهون للتَّقصّي مُبشِّرًا.

"لقد نجحت العملية!"

سيهون تنهد في راحة، وجونغكوك كذلك رغم الإنقباض في صدره، فما عاد يملك الخيار إلا أن يُخاطر، ويمنح هؤلاء فُرصة وشرف الدِّفاع عن عِرض الملك.

ظهر الهَودَج من بعيد، وحتى أدركهم جونغ إن الذي في المُقدِّمة بشَّرهم.

"الأميرة تنام بين يدي هيريم في الهودج، لقد سبقنا عِصابة الأمير بوقتٍ قصير بالفعل"

أومئ سيهون باسم الثَّغر ونبس.

"أحسَنتُم!"

ثم نظر إلى جونغكوك الذي يقف بحصانه قُربه.

"فلنعود حضرة الوزير، سنحتاجُكَ أن تتحدَّث مع الأميرة فورما تستفيق، بالتأكيد إن رأتكَ ستشعُر بالأمان ناحيتنا؛ فتسمعنا وتفهمنا"

أومئ الوزير جونغكوك وتنهد يقول.

"حسنًا... فلنعُد إلى مكانكم"

شَدَّ سيهون لِجام حِصانه، وسار جنبًا إلى جَنب والوزير في المُقدِّمة.

توقَّفَت المَسيرة قُربَ فوهةِ الكهف، حينها هيريم ترجَّلت من الهودَج، ونادت على تايهيونغ ليحمل الأميرة.

دخل تايهيونغ الهودج، ووجد الأميرة تنام على الارض بسلام هكذا، كانت هيريم حريصة أن تُدثِّرُها جدًا، ولوما فعلت ما كان ليتلَصَّص عليها أبدًا.

فتايهيونغ ولو خسر مكانته المُجتمعيّة؛ هو رَجُل نبيل لا يُمكِن أن يُسيء لإمرأة ولو بِنظرة، هكذا علَّمهُ والده الراحل.

حملها بحذر على ذراعيه، وخرج بها من الهودج، للأميرة شعر طويل جدًا، طوله بالتأكيد يتجاوز حدود خصرِها، فلقد كان يسير بها وأطراف شعرها تكاد تلمِس الأرض.

نظر إلى وجهها الجميل، وبلا قصد وجد نفسه يُمعِن النَّظر بهذهِ المعالم الجميلة، لديها وجه جميل جدًا، حسنة المَظهر.

ناعمة ورقيقة، ربما هذا لأنها تعودت أن تعيش برفاهيّة عالية، ربما لأنها أميرة، ربما لأنها فقط جميلة.

لا يستحق ذلك الملك الظالم إبنة جميلة كهذه، إنه لا يستحق أن يكون أبًا حتّى، رُغمَ ذلك؛ هو مجبور أن يُدافع عنه هذهِ المرّة، وقد يُفديه بحياتِه؛ فقط ليرُد دَين جماعة المُتمردين لهم.

وضعها حيثُ دلَّتهُ القائدة هيريم، بِغُرفة تتضمن فراشًا أرضيًّا وثيرًا، وشمعدان مُضيء بالشموع العَطِرة في الزاوية تحسُّبًا لو كانت تخشى الظلام.

اتبع الأوامر ثم خرج للإستراحة، فغدًا هو يوم طويل بلا شَك.


................

في اليوم التالي...

كانت الإحتفالات تَعُم المملكة بالفعل، فاليوم تحتفِل المملكة بمولد ولي العهد لي جون.

لقد تزيَّن القصر بأبهى حُلَلِه، وقد وزَّعَ الملك الهدايا على شعبه على شرفِ إبنه ولي العهد، ومن الصباح الباكر بدأت الإحتفالات والعروض.

"جلالة الإمبراطور المُعظَّم وصل البلاط المَلكيّ!"

وقف الجميع على أشُدَّه، الملكات، الأُمراء، الوزراء، وكِبار قادة الجيش، لكن مقعد الأميرة بيكهي فارغ؛ وذلك ما أثار إستغراب الأمير تشانيول.

فلقد فشلت مهمة البّارِحة، لأن الأميرة فجأة إختفت بِحرسها، والآن لا تظهر... لقد كاد يحرق الأخضر واليابس الأمس عندما وصله الهودج فارغًا، لكنه الآن قد يجد من غيابها فُرصة له.

الملكة ناي تحدَّثت إلى خادِمتها التي تقف خلفها بنبرة قلقة وقالت.

"أين بيكهي؟"

"مولاتي، الأميرة لا نجدها بالقصر"

إلتفتت الملكة إليها ونبست مُستعجبة.

"ماذا تقولين أنتِ؟"

أخفضت سيدة البلاط رأسها واعتذرت، فأمرتها الملكة بنبرة يتفشّى بها القلق.

"اذهبي وابحثي عنها فورًا، الملك لو علم سيُعاقبها!"

"أمرُكِ مولاتي!"

تشانيول الأمير رُغمَ أنَّهُ لا يسمع ما تقوله الملكة الأولى عن هذا البُعد الشاسِع، لكنه قرأ القلق على وجهها؛ إذًا هي لا تدري عمّا حدث لابنتها أو أين هي حتى.

تبسَّم بِشر، ثم بغضب عندما وقع بصره على أُخته الملكة تاي هان، إنها تضع خِمارًا لِتُخفي كدماتها عن عيون الحاضرين، عندما رآها الصُّبح إستشاظ غضبًا لولا أنَّها قامت بتهدئته، وتوسَّلتُه ألا يفعل شيء، لأن الملك غاضب بالفعل منهما.

جلس الملك فوق عرشه، ثم أشار إلى وزيره الأول المؤقت كيم جونغداي أن يُلقي خِطابه المكتوب.

ترفَّع الوزير عن البقيّة بعدما إنحنى للملك، ثم قرأ بصوتٍ جهور خِطابه.

"اليوم يوم مَمنون؛ لأن ولي عهد مملكة اليوان العظيمة قد ولِد فيه، نرجو للأمير طيلة العُمر، ورجاحة العقل، وأن يكون أحسن قائد، وعلى يديه المُباركة يرتفع شأن اليوان أكثر وأكثر"

ثم أشار الوزير إلى صَفِّ الخادِمات خلفه وقال.

"هذه هداياي إلى الأمير... أرجو أن يُحبَّها"

نظر بيكهيون إلى ابنه الصغير الذي يجلس بجواره، لقد كان الصغير يُكافِح ليُبقي التاج على رأسه، ولا يهتم لأي شيء يحدث هنا، مشكلته مع هذا التاج فقط.

ضحك بيكهيون بخفة، وخلع عن رأسه التاج ليضعه على الطاولة أمامه، ثم ربَّتَ على رأسِ طفلِه وقال.

"الوزير قدَّم لكَ هدية، ألن تشكره؟"

نظر الطفل إلى والده ونبس.

"دعني أشكرك أنتَ أولًا يا أبي، لأنَّكَ خلَّصتني من هذا الشيء على رأسي"

نهرته الملكة الأُم -والدته-.

"أيها الأمير، إحترم التاج الملكي، ونادي جلالة الملك مولاي، وقدم شكرك للوزير الآن!"

رفع بيكهيون يده للملكة التي يفصلها عنه جسد لي جون الصغير فقط، فصمتت مُكرهة، وقف الأمير لي جون بمعالمه البريئة وبنبرته الطفولية نبس.

"شُكرًا لكَ أيها الوزير!"

إنحنى له الوزير، وهكذا سار الحفل جيدًا، إلا أن حان دور الملكة الأولى بتقديم الهدايا، والمُفترض أن تخرج بصُحبة ابنتيها التؤام بايان ولايان والأميرة بيكهي، لكنها أتت خالية الوِفاض من الأميرة الكُبرى، وعلى وجهها علامات قلق وخوف.

بحث بيكهيون بعينيه عن الأميرة بيكهي، لكنه لم يجدها بجوار أمها، كذا ملامح الملكة ناري لا تَسُر، قطب حاجبيه وتسآل.

"أين بيكهي؟"

أخفضت ناري رأسها ولم تجبه، لكنه رَدَّدَ هامسًا بحزم واحتدَّت معالمه.

"سألتكِ سؤالًا فأجيبي عليه، أين بيكهي؟!"

رفعت ناري وجهها إليه، ونفرت من عينيها دمعة يتيمة مسحتها بسُرعة.

"لا أعلم"

اتسعت عيناه بوجل ونبس.

"كيف لا تعلمين؟
من المُفترض به أن يعلم إذًا؟!"

"أنا آسفة"

بإستنكار نبس.

"أنتِ آسفة!"

دفع بها عن مرآه، وهبط عن عرشه يخرج سريعًا من البلاط الملكي.

"حُرّاس!"

إجتمع الحرس الملكي من حوله وهو أمرهم.

"لو استلزمكم أن تفجّوا الصخر فجّوه، لكن قبل المَغيب يجب أن تكون الأميرة بيكهي أمامي، تفهمون؟"

"أمرُكَ مولاي!"

إنتشر الحرس بحثًا عنها وتعطَّلت خُطط الإحتفالات اللاحقة، فالقصر الآن يَمُر بأزمة، إختفى الوزير الأول جيون جونغكوك والآن إختفت الأميرة الأولى بيكهي.

..........

وأما لِدى الأميرة بيكهي؛ فهي للتو فتحت عيناها، وضمَّت حاجبيها في عُجمة، فالمكان غريب عليها، وهي تشعر بالدوار.

"أين أنا؟!"

رويدًا رويدًا... إسترجعت ذكرياتها من الأمس، فنهضت سريعًا تَشهق، ونظرت حولها بخوف.

"أين أنا؟!"

نظرت في الأرجاء، لا يوجد شيء سوى الفراش التي تنام عليه وشمعدان تُضيئه عدة شموع، ورغم أن قلبها يرتجف خوفًا كذلك يديها وساقيها، وهي فجأة تشعر بالبرد الشديد الذي ينخر جسدها، لكن والدها لم يَصُر على تعليمها فنون القِتال عبثًا.

أطفأت الشمع عن الصولجان، ثم حملته بيديها تقترب من مَدخل الحُجرة، فوجدت رَجلان يافعان يحرسانها.

رفعت الصولجان لتضرب الأول، لكن سُرعان ما ظهرت هيريم، ودفعت برجُلها بعيدًا، وسدَّت ضربة الصولجان ليقع أرضًا.

تراجعت بيكهي بخوف، فالفتاة ذات الثياب الرجّالية قويّة حقًا، تفوقها قوة بالنظر إلى الصولجان الذي انكسر، ونبست.

"من أنتِ؟"

إنحنت لها هيريم، ثم استقامت تقول.

"مرحبًا بكِ في مَقرَّنا"

ثم ظهر من خلف هيريم الوزير المفقود، طالعته بيكهي بلا تصديق ونبست.

"الوزير جيون!"

........................

يُتبَع...

الفصل الخامس "تأثير الفَرَاش"
الرواية التاريخيّة "العنقاء"

..........................

سلااااااااااااام

مرة ثانية الفصل تأخر...I'm sorry
اكره نفسي لما أمر بازمة ركود💔

أخبركم خبر حلو، خلال الفصل القادم او الي بعده كأقصى تقدير ح يجتمع البطلين أخيرًا.

وين الرواية الي ما اجتمعوا فيها البطلين بأول الفصول؟
العنقاء بس😂

طبعًا هذا الشي لأنو شخصيات الرواية كثيرة وأزماتها كثيرة، فأنا ما حبيت استعجل بالأحداث الخاصة بالبطلين على حساب صراع السلطة.

أتمنى هذا الشي ما يأثر على تقييمكم للرواية... أصلًا بدري تقيموها😁

الفصل القادم بعد 80فوت و80كومنت.

رأيكم بِ:

تشانيول؟
سلوكه مع رايناه؟
مواجهته للملك؟
خطته التي بائت بالفشل؟

كيف ممكن يستغل غياب بيكهي لصالحه؟

رايناه؟
حمايتها لتشانيول وعودتها له؟

كيف رح تكون حياتها معه من بعد هذه الأحداث؟

رأيكم ببيكهيون؟
عقابه لتاي هان؟
هل تستحق هذا العقاب أم أنه بالغ؟
تهديده لتشانيول؟
حمايته لأخته؟
ردة فعله على اختفاء بنته؟

ماذا سيفعل بيكهيون بشأن إختفاء بيكهي؟

ماذا ستكون ردة فعل بيكهي بعد المشهد الأخير؟

ما هي الخطوة القادمة لعصابة المتمردين؟

رأيكم بالفصل وتوقعاتكم للقادم؟

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️

 

© Mercy Ariana Park,
книга «العنقاء/ The King's Return».
CH6||اسم الملك
Коментарі