ما قبل الإحتراق
CH1||سياسة التَّمرُّد
CH2||الملك أيضًا أب
CH3||بِدء التنفيذ
CH4||كرامة الملك
CH5||تأثير الفراش
CH6||اسم الملك
CH7||الإمبراطور
CH8||نِصف قمر دموي
CH9||على حافة الهاوية
CH10||العرش يهتز
CH11||عصر من الظلام
CH12||قلبي يتمزَّق
CH13||جِراحُ المَلِك
CH14||العنقاء إحترق
CH15||شرانق عواطف
CH16||إبنة الكهوف
CH17|| الحب في سيماءه
CH18|| القلوب تبكي
CH19||الحيرة والحب
CH20|| المُفارقات
CH21|| البطلة
CH22||سيّدة التَّفرُّد
CH23||شُعلات حُب وحرب
CH24||كش ملك
CH25||خيبة
CH26||الحُب والحرب
CH27||ساعة الحِساب
CH28||عجز
CH29|| مُنكسرة الفؤاد
CH30||زمهرير
CH26||الحُب والحرب
بيون بيكهيون(إمبراطور المغول الصينين في اليوان)

العنقاء|| The Emperor's Return

"الحُب والحَرب"

...

في الزِّنزانة؛ كان جونغكوك مُقيَّد من معصميه إلى أصفاد حديديّة ثقيلة تتدلّى من السقف، رأسه ساقط وجسده لا حَيل فيه ولا قوَّة، كما أنَّهُ ليس بوعيه.

شعره نَدي بسببِ الماء، الذي سُكِب عليه أكثر من مرَّة؛ ليستفيق ويستأنِف قِسطًا جديدًا من العذاب.

ثيابه مُمزَّقة بسببِ ضربات السوط وقد إنطبعت عليها بُقع دماء... هنا وهُناك.

لم يَكُ بخير أبدًا، يتعرَّض للتعذيب في هذا الجو البارد، ويفقد وعيه كل حين. صحيح أنَّ هيريم يُمكنها أن تكون قاسية القلب لو أرادت؛ ولكن جونغكوك لا يستحق ما يحدث فيه مُذُّ البارحة.

قصدت مع طلوعِ الفجر زِنزانتِه، وحينما همَّ السجّانين بإيقاظه مُجدَّدًا أمرتهم بصوتٍ حازم جهور.

-توقفوا وانصرفوا!

إعترض إحدى الرَّجُلين يقول.

- لكنَّها أوامر الملك يا سيدتي.

كانت تنظر إلى جونغكوك والحالة البائسة، التي وصل إليها، بعينٍ مُشفقة، وما إن نبس إحدى رجالها بذلك إلتفتت إليه في كدر وهدرت.

-من أعلى سُلطة هنا؛ الملك أم أنا؟!

فورًا إنحنيا لها وخرجا، قد كان بيكهيون حكم الإمبراطوريّة بأكملِها سابقًا؛ وقد يعود ليحكمها مُجدَّدًا؛ لكن جماعة القمر الأحمر هي تحكمها ولا سلطة أعلى منها وشقيقيها هنا.

إقتربت من جونغكوك، وحاولت أن توقظه بلطف.

- حضرة الوزير رجاءً إستفق!

إزدرئت ريقها واقتربت منه أكثر، ربَّتت على كتفيه تحاول إيقاظِه، لم يسبق لها أن كانت بمثلِ هذا القُرب من رَجُلٍ ما بخلافِ سيهون، وجونغ إن، وبالطبعِ بيكهيون.

فتح عينيه بضعف وبلا حيل، بدى في أضعف حالاته على الإطلاق. إمتدت يدا هيريم نحو الأصفاد تَفُكَّها.

- سأُخرجكَ من هنا، لا تقلق أيُّها الوزير!

همس بصوتٍ خافت ضعيف.

-لا؛ يجب عليَّ أن أُنهي عقابي أولًا.

لَوَت ثغرها بأستياء ووبَّخته.

-ليس عليكَ أن تُفضِّل ولائك على حياتك، وأنتَ قد أتممت عقابك بالفعل.

فتحت الأصفاد؛ فسقط بدنه عليها ولم تستطِع التَّشبُّث إلا في آخر لحظة.

- اه يا إلهي!

رأس الوزير على كتفها، وجسده الضخم يطرحه عليها. رمت عُكازها جانبًا، ثم أغمضت عيناها بشدة تحاول سحبه للخارج.

كانت تسحبه معها رغم حجمها الضئيل ورُغم العرج في قدمِها؛ ولكنَّها وجدت أن إنقاذ حياة الوزير أهم مُهِمَّة يجب أن تقوم بها الآن، ولو لم تَكُ مُقرَّبة من بيكهيون كانت ستساعد جونغكوك بِكُلِّ الأحوال.

تعلم أنَّ علاقتها ببيكهيون لن تشفع لها أمامه، بل ستزيد الطين بلَّة.

رأت بِضع من رِجالها في الِّرواق؛ فأشارت إليهم بالإقتراب لمساعدتها، فاسرعوا إليها وحملوه عنها. وقفت حينها وأرجعت ظهرها لتصدر منه أصوات طرطقة ومعالم وجهها بدت مُتألِّمة، صحيح أنَّهُ رَجُل رشيق، ولكنَّهُ ضخم جدًا أمام فتاة ضئيلة مثلها.

-خذوه إلى العيادة، وممنوع أن يدخل عليه أحد إلا بعلمي مهما كان.

شدَّدت على أمرها حينما نبَّهت عليهم بسبّابة مرفوع، فاستنكر أحدهم.

-ولو كان الملك؟!

أكدت بنبرةٍ وإيمائة حازمة.

-الملك تحديدًا ممنوع أن يدخل، لا بأذني ولا بدونه؛ مفهوم؟!

نظروا إلى بعضهم البعض، ثم أومئوا، لقد أصبحت هيريم أجرأ على الملك مِمّا كانت سابقًا، الجميع بات يعلم أنَّ الذي بينها وبين الملك يتجاوز الحدود الواضحة، وذلك كان واضحًا جدًا مُذُّ أن غادر القائدان والوزير في رحلات لطلبِ المُساندة من البلاد الشقيقة.

الكل يعلم عدا الأولى في المعرفة، عائلة هيريم وعائلة بيكهيون.

قُبيلَ الفجر؛ كانت هيريم نائمة بِعُمق، فصباحًا سيبدأ الغزو بالتأكيد، وحينما خلدت هيريم إلى النوم لم تُفكِّر بأمر سوى الحرب، الذي ستبدأ غدًا، ما فكَّرت إلا بالإستعداد لها، ما فكَّرت بماذا سيفعل بيكهيون حينما يعود إلى زِنزانة جونغكوك ولا يجده، والأسوء أن يكتشف أنَّها تمنعه عن الدخول إلى وزيرِه، الذي بات صهرِه أيضًا.

إذ قضى بيكهيون تلك الليلة فوق الصخرة يُفكِّر، وبعدما بزغَ الفجر عاد إلى الداخل، وقرَّرَ المرور بجونغكوك؛ ليتأكَّد أنَّهُ ما زال حيًّا، هو لا يريد قتل صديقه الوحيد رُغم أنَّهُ يريد أن يُريد.

الملك داخله يوسوس له أن ينحر عُنقه؛ فجونغكوك مسَّ شرف الملك بالسوء، لو أنَّهُ ما لمس إبنته لكان قد غفر له كما فعل مع جونغ إن؛ ولكن جونغكوك تجاوز كل الحُدود.

دافعهُ الحُب... يتفهَّم ذلك كصديق، لكن كأب وملك لا يتفهم ولن يتفهَّم؛ فبيكهي تخصُّه أكثر مِمّا يخصُّه جونغكوك.

وصل إليه، وحينما أدرك الزِنزانة ورآها فارغة؛ نادى السجّان في سخط، فآتى له وانحنى.

-تحت أمر مولاي الملك.

تسآل في عصبيّة.

-أين جونغكوك؟

رفع السجّان نظره إلى المولى، ثم أخفضهُ بِتَوتُّر.

-لقد أخذتهُ القائدة هيريم.

شدَّ قبضتَه في غضب، وهسهس.

-إلى أين؟

أجابهُ الرَّجُل مُخفِضًا رأسه.

-لا أعلم سيدي!

تأفأفَ بيكهيون بغضب، وخرج من الزِنزانة إلى العيادة؛ فهي بالتأكيد ستأمُرهم بعلاجه بعدما أخرجته دون علمه.

لا يفهم كيف وبأي حق قد تجرّأت وخالفت أوامره، كما أنَّ أمره مع جونغكوك شخصي؛ فلا يرى لها الحق أن تتدخَّل بهذا الأمر بتاتًا.

أدركَ العيادة غضبان، وحينما أراد الدخول؛ هبَّ رَجُلان ضِخام الجُثَّة يمنعانِه من الدخول؛ فصرخ بهم.

-ما مُشكلتكم أنتُم؟!

أجابه إحدى الرَّجُلين يقول مُخفضًا رأسه؛ تبجيلًا لصاحبِ الجلالة.

-مولاي، إعذرنا؛ ولكن أُمِرنا ألا نسمح لكَ بالدخولِ أبدًا.

رصَّ قبضته في غضب حتى إصفرَّت مفاصله، واستنكر.

-أهذا فعلُ هيريم؟!

أومئ الرَّجُل.

-نعم؛ مولاي.

زمجر بيكهيون بغضب، وضرب الباب بلكمتِه، ثم سَلَكَ طريقه إلى حُجرةِ هيريم والألوان تتمايز في عينيه، كُلُّها أصبحت أسود بأسود، غضبه لا يُحمد، وهيريم تعلم ذلك؛ ورُغمَ ذلك تُخاطر في تجربتِه.

أدرك غُرفتها، وما اهتم لو رأى أحدهم حالته وهو يُدركها، اقتحم غُرفتها يدفع الباب بِقسوة جعلتها تستيقظ وتنفر من فراشِها، ثم نظرت له مشدوهة.

-بيكهيون!
ماذا تفعل هنا في هذه الساعة؟!
ماذا لو رآنا أحد؟!

أغلق الباب خلفه بِغضب، ولا يهتم للصوت الذي أحدثه، ثم اقترب من فِراشها الأرضي بخطواتٍ بطيئة يهمس.

-لستُ بيكهيون فقط، أنا الملك المَغولي بيكهيون تيمور خان، إمبراطور اليوان العُظمى، هل تحتاجي تذكير حتى؟

إحتجَّت؛ فلقد فهمت ما سبب هذا التذكير.

-مولاي...!

وضع سبّابته على شفتيها بعصبيّة وتحدَّث.

-لستُ مولاكِ، رُبَّما الحُب أنساكِ من أنا، وتمرَّدتِ علي؛ لذا ذكَّرتك.

ثم أقام جِذعه واقفًا فيما ينظر لها بالأسفل مُتبِعًا.

-لكن الآن تذكَّري؛ أنَّني أُحبك لا يعني أن أسمح لكِ أن تتحكَّمي بي، أنا أَحكُم لا أُحكَم يا هيريم، ويُفضَّل أن تُبقي ذلك في ذاكرتك.

ثم بإنفة أشاح عنها، واتبع يأمُرها.

-والآن أُريد جونغكوك، ولا تتدخَّلي بشؤوني مُجدَّدًا؛ تفهمين؟!

إحتشدت القوَّة في عينيها حينما نهضت؛ لتقف أمامه، ثم نبست.

-لا، أنا أفهم أنَّكَ الملك، ولذلك سمحتُ لرجالي أن يطيعوا أمرك بمُعاقبة جونغكوك، ولكن كل من يعيش تحت سقفنا هو بحمايتنا، وجونغكوك ليس إستثناءً.

نظر لها في إستنكار وهي لم تتوقَّف عن الكلمِ.

-أنا آسفة لقولِ ذلك؛ لكن أنتَ كُنتَ الإمبراطور ورُبما ستكون أيضًا، ولكن هذا المكان لا يخضع لِسُلطة أعلى من سُلطتي.

تلاقت شُحنات الغضب في العيون، وألسنة الغضب إلتفَّت حول هيريم، وبدت كما لو أنها تتحدّى صاحب الجلالة.

-لا الآن، ولا سابقًا، ولا في المُستقبل.

ضيَّق مَحجريه بإنكار وهمس.

-ماذا قُلتِ؟!

إستنكرَ بِشِدَّة، لم يتوقَّع أن تكسر هيريم كبرياءه أبدًا؛ لكنها لم تقصد الإساءة له. أرادت وضع حد لغضبِه وسخطِه على أقربِ الناس إليه، وإن كان مُبرَّر.

قضمت هيريم شِفاهِها حينما أدركت زلَّة لِسانها؛ فهو المَلِك ولو زال مُلكَه مؤقَّتًا، تعوَّدَ أن يأمُر ويُطاع ولا يُعصى أبدًا؛ فمن هي ولو أحبَّها لتعصيه أو تُنافسه على سُلطته؛ مُجرَّد إمرأة بربريّة. والآن إرتآت أن تُخفِض رأسها وتعتذر؛ إذ ركعت أمامه وأعتذرت كما يليق بمقامِه العالي.

-آسفة مولاي، أردتُ فقط أن أُعيدك لرُشدك.

ضحك ساخرًا فيما يجثو قُربها، بيكهيون لا تُطيّب جِراحه الإعتذارات حينما تكون تلك الجروح من شخص غير متوقع، شخص قريب، شخص يُمتِّن نفسه في قلبِه، بيكهيون تعوَّد لو جُرِحَ أن يجرح.

أمسك بفكِّها بين أصابعه المتينة رُغم نحولها، وأعلى قِمَّة رأسها ليُدركها بصره.

- أردتِ أن أستعيد رُشدي، ولكنَّكِ أفقدتِني نُتَف الرُّشد الباقيّة يا هيريم!

أرادت أن تُبرِّر ورُبَّما تعتذر مُجدَّدًا، لا بأس مهما كلَّفَ الأمر.

-مولاي...!

رفع سبَّابته قُرب شفتيه ينهاها.

-صه!

أمر بغلظة، ثم ذرف الغِطاء عنها بعيدًا يقول في عصبيّة.

-كيف يُمكنك؟!
من تحسبيني؟!
هل خسارتي المؤقتة لعرشي وإن دامت تجعلني بلا قيمة لديكِ؟!

برَّرت بأسف وترقرقت الدموع في عينيها، لطالما كانت أمام الناس أجمع بألفِ رَجُل، لا تدري كيف ولِمَ تصبح بين يديه هشَّة ورقيقة إلى هذا الحد.

-لم أقصد ذلك!

صاح عليها وتمسَّك بذراعيها.

-بلى قصدتِ، وأنا سأُريك أن الحُب الذي أكنَّهُ لكِ لا يخضعني لكِ، بل العكس؛ وحدكِ من ستخضع لي سواء أحببتُك أو تملَّكتُك!

تمسَّكَ بها يُقرِّبُها من بدنِه، وهي تطلَّعت إليهِ بذهول، عيناه تقدح كالنار، ويبدو أنَّهُ فقد كل وعيه، نفسه مُخرَّمة من الخيبات، وكلامها الجارح ما زاده إلا خيبة.

-ماذا تفعل؟!

قالت بِفزع حينما أمسك بياقةِ ثوب النوم، الذي ترتديه، وشقَّها حتى إنحدرت أسفل كتفيها، وكشفت عن جُزء ليس بهيّن من بدنِها.

-جلالتك؛ لا تفعل رجاءً!

توسَّلت بقلق وهي تُمسِك بيديه على ثوبِها، لكنَّهُ أمسك بها من قِفا عُنقِها، وجذبها إليه يُقبِّلها رُغمًا عنها.

دفعت بكتفيه عنها بِكُلِّ ما أوتيت من قوَّة،  وقعدت تتنفَّس بغضب، لقد وعدت نفسها ووعدته لو أنَّهُ رفع سيفه لينحرها لن تَصُدَّ سيفه أبدًا، وستُخفِض رأسها له بطاعة حتى آخر لحظة، حتى في هذا الموقف تحاول أن تُجاريه ولا تَعصيه؛ لكن لا تستطيع؛ إنَّهُ لا ينحر عُنقها بل حياتها.

-لا يُمكنكَ أن تُفرِّغ غضبكَ بي، أنا أنقذتُ صاحبكَ الوحيد منك، وأنقذتُكَ من النَّدم، الذي ستعيشه طيلة حياتك لو فقدته!

أمسك بعِضدِها، ودفعها لتكون على ظهرها ضِدَّ فِراشها، وقبل أن تؤتي بحركة لِمقاومته حاصرها ببدنِه حينما إعتلاها، وقال في سخط بينما يُثبِّت معصميها على الفِراش.

-تذكَّري أنَّكِ تبقين إمرأة ولو ما كانت يداكِ ناعمة.

أنتِ إمرأة ولو كنتِ تقودين الرِّجال، حتمًا سيكون لكِ رَجُلًا يقودك، وأنتِ محظوظة لأنَّهُ أنا.

حاولت دفعه بِكُلِّ قوتِها عنه؛ لكنَّها لم تقدر عليه، الرِّجال الذين لا تقدِر عليهم هُم فقط الرِّجال الذين تمرَّسوا في القِتال أكثر منها؛ وللأسفِ بيكهيون من ضمنِهم.

قالت بغضب تحاول دفعه.

-ابتعد عنّي، دَعني!

كان يُمسِك بذقنِها بقسوة وشفتاه توسِم شفتيها، القُبَل بَدت عِقابًا وليس حُبًّا، خنقها لكثرةِ ما قبَّلها دون أن يمنحها فُرصة للتتنفَّس ولم تؤثِّر عليه دفعاتِها.

حرَّر شفتاها وأسرَ رقبتِها، أغمضت عيناها بقوَّة وهي تتمسَّك بكتفيه تُحاوِل إبعاده؛ لكنَّهُ ما كان يهتم لشيء فيما يطبع قُبَل مُتفرِّقة على رقبتِها؛ يوصمها بعلاماتِ شفتيه.

توقفت عن مُقاومته حينما سئمت ذلك وهي تشعُر بِقُبلاتِه الرَّطِبة توسِمها كُلَّها، فلا منفعة من مُقاومته، لا تقدر عليه.

لبثت بلا حِراك ولا صوت؛ وكأنَّما هي إستسلمت، وقد فرض نفسه عليها بالقوة بِنجاح، حتى توقَّفَ من تِلقاء نفسِه عن إختلاس القُبَل منها غصبًا، ونظر إلى وجهها النَّديّ؛ حيثُ تكدَّست بعينيها الدموع.

قوَّمَ ذقنها لتنظر إليه، ثم همس وهو يمسح على شِفَّتِها السُّفلى بإبهامه بِرِقَّة.

-لو كنتِ حقًا لا ترغبي بي كما أرغب بكِ لصرختِ الآن، وقتها سيدخل إحدى إخوانك أو إحدى رجالك، وأنا حينها لن أستطيع أن أفعل شيئًا لكِ.

نظرت في عينيه؛ هو مُحِق، هيريم تُريدُه كما يُريدها هو؛ لكنَّهُ يفرض نفسهُ عليها غضبًا وليس حُبًّا. مَشت يده واحتوت وجنتها فيما أنغامِ صوته خافتة.

- اصرخي وابعديني، افعلي واثبتي لي أن لا سُلطة لي عليكِ أو على الناس، أعلم أنَّهُ يمكنكِ فِعلها، ويمكنكِ جعلهم ينزعوني من عليكِ.

إقترب ووضع جبينه ضد جبينها، ثم أغلق عينيه وتنفَّس شذاها ولهًا.

- ولكن طالما أنتِ تقاوميني فقط ولا تفضحيني؛ فأنتِ تُثبتين لي أنَّ لي سُلطة عليكِ على الأقل، ولا يُمكنكِ أن تسمحي لأحد أن يُقلِّل من شأني، ويبعدني عنكِ رُغمَ أنّي لا أُريد.

فتح عينيه، ورمقها بِلوم من بين أهدابه الخاملة.

-لا يمكنكِ أن تسمحي لأحد أن يجرح كبريائي كما فعلتِ مُذُّ قليل.

رفع جذعه عنها قليلًا، وبقيت مُحاصرة في جسدِه حينما قال وقد إستعاد تعنُّته مُذُّ قليل.

-اصرخي إن أردتِ، لن أتوقَّف ولو دخل أحد علينا الآن، ورآنا في هذا الوضع... لا أهتم!

أمسك بثوبها بين قبضتيه وشقَّ ما تبقى منه على جسدها، فشهقت بقوَّة ثم أغمضت عينيها بإستسلام؛ لتنحدر منها الدموع العالقة، وتحس بشفتيه تطبع قُبَل مُتفرِّقة على أعلى صدرِها، ويداه تضغط بقوَّة على خصرِها وكأنما يود لو يفتك بها.

بدى الأمر حتميًّا، وأنَّ لا خلاص من هذا الموقف مهما حدث، لم تشئ أن تفضحه أو يتعرَّض للإساءة رُغم أنَّهُ يُسيء لها، بغضِّ النظر عن كونِه الملك ولكنَّهُ الرَّجُل الذي تُحِب، ولن تقبل أن يتعرَّض لأي أذى.

هي تريده فعلًا كما يريدها، والآن فكَّرت فقط بألا تُفكِّر وتسمع صوت قلبها النّابي، وتندمج معه في ممارسة هذا الحُب المُستحيل والحرام؛ وكأنَّما إغتنمت الفُرصة.

من يدري بعد هذه الحرب ماذا سيحدث؟!
هو ملك وهي مُحارِبة بربريّة، ولقد تقرَّر مصيرها بين اثنين فقط بعد هذه الحري إما أن تموت أو ترحل بعيدًا عنه؛ لذا لن تتأسَّف الآن ولن تندم؛ لأنها أخذت منه قِسطًا عظيمًا من الحُبِّ والرَّغبة؛ إذ قد يكون الأخير؛ اللقاء الذي ما بعده إلتقاء أبدًا.

تغلَّبت على خجلِها، ثم رفعت يداها نحوه، إحداهما إرتاحت على ظهره والأخرى إندسَّت في خُصلِ شعرِه الطويلة. توقَّف عن طبعِ القُبل على بدنِها حينما شعر بالقبول منها.

رفع نفسه لينظر إلى وجهها، فابتسمت إبتسامة ذابلة ورفعت أناملها تضبط فيها خُصل شعره، التي تتساقط على وجهها، وتضعها خلف أُذنه.

-أعلم أنَّني لن أندم على ما سأفعله الآن معك، وأدري أن العواقب وخيمة، رغم ذلك أريد أن أبقى معك؛ رُبَّما لأنَّها آخر ليلة لنا معًا، قد نلتقي بعدها أو لا، ورُبَّما لأني أحبك رغم كل الحواجز، التي بيننا.

تنهَّدت حينما شعرت بالدموع تحرق عينيها، وابتسمت لتكبحها؛ لكن عبثًا سقطت.

-الآن أتفهم جونغكوك، ولهذا السبب أنقذته من غضبك، ولكن أنا من سينقذني من سخطِ إخوتي علي إن إكتشفوا أمري؟

همس وقد رفع أنامله ليمسح دموعها.

-أعدك؛ سأحميكِ دومًا من الجميع!

أومأت له رُغم أنَّها لا تُصدِّق هذا الوعد، لن يكون بمقدورِه فعل شيء لاحقًا واتبعت.

-أنا سأفعل أي شيء لأجلك لأنَّني أُحِبُك حتى لو كنتَ لا تستحق حُبّي... أنا أُحِبُك.



كان هو أشهى من كُل القُبلات، حتى الحُب لا يمنحه حقه، أغمض بيكهيون عيناه وزفر في وله، ثم تبسَّم.

-لم أعرفكِ شقيّة، ظننتُك بريئة جدًا!

همست قُرب أُذنه.

-أنتَ أفسدتَني!

قطفت من عليه ثِمار الحُب الحرام، فتنهَّد بقوة ما عاد قادرًا على التماسُك؛ إذ أمسك بِخُصل شعرها يرفع رأسها إليه حتى أدرك شفتاها، قبَّلها بِعُنف، ثم همس لها فيما يتحسَّس وجهها بأرنبةِ أنفِه بِلُطف.



-أنا أُحِبُك، واستحق حُبك... لا تَشُكّي بي أبدًا!

طبع قُبلة عهد صادق على جبينها قبل أن يُطرِّز كُل إنش من جسدِها بِقُبلة وكُل نُدبة، كل قُبلة تنسل من شفتيه على جِلدها تفقدها جزءً من وعيها حتى أصبحت بين يديه كما لو أنَّها مخمورة؛ مخمورة في سِحرِه.



-الليلة تُصبحين إمرأتي، وغدًا ستكوني ملكتي.

لقد أصبحت إمرأته فعلًا، ولكنَّها أبدًا لن تكون ملكته، يكفيها أنَّها له، لا تُريد عرشًا ولا يحق لها من الأساس، لا تفهم حتى لِمَ يمنح جسدها كُل هذا الحُب رُغم الألف نُدبة التي تُشوهها.



آخر ما تتذكَّره حينما وضعها على صدره وهو يبتسم، بدى سعيدًا جدًا كما لم تراه من قبل، كما لو أنَّهُ إستعاد عرشه، كانت تشعر ببنانه وهو يُمشِّط خُصلها، وبصوتِه الجميل يُرنِّم على سمعها أُغنية بأنغامٍ خافتة وجميلة كترانيم ساحرة، وحضنه دافئ، صدره دافئ، وذراعيه دافئة، وأنفاسه دافئة.

فنامت في أجمل وأدفئ حُضنًا في العالم، جبينها مُتعرق وبدنها مُنهك، مُهلَك، ومُنتهَك، أنفاسها هدأت أخيرًا، وجسده يُدفّئ جسدها العاري إلا من أثواب الحُب.

وحينما تأكد أنها غفت غادر غُرفتها، ولم ينسى أن يطبع على جبهتِها قُبلة حُب أخيرة.

..................

لقد بدأت الحرب مُذُّ عدةِ أيام بالفعل على حدود اليوان؛ إذ إندفعت جيوش الممالك المجاورة، التي بعث لها الملك بيكهيون طلبًا بالمُساندة، نحو الحدود، والقِتال هناك مُحتدم مع جنود تشانيول رُغم أنَّهم بالأصلِ جنوده.

اليوم صباحًا ستبدأ فتائل الحرب في العاصمة على شاكلةِ معارك؛ لا يدري أحد إلى متى ستطول وكم روحًا ستُسلب خلال تلك الأزمة؛ ما يعرفونه أنَّهم لا يملكوا خيارًا ثالث؛ إما الإنتصار أو الموت المُشرِّف.

الدعوات أنَّ لا يخسروا كثيرًا من الأرواح، وأن يتكلَّلَ هذا المجهود الخارق بالنَّصر.

وقفت هيريم أمام مرآتها وارتدت دروع الحرب، ثبَّتت السيف على خصرِها، ووضعت كِنانة الأسهُم والقوس على ظهرها، ثم نظرت إلى عُكَّازِها، لا يمكنه أن يكون عائقًا لها، ولا أن تكون هي عائقًا على جيش جماعة القمر الدموي، أمسكت به ثم ضربته ضِدَّ الحجر حتى كسرته نصفين، ثم ربطت القِطعة الأقصر بقدمها حيثُ أُصيبت... رُبَّما تُساعِد.

الآن لن تُفكِّر بأحداث الليلة الماضيّة، لن تفكر بها أبدًا؛ كي لا تندم، ولا تخاف، ولا تحمل همًّا لشيء سوى لهذهِ الحرب.

صاحب الجلالة حُبُّه محفوظ في جوفِ قلبها، ولكن الآن لن تُفكِّر إلا بسلامتِه وإستعادتِه لعرشِه.

خرجت من حُجرتِها واتَّجهت إلى الخارج، حيثُ الجميع ينتظر القادة وكانت آخر الواصلين. صعدت حِصانها والجميع نظر لها بفخر؛ الإصابة لن تمنعها عن ضراوتها، ما زالت قويّة مثل فرسٍ أصيلة وجامحة.

آتى جلالة الملك بيكهيون أخيرًا وهو يضع دروعه مُستعدًا لهذه الحرب، ثم صعد حصانه بجاورِ هيريم، تبادلا نظراتٍ شغوفة بالحُب والحرب، ثم إلتفت إلى الجنود يهتف.

-أعلم أنَّ الدفاع عني وإستعادتي لِسُلطتي ليس هدفكم السّامي، وإنكم فقط تَتَّبعون قاداتكم الثلاث، وأنتم لهم أكثر وفاءً مِمّا تكونوا لي.

رُغمَ أنَّكُم لستُم جيشي الموكل بالدِّفاع عني، لكنَّكم تُدافعون عنّي بضراوة، أشكركُم على ذلك من كُلِّ قلبي، وأعدكم أنَّني لن أخذلكم أبدًا لو استعدتُ سُلطتي... الآن قاتلوا معي، وسأوفيكُم!

ضرب لِجام حِصانه وانطلق يقود الجيش فيما يتبعه القادة الثلاث وبقية الفُرسان والجنود، أدركوا حدود العاصمة حينها توقَّف بيكهيون، وإلتفت سيهون يأمر جيشه.

-سنتفرَّق إلى ثلاث الآن كما اتفقنا؛ فِرقة ستطوِّق العاصمة، وفِرقة ستُطوِّق القصر، وفِرقة ستتسلَّل إلى القصر.

هيريم اتبعت بصوتٍ جهور يسمعه الجميع.

-القائد جونغ إن بِفِرقتِه سيطوِّق العاصِمة، والقائد سيهون سيطوِّق القصر، وأنا والملك سنتسلَّل إلى القصر.

وفعلًا بدأ التنفيذ فورًا؛ إذ تفرَّق الجيش كما أُمِر، حينما سألت هيريم أثناء وضع الخُطة لِمَ بيكهيون فرَّق الجيش إلى ثلاث قال.

-لا يُمكننا أن نستهين بتشانيول وخُطَطه الحربيّة، وبنفسِ الوقت لا يمكن أن تستهيني بقُدراتي، كُل حروب تشانيول كانت باسمي، واتطلعتُ على كاملِ خُطَطِه.

الأمر الوحيد المُشترك بكُلِّ خُططِه أنَّهُ يُقسِّم الجيش كما لُعبة الشطرنج، ينهك الأعداء بالجنود أولًا، ثم يخرج عليهم قِواه الأعلى؛ فيكونوا مُنهكين ولا يستطيعوا الرَّد.

أنا سأوهمه أنَّه نال منّا، وحينما يرتشف على عرشي شراب النصر؛ سأوقعه من عليه.

تسآلت.

-وكيف ذلك؟!

تبسَّمَ حينها بثِقة ولم يَرد، كل شيء جائز في الحُب والحَرب.

وبينما هم في طريقهم إلى القصر تسآلت.

-ولكن هل أنتَ واثق أنَّ للقصرِ مداخل لا يعرفها أحد سِواك جلالتك؟!

أومئ ورَد.

-أنتِ ثقي بي فحسب، لو استولينا على القصر سنكون قد نجحنا.

كان حصانه يجاور حصانها، ويتحدَّثان عن الخوضِ في الحرب وكأنهما لم يخوضا الحُب قبل ساعات فقط فيما الجنود يلتفّون حولهم من كُلِّ الجِهات.

-ماذا لو ترك الأمير جيشًا في داخل القصر تحسُّبًا؟

نظر لها وقال في جديّة.

-هو سيترك ولكن ليس جيشًا، هو مُحارب مُذُّ دهر وملك مُذُّ وقتٍ قصير. لن يكون أعلم مني بقصري، الذي ولدتُ فيه ونشأتُ فيه.

كان واثقًا وثِقته جعلت هيريم تَحِس بالثِّقة؛ لذا تبعت خُطَّتِه دون أن تتزعزع أبدًا.

تسلَّلَ بيكهيون بأعوانِه إلى الغابة، التي تقع خلف القصر، إذ كان يُفكِّر أن يدخل إلى القصر عبر النَّفق هُناك، وهُناك كانت المُفاجأة حينما وجد تشانيول بنفسِه بوجهِه مُنتشر بالغابة مع عدد كبير من الجنود.

تسآلت هيريم بقلق؛ فيبدو أنَّ الخُطة قد إنقلبت عليهم.

-لِمَ الأمير هنا؟

تطلَّع بيكهيون إليه بسخط، لم يتوقَّع أبدًا أن يجد تشانيول في وجهه مع عدد ضخم جدًا من الجنود، تبسَّم تشانيول في ثقة وهو يرتدي درع الحرب ويحمل سيفِه.

- أنت تعلم طريقتي بالحرب وأنا أعلم طريقتك، لذا أنتَ اعتمدت على أسلوبي، وأنا أعتمدتُ على أسلوبك. وبالفعل أنتَ اتبعتَ أسلوبك ولكن أنا غيَّرته لأجلِك؛ من الفائز بيننا إذًا؟!

نظرت هيريم إلى بيكهيون، الذي شحذ على ضروسِه بقسوة، ثم إلى فرقتها من الجيش، التي لا تأتي بِرُبعِ عدد جنوده، كانت قَلِقة، لم يسبق لهم أن دخلوا حربًا كانت خسارتهم فيها مضمونة.

الهزيمة باتت شِبه مؤكدة، لولا أنَّ شجاعة جنودها ما يمنحها الأمل، وأحقادهم الدفينة على الأمير تشانيول ووالده.

توقف تشانيول لِثَّرثَرة قليلًا؛ فنتيجة الحرب واضحة من الآن.

-لطالما تسآلت لِمَ المُتمرِّدين ينصرونك، وأنا بطبعي لا أُحِب أن أكبح فضولي تجاه أي شيء، فانظر ماذا اكتشفت.

تطلَّعت إليه هيريم بذهول، أيُعقل أنه حقًا إكتشف السِّر، أم أنَّهُ سيقول أي كلام؟!

لو كان يعلم، فهي حقًا أرادت أن تخبر بيكهيون بنفسها عن الحقيقة، لا أن يعلمها أحد آخر.

نظر تشانيول إلى هيريم وقال فيما يُشير إليها بكلامه.

-كيم هيريم، كيم جونغ إن، كيم سيهون هم أبناء كيم شين.

نظر بيكهيون إلى هيريم، وهو لا يُصدِّق ما يسمعه. تنهَّدت هيريم ثم رفعت رأسها إلى تشانيول تقول بفخر، وتتهرَّب من نظرات بيكهيون بنفسِ الوقت.

-وأنتَ تعلم أنَّنا نحمل دماء أبانا كيم شين، نحنُ لا نخسر الحروب أبدًا مهما إشتدت ضراوتها، لو كنت تمتلك العدد والعُدة فنحن نملك الشجاعة والإخلاص.

برم تشانيول ثغره بإعجاب وأومئ.

-الجُندي يبقى جُندي، سواء عليه كان من جيشِك أو جيشي. الشجاعة والإخلاص ليسا سيفًا تُحاربون به ولا درعًا تحتمون به من الموت.

ثم قرَّب حصانه منهم مُبتسِمًا بثقة وإنتصار.

-أنا أنصحكم أن تستسلموا لي بدلًا من مُقاتلتي رغم النتيجة الواضحة والمصير المحتوم.

رفعت هيريم سيفها بعناد وقالت بعنفوان وقوّة.

- نحن نموت ولا نستسلم، لقد رضيت أن ترمي بي بالماء المغلي ولا أن أركع لك؛ أم أنَّكَ نسيت؟

تبسَّم ونفى برأسه، ثم أشار إليها بِسبّابته مُعجبًا.

-لم ولن أنسى، ولذلك أنتِ تُعجبيني!

تجاهلت هيريم نظراته المُغازِلة وحتى نبرةِ صوته العابثة.

- يا حقير!

تمسَّكت هيريم بلِجام حصان بيكهيون توقفه حينما سيطرت عليه الغيرة، وأراد أن يندفع لِمُقاتلة تشانيول إزاء مُغازلته لها، ثم إلتفتت إلى جنودها، وهتفت بهم بشجاعة.

-قاتلوهم لآخرِ قطرةِ دم، نحنُ لا نُعيد جلالة الملك بيكهيون إلى عرشه وحسب، نحنُ نُحرِّر الشعب بأجمعِه من هذا الطاغية!

تبسَّمَ تشانيول بإعجاب، لا عجب أنَّها قائدة أكبر تنظيم غير عسكري في إمبراطورية اليوان بأكملِها.

-سأعترف أنّي لم أُقابل إمرأة طيلة حياتي من طينتك المجبولة في الشجاعة!

هجم رجال الملك تشانيول وهجم رِجال المُتمرِّدون أيضًا، وتشانيول وقف ويداه خلف ظهره يرى جنوده يُقاتلون كيفما يُدرِّبهم، الجميع يُقاتِل عداه حتى الملك بيكهيون يُقاتل بِبسالة ويحاول ألا يقتُل الجنود، بل أن يُحدِث بهم جروحًا تعجزهم عن الرَّد عليه.

جرح بيكهيون الرَّجُل، الذي يُقاتله، ثم أشار إلى تشانيول فيما يسمح جبهتِه النَّديّة بساعِدِه.

-لِمَ تَقِف هُناك؟!
ألا تعرف كيف تُقاتِل؟!

أخرج تشانيول سيفه من غِمده ضاحكًا، وتقدَّم من بيكهيون يقول.

- لا جدوى من مُقاتلتك، لقد وعدتُ أختك أن أتركك حي.

إرتفع حاجب بيكهيون بإستهجان فيما يضرب تشانيول بسيفِه.

- وهل أنتَ توفي بوعدك حتى؟!

صدَّ تشانيول سيفه يقول.

-لقد قدَّمت لي أفضل هديّة يُمكنها أن تُعطيني أيّاها؛ لذا أنا أيضًا قدمتُ لها هديّة... حياتك.

دفع تشانيول بسيفِ بيكهيون عنه؛ فترجَّل بيكهيون عن حصانه، وتقلَّده تشانيول؛ إذ شرعا يتقاتلان أرضًا.

كانا يتقاتلان بعنفوان مثل عدودين لدودين لا يجري بعروقهما ذات الدماء، ورُبَّما ذلك ما بعَّدَ بينهما أكثر؛ أنَّهما أقارب.

إستمرَّ بيكهيون بمُهاجمة تشانيول وهو يتصدّاه بِبراعة حتى قرَّر أن يجرحه؛ ليتخلَّص منه. وحينما نوى أن يجرح الملك شرخ بيكهيون ذراعه فطار سيفه من يده وسيف بيكهيون صار على عُنقه.

تبسَّم بيكهيون وقال فيما ينظر في وجهِ تشانيول المُرتبِك.

-سأُذكرك أن مهارة المُحارِب أهم من حجمه؛ ولكنَّكَ كنتَ مُختالًا وفخورًا بنفسك. لا أُنكِر أنَّكَ ولدتَ مُحارِبًا؛ ولكنَّني ولدتُ إمبراطورًا.

إحمر وجه تشانيول في غضب، وحركة سيف بيكهيون على عُنقه أجبرته على الركوع أمامه؛ وبيكهيون أضاف.

-كنتُ أضع إحتمالًا أن تنقلب خُطَّتك ضدي؛ لستُ أحمقًا كما تعلم.
هل نسيت كم أنَّ جنود المُتمرِّدين متوغِّلين في القصر؟!

نظر تشانيول حوله؛ ما زال الجميع يُقاتل بضراوة. هيريم شعرها يطير مع الهواء وسيفها يشرخ الأبدان بشجاعة ولا يُبالي، لا يوجد بعينيها ولو ذرة خوف.

ضحك تشانيول في قهر وعيناه قد إحمرَّت لدرجة أنَّها نزفت دموعًا رغمًا عن جبروته وغروره.

شرخ بيكهيون صدره بسيفه؛ فتصدَّع الألم في جوفِ تشانيول وعجز أن يُفرج عنه ولو بآهة؛ وبيكهيون قال.

- أنا لم أعِد أُختي بحياتك لو نسيت؛ سأُخلِصها منك!

أخفض تشانيول بصرِه نحو الأرض، وتساقطت دموعه. أراد فقط لو يرى طفله لمرة واحدة فقط، أراد أن يضمه بين يديه ولو لمرة واحدة فقط، ما كان ليُطيق الموت في هذه اللحظة أبدًا؛ ولأجلِ طفلِه، الذي لم يولد بعد لجأ إلى الغدر.

إذ حمل حفنة من التُّراب وألقى بها على وجهِ بيكهيون فتردّى، وما كاد أن يستجمع نفسه حتى هبَّ تشانيول واقفًا وسلبه سيفه ليضربه فيه؛ لكن بيكهيون تراجع سريعًا.

وقبل أن يهجم عليه تشانيول ثانيةً صدَّ سيفه سيف هيريم، التي وقفت أمامه كأُنثى ثائرة وشعرها الطويل الأسود مثل وشاحٍ من حرير بغدادي؛ بل وأجمل.

نظرت في عينيه بغضب، وهمست وعيناها تقدح شرارًا من الشجاعة كلبؤة تحمي أسدها بحياتِها.

-لن أسمح لك أن تؤذي جلالة الملك ولو كلَّفني منعك حياتي؛ سأحرص لو ذهبت إلى الآخرة أن تذهب معي!

تشانيول كان غاضبًا، ولم يَكُ في مزاجٍ أبدًا يخوِّله بالرِّد على كلامِها إلا بِلُغةِ السيف، وبيكهيون أسرع في إلتقاطِ سيف تشانيول، وقتل الرَّجُل، الذي أراد أن يغدر بظهرِ هيريم، رُغمَ أنَّهُ لم يُرِد أن يقتل أيًّا من الجنود.

أضاع بيكهيون فُرصتِه بقتلِ تشانيول، واستمرَّ القِتال حتى ساعات الغروب بلا راحة أبدًا. أتت جماعة سيهون وكذلك جماعة جونغ إن؛ لكن ما زالت الغُلبة لتشانيول وجنوده.

أصبحت تتوافد الجماعات أكثر لتؤيد المُتمرِّدين، كُل المُجنَّدين المُندسيّن بين الناس وجنودهم، جميعهم أتوا ليحاربوا ويساعدوا زُملائهم.

بزغ الفجر وما زال القِتال مُحتدِمًا، تساقط رِجال كُثر أثناء ذلك من الطرفين، واستمرَّ زحف المُتمرِّدين إلى داخل القصر، أصبح القِتال في داخله، وفي خارجه، وحول حدود العاصمة، وحول حدود اليوان.

رائحة الموت والدماء باتت أكثر رائحة مألوفة، الرِّجال يتساقطون كما زَخَّةِ شِهاب، وبُكاء النِّساء وولولاتِهن تتصعَّد في السماء، الموت يأكل الناس.

الحرب على العرش بين الملكين بيكهيون وتشانيول ما كانت هيّنة؛ ليجلس أحدهما بأستحقاق على العرش دفع أُناس كُثر حياتهم.

آتى الصُّبح مُنتعلًا خُفيّ حُنين، الحرب لم تهدأ بعد، ما زالت القوّات في قِتالٍ مُحتدِم. في هذهِ الحري الطاحنة ما عاد أحد يعلم أين رفيقه في الحرب، الجميع يشعر بالضياع، وأصبح كُل شخص منهم يحاول أن ينجوا بنفسِه وحسب.

عند الظُّهر؛ وصلت قوات المُتمرِّدين إلى قلبِ القصر الملكي؛ وذلك بفضل القائد جونغ إن ونجاحه في إقتحامِ القصر أخيرًا.

إختبأنَ النِّسوة في حُجراتِهن، والموظَّفين هربوا من القصر، ولم يبقى منهم إلا من علق. بحلولِ العصر؛ إستطاعت القوّات الخارجيّة الداعمة لجلالةِ الملك بيكهيون من السيطرة على حدود إمبراطورية اليوان المَغوليّة.

بحلولِ الغروب؛ أستطاع القائد سيهون أن يُسيطر على العاصمة ويطوِّقها بنجاح، وهكذا يكون قد تمَّ السيطرة على البلاد أجمعها، ولكن القصر الملكي ما زال يصعب السيطرة عليه؛ فالحرب داخله مُشتدَّة على آخره.

بعونِ قوّات القائد جونغ إن؛ إستطاع الملك بيكهيون أن يلج قصره أخيرًا، عبّأ أنفاق القصر وطُرقه الضيّقة والسريّة بجنود المُتمرِّدين، ونشرهم في أرجاء القصر مثل الأفخاخ والمصائد للعدو وأتباعه المُخلصين.

ولكن تشانيول ليس فأرًا، بل أسد... لا يقع بالأفخاخ بل من يراها تُنصب ويتجنبها، لكن كل أتباعه كانوا فئران. لو كان أحد يستطيع أن يفوز على خُطط بيكهيون الحربيّة فهو تشانيول وحده فقط دون أي من تابعينه.

لذا حينما طلع الصُّبح مُجدَّدًا، وانتصر المُتمرِّدون بقائدهم الأعلى الإمبراطور بيكهيون، لم يستطيعوا أن يجدوا الأمير تشانيول مهما بحثوا.

طلع الملك بيكهيون على منصَّتِه يحمل سيفه الملطخ بالدماء بيده، ومن خلالها نظر إلى خارج أسوار القصر ثم إلى داخله، شدَّ قبضته وكأنما يشد على قلبه، الذي يشعر به يُعتصَر بين ضلوعه.

النار تَشُب في كُلِّ مكان، وبُكاء النساء، والعجائز والأطفال يسمعه جيدًا، الجُثث مرميّة في كُلِّ مكان، والدُّخان كذا رائحة الموت إختلطت بالهواء.

لم يَكُ بإمكانه أن ينظر خارج القصر ولا إلى داخله، الحال من بعضِه... أسوء من السيء.

تسآل... هل يستحق أن يموت كل هؤلاء الناس لأجلِ أن يستعيد عرشه؟!
هل تستحق تلك البيوت أن تتدمَّر، وتلك النساء أن تترمَّل، وهؤلاء الأطفال أن يتيتَّموا لأجلِ أن يستعيد سُلطته؟!

لم يعرف بماذا يُجيب نفسه، ولكن ما يعرفه أن ولا أي إجابة قد تُطبطِب على ضميره ووجع قلبه على هؤلاء الناس المساكين.

- أعدكم أنّي سأبذل روحي لأعوضكم!

همس بصوتٍ يسمعه هو فقط، ثم اتبع يُخفض رأسه وكأنما شعورٌ بالخزي يراوده.

-رغم أن النفوس لا تعوَّض؛ لكن ماذا أفعل؟
القوي يأكل الضعيف في النهاية؛ السُّلطة مثل الغابة وأنتُم غِزلانها.

تجمَّعَ أمام المنصّة كل قوّات المُتمرِّدين في صفوف أُفقيّة وعاموديّة تقودهم هيريم، التي تحمل سيفها وتلوِّح به عاليًّا.

-يحيا جلالة الإمبراطور بيكهيون تيمور خان!

فيُردِّد الجنود من خلفها.

-يحيا!

ثم ركعت هيريم على إحدى رُكبتيها وأخفضت رأسها تقول.

- جلالتك؛ لو أذنتَ لنا فنحنُ سنُسيّر بقية الأمور!

أومئ لها وبدى مُكتئبًا؛ ليس وكأنَّهُ الذي انتصر بهذه الحرب.

- افعلي يا هيريم واجعليني على إطلاع!

وقفت وهتفت.

-أمرُكَ مولاي!

تراجعت؛ وبالخفيّة نظرت له وبدت مُكتئبة أيضًا، هو لا يدري لكنَّهُ لن يراها بعد الآن، ولن تراه أيضًا.

شوَّش بصرها الدموع، ولكنَّها لم ترغب بأن تكون آخر مرة تراه فيها مشوشة، تريد أن تراه بوضوح.

وحتى تجاوزت أساور القصر ظلَّت تنظر إليه حتى إرتفعت الأسوار على منصَّتِه الملكيّة، وبات في مكانه، الذي يليق به ولا يليق بها.

مسحت دمعتها حينما أعطت بوابة القصر ظهرها، ثم أمرت رِجالها بخشونة.

- جهِّزوا للإعلان!

-أمرُكِ سيدتي القائدة.

أطاع أحدهم أمرها وانطلق إلى تنفيذه في الحال، قصدت السوق حيث يجتمع أغلب الناس هناك، وحيث جهَّزَ رجالها المكان للإعلان.

فورما رأوها عرفوا من هي، قائدة المُتمرِّدين الحسناء، إلتفَّ الناس، الذين جمعهم رجالها، حولها، ثم هي هتفت بهم.

- على حياتكم، وأعراضكم، وأموالكم الأمان من أي تهديد كان حتى لو كان منّا، ستتخلصون منا قريبًا وما عاد هناك داعٍ أن تخافوا منّا.

أنا أقف هنا لأعلن لكم أنَّ جلالة الملك بيكهيون تيمور خان ما زال حي، نحن كُنّا نحميه لدينا، واليوم أخيرًا إستطعنا أن نُعيده إلى عرشِه.

أي أنَّ زمن الأمير تشانيول قد ولّى، والآن أنتم تحت حُكم جلالة الملك بيكهيون مُجدَّدًا، وسنكون شوكة في حلوقكم لو حاولتم التمرُّد عليه مُجدَّدًا، سنعود عليكم مثل الكابوس.

الآن بلادكم تحتاجكم، وجيشكم يحتاجكم، وملككم يحتاجكم، وأنتم تحتاجون بعضكم البعض؛ لذا لا تفكروا إلا بمستقبلِ اليوان وحسب.

نحنُ المغول حكمنا العالم، ولن نسمح لأي حرب أن تَحكُمنا... أثبتوا قوَّتكم وولائكم للملك من جديد.

وأخيرًا؛ كل من كان يعمل في القصر الملكي، أو في جيش الملك، أو في أي وظيفة حكومية قبل الإنقلاب يعود إلى منصبه، وكل من وظف بعده يُحال إلى مرحلة الإختبارات مُجدَّدًا، كما أن الملك قد أصدر العفو العام عن كل الساسة والموظفين المساجين المُخلصين له، وكل من وضع ظُلمًا في السجن.

ووعد جلالة الملك بيكهيون تيمور خان أن جميع العائلات المُتضرِّرة سيعوضها ويساعدها. ورويدًا رويدًا؛ ستعود الأوضاع إلى سابق عهدها وأفضل.

نزلت هيريم عن المنصة وهي تسمع هتاف الشعب المُتحمِّس، أما الأفراد المنكوبين فلا شيء قادر على تعويضهم عن نكباتهم المريرة.

السيف بيدِها، والدروع الحرب على جسدها، وشعرها تذروه الرياح كيفما يُريد، وأخيرًا إبتسامة سعيدة ودمعة حزينة بنفسِ الوقت.

قادت جنودها، وإنسحبت من القصر، سلَّمت الحِراسة في القصر إلى حرسِه الأصليون، وحينما وقفت على عتبةِ القصر للمرة الأخيرة تنشَّقت نفسًا عميقًا، ثم تردَّد صوتها في نفسها.

-هذا سيكون آخر نفس أتشاركه معك يا بيكهيون!

إنسحب المُتمرِّدين من القصر عند حلول الغروب، ثم إنسحبوا عن حدود العاصمة عند حلول مُنتصفِ الليل.

ليلًا؛ عادت هيريم وحدها إلى المقر، حيث تركت هناك تايهيونغ يحرسه، الذي فورما رآها هرع إليها في قلق يتسآل.

-ماذا حصل؟

تبسَّمت هيريم رُغم الإرهاق الشديد وربَّتت على كتف تايهيونغ تقول.

-نحنُ لا نخوض حروبًا خاسرة أبدًا يا تايهيونغ، عاد صاحب الجلالة إلى عرشِه.

تبسَّمَ تايهيونغ إبتسامةً عريضة، ثم زفر بإرتياح.

-أسرَّتني الأخبار!

سارت إلى الداخل تقول.

-الآن علينا أن نُعيد أفراد العائلة المالكة إلى القصر بأمان، قبل طلوع الفجر يجب أن يكونوا في القصر.

أخفض تايهيونغ بدنه بإحترام للقائدة يقول.

-سأبدء التنفيذ فورًا!

دخلت هيريم تقصد العيادة، حيث تركت الوزير الأول جيون جونغكوك قبل عِدة أيام، طرقت الباب تستأذنه الدخول، ثم حينما دخلت أطرقت رأسها له في إحترام.

-سيدي الوزير؛ عليكَ أن تعود إلى القصرِ حالًا.

وقف جونغكوك بصعوبة بسببِ جروحه إلا أنَّهُ كان يبتسم بإشراق.

-هل انتصرتُم؟

أومأت له وأجبرت نفسها على الإبتسام، فجمع كفّيه بسعادة ولولا أنها إمراة لعانقها.

-متى سنذهب إلى القصر؟!

-الآن!

أومئ لها سريعًا، وتجاوزها مُغادِرًا العيادة. تبعته إلى الخارج، ورأته يعانق زوجته الأميرة في سرور، التي نقل لها الخبر تايهيونغ.

تبسَّمت في غِبطة، وللحظة تمنَّت لو أنَّ بيكهيون رَجُلًا عاديًّا يمكنها أن تحبه بلا قيود وشروط.

نظرت إلى أطفال بيكهيون الصغار، تؤم الفتيات وولي العهد، ثم ربتت على رؤوسهم تخبرهم.

-الآن ستعودوا إلى القصر يا صغاري!

بدؤوا يقفزون في مكانهم بسعادة حتى ظهرت الملكة راهي وسحبت ابنها ولي العهد من قُرب هيريم.

قبل أن تخرج هيريم مع عائلة الملك وقفت مع تايهيونغ.

-تعلم ماذا ستفعل الآن وإلى أين ستذهب بعد ذلك، أليس كذلك؟!

أومئ لها.

- نعم سيدتي؛ أراكِ على خير!

تقدَّمت هيريم من حصانها وصعدته، وانطلقت خلفها ثلاثة هوادج للأميرات الأربع والملكة راهي وولي العهد، حصانها يسير في المقدمة وإلى جانبها حصان جونغكوك، فيما عدد يفوق المائة جندي يحيط بالعائلة الملكيّة، كذلك أونو معهم.

في منتصفِ الطريق؛ ومن حيث لا تدري هيريم شعرت بأن أحد قريب، وما إن إلتفتت تتفحَّص حتى شعرت خلفها بوزن ثقيل، ثم سقطت هيريم مع حصانها أرضًا.

كان الأمير تشانيول فوقها وسيفه على رقبتها، وعيناه يملأها الحقد، صرخت في رجالها بلا إهتمام لما سيحدث لها.

-لا تقلقوا بشأني واذهبوا!

صرخت بهم مجدَّدًا حينما رأت الأشجار فوقهم يتساقط منها الرِّجال كالثمار.

-اسرعوا!


..........................

يُتبَع...

"الحُب والحرب"

العنقاء||The Emperor's Return

3rd/December/2021

...........................


*تنفض الغُبار وبيوت العنكبوت عن الباب وتدخل بشجاعة*

سلاااااااااام❤

*تتحاشى كل ما يقذفه الجمهور*

كم لبثنا؟!
اشتقت💔

عنجد الإحباط واليأس عدو الكاتب اللدود، مثل سيف يقتل كل الشغف والعطاء الي فيه.

الأحداث تلي صارت مع روايتي الجديدة قفلتني من الكتابة، وبصعوبة شديدة قدرت أجبر حالي أني أكتب ولهيك الفصل ما طلع زي ما بدي.

ميرسي إز آسف...💔😭

المهم؛ أوعدكم ما رح أتأخر مرة ثانية لهدرجة هاي.

الفصل القادم بعد 150فوت و400 كومنت.

1.رأيكم ببيكهيون؟

2.رأيكم بجونغكوك؟

3.رأيكم بهيريم؟

4.رأيكم بتشانيول؟

5.رأيكم بأحداث الحرب؟ وماذا سيحدث بعدها؟

6.شو رح يعمل تشانيول بهيريم؟

7. رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love❤









© Mercy Ariana Park,
книга «العنقاء/ The King's Return».
CH27||ساعة الحِساب
Коментарі