ما قبل الإحتراق
CH1||سياسة التَّمرُّد
CH2||الملك أيضًا أب
CH3||بِدء التنفيذ
CH4||كرامة الملك
CH5||تأثير الفراش
CH6||اسم الملك
CH7||الإمبراطور
CH8||نِصف قمر دموي
CH9||على حافة الهاوية
CH10||العرش يهتز
CH11||عصر من الظلام
CH12||قلبي يتمزَّق
CH13||جِراحُ المَلِك
CH14||العنقاء إحترق
CH15||شرانق عواطف
CH16||إبنة الكهوف
CH17|| الحب في سيماءه
CH18|| القلوب تبكي
CH19||الحيرة والحب
CH20|| المُفارقات
CH21|| البطلة
CH22||سيّدة التَّفرُّد
CH23||شُعلات حُب وحرب
CH24||كش ملك
CH25||خيبة
CH26||الحُب والحرب
CH27||ساعة الحِساب
CH28||عجز
CH29|| مُنكسرة الفؤاد
CH30||زمهرير
CH6||اسم الملك
بيون بيكهيون|| الإمبراطور

بَطَل:

العنقاء|| The King's Return





"اسم الملك"


















"الوزير جيون!"

كان بَصر الوزير مُنخفِضًا عن الأميرة عندما نبست باسمه بنبرةٍ مُستنكِرة، ثم انحنى لها على مَرأى الجميع وهمس.

"سمو الأميرة؛ أرجو أنَّكِ بخير"

إنقبضت ملامحها وابتلَّت عيناها، تستنكر خلفه.

"بخير؟!"

تقدَّمت منه، وسحبت الصولجان؛ لتُسقِط بها قُبَّعةِ الشَّرف عن رأسه وصاحت به.

"شُلَّت يداك! هل تواطئت مع هؤلاء الخَونة وخُنتَ أبي؟!"

سُرعان ما ركع أمامها ونفى رُغمَ شعوره بالإذلال، فهذهِ القُبَّعة التي أسقطتها عن رأسِه تُمثِّل شرفِه وقيمته بين الناس.

"لا سموِّك! دعيني أشرح لكِ ما حدث!"

استنكرت.

"تشرح! أُغرُب عن وجهي فقط!"

جونغ إن، الذي يقف بعيدًا مُتَّكئًا على الجدار، وكز خصر سيهون بمقبض سيفه وهمس له.

"ما هذهِ الأميرة الشَّرِسة؟!
أخشى أن تنفجِّر من الغضب فنغرق في دماءها المُعطَّرة!"

"ليس وقت عبثك"

نبس سيهون بنبرته الباردة والجادّة كما دومًا، وجونغ إن برم شفتيه ونبس.

"لا أُحبُك... لستَ مُمتِعًا!"

هيريم تقدَّمت لتقف خلف الوزير، الذي ما زال يركع والصولجان على رقبته، إنحنت للأميرة ثم أقامت عودها تقول.

"يُمكننا أن نشرح، ولو رأيتِ أن ما فعلناه خطأ؛ سنُعيدُكِ إلى القصر المَلكي ونُسلِّم أنفُسنا"

الجميع نظر إلى هيريم بقلق، لم يَكُ عليها أن تذهب إلى هذا الحد، ولكن يبدو أن الأميرة وافقت، فزعيمة المُتمرِّدين هذهِ وضعت رِهانًا عظيمًا.

أنزلت الأميرة الصولجان عن رقبةِ الوزير جيون، ثم إتَّكَزت عليه تتنهَّد.

"حسنًا، سأسمعُكِ لكن اوفي بوعدِك إن ما استطعتِ أن تُقنعيني!"

تبسَّمت هيريم وأومأت برأسها.

"بالطَّبع سمو الأميرة... تفضَّلي من هُنا"

نظرت بيكهي لآخرِ مَرّة نحوَ جونغكوك، ثم سارت إلى حيثُ تدُلَّها الزعيمة.

وَلجت الأميرة قاعة الإجتماعات المُخصصة بالكهف، تلك التي تتوسطها طاولة طويلة من الخشب، وتُحيطها صولجانات مرفوع على قِممها الشَّمع لإضاءةِ المكان.

جلست على رأسِ الطاولة حيثُ أشارت لها هيريم أن تجلس، والثلاثة جلسوا بجوارها، هيريم على يمينها، وسيهون وجونغ إن على يسارها.

الآن بيكهي تعرف كيف تبدو زعيمة هذهِ العصابة، لكن ليس بعد مع هذين الرَّجُلين، الذين يضعان الأقنِعة على وجهيهما.

تستطيع أن تُميّز فقط أن أحدهما شاحب يفوق الثاني طولًا وله عينان حادتان، والآخر أسمر وله عينان عميقتان.

"اخلعا الأقنعة أولًا ثم نتكلَّم"

أنزل سيهون القِناع عن وجهه بلا تردد تبعه جونغ إن الذي لوما كانت التي تجلس أمامه أميرة لغمز لها وأوقعها في حبه، لكنه لا يُحِب الأميرات.

نظرت لكليهما تحفظ ملامحهما في رأسها، ثم أومأت ليباشروا في الحديث.

"مبدأيًّا؛ لِمَ أنا تحديدًا؟ لماذا قُمتُم بخطفي؟"

أجابتها هيريم.

"لو لم نفعل نحن لخطفكِ الأمير تشانيول"

إستنكرت الأميرة تقول.

"عمّي! تقصدين عمّي الأمير تشانيول!"

أومأت لها هيريم، وذلك ما لم تكن بيكهي قادرة على تصديقه، إذ ضربت بكفّيها الطاولة، ثم وقفت تنظر إلى هيريم بغضب.

"نَفِّذي وعدِك، اعديني إلى القصر وسلِّمي نفسِك أنتِ وجماعتِك!"

حينها تدخَّل سيهون في الحديث، إذ عقد كفّيه فوق الطاولة، وتحدَّث بنبرةٍ ثابتة وهادئة فيما ينظر أمامه، نحو لا أحد تحديدًا.

"نحنُ لم نختطفكِ لنلهو، نحن إختطفناكِ لِنُنقِذكِ وجلالة الملك من مَكيدةِ الأمير تشانيول"

"ماذا تقول أنت؟"

نبست بإستنكار، فرفع سيهون نظره نحوها، حينها رأت هاتين العينين الحادَّتين بوضوح، وشعرَّت بالقوّة، التي تكمُن في حدقتيه الداكنتين.

"الأمير تشانيول طلبكِ كمُكافئة لنجاحاتِه الأخيرة عندما ضَمِّ مملكة سيلا لحُكم اليوان، لكن الملك رفض، ونحن نملك الدليل أنَّهُ فعل... تفضَّلي انظري بنفسِك"

سلَّمها مكتوب كُتبَ فيهِ أحداث تلك الجلسة في البلاط الملكي، وعليها ختم الملك؛ لذا لا مجال لأن تكون منسوخة أو مُقلَّدة.

إرتجفت أناملها بينما تقرأ المكتوب، ثم وضعته على الطاولة وضمَّت يدها بِقبضة؛ لعلها إستطاعت أن تُسيطر على إنفعالها، لكن لا نفع.

جلست على المقعد مجددًا، وخبَّأت وجهها بين كفّيها تقول.

"وما الذي كان يُخطِّط له؟"

جونغ إن رفع ساق فوق الأُخرى، وعقد ساعديه إلى صدره بينما يبتسم لها بطريقة مُتعالية؛ لم يسبق لأحد أن تبسَّم في وجهها بهذهِ الطريقة، لكنَّه تجرّأ!

"ضربتِ الوزير جيون، وأذللتِ شرفه أمام الجميع، رُغم ذلك هو من سيشرح لكِ البقيّة، أنا أُريّح حُنجرتي كي أُغني ليلًا"

لكم سيهون فخذ أخاه ونبس.

"أيها الأحمق، هذه الأميرة، تكلَّم معها بأدب!"

صفعه جونغ إن على قِفا رأسه وقال.

"لي عينان تنخران جُمجُمتي، واستطيع أن أرى أن هذهِ الأميرة أيها الأحمق، دائمًا تُخبرني أشياء أعرفها!"

وقف جونغ إن، فيما سيهون قد أغمض عينيه يَرُص على أسنانه، ويَضُم قبضتيه في غضبٍ جَم، لولا الأميرة لنهض وقطع لسان هذا المُتعجرِف بسيفه، لكن صبرًا فقط...صبرًا!

جونغ إن نبس فيما يُقدِم على الرحيل.

"أنتُم لستُم مُمتعين، أنا سأذهب لألعب مع الأطفال، سأبعث الوزير جيون إليكم!"

هيريم، التي تصبَّغ وجهها بالخزي، إنحنت برأسها تعتذر من الأميرة.

"نحن آسفون سمو الأميرة، اعذري أخي، إنَّهُ جاهِل!"

الأميرة إكتفت بإيمائة بسيطة، ثم بعد فينة؛ ولج الوزير جيون، جلس بجانب سيهون ثم باشر يشرح.

"الأمير يُخطِّط لإنقلاب عسكري وسياسيّ ضد الإمبراطور؛ ليعزله عن عرشه ويصبح هو الإمبراطور؛ وسموِّك كُنتِ مرحلة البِدء بالتّنفيذ بالنسبةِ إليه، أراد أن يختطِفك ليلوي بكِ ذراع الإمبراطور، ويَمسَّ شرفه بالباطل"

تبللت وجنتا الأمير بفعل الدموع ونبست.

"لا أُصدِّق! هل هذا حقيقي!"

"أنا آسف سموَّكِ!"

صمت الجميع، ومنحوها الوقت لتبكي حتى تقدر أن تستجمع قِواها مُجددًا.

"وماذا بعد ذلك؟"

قال سيهون.

"نحنُ نُخطِّط أن ن....."

نبست بيكهي مُتفاجئة.

"هذا سيكون خطير جدًا!"

هيريم عن الجانِب الآخر همست.

"لو كنتِ قَلِقة بشأنِنا فلا تقلقي رجاءً! نحنُ سنكون بخير، ولو تعرَّضنا للخطر فسلامة الإمبراطور هي الأولى بالنِّسبةِ لنا"

تنهدت بيكهي، ومسحت آثار الدموع عن وجنتيها، تكاد لفرطِ القلق أن تفقد رُشدها، لكن هؤلاء الجماعة يبدون واثقون وشُجعان، كما أن الوزير يدعمهم.

...

بعد وقت؛ خرجت بيكهي لتقف قُرب فوهة الكهف، ورأت الشاب الأسمر الوقح يجمع الأطفال من حوله، ويُغني لهم.

كانت تنظر في المكان الغريب والجديد عليها، لم يُسبق لها أن نامت خارج حدود القصر، فوالدها حازم بالنِّسبةِ لهذه الشؤون، والآن تختبر شيئًا جديدًا عليها؛ المَبيت في كهف يقع في قلبِ الأدغال.

نظرت خلفها؛ لترى مصدر الحركة القريب منها؛ وإذ به الوزير جيون، تنهدت بيكهي ونظرت أمامها مُجددًا.

"ربما أكون الآن أتفهمك، لم تملك حلًّا آخر، لكن كيف نثِق بهم؟"

"لا أدري سموِّك، لا أملكُ دليل ملموس على صِدقهم، لكنّي أعلم أن عليهم دَينًا لجلالةِ الملك، ويريدون تسديده عبر إنقاذه من الإنقلاب العسكري المُحاك ضِدَّه"

"وما هو هذا الدَّين؟"

"لستُ أعلم سموَّكِ، لم يُطلعوني عليه مُسبقًا"

إلتفتت له الأميرة وقالت.

"قد لا يسدّونَ دَينًا نافع، قد يخدعونا"

تنهد جونغكوك ثم نبس.

"أنا لا أملك سوى أن أثق بهم سموَّكِ، ولا أظن أنَّكِ تملكين خيارًا آخر بما أنَّكِ أصبحتِ هُنا بالفعل"

تنهدت بيكهي في قلق وخوف، لهذه الجماعة تاريخ طويل في التَّمرُّد وارتكاب الجرائم، لطالما شكَّلوا أزمة داخليّة أقلقت الإمبراطور بحدِّ ذاتِه، الآن كيفَ تُصدِّقهُم بهذه السهولة؟

أحسَّ جونغكوك بخوفها فاتبع يقول.

"لو أرادوا قتلنا لفعلوا مُسبقًا؛ ربما نحنُ لا نعرفهم كفايّة"

طريقة واحدة فقط يمكنهم من خلالها أن يثبتوا ولائهم، لو تحققت أقوالهم ونجحوا في حماية الإمبراطور.

تنهدت الأميرة للمرّة الأخيرة ونبست.

"رُغم ذلك، دعنا دومًا مُحتاطين!"

.................


عودةً إلى القصر؛ فالأوضاع في تأزُّمٍ شديد؛ إذ لم يمضي شهر على إختفاء الوزير جيون، والآن تختفي الأميرة بيكهي أيضًا.

أمرَ الإمبراطور بالتحقيق بالقضيّة ونشر فِرق تَقصّي في كُلِّ أنحاء العاصمة؛ بحثًا عن الأميرة المفقودة، وبنفسِه تقصّى بالحرم المَلكي بعونِ غِلمانه وسيدات البلاط.

لم يترك مكانًا لم يبحث به، لكن لا شيء.

ركضت ناحيته إحدى سيدات البلاط تُعلمه ببصرٍ مُنخفِض.

"مولاي؛ حُرّاس الأميرة إستيقظوا"

هرع بيكهيون إلى حيثُ الحُرّاس، الذين فشلوا في حماية إبنته.

دخل إليهم، فوجدهم يقفون جنبًا إلى جنب، هُم حارسان وثلاث سيدات بلاط... إنقضَّ بيكهيون على تلابيب قميص أحد الحارسين، ويكاد أن يخنقه بقبضتِه القويّة.

"ما الذي حدث تلك الليلة؟"

حافظ الرَّجُل على بصرِه مُنخفض عن مولاه وأجابه.

"لقد كانت إمرأة صبيّة تحمل الشاي إلى الأميرة، لكننا عندما منعناها من الدخول هاجمتنا، ثم تبعها رَجُلين مُلثمين إلى داخل جناح الأميرة"

أفلته بيكهيون، دعك وجهه بعصبيّة مُفرِطة ثم نبس.

"هذا آخر ما تتذكَّره؟!"

تكلَّم الرَّجُل.

"سمعتها تقول لأحدهم احمي الأميرة، ثم رأيت الأميرة فاقدة الوعي على ذراعي رَجُل شاب"

صاح بيكهيون بالجميع.

"إذًا أحدهم تجرّأ وخطف ابنتي!"

إنحنى الجميع له بأبدانٍ ترتجف مُعتذرين، لكن الملك خرج يتجاوزهم جميعًا، وذهب إلى الملكة ناري.

فتح بوابة جناحها على مِصراعيها، فرآها تجلس أرضًا تُحطنها خادِماتِها وتبكي، أسرع بيكهيون نحوها ثم أقامها من ذراعيها، أخافها، وأخاف طفلتيه الصغيرتين بايان ولايان، كذلك سيدات البلاط خرجن فورًا.

قبض بيكهيون على ذراعيها بقوّة، ونفضها بين يديه فيما يتكلَّم بغضب.

"هل كانت تخرج ابنتِك من القصر دون علمي؟!

هل تجرّأتِ أن تستَّرتِ عليها بأي شيء، أو غافلتِني وجعلتِها تمرح في الخارج؟!"

همست ناري وهي تبكي.

"لم يحدث أبدًا مولاي!"

صاح في وجهها ونفضها مُجددًا، فصرخن طفلتيه في خوف، وهُن يقفن خلف ناري يتمسَّكن بثوبها، وينظرن إلى والداهن مرعوبتين.

"قولي الحقيقة الآن وإلا عذَّبتُك!"

إزداد نحيب ناري بين يديه.

"أقسم بحياة بناتي الثلاث وحياتك أنّي لم أغافلك في شيء أو تستَّرتُ عليها في شيء، أرجوكَ صدِّقني مولاي!"

أفلتها بيكهيون بقوّة، فتراجعت تفقد توازنها لكن بناتها الصغيرتين تمسكتا بقدميها وأخذن يبكين، وأما بيكهيون فسار يمنحها ظهره وهو يشد على قبضتيه.

رَبَّتت ناري على رأسي طفلتيها، وهمست تتحدَّث إلى زوجها فيما تبكي.

"مولاي، أنت تعرف أخلاق ابنتكَ جيدًا، هي فتاة مؤدَّبة وصالحة، لا يُمكِن أن تُقدِم على فعلٍ خسيس يمِس شرفك، أنت تعلم ذلك بالفعل!"

إلتفت لها بيكهيون وتنهد، ثم أخفض بصره ناحية طفلتيه، اللاتي يتمسَّكنَ بثوب أُمهن، وحينما لحظن أنه ينظر لهن أخفضن رؤوسهن في خوف.

مسح بيكهيون على وجهه وتنهد مُجددًا، ثم إقترب منهن، وجلس القُرفصاء ليدرك طولهن، الفتيات إختبأن خلف والدتهن، لكن بيكهيون تمسَّك بأيديهنَّ الصغيرة ونبس.

"أنا خائف وقلق على أُختُكن بيكهي، لذا تصرَّفتُ هكذا، أبوكن يعتذر، لم أُرِد أن تخفن مني"

نظرن إليه فقال.

"والآن أريد عناق ودود من بناتي الجميلاتي يمدني بالقوّة كي أجد بيكهي"

فتح ذراعيه لهن فتقدَّمنَ منه وعانقنه.

"أبي، لا تغضب من أمي، هي لا شأن لها، كذلك لا تغضب من بيكهي عندما تجدها"

قالت بايان ذلك، فربَّت بيكهيون عليهن، ثم أستقام، نظر إلى زوجته التي ما زالت تبكي، مسح دموعها بإبهاميه وربَّت على وجنتها كما لو أنَّهُ يعتذر دون كلمات، ثم خرج من جناحِها يقول لخادِمه.

"حَضِّر لي حصاني والرِّجال!"

"أمرُكَ مولاي!"

.......................

في مجلسِ الأمير تشانيول؛ يحتشِد موالينه في سهرٍ وطَرَب بين أفواه الكؤوس وأعناق بائعات الهوى والمحظيّات.

تشانيول في قِمَّةِ المَجلِس مُترفِّع عن الجميع بجلسته، أمامه طاولة قصيرة الأقدام يصطف عليها ما أشتهى وطاب من الطعام والشّراب، وعلى يمينه ويساره فتاتين؛ هُنَّ من محظيّاتِه التّابِعات لحرمِه الملكيّ

يجلس على فرشٍ أرضي باذخ وفاخر، وها هو يرفع نخبًا على شرفِ الأميرة الضائع، ربما إنزعج لأنه لم يَكُ من هَتَكَ عِرض الملك، ولكن طالما أنَّهُ أُنتُهِك فهذا أمرًا يدعو للإحتفال، رأس الملك الآن بالأرض، وعِرضه قد فُضِح هكذا.

نقرَ على كأسِه نَقرتين؛ ليجذب إنتباه رِجال مَجلِسه الغارقين في أحضان الفتيات، وعندما إستحوذ على إنتباههم؛ تحدَّث وهو يبتسِم إبتسامة خبيثة، فيما هو يستند على مَسند بمرفقِه، وخلفه تجلس محظيّة تُمسِّد كتفيه، وأخرى فاتنة الجمال تجلس قربه، ليُقبِّلُها كلما اشتهى.

"كما تعلمون جيدًا أن خُطتنا في هتكِ عِرض الملك قد فشلت، وذلك بفضل الوزير الأحمق هذا"

أشار ناحيته تشانيول بيده، التي يحمل بها كأس خمر، فتوجَّهت كل الأنظار إليه، والأخير أخفض رأسه بحرج، وإزدرئ جوفه.

سُرعان ما إستحوذ تشانيول مُجددًا على إنتباه الجميع حينما قال.

"لكن كما يبدو؛ نحنُ لسنا الوحيدون الذي نُريد التخلُّص من هذا الملك الفاشل، لأن هناك من خطف الأميرة بالفعل، وأنا بصراحة أنوي إستغلال الأمر لصالحنا"

تسآل إحدى موالينه.

"وكيف ذلك سيدي؟"

تبسَّم تشانيول ثم قال.

"اجعلوا الشائعات تَجُب البلاد، أن الوزير جيون هرب من القصر، وخطط لخطف الأميرة معها بإتفاق لأنهما عُشاق، اتهموهما بالزنا، وحرِّضوا الشعب ليطالبوا بإعدام كليهما"

رفع أحدهم كأسه ضاحكًا.

"كما هو متوقع من الأمير الثُّعبان... أنتَ الأدهى مولاي!"

رفع تشانيول كأسه نخبًا؛ لتنفيذ خُطط الشَّر هذهِ، وفعلوا موالينه من بعده، طال السهر والسَّمَر حتى إنصرف الجميع، وظلَّ الأمير مع محظيّاتِه في سهر وسمر.

"مولاي، جلالة الملك أصبح في الحَرم الملكي"

عقد تشانيول حاجبيه، لكنه سُرعان ما تبسَّم وأومئ، ثم تكلَّم إلى محظيّاته.

"احملن طاولة الخمر بعيدًا وعُدن إلى غُرفكن"

إنحنين له، ثم سِرنَ لتنفيذ أوامره، ثم بعد ذلك؛ دخل الملك إلى مجلسه يقتحمه، ولم تخفى عليه آثار الإحتفال في المكان... كانوا يحتفلون بمُصيبته!

ذلك ما كلَّفه سوى أن إبتسم ساخرًا وتقدَّم من تشانيول، الذي ما زال يجلس، وما وقف لتقديم إحترامه لمولاه.

جعل بيكهيون يديه خلف ظهره، ونبس بنبرةٍ هادئة.

"هل تجرؤ ألا تقف لتحيَّتي وتبقى جالسًا بينما أنا واقف؟!"

"اعذرني جلالتك، إنّها آثار الشراب!"

تبسَّم تشانيول، ثم وقف لينحني له، وما إن رفع رأسه كان سيف الملك على رقبتِه، وذلك ما جعل تشانيول يستعيد وعيه أخيرًا، وعيناه تتسِع بقلق.

"تعلم أيها الأمير أن لمولاكَ أعداءٌ كُثر، منهم شُجعان جعلوني أعرفهم، ومنهم جُبناء يختبأون في أحضان النِّساء مني كي لا أعرفهم"

همس تشانيول وشعر بالقلق، فيبدو أنّهُ المقصود بالعدو الجبان.

"ماذا تقصِد جلالتك؟"

همهم الملك قبل أن يُتبِع بنبرة بدأت تَحتَد.

"أقصِد أن أعدائي الذين أعرفهم شُرفاء، يقاتلوني بشرف وشجاعة في ساحة المعركة، إما أغلبهم أو يغلبوني، لن يكيدوا لي في ابنتي، لكن عدو جبان وحقير هو من سيكيد لي في ابنتي، لأنَّ مثل هذا الفعل الخسيس يأتي من عدو خسيس فقط!"

إزدرئ الأمير رمقه وهمس.

"هل تشك بأحد مولاي؟"

جعل الملك السيف على رقبةِ الأميرة حتى أنَّهُ جرحه، ثم قال بنبرة حادّة يُهدِّد.

"لو أمسكتُ بدليل بحجم خُرم إبرة أنَّكَ الفاعل لن أتردد في إعدمك أمام العامّة يا ابن عم!"

أبعد بيكهيون سيفه عن رقبة تشانيول، والآخر ابقى رأسه منخفضًا، والغضب كالنّار تنهش صدره، لكنه لن يجرؤ أن يفعل شيء الآن.

أدبر الملك من مجلسه ثم سمعه يأمر رِجاله.

"فتِّشوا حرم الأمير من أبوابه إلى محارِبه، وضعوه في إقامة جبريّة حتى آمُر بِفضِّها، ممنوع أن يدخل في قصره أحد، وممنوع أن يخرج أحد سوى الأميرة رايناه وحدها، تخرج وتدخل بصُحبة حاشية من قصري"

"اللعنة!"

ضرب تشانيول بيدِه الطّاولة أمامه في غضب، ووقف يلهث أنفاسه بسبب الغضب... هذا الملك نهايته أصبحت وشيكة بالفعل!

.................


في اليوم التَّالي؛ وتحديدًا في ساعات الصباح؛ خرجت هيريم من مَقرَّهم المؤقَّت -الكهف- إلى سوق المدينة بِصُحبةِ شقيقها الأكبر سيهون؛ للتَّقصّي عن آخِر الأخبار الدائرة.

كانت هيريم كما دومًا ترتدي زيَ رَجُل، وتنتعِل نَعلَ رَجُل، بجوارِها سيهون، وكلاهُما يضعان قُبَّعات، ويرفعان اللِثام على وجوههما.

"أنت!"

ركلت هيريم بقدِمها إحدى العربات المُحمَّلة بالبضائع، التي تأخذ منها نصيب من المال.

"هات حِصَّتي من المال"

رمقها الرَّجل الواهن بخوف، ثم قدَّم لها كيسًا من القُماش به الأموال بيد ترتجِف، ألقت الكيس إلى سيهون، ثم رفعت سبابتها بوجهِه تُحذِّر.

"عندما أعود سأعُدَّ المال، وإن كان يَنقُص يانغ واحدًا سأقتُلك!"

نفى الرجل بيديه سريعًا وقال يتوسَّل.

"أقسم لكِ يا سيدتي أن حِصَّتكِ من المال كاملة، لا تنقُص ولا يانغ واحد، يُمكنكِ أن تُفتِّشي دفاتر التَّسجيل، رجالكِ مسؤولين عنها على آية حال!"

أومأت هيريم تقول.

"حسنًا أُصدقُك!"

أشارت هيريم لإحدى رجالها، الذين يعملون في السوق أن يتبعها بينما تُدبِر مع سيهون، فأومئ لها ثم تبعهما مُتخفيًا، وقف الثلاثة خلف إحدى الدكاكين بعيدًا عن أعيُن الناس، حينها سيهون سأل الرجل بعدما تقفّى بِبصرِه عن أي جاسوس.

"ما الأخبار في السوق؟"

"سيدي؛ هُناك أقاويل كثيرة بشأن الأميرة بِكر الملك والوزير جيون الذي إختفى، الناس يقولون أنهما هربا معًا، ويجرمونهما بالزِّنا، كما أنهم يتحدَّثونَ حول مطالبهم بإعدام الأميرة والوزير، وعن عِرض الملك الذي لُطِّخ، وعدم كفائته لحل الأزمات الداخليّة."

أومئ سيهون وقال.

"حسنًا، عُد إلى موقعك"

أومئ الرَّجُل ثم غادر بعيدًا عن الأعيُن، وسيهون وهيريم أخذا يتجولان بالسوق مُستطلعان، تنهدت هيريم وقالت.

"هذهِ أفعال الثُّعبان تشانيول، لا يصدُر فعلًا خسيس مثل هذا إلا من شخص خسيس مثله"

كانا يسيران جنبًا إلى جنب، وكل واحد منهم يحمل سيفه على خصرِه، سيهون همس فيما يسير ويديه خلف ظهره، وعيناه تجولان في المكان بهدوء.

"نحنُ علينا أن نتصرَّف بهذا الشأن قبل أن يَتَّخِذ الملك قرارًا بإعدام الأميرة والوزير، هو مُحاصر الآن بالفعل"

أومأت هيريم ونبست.

"دعنا نلعب الليلة إذًا!"

تبسَّم سيهون، ثم ربَّتَ على رأسها يقول.

"أُختي الصَّغيرة شُجاعة!"

تبسَّمت هيريم لأخيها ولم تسترسِل، لكنها توقفت عندما سمعت رِجال مجتمعون حول طاولة في رُدهة إحدى المطاعم يتحدَّثون.

"ابنة الملك باغيّة... لا أصدق!"

"إنها كذلك؛ رغم أنها تلقَّت تربية مَلكيّة، غير عاديّة!"

"لو أنَّها ابنتي لقتلتُها!"

"لكن يبدو أن الملك ليس كفؤ كفايّة ليعدم ابنته أو حتى يجدها، أليس كذلك؟!"

أخرجت هيريم سيفها، وبلا أن تتردد ولو لثانية حتى؛ وضعته على عُنقِ آخر رجل تحدث، فشهق الرجال جميعًا، ووقفوا في خوف.

"من الذي ليس كفؤ؟ ومن الباغيّة؟

قُل كلامك هذا بوجهي مرة ثانية لو تجرّأت!"

رأى شِعار جماعة المتمرِّدون على سيفها، إنَّه نِصف قمر دمويّ، فإرتجف حنكه وجمع كفّيه بتوسل.

"أنا آسف سيدتي، لا تقتُليني!"

رفعت السيف عن عُنقه، ولكنها تعمَّدت أن تشرخ أديمه فيه قبل أن ترفعه عنه، وتقول بصوت جهور ليصل كُل الناس، ومن لا يصلَهُ صوتها سيصلَهُ سيفها.

"إن تجرّأ أحدهم وثَرثر في عِرض الملك وإستحقاقه للعرش مُجددًا لن أتردد في سحقِ جُمجُمته، تفهمون!"

الجميع أنزلوا رؤوسهم بخضوع، ثم سيهون رمى بسيفه في منتصف السوق لينغرز بالأرض ويقف شامخًا، عليه رمز المُتمرِّدين، هذهِ إشارة وتهديد واضح، من لا يأتي معه الكَلم سيأتي معه السيف بنتيجة؛ هذه معناها.

أطبِق فمك أو سأُطبِق على روحك!

عاد سيهون وهيريم إلى كهفهم، وهُناك كان بإستقبالهما جونغ إن، طلب منهم الإجتماع فورًا، وبحضور الأميرة بيكهي والوزير الشّاب جيون إجتمع الثلاثة.

قال جونغ إن.

"بعد مُغادرتكما؛ وصلت رسالة عبر الحَمام الزّاجِل من حرمِ الأمير تشانيول، تقول فيها رفيقتنا، التي تعمل هناك، أن الأمير جمع أعوانه ليلفِّقوا تُهَم خيانة وزِنا للأميرة والوزير"

وقفت الأميرة وصاحت.

"ماذا تقول أنت؟"

أومأت هيريم وقالت بعدما تنهدت.

"بلغتنا الأخبار، إنَّها مُنتشِرة بالسّوق بالفعل!"

أدمعت عينا بيكهي وجلست مجددًا، نبرة صوتها ترتجف كذلك يديها.

"وما العمل الآن إذًا!"

نظرت لها هيريم ونبست.

"لا تقلقي، نحنُ سنتصرَّف!"

وقف الوزير جيون وقال.

"سأعود إلى القصر وأُبرّئ اسم الأميرة بنفسي!"

سيهون قال رافضًا.

"لا، لو ذهبت ستُقتَل قبل أن تُقابل الملك"

جونغ إن قال، وبان جادًا حول الأمر، وذلك من الأمور النادِرة فعلًا، فالمسألة جديّة وخطيرة كفاية ليكون جادًا حولها.

"دعونا نفعل شيئًا إذًا!"

سيهون أومئ وقال.

"حَضِّر حَمَلَة الأسهُم، وليحملوا معهم أعلامنا، مائة عَلَمَ سيكفي"

نهضت هيريم وقالت.

"دعونا إذًا نبدأ بالتحضير لِمُهِمَّتِنا"

خرجت يتبعها جونغ إن، إلا أن سيهون بقيَّ ليشرح للأميرة والوزير.

"كُنا نُفكِّر أن نفعل شيئًا الليلة، لكن غدًا صباحًا في وقت إجتماع البلاط الملكي؛ سنُبرّأ أسميكُما، لا تقلقا، وإما أمر النّاس فتدبرناه، لا يجرؤ أحد أن يأتي بسيرتكما في الباطل بعد الآن"

الوزير جيون قال.

"دعوني أساعدكم!"

نفى سيهون رافضًا وقال.

"لا يُمكِن أن تأتي معنا، لكن يُمكنكَ أنتَ والأميرة أن تعلموا ماذا نحنُ بفاعلين، يمكنكما الإنضمام إلينا الآن فقط، حياتكما في غاية الأهمية، لا يُمكِن تعريضكما للخطر"

حمل سيفه الجديد عن الطاولة ثم نبس.

"والآن سأُغادر للتحضير للمُهِمّة!"

.................


يُتبَع...

18/Feb/2021

الفصل السّادِس "اسم الملك"
الرواية التاريخيّة "العنقاء|| The King's Return"



...............

سلاااااااام

ميرسي أريانا إز سوري *تتحاشى البيض النيئ*

والله الأفكار جاهزة والإلهام ماشي حاله بس ميرسي كسول يكتب بنشاط وخصوصًا بعدما نشرت قصة قصيرة جديدة بحكاية الألحان.

الشي الثاني إنو عنجد شكرًا على تفاعلكم الحلو على الرواية، أخييييرًا الرواية إلها مُتابعين وجمهور.

I'm so happy!😭💔

كمان لسة الأبطال ما التقوا... معلش🌚

طبعًا في أسئلة شوية صغيرة مزعجة... زي سؤال مين البطلة؟
إقرأي تقرير الرواية بتعرفي مين البطلة👊

وشي ثاني مزعج أكثر، الأشخاص الي بحكولي اعملي كذا وسوي كذا وهاي ما تموتيها وهاي اعمليها فيها كذا وكذا...

فيكم تحكوا توقعاتكم دائما لأنها طبعا بتساعدني وبحب اسمعها، لكن سير الأحداث أنا بقرروا... لا يمكن لأحد التدخل بهذا الشي.

ممكن كان كلامي شوي قاسي لهيك بعتذر لو آذاكم لكن بعض الأشياء مؤذية بالنسبة لي كمان...

وأخيرًا الفصل القادِم بعد 90 فوت و90 كومنت.

1.رأيكم بِ:

بيكهيون؟
تصرفه مع ناري؟
تصرفه مع تشانيول؟

تشانيول؟
خُططه الخبيثة؟

بيكهي وردة فعلها على إختطافها؟

هيريم؟
سيهون؟
وجونغ إن؟

كيف سيبرأون الأميرة والوزير من التهم الموجهة لهم؟

رأيكم بالفصل وتوقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love❤


© Mercy Ariana Park,
книга «العنقاء/ The King's Return».
CH7||الإمبراطور
Коментарі