CH11||وجوه جديدة
" وجوده جديدة"
" ثقي أنكِ مهما عثتِ بقلبي حباً فأنني أستطيع أن أنتزعكِ لو أردت، ها أنا أنتزعك"
أحراجٌ كثيفة لا تسمح لضوء الشمس أن يتسلل عبرها، تنتشر العتمة بين الروانق و المرافق رغم أنها ساعات الصباح الباكر.
آخر ما تذكره أنه حينما حلّ الليل و دمس الظلام النور؛ إقترح الرجل الذي يرافقهما أن تنام الفتاتين أسفل شجرة ظِلها عالٍ يقيهما من شمس الضحى و ما بعدها من شموس، ثم وضع بكرم رجلٍ نبيل عبائته فراشاً لهنَّ، ثم قال أنه سيتولى حراستهنّ، و لأن الهروب أنهكن نمنّ على أمانته.
جلست ميريانا على عبائته و آيلا ما زالت نائمة بجانبها، نظرت ميريانا فيما حولها تبحث عن ذلك الرجل لكنها لا تراه في الجِوار، وكزت آيلا توقظها حتى نهضت.
" هيا انهضي، يبدو أن الرجل غادر و تركنا وحدنا و لا آمن أنه ليس منهم، لذا علينا أن نهرب من هنا قبل أن يصلوا الحُماة إلينا"
أومأت آيلا تزفر أنفاسها بنُعاس ثم نهضت ترتب شعرها و تنهدم ثوبها مما أثاره النوم من فوضى بها، تحركت الفتاتين متشابكتيّ الأيدي معاً بين هذه الأحراج الكثيفة التي لا يُميَّز بها طريق.
" كيف سنتجه الآن؟! و أين ذهب ذلك الرجل؟!"
تنهدت ميريانا بدلاً من أن تمنح شقيقتها جواباً إذ هي لا تملك واحداً، إنما هي خائفة على أختها و على نفسها، فهي بالتأكيد لن تأمن على نفسها و شقيقتها في مكانٍ خاوٍ أجنبي عنها كهذا، و تخشى أن تصدق بأنها في كوكب آخر بالفعل، فهي لم ترى سيارة واحدة منذ أن أتت.
بينما الفتاتين تسيران بين الأحراج بلا واجهة سمعنّ صوت صهيل خيل كثيرة آتية، فشددت ميريانا على يد شقيقتها و ركضت بها بعيداً عن صوت الصهيل إلى مكانٍ يختبئن فيه.
سريعاً ما ميريانا جذبت شقيقتها إلى قعر جذر شجرة مُعمِرة و أختبأنّ فيها، وضعنّ الأيدي على الأفواه و تلاصقن أكثر كلما أقترب صوت صهيل الخيل يستترن كي لا يكشفن.
لكن الخيل فجأة توقف أمام الجذع مباشرة، ثم هبط فارس بعباءة سوداء عنه، و حينما إنحنى على ركبتيه لينظر إليهنّ ما كان يظهر منه سوى عيناه الرمادية و لِثام غليظ على وجهه.
إختبأت آيلا بظهر ميريانا لشدة خوفها من ذاك الفارس صاحب العينين الرمادتين، و لأنها لا تعرف سوى رجلاً واحد بأعين رمادية إزدادت خوفاً و تشبثت بأملٍ ضئيل أنه ليس هو، لكنه بدد أملها حينما أنزل اللِثام عن وجهه و ابتسم، كِلتا الفتاتين شهقن بخوف شديد.
" بيكهيون!"
تبسم ثم لوح لهنّ بكفه المُلثم قائلاً.
" مرحباً سمو الأميرات!"
نظرنّ في بعضهنّ بعجز، ثم بيكهيون أمسك بيد آيلا، فتراجعت سريعاً و هي على مشارف البكاء تتمسك بثوب ميريانا، خرجت ميريانا من جوف الجذع تتبعها آيلا، ثم وقفنّ الفتاتين أمامه و آيلا بظهر ميريانا.
" لن نذهب معك، آيلا لا تريدك"
إتسعت إبتسامته أكثر و مال برأسه ينظر إلى آيلا بنظرات غريبة و كأنه يستفسر عن صِحة قول ميريانا من ملامحها رغم أنه يحيط بها بعلمٍ من مُسبق، حتى ميريانا خافت منه فما كانت ملامحه ليّنة إنما قاسية بشكلٍ غريب، ما كان وحده، كان بصُحبة رجال كُثر، جميعهم يضعون لِثاماً و يرتدون ذات العباءة.
أمسك بيد آيلا من جديد و حالما تحركت ميريانا لدفعه أمسك بمعصمها هي الأخرى و جذب الفتاتين بقوة إليه حتى كدنّ أن يسقطنّ عليه، لقد إستخدم قوة غير عادية، هو لربما إستعان بقوته لإيجادهن و القبض عليهن.
" خذوا الأميرتين إلى القصر، و لا تسمحوا لهنّ بالخروج"
نزلوا الرجال من على خيولهم و تولى أحدهم حمل ميريانا على كتفه، بينما آيلا فلم يفلتها بيكهيون، إنما هو رفعها من خصرها و وضعها على مقدمة حصانه، ثم صعد خلفها و أمسك بها جيداً و انطلق.
كانت صامتة، ساكنة، و مستسلمة لما سيحدث، سيتزوجها؟ فليكن!
سيعاقبها؟ فليكن!
سيحبسها؟ فليكن!
لا فائدة من الإمتناع و المقاومة طالما هي واقعة بين يديه واقعة.
ما تحركت و لو قيد نتفة و لا صاحت، و هو إقترب ليحتك صدره بظهرها فتنفست بإضطراب، ربما هي لا تخشى شيء الآن إنما تخشاه.
..................
إستنفار تام بالقصر، تشانيول لا يهدأ و بيكهيون اختفى مع ثُلة من العسكر يبحثون في المملكة، أصرّ سوهو على تشانيول أن يبقى في القصر، لولا ذلك لخرج مع بيكهيون.
في قاعة الحُماة، جلس كل منهم على عرش قوته يتبادلوا الصمت لا الحديث، هناك خطة يجب وضعها بإستراتيجية محكمة لكنهم عاجزون.
عجزهم نابع من أن مصيبة وقعت، خيارين أحدهما صحيح، إما أن الفتاتين قد مُتنّ أو عدنّ للأرض، وقف تشانيول فجأة و قال.
" أنا سأعود للأرض أبحث عنهن هناك."
تنهد كريس و نفى قائلاً.
" لا نفع لذلك يا تشانيول، قدرتك على الشعور بها و التحكم بها لن تعمل على الأرض، و هي بالتأكيد لن تختبئ بمكان تدركه أنت، إن ذهبت عليكَ أن تجوب الأرض حتى تجدها، هذا في حال إفترضنا أنها عادت بأختها، و لكن كيف ستعود؟! لا وسيلة للعودة سوى عبرنا!"
إحتدت ملامح تشانيول لا بقصد التعدي إنما قلقاً، لكنه فوجئ بنفسه و فاجئ الآخرين حينما إنتشرت الهالة الحمراء بقوة غير مسبوقة من حوله.
" أتقول أن ميريانا قد ماتت؟!"
وقفوا الحُماة سريعاً و اقترب سوهو إليه بحذر قائلاً.
" سيطر على نفسك يا تشانيول، لا تجعلها تسيطر عليك، هو بالتأكيد لم يقصد أنها توفت، إنما أمر عودتها إلى الأرض مستحيل، لو عادت فأحدنا خائن"
نظر تشانيول إلى سوهو و ما زالت تلك الهالة تشع منه فأومئ إليه سوهو أن يهدأ، تنهد تشانيول و أخذت تلك الهالة تتلاشى حتى عاد إلى وضعه الطبيعي.
جلس على عرشه و وضع وجهه بين كفيه يشعر بالضياع، ثم همس بعد أن هدأ و قرر أنه سيحكّم عقله لا قلبه في هذا الوقت.
" كريس معه حق، لا يمكن أن يكون بيننا خائن لذا لا يعقل أنهن على كوكب الأرض، و بما أني لا أشعر بها فعلى الأرجح أنها ما عادت حيّة، فلنبحث بجد، ربما أنا لشدة توتري و خوفي عليها لا أستطيع أن أشعر بها، أرجو أن تكون بخير و ألا تكون قد ماتت"
أومئ إليه الحُماة موافقين بصمت و تبادلوا النظرات خفيّةً عنه، لا تضعف قوته بضعف مشاعره، لا تخطئ قوته إن كان خائفاً، الأمر أكبر بكثير من ذلك.
قال سوهو بعد فينة.
" لقد طلبتُ من الوالدة أن تأتي، تعلم يا تشانيول أنه حرصاً منا على بروتوكل المملكة اضطررنا لإحتجازها بقصرك."
أومئ تشانيول و تنهد، أنه يعي سياسة البروتوكل في مملكة الكوكب الضائع، و بالتأكيد هو لن يخرقها إذ أن وظيفته الأساسية حماية سير البروتوكل دون معرقلات.
دخلت السيدة يتبعانها رجلين من الحراس على باب جناحها المحتجزة فيه، انحنى الحرس و انسحبوا و تركوها وحدها بين إحدى عشرة حامياً جميعهم ينظرون لها.
تعلم أنها ستستجوب و ربما لا يسير الأمر بطريقة لائقة، ربما تتعرض للتعذيب، ربما هم لن يصدقونها، لكنها لا تملك سوى إجابة واحدة توافق الحقيقة.
أنهم جميعاً ينظرون لها و ينتظرون سماع إفادتها بمكان إبنتيها و حسب.
قالت بينما هي مشغولة بتفريغ توترها بكفيها.
" أنا لا أعلم أين هربنّ الفتاتين و لمن إلتجأنّ، هنّ لم يخبرنني حتى أن علاقتي معهنّ تراجعت منذ أتيتم بنا إلى هنا، ميريانا لا تستمع إليّ و آيلا بصفها، أرجو ألا تقسوا بحكمكم عليّ و لا على بناتي حينما يعدنّ، إنهنّ لا يدركن طبيعة الأمور هنا و ميريانا بطبيعتها فتاة ثائرة لا تقبل أن تُقيد بما تكره و لا تعيش إلا على هواها، أرجو تفهم ذلك"
كان لوهان ينظر إليها ظاهراً و ينظر في عقلها فعلياً بينما هي تتحدث، و نعم كانت صادقة و لا تعلم شيء عن بناتها، إنما هي منخرطة بذات الصدمة التي يعيشونها، و خائفة ذات الخوف الذي يشعرون به.
أومئ لوهان بأنها صادقة للحُماة و ها بعضهم يتنهد بهمٍّ من جديد، نزل تشانيول من عرشه و اقترب إليها، فأنكست برأسها أكثر و تراجعت عنه، تخشى أن تُزج بالسجن و تتعرض للتعذيب، و تخشى أن إبنها الجديد سينسى الوِصال بينهم و يعاملها كنجرمة، لكنه منعها عن التأخر حينما أمسك بكتفيها ثم بلطف رفع وجهها إليه ليقول.
" لا تقلقي يا أمي، أنا سأعيد ميريانا و آيلا إليكِ، حينئذ توليّ أنتِ معاقبة المشاغبتين"
تبسمت في وجه هذا الشاب اللطيف، أنه زوج إبنتها فابنها في المقام الأول، أقرب إليها من أن يكون حامي بلاد أو مسؤول موكول بمهامٍ كبيرة.
" احضر لي بناتي يا تشانيول"
أومئ إليها و تنهد ثم أشار لها بالإنصراف بعدما طمأنها، و انصرفت و في عينيها بعض الدموع العالقة، خوفاً و خذلاناً، ما كان على ميريانا أن تهرب من أرضه إلى أرضه، لن تستطيع الخروج مهما حدث، الأهم أن ميريانا ليست تلك المرأة الهادئة، إنها تثور و لا يُقاد عليها.
بعد أن خرجت السيدة وقف لوهان فجأة على قدميه محموماً فتطلعوا إليه الحُماة، لوهان قادر على قراءة أذهنة شعبه أجمعين، و الآن إلتقط إشارة.
نادى الحرس بغلظة فدخلوا فأمرهم.
" صائغ في توبيا احضروه إلى هنا، أنه تاجر المجهورات الرئيس في اللمملكة، الآن أريده هنا"
استوقف الحرس كاي و أمرهم بالإنصراف ثم إلتفت إلى لوهان و قال.
" سأكون أسرع في جلبه، دُلَّني فقط"
أومئ لوهان و دلّه، و قبل أن ينتقل كاي أمسك تشانيول بعضده و قال.
" دعني أذهب معك"
وافق كاي حينما أمسك بيد تشانيول و إختفيا كلاهما من قاعة الحُماة، ثم بقوة هبطا على أقدامهم واقفين في محل المجوهرات و كان فيه بعض الناس.
سرعان ما نظر الجميع مدهوشين إلى الرجلين من الحُماة، و بإعجاب تطلعا إلى ذلك البريق على جفونهم و ألوانهم الفريدة.
لكنهم بدوا محتدين، جديين، و ليسوا في حال يسمح لهم بمقابلة بعض الناس من شعبهم، تقدم الشابين إلى الصائغ ثم قال تشانيول.
" نحن ملكي النار و التنقل، أتينا لأخذكَ معنا"
أومئ الرجل و أزدرئ جوفه بينما هو كالجميع مسحور بهما، فاقترب كاي ليمسك بيده و انتقل ليكونوا في قاعة الحُماة من جديد.
وقف الرجل مدهوشاً على قدميه عنوة، و لولا أن كاي ما زال يمسك بيده لوقع الرجل صريعاً أرضاً.
لم يُسبق لإحدٍ من الشعب أن رأى الحُماة عن هذا القرب، أو رأى تلك القاعة التي تنسج عليها أخيلتهم صوراً بهيّة، رغم ذلك كانت أبهى مما تصوروا.
تحدث لوهان فتوجه بصر الرجل إليه، و أخرجه من تأمل جمال القاعة و بذخها إلى سحره الخاص.
" لحظتك تفكر بفتاة ذات شعر أحمر"
أومئ الرجل فهو يعلم أن لوهان الحامي يقرأ ما في الذهن من أفكار.
" نعم مولاي"
تقدم لوهان إلى الرجل و نظر في عينيه عن قرب، ببطئ زال البياض من عينيه و إتسعت حدقتيه حتى ملئت محجريه، هكذا يقرأ الأفكار.
" سيعيدونك الحرس إلى متجرك"
دخل الحرس و سحبوه إلى الخارج، ثم تحرك لوهان ليجلس على مقعده و تحدث.
" لقد ذهبت إليه ميريانا بالفعل و آيلا، و أرادت أن تبيع عِقد الزواج الذي في عنقها، لكن الرجل رفض شرائه، و على هذا الحال هربت لكنه لا يعرف أين"
إنتشر الصمت لوهلة حتى تحدث تشانيول من جديد، تشانيول ما كان متفاجئاً أنها عرضت عِقداً قيّماً -لا بمادته و حسب- للبيع، بما أنها لا تحبه و لا تقدر رِباط الزواج بينهما فهي ستبيع العقد و تبيعه أيضاً و لن تهتم، تلك ميريانا و هي يعلم لأي إمرأة وقع و بأي تزوج.
" إذن هي وصلت إلى قعر السوق حيث متجره، أظن أننا كُنّا في غفلة حينما هربنّ فلقد مضى وقت طويل حتى إكتشفناها، لا أعرف كيف لم أشعر بها تهرب!"
ربتَّ كاي على كتفه و تحدث.
" ليس ذنبك، لم تكن يقظاً حينها، و لم تتوقع أن تهرب، فلم يسبق لإحدى نسائنا أن هربنّ منّا، و أين ستذهب؟! إنها على أرضنا لا محالة، سأذهب بنفسي الآن أبحث عنها"
وقف كريس قائلاً.
" و أنا سأطير في السماء بحثاً عنهنّ"
أومئ لإخوانه و هم واسوه بتربيتاتهم و غادروا ليبحثوا عنهنّ، لكن تشانيول ما كان قادراً أن يبحث، شعر بالعجز فحسب، لذا هو توجه إلى جناحه بإيدي و عزمٍ خاوٍ.
عاد إلى جناحه بعد أن عاث العجز به خراباً، إرتمى على سريره و الجميع يبحث، لا يدري من أين يأتيها، يستطيع ان يطير مع كريس بحثاً عنها فقِواهما مرتبطة لكنه عاجز فحسب، لا يقوى على فعل شيء.
تسلل إلى نفسه الغضب منها بينما هو غارق في رائحتها المكتنزة في أغطية السرير، ما كان عليها الفرار منه و هو لا يرهقها بوجوده.
يقدر رفضها، يفهمها، في سبيل إحضارها خسرت منزلها، و عملها، و شهاداتها، و كل أحلامها، خسرت كل ما ثابرت للحصول عليه و حصلت عليه وحده، لكنها لا تريده و هو يتفهم ذلك.
هو لن يتفهم أن تهرب منه بلا واجهة في أرضه، أينما هربت تبقى في أرضه، لا عودة لها لمنزلها إن ما أعادها بنفسه، إنما هي تعرض نفسها للخطر فحسب.
و بعد أن فكر ملياً بأمرها نهض عن سريره، و وضع على جسده بزّته العسكريّة ثم خرج، أمر الحرس أن يجتمعوا أمام بوابة القصر، سيذهب بنفسه كي يبحث عنها.
أتوا حرسه بخيله الأصيل فعرج عليه ثم انطلق برجاله في أرض المملكة، فجأة أنبت جناحيه الأسودين يتخللهما شراراً ثم طار في سماء مملكته و ترك حصانه مع حرسه، هم سيبحثون في مدّ بصرهم و هو سيبحث في مدّ بصره، لعلّ حِسه إلتقاطها إن بات قريباً.
بجناحيه العظيمين طار فوق الأسواق و المساكن، و ما كان يسمع صوت تحيات شعبه فهم ميزوه في سمائهم، لأنه مشغول بما هو أهم، بإيجاد ملكته، بإيجاد الأميرة.
.................
حالما أصبحت تُبصر من بعيد بناء شاهق لكنها لا تميزه شعرت بيده على عينيها يعمي رؤيتها، فشهقت بخفة ثم شعرت به يقترب أكثر حتى يهمس بأذنها بصوتٍ رخيم لم تعتاد عليه، إنما هو بدى أكثر ثِقلاً، أكثر غضباً.
" لا تتفوهي بحرف، تفهمين يا أميرتي"
أومأت فابتسم بخفة و بشفاهه التي تلامس أذنها همس.
" أحسنتِ فتاتي المطيعة!"
لم تنبس بحرف لأنها خائفة و تشعر بالغرابة، فتحت عيناها حينما رفع يده عنها فشهقت مجدداً متفاجئة.
متى وصلت الجناح؟!
كيف بهذه السرعة؟!
و متى نزلت عن الحصان و أصبحت على ذراعيه؟!
لا تدري!
وضعها على السرير و بقي منحنياً عليها، وضعت يدها على صدره تحاول دفعه عنها، لكنها فشلت و ما تحرك منه إنشاً، حينها رفعت عينيها إلى عينيه و همست.
" إبتعد عني"
إرتفع شِدقه بإبتسامة مائلة و كأنه في طلبها وجد ما يحقرها عليه، رفع أنامله ليمررها على وجنتها و قال.
" و لِمَ أبتعد؟! لو أنكِ ما هربتِ مني لكنتِ الآن على هذه الحال، لكن بلا ثوبكِ هذا الذي يضايقني"
وضعت يدها على صدره و حاولت دفعه من جديد ثانيةً، و لكن بدلاً من أن تدفعه عنها دفعها هو، و دثرها عل فراشه، ففرت من فاهها صرخة خافتة، و لكنه بلا إهتمام إعتلاها.
تبسم بينما ينظر إلى صدرها يعلو و يهبط سريعاً، ثم رفع بصره إلى عنقها البضّ النابض بالحياة، ثم إلى شفتيها المرتجفتين ثم عينيها الخائفتين، و من جديد إبتسم، إبتسم مستلذاً بخوفها.
زلف بوجهه أقرب إلى وجهها فأغمضت عينيها و كمشت يديها بقوة.
" إبتعد عني، أرجوك!"
لكنه كان بليداً، و على أقصى حده مستمتع برجفتها بين يديه، مال برأسه إليها ثم إلتقط شفتيها بقبلة حامية.
وضعت يديها على صدره، و صرخت في جوفها تحاول دفعه و الخلاص منه، لكنه كان أقوى منها بكثير، أمسك بمعصميها و ثبتهما فوق رأسها حتى ينتهي، و عندما إنتهى ما ابتعد إنما شعرت به يبتسم على شفتيها.
إبتعد أخيراً و حسيس أنفاسها المضطربة يطئ وجهه، و لكنه ما زال مبتسماً بغرابه، قام على ركبتيه عنها ثم همس.
" الكثير من المُتعة بإنتظاري معكِ يا جميلة"
ما نبست بحرف إنما هي فقط حاولت تنظيم أنفاسها، أما هو فنهض عنها ثم خرج، و استمعت إلى صوت المفتاح يُدار بالباب، لقد حبسها للتو هنا و هذه المرة لن تخرج حقاً.
بالتأكيد ميريانا ليست بحال أفضل لتأتي إليها، الهروب مجدداً مستحيل فلا مكان لهنّ هنا، و لا يعرفنّ أحد كما أن الحُماة سيخنقوهن بقيودهم، لا عودة للمنزل أبداً، هذا ما أدركته آيلا للتو.
.............
رَجُلين ضِخام البُنيّة يمسكان بميريانا من عضديها، حتى وقفا أمام باب الجناح الشاهق الذي ستُحبس به من جديد.
" مولاي، لقد أعاد مولاي بيكهيون بالأميرة إلى القصر"
إزدرئت جوفها بخوف شديد حينما سمعت صوت دبّات حذاءه قويه على الأرض، ثم فتح الباب بقوة ليجدها بوجهه.
رفعت إليه بصرها رويداً رويداً، و حتى وقعت عينيها في عينيه علمت أنه غاضب جداً مما فعلته فملامحه الممتعظة لا تبشر بالخير، أمسك بعضدها بخشونة و أدخلها جناحه، ثم بعد أن أغلق الباب دفعها أرضاً بقوة فصرخت.
آخر ما تتوقعه أن يعنفها، يستحيل أن يودي به الغضب منها إلى تعنيفها...!
رفعت رأسها تنظر إليه متفاجئة من فعلته، فوجدته يقترب نحوها محموماً بالغضب و لا يبدو عليه الندم، إنما هو يخطط لفعل المزيد بها.
ما كادت أن ترفع ذراعها تحمي بها وجهها حتى أمسك بها و لواها خلف ظهرها، فصاحت من جديد و لكنها ما بكت و ذلك جعله يؤلمها أكثر.
أغمضت عينيها بقوة و رصّت على أسنانها تكتم وجعها بينما تحاول تحرير نفسها منه، لكن بلا فائدة، مستحيل أن تستطيع فعل ذلك.
" اللعنة عليك، اتركني!"
صرخت بها حينما فشلت بدفعه، فأدارها إليه و صفع وجهها بأطراف أصابعه، حينها لم تتحمل الضربة رغم خِفتها بالنسبة إليه فسقطت بلا وعي أرضاً.
وقف على قدميه يلهث أنفاسه بقوة بينما ينظر إليها فاقدة الوعي أرضاً، كان يلهث أنفاسه و بشرته متعرقة، رغم أنه ما وضع جهداً في تثبيتها و لا تعنيفها ثم إبتسم فجأة بينما ينظر لها.
حملها على ذراعه و ألقى بها على سريره، ثم خرج إلى شُرفة جناحه ينظر من خلالها إلى الخارج.
أتت في باله فكرة و عزم أن ينفذها...
بعد فينة إلتف إليها، ثم إقترب و حملها من جديد، و خرج بها إلى قاعة لا يعلم شكلها سوى أسياد القصر هذا.
وضعها على لوح زجاجي مثبت على بلورتين حمراوتين ضخمتيّ الحجم، فتح فستانها ثم جرّدها منه و أبقاها على اللوح.
رويداً رويداً شعّ اللوح باللون الأحمر، و شع رمز قوته المثبت داخل بلورة حمراء مُعلقة على الحائط ضمن البقية فابتسم.
تلك القوة التي بداخلها ليست بالشيء الهين كافية لإحراق الأرض و الكوكب الضائع معاً، عليه سحب هذه الطاقة منها بأسرع وقت، لكن كيف و هو لا يستطيع أن يلمسها؟!
أمسك بكتفها و أدراها ليستطيع النظر إلى وشمها، يضيء من شطر واحد و أغلبه مطفئ، أي أن الطاقة التي سحبت منها لا توازي أطلاقاً ما بقي فيها، و هذا السبب بأن شعرها للآن أحمر.
فكر ملياً بطريقة أخرى لكنه لا يجد، ربما هذا يحتاج إجتماعاً خاصاً في القاعة، لعل رِفاقه يجدون الحل مع هذه الطاقة النارية.
رويداً رويداً فتحت الأميرة عيناها فوجدت نفسها على سطح بارد و قِبالتها تشانيول ينحني عليها مُتكئً على اللوح الذي تنام عليه.
" ماذا حدث؟!"
همست بهذه بينما تمسك برأسها ثم تسلل إليها الشعور بالبرد و العُري، إتسعت عيناها و هي تنظر في إبتسامته التي ترفع شفتيه بشيء من الوقاحة، ثم شهقت بقوة حينما أدركت أنها بلا ثوبها.
أمسكت بثوبها الملقي بجانبها و تسترت به تنظر إلى تشانيول بلا تصديق، يستحيل أنه إعتدى عليها و قد آمنته على نفسها حتى لو أغضبته.
" أنت ماذا فعلت بي؟!"
تبسم إبتسامة لم تراها أبداً على شفاهه، و بدل أن يبتعد عنها إقترب حتى سقطت على اللوح من جديد و هو أعلاها بنصف جذعه.
رفع يده يتلمس بها وجنتها البعيدة بينما ينظر في عينيها، و كم تغريه نظرة الخوف التي ترمقه بها.
" ما يفعله أيُ رجل بإمرأته، ألا يحق لي؟!"
دفعته من كتفه فابتعد بإرادته، حينئذ نهضت عن اللوح و أخذت تتراجع عنه متسترة بالثوب، لمعت عيناها بالدموع و همست تستنكر.
" لقد وثقتُ بأنكَ لن تقترب مني طالما أنا لا أريد، لكن نفسكَ الرديئة التي وطأتني مرة رغماً عني، لا مشكلة أن تساورك مجدداً لتفعل ذات فعلتك بي مجدداً، أليس كذلك؟!"
قص من فرارها منه خطوات إستنزف فيها الكثير من شجاعتها، هي الآن بحق خائفة، الرجل الذي عنفها حتى فقدت وعيها و الذي يقف أمامها الآن بعد أن جردها من ثيابها ليس تشانيول الذي تعرفه، و إن غضب لا يودي به الغضب إلى هذا الحال.
أمسك بيديها مجدداً، قسقط الثوب الذي تستتر فيه و بانت بلا ثياب من جديد أمامه، إبتسم و بصره ينحدر على جسدها ثم رفعه مستلذاً إلى وجهها من جديد.
" تبدين شهيّة جداً و إن بدأتُ بكِ لن أكتفي بلُقم قليلة منكِ، إنني سألتهمكِ لذا يُفضل أن تضعي هذا الثوب عليكِ و أنا أراقبكِ"
أفلت يديها ثم تراجع ليجلس على اللوح و عينيه عليها، إرتدت الثوب أمامه بحرج شديد، و ما إن إنتهت حتى بكت لكن بلا حِس، لم تعش إهانة أكبر من هذه طيلة الخمسة و العشرين عاماً الذي مروا بحياتها.
أمسك بعضدها ثم سحبها معه خارج تلك القاعة الغريبة، أعادها إلى حيث كانت و ألقى بها داخل جناحه بقسوة جعلها ترتطم بالأرض، ثم أغلق عليها الباب و أعلن أنها سجينة جناحه.
جلست أرضاً و رفعت قدميها إلى صدرها لتُخبئ رأسها بين ركبتيها، ثم بكت و انتحبت و ارتفع صوتها.
" ما الذي فعلته أنا بنفسي؟! ما كان عليَّ أن أهرب!"
....................
حلّ المساء و ما عاد كل الحُماة بعد، إنما إثنين منهم ما زالوا غائبان، تنهد سوهو بينما ينظر عبر شُرفة الماما إلى مُقدمة القصر، لم يأتوا بعد و لقد تأخروا.
آتى حامي الأراضي دي او و وقف بجانب القائد، ربتَّ على كتفه و قال.
" لا تخشى شيء، أشعر بدبّات الخيول على الأرض، لقد أصبحوا قريبين من القصر"
نظر سوهو إليه و قال.
" ألا تشعر بالفتاتين؟!"
تنهد دي او و نفى فنظر إليه سوهو بعينين متسعة فقال.
" أقصد إن كنت تشعر بوجودهن بغض النظر عن قدرتك عن تحديد مكانهن"
نفى دي او مجدداً و قال.
" لا أشعر بهنّ على كوكبنا إطلاقاً"
سرعان ما تحرك سوهو ناحية سيهون و جذب إنتباهه حينما حط بيده على كتفه و قال.
" ألا تشعر بهنّ يتنفسن الهواء؟!"
نظر سيهون إليه بصمت فأدرك الجواب، لا يتنفسن على هذا الكوكب حتى.
" ها قد عاد تشانيول"
قالها دي او و ما إن إنتهى حتى حطّ تشانيول بجناحيه المشتعلين في الشُرفة، لملم جناحيه و دخل و علامات البؤس و اليأس تنتشر في وجهه.
" ألم تجدها؟!"
نفى تشانيول و قال.
" لا أجدهن، جِلتُ الأرض بأجمعها و لا أجدهنّ."
قاطع الحديث إحدى الجنود حينما دخل و قال.
" سموكم، سمو الأمير بيكهيون قد إختفى، و قد عادت الكتيبة التي إصطحبها للبحث عن الأميرتين و هو لم يعد معهم، يقولون أنه إختفى فجأة و قد أدركهم الظلام"
نظر الحُماة في بعضهم حتى قال لاي.
" أخشى أن القوة التي شحنّاه بها إنتهت لذا فقد وعيه و لم يدركوه الجنود"
نظر سوهو في السماء ثم قال مستعجباً.
" يستحيل! ما زالت السماء تضيء بنجومها و قمرها، أمرٌ آخر قد حدث له"
....................
سلااااااام
دخلتوا بالحيط و لا لسة؟!
ع فكرة الكاتبة كتبتلكم الفصل تحت تأثير ضغط نفسي شديد، كنت ممكن أقتلهم كلهم و أريح راسي.
لكن بعد الترايلر - مو التيزر- تبع إكسو نبضت الحياة بعروقي من جديد.
حضرتي بخون تشانيول مع سوهو، أني آسف😂♥️.
و في شغلة كثيرة مهمة بخصوص الرواية بس استنى تكتشفوها لحالكم، اذا اكتشفتوها بحكيلكم شو هي و تفاصيلها الفصل الجاي.
الفصل القادم بعد 80 فوت و كومنت.
١. رأيكم بتشانيول؟!
١.معاملته لميريانا بعد ما وجدها؟!
٢.قلقه و خوفه عليها و شعوره بالعجز و هي ضائعة؟!
٢. رأيكم ببيكهيون؟!
١.معاملته لآيلا حينما وجدها؟!
٢.ما الذي يقصدونه الحُماة أن بيكهيون اختفى؟!
٣.رأيكم بميريانا و آيلا في ظل هذه الظروف؟!
٤.رأيكم بالحماة و تعاضدهم لحل المصيبة؟!
٥.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
" ثقي أنكِ مهما عثتِ بقلبي حباً فأنني أستطيع أن أنتزعكِ لو أردت، ها أنا أنتزعك"
أحراجٌ كثيفة لا تسمح لضوء الشمس أن يتسلل عبرها، تنتشر العتمة بين الروانق و المرافق رغم أنها ساعات الصباح الباكر.
آخر ما تذكره أنه حينما حلّ الليل و دمس الظلام النور؛ إقترح الرجل الذي يرافقهما أن تنام الفتاتين أسفل شجرة ظِلها عالٍ يقيهما من شمس الضحى و ما بعدها من شموس، ثم وضع بكرم رجلٍ نبيل عبائته فراشاً لهنَّ، ثم قال أنه سيتولى حراستهنّ، و لأن الهروب أنهكن نمنّ على أمانته.
جلست ميريانا على عبائته و آيلا ما زالت نائمة بجانبها، نظرت ميريانا فيما حولها تبحث عن ذلك الرجل لكنها لا تراه في الجِوار، وكزت آيلا توقظها حتى نهضت.
" هيا انهضي، يبدو أن الرجل غادر و تركنا وحدنا و لا آمن أنه ليس منهم، لذا علينا أن نهرب من هنا قبل أن يصلوا الحُماة إلينا"
أومأت آيلا تزفر أنفاسها بنُعاس ثم نهضت ترتب شعرها و تنهدم ثوبها مما أثاره النوم من فوضى بها، تحركت الفتاتين متشابكتيّ الأيدي معاً بين هذه الأحراج الكثيفة التي لا يُميَّز بها طريق.
" كيف سنتجه الآن؟! و أين ذهب ذلك الرجل؟!"
تنهدت ميريانا بدلاً من أن تمنح شقيقتها جواباً إذ هي لا تملك واحداً، إنما هي خائفة على أختها و على نفسها، فهي بالتأكيد لن تأمن على نفسها و شقيقتها في مكانٍ خاوٍ أجنبي عنها كهذا، و تخشى أن تصدق بأنها في كوكب آخر بالفعل، فهي لم ترى سيارة واحدة منذ أن أتت.
بينما الفتاتين تسيران بين الأحراج بلا واجهة سمعنّ صوت صهيل خيل كثيرة آتية، فشددت ميريانا على يد شقيقتها و ركضت بها بعيداً عن صوت الصهيل إلى مكانٍ يختبئن فيه.
سريعاً ما ميريانا جذبت شقيقتها إلى قعر جذر شجرة مُعمِرة و أختبأنّ فيها، وضعنّ الأيدي على الأفواه و تلاصقن أكثر كلما أقترب صوت صهيل الخيل يستترن كي لا يكشفن.
لكن الخيل فجأة توقف أمام الجذع مباشرة، ثم هبط فارس بعباءة سوداء عنه، و حينما إنحنى على ركبتيه لينظر إليهنّ ما كان يظهر منه سوى عيناه الرمادية و لِثام غليظ على وجهه.
إختبأت آيلا بظهر ميريانا لشدة خوفها من ذاك الفارس صاحب العينين الرمادتين، و لأنها لا تعرف سوى رجلاً واحد بأعين رمادية إزدادت خوفاً و تشبثت بأملٍ ضئيل أنه ليس هو، لكنه بدد أملها حينما أنزل اللِثام عن وجهه و ابتسم، كِلتا الفتاتين شهقن بخوف شديد.
" بيكهيون!"
تبسم ثم لوح لهنّ بكفه المُلثم قائلاً.
" مرحباً سمو الأميرات!"
نظرنّ في بعضهنّ بعجز، ثم بيكهيون أمسك بيد آيلا، فتراجعت سريعاً و هي على مشارف البكاء تتمسك بثوب ميريانا، خرجت ميريانا من جوف الجذع تتبعها آيلا، ثم وقفنّ الفتاتين أمامه و آيلا بظهر ميريانا.
" لن نذهب معك، آيلا لا تريدك"
إتسعت إبتسامته أكثر و مال برأسه ينظر إلى آيلا بنظرات غريبة و كأنه يستفسر عن صِحة قول ميريانا من ملامحها رغم أنه يحيط بها بعلمٍ من مُسبق، حتى ميريانا خافت منه فما كانت ملامحه ليّنة إنما قاسية بشكلٍ غريب، ما كان وحده، كان بصُحبة رجال كُثر، جميعهم يضعون لِثاماً و يرتدون ذات العباءة.
أمسك بيد آيلا من جديد و حالما تحركت ميريانا لدفعه أمسك بمعصمها هي الأخرى و جذب الفتاتين بقوة إليه حتى كدنّ أن يسقطنّ عليه، لقد إستخدم قوة غير عادية، هو لربما إستعان بقوته لإيجادهن و القبض عليهن.
" خذوا الأميرتين إلى القصر، و لا تسمحوا لهنّ بالخروج"
نزلوا الرجال من على خيولهم و تولى أحدهم حمل ميريانا على كتفه، بينما آيلا فلم يفلتها بيكهيون، إنما هو رفعها من خصرها و وضعها على مقدمة حصانه، ثم صعد خلفها و أمسك بها جيداً و انطلق.
كانت صامتة، ساكنة، و مستسلمة لما سيحدث، سيتزوجها؟ فليكن!
سيعاقبها؟ فليكن!
سيحبسها؟ فليكن!
لا فائدة من الإمتناع و المقاومة طالما هي واقعة بين يديه واقعة.
ما تحركت و لو قيد نتفة و لا صاحت، و هو إقترب ليحتك صدره بظهرها فتنفست بإضطراب، ربما هي لا تخشى شيء الآن إنما تخشاه.
..................
إستنفار تام بالقصر، تشانيول لا يهدأ و بيكهيون اختفى مع ثُلة من العسكر يبحثون في المملكة، أصرّ سوهو على تشانيول أن يبقى في القصر، لولا ذلك لخرج مع بيكهيون.
في قاعة الحُماة، جلس كل منهم على عرش قوته يتبادلوا الصمت لا الحديث، هناك خطة يجب وضعها بإستراتيجية محكمة لكنهم عاجزون.
عجزهم نابع من أن مصيبة وقعت، خيارين أحدهما صحيح، إما أن الفتاتين قد مُتنّ أو عدنّ للأرض، وقف تشانيول فجأة و قال.
" أنا سأعود للأرض أبحث عنهن هناك."
تنهد كريس و نفى قائلاً.
" لا نفع لذلك يا تشانيول، قدرتك على الشعور بها و التحكم بها لن تعمل على الأرض، و هي بالتأكيد لن تختبئ بمكان تدركه أنت، إن ذهبت عليكَ أن تجوب الأرض حتى تجدها، هذا في حال إفترضنا أنها عادت بأختها، و لكن كيف ستعود؟! لا وسيلة للعودة سوى عبرنا!"
إحتدت ملامح تشانيول لا بقصد التعدي إنما قلقاً، لكنه فوجئ بنفسه و فاجئ الآخرين حينما إنتشرت الهالة الحمراء بقوة غير مسبوقة من حوله.
" أتقول أن ميريانا قد ماتت؟!"
وقفوا الحُماة سريعاً و اقترب سوهو إليه بحذر قائلاً.
" سيطر على نفسك يا تشانيول، لا تجعلها تسيطر عليك، هو بالتأكيد لم يقصد أنها توفت، إنما أمر عودتها إلى الأرض مستحيل، لو عادت فأحدنا خائن"
نظر تشانيول إلى سوهو و ما زالت تلك الهالة تشع منه فأومئ إليه سوهو أن يهدأ، تنهد تشانيول و أخذت تلك الهالة تتلاشى حتى عاد إلى وضعه الطبيعي.
جلس على عرشه و وضع وجهه بين كفيه يشعر بالضياع، ثم همس بعد أن هدأ و قرر أنه سيحكّم عقله لا قلبه في هذا الوقت.
" كريس معه حق، لا يمكن أن يكون بيننا خائن لذا لا يعقل أنهن على كوكب الأرض، و بما أني لا أشعر بها فعلى الأرجح أنها ما عادت حيّة، فلنبحث بجد، ربما أنا لشدة توتري و خوفي عليها لا أستطيع أن أشعر بها، أرجو أن تكون بخير و ألا تكون قد ماتت"
أومئ إليه الحُماة موافقين بصمت و تبادلوا النظرات خفيّةً عنه، لا تضعف قوته بضعف مشاعره، لا تخطئ قوته إن كان خائفاً، الأمر أكبر بكثير من ذلك.
قال سوهو بعد فينة.
" لقد طلبتُ من الوالدة أن تأتي، تعلم يا تشانيول أنه حرصاً منا على بروتوكل المملكة اضطررنا لإحتجازها بقصرك."
أومئ تشانيول و تنهد، أنه يعي سياسة البروتوكل في مملكة الكوكب الضائع، و بالتأكيد هو لن يخرقها إذ أن وظيفته الأساسية حماية سير البروتوكل دون معرقلات.
دخلت السيدة يتبعانها رجلين من الحراس على باب جناحها المحتجزة فيه، انحنى الحرس و انسحبوا و تركوها وحدها بين إحدى عشرة حامياً جميعهم ينظرون لها.
تعلم أنها ستستجوب و ربما لا يسير الأمر بطريقة لائقة، ربما تتعرض للتعذيب، ربما هم لن يصدقونها، لكنها لا تملك سوى إجابة واحدة توافق الحقيقة.
أنهم جميعاً ينظرون لها و ينتظرون سماع إفادتها بمكان إبنتيها و حسب.
قالت بينما هي مشغولة بتفريغ توترها بكفيها.
" أنا لا أعلم أين هربنّ الفتاتين و لمن إلتجأنّ، هنّ لم يخبرنني حتى أن علاقتي معهنّ تراجعت منذ أتيتم بنا إلى هنا، ميريانا لا تستمع إليّ و آيلا بصفها، أرجو ألا تقسوا بحكمكم عليّ و لا على بناتي حينما يعدنّ، إنهنّ لا يدركن طبيعة الأمور هنا و ميريانا بطبيعتها فتاة ثائرة لا تقبل أن تُقيد بما تكره و لا تعيش إلا على هواها، أرجو تفهم ذلك"
كان لوهان ينظر إليها ظاهراً و ينظر في عقلها فعلياً بينما هي تتحدث، و نعم كانت صادقة و لا تعلم شيء عن بناتها، إنما هي منخرطة بذات الصدمة التي يعيشونها، و خائفة ذات الخوف الذي يشعرون به.
أومئ لوهان بأنها صادقة للحُماة و ها بعضهم يتنهد بهمٍّ من جديد، نزل تشانيول من عرشه و اقترب إليها، فأنكست برأسها أكثر و تراجعت عنه، تخشى أن تُزج بالسجن و تتعرض للتعذيب، و تخشى أن إبنها الجديد سينسى الوِصال بينهم و يعاملها كنجرمة، لكنه منعها عن التأخر حينما أمسك بكتفيها ثم بلطف رفع وجهها إليه ليقول.
" لا تقلقي يا أمي، أنا سأعيد ميريانا و آيلا إليكِ، حينئذ توليّ أنتِ معاقبة المشاغبتين"
تبسمت في وجه هذا الشاب اللطيف، أنه زوج إبنتها فابنها في المقام الأول، أقرب إليها من أن يكون حامي بلاد أو مسؤول موكول بمهامٍ كبيرة.
" احضر لي بناتي يا تشانيول"
أومئ إليها و تنهد ثم أشار لها بالإنصراف بعدما طمأنها، و انصرفت و في عينيها بعض الدموع العالقة، خوفاً و خذلاناً، ما كان على ميريانا أن تهرب من أرضه إلى أرضه، لن تستطيع الخروج مهما حدث، الأهم أن ميريانا ليست تلك المرأة الهادئة، إنها تثور و لا يُقاد عليها.
بعد أن خرجت السيدة وقف لوهان فجأة على قدميه محموماً فتطلعوا إليه الحُماة، لوهان قادر على قراءة أذهنة شعبه أجمعين، و الآن إلتقط إشارة.
نادى الحرس بغلظة فدخلوا فأمرهم.
" صائغ في توبيا احضروه إلى هنا، أنه تاجر المجهورات الرئيس في اللمملكة، الآن أريده هنا"
استوقف الحرس كاي و أمرهم بالإنصراف ثم إلتفت إلى لوهان و قال.
" سأكون أسرع في جلبه، دُلَّني فقط"
أومئ لوهان و دلّه، و قبل أن ينتقل كاي أمسك تشانيول بعضده و قال.
" دعني أذهب معك"
وافق كاي حينما أمسك بيد تشانيول و إختفيا كلاهما من قاعة الحُماة، ثم بقوة هبطا على أقدامهم واقفين في محل المجوهرات و كان فيه بعض الناس.
سرعان ما نظر الجميع مدهوشين إلى الرجلين من الحُماة، و بإعجاب تطلعا إلى ذلك البريق على جفونهم و ألوانهم الفريدة.
لكنهم بدوا محتدين، جديين، و ليسوا في حال يسمح لهم بمقابلة بعض الناس من شعبهم، تقدم الشابين إلى الصائغ ثم قال تشانيول.
" نحن ملكي النار و التنقل، أتينا لأخذكَ معنا"
أومئ الرجل و أزدرئ جوفه بينما هو كالجميع مسحور بهما، فاقترب كاي ليمسك بيده و انتقل ليكونوا في قاعة الحُماة من جديد.
وقف الرجل مدهوشاً على قدميه عنوة، و لولا أن كاي ما زال يمسك بيده لوقع الرجل صريعاً أرضاً.
لم يُسبق لإحدٍ من الشعب أن رأى الحُماة عن هذا القرب، أو رأى تلك القاعة التي تنسج عليها أخيلتهم صوراً بهيّة، رغم ذلك كانت أبهى مما تصوروا.
تحدث لوهان فتوجه بصر الرجل إليه، و أخرجه من تأمل جمال القاعة و بذخها إلى سحره الخاص.
" لحظتك تفكر بفتاة ذات شعر أحمر"
أومئ الرجل فهو يعلم أن لوهان الحامي يقرأ ما في الذهن من أفكار.
" نعم مولاي"
تقدم لوهان إلى الرجل و نظر في عينيه عن قرب، ببطئ زال البياض من عينيه و إتسعت حدقتيه حتى ملئت محجريه، هكذا يقرأ الأفكار.
" سيعيدونك الحرس إلى متجرك"
دخل الحرس و سحبوه إلى الخارج، ثم تحرك لوهان ليجلس على مقعده و تحدث.
" لقد ذهبت إليه ميريانا بالفعل و آيلا، و أرادت أن تبيع عِقد الزواج الذي في عنقها، لكن الرجل رفض شرائه، و على هذا الحال هربت لكنه لا يعرف أين"
إنتشر الصمت لوهلة حتى تحدث تشانيول من جديد، تشانيول ما كان متفاجئاً أنها عرضت عِقداً قيّماً -لا بمادته و حسب- للبيع، بما أنها لا تحبه و لا تقدر رِباط الزواج بينهما فهي ستبيع العقد و تبيعه أيضاً و لن تهتم، تلك ميريانا و هي يعلم لأي إمرأة وقع و بأي تزوج.
" إذن هي وصلت إلى قعر السوق حيث متجره، أظن أننا كُنّا في غفلة حينما هربنّ فلقد مضى وقت طويل حتى إكتشفناها، لا أعرف كيف لم أشعر بها تهرب!"
ربتَّ كاي على كتفه و تحدث.
" ليس ذنبك، لم تكن يقظاً حينها، و لم تتوقع أن تهرب، فلم يسبق لإحدى نسائنا أن هربنّ منّا، و أين ستذهب؟! إنها على أرضنا لا محالة، سأذهب بنفسي الآن أبحث عنها"
وقف كريس قائلاً.
" و أنا سأطير في السماء بحثاً عنهنّ"
أومئ لإخوانه و هم واسوه بتربيتاتهم و غادروا ليبحثوا عنهنّ، لكن تشانيول ما كان قادراً أن يبحث، شعر بالعجز فحسب، لذا هو توجه إلى جناحه بإيدي و عزمٍ خاوٍ.
عاد إلى جناحه بعد أن عاث العجز به خراباً، إرتمى على سريره و الجميع يبحث، لا يدري من أين يأتيها، يستطيع ان يطير مع كريس بحثاً عنها فقِواهما مرتبطة لكنه عاجز فحسب، لا يقوى على فعل شيء.
تسلل إلى نفسه الغضب منها بينما هو غارق في رائحتها المكتنزة في أغطية السرير، ما كان عليها الفرار منه و هو لا يرهقها بوجوده.
يقدر رفضها، يفهمها، في سبيل إحضارها خسرت منزلها، و عملها، و شهاداتها، و كل أحلامها، خسرت كل ما ثابرت للحصول عليه و حصلت عليه وحده، لكنها لا تريده و هو يتفهم ذلك.
هو لن يتفهم أن تهرب منه بلا واجهة في أرضه، أينما هربت تبقى في أرضه، لا عودة لها لمنزلها إن ما أعادها بنفسه، إنما هي تعرض نفسها للخطر فحسب.
و بعد أن فكر ملياً بأمرها نهض عن سريره، و وضع على جسده بزّته العسكريّة ثم خرج، أمر الحرس أن يجتمعوا أمام بوابة القصر، سيذهب بنفسه كي يبحث عنها.
أتوا حرسه بخيله الأصيل فعرج عليه ثم انطلق برجاله في أرض المملكة، فجأة أنبت جناحيه الأسودين يتخللهما شراراً ثم طار في سماء مملكته و ترك حصانه مع حرسه، هم سيبحثون في مدّ بصرهم و هو سيبحث في مدّ بصره، لعلّ حِسه إلتقاطها إن بات قريباً.
بجناحيه العظيمين طار فوق الأسواق و المساكن، و ما كان يسمع صوت تحيات شعبه فهم ميزوه في سمائهم، لأنه مشغول بما هو أهم، بإيجاد ملكته، بإيجاد الأميرة.
.................
حالما أصبحت تُبصر من بعيد بناء شاهق لكنها لا تميزه شعرت بيده على عينيها يعمي رؤيتها، فشهقت بخفة ثم شعرت به يقترب أكثر حتى يهمس بأذنها بصوتٍ رخيم لم تعتاد عليه، إنما هو بدى أكثر ثِقلاً، أكثر غضباً.
" لا تتفوهي بحرف، تفهمين يا أميرتي"
أومأت فابتسم بخفة و بشفاهه التي تلامس أذنها همس.
" أحسنتِ فتاتي المطيعة!"
لم تنبس بحرف لأنها خائفة و تشعر بالغرابة، فتحت عيناها حينما رفع يده عنها فشهقت مجدداً متفاجئة.
متى وصلت الجناح؟!
كيف بهذه السرعة؟!
و متى نزلت عن الحصان و أصبحت على ذراعيه؟!
لا تدري!
وضعها على السرير و بقي منحنياً عليها، وضعت يدها على صدره تحاول دفعه عنها، لكنها فشلت و ما تحرك منه إنشاً، حينها رفعت عينيها إلى عينيه و همست.
" إبتعد عني"
إرتفع شِدقه بإبتسامة مائلة و كأنه في طلبها وجد ما يحقرها عليه، رفع أنامله ليمررها على وجنتها و قال.
" و لِمَ أبتعد؟! لو أنكِ ما هربتِ مني لكنتِ الآن على هذه الحال، لكن بلا ثوبكِ هذا الذي يضايقني"
وضعت يدها على صدره و حاولت دفعه من جديد ثانيةً، و لكن بدلاً من أن تدفعه عنها دفعها هو، و دثرها عل فراشه، ففرت من فاهها صرخة خافتة، و لكنه بلا إهتمام إعتلاها.
تبسم بينما ينظر إلى صدرها يعلو و يهبط سريعاً، ثم رفع بصره إلى عنقها البضّ النابض بالحياة، ثم إلى شفتيها المرتجفتين ثم عينيها الخائفتين، و من جديد إبتسم، إبتسم مستلذاً بخوفها.
زلف بوجهه أقرب إلى وجهها فأغمضت عينيها و كمشت يديها بقوة.
" إبتعد عني، أرجوك!"
لكنه كان بليداً، و على أقصى حده مستمتع برجفتها بين يديه، مال برأسه إليها ثم إلتقط شفتيها بقبلة حامية.
وضعت يديها على صدره، و صرخت في جوفها تحاول دفعه و الخلاص منه، لكنه كان أقوى منها بكثير، أمسك بمعصميها و ثبتهما فوق رأسها حتى ينتهي، و عندما إنتهى ما ابتعد إنما شعرت به يبتسم على شفتيها.
إبتعد أخيراً و حسيس أنفاسها المضطربة يطئ وجهه، و لكنه ما زال مبتسماً بغرابه، قام على ركبتيه عنها ثم همس.
" الكثير من المُتعة بإنتظاري معكِ يا جميلة"
ما نبست بحرف إنما هي فقط حاولت تنظيم أنفاسها، أما هو فنهض عنها ثم خرج، و استمعت إلى صوت المفتاح يُدار بالباب، لقد حبسها للتو هنا و هذه المرة لن تخرج حقاً.
بالتأكيد ميريانا ليست بحال أفضل لتأتي إليها، الهروب مجدداً مستحيل فلا مكان لهنّ هنا، و لا يعرفنّ أحد كما أن الحُماة سيخنقوهن بقيودهم، لا عودة للمنزل أبداً، هذا ما أدركته آيلا للتو.
.............
رَجُلين ضِخام البُنيّة يمسكان بميريانا من عضديها، حتى وقفا أمام باب الجناح الشاهق الذي ستُحبس به من جديد.
" مولاي، لقد أعاد مولاي بيكهيون بالأميرة إلى القصر"
إزدرئت جوفها بخوف شديد حينما سمعت صوت دبّات حذاءه قويه على الأرض، ثم فتح الباب بقوة ليجدها بوجهه.
رفعت إليه بصرها رويداً رويداً، و حتى وقعت عينيها في عينيه علمت أنه غاضب جداً مما فعلته فملامحه الممتعظة لا تبشر بالخير، أمسك بعضدها بخشونة و أدخلها جناحه، ثم بعد أن أغلق الباب دفعها أرضاً بقوة فصرخت.
آخر ما تتوقعه أن يعنفها، يستحيل أن يودي به الغضب منها إلى تعنيفها...!
رفعت رأسها تنظر إليه متفاجئة من فعلته، فوجدته يقترب نحوها محموماً بالغضب و لا يبدو عليه الندم، إنما هو يخطط لفعل المزيد بها.
ما كادت أن ترفع ذراعها تحمي بها وجهها حتى أمسك بها و لواها خلف ظهرها، فصاحت من جديد و لكنها ما بكت و ذلك جعله يؤلمها أكثر.
أغمضت عينيها بقوة و رصّت على أسنانها تكتم وجعها بينما تحاول تحرير نفسها منه، لكن بلا فائدة، مستحيل أن تستطيع فعل ذلك.
" اللعنة عليك، اتركني!"
صرخت بها حينما فشلت بدفعه، فأدارها إليه و صفع وجهها بأطراف أصابعه، حينها لم تتحمل الضربة رغم خِفتها بالنسبة إليه فسقطت بلا وعي أرضاً.
وقف على قدميه يلهث أنفاسه بقوة بينما ينظر إليها فاقدة الوعي أرضاً، كان يلهث أنفاسه و بشرته متعرقة، رغم أنه ما وضع جهداً في تثبيتها و لا تعنيفها ثم إبتسم فجأة بينما ينظر لها.
حملها على ذراعه و ألقى بها على سريره، ثم خرج إلى شُرفة جناحه ينظر من خلالها إلى الخارج.
أتت في باله فكرة و عزم أن ينفذها...
بعد فينة إلتف إليها، ثم إقترب و حملها من جديد، و خرج بها إلى قاعة لا يعلم شكلها سوى أسياد القصر هذا.
وضعها على لوح زجاجي مثبت على بلورتين حمراوتين ضخمتيّ الحجم، فتح فستانها ثم جرّدها منه و أبقاها على اللوح.
رويداً رويداً شعّ اللوح باللون الأحمر، و شع رمز قوته المثبت داخل بلورة حمراء مُعلقة على الحائط ضمن البقية فابتسم.
تلك القوة التي بداخلها ليست بالشيء الهين كافية لإحراق الأرض و الكوكب الضائع معاً، عليه سحب هذه الطاقة منها بأسرع وقت، لكن كيف و هو لا يستطيع أن يلمسها؟!
أمسك بكتفها و أدراها ليستطيع النظر إلى وشمها، يضيء من شطر واحد و أغلبه مطفئ، أي أن الطاقة التي سحبت منها لا توازي أطلاقاً ما بقي فيها، و هذا السبب بأن شعرها للآن أحمر.
فكر ملياً بطريقة أخرى لكنه لا يجد، ربما هذا يحتاج إجتماعاً خاصاً في القاعة، لعل رِفاقه يجدون الحل مع هذه الطاقة النارية.
رويداً رويداً فتحت الأميرة عيناها فوجدت نفسها على سطح بارد و قِبالتها تشانيول ينحني عليها مُتكئً على اللوح الذي تنام عليه.
" ماذا حدث؟!"
همست بهذه بينما تمسك برأسها ثم تسلل إليها الشعور بالبرد و العُري، إتسعت عيناها و هي تنظر في إبتسامته التي ترفع شفتيه بشيء من الوقاحة، ثم شهقت بقوة حينما أدركت أنها بلا ثوبها.
أمسكت بثوبها الملقي بجانبها و تسترت به تنظر إلى تشانيول بلا تصديق، يستحيل أنه إعتدى عليها و قد آمنته على نفسها حتى لو أغضبته.
" أنت ماذا فعلت بي؟!"
تبسم إبتسامة لم تراها أبداً على شفاهه، و بدل أن يبتعد عنها إقترب حتى سقطت على اللوح من جديد و هو أعلاها بنصف جذعه.
رفع يده يتلمس بها وجنتها البعيدة بينما ينظر في عينيها، و كم تغريه نظرة الخوف التي ترمقه بها.
" ما يفعله أيُ رجل بإمرأته، ألا يحق لي؟!"
دفعته من كتفه فابتعد بإرادته، حينئذ نهضت عن اللوح و أخذت تتراجع عنه متسترة بالثوب، لمعت عيناها بالدموع و همست تستنكر.
" لقد وثقتُ بأنكَ لن تقترب مني طالما أنا لا أريد، لكن نفسكَ الرديئة التي وطأتني مرة رغماً عني، لا مشكلة أن تساورك مجدداً لتفعل ذات فعلتك بي مجدداً، أليس كذلك؟!"
قص من فرارها منه خطوات إستنزف فيها الكثير من شجاعتها، هي الآن بحق خائفة، الرجل الذي عنفها حتى فقدت وعيها و الذي يقف أمامها الآن بعد أن جردها من ثيابها ليس تشانيول الذي تعرفه، و إن غضب لا يودي به الغضب إلى هذا الحال.
أمسك بيديها مجدداً، قسقط الثوب الذي تستتر فيه و بانت بلا ثياب من جديد أمامه، إبتسم و بصره ينحدر على جسدها ثم رفعه مستلذاً إلى وجهها من جديد.
" تبدين شهيّة جداً و إن بدأتُ بكِ لن أكتفي بلُقم قليلة منكِ، إنني سألتهمكِ لذا يُفضل أن تضعي هذا الثوب عليكِ و أنا أراقبكِ"
أفلت يديها ثم تراجع ليجلس على اللوح و عينيه عليها، إرتدت الثوب أمامه بحرج شديد، و ما إن إنتهت حتى بكت لكن بلا حِس، لم تعش إهانة أكبر من هذه طيلة الخمسة و العشرين عاماً الذي مروا بحياتها.
أمسك بعضدها ثم سحبها معه خارج تلك القاعة الغريبة، أعادها إلى حيث كانت و ألقى بها داخل جناحه بقسوة جعلها ترتطم بالأرض، ثم أغلق عليها الباب و أعلن أنها سجينة جناحه.
جلست أرضاً و رفعت قدميها إلى صدرها لتُخبئ رأسها بين ركبتيها، ثم بكت و انتحبت و ارتفع صوتها.
" ما الذي فعلته أنا بنفسي؟! ما كان عليَّ أن أهرب!"
....................
حلّ المساء و ما عاد كل الحُماة بعد، إنما إثنين منهم ما زالوا غائبان، تنهد سوهو بينما ينظر عبر شُرفة الماما إلى مُقدمة القصر، لم يأتوا بعد و لقد تأخروا.
آتى حامي الأراضي دي او و وقف بجانب القائد، ربتَّ على كتفه و قال.
" لا تخشى شيء، أشعر بدبّات الخيول على الأرض، لقد أصبحوا قريبين من القصر"
نظر سوهو إليه و قال.
" ألا تشعر بالفتاتين؟!"
تنهد دي او و نفى فنظر إليه سوهو بعينين متسعة فقال.
" أقصد إن كنت تشعر بوجودهن بغض النظر عن قدرتك عن تحديد مكانهن"
نفى دي او مجدداً و قال.
" لا أشعر بهنّ على كوكبنا إطلاقاً"
سرعان ما تحرك سوهو ناحية سيهون و جذب إنتباهه حينما حط بيده على كتفه و قال.
" ألا تشعر بهنّ يتنفسن الهواء؟!"
نظر سيهون إليه بصمت فأدرك الجواب، لا يتنفسن على هذا الكوكب حتى.
" ها قد عاد تشانيول"
قالها دي او و ما إن إنتهى حتى حطّ تشانيول بجناحيه المشتعلين في الشُرفة، لملم جناحيه و دخل و علامات البؤس و اليأس تنتشر في وجهه.
" ألم تجدها؟!"
نفى تشانيول و قال.
" لا أجدهن، جِلتُ الأرض بأجمعها و لا أجدهنّ."
قاطع الحديث إحدى الجنود حينما دخل و قال.
" سموكم، سمو الأمير بيكهيون قد إختفى، و قد عادت الكتيبة التي إصطحبها للبحث عن الأميرتين و هو لم يعد معهم، يقولون أنه إختفى فجأة و قد أدركهم الظلام"
نظر الحُماة في بعضهم حتى قال لاي.
" أخشى أن القوة التي شحنّاه بها إنتهت لذا فقد وعيه و لم يدركوه الجنود"
نظر سوهو في السماء ثم قال مستعجباً.
" يستحيل! ما زالت السماء تضيء بنجومها و قمرها، أمرٌ آخر قد حدث له"
....................
سلااااااام
دخلتوا بالحيط و لا لسة؟!
ع فكرة الكاتبة كتبتلكم الفصل تحت تأثير ضغط نفسي شديد، كنت ممكن أقتلهم كلهم و أريح راسي.
لكن بعد الترايلر - مو التيزر- تبع إكسو نبضت الحياة بعروقي من جديد.
حضرتي بخون تشانيول مع سوهو، أني آسف😂♥️.
و في شغلة كثيرة مهمة بخصوص الرواية بس استنى تكتشفوها لحالكم، اذا اكتشفتوها بحكيلكم شو هي و تفاصيلها الفصل الجاي.
الفصل القادم بعد 80 فوت و كومنت.
١. رأيكم بتشانيول؟!
١.معاملته لميريانا بعد ما وجدها؟!
٢.قلقه و خوفه عليها و شعوره بالعجز و هي ضائعة؟!
٢. رأيكم ببيكهيون؟!
١.معاملته لآيلا حينما وجدها؟!
٢.ما الذي يقصدونه الحُماة أن بيكهيون اختفى؟!
٣.رأيكم بميريانا و آيلا في ظل هذه الظروف؟!
٤.رأيكم بالحماة و تعاضدهم لحل المصيبة؟!
٥.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
Коментарі