CH19|| تتويج الملك
شعرت بأن أعصابها تتفلت منها، و دمها يفتُر بمجرد أن ولجت إلى الغرفة، الذي يأتي منها صياحه، صرخت مذهولة.
" تشانيول!"
هرع الأمير سوهو للإمساك بها قبل أن تصل أميرها، وضعت يديها فوق ذراع سوهو، التي تحيط خصرها، و حاولت تحرير نفسها منه بينما تصرخ.
" ماذا تفعلون به؟! لماذا تقفون متفرجين و هو يحترق أمامكم؟!"
تقدم منها لوهان، ثم أمسك بكتفيها ليجعلها تنظر في عينيه، لمعت عيناه و اتسعت حدقتيه.
" أنتِ ستهدأي الآن!"
لكنها نفضت ذراعيه عنها، و قالت بغضب.
" لن تقدر على التحكم بعقلي أيها الأمير، هذا الذي تعذبونه أخوكم جميعاً، أتفهمون ذلك؟!"
قبض لوهان حاجبيه، لكنه أومئ متنهداً، هي لا تخضع لقِواه، لأنها ليست أميرة عادية على الإطلاق.
" إهدئي أيتها الأميرة من فضلك! نحن لا نقوم بتعذيبه، بل معالجته"
حررها سوهو أخيراً من قيده، فهلعت إلى تشانيول، لكنها اصطدمت بجدار غير مرئي يمنعها عنه، و عندما إلتفتت إلى الحُماة وجدت أنه سيهون، الذي يمنعها عن عبور الهواء.
حينها صرخت بكل ما تملك من قوة و قهر.
" لِمَ تفعلون هذا بي؟! نحن منكم، ألا تفهمون؟!"
و بما أن بيكهيون هو الأقرب إليها منهم، تولّى شرح الأمر لها، إقترب منها ثم جعلها تنظر إلى البلّورة، التي تنحدر من السقف، يموج بها اللونين الأحمر و الأزرق.
" انظري إلى هذه البلّورة، إنها ترمز إلى مقدار الطاقتين الحمراء و الزرقاء في جسده"
نظرت حيث أشار، حيث تتعلق بالسقف بلّورة كبيرة، تتدلى حتى قرابة رأس تشانيول و يموّج فيها اللونين، بيكهيون اتبع.
" الطاقة الحمراء متواجدة زيادة في جسده، و ذلك حتى بعد نهاية الصراع بين الطاقتين داخله، فلقد إستغلت الطاقة الحمراء حُبه لكِ و مدّته بجزء من طاقتها الشريرة بكل مرة يقترب فيها منها، و هو كان يظن أن هذه طاقة النارالكامنة فيكِ، و أنها أنتِ"
نظرت ناحية بيكهيون أخيرا و هو اتبع.
" الطاقة الحمراء عليها أن تشكل نصف طاقته لا ثُلثيها، و وجود هذه الزيادة لا يشكل خطر عليه فحسب، بل عليكِ، و علينا، و على المملكة كلها، ستفهمين ما أعنيه لاحقاً، لكن الآن افهمي أرجوكِ ما نحن فاعلون"
إزدرئت جوفها تنظر إلى تشانيول مجدداً، هو موضوع داخل صندوق من الجليد الشفاف، ينبعث منه البُخار لشدة برودته، و على اللوح تموج موجات ضوئية تلسعه كل لحظة بحرِّها.
" حرروني! سوف تقتلوني!"
كانت نجواه ضعيفة، هو بالكاد يحتفظ بوعيه، إنهارت ميريانا أرضاً، و رفضت أن تسمع ما سيقوله بيكهيون، ركعت أمامهم جميعاً و جمعت كفيها أسفل ذقنها تتوسل.
" أرجوكم حرروه، أرجوكم لقد تعب، أخشى عليه من الهلاك!"
إنحنى بيكهيون بجذعه نحوها، ثم أمسك بكتفيها يقول.
" هذه جلسة علاجية، نهدف فيها أن نرفع نسبة وجود الطاقة الزرقاء في جسده لتصل إلى الحد اللازم، و نخفض تأثير الطاقة الحمراء في جسده"
أومأت تتفهم ثم تمسّكت بيديه تتوسل.
" حسناً فهمت، لكن يكفي لليوم، اتركوه يرتاح أرجوكم!"
إلتفت إلى إخوانه فوافقوا، نظر إليها و ابتسم بخفة قائلاً.
" حسناً أيتها الأميرة، سنتركه يرتاح"
أومأت و نهضت تنظر إلى تشانيول، رويداً رويداً ذاب الجليد عنه، و اختفى العازل اللامرئي الذي يعزلها عنه.
صوت تنهيدته المُتعبة جعلتها تبكي دموعاً مريرة بينما تقترب منه، بتردد و قلق مدت يدها ناحيته حتى بسطتها على كتفه، همست.
" تشانيول، أنت بخير؟"
تنهد مجدداً، و أغمض عينيه، شعرت بالقلق و إقتربت تتفحصه، لكن لاي تحدث يطمأنها.
" هو فقط نائم، لا تقلقي عليه"
تنهدت براحة ثم مررت أصابعها في خُصلات شعره، إنها باردة جداً، إنخفضت بجذعها و وضعت قُبلة على جبهته، و هي لم تهتم إن كانوا الحُماة ينظرون لها أم لا.
شعرت بيد على كتفها فالتفتت لتجد خلفها سوهو يقول.
" سيتولى كاي نقله إلى جناحكِ، دعينا نتحدث قليلاً"
أومأت و تبعته، لكنها ألقت نظرة أخيرة عليه قبل أن يختفي من الغرفة بفعل كاي.
دعاها الأمير سوهو للجلوس على إحدى المقاعد الذهبية في القاعة، فعلت و هو وقف أمامها يعقد ساعديه قائلاً.
" هذه قاعة الماما، و الكرسي الذي تجلسي عليه لتشانيول، حتى يستعيده عليه أن يعود كما كان"
لا تشعر بالراحة حيال ذلك، لكنها احتفظت بالصمت و انصتت.
" ما رأيتِه بالداخل كانت جلسة واحدة ضمن كثيرات تعرض لها طوال الثلاث أيام الفائتة، لتخليصه من طاقة الشر الحمراء، و لذلك الآن هو قادر أن يستعيد مقعده هذا، لكن..."
إقترب منها يضع كفيه خلف ظهره و قال.
" بدوركِ الأميرة عليكِ أن تتحمليه، هو لن يكون تشانيول الذي تزوجتِه، سيكون صعب بعض الشيء، لذا أنتِ بحاجة للتعامل معه على حسب هذا الإعتبار"
شعرت بغصة داخلها، أهذا يعني أنه لن يحبها؟! لن يعود كما كان، سيتغير عليها، ربما يرفضها، ربما يعاتبها، و لكنها ستتحمل كل شيء لأجله.
و ذلك لم يمنعها عن الإستفسار.
" ألا أمل أن يعود كما كان؟!"
تنهد سوهو ثم ربتّ على كتفها قائلاً.
" سيحتاج وقتاً، ستكون له جلسة علاجية مثل هذه كل أسبوع حتى يحصل التوازن بين الطاقتين داخله، ثم نأمل أن يعود تشانيول كما كان"
أومأت تتفهم، حينها ابتسم بخفة و قال.
" الآن أنتِ إستعدتِ زوجكِ، و مكانتكِ، و مكانكِ، فلتحافظي عليهم هذه المرة، فإن الوضع لن يتحمل خطأ مرة ثانية"
نهضت عن الكرسي ثم إنحنت للأمير تقول.
" أعلم أنني السبب بكل ما حدث، و أن هروبي بأختي هو ما شكّل لهم فرصة ضدنا، أنا آسفة سموك، مستعدة لتلقي العقبات"
أجابها بينما يقيمها.
" عاقبتكِ أن تُعيدي زوجكِ، هذا كل شيء!"
خرجت من القصر و توجهت إلى قصرها، ولجت في جناحها و فوراً نظرت إلى السرير، كان ينام في السرير بهدوء و سلام.
جلست بجانبه و رفعت الغطاء عليه جيداً، تحسست وجنته، ما زالت باردة، سيحتاج الرعاية طيلة اليوم.
ستتركه نائم الآن و تبدأ بإستعادة مكانتها، حضرنّ لها العاملات الحمام، و ساعدنها في ذلك، ثم خرجت ترتدي ثوبها الملكي، الثوب الذي يخص ملكة النار فقط، وضعت زينتها الملكية، و الآن فقط عادت الأميرة ميريانا و ملكة النار.
" أهلاً بعودتكِ مولاتي"
تبسّمت ميريانا بينما تنظر إلى نفسها عبر المرآة و همست.
" شكراً لكِ"
...................
إجتمع أربعة من الحُماة في قاعة الماما، هم سوهو، كريس، لوهان، و بيكهيون.
و بيكهيون كان يدرك سبب إستدعائه، خصوصاً أن بقية الحُماة ليسوا حاضرين.
تحدث سوهو.
" بصفتي قائدة حُماة الطبيعة أي قائدك، آمرك بسحب قِواك من الأميرة"
حرك بيكهيون رأسه برفض و هو يُنكسه.
" لا أستطيع"
حينها وقف لوهان و تقدم منه قائلاً.
" ألم ترى بأُم عينك وهج البلّورة الفضيّة؟!"
أومئ بيكهيون.
" رأيتُها و لكنني لا أستطيع"
بلا تصديق و بإنفعال هتف سوهو.
" ألا بأس أن تموت زوجتك؟! هل ستراها تحترق بسبب الطاقة الكامنة فيها و تقف متفرجاً متحججاً بهكذا حُجة؟!"
تنهد بيكهيون ثم وقف قائلاً.
" أنتم لا تفهموني، أنا لم أقدر على النظر في وجهها حتى، ماذا سأقول لها بحق؟!"
أجاب لوهان لا يأخذ بالحُسبان طوق المشاعر، إنما هو فقط دوماً ما يطلق أحكاماً عقلانية، لا مكان للمشاعر فيه.
" لا يهم ماذا ستقول و ماذا لن تقول، الليلة سيتكون مدار الثور النجمي، الليلة عليك سحب طاقتك و إلا أصبحت عليها ميتة، هذا الذي يهم يا بيكهيون"
خرج لوهان ثم سوهو و بقي كريس، بيكهيون جلس على عرشه يضع رأسه بين كفيه، يشعر بالضياع و التشتت.
" ماذا سأفعل الآن؟!"
إقترب كريس و ربّت على كتفه يقول.
" كن قوياً، هي تحتاجك أكثر مما تحتاج أنت طاقتك، أدري أنها صعبة و لكن عليك أن تنقذها، هذه أولوية سمو الأمير"
أومئ بيكهيون له ثم إنفرد بالقاعة، لأول مرة يشعر بهذه الوحدة، بهذا الضياع، حتى حينما كان معلق على أنصال الغاصبين ما راودته هذه المشاعر.
تنهد و نهض يسير ببطئ و تكاسل في أروقة القصر وصولاً إلى قصره، عبر نِقاط الحرس بذهنٍ شارد، و سار في أروقة القصر و استخدم أبعد طريق إلى الجناح، لكنه في النهاية وصل رغم أنه لا يريد أن يصل.
تنهد بيكهيون بينما يقف خلف الباب، ثم ولج الجناح، كانت تجلس على السرير، ترفع قدميها إلى صدرها، و تنام برأسها على ركبتيها، و تدندن بلحن بائس بصوتها الشجيّ.
لكنه عندما دخل رفعت رأسها سريعاً إليه، إزدرئت جوفها و تراجعت عنه تقول بإرتباك.
" ماذا تريد؟!"
كيف سيقول و هي تهرب منه من الآن؟
كيف سيطارحها الحب على هذا الفراش و هي تبتعد عنه؟
لكنه لا يملك خياراً آخر، إما حياتها و إما أن تكون ضحية هذه الليلة، لكنها ستكون الأخيرة، سيعدها بذلك، سيعدها أنه لن يمسّها دون رضاها إطلاقاً من بعدها.
إقترب و جلس على طرف السرير، و عندما مد يده يريد أن يمسك بيدها، رفعتها سريعاً و ابتعدت عنه تقول.
" لِمَ أنت بهذا السوء معي؟ أنا لا أريد!"
إزدرئ جوفه بصعوبة ثم إقترب منها مجدداً، لكنها نهضت عن السرير و ركضت نحو الباب تريد أن تخرج، لكنها تفاجئت به يقف أمام الباب و يمنعها من الخروج.
تراجعت للخلف تنفي برأسها، و هي بدأت تبكي بالفعل.
" يكفي يكفي! أنا لا أريد، لِمَ تجبرني؟! فكّر بي مرّة واحدة على الأقل! أنت تقتلني في كل مرة تقترب بها مني!"
شغر بغصة في صدره، تحبس أنفاسه، و تشعل ناراً في صدره، يكره أن غيره سبقه إليها، غيره مسّها، يريد أن يصرخ أن هذا ليس هو، و أنه يحبها من كل قلبه، أنه رغم أفعاله الصبيّانية سابقاً، ما كان ليؤذيها إلى هذا الحد.
لكنه صمت و ابتلع كلماته و غصّته، يستحق، سيعتبره عقاباً، لأنه من أخافها من البداية، فما جعلها قادرة أن تميز بينه و بين الذي حلّ محله.
إقترب منها بهدوء يرفع يديه يشير لها بالآمان.
" الليلة فقط، ثم أعدكِ أنني لن ألمسكِ طالما لا تريدين"
تراجعت سريعاً عنه و صرخت بأنهيار باكية.
" لا لا لا! لا أريدك! لا أحبك! لِمَ لا تفهم؟!"
شعر بدموعه على أبواب عينيه، و توّسلها بنبرة مجروحة.
" أرجوكِ الليلة فقط، أعدكِ أنني سأكون لطيفاً، فقط الليلة و لن أمسّكِ بعدها"
و بما أنها لا تجد مجالاً للهروب منه سوى طريقة واحدة، ركضت إلى الشُرفة، و تمسّكت بالسور تريد أن تصعده و ترمي نفسها من فوقه.
لكنه صرخ بذعر يجري إليها، و لأن بيكهيون يملك جميع صفات الضوء بما فيها سُرعته، خلال طرفة عين، كان يعانقها من خلاف يرفع أقدامها عن الأرض.
حاولت تحرير نفسها منه، لكنها لم تقدر، صرخت.
" اتركني! الموت أهون عليّ من أن تلمسني"
ذرف دمعة في نحرها حيث خبئ وجهه، و توّسل مجدداً.
" أرجوكِ يا آيلا!"
بكت بين يديه لا تقدر على تحرير نفسها منه، لذا سكنت حركتها بين يديه و اكتفت بالبكاء، هي لن تقدر عليه مهما قاومت، لذا إستسلمت و فضّلت الإنتهاء منه سريعاً، حملها بين ذراعيه و همس.
" صدقيني أنني أفعل هذا لأجلك، أنا لن أقدر على خسارتك مهما كان وضعي الآن عصيباً"
وضعها على السرير بلطف، و آيلا نهضت سريعاً لتجلس، تُلصق نفسها بمقدمة السرير، و تكمش جسدها بخوف شديد.
" أرجوك اتركني!"
نفى برأسه و اقترب منها حتى طبع قُبلة على جبينها.
" أنا آسف"
بكت مُنهارة، خصوصاً عندما سحبها من ساقها لتتمدد أسفل جسده، قبّل جبهتها من جديد، ثم تمسّك بكفيها و قبّل كل واحد فيهما على حِدا.
تسللت يديه إلى سحّاب فُستانها و أنزله لآخره، ثم سحبه من فوق أكتافها يقول.
" لا تخافي مني، أنا اليوم بيكهيون جديد، بيكهيون سيحبكِ و ينتظركِ للأبد"
تمسكت بثوبها بكلتا يديها قبل أن يتجاوز حدود صدرها، و أغمضت عيناها ترفضه مجدداً، إقترب منها بلطف و هدوء، و طبع قُبل عِدة على وجنتها، و سار بإنحدار إلى شفتيها.
أراد أن يثبت لها أن هذا بيكهيون جديد، بيكهيون يحبها بكل ما يملك من عواطف، بيكهيون سيجعلها ملكة عليه دوماً.
إنحدرت قُبلاته إلى عُنقها، و أستطاع أن يُخلّص منها ثوبها، كلما تعمق في قُبّله و كلما إحتل مساحات جديدة فيها توّهج لوّنها الفضي.
شعرها أصبح يلمع بقوة، و إن مسّه يخرج منه ذرّات لامعة، عيناها تشع ببريق فضي، لكنها تكمش ملامح وجهها بألم فقال.
" تتألمين؟!"
أومأت تقول.
" كتفي، كتفي يحترق!"
جعلها تلتفت قليلاً فوجد أن الوشم ينبض بقوة، و جلدها حوله قد إحمرّ، نظر في وجهها و قال.
" سأخلصكِ من هذا الألم و إلى الأبد، أنتِ فقط تحملي قليلاً"
و في مُلتقى الحُب صرخت بقوة، ذلك لأن ألم كتفها إزداد كثيراً، ثم شعرت بأن شيء ما يسير في جسدها و يتسرب منها إليه.
إنحنى بيكهيون بظهره عليها و أنّ متألماً، شعره أخذ يلمع بقوة، كذلك عيناه، رفعها ليضعها بين يديه و قال بصعوبة.
" سيزول ألمكِ، أعدكِ!"
أما آيلا فتمسّكت بكتفيه تتوسله.
" أرجوك توقف! إنني أتألم كثيراً!"
لكنه لم يتوقف، و رغم أنه يتألم أكثر منها استمر حتى بدأ وهجها بالخفوت تدريجياً، صرخ صرخة أولى و أخيرة، و انشق في السماء الضوء و سطع داخل الجناح بقوة.
وضع يديه على عينيها كي لا تتأذى، و أنّ حتى أن عروق رقبته برزت، ثم سقط جسده بجانبها، يلهث أنفاسه بقوة، و هي لم تكن بحالٍ أفضل، فكل إنش منها يؤلمها.
ثوان و أغلقت عيناها بسبب الألم الذي لا يخف، و بدأ يتبدد اللون الفضي في شعرها، ها هي تعود إلى طبيعتها.
لقد وعدها ألا يؤلمها، لكنه حتى عندما قبّلها بلطف آلمها، و لأن جسدها أضعف من أن يتحمل كل هذا الألم فقدت وعيها بجانبه.
بيكهيون بعدما خدّ الألم في جسده شعر بطاقة مهوّلة تعمر في جسده، مقدار لم يعتد عليه إطلاقاً.
نهض بألم ليقعد على السرير ثم نظر لها، في كل مكان ترك عليه قُبلة جلدها طبع علامة، لم يكن قاسي، بل كان لطيف لأبعد حد ممكن، هو فقط يحبها، و هذه ضريبة الحب.
مرر أنامله على وجنتها المُصابة بعلمّاته و قال.
" أنا آسف، هذا لأنني أحبك، و ما زلتُ أريدك!"
مدّ كفه، ثم بسطه فوق قلبها الذي ينبض بصخب، فتسلل من بين أصابعه ضوء أزرق دخل في جسدها و مرّ بها مجرى الدم، رويداً رويداً تعافت أصابتها.
تمسك بكتفيها و لفّها لينظر في كتفها، وشم طاقة الضوء في كتفها مُكتمل، إبتسم بسعادة، هو ليس ملك المُستقبل إذن، كما أنه ليس مضطراً أن يجبرها عليه كهذه الليلة مرة ثانية.
لقد أنقذ حياتها، و اكتملت قواه، و هو ليس الملك... بالنهاية كانت النتائج جيدة.
لكن المعضلة الحقيقية الآن... كيف سيكسب قلبها؟ أي طريق سيسلكه إليها؟! فالآن كل الطرق متشابهة، جميعها مُظلمة.
.......................
في صباح اليوم الموالي، طرق باب جناح ملك النار فنهضت ميريانا لفتحه، لقد قضت ليلتها على الأريكة، و نامت بعد طول سهر لمراقبة تشانيول.
وضعت على جسدها روب ثقيل، و كادت أن تفتح الباب لولا أنها شعرت بقبضة على يدها، فشهقت تلتف إليه.
كان تشانيول يقف خلفها، و يعقد ملامحه بإنزعاج.
" ادخلي!"
أومأت و إبتعدت عن الباب، لقد خاطبها بنبرة قد ماتت فيها المشاعر، تخشى أن مشاعره داخله قد ماتت.
فتح الباب فانحنى الحارس له ليقول.
" عُذراً مولاي عن إزعاجك، و لكن الأمير سوهو بعث لك بهذا المرسوم الملكي"
تناوله تشانيول من يده ثم دخل يغلق الباب، كاد أن يفتح المرسوم لولا أن بصره قد إحتواها، نظر لها و قال محذراً.
" لا تقتربي من الباب و أنتِ ترتدي ثياب النوم مجدداً"
أومأت.
" حسناً"
تقدم إلى السرير و جلس عليه، شغر مساحة بين ساقية و إتكئ بمرفقيه على ساقيه يفتح المرسوم، نهض بعدما قرأه و وضعه على منضدة التزيين قائلاً.
" سيقوم سوهو بإعلان أمر ما أمام الشعب و عليكِ الظهور معي، لذا تجهّزي"
دخل إلى دورة المياه دون أن يسمع منها رد، هو لم ينتظر حتى، حملت المرسوم بيدها و كمشت عليه تتنهد، يبدو أن تشانيول لن يسامحها بسهولة.
خرج يلف جسده بروبه الملكي و يجفف شعره بمنشفة صغيرة، إزدرئت جوفها بحرج عندما تلاقى بصرها ببصره، لكنه من بادر بقطع الوصال.
ميريانا لم تُعلق، فقط دخلت إلى دورة المياه، خرج يسبقها ببضع خطوات مع الحاشية إلى القصر العام، كان يسير بجانبها منذ زمن و يتمسك بيدها.
الآن فقط لا شيء، ريح باردة تهب بينهما فحسب، زفرت أنفاسها تكتم غصّتها و سارت بهدوء.
و لجت إلى ذات القاعة التي تم بها زفافها، تلك القاعة تحوي أربع و عشرين مقعداً يتوزعان، كل مقعدين متلازمين اسفل ركن خاص يعلوه رمز قوة معينة.
تشانيول ما أشار لها أين تجلس، هي فقط تبعته و جلست بجانبها كما تفعل جميع الأميرات، تهافتت الأسئلة على تشانيول.
" أنت بخير؟"
" تشعر بالألم؟"
" تشعر بالتحسن؟"
أجاب إستفساراتهم بهدوء.
" أنا بخير، لا تقلقوا بشأني، لكن لِمَ اجتمعنا اليوم هنا؟!"
تبسم سوهو من مكانه، ثم نهض ليقف إلى الشُرفة، التي يجتمع أسفلها الشعب بإنتظار سماع الإعلان، الذي حشدوا لأجله.
" سنعلن عن أمر ما"
إقترب سوهو حتى وقف أمام المنصّة و جاوره كريس بصفته القائد الثاني، حينها فتح المرسوم الملكي الذي بين يديه، و أعلن بصوت جهوري تولّى سيهون نقله إلى الجميع بوضوح.
" باسم الإله و ما اقتضى به، على متن الكوكب الضائع و في مملكة العدل حيث جميعنا واحد، في قصر الماما و على شرف الحُماة نُعلن أن قوى الحُماة قد إكتملت، و أن الملك من بيننا قد بان، إنه أمير الطبيعة و ملك النار، سموّ الأمير تشانيول"
وقف تشانيول مدهوشاً من بين الحُماة، و جميعهم وقفوا على وِقفته و انحنوا له، حتى ميريانا التي لا تفقه شيء مما يحدث، حينها هتف تشانيول مدهوشاً.
" ياااا!!! لا تنحنوا لي! أشعر بالغرابة!"
إستقاموا جميعاً، و سوهو أشار لتشانيول أن يأتي بزوجته، أشار تشانيول لها بيده أن تتبعه حتى وقفا معاً على سور الشُرفة، حينها سمع هِتاف شعبه بمِلئ آذانه و أقشعرّ بدنه.
" يحيا الملك، يحيا الملك!"
لقد كره هذا المنصب سابقاً، و دعى الله ألا يكون له، أما الآن فلا يبالي، فلقد كرهه لسببٍ لا يستحق، الآن هو في وجه الواجب مباشرة، و هؤلاء الناس أمانة عليه صونها للأبد.
اتبع سوهو إعلانه.
" يكون سمو الأمير ملك النار ملك علينا، و تكون سموّ الأميرة ملكة النار ملكة علينا، قرار نافذّ من الحُماة أجمعين و يبدأ النتفيذ من ساعته"
آتى لوهان يحمل التاج الملكي على وسادة مربعة الشكل خمريّة مُشرئبة باللون الذهبي، رفع الأمير سوهو التاج على رأس تشانيول، ثم حمل الآخر و وضعه على رأس ميريانا.
" نعلنكما ملك و ملكة على مملكة الكوكب الضائع"
أمسك تشانيول بيد ميريانا ثم تقدم بها إلى حافة الشرفة، ثم إنحنى لشعبه و إنحنت معه، عليهم أن يكونوا مطمئنين، فهم بأيدي أمينة.
و كان إعلان سوهو الأخير.
" ستعيش المملكة سبع ليالٍ من الأفراح و الإحتفالات، و توزع الهدايا على أفراد الشعب"
كانت واقعة لا تحدث إلا بأراضي الأحلام، رُفع عن عرش الملك و الملكة السِتار، إنه من ذهب، مرفوع على منصّة ذهبية، مُزين بأحجار كريمة و فوقه ظهر رمز قوة النار.
جلس تشانيول و ميريانا على العرش و كانت ليلة إحتفال، فالشعب خارجاً يرقص و يستمتع بوقته، و هم في الداخل يتبادلون الحديث.
" لقد أصبح لنا ملكاً أخيراً"
تلك قالها لوهان فرد سيهون مبتسماً.
" و سيكون نِعم الملك، أنا أثق بتشانيول"
تنهد تشانيول ثم قال على مسامعهم.
" لكن لا تعاملوني كملك، أنا شقيقكم و حسب بيننا في هذه الخصوصية، لا أريد أن تتأثر علاقتنا بسبب المناصب"
حينها علق الأمير دي او.
" أيعني أنني ما زلت أستطيع أن أضربك؟"
قهقه الجميع من ضمنهم تشانيول و أومئ لأخيه قائلاً.
" نعم تستطيع"
عندما ضحك بانت غمّازته، لمعت و اندثرت منها حبات حمراء لامعة بحجم ذرّات الغُبار، لقد إنشرح صدرها لرؤيته يبتسم هكذا، و كأن كل معاناتها و احزانها قد إختفت.
إبتسامته الساحرة كانت كفيلة بأن تمسح على كل جروحها، و تستطب جميعها و كأنها لم تكن.
بعد طول سهر و سمر عاد الجميع إلى قصورهم، دخل قبلها، و باشر بخلع بزّته الثقيلة، لكنها كانت تقف خلفه بلا حراك، و بعد معركة مع نفسها تحدثت.
" هل تشعر أنك بخير؟!"
أومئ ثم قال.
" سأطلب منهم غداً أن يجهزوا لكِ جناحكِ الخاص، و لا تقلقي، سيكون مريح جلالتكِ"
هزمتها الصدمة لبضع دقائق، حتى خرج يرتدي منامة حريرية، أخذ وسادة من على السرير و توجّه لينام على الأريكة.
تجمعت الدموع بعينيها، و لكن لا...
هي ميريانا، لن تختبئ أسفل الغطاء و تبكي بصمت، هي ستناقشه، لن تخرج الليلة بلا نتائج معه.
تقدمت منه ثم جلست أرضاً أمام الاريكة التي ينام عليها، يقابلها وجهه الساكنة ملامحه.
" تشانيول، أنا..."
فتح عينيه و قعد على الأريكة يقول.
" جلالة الملك و ليس تشانيول، ليس بيننا رابط خاص كي تتخلي عن الألقاب بيننا جلالة الملكة"
ذُهلت مما سمعت، و استوقفته عندما أراد الخروج من الجناح، تمسّكت بذراعه و تحدثت.
" ما الذي تقوله أنت؟! أنا ميريانا، زوجتك و المرأة التي تُحب، كيف تقول أنه لا يجمعنا رابط خاص؟ ما الذي سيجمعنا أكثر؟!"
أمسك بيدها و أنزلها برفق عن ذراعه و قال.
" كُنّا، كنتِ حبيبتي، الآن أنتِ فقط جلالة الملكة بالنسبة لي"
"أنتِ من تخلّى عني و أنا لن أتمسّك بكِ أكثر"
" حتى إن أردتِ سأعيدكِ للأرض و للأبد تبقين هناك، فأنها مسعاكِ منذ أن أتيتِ"
" أنتِ لم تمنحيني الفرصة حتى، و أنا لن أمنحكِ أياها الآن، لذا جلالتكِ نحن زوجين أمام الشعب فحسب."
" أنتِ ما عدتِ في قلبي..."
..............
يا لهوي!!!😭😭😭
سلااااااام
من الكاتبة الأمورة النشيطة الي حدثت روايتين خلال أربع و عشرين ساعة😎😎.
أحس هذا البارت مليان أحداث مرت بسرعة بس هذا كان اللازم.
البارت القادم بعد 80 فوت و كومنت
١.رأيكم بتشانيول بعدما أستيقظ؟ ردة فعله على تتويجه؟ كلامه مع ميريانا و معاملته لها؟
٢.رأيكم بميريانا؟ قلقها و إهتمامها فيه؟ ماذا ستكون رد فعلها على كلامه الأخير؟
٣. رأيكم ببيكهيون و آيلا؟ ما هي توقعاتكم بشأن مستقبل علاقتهم؟
٤.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
Коментарі