" حب و راء"




أذكر يوماً ليس بسحيق أنني كنتُ أضُج بالحياة رغم كدحي، كنتُ فتاة صبورة، ذات إيمان كبير بأن الإله لا ينسى أحد من فضله.

لكنني الآن تغيرت و تبدلت قناعاتي، أشعر أنني ما عدتُ أنا، لربما أنا مُت و بُعِثتُ من جديدة؛ لأعيش في هذه الهيئة الضعيفة تعويضاً لما إستهلكت من قوة حينما كنتُ قوية.

ما عادت الحياة تضُج بي و يا ليت الموت يتولاني و يخطفني من بين يديها المتمسكة بي، لستُ أعرف ما ذنبي بكل ما حدث لي، أنا لم أكن يوماً سيئة، لطالما كنتُ بَطَلة الموقف.

إذن ما أحصده نِتاج زرع من؟!
لمن هذا الزقوم الذي أحصده؟!

راجعتُ نفسي مراراً و تكراراً؛ أحاول أن أتذكر ماذا فعلت ليؤل مصيري لهذا البؤس، بماذا أخطأت؟!

لطالما كنتُ فتاة صالحة و الكل يشهد، أيُ كل؟!
أنا وحدي الآن و لا أحد معي!

لربما كان خطأي الوحيد أنني هربتُ منه، لكنه حقي، هو يحبني -أو هذا ما ظننته-، لكنني لا أحبه، و لا يحق لأحد أن يجبرني عليه و على حياته، لا أريده في حياتي.

لربما لو أمهلني وقتاً قبل أن يأتي بي إلى هنا لمال قلبي له، لا أنكر أنني كنتُ أتطلع إليه بإعجاب، و لكنني علمتُ مصدر الإعجاب هذا عندما أتيت إلى هنا، لوهان أجبرني أن أُعجَب به، لم يكن الإحساس نابعاً من قلبي.

رغم ذلك؛ لربما لو أمهلني بعض الوقت، شرح لي أسبابه و أخبرني عنه و عن حياته، لو أنه حاول و لو لمرة واحدة أن يقنعني به قبل أن يفرض علي نفسه رغماً عني.

هذا ليس ذنبي، هذا ذنبه!

و الآن؛ أنا ماذا أرى؟! أين الحب الذي وعدني به؟! أين الوعود التي حلفها أمامي؟!
لقد ضربني و تحرش بي بطريقة لا أرضاها، أنّ له أن يفعل و قد أدعى أنني أسكُنه.

ما عدتُ أصدقه و لستُ مُلامة، و لو أنني وجدتُ سبباً من قبل كي أرفضه، فإني الآن أجد مليون سبب كي أكرهه.

لقد ضربني، لقد أهان كرامتي،  تحرش بي، شعرتُ أنني دُمية طَوع يديه، أنا لستُ المرأة التي تقبل الإهانة، كرامتي فوق نفسي، ليته يدرك و لا يجعلني أكرهه أكثر.

ما زلتُ حيث رمى بي أرضاً، أجلس و أتستر على جسدي بفستاني، ساقيّ إلى صدري و أُعاضد ذراعيّ حولهما، أشغل حيزاً ضيقاً على الأرض، لكن عقلي ليس في المكان هنا.

إنني أفكر كيف له أن يتغير لهذه الدرجة معي، لقد توقعت أن يغضب، ربما يصرخ، ربما يحبسني، و لربما يتهور و يستخدم قِواه أمامي، لكنني لم أتوقع أنه سيضربني حتى أفقد الوعي، ثم انهض لأجد نفسي على لوح مُجرّدة من ملابسي و هو يتأمل تفاصيل مفاتني.

هذا أسوء ما عِشته على الإطلاق، إنه أسوء من الليلة التي سلبني بها بتولتي حتى، أكرهه، أكرهك سمو الأمير تشانيول.

مسحتُ وجهي من آثار الدموع حينما شعرتُ بباب الجناح يُفتَح، لم أتحرك مطلقاً، أرجو أن يتركني و شأني و يذهب في شأنه.

لكنه لن يكسر توقعي الآن، أشعر بدبّات حِذائه تقترب مني، و حينما شعرتُ بالدفئ علمتُ أنه أصبح أمامي، الحرارة التي تنبعث منه كافية لأعلم كيف يتحرك.

تسللت يده إلى ذقني و رفع وجهي إليه ثم ابتسم، تشانيول الذي أعرفه لا يبتسم بتلك الطريقة المخبولة في وجهي.

" أما زالت زوجتي غاضبة مني؟!"

أبعدتُ يده عني و أشحتُ بوجهي عنه، أكره أن يدعي أحد الغباء و الجهل بنية المُلاطفة، لا أريد أن تُراضيني، على عكس توقعك أنا لا أرضى على من جرحني.

أغمضتُ عينيّ بغيظ حينما وضع راحته على وجنتي، و لم يفهم أنني لا أريد التحدث معه، ربما هو فهم و تجاهل إرادتي.

" لِمَ كل هذا الغضب؟! ألا ترين أنكِ تستحقين العِقاب بعد ما فعلتِه بي؟! تظنين أنني حينما أجدكِ بعد محاولتكِ للهرب مني أنني سأحتضنكِ و ألقي في أسماعكِ كلام مُنمق و سخيف، أنتِ يلزمكِ العقاب كي تتعلمي الدرس، فأنتِ فتاة مشاكسة لا تتعلم إلا بالترهيب"

نظرياته في التعامل مع النساء بحق أدهشتني، أيظنني طفلة إن قال لها اصمتي ستصمت؟! يبدو أنه لا يفهم أنني أملك عقلاً بحجم عقله، و لا يحق له أن يمثل دور الأستاذ المُربي علي.

أبعدتُ يده عني من جديد، ثم زحفتُ بعيداً عنه أقول دون أن أنظر إليه.

" لا أبني عليك توقعات و لا آمال، أنت لا شيء بالنسبة لي، لربما أنك نسيت أنك من أجبرني عليك، أنا لا أريدك"

ضحك! ظننت أن كلامي سيكون كافٍ لأجرحه و ينصرف عني، لكن ما باله لا يتأثر بسكاكيني؟! و ما بالي أستغرب تصرفاته هذه و قد فعل ما هو أغرب.

إمتدت يده من جديد نحوي، و لا أعرف ما الذي جعلني أرفع كتفيّ و أضم نفسي خوفاً منه، يده إرتاحت على رأسي و مسّدت على شعري و هو قال.

" ميريانا، عزيزتي، أنتِ مخطئة بشيء..."

فجأة قبض على شعري و شده جعلني أصرخ بقوة، أمسكت بقبضته و نظرت إليه، كان هادئ عكس ما تمنحني قبضته من ألم.

" مشاعركِ السخيفة لا تهمني، أحبيني أو أكرهيني، لا يُشكل ذلك فارقاً بالنسبة لي، في كل الحالات أنتِ هنا بقصري و تحت أمري..."

جذبني إليه من شعري فصرختُ أغمض عيني بقوة و الدمع يتسلل من جفوني بلا إرادة مني، أشعر أن رأسي سينخلع من مكانه لشدة الألم، لا شك أن كل شعري أصبح بيده الآن و ترك منابته في رأسي فارغة.

إرتفع كتفي حينما شعرتُ بأنفاسه قريبة، ثم همس بأذني بلؤم و بذائة لم أتوقعها منه.

" و تحت جسدي إن أنا أردت!"

أفلتني بالدفعة يرميني أرضاً، صحتُ مجدداً أتمسك بشعري، نظرتُ في يده أتحرى عن خسارتي، لم تكن بيده و لا شعرة واحدة! أقوي شعري لدرجة أنه يقدر على مقاومة قبضته، أم أن الطاقة الكامنة بلونه هي ما تجعله قوياً؟!

نهض و أنا إنكمشتُ على نفسي، لكنه مضى من فوقي إلى حُجرة الثياب، كيف سأبقى معه في مكان واحد؟! كيف أنام معه على نفس السرير؟! ماذا أفعل بنفسي الآن؟! ما الذي غيره لهذا الحد؟!

خرج من الغرفة يرتدي منامته، حينها تحركت أن لحُجرة الثياب، سأقضي ليلتي هناك، أخشى على نفسي منه، ثم هو أخذ السرير، يستحيل أن أشاركه أياه.

بِتُ متأكدة أنه كان ينتظر مني خطأ كي يخلع عن وجهه قناع الملاك ذاك، و أرى حقيقة وجهه القبيح هذا.

جلستُ بين الأثواب و إختبأتُ فيها، و رغم حرصي ألا أغفو غفوت، أرجو ألا يحل الصباح أبداً، ليته لا يحل.



...........


في الصباح الباكر، إستيقظت آيلا فزِعة، أفاقت على بيكهيون يحملها من خصرها و كأنها كيس يحمله في يده، ثم ذرف بها على كتفه.

تمسكت بجُب رِدائه الملكي و قالت.

" إلى أين تأخذني؟!"

لم يجيبها بل سار إلى خارج الجناح على هذه السجيّة، إمتطى حِصانه ثم أجلسها أمامه، انطلق الحِصان و لم يتفوه هو بحرف.

أخذ عقلها يجوب بين أفكار غريبة في غاية السوداوية مستوحاة من أفلام التراجيديا التاريخية التي كانت تشاهدها، و فجأة أعادت سؤالها على مسامعه فكلما إزدادت تلك الأفكار رعباً في رأسها هي إزدادت خوفاً منه.

" ألن تخبرني إلى أين تأخذني؟!"

لم يجبها و هذا ما جعلها خائفة أكثر، ربما يربطها بحجر ثقيل ثم يلقي بها في الماء فتموت غارقة، أو أنه سيذهب بها إلى الغابة و يحرقها هناك، أو أن يجعلها غداءً شهياً لحيوانات الغابة.

ربما أيضاً يقطع لها رأسها أمام شعبه و يعلنها خائنة، تكون العقوبات في الأفلام التاريخية مخيفة إلى هذا الحد.

أخذت دموعها تنساب بسبب أفكارها و خوفها مما هو فاعل بها، و مع إصراراه بألا يجيبها باتت خائفة أكثر.

" أرجوك أعدني، صدقني لن أهرب منك مجدداً، لن أخالفك مجدداً!"

تبسم مستمتعاً بخوفها و إنحنى بجذعه عليها حتى لامس صدره ظهرها، ثم همس قرب أذنها، و بإستمتاع راقب كتفها الناشز يرتفع خشية منه.

" الموت عقوبة سهلة و مباشرة، لا تليق بي لذا لا تقلقي، ما زلتُ أريد أن أتزوجكِ"

تنهدت تشعر بالقليل من الراحة، الزواج منه أمراً مفروغ منه إن تركها حيّة، لم يتبدد خوفها لكنه هدّأ من روعها، حينها فقط صمتت و توقفت عن البكاء.

شدّ اللجام فرأت نفسها أمام القصر مجدداً، هبط من على الفرس ثم حملها من خصرها لتنزل، أمسك بكتفيها ثم نظر في عينيها، توسعتا حدقتيه الرماديتين حتى ملأت محجريه و همس.

" أفكارك طوع تحكمي، حسناً؟!"

إتسعت حدقتيها و لمعت بلون رمادي داكن ثم أومأت، إبتسم و ربتّ على وجنتها يهمس.

" فتاة مطيعة"

إنحدرت يده عن وجنتها إلى يدها، ثم سحبها معه إلى الداخل، حينما إنبلجت البوابة على وِسعها؛ سمعت صوت صياح الحرس و تهالياهم.

" عاد الأمير بيكهيون! عاد ملك الضوء!"

إنتقل الحُماة جميعهم أمامه، منهم مُستعيناً بقدرات كاي، منهم عبر سيهون حينما ذرفهم عبر الرياح، و منهم من طار فوق جناحيّ كريس العظيمين، ثم آتى تشانيول بعدما طار بجناحيه حيث بقية إخوانه.

" أين كنت؟! لقد ظننا أن مكروه قد أصابك"

تبسم و أفلتها لتبقى خلفه، ثم تقدم من سوهو المحموم بالقلق، و ربتَّ على كتفه ليقول بإبتسامته المُقتصدة.

" لا تقلق سموك، ها أنا قد عدتُ بخير و أعدتُ أميرتي معي"

تبسم سوهو و قطب حاجبيه قليلاً ثم قال.

" يبدو أن غيابها علمكِ أن تكف عن صبيانيتك"

أومئ و ضحك بخفوت، لكن تشانيول الذي ما عاد يطيق صبراً سأله.

" ماذا عن ميريانا؟! ألم تجدها؟!"

أومئ بيكهيون إليه و قال.

" بلى وجدتها، دقائق و ستكون بالقصر"

أنبت جناحيه من جديد، و حلق في سماء القصر و باحاته يترقب وصولها.

و حتى رأى حرس كُثر آتون نحو بوابة القصر يتفشون المساحات الشاسعة بهدوء؛ طار حيث هم و حلق فوقهم يبحث عنها بينهم.

حتى رأى ذات الرداء الأحمر و الخِمار الأسود، خطفها من على حِصانها، و حلق بها فوق قصره إلى جناحه.

شهقت بقوة أسفل خِمارها و لكنها آمنة، فهو يتمسك بخصرها و لم يفلتها للموت، طار بها حتى قصره الخاص و لم ينبس بحرف أو ينظر إليها حتى، أنزلها في شُرفة جناحه، ثم سار بعيداً عنها حتى آخر الشُرفة يحاول كبت جموح مشاعره الآن.

عاد إليها محموماً بالغضب في ذات الحين بالقلق و الشوق، تحرك ناحيتها و خلع عن وجهها خِمارها الأسود، لينظر إلى هذا الوجه المليح الذي إشتاقه، كانت تنظر في الأرض، لا تنظر إليه.

تسللت أنامله إلى ذقنها و رفع وجهها إليه، كانت تقبض ملامحها الناعمة، و تقضم شفتيها إذ أنها لا تتوقع رد فعله للُقياها بعد هروبها.

و كما هو متوقع من رجل معلول بالحب مثله، جذبها إلى صدره يضمها بقوة إليه، ربما زاد عناقه ضيقاً عليها و لكن لا بأس فهو مُشتاق و هي تستحق، و انتهى به الأمر بعد دقائق؛ إنه مُتكئ بذقنه على كتفها و يده تستريح على رأسها.

بعد فينة تنهد بقوة و إرتفع عنها لينظر إليها من جديد، حان الوقت ليعبر عن غضبه، قبض حاجبيه و تحدث إليها بنبرة لوّامة.

" هل إستطعتِ العودة إلى منزلكِ بهروبكِ مني؟! أما زلتِ لا تصدقي أنكِ لستِ على كوكب الأرض حتى؟!"

رفعت رأسها إليه و أرادت أن تُبرر.

" تشانيول أنا..."

قاطعها حينما أمسك بها من ذراعيها و صاح يلومها.

" أنتِ ماذا؟! فقط عرضتِ نفسكِ للخطر و للمسآلة أمام المحكمة، أنتِ فقط زدتِ الأوضاع سوءً يا ميريانا"

أفلتها حينما رأى الدموع تصعد إلى عينيها، و تحرك يجول في الجناح بعصبية متخصراً، حتى عاد ليقف أمام الشُرفة و نفث الناري من فمه ألسنة لهب قد سبق و أشعلت صدره حميماً.

صاحت بخوف و تراجعت تُكمم فمها بيدها، لكنه أفرغ ناره و معه غضبه لكن علامات النار ما زالت تنتشر بين ملامحه الخشنة، إنه يحصد قوة لا يُستهان بها، القوة التي يملكها تفوق كل إخوانه، و مع تلك التي تكمن بميريانا يستطيع أن يحكم العالم بلا شك.

نظر إليها بغضب قليلاً حتى إزدرئت جوفها و أخفضت رأسها، تبسم ساخراً من خوفها، من متى هي تخافه؟! لو أنها تخشاه لما فعلت أمراً بهذه الخطورة.

خرج من الشُرفة ثم الجناح بأكمله، و حبسها بالداخل ثم وقف ليحذر الحرس.

" ممنوع أن تخرج الأميرة إطلاقاً من جناحها و لا يدخل عليها أحد"

إنحنوا إليه يلبون أوامره، ثم سار بحشد من حرسه إلى القصر العام؛ تحديداً قاعة الماما، ولج إليها بينما الحُماة يخوضون في حديث مطوّل مع بيكهيون.

" لستُ أدري متى انسحبوا من خلفي، و لكنني مضيت رغم ذلك حتى وجدتهنّ في الغاب"

جلس تشانيول على عرشه و قال.

" فيمَ تتحدثون؟"

نظر إليه الحُماة و استطرد سوهو.

" كيف هي الأميرة؟ بخير؟!"

همهم لهم فاتبع سوهو.

" يخبرنا بيكهيون كيف وجدهن بعد عودة جنودنا"

أومئ تشانيول و لبث في صمت حتى تحدث إليه كريس.

" تعلم أن الشقيقتان سيتعرضنّ للمحاكمة؟!"

أومئ تشانيول شارد الذهن، ثم بعد ثوانٍ للإستيعاب قال.

" دعوها تكون جلسة خاصة، بيننا نحن الحُماة و هُنّ فحسب"

وافق الحُماة ثم كان دور بيكهيون أن يقول.

" أظن أننا بحاجة لإتمام الزواج من حيث توقفنا، دعوني أتمم زواجي من آيلا، ثم سنقوم بالمُحاكمة، قوتي ما زالت بتراجع و تتفلت مني أحياناً، أحتاج ضبطها و إلا إنهار نظام الكوكب"

وافق الحُماة بإيماءات صامتة من جديد، و سوهو أعلن يُنهي الجلسة.

" حسناً، سنستأنف تحضيرات الزفاف من حيث توقفنا، مساء الغد سيكون الزفاف، و لنُنهي هذه الفوضى بأكملها"

خرج الحُماة إلى شُرفة القاعة، ثم نظروا في بعضهم نظرة يفهمونها جيداً، تراجع بيكهيون يقول.

" اذهبوا أنتم، لقد إصطدتُ أثناء غيابي"

سريعاً ما إلتفت إليه سوهو يوبخه.

" كيف أتتك الجراءة كي تخرج عن القطيع و تذهب وحدك؟! أكنت تنوي قتل نفسك؟! نحن مجرد ذئاب مستدببة في الغاب، دُب حقيقي قد يستطيع على واحد منّا"

صمت بيكهيون قليلاً قبل أن يومئ إليهم معتذراً.

" أعتذر خشيتُ الهلاك"

إقترب منه سوهو ليصفعه على قِفا رأسه، فانحنى بيكهيون معتذراً من جديد، و حتى إستقام نظر في ملامح سوهو المدهوشة، سرعان ما استنكر الأخير.

" ألن تفسد الأضواء؟!"

تبسم بيكهيون قليلاً و رفع يده ليريها لسوهو قائلاً.

" طاقتي تتفلت مني، لا مزاج لي باللعب، بالكاد أسيطر على الليل و النهار"

قبض سوهو حاجبيه ثم أومئ له، يبدو راكز و رزان عكس صبيانيته و عبثه المعتاد، لكن سوهو ما إلتفت كثيراً و لا بقية الحُماة.

تحركوا الحُماة إلى خارج القاعة، و بينما هما يسيرون إختلفت هيئتهم و تبدل سيرهم بركض على الأربع.

إنبلجت البوابة و انحنى الجميع للإحدى عشر ذئباً بينما يمرون بهم.

صوت عواء علا في الغاب ثم صوت دهس الحشائش أسفل أقدماهم، لوهان في مؤخرة القطيع و تشانيول في مقدمته، إصطادوا الغزال الأول ثم الثاني و عثروا على ثلاثة خرفان كان مصيرهم الموت بين ضروس هذه الذئاب الضارية.

....

سار بيكهيون في قاعة الماما بعدما خلت إلا منه، مر بكل عرش و أخذ منه وقته بالتأمل و التفحص، حقيقي لدرجة تذكره بأنه لا ينتمي إلى هنا.

جال في القاعة حتى وقف أمام عرش الملك الشاغر حتى الآن، عقد ساعديه إلى صدره و تأمله، هذا العرش هو الهدف، بالتأكيد لن يأتي إلى هنا و يخاطر بنفسه لأجل ثمن بخس كفتاة.

جشعه يتجاوز تلك الفتاة و الطاقة الكامنة فيها، تصل إلى هذا العرش حيث يعلم أنه سيجلس يوماً عليه و الجميع يركع له كما لو أنه آلهة.

الفكرة وحدها ملأت صدره جشعاً كذا غروراً.

خرج من القاعة بعد طول تأمل فيها، و واجه الحرس المستغربين وجوده في الداخل حتى الآن، فتحدث أحدهما إليه.

" سموكَ، ظنناكَ ذهبتَ معهم؟!"

دفعه بيكهيون من كتفه حتى أسقطه، ثم قال يستحقره بنبرة ناشزة عمّا هو مألوف منه.

" و ما شأنك أنت؟! مجرد خادم وضيع يعيش تحت قدمي لا يحق له أن ينظر لشيء مني سوى قدمي، أتفهم؟!"

أومئ الرجل و استقام معتذراً و انحنى، رغم الإهانة التي تعرض لها حاول أن يجد لمولاه عذراً، فلم يسبق للأمير أن وبخهم أو تحدث إليهم بطريقة مهينة، بل كان يلعب معهم، و أسوء ما قد يفعله حينما يسرق أسلحتهم ليغيظهم منه.

إنه كأخ صغير بالنسبة لهم أكثر مما يكون أمير، ملك قوة، حامي، و مولى... إستماح له عذراً فماضيه حافل بالضحكات معه، و رغم أنه لم يحزن منه لم يستطع ألا يبكي بعد إنصراف الأمير فلجئ صاحبه لمواساته.

حينما عادوا الحُماة و قد حصلوا على صيدهم، ساروا في قطيع حتى بوابة القصر ثم تفرق كل ذئب إلى قصره.

دخل تشانيول جناحه، و كانت زوجه تتمدد على سريره، و تلعب في أطراف خُصل شعرها، حتى إشتمت رائحة الحيوان البريّ نهضت تقعد على السرير و بصرها شاخص ناحية الباب.

و ما إن ولج الذئب تشانيول حتى صرخت فَزِعة و تعكر اللون الأحمر في شعرها و حدقتيها، نهضت سريعاً عن السرير و ركضت حتى الشُرفة تختبئ في أقصى زواياها.

إختبأت هناك خلف ستارة مخملية و اجتمعت على نفسها حتى خرج تشانيول من دورة المياه، قد إغتسل و ارتدى ردائه الملكي.

خرج يبحث عنها في جناحه بينما يناديها، و قد غفى حِسه أنه لا يحس بها.

" ميريانا، لا تخافي أنه أنا"

سار حتى الشُرفة ثم سمع صوت ضجيج أنفاس يأتي من خلفه فإلتفت ناحيتها حيث كانت تختبئ، أبعد عنها الستارة ليجدها تجلس خلفها تضم جسدها.

جثى حيث هي ثم ضمها إلى صدره يحاول طمأنتها.

" مير، إهدأي! لا تخافي! أنتِ بأمان معي و الآن"

أومأت إليه ثم رفعت رأسها كي تنظر في وجهه، تبسم يرفع شعرها عن وجهها حتى قالت هي.

" أما زلت غاضب مني؟!"

لم يجبها سريعاً حتى إستنفذ وقته في الصمت، وخزته تلح على إجابة فأومئ.

" ما زلتُ غاضب، و لا أظن أنني سأرضى بسهولة"

كشرت حاجبيها الظريفين ثم زلفت إليه لتطبع قبلة على وجنته، ابتعدت عنه و تركته مصعوقاً من فعلتها، حينها همست باسمة الشفتين.

" و الآن؟!"

إزدرئ جوفه و ما أجاب، فتلمست فكه بأناملها و طبعت عليه قبلة خفيفة ثم بإبتسامة عابثة همست.

" و الآن؟!"

رفع يده يتحسس حرارة جبينها ثم وجهها جعلها تضحك بخفة.

" حرارتكِ ليست مرتفعة! أبكِ شيء؟!"

حركت رأسها نافية ثم وضعته على صدره و بعد تنهيدة تحدثت.

" بينما كنتُ ضائعة في الغاب شعرتُ بكم كنتُ غبية لإبتعد عنك، أنا من دونك هنا لا أساوي شيء، كنتُ خائفة و أرجو أن تجدني مهما كانت رد فعلك بعد ذلك"

ضمها إليه ينفي قولها.

" لا تقولي ذلك بحق نفسك، أنتِ ثمينة بي و بدوني، أنتِ تكمليني، و ربما نعم كنتُ غاضب، لكنني كنتُ خائفاً و قلقاً أكثر، أن أجدكِ بالسلامة كان أكثر ما يهمني"

تبسمت و أراحت رأسها على صدره، ثم هي حركت ذراعيها لتحيط بهما خصره.

" شكراً لكَ لأنكَ زوجي و تحبني رغم كل شيء"

حملها على ذراعيه ثم سار بها إلى سريره، وضعها هناك ثم مسح على شعرها يقول بإبتسامة طفيفة.

" نامي الآن، غداً سيكون يوم طويل"

قبضت حاجبيها بلا فهم، و هو حمل على عاتقه التفسير قبل أن تسأل.

" سيتزوج بيكهيون من آيلا غداً، أرجو أنكِ فهمتِ أن هذا الأمر مفروغ منه"

أومأت إليه فقال باسماً.

" ستحضرين الزفاف؟!"

همهمت تقول.

" بالتأكيد إنها شقيقتي، ثم أن بيكهيون شاب لطيف و جيد، و لا أظن أنه هناك شاب بقدره سيهتم بها و يحفظها، و إن رفضت فرفضي لن يؤول إلى نفع، علي أن أدعم أختي و أسندها في يوم غد."

أومئ راضياً مما قالت و نهض عن فراشها يقول.

" لا أعرف كيف تبدل ذهنكِ بظرف يومين، لكنه تغيير إجابي و إني لا أمانع"

فجأة نادت عليه قبل أن ينام على الأريكة المعتادة فنظر إليها لتقول.

" لِمَ تنام هناك؟! ما من داعي لذلك بعد الآن"

لم يتحرك من مكانه بل بقي حيث هو و بصره شاخص إليها لا يصدق ما تفوهت به للتو، ضحكت و نهضت من مكانها لتأتيه ثم جثت قرب الأريكة.

أخذت ترتب خصل شعره الأمامية بينما تحدثه.

" ما عاد هناك داعٍ لأن تكون بعيداً عني، لا مزيد من الجفاء و الفراق، دعنا نعيش بهناء منذ الآن فصاعداً"

سحبته من يده لينهض معها ثم جلست هي على السرير و أفسحت له مجالاً بجانبها، ربتت حيث أفسحت تشير له بأن ينام قربها ففعل.

تبسمت بينما تنظر إليه ثم إقتربت منه، وضعت رأسها على صدره و بدأ هو يمسح على شعرها من جديد بينما مشاعره هائجة بجنون.

إنه لا يستوعب التغيير السريع هذا، لذا قرر أن يعيش اللحظة حتى و إن كانت مخض خدعة منها و سيكون حذراً لما بعد هذه الليلة، يوم غد خصيصاً.

كان يخطط هكذا حتى نهضت عن صدره ثم زلفت بوجهها إلى وجهه و بادرت بتقبيله، لا يدري و لم يفكر حتى كيف ستكون القبلة لو خي من افتتحتها أو كيف سيكون شعوره حيالها.

هو فقط تجمد و ما بادلها قبلتها، بل تركها تفعل ما يحلو لها بشفتيه، هي إكتفت بتقبيله برقة ثم إبتعدت عنه، و قضمت شفاهها بخجل بينما هو ينظر لها بلا تصديق.

لكنها من جديد و بجراءة إقتربت و طبعت على شفتيه قبلة جديدة، ثم إنحدرت يدها تفك أزرار قميصه لا تفتتح قبلة فحسب بل الليلة بأكملها، و تشانيول رجل عاشق ضعيف أمامها.

إستهوته جراءتها و رضخ لإرادتها ثم كانت هذه ليلتهما الثانية، بعدما سحبت هي ستارة السرير كي تنسدل حولهما.

إعتلته و راحت تقبل شفتيه ثم عنقه و صدره ثم تعود إلى شفتيه من جديد حتى هو إنقلب عليها و تولى زمام الأمور كرجل الليلة.

سحب منها شطراً جديداً من الطاقة الكامنة فيها، لكنه لم يحتج لذئبه هذه المرة كي لا يؤذيها، كانت قوية كفاية لتتحمل قوته، التي قد تقتلها لو كانت بلا طاقتها هذه، و لم يحترق الجناح كالمرة الفائتة، ربما لأنها كانت المرة الأولى كانت الأكثر خطورة.

في الصباح التالي أستيقظ و هي على صدره، تبسم يتأمل خِلقتها الجميلة المرتاحة على صدره، لقد كانت إمرأة مختلفة تماماً بين يديه، إمرأة تتدلل بأنوثتها و تستبيح حُرمات قلبه كذا جسده.

رغم أنه سيد النار لكنها كانت من أشعلته حباً و رغبة بها.

خرج من الجناح و تركها نائمة فلقد أنهكها بالأمس، سار و خلفه عدد من حرسه يتفقد قصره، و حينما إنتهى خرج من قصره الخاص إلى القصر العام، هناك حيث كانت التحضيرات جارية على قدم و ساق.

اليوم زفاف بيكهيون و بزفافه تكتمل قوى الحُماة عداه، فما زالت الطاقة تأتيه من زوجه شطراً شطراً، و على حسب حساباته فإن بضع ليالٍ قادمة ستكون كافية ليحصل على قوته كاملة.

......................

سلااااام🌚

النحديث الأسطوري بعد التأخير الأسطوري🌚

Still يستحق الإنتظار😎

حسيتو بمشاعر غريبة و إنتو بتقرأوا و لا مشاعركم تمام؟!

في هيك إشارات إستفهام كثيرة على رؤوسكم و لا لا؟!

و احب من منصبي هذا أوجه تحيه للريل اكسو و الاكس اكسو لأنهم حرقوا نص الخطة الي مخططلها من سنة كاملة😂

في أشياء من إبداعي الخاص، و عفكرة أنا ما قلدت اكسو هما الي قلدوني، البنات بحكو انو اوبسشن تنفع تريلر مثالي للرواية😭😭💔

أنا قررت اروح ارفع دعوة على الاس ام بتهمة سرقة ادبية🌚 و اطلبهم مبلغ كبير يعجزوا عن دفعة ثم رحمة بهم اطلب تشانيول بدل المصاري و انا اتبغدد.

مثل ما قلتلك حبيبي تشانيول جهز ثيابك و ضبهم، أنا جاية لآخذك😂💔

المهم البارت القادم بعد 70 فوت و كومنت.

١.رأيكم بتشانيول في المشهد الاول مقارنة مع تشانيول في المشهد الأخير؟!

٢.رأيكم بميريانا في المشهد الاول مقارنة مع ميريانا في المشهد الأخير؟! و ما سبب تغيرها المفاجئ مع تشانيول؟!

٣.رأيكم بشرير الرواية الأول بيكهيون؟! شخصيته و نواياه؟!

٤.رأيكم بآيلا و ماذا تتوقعون مصيرها؟!

٥.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️