توطِئة|| Intro
Chapter One
Chapter Two
Chapter Three
CH4|| دموع الذئب
CH5|| للمرة الأخيرة
CH6||بداية جديدة
CH7||سيدة النار
CH8|| لا تتوهجي
CH9||صفعة و قبلة
CH10|| أول الفجّات
CH11||وجوه جديدة
CH12||حب و راء
CH13|| تخبط
CH14||إمرأة من فولاذ
CH15||بداية الصراع
CH16|| أحياء
CH17|| تاجٌ من شوك
CH18|| بلورة باهتة
CH19|| تتويج الملك
CH20|| معركة الحب
CH21|| شطرنج
CH22|| تَفيض قوّة
CH23|| مقبرة المشاعر
CH24|| ضحايا ح-ب
CH25||الملكة
CH26|| صِراع العروش
CH27||ضبط الملكة
CH28|| حُب وحَرب
CH29|| رِهان الجسد
CH30|| أُنثى الذئب
CH31|| السِّنداوة
CH32|| الدرك الأسفل
CH6||بداية جديدة
" بداية جديدة"






" كوني الملكة على عرش قلبي، احبيني و احصلي علي كلي، سأكون ملككِ لو أردتِ، فقط احبيني!"









كانت ليلة هادئة التي مضت، و نوم هنيئ الذي حصلت عليه ميريانا بفضل تشانيول و توصياته الخفيّة، إنه صباح عطلة نهاية الأسبوع، و كما تفعل عادة؛ كانت تنوي أن توقظ آيلا لينهضنَّ معاً و يحضرنَّ الفطور، لكنها لم تجدها.

شاكست فروة رأسها بأظافرها نَعِسة ثم نهضت من فراشها، ظنَّت أنها لربما في غرفتها تأخذ وقتها الخاص، لذا تحركت هي الأخرى لغرفتها الخاصة.

بعد وقت خرجت إلى غرفة آيلا لتناديها لكنها لم تجدها هناك، خرجت إلى صالة الجلوس و هي تنادي باسمها، توجهت إلى المطبخ بحثاً عنها لكنها لا تجدها هناك حتى.

بدأت تشعر بالقلق بالفعل، آيلا ليست بالمنزل و لن تخرج دون علمها، لم تترك لها ملاحظة و لم تتصل بها و هذا أبداً ليس من عاداتها.

خرجت إلى صالة الجلوس مجدداً تنوي أن تخرج كي تنظر في الخارج بحثاً عنها، لكنها عندما رأت رجلين يجلسان في صالة الجلوس، دون أن تميز ملامحهم صرخت فَزِعَة، لكنه سرعان ما آتى أمامها و كفكف فمها عن الصياح.

" لا تخافي، هذا أنا!"

هبط صدرها بقوة و زفرت أنفاسها رِفقة الخوف الذي داهمها، وقتها رفع تشانيول يده عن فمها و تركها عالماً بأنها ستبدأ بطرح أسئلتها المعتادة.

" أنت ماذا تفعل هنا؟! بل كيف دخلت؟ و من هذا الذي معك؟!"

إقترب الرجل الآخر إلى حيث يقف الزوجين، و تحدث إلى تشانيول متجاهلاً جهل الفتاة قِبالته.

" إن كُنتَ جاهزاً فلنذهب الآن"

ساور الخوف قلبها، فملامح الشاب قِبالتها جامدة و كأنه مُعتاد على أقتحام منازل الآخرين و شرخ خصوصياتهم بهذه السهولة، و هو بالفعل معتاد!

تفشى الخوف في قلبها رغم أن ملامح وجهها ثابتة لا تظهر ذلك،أومئ تشانيول موافقاً لقول رفيقه، ثم برفق أحاط ظهرها بذراعه و جذبها إلى صدره ليتمسك بها بكلتا ذراعيه.

الجو المشحون بطاقة غريبة جعلها تُفشي عن تخوفها منهما لذا سألت توجه الأطول بينهما.

" اتركني، إلى أين تظن نفسك ستأخذني؟!"

تنهد تشانيول مستاءً لأجلها و ليس عليها، لكنه لا يسعه سوى أن يتجاهل أسئلتها الآن، فمهما شرح هي لن تقبل حتى لو فهمت، رفع يده الحُرة من التمسك بها ثم أخذ يمسح بها على وجنتها بلطف، يحاول أن يمدّها بالطمأنينة المسلوبة منه.

" أنتِ مكانكِ ليس هنا بل معي أنا و بعالمي، لذا أنا سآخذكِ من هنا و لن تعودي مجدداً."

إتسعت عيناها بدهشة مما تفوه به ثم استنكرت و النكر تجاوز حد تصديقها لما قاله.

" هل أنت ثمل؟! عن أي عالم تتحدث؟! اخرج من هنا و اذهب أنت و صديقك!"

تنهد تشانيول، يعلم أنه مهما برَّر سيعود خائباً بسبب جهلها، علق رفيقه بهدوء.

" هي لن تفهم عمّا تتحدث عنه حتى ترى بعينيها، دعنا لا نهدر المزيد من الوقت، هيا لنذهب"

أومئ تشانيول و نظر إليها مُشفقاً مُقدماً، لكنه فقير أمام الخيّارات، لا يملك سوى أن يأخذها من هنا و بأسرع وقت ممكن، أحاط خصرها بذراعه و تمسك بها بِغلظة كي لا تسقط من يده لاحقاً، و رفيقه كاي أمسك بيد تشانيول لينقله معه.

" هيا يا كاي"

ميريانا حاولت أن تقاوم تشانيول لكنها لا تستطيع، أنه لا يؤلمها بتمسكه بها، لكنها مجدداً تشعر بتلك الأغلال الوهمية تقيدها عن الحركة، فها هي لا تستطيع إبعاد تشانيول عنها و لا مقاومته.

نظرت إلى الرجل الذي بصبحته، المدعو بكاي، بَرَقَ جِفنه العلوي و نَبَضَ الوشم النجمي في عنقه، شهقت مسحورة في مظهره و قيّد جماله عقلها عن التفكير بأي شيء سوى بشكله الملائكي.

تشانيول جذب رأسها ليخفي وجهها في عنقه بغيرة، كي يزول سحر كاي عن بصرها، يثور غيظاً كلما سحرها أحد أشقائه بمظهره.

لم يبدي كاي إهتماماً لما يحدث بينهما إنما إكتفى بأداء المهمة التي وُكِلَ بها، رفعهما كاي عن الأرض ارتفاعاً طفيفاً و في هذه اللحظة فقط بدأت تدرك ميريانا أن ما يحدث الآن ليس مُريب فحسب و إنما يجتاز حد التصديق و المنطق.

هبطت إحدى الدمعات التي تنم عن خوفها لكنها سرعان ما مسحتها، و رغم أنها مسحتها سريعاً لكنها مسّت عنقه بالفعل، لا تدرك أنه يشعر بها دون أن تتسلح بالدموع، همست هي بنبرة هادئة و لكن شحيح غصة البكاء في حلقها ظاهرة في صوتها.

" أمي و أختي، أمي مريضة و أختي صغيرة، دعني أبقى معهما!"

تنهد مستاءً لأجلها ثم همس بقصد أن يريحها.

" أختك تنتظرك بالأعلى"

إرتغع كاي عن الأرض أكثر و ارتفعها معه، إنها تسير على الهواء أو أن الهواء يحملها، صرخت عندما أصبحت عائمة في الهواء معهم و كادت أن تبكي حقاً هذه المرة.

" أمي! أمي!"

أمسك تشانيول بكتف كاي يوقفه عن التقدم أكثر و قال.

" دعنا نحضر والدتها"

إتسعت عينا كاي بوجل و قال رافضاً.

" لا، هذا لا يجوز! أنت تعلم أننا لا نأخذ من البشر معنا إلا من نحتاجهم!"

إختصر تشانيول على نفسه الوقت الطويل الذي سيسرفه في إقناع كاي- إن إقتنع-، هسهس تشانيول من بين أسنانه التي شحذ عليها، و قد شعّت من حوله هالة حمراء مُهيبة مُخيفة كما لو أنها دخان كثيف نفّاث، إنتشرت تلك الهالة لتلم صاحبها تشانيول و الفتاة في حضنه حتى كادت أن تصل كاي، لكنه إبتعد سريعاً بفزع، إنها الطاقة الحمراء.

" احضرها يا كاي!"

تنفس كاي مذعوراً من فعلة أخيه ثم أومئ ليقول.

" حسناً، لكن تحمل النتيجة أنت"

إختفت الهالة من حوله فجأة و ضم ميريانا إلى صدره بقوة، لقد إنبعثت منه الهالة دون أن يستدعيها، سيتعرض للمسآلة لكن ما يثير حفيظته هو كيف أنها تحكمت به بدل أن يتحكم بها.

صرخت ميريانا في كنف تشانيول بخوف و هي تشعر بنفسها تطير في الجو و كأنها قُذفت بمدفع نحو السماء، أو كأنها في صاروخ وجهته الفضاء.

رفعت عيناها بعد فينة عن كتف تشانيول، فرأت كوكب الأرض ماثلاً أمامها كما لو أنها تراه من قمر إصطناعي، وقتها سقط رأسها على كتف تشانيول فاقدة الوعي، ذلك كان أكبر مما تستطيع تحمله مهما كانت قوية.

نظر تشانيول إليها بعدما خمد صوتها و قلّ تمسكها به، حملها على ذراعيه جيداً و أسند رأسها على كتفه حريصاً أن تكون نومتها مريحة حتى لو كانت في الفضاء، بينما كاي يتولى أمر نقل والدتها.

كوكب من بعيد يظهر باللون الرمادي، كلما تقدم كاي حاملهم معه وضح للنظر أكثر و بان نوره، سماءه محفوفة بالنجوم، هبط كاي على الأرض بقدميه و أهبطهم معه.

تنهد تشانيول بينما ينظر إلى سماء موطنه، إنه النهار لكن لا يوجد شمس، نظر إلى الأرض و إلى مد بصره، كل شيء كما تركه بالفعل، إن الحياة هنا ما تغيرت بل بقيت بإنتظاره، بل إن الحياة توقفت عليه حتى عاد.

نظر في باحة القصر حيث هبط مشتاقاً إلى موطنه العزيز، ثم سار إلى الداخل بعدما ربتّ كاي على كتفه، فور ما شرعت بوابة القصر و دخل، إنحنى كل من في القصر إليه من الخدم و الحرس.

" سموك!"


...........................




ثقيلاً علي ما فعلته بميريانا رغم أنني كنتُ مجبراً، إنني أشعر بالذنب يأكلني كما لو أنه مرض خبيث تفشى بي.

أخشى أنها عندما تستيقظ لن تسامحني و تتهمني بالأنانية دون أن تفهمني، أخشى من تقبلها لهذا العالم الجديد عليها و لِما سيحدث، أخشى علي من التغيير، و أخشى علي و عليها من طاقتي الحمراء الكامنة بي، إنني أخشى عليها من ناري، أشعر بأن كل شيء يسير ضدي.

لأجلها كنتُ مستعداً أن أنتظرها سنين طويلة، حتى تنتهي من كل ما تطمح إليه و أخذها، لكنها لطالما ما طمحت لشيء جديد كلما حققت طموح قديم، مثابرتها شدتني لها و لكنني حرمتها من كل شيء في خِضم لحظة.

هي لم تكن المرأة المختارة لي بحكم القدر فقط، و إنما لو أن القدر ما إختارها لي لاخترتها أنا، أنا واقع في حبها من رأسي لأخمصي، و أخشى على نفسي و عليها من حبي المجنون هذا.

الآن و هي أصبحت طَوع عالمي لا أعرف كيف سأطيُّعها و هي لا تُطيع، عليها أن تخسر كل شيء و تحصل علي وحدي، ذلك إن لم أكن الرجل المطلوب لأعظم المهام هنا و أرجو ألا أكون، إن كنتُ هو فلن تخسرني و حسب، سأخسر نفسي أيضاً.

أحضرت لأجلها أمها معنا و أخفت كاي ليفعل ما أُملي به عليه، رغم أن النتائج لن تكون حميدة، ربما أتعرض لعقاب إزاء فعلتي هذا.

أهبطتُها على كوكبي و منحتها أياه موطناً و منحتها نفسي، أرجو أن يكون ذلك عربوناً كافياً لتتقبلني على ما سأكون عليه.

كوكبنا -موطني- و إن أطلتُ الغياب عنك فلقد إشتقتُ لك، كوكبنا كما عهدنا أن ننعته بالكوكب الضائع، ذلك لأنه خارج المجموعة الشمسية و البشر ضائعين عنه.

قصري حيثُ ولِدتُ و ترعرعت أسميناه قصر الماما، لأنه أمنا الوحيدة، الحياة هنا ليست إعتباطية و لا طبيعية كما الأرض، هنا نظام مختلف عن الحياة على الأرض تماماً.

كوكبنا ليبقى آمن عليه أن يكتفي بعناصره الأربعة الأساسية فقط، الماء، الهواء، النار، و الأرض، قوتي، قوة سيهون، سوهو ،و دي او، واحد منّا سيضحي بالكثير ليكون الأقوى و أنا لا أريد أن أكون هو.

حتى ذلك الحين، نحن نملك قائدين، كريس و سوهو، و لأن قوتي مُتحِدة مع قوة كريس القائد، لي أفضلية على بقية الحُماة بها و أفضلية بامتلاكي قوة النار، أنا الأقوى بين الحُماة، لذلك أملك حِصة الأسد من الطاقة الحمراء.

كوكبنا متأخر مئات السنين عن الأرض، و نحن من أردنا ذلك، هنا لا مجال للتكنولوجيا و الكهرباء و كل حداثة الأرض، كوكبنا مكتفٍ بقواه الطبيعية و بصِناعات محلية لا تؤثر على صحة الكوكب، ذلك لأننا لا نريد أن نقصِّر من عمره كما الأرض.

لدينا شعب عظيم يتجاوز الستة ملايين نسمة، ذلك يعتبر عظيم هنا حقاً بما أنه شعب يقدر عمره بسبعة أعوام فقط.

لدينا جيش عظيم أيضاً يصل إلى أربعة ملايين نسمة، بالإضافة إلى العاملين في خدمتنا و خدمة القصر و نسائنا هؤلاء من الشعب و يعتبرون بمراكز مهمة في البلاد رغم أن عملهم يقتصر على خدمتنا، و ذلك عكس شريعة البشر على الأرض.

على متن هذا الكوكب لا أحد أفضل من أحد بشيء، نحن نحكم الشعب و نقود الجيش و بغير ذلك الجميع متساوون، لا يوجد لدينا فقراء و لا أغنياء، جميع الرجال يعملون ليطعموا أسرهم و جميع النساء مسؤولات في بيوتهن عن وظائف لا توكلهن جهد عضلي.

هنا لا يوجد نظام طبقي يقسم أبناء الجنس و الدم الواحد إلى أفضليات، جميعهم يعتبرون في أعلى مستوى من الطبقة المتوسطة لو أرجعناهم لطبقات المجتمعات البشرية.

نحن إثنا عشر حاكم، أربعة منا تمثل قواهم العناصر الطبيعية الأساسية فهؤلاء هم الأعلى و أعلى الهرم القائديّن، أما رأسه فشاغر للآن.

قصر الماما يبدو كالقصور التاريخية لدى البشر، إنه يشبه القصور العثمانية إلى حد ما، باحاته كبيرة جداً و مزينة بالكثير من التماثيل لنا و نوافير المياه إضافة إلى جِنانه الخلّابة.

مقدمة القصر تطل على المُدن و مؤخرته تطل على البحر، مرفوعة نِصابه بأعلام إسم دولتنا و هذا الكوكب.

يُقسم القصر من الداخل إلى ثلاثة عشر قصراً، لكل حامٍ من الحُماة قصر يخصه، و الفائض عن العدد لمناقشة أمور البلاد و من أجل الإجتماعات الخاصة.

أشعلتُ النار فوق المشاعل بنظرة من عيني أُخبر الحُماة و الجيش و الشعب أنني وصلت.

شرعت بوابة القصر الضخمة على وسعها و انحنى الجميع لي، قبل أن أدخل نظرت إلى لاي الذي أومض لي سريعاً و قد علم ما أريد.

تنهدت ميريانا على صدري ثم فتحت عيناها و الوسن يغزوها، أنزلتها لتقف بجانبي حينما إستعادت وعيها، و ببطئ أدركت المكان الذي هي فيه الآن.

شهقت بخفة و هي ترى جمع غفير أمامها من الناس يعلوهم الحُماة، جميعهم إنحنوا لي و لها عدا الحُماة فتراجعت خطوة مذهولة، كانت ستتراجع أكثر، تظن أنها تستطيع الهرب من هنا و العودة إلى بيتها، لكن هذا أصبح مستحيلاً.

أمسكتُ بعضدها و أعدتُها لتقف بقربي، نظرت إلي ترتجف بخفة لهول وقع الصدمة عليها، ثم قالت.

" أظن أنني أحلم، فلتوقظيني يا آيلا من النوم!"

أمسكتُ بيديها و إلتفتُ بجسدي لأقابلها ثم تحدثتُ بغرض تهدئتها، لكنني زدتُها فزعاً دون قصد.

" أنتِ لا تحلمين، هذا عصيّ على التصديق لكنها الحقيقة، هذا مكانك و هنا ستعيشين، معي و لأجل هذا الشعب، عليكِ أن تعيشي هنا."





..........







تخبطت بفزع قليلاً ثم نظرت إلى الرجال أمامها، إرتعشت بخفة و حركت رأسها بحركة إنفعالية إلى كِلا الجانبين.

يوم سقطت في أحافير البناء و هو أخرجها، يوم حادثة المنارة، يوم آتى مع رجل جعلها تنسى كل ما حدث، الليلة التي رأت فيها الذئاب و يوم أمس عندما تحكم بعقلها.

كان كل ذلك كما قال، عصيٌّ على التصديق، بينما تسترجع ذكرياتها الضائعة و تدرك أخرى ظنت أن الخَرف قد أصابها.

أمسك تشانيول بيدها و تقدم بها، و لأنها ضائعة كلياً سايرت قيادته، يدرك جيداً كم هي ضائعة الآن.

وقف بها أمام الحُماة، جميعهم كانوا ينظرون لها، الآن أدركت فقط أنها لو كانت على الأرض لما أستطاعت رفع عيناها عنهم.

جميلون بشكل مبالغ به و يشتركون بصفات معينة، هنا لا أحد منهم على طبيعته، تشانيول شعره أحمر قاني و يرتفع عن جبهته مرتداً بتسريحة تناسب شكل وجهه و تخطف الأنفاس.

عيناه قرمزيتان يحددهما كُحل خفيف، جفنيه أغمق بقليل و كأنه يضع ظِلال للعيون، يعلو جفنه بريق لامع و مشع يمتد بشكل بَهيّ حتى صِدغه.

فكه مصقول بحدة و شفتاة مكتنزتان، عنقه خفيفة السُمرة و طويلة تبرز في منتصفها تفاحة آدم، و على أعتاب رقبته مع ترقوته هناك وشم لمسار نجمي مرسوم بدِقة.

طوله مُهيب، مرفوع الكتفين، و صدره عريض غليظ، ينحدر عرضه ما إن يصل خصره ثم يزداد عرضاً عند حوضه و أخيراً ساقيه الطويلة، مصقول جسده ببشرة خفيفة السُمرة فاتنة.

إنه لفتنة و حرام على الفتن أن تبرز كضوء الشمس في وضح الظهيرة.

رِفقة هذا الفتون يمتلك زعامة إنحنت ظهور شعبه تقديساً لها، شفتيه التي تبسمت له كشكرٍ و عُرفان ردت عليها بغمّازته الوحيدة التي برقت بذات البريق في وجنته و زادته سِحراً.

صوته الخشن ذا عُمق وئيد و كأنما شق الصخر و ظهر في بحَّتِه ألماساً، لكن نظراته المُفعَمة بالحب و الوِد إليها تنتصر على كل محاسِنه، إنه ذا النار إن عشق أحرق قلبه.

على طِباق حُسنه و وسامته الخارقة، رفاقه الحُماة يملكون نفس البريق الذي يملكه فوق جفنه و وشوم على رِقابهم بإختلاف شكلها، كما أن شعرهم و أعينهم ملونة بألوان أخرى، و لا يقلون عنه بالوسامة أبداً و لا يتفوقون عليه.

لكل منهم سِحره الخاص و لجميعهم سِحر مُشترك.

إنحدرت يد تشانيول من على عِضدها إلى راحتها، ضغط على كفها بداعي طمأنتِها ثم قادها إلى داخل القصر.

ما إن دخلته حتى إنحنى أمامها عُمّال القصر كما حزِرت، همس تشانيول قُربِها قائلاً.

" سآخذكِ لتري أمكِ و أختك، حتى تستوعبي ما يحدث سأنقلكِ إلى الجناح الخاص"

لم تفهم آخر ما قاله و لكنها أومأت بالإيجاب على آية حال، أوصلها حتى باب عِملاق ما ثم طرق الباب بالحلقة المنصوبة عليه.

ثوانٍ و شُق الباب فقال لميريانا

" أنتِ ادخلي، سآتيكِ بعد قليل"

دخلت و هو ذهب، إنحنت إليها شابتان ترتديان فساتين رمادية و طويلة بأكمام كاملة، يغطيهن من رِقابهن حتى كعوبهن، لكن تلك الفساتين راقية التصميم و جميلة جداً.

تقدمت إلى الداخل لترى آيلا تجلس على السرير و تبكي.

" آيلا!"

نفت الصغيرة برأسها تظن أن صوت شقيقتها وهم نبع في رأسها، لكن مع إقتراب ميريانا و جلوسها بجانبها إشتمت رائحة عِطر ميريانا الفريد فرفعت رأسها سريعاً تنظر ناحيتها.

" ميريانا!"

إبتسمت ميريانا إليها تومئ رغم أن الدمع متحجر في عينيها، هرعت آيلا تتشبث بعِناق تبُث فيه خوفها و أشتياقها لأختها، تحدثت آيلا بما حصل معها بينما تبكي.

" لقد أستيقظتُ و وجدتُ نفسي على هذا السرير و وجدتُه أمامي، أخبرني أنه سيتزوجني و أن ليلته معي الغد، أنا خائفة يا ميريانا، لا تدعي بيكهيون ينفرد بي!"

قبضت ميريانا حاجبيها بغضب شديد و ربتت على كتف آيلا تطمئنها رغم أنها في داخلها ليست مطمئنة.

" لا تخشي شيء و أنا معك، و هذا الحقير إن حاول مسكِ و ما كنتُ معك، تعلمين أين تضربيه؟!"

أومأت آيلا و غمست وجهها في عنق ميريانا أكثر، تنهدت ميريانا بأستياء و أكثر ما يجعلها تشعر بالغضب أنها لا تدرك حجم المصيبة التي وقعت بها و لا كيف ستخرج من هنا و تخلص نفسها، لكنها لن تستسلم مهما حدث.

رفعت آيلا رأسها و نظرت في وجه أختها لتقول.

" كيف أتيتِ إلى هنا؟ و ماذا عن أمي؟!"

تنهدت ميريانا، عليها أن تكون صريحة مع شقيقتها رغم هول الموقف، عليهنّ أن يخرجن معاً مهما تكلفهنّ الأمر.

" فهمتُ أنني إمرأة تشانيول المنشودة، هذا كل ما أعرفه، أما أمي فأنا متأكدة أنهم احضروها إلى هنا لكن لا أعرف أين وضعوها."

شهقت آيلا لهول المصيبة أما ميريانا فنفت برأسها و قالت.

" لا تقلقي، سأجد أمي و آتي لأخذك و نرحل من هنا، سنعود للبيت"

همست آيلا تنبه.

" لكننا خارج الكوكب بالفعل، نحن لسنا على الأرض"

نهضت ميريانا من جانبها و قالت عاقدة حاجبيها.

" هُراء! هذا ليس فيلم فانتازيا، كوني متأهبة للرحيل، إنتظري قدومي و لا تُظهري ذلك لأحد"

أومأت لها آيلا رغم قِلة إقتناعها بكلام ميريانا، و لأول مرة تفقد إيمانها بشقيقتها، إنها لطالما كانت المُنقذة، لكن هذه الظروف أكبر منها و من الجميع.

قَبَّلت ميريانا رأس آيلا ثم ودعتها بهمس و خرجت، ظنت أنها ستكون حرة في هذا القصر الفسيح لكنها دُهِشت عندما رأت تشانيول يتقدم و تَخلُفه حاشية من الجنسين يرتدون ثياب حمراء.

إلتفتت ناحية الباب لتنظر في الخادمتين في غرفة آيلا، يرتدين باللون الرمادي أما هؤلاء فباللون الأحمر.

حتى تشانيول بدى مظهره مختلفاً، يبدو كما لو أنه أمير نبيل من عصور سالفة، يرتدي سُترة جلدية باللون الأسود تزيد كتفيه عرضاً ثم تضيق على صدره حتى خصره و تتسع حتى تنتهي بركبتيه، يسفلها بنطال أسود ضيق على قدميه.

على صدره يتقاطع شريطان أحمرا اللون، يصلا من مقدمة كتفيه و يتقاطعان عِند صدره ثم يلتفان حول ظهره ليتصلا بنقطة بدايتهما على كتفيه.

مرفوعة كتفيه بِشارة قيادية، و ذراعه الأيسر من أسفل الشارة حتى الفاصل بين إبهامه و سبابته مُحاطة بكمّاد ثقيل باللون الأسد، عليه رمز غريب لم يسبق لها أن رأته.

تقدم إليها بالحاشية خلفه حتى وقف أمامها، إبتسم و قال.

" هل ارتحتِ بشأن أختك؟!"

تنهدت بأستياء ثم قالت، تكره أن يمثل الطيّبة و يجعلها تبدو الشريرة هنا، خطفها ثم يضحك بوجهها.

" أين ذهبت بأمي؟!"

يتفهم حِدتها و ما توقع أن ترضى بالواقع و لا بالقدر الذي كُتِب على كلاهما.

" في مكان آمن"

صقلت شفتيها بإبتسامة خشنة و قالت.

" دُلني على هذا المكان الآمن، أريد أن أراها الآن"

نفى برأسه رافضاً و ود لو بيده أن يفعل لأجلها شيء، يكفي أنه تحمّل توبيخ حار من سوهو الآن، إن أدخلها سيكون بورطة حقاً.

" ليس الآن؟!"

تخصرت أمامه بغضب و قالت.

" و متى إذن؟!"

إرتفع حاجبه بسخط و نهرها بشدة، كان لأول مرة أن يبدي إنفعالاً عليها، هنا هو حاكم و أمير و حامي النار، و هي لا تعطي إهتمام لأي من هذا، فقط تُبقي على أسلوبها هذا و بسببها تضيع هيبته بين العمّال.

" قِفي بإعتدال، هذا ليس كوكب الأرض حيث يمكنكِ التبجح أمامي هكذا!"

إرتفع حاجبها بإزدراء و ما حركت بها عضلة كما لو أنها تتحداه، هي بالفعل تتحداه، همست.

" و ماذا إن ما فعلت؟!"

تنهد كاتماً غيظه و قال.

" وقتها لن تقابلي أمك، لا الآن و لا لاحقاً"

إعتدلت بوقفتها ثم تنهدت منزعجة فأشار هو إلى الفتيات خلفه و قال.

" خذن الأميرة إلى جناحها و اجعلنها تظهر كما وجب في هذا القصر"

تقدمنّ ستة فتيات ناحيتها بعدما انحينَّ له بطاعة ثم انحينَّ لها و أشرنَّ لها أن تسير أمامه.

" لن أطيعك دوماً سيد بارك تشانيول"

أومئ لها ثم أشار لها بأن تذهب مع الفتيات فتنهدت مجدداً و سارت و هو قال بصوت خفيض.

" اطيعيني هذه المرة فقط"

سار تشانيول من خلفها حتى وصل منعطفاً إنعكف إليه مع الرجال الذين يخلفونه، سار حتى وقف أمام باب ضخم جداً صُنِعَ من خشب ثقيل جداً.

إنحنى حُرّاس الباب إليه ثم شرعوا بفتحه ليدخل، إنها قاعة عظيمة تشبه قاعات البلاط الملكي لملوك المملكة العُظمى سابقاً.

أرضيتها مُبلطة ببلاط مزخرف يحوي رموز و أشكال تكاوين نجمية مختلفة، يتدلى من السقف ثريات من الذهب الخالص و أضوائها تشعّ في القصر و يتجاوز نورها القاعة، إنها قوة بيكهيون.

في القاعة إثنا عشر مقعداً ضخم، يتقابلا كل إثنين ليشكلا مجموعتين من ستة مقاعد، تلك المقاعد صُنِعت من الذهب و سَتر حشوتها قماش من مخمل أحمر.

في مقدمة القاعة يتمركز عرش مهيب، صُنِع من الذهب الخالص كبقية المقاعد لكنه أكبر حجماً و مرفوعاً عن أرضية البقيّة بمنصّة ذهبية و درجتين.

كما لو أن القاعة لإثنا عشر أميراً و ملك، لكن لا أحد يشغل عرش الملك حتى الآن.

على يمينه، فوق الستة مقاعد كُتب حُماة الطبيعة و يعلو كل مقعد رمز بلون مُشِع معين و في الجهة المقابة سِتة مقاعد أُخر يعلو كل مقعد رمز مخصص أيضاً يشع بلون معين و كتب فوقها حُماة الحياة.

تقدم تشانيول إلى مقعده في الجِهة اليُمنى ثم جلس، جميع الحُماة مجتمعون في هذه القاعة، جميع المقاعد مشغولة إلا مقعد الملك شاغر.

تحدث سوهو -قائد حُماة الطبيعة- بعدما أُغلق باب القاعة عليهم.

" الآن و قد إنتهينا من لمّ الفتيات و أصبحنّ جميعهنّ في القصر، نستطيع أن نُحصِّل قِوانا الكامنة فيهنّ"

وافقه كريس -قائد حُماة الحياة- القول و اتبع.

" إذن علينا أن نقيم الزفاف الملكي لأجل تشانيول و ستبدأ التحضيرات الخاصة صبيحة الغد."

علم تشانيول تكمِلة الحديث و خصوصاً عندما أطاع نظر سوهو ناحيته توقعاته.

" و ذلك لأن ملك النار تأخر لدرجة أنه أجبرنا أن نقيم طقوس زواجه بالليلة التي تلي حضوره أخيراً مع الفتاة"

تنهد تشانيول لكنه ما أبدى إنزعاجاً أوضح لتوبيخ سوهو، حتى قال القائد مسترسلاً بإستنكار.

" ما الصعب في إحضار فتاة عن كوكب الأرض؟! استهلكك إحضارها أعوام!"

وقف على قدميه ثم إنحنى بجذعه لهم قائلاً.

" أعتذر عمّا سببته من تأخير و إتلاف للقوى و نظام الطبيعة، أنا سأكون مسؤولاً و أتحمل نتائج خطأي"

لطالما كانت أخلاق تشانيول رادعاً عن الإسهاب في توبيخه، تنهد سوهو ثم قال.

" و لِمَ أحضرت والدتها معك؟! أخبرنا كاي عمّا فعلته، أنت تعلم أن إستخدام الطاقة الحمراء ضدنا نوعٌ من التمرد علينا."

إنحنى تشانيول مجدداً و قال.

" أعتذر، ما قصدتُ التمرد، لقد حكمتني الطاقة بشكل سلبي، سأسيطر عليها"

تنهد بيكهيون بجانبه ثم صفع مؤخرة تشانيول ليقول.

" كُف عن كونك مهذباً إلى هذا الحد!"

سرعان ما تلقى ضربة على رأسه من قائد مجموعته سوهو فقال.

" عليك أن تكون مثله، في داخل هذه القاعة نحن حُماة نحكم هذا الكوكب، خارجها أخوة طبيعيين"

لكن لم يسبق لبيكهيون أن أطاع فأمسك بمؤخرة رأسه ثم قال مستنكراً يتحدث إلى سوهو.

" أتضربني يا سوهو؟! سأريك!"

نهض سريعاً عن مقعده قبل أن تصله ضربة أخرى و تعالت صوت الضحكات أما هو فإنتقاماً من سوهو نزع أضواء القاعة و أضاء هو فقط، تحديداً خصلاته الفضيّة و عيناه اللتان تحملا نفس اللون.

" هذا الصبي!"

قالها سوهو بأستياء رغم أن بيكهيون يصغره بعام واحد فقط، و يعد من أكبر الحُماة عُمراً إلا أنه و كما عُرف عنه، اللمسة الظريفة بين الحُماة، الوحيد الذي يمرح في الأرجاء.

بقي بيكهيون يتصرف بهذه الأفعال المرِحة حتى اسموه الحُماة الطفل الفضيّ، فظن أن من الرجولة أن يكون خشن الطِباع مع آيلا، ذلك لتراه رجلاً شديد العزم و ليس طفلاً مشاكساً.

هرب من القاعة بعد نزع أضوائها و رفض أن يصلحها بنظرة منه مهما ألح عليه سوهو بفعل ذلك، إنه للمرة الألف ينزعها.

تنهد سوهو، بعدما خرج بيكهيون من هذه الأجواء المملة كما يعتقد، ثم قال.

" غداً في الساعة الثانية عشر منتصف الليل سيتوافق مسار القوس لذا تشانيول تأهب و أجعل عروسك جاهزة لتتم طقوس زواجكما"

أومئ للقائد لكنه في نفسه يشعر بالثقل، كيف سيخبرها عنهما و عمّا ستعيشه في الغد؟!

.......................

سلااااااااااااام

و هنا أعلن أنها البداية الحقيقية للرواية، الأحداث المشوقة قادمة يا رفاق!

لذا اظهروا الحب لصالح الدرك الأسفل، إنها تستحق.

الفصل القادم بعد 60 فوت و 60 كومنت.

١.رأيكم بتشانيول؟ قلقه على ميريانا؟

٢.رأيكم بميريانا؟ هل ستتقبل ما سيحدث معها أم أنها ستثور؟

٣. كيف ستكون طقوس الزواج و ماذا تتوقعون أن يحدث بين تشان و مير؟!

٤.رأيكم بالكوكب الضائع؟ بالقصر؟ بالحُماة؟ و طبيعة الحياة هناك؟!

٥. رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️








© Mercy Ariana Park,
книга «الدرك الأسفل|| The Eternal Monarchy».
CH7||سيدة النار
Коментарі