توطِئة|| Intro
Chapter One
Chapter Two
Chapter Three
CH4|| دموع الذئب
CH5|| للمرة الأخيرة
CH6||بداية جديدة
CH7||سيدة النار
CH8|| لا تتوهجي
CH9||صفعة و قبلة
CH10|| أول الفجّات
CH11||وجوه جديدة
CH12||حب و راء
CH13|| تخبط
CH14||إمرأة من فولاذ
CH15||بداية الصراع
CH16|| أحياء
CH17|| تاجٌ من شوك
CH18|| بلورة باهتة
CH19|| تتويج الملك
CH20|| معركة الحب
CH21|| شطرنج
CH22|| تَفيض قوّة
CH23|| مقبرة المشاعر
CH24|| ضحايا ح-ب
CH25||الملكة
CH26|| صِراع العروش
CH27||ضبط الملكة
CH28|| حُب وحَرب
CH29|| رِهان الجسد
CH30|| أُنثى الذئب
CH31|| السِّنداوة
CH32|| الدرك الأسفل
CH31|| السِّنداوة
بارك تشانيول (الملك)


الدرك الأسفل|| The Eternal Monarchy





"السِّنداوة"






*السِّنداوة هي أُنثى الذئب.








أُحِبُ فيكَ أنَّكَ رَجُلٌ باذخ
الحُب مِنكَ لا يَنضب
والحُب فيكَ لا يكفيكَ
لأن ما يحمله قلبي لكَ
لا يوفيكَ حقكَ منه
يا أحب حُب وَلَج فؤادي
إذ بكَ أُحِب
ومِنكَ عرفتُ معنى الحُب.

........

مَرّت ثلاثةِ أيامٍ عُجاف بليالٍ مُدلهِمّة صمّاءَ الحِس، فميريانا لم تَستَفق بعد.

عِند نُقطةٍ ما؛ أراد لاي أن يَتدخل لإيقاظها، لكن تشانيول أوقفه بقوله "دَعها تنام بقدر ما تحتاج، إنها مُتعَبة".

ونومها قد أتعبه هو أيضًا، لأنه مُشتاق لأن يُضمّها، أن يتحدث معها، أن يُشاجرها، أن يُصالحها، وأن يكون شقيًّا معها.

كل مُناه وأُمنياته مرهونة بها الآن، وبمتى يملئ النوم شِعاب رأسها فتستفيق وتُملئ شِعاب رأسه بمُشاكستها وشقاوتها التي يحب.

متى يحين وقتي؟!
بلا صبرٍ يُفكر، ولكنه يَتَّشِح بالصَّبر.

صباح اليوم؛ عُقد إجتماع خاص بجلالة الملك وحُماته الأُمراء، فبعض الأمور لم تَشغل نِصابها بعد، ولم تَكتَمل.

منها؛ قضية زوجات الملك الثلاث اللّاتي ما زِلنَّ على الأرض قانِتات.

إذ كان الملك يجلس على عَرش الذهب، وحُماته يحدّونه بمقاعدهم عن اليمين والشمال وهم جالسون، إلا لوهان الثاني في الترتيب بين حُماة الحياة.

لوهان يَقف ويوضّح رؤيته ورؤية ما يَنُص عليه بروتوكول المملكة المُقدَّس.

"جلالة الملك، لا يَسعني أن أقول إلا أن بقاء زوجات جلالتكَ الثلاث على الأرض لهو أمرٌ مُنافٍ لتوجُّهات الحُكم لدينا، فماذا ترى؟!"

الملك تَنهد، فطريقة تحدث أخيه لوهان -بتلك الرسميّة- تعني "أنا أتجاهل مشاعرك ومشاعر الملكة، فلا تذكرها"

لأن لوهان بطبعه حازم، وسياسات المملكة والحُكم في المقام الأول عِنده، وتنفيذها واجب لا نِكال أو تكاسل فيه حتى لو كان على حِساب مصالح شخصيّة أو مشاعر أحد، لا يَهُم.

لذا تشانيول استوفى طريقته في الحديث، وأجابه.

" تعلم سموّك أننا لم نتغافل عن أمرهنّ عمدًا إلا أن هذا ما صيَّرتنا إليه الأحداث والظروف"

أومئ لوهان، كذا بقيّة الأُمراء ليُتبع المَلِك.

" سأوكل المُهِمّة إليكَ سموّ الأمير لوهان، اذهب أنت والأمير كاي، كذا الجينرالين جاكسون وجونغكوك، احضروا الأميرات بهدوء، ثم سأقوم بالإعلان عنهنّ في حَفل التَنصيب"

وقف الأمير كاي ثم كِلاهما انحنيا معًا لمولاهم الملك.

" أمرُكَ جلالتك!"

جَفَّ قَلم تِلك الصحيفة، وأتوا بسيرةِ شأنٍ آخر من شؤون المَملكة حتى يشرعوا في تقرير مصيرها، حتى أصبح الإجتماع يَعقد هُنيهاته الأخيرة.

وفيما يَنفضّ مجلس الملك وحُماته، وعادوا ليتحدّثوا على طبيعتهم كإخوان؛ إستئذن إحدى حُراس القصر الفضيّ الدخول، وما إن دخل تَطلَّع إلى الملك وقال.

" مولاي الملك، أمرتني سموّ الأميرة آيلا أن أُعلمك أن الملكة قد إستفاقت أثناء إنعقاد الإجتماع"

بلا أي مزيد من الثَرثرة؛ وجد تشانيول نفسه -وهومُجرّد عاشق مُشتاق وزوجٍ مُحِب- يركض إلى حيث هي، حيثما كانت، بلا أي إعتبار لمكانته كملك القوم وكبيرهم.

............

في وقتٍ سابق...

جناح الأميرة آيلا مَشحون ومُكتَظ بالأميرات، كذا السيدة الأُم كانت موجودة.

الجناح فسيح، لذا يتفرّقن الأميرات في أحياءه ويتحدثن تصبيرًا لأنفسهنّ حتى تستيقظ الملكة.

آيلا كانت تجلس على السرير، عند يمين رأس ميريانا، وأُمها تجلس على يساره.

كانت الأميرة لورينا -وهي أميرة الأمير تاو وملكة ساعة الزمن- تضتَجع على إحدى الآرائك القريبة من السرير فيما تنظر إلى الملكة -كما البقيّة- بحُزن وشَفقة.

" لقد عَرض تاو أن يُسرّع بمُضيّ الوقت حتى تستيقظ ميريانا، لكن تشانيول رفض، قال أنه سينتظرها كما يجب لأنها إنتظرته"

جازميت برمت شفتيها مُتأثرة بتلك الكلمات التي تعكس مشاعر الملك الصادقة وقالت.

" إنه رومنسيّ للغاية ومُتفهم، لا كالحائط الذي تَزوجني!"

فجأة إنخرط الجميع بالضحك وليليانا استنكرت.

" ماذا لو سمعكِ الأمير لوهان الآن؟!"

حَرّكت كتفها بلامُبالاة وببرودٍ نَبسَت.

" ربما يزجّني بالزنزانة المُخيفة مُجددًا"

ثم فجأة أصبح الوضع حَرِج، كذلك ماريّا تحدّثت بحرج.

" كفاكِ! لن يفعل بالتأكيد، هو يُحبك"

تنهدت جازميت ونبست.

" هو لا يعرف كيف يُحِب."

حينما شعرت بأن الكآبة، التي تعوّدت عليها في داخلها، قد فَكّت أقفالها وانتشرت في جوِّ الجلسة النسائيّة هذهِ؛ إعتدلت جازميت في جلستها على الأريكة وقالت بصوتٍ يَعُمّه المرح.

جازميت قد إعتادت على لوهان وطِباعه السيئة، ليس على أيًا منهم أن يُشاركها هذه المُعاناة.

" الآن دعوكم مني، متى قال الأمير لاي أن الملكة ستستيقظ؟!"

أجابت آيلا فيما تُسرح مُقدمة شعر أُختها الغافية بأصابعها.

" قال لا وقت محدد، قد تنام لأسبوع كامل وعلينا أن نَصبر فقط"

ضِمن تِلك اللحظات حَرَّكت ميريانا حدقتيها أسفل جفونها، ثم أنّت، ثم حَرَّكت رأسها يمينًا، وأخيرًا فتحت عيناها ببطئ.

" لقد استيقظت!"

آيلا هتفت بحماسة، فالتففنّ الأميرات جميعهنّ من حولها.

فتحت ميريانا عيناها على رؤى أوجُه كثيرة، كُنَّ الأميرات وأسألتهنّ الكثيرة.

"مير، أنتِ بخير؟!"

"كيف تشعرين؟!"

"أتَشعرين بألم؟!"

تنهدت وملامح وجهها مُمتَعِظة، ثم بصعوبة حاولت القعود وكان الجميع من حولها هُنا ليساعدونها.

جَلست بينهنّ والإرهاق بادٍ على ملامحها الذابلة، لكنها رغم ذلك إبتسمت لهنّ وقالت.

"أنا بخير تمامًا، لا حاجة للقلق!"

تَمسَّكت بيد آيلا عن يمينها ويَد أمها عن يسارها، ثم أراحت رأسها على كتف والداتها فيما تَبتَسم، بَدَت كوردة ضعيفة تُقام الذبول بألوانها الباهتة.

كانت آيلا تَبكي عن يمينها فمسحت لها دموعها ثم ربتت على وجنتها.

" كفاكِ بُكاءً، أنا حقًا بخير"

نَظرت إلى جميعهنّ، منهنّ من يبكينّ ومنهن من عيناها تَدمع.

" أشتقتُ لَكُنّ، آسفة لأنني لم أَكُن أستحق منصبي، كان عليّ أن أحميكُنّ ولو بِدَمي"

شددت آيلا على يدها ونَفت برأسها تقول.

"لا تقولي هكذا، لولاكِ لبقينا في حالةِ حربٍ لا تَنتَهي، نحنُ بخير، وأنتِ كذلك، الآن هذا كُل ما يَهُم!"

أومأت وابتسمت لَهنّ.

" الآن اخبرني عنكُنّ، كيف حالكِ مع بيكهيون؟!"

آيلا أخفضت رأسها وتنهَدَت بإستياء، حينها تحدثت السيدة كيم والدتهنّ.

" تلك تنوي الإنفصال عنه"

اتسعت عينا ميريانا ونظرت إليها وبإستهجان هتفت.

" جُننتِ أنتِ؟!"

تنهدت آيلا وأخذت تنظر في حِجرها.

" أدركتُ كم أن الإنفصال عنه خَطِر على حياتي وحياته."

سُرعان ما إعترضت ميريانا.

" انسي بشأن خطر الموت الذي يُحدِق بحياته وحياتكِ لو إنفصلتما، ماذا عنه؟!
هو يستحق فرصة...!

أنتِ لم تَري ما بذله من مجهود لحمايتكِ، وإسترجاعكِ، ثم إخفاء أمر المُستنسَخ عنكِ، لكنني رأيت، ورأيته ينضج، ولا أرى أنه يستحق منكِ نكر الجميل، له عليكِ عُرفان"

تَذمّرت آيلا.

" حسنًا، لقد فهمت... إنَّكِ تُشعريني بالذنب الشديد حياله، وكأنه المُتَضرر لا أنا، لن أتركه، لقد إتفقنا أنني سأمنحه فرصة بالفعل، وأصبحنا أفضل معًا"

سُرعان ما تأوَهت آيلا، وتمسَّكت بكتفها حينما نالت ضَربة عليه من يَد أُختها القاسية.

" سأجعل لوهان يلعب بعدادت عقلكِ الغبيّ أيتها الساحرة!"

برمت آيلا شفتيها بضيق والجميع إنخرط بالضحك حتى آيلا بعد ثوانٍ.

....

بَعثت آيلا رسولًا إلى قاعة الماما لتبليغ الملك بالأخبارة السارّة بالفعل حينما بَلغهنّ أنه في إجتماع مع بَقية إخوانه.

لكنها لم تَمضي دقائق، وإذ بالباب يُفتح ويَطل منه هو، تشانيول مُجرَّد من مُلكه وسُلطانه، عارٍ إلا منها.

العِشق يَنفُر من عينيه ولهفته لها تسبقه الركض إليها، لم يَكُ يرى سِواها في عينيه، كان يرى عينيها الدامعة وشفتيها الباسمة، حتى ذراعيها التي تفتتحت لتحبسه داخلها.

كان قويًا لكن حنونًا حينما ضَمّها، إذ إرتطامه بها كاد أن يُسقطها لكنه بذراعيه أسندها إلى صدره وتوَغّل وجهها في عُنقه.

كانت الدموع تَسقط مِنها ومِنه بلا أي حَسيس ولا كلمات، تَشعر بنبضات قلبه كاللكمات على صدره، كأن نبضاته تطرق أبواب صدره، تقول مُعتَلٌ صاحبي؛ داويه.

خرج الجميع مُراعاة لفجّة الحُب والشَوق هذه دون أن يحسّا، تَمسَّكت بكتفيه وفصلت بينهما، وكان بوِده لو تعلّق بها أكثر، أكثر حتى الأبد لكنه طاوعها وابتعد.

إبتسمت ودموعها تنحدر فعينيه المُهيبتين تترقرق كماها، مَسحت بإبهاميها سِرب الدمع وفعل معها ذات الشيء فتفلَّتت منها ضِحكة، ثم غامت عينيها مُجددًا حينما نَبست.

" إشتقتُ لكَ مِلئ ما بي من حُب لكَ"

لم يَسمع منها تِلك الكلمة قط، أنه أول إعتراف منها له، هي كلمة واحدة فحسب، تُداويه، كلمة واحدة فحسب هي الدواء.

إقترب منها واحتضن وجهها بكفّيه، همس وجبهته إلى جبهتها.

" قُوليها!"

كفّتيها ساورت مِعصميه وهمست له.

" أُحبكَ تشانيول أكثر مِما تَصِف الكَلمة"

مشاعره هائجة ورغباته تفتّقت، شوقه يَجرح، وحدها القُبلات تُضمِّد.

إذ إختطف شفتيها على وجه سُرعة وقوّة، قبّلها كأنها أول قُبلة وآخر قُبلة، ما كانت لتقدر أن تتنفس بين القُبلة والقُبلة فهو لا يُمهِلها.

ضيّق يديه عليها وجعل يُقبلها أعمق وأكثر وأطول، يجول في كل ركن وزواية، هنا وهناك، برقة وشِدّة، بحُب وجنون، وبكمٍّ هائل من التناقض.

" تشانيول، دعني أتنفس!"

كانت قد دفعته عنها برفق، فجذبها إلى كُنفه يعانقها مُجددًا، واشتم خُصل شعرها الناريّة حتى أعمق نُقطةِ شَم يملكها.

جعل ذِراعها أسفل ساقيها وأُخرى خلف ظهرها ثم حَملها على ذراعيه، خرج بها من جناح أخيه الأمير بيكهيون وكذا خرج من القصر الفضيّ.

كانت تَشعر بالخجل، فهي فُرجة لكل عابر ومار، لذا فضّلت أن تحتمي به إذ خبأت وجهها عِند عُنقه.

وصل بها إلى الجناح الخاص بهم في قصر النار، وضعها على السرير، لكنها إعتدلت وقعدت تقول.

" أوَد أن أستَحم"

أومئ.

" سأُنادي لأجلك العاملات"

نَفت برأسها وقالت.

" لا، سأكتفي بنفسي"

أمسك بيدها وساعدها لتنهض ثم قال.

" حسنًا، سأكون هُنا لو إحتَجتِ شيء"

كان يقف إلى الشُرقة وقد تَجرد من ثيابه المَلكيّة، واكتفى برِداء النوم الخفيف، حينها خَرجت ترتدي ثياب نومٍ ساترة، ثم أتت لتقف بجانبه.

حالما نظر إليها أسرّته فابتسم، فهذه هي أخيرًا إمرأته التي يعرفها.

" كيف كُنتَ؟!"

سألته فجأة في خَضّم الهدوء القائم بينهما.

" كالقمر، أُسقِط على أُمَّتي النور وأنا مُعتِم...

يروني جميًلا ووحدي أرى عيوبي

أدفع عن ناسيّ الألم وأتكبده وحدي

كما قمرٍ صغير في الفضاء، ينتظر من شمسه أن تجعله جميلًا وتُضمّد جروحه.

بِبُعدكِ كُنت هكذا يا شَمسي"

نظر لها، كانت تبتسم.

"وأنتِ كيف كُنتِ؟!"

حينها تنهدت وأجابته

" كظلٍ يبحَث عن ظليله"

أستدار إليها وجعل يُمسك بيديها، ثم طبع قُبلة على كل واحد والثالثة كانت على ناصيتها.

" أنتِ مَلكتي، ومُلكي، ومِلكي، وملاكي، ومالكتي، ومِكيالي، أنتِ كُل شيء تتضمنه حياتي"

تَبسّمت فيما تنظر إلى عينيه التي تَجول في أعماق روحها، وكأن عينيه تَطلع على فؤادها، للحُب دغدغة في بدنها، الآن تَحِس أنها بطلة قِصةُ حب مَلحميّة.

صعدت يده وجنتها وهمس.

"دعيني أُحبكِ الليلة، ولتكون أول ليلة بيننا، لأننا الآن نُحِب، أنا أحبك وأنتِ تُحبيني، دعينا نُنجب حُب الليلة."

لم ينسى أن يَطئ بشفتيه جبينها قبل أن يَطئ شفتيها مُجددًا، ثم ساقها دون أن يفصل خط القُبلات إلى داخل جناح، وفرشها كالحرير على سريره.

آتى بجانبها، وتمّسك بيدها ينظر إلى ملامح وجهها التي تَكتنز خجلًا، تبسم لها وابتسمت، ثم انطوت تُخبئ وجهها فيما شغر منه وكان صدره.

جعل يضحك حُبًا ثم لاطف أنفسها بسبابته، جعل يده تلتف حول خصرها ورفعها، ثم جعلها على صدره.

كانت تنظر إليه وينظر إليها، لكنه شقيّ إذ شرع يُسقط عنها الأشرعة كي تغطس مراسيها في بحره ويبتلعها كجزءٍ منه.

طبع قُبلة على كتفها، ثم عُنقها، ثم صعدها وصعد سُلَّم الحُب درجة درجة وبتأني حتى نضجت الرغبات باسم الحب، وكان هذا اللقاء عن حب، لا لمصلحة ولا لأسبابٍ خفيّة.

لم يكن ليغفو تلك الليلة، فهي أخيرًا بشخصها وشخصيتها تنام على صدره وتستدفئ بذراعيه، لم يكن ليتحول إلى هيئته البشرية،بل أبقى نفسه على هيئته الناريّة، التي لا تعتاز النوم، تعتازها هي فقط.

كما أن وجودها الآن بين ذراعيه لا يٌمَل، النظر إلى تفاصيل ملامحها لا يُمَل أبدًا.

...............

كان قد حَل الليل ولَمَّ السكون أرجاء القصور، حينها جازميت كانت تَجلس على إحدى الآرائك في جناحها تَقرأ كِتابًا، بينما لوهان يقف أمام الواجهة الحائطية حيث يتعلق رمزه، يسفله سيفين مُتقاطعين.

تناول إحدى السيفين واستند به على الأرض كما لو أنه عصا.

" قُلتِ عَنّي حائط"

رفعت عيناها عن الكِتاب، تَطلَّعت على وضعيته في الوقوف، ثم عادت النظر في كتابها فيما نَبست.

"وإذا؟"

ثم تمتمت بصوت خفيض رغم سِعته على قراءة أفكارها بلا أن تتكلم حتى.

"ليس وكأنني كَذبت!"

ضرب السيف بالأرض بغضب والتفت لها.

"ألا تدركين أن بكلامكِ الصبيانيّ هذا أنتِ تكوني مَسستِ بمَقامي كأمير!"

لم تَكُ لتُصرف نظرة عليه، هي فقط هَمست.

" الأمير لا يقوم بحبس أميرته في زنزانة مُقرِفة، بل رجلٌ همجيّ من يفعل شيئًا كهذا"

تنهد وأمال رأسه ينظر لها، ثم إستنكر.

" ألن تتركي الأمر يمضي؟!"

أغلقت دَفَّتيّ الكِتاب على بعضها بقوّة إذ أظهرت غضبًا واتبعت.

" أبدًا!"

أومئ ثم نبس بعدما أرجع السيف إلى نصلِه.

" من يهتم؟ ابقي غاضبة إذن!"

قضمت شفتيها بقهر حينما تركها بمفردها، وتوجّه إلى غُرفة الثياب ليبدل ثيابه، ألقت الكتاب من يدها بعيدًا وصرخت.

" أيها الإنتهازي اللئيم الغبي المُتعجرف!"

سُرعان ما سمعت صوت بابًا ينطبق بقوة، ثم ظهر وقد بدل ثيابه، لكنه غاضبٌ جدًا كماها.

" هل فقدتِ عقلك أيتها المرأة المجنونة؟!"

إقتربت منه ووقفت في مواجهته تقول.

" نعم فقدته، ماذا أنت بفاعل؟ إنفصل عني، فلا يمكن لخروجي من حياتكَ أن يقتلَك أيها الأناني المُتعَجرف!"

تَنهد مِلئ جوفه ثم همس.

" جازميت اخلدي إلى فراشك!"

سرعان ما رفضت.

" لا أريد!"

" اذهبي قبل أن أُجبرك!"

قضمت شفتاها مجددًا فيما تشعر بأن عينيها تحرقها، لكمت صدره بقبضتها الواهنة، ثم تحرّكت لتنام على السرير قبل أن يتحكّم بعقلها، ويجعلها دُمية لتنفيذ أوامره.

خَلدت إلى الفِراش كما أمر، ثم بعد وقتٍ آتى بجانبها، كانت تَنام إلى أقصى الشِمال وينام لوهان إلى أقصى اليمين، وما بينهما فراغ شاسع يتسع كلاهما وأزيد.

لقد تعايشا مع تلك المسافات التي تفصلهما طواعيّة عن بعضهما، فهو لا يُبادر ولا يقبل المبادرة.

لم تَكُ جازميت لتنام بعد هذا الإحتدام، ولا لوهان رغم أنها صدره كالجليد، لا يحتويه مشاعر.

همست.

" أحلامي كانت أبسط من منصب أميرة، أردتُ أن أتزوج رجلًا يحبني فقط."

وَجّه رأسه ناحيتها، كانت تُعطيه ظهرها، لكنه استمع لها.

" ألا يُحب الذئب أُنثاه؟ إذًا لِمَ أنتَ لا تُحبني؟"

جعل ساعده أسفل رأسه واستمع فقط.

" أنا فقط أريد منك إهتمامًا! ألا أستحق!"

تنهدت ثم أغمضت عيناها.

"أنا لا أدري لِما أتحدث إليكَ حتى، أنت لن تُحاول أن تفهمني!"

شرعت تبكي بصمتِ في حضرةِ سيد الصمت، لم تَكُ لتنتظر منه شيئًا كتربيتة، لكنه كان مشغولًا عنها بها.

يجول في أفكارها وبين عواطفها، يعلم أنها لا تكرهه كما يظهر، بل على العكس؛ تُحبه وتتمنى لو يحبها.

لا تدري أن مشاعره ناحيتها ودودة وورديّة، لكنه فقط يجد أنه من السخيف أن يحكمه شعور، ويسيطر عليه.

لم يسبق أن جال في أعماق أفكارها وعواطفها إلى هذا الحد كما الآن، وهذا ما حَسّسه بالتقصير ناحيتها، سيهون أخبره يومًا أن الاُنثى تعيش على الحُب والإهتمام إن كانت ولهانة، لكنه لم يقدم لها شيء.

لذا الآن كانت مبادرته الأولى من نوعها، أقترب منها من خلاف وعانق خصرها بذراعه وجعل صدره إلى ظهرها.

شهقت، ارتعشت، إرتجفت، لكنها لم تحاول أن تبعده، نامت في النهاية، ولوهان فكر أن عليه إستشارة إخوانه بشأن علاقته معها.

......................

في الصباح؛ إستفاق تشانيول بعد ليلة طويلة من السُهاد وقضاء حوائج الحُب، كان يشعر برأسها على صدره، تحديدًا فوق قلبه، إبتسم.

يدها كانت مُرتاحة على كتفه، وفي كُنفه تنام بدفئٍ ورخاء كما لم تفعل يومًا، رفع يدها وجعل يُقبّلها، ثم بأطراف أنامله كان يُزيح خصل شعرها المُتناثرة على وجهها.

ضحك بخفّة يتكتم على فاهه بيده كي لا تنزعج، وجهها مُنتفخ، شفتيها فاغرة، وجهها يتمردغ في صدره وكأنها قِطه الأليف.

زفر أنفاسه وأحاطها بكلتا ذراعيه ثم أسبل النظر لها، هذا الصباح ولا كُل صباح ولا أي صباح، اليوم هي بين يديه راضية، تُحبه ويحبها، ماذا يريد أكثر؟!

يقسم ألا شيء يريد بعدها.

مَضى الوقت حتى فتحت عيناها أخيرًا، نظرت له ثم إبتسمت فابتسم.

تمسّكت بالغطأء فوق صدرها وقعدت على السرير.

" صباح الخير"

قعد ثم أسند ذقنه على كتفها، وذراعيه أحاطت خصرها.

" صباح حلاوتكِ يا حُبّي!"

أشاحت ميريانا عنه بخجل خصوصًا عندما أخذ يتلمّس بصمات شفتيه التي تنتشر على أديمها، من فكها وذقنها حتى أجزاء تسترتها بالغطاء.

" تشانيول لا تَكُن مُنحرِف، يكفيكَ!"

برم شفتيه ونظر لها فنظرت له، حينها لم تشعر بنفسها إلا وهي تسقط بين يديه، صرخت لكن يده جردتها من الغِطاء وغطس أسفله معها، ثم أخذ يقبلها بشقاوة، وهي تتذمر.

" تشانيول لا تُقبل وجهي، ستترك علامات عليه!"

لكنه بعناد وضع قبلات فوق كل معالم وجهها، لتترك فيما بعد علامات تدل أنه جال هذا الوجه الحَسن بشفتيه.

" تشانيول، لا تفضحني!"

ضحك مما قالت، وارتفع عنها فقرصت أرنبة أنفه بين أصبعيها.

" مَلِكٌ مُشاغب!"

جعلته يضحك مجددًا وضحكت معه.

بعد وقت؛ كان يضع رأسه فوق صدرها ويفكر، لذا تسآلت فيما تلاعبه بشعره.

" ما الذي يشغل بالك؟!"

تنهد ثم أجابها.

"هُناك أمر يوشك أن يحدث، وأخشى ألا تُحسني الظنّ بي أو تشكّي بنواياي"

جعلت أصابعها أسفل ذقنه ورفعت وجهه لها تقول.

" ولِمَ قد أفعل؟! اعلمني ما الأمر؟"

"تعلمين أن دان اه، وسوان، وسارانغ لا يصلح أن يبقينّ على الأرض"

أصابعها التي كانت بين خصل شعره النارية توقفت عن الحركة فرفع رأسه لينظر لها، حينها إبتسمت تهضم سوء وقالت.

" لقد نسيت أن لك زوجات غيري!"

تنهد وجعلها تنظر إليه حينما أدار وجهها بيده وقال.

"ميريانا، لهذا السبب أنا قلق من الحديث معكِ بهذا الشأن، لا زوجة لي قبلك ولا بعدك، وحدكِ من في قلبي، أنتِ تعلمين بالفعل!"

تنهدت ميريانا لكنها أومأت، ثم قالت.

" ماذا سيحصل بشأنهن؟!"

" عليهنّ القدوم وحضور حفل التنصيب ثم البقاء في القصر"

سُرعان ما قعدت على السرير وبان عليها الغضب تقول.

" ستضعهن في وجهي؟! تظنني سأحتمل أن أراك تدخل وتخرج من عندهن وأصبر؟! أقسم سأقتلهنّ وأنت قبلهنّ"

تنهد وجلس على الفراش ثم أمسك بيديها بين يديه واتبع.

" لا تكوني عنيفة هكذا، أنا لن أدخل جناح أي واحدة منهنّ، حتى إنني لن أضعهنّ في قصر النار، سأضعهن في القصر العام، سيعشن على اسمي فقط، لن يحصلنّ على أي شيء مني.

ثم أنا ذئب؛ لا يمكن أن أتزوج أو أحب أكثر من مرأة واحدة، لا تَنسي ذلك، حسنًا؟!"

استرسلت في النظر إليه دون أن تُجيب، لكنها صرخت حينما فجأة أصبحت على كتفه وسار بها إلى دورة مياه.

" رجلٌ مُنحرف، لن أستحم معك، أنزلني!"

وضعها في حوض الماء المزين بالورود الحمراء وأتى بجانبها، عانقها من الخلف، إذ أصبحت تجلس وظهرها إلى صدره.

أراحت رأسها على كتفه ثم همست.

" سأتحمل كل شيء لأجلك!"

قَبّل رأسها ثم احتضن خصريها، لكنه حينما بدأ يتحرش بها تذمرت.

" يكفيكَ ما حصلتَ عليه يا منحرف"

سرعان ما إعترض.

" من قال أنه يكفيني؟!"

.....................................

اليوم يُعَد هو يومٌ مُهِم في تاريخ المملكة الخالدة، فاليوم؛ وأمام شعب الأيري العظيم أو كما يُطلَق غليه رسميًا في كُتب التاريخ شعب الإلز؛ سَيعلِن جلالة الملك المُفدى عن إكتمال نِصاب الحُكم.

فلقد توِّجَ الملك وتوِّجت الملكة، وجميع الأميرات أصبحنّ في أماكنهنّ بالفعل، كذلك سيتم تعيين بعض الأشخاص الكفؤ في مناصب مهمة بالدولة، وآخرين سيتم ترقيتهم إلى مناصب مَرموقة أكثر.

عرش الملك يعلو المنصّة الأعلى ذات الهُذب الذهبيّة، بجانبه الملكة التي تضع على رأسها تاج الملكة، وترتدي فُستانًا أحمر قانٍ، يضيق حتى وِسطها ثم يتَّسع بعد ذلك.

كذلك الملك يرتدي فوق زي الحُماة عباءتُه الفضيّة وعلى رأسه تاج الملك، خلفهما ثلاثة كراسي لكل أميرة من أميراته الثلاث على رؤوسهنّ تيجان الأميرات كما البقيّة.

تليها المنصة الفضيّة، يعلوها الأُمراء الإحدى عَشر بأزياءهم السوداء المُهيبة التي تتخلها اشرطة فضّية، وعلى يمين كل واحد منهم زوجته الأميرة، جميعهنّ يرتدين ذات التصميم من الفساتين لكن تختلف الألوان تِباعًا للون كل قوّة.

أما المنصّة الثالثة؛ فيتوزع عليها رؤوس هامّة في الدولة، منها تايهيونغ، جونغكوك، وجاكسون.

وَقف الملك بعدما أعلن بدأ الحفل، فوقف الجميع بعده ثم هو خطب بشعبه.

" اليوم نحتفل بأن العائلة الحاكمة قد إكتملت، كذلك لنحتفل بنهاية الحرب، وحلول السلام ضيفًا لن يُغادر مملكتنا...

وبما أنني أقف أمامكم؛ دعوني أذكر أمرًا، ثِقوا بكلمتي دومًا ولا تستمعوا لغيري، أنا لن أخذلكم، فأنتم أمانة بعُنقي، وأنا لستُ بمفرّط بكم أو بمشاعركم، أنا، وأنتم، وعائلتي، جميعنا عائلة واحدة، لذلك نحنُ واحد، من هنا آتى شِعار مملكتنا الخالدة، نحنُ واحد"

تَبسَّمت ميريانا وصفّقت له كذلك الجميع، ثم تشانيول أشار لها واتبع.

" لولا الملكة لما إستطعنا مواجهة هذه الحرب والإنتصار بها، لذا دعوني أقول، أنَّ لها فضلًا على مملكتنا للأبد، ولأنها ذات فِطنة وعقلٍ بليغ؛ أود أن أُعلن أنني أقوم بتعيينها مُستشار أول في قاعة الماما"

الجميع أخذ يصفق إلّاها، فما كانت تدري أنه سيقوم بتوليتها بعضًا من شؤون الحُكم، تقدمت من الملك ثم نظرت إلى شعبها السعيد.

" شكرًا لكرمك جلالتك!"

تَمسّك بيدها وأومئ باسمًا، حينها نظرت إلى الحُماة بينما الملك ما زال يعلن عن المزيد من الترقيات والمناصب.

لوهان بدى مُغتاظًا والأمر لا يعحبه، تشمتت في سِرها، وودت لو أنها تضحك بسخرية منه علنًا، الآن قد تفرَّغت له، ستريه عدوّ الحُب والجِنس اللطيف هذا!

أو لا... هي لم تتفرغ كُليًا، تِلك الحِرباء إن حاولت أن تتلاعب معها ستقتلها، تمسَّكت بيد تشانيول بقوة حتى أنه عكّر حاجبيه مُستفسرًا فابتسمت له بريئة الأديم.

ضحك بخفة ومَس بأنامله ذقنها يُداعبها، هكذا علنًا، تشانيول لا يخجل أن يُري الناس كم هو يُحب مَلكته الحبيبة.

تكلّم تشانيول.

" وأخيرًا أُعلن عن مَنصب جينرال لكل من جيون جونغكوك وجاكسون وانغ لِقاء إسهاماتهم الجَمّة في حِفظ السلام ومساعدة الملكة"

ثم تشانيول بنفسه نزل عن المنصّة ووضع لكل واحد منهم وِسام الشرف على صدره، ميريانا بالكاد كبتت ضحكتها بينما تنظر لهما، يحاولان مثلها أن يتّسما بالجدية ولا يضحكان، وهذا جعلهما يبدوان مُضحِكان.

" أرخي كتفيك!"

ربّت الملك على كِتف الجينرال المُستَجد جونغكوك ثم ابتسم.

" وآخر فإن منصب قائد الجيش أعطيه للجينرال كيم تايهيونغ"

إنحنى تايهيونغ يجلس على رُكبة فيما يحمل سيفه أمامه.

" أمرُ جلالتك"

أقامه الملك ثم ربّت على كتفيه، عاد إلى عرشه ثم أشار أن يبتدأ الحفل، فبدأت عروض الرقص والغناء يستعرضونها فِرق مُحترفة من الشعب.

ميريانا كانت تشعر بعين دان اه عليها وذلك ما جعلها تنفخ صدرها بالفخر وترفع كتفيها بفخر، وتزداد تمسُّكًا بيد تشانيول الذي فهم أنها الآن تغار عليه من نِسائه الأُخريات.

ولإرضائها شابك أصابعه بأصابعها وجعل يهمس لها.

" التاج يليقُ بكِ مَلكتي"

إبتسمت فهمس مجددًا.

" تضعين الكثير من مستحضرات التجميل، كان عليكِ ترك بصماتي ظاهرة وحسب حبيبتي"

رمقته شرزًا فضحك بخفة، حينها تمتمت.

" رجلٌ مُنحرف!"

............................

ليلًا وقد أُغلِقت الأبواب على ناسها، كانت آيلا تَجلس أمام مرآتها وتحاول فَكّ الزينة التي بشعرها، عادة ما تكون هذه مُهمة بعض العاملات المُختصّات في رعايتها، لكنها ترفض دومًا مثل هذه الخدمات.

كان قد بدّل بيكهيون ثيابه المَلكيّة لأخرى مُريحة، وعاد ليجدها أمام المرآة تتصارع مع شعرها، حينها عَرض.

" تُريدين مُساعدة؟"

كانت آيلا تبرم شفتيها وتكاد تبكي، بدى مظهرها لطيف وهي تومئ له، تقدم منها وابتسم، ثم بأنامله النحيلة أخذ يفكّ لها زينتها الثَقيلة، حينها تنهدت براحة وتنفّست الصُعداء.

" شكرًا لكَ"

أومئ لها واتبع ما يفعله بشعرها حتى حَلَّله، وأصبح حُرًّا طليقًا يرقص بين أنامله، كيف له أن يرى شعرها يرقص له؟!

ذلك الحِس العالي من الإغراء والجاذبيّة الذي تمتلكه يجعله غير قادرًا على كبح أنفاسه عنها وعن طلائعها الخجول.

تجعله راغبًا فيها بجنون رغم أنها لم تفعل شيء لتُغريه، لم يَحسّ على نفسه حينما دَس وجهه في جوف عُنقها، تمسّك بكتفيها واستنشقها كما لو أنها نَزعات موتٍ أخيرة.

أغمضت عيناها، وأخذ قلبها ينبض بجنون، لِمَ هذا الأخرق في جوفها يُرفرف، تكاد تُجَن!

لِمَ هي لا تدفعه؟ لِمَ لا تُبعده؟
بل تود لو تبقيه بهذا القُرب منها للأبد، بهذه الحميميّة.

" آسف!"

قالها عندما وعيَّ علاما يفعله، وابتعد عنها خطوة، لكنها لم تَكُ لتتحرك، بل وكأنها تيبّست، وبينها تسآلت.

" متى أحببتُهُ أنا؟!"

" آيلا، أنتِ بخير؟!"

فتحت عيناها، وتَطلَّعت عليه عبر المرآة دون أن تَقُل شيئًا، إقترب لها من خِلاف وفسّر.

" أنا لم أستطع كبح نفسي في تلك اللحظة"

نهضت ثم إقتربت منه حتى وقفت أمامه.

" لا تكبح نفسكَ عنّي!"

إرتفع حاجبه بلا تصديق وهمس.

" ألا تكرهيني بعد الآن؟!"

تنهدت آيلا ،ثم سارت حتى أدركت سور الشُرفة، وهو تبعها حتى وقف بجانبها، حينها قالت.

" مُذُّ علمت أنه لم يَكُ أنت ما عُدتُ أكرهك، بل شعرتُ بالخجل منك، فرغم أن رجلٌ آخر سبقكَ إليّ؛ أنتَ لم تُبالي وتحملتَ كل غضبي وعدواني، لم تحاول الدفاع عن نفسك حتى."

كانت عيناها قد إمتلئت بالدمع، وجعلته يَشعُر بما تَشعُر به حينما تكلَّمت.

" البقاء في البرّية وفّر لي الوقت لأُفكِّر مطوّلًا بما عليَّ فعله، وما هي حقيقة مشاعري نحوك، كان البُعد في صالحك وصالحي، لكن صوت ضلَّ ينبعث من داخلي يخبرني أنني لا أستحقك، لذلك طلبتُ الإنفصال عنك"

إلتفتت له وكانت قد سارت دموعها على وجنتيها.

" وصدّقني أن طلبي بالإنفصال عنكَ أوجعني بقدر ما أوجَعك!"

تبسّم رغم أنف ندى عينيه، تقرّب منها ثم إحتضن وجهها براحتيه، واجتذبها ليضع قُبلة على ناصيتها، والثانية على أرنبة أنفها، والثالثة على شفتيها.

جعل يُقبّلها مرارًا وتِكرارًا، لكنه ابتعد عندما لم تُبادله فبحرج نبست.

" لا أعرف كيف أُقبِّل"

ضحك بيكهيون مِلئ جوفه ثم اجتذبها إلى ما بين ذراعيه يُعانقها، أراح ذقنه على كتفها وأغمض عينيه، أخيرًا يشعر بالراحة.

أما آيلا فبتردد وبُطئ رفعت ذراعيها؛ كي تضم خصره، كان صعبًا عليها أن تفعل في البداية؛ لما بينهما من حواجز كثيرة وضعتها هي، لكنها في النهاية عانقته، وابتسمت فيما وجهها غاطس في جوف عُنقه.

له همست.

" أنا أودَّك بيكهيون، وربما أكثر من ذلك!"

إشتد عِناقه لها وهمس.

" أنا أُحبكِ بجنون!"

...................


في صباح اليوم التالي؛ كُنَّ الأميرات يلتففنَّ حول طاولة الإفطار فيما ينتظرنَّ وصول الملكة، من بين الأميرات وجه آيلا بدى مُبهجًا، لذلك تخافتنّ عليها الأميرات بالأسئلة.

" ما الذي حدث؟!"

" تصالحتِ أنتِ وبيكهيون؟!"

أومأت آيلا وأزهرت خجلًا، ثم أخذت تتلقى التهاني من الأميرات، لكن تلك البهجة إندثرت نوعًا ما حينما وقع بصر آيلا على الأميرات الثلاث الجُدد الخاصّات بالملك.

الفتاتين الصغيرتين تَبدينَ آمنتين، لكن تلك التي تبدو أكبر من ميريانا حتى ليست آمنة إطلاقًا.

إذ جلست بكِبر في مُقدمة الطاولة مستولية على مكان الأميرة ماريّا -وهي الأقدم وجودًا في القصر من بين كل الأميرات- لكن الأميرة لم تَقل شيء، فقط جلست في المحل الشاغر في آخر الطاولة، وانتظرت أن تُنصفها الملكة حينما تأتي.

فالملكة هي المسؤولة عن الامور الداخلية في القصر وأمور الأميرات والعُمّال.

وصلت الملكة، فوقفنّ الأميرات جميعهم لتحيّتها، لكنها سُرعان ما نفت برأسها وأشارت لهنّ بالجلوس.

" لستُ هنا ملكة، نحن زوجات إخوة فحسب!"

جلسنَّ وهي جلست في مقعدها على رأس الطاولة، لكن ما إن نظرت إلى يمينها، ورأت هذا الوجه المُستفز؛ تحولت حلاوة هذا الصباح إلى مرارة.

إرتفع حاجب ميريانا بإستنكار، ثم شابكت أصابعها فوق الطاولة، ونظرت إلى تلك التي تجلس على يمينها فيما تبتسم بإستفزاز وقَرف.

" أنتِ ماذا تفعلين هنا؟!"

دان اه رفعت كتفها وتحدثت بنبرة متعالية.

" هذا مكاني!"

ضربت ميريانا الطاولة بيدها وبعصبية نَبست.

"ومن قال لكِ أنه مكانك؟!"

فأجابت دان اه بنبرة مُتعالية بطريقة تُحطط من منزلة الأميرات الأُخريات.

"أنا لستُ زوجة مُجرّد أمير، أنا زوجة الملك سموّكِ!"

إرتخت ميريانا على مقعدها ونبست.

" من قال لكِ أنكِ زوجة الملك؟

أنتِ في مقام غرض يتم إستهلاكه مرة واحدة، ثم يوضع بين الخرداوات"

دان اه لم تهتز لمثل هذه الكلمات المُهينة، بل أرادت أن تحرق فؤاد التي تُناظرها مهما كان الثمن.

" إستهلكه زوجك الملك جلالتِك"

وبكل برود أجابتها ميريانا بعدما برمت شفتيها.

" حتى اغراض الملك إن بَليت أقوم برميها."

ثم أشارت لها بعينيها.

" والآن انهضي من هنا، فمقامكِ هناك يقطن، في آخر الطاولة، هذا المكان لأجل أميرات الأُمراء المبجّلات"

نظرت بكيدٍ وحرج على أعضاء الطاولة اللواتي تبسّمن بشماتة لها وأخريات فقط إحتفضنّ بالصمت.

عادت ماريّا إلى مكانها، لكن دان اه عن عمد حاولت أن تُعرقل ماريّا بينما تَمُر بها، إذ كادت تسقط لولا أن ميريانا تداركت الوضع سريعًا بقدرتها الخارقة على التنقل، وأمسكت بها قبل أن تسقط، ثم بنبرة قلقة سألتها.

" أنتِ بخير سموّ الأميرة؟!"

أومأت ماريا لها، لكنها حاولت التمسّك بميريانا؛ كي لا تجعل الأمر أكبر مما هو عليه بالفعل، لكن ميريانا تنتظرها على خطأ، ودان اه لم تُقصِّر.

تقدّمت ميريانا من دان اه مشحونة بالغضب، وتلك كانت فاغرة الفاه لإستعراض القوّة الذي كان مُذُّ لحظات.

" اعتذري لها"

دان اه نظرت إلى الملكة التي ترفع حاجبًا بسخط، ثم إلى الأميرة ماريّا الني تبدو متوترة، واعتذرت.

" أنا آسفة سموّ الأميرة"

أمرتها ميريانا بلهجة قاسية وصارمة.

" جيد، والآن عودي إلى جناحك، وممنوع أن تنظمّي لمجالسنا مُجددًا، اخرجي!"

أرادت أن تعترض لولا أن ميريانا قاطعتها.

" لكن!"

نظرت ميريانا إلى الباب فانفتحت دفّتيه، حينها ميريانا اتبعت.

" لدي مزاج إجراميّ الآن، أخرجي قبل أن اقتلك!"

خرَجت دان اه كما أُمِرَت برأسٍ مُنكَس، حينها عادت ميريانا إلى مَقعدها وتحدثت.

" لننسى بشأنها ولنتناول طعامنا، أشتاق لجلوسنا معًا"

وقع بصرها على آخر الطاولة؛ وإذ بسوان وسارانغ يجلسنّ بعيدًا عن بقيّة الأميرات، يلتصقن ببعضهن ولا يأكلنّ، الخوف واضح على معالمهنّ.

حينها ميريانا بنبرة هادئة وليّنة تحدثت، فهي لا تريد أن تكون مصدر رُعب لهنّ طالما هُنَّ لسنَ مصدر إزعاج لها.

" سوان وسارانغ، لِمَ تجلسن هناك ولا تأكلن؟! أجلسنَّ بقُربنا وانخرطن معنا!"

سوان حينها تحدثت فيما تنظر إلى طبقها.

" ألسنا مثل دان اه، غرض بالٍ ومكاننا الخُردة؟!"

نفت ميريانا وقالت.

" لا، أنتنَّ لسنَّ بمقامها، أنتنّ أميرات قديرات، هي من حوّلت نفسها لإمرأة بلا كرامة، لذا اقتربنّ"

اقتربنّ كما قالت، وحاولنّ الأميرات أن يعاملنهنّ بأفضل طريقة ممكنة.

بعد الطعام؛ خرجن الأميرات لشُرب الشاي والقهوة في بيت الشاي، وبينما يتحدثنّ بمواضيع مختلفة سوان رفعت يدها رغبة بالمشاركة فأذنت لها الملكة حينها قالت.

" هل سأعيش أنا وسارانغ للأبد هكذا؟"

عقدت ميريانا حاجبيها وتسآلت.

" ماذا تَقصدين؟"

أخفضت الأميرة رأسها ونبست مُبتئسة.

" بلا مُستقبل معلوم، وحيدات للأبد، لن نستطيع تكوين عائلة بما أننا مُرتبطات باسم الملك"

حينها وضعت ميريانا فُنجان الشاي بعصبيّة مكانه، وبغيرة نبست.

" أتردنّ الملك؟!"

سارانغ نفت.

" لا نقصده، لكن فكرنا كثيرًا، أنا لا أريد أن أشارك إمرأة برجُلها مهما كان، أريد رَجُل خاص بي، لي وحدي، نحنُ لا نريد الإرتباط الآن، ما زلنا صغيرات، لكن أسنعيش للأبد هكذا؟"

آيلا تمسّكت بيد ميريانا تُشير أنها ستتحدث بدلًا عنها، ثم بإبتسامة لطيفة تحدثت إلى الأميرتين الصغيرتين.

" أنتنَّ لا تزالنّ صغيرات بالتفكير بالأمر، وللأسف قانون المملكة لا يسمح لكنّ بالتجرّد من مكانتكنّ كأميرات، لكن ربما هناك طريقة ما، إن وجدتنّ رجالًا مُناسبين في المستقبل، سنجد حلًا"

إبتهجنّ الفتاتين وسوان بحماسة قالت.

" حقًا؟!"

أومأت آيلا وابتسمت لهنّ، فتبادلنّ الصغيرتين عِناق، كانت ميريانا شاغرة البصر إليهنّ، تشعر بالحُزن بشأنهنّ.

بعض الناس ولدوا بقدر لا يتضمن السعادة، وهذه كانت مجرد وعود لا صِحة لها من الأساس، فقط ليكنّ بخير الآن.

.............

جلسة الأميرات في بيت الشاي ما زالت مُستمرة، ومُذُّ أن الجميع الآن يعلم أن بيكهيون وإيزابيلا تصالحا؛ فقد حان الوقت ليولوينّ إهتمامن في الثرثرة إلى جهة أخرى، الأمير لوهان وأميرته جازميت بالتأكيد.

فجازميت مُذُّ صباح اليوم وهي لا تتصرف كما العادة، شاردة طوال الوقت، وكأنما هي مهمومة أو مشدوهة من شيءٍ ما.

تقرّبت ماريا منها حتى جاورتها في المَقعد ثم وكزت كتفها تقول.

" لا تَبدين بخير يا فتاة، أمِن خَطب؟!"

تنهدت جازميت، ثم قالت بصوت سمعه الجميع مُذُّ أن جميعهنّ يُنصِتن.

" نِمتُ بين ذراعي لوهان البارحة، لقد عانقني!"

" حقًا؟!"

أخذت تومئ برأسها، وحينما تَسللت إبتسامة لم تستطع كبتها إلى شفتيها؛ جَعلت تغطي وجهها بكفيها بخجل.

ضحكت ميريانا ثم ربتت على كتفها تقول.

" لوهان هذا ذا الحجم الصغير لا أدري من أين إكتسب هذه الشخصية الحاسمة، على كُلٍ أظنني سأتشاجر معه كثيرًا"

جازميت نظرت لها وأومأت.

" انتقمي لي منه، سأكون ممنونة!"

وفيما الجميع ينخرط بالأحاديث، عن الأُمراء والبلاد وما إلى ذلك، ميريانا وقع بصرها على دان اه -التي لن ترفع شأنها بتلقيبها أميرة- تنظر إلى مكانٍ ما.

وإذ هي تنتظر أن يخرج تشانيول إلى باحة القصر فركضت له، وتعمدت أن تتعثر أمامه كي يلتقطها بذراعه قبل أن تسقط، وذلك ما فعله.

ميريانا شَدت قبضتها بعصبية مُفرطة، تكاد ترتكب فعل أحمق لا يليق بمكانتها كملكة وسيدة البلاد الأولى.

لكنها عندما أصبحت تتباكى أمام تشانيول؛ ميريانا عقدت حاجبيها، وعبر الرياح تنصّتت على ما تقوله للملك.

" مولاي الملك، أظن أن الملكة تكرهني، هي حتى حرمتني من الإنضمام للنساء على المائدة ومنعتني كذلك عن بيت الشاي، أنا أيضًا زوجتك، تكلم معها!"

ما كاد تشانيول أم يُجيبها حتى أصبحت ميريانا أمام تلك المرأة الداعرة وبظهرها تشانيول تفصل بينهما.

دفعت بدان اه أرضًا بغيظ وصرخت فيها.

" زوج من قُلتِ أيتها الساقطة؟!"

ثم بأعلى نوتة إستطاعت الوصول لها حتى أن أوداجها إنتفخت.

" إنه زوجي أنا وحدي!"

تشانيول تمسّك بكتفيّ ميريانا يُثبتها لعلها تهدأ، لكنها تفلتت منه تصرخ.

" دعني، سأريكَ بها!"

وتلك التي على الأرض اقترب منها الأمير سيهون لإنهاضها، فوقفت تبكي.

" لا يحق لكِ مُعاملتي هكذا، أنا زوجته أحببتِ أم كرهتِ، ولي حق به كما لكِ، وأريده"

ركلتها ميريانا بقدمها دون التقدير لمكانتها أو للجمع من المتفرجين، أُمراء وآخرون.

لكنها فقط كانت تريد قَتل تلك المرأة مهما تكلفها الأمر، إلا أن تشانيول ما كام ليُفلتها، بل قيّد معصميها إلى صدرها، وحشرها بين ذراعيه وصدره حتى ما عادت تستطيع إبعاده رغم أنها في كُنفه لا تهدأ، حتى أنها رَكلته ليتركها.

" قلت لك أفلتني، حتى أنت سأتدبر أمرك، أتظن إن أصبحتَ مَلِكًا يمكنك أن تتحدث إلى النساء؟!
سأعاقبك على طريقتي، أقسم!"

رغم إنفعال وغضب ميريانا الشديد؛ تشانيول كان يبتسم، وفي تهديدها الأخير جعلته يكتم ضِحكاته غصبًا.

لطالما كانت هذا النوع من الإناث، سِنداوة جامحة لا يُمكن ضبطها، تروض الجميع على هواها ولا تتروض.

وهو يحبها لأنها هكذا، تغار عليه بجنون، ولأجله تستطيع أن تتخلى عن كل مبادئها ومناصبها والتعامل مع غيرتها وغضبها كأنثى مجنونة، إمرأة غيورة وعصبيّة.

لكن آخر ما توقعه أن تقوم بلسع ذراعيه بتيار كهربائي فارتد عنها وشهق، حينها إلتفتت له وهمست غاضبة.

" هذا جزاؤك لأنكَ لمستها، ولم أنتهي منكَ بعد، سأريكَ لاحقًا"

دفعت بصدره عنها وسارت بغضب حتى لحقنها الأميرات.

سيهون فغر فاهه يبتسم.

" اووه! لا أصدق أن الملكة أنثى غيورة وجامحة هكذا!"

لوهان أشاح بسخط عنهم، بيكهيون ضحك، أما تشانيول فرفع سبابته بوجه أخيه يقول.

" أنت! أتُغازل زوجتي!"




.......................


سلاااااااام


ميريانا بي لايك:
جوز مين يا روح أمك؟!😂

إحتمال 50% يكون الفصل الجاي الفصل الأخير، لهيك اتفاعلوا😂♥️

الفصل القادم بعد 150 فوت و200 كومنت.

1.رأيكم بتشانيول؟!

2.رأيكم بميريانا؟!

3.رأيكم بلوهان وجازميت؟!

4.رأيكم ببيكهيون وآيلا؟!

5.توقعاتكم لمصير الأميرات الثلاثة؟!

6.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️

© Mercy Ariana Park,
книга «الدرك الأسفل|| The Eternal Monarchy».
CH32|| الدرك الأسفل
Коментарі