توطِئة|| Intro
Chapter One
Chapter Two
Chapter Three
CH4|| دموع الذئب
CH5|| للمرة الأخيرة
CH6||بداية جديدة
CH7||سيدة النار
CH8|| لا تتوهجي
CH9||صفعة و قبلة
CH10|| أول الفجّات
CH11||وجوه جديدة
CH12||حب و راء
CH13|| تخبط
CH14||إمرأة من فولاذ
CH15||بداية الصراع
CH16|| أحياء
CH17|| تاجٌ من شوك
CH18|| بلورة باهتة
CH19|| تتويج الملك
CH20|| معركة الحب
CH21|| شطرنج
CH22|| تَفيض قوّة
CH23|| مقبرة المشاعر
CH24|| ضحايا ح-ب
CH25||الملكة
CH26|| صِراع العروش
CH27||ضبط الملكة
CH28|| حُب وحَرب
CH29|| رِهان الجسد
CH30|| أُنثى الذئب
CH31|| السِّنداوة
CH32|| الدرك الأسفل
CH14||إمرأة من فولاذ
" إمرأة من فولاذ"








ما زال صوت الصفعة يرنّ في أذنه، و ما زالت كلاماتها في سمعه و كأنها رنين، أنّى لها أن تزداد قوة في موقفٍ كهذا، تكتشفُ به أنها أسيرة لدى عدو زوجها، و زوجها لا يدري عنها، و تبقى إمرأة من فولاذ.

تحسس طرف شفتيه، هناك حيث زفّت قطرات دمه الصفعة التي أدمت شِفته السُفلى، تبسم هازئاً أو مستنكراً، إنها تستطيع إيلامه و هدم قِواه، مجدداً طاقتها لا يُستهان بها، تمنحها قوة عظيمة.

مسح قطرات دمائه القاتمة- دمائه تميل للون الأسود أكثر مما تكون حمراء-، ثم نظر إليها بعينٍ ساخطة، و إن كانت قوية أنّى له أنه يضعف.

بدت تقف أمامه بثبات و عِز، و لم تخشى وعيد عينيه، لذا أراد أن يختبر مدى جُرأتِها، إقترب منها حتى أمسك بذراعها، و اجتذبها بقوة إلى جسده.

حينها نبس و شفاهه الداميّة تكاد تمس وجنتها اليُمنى.

" أحب النساء القويات، يستهوينني"

إبتعد قليلاً إثر دفعاتها المُتقرِّفة منه، ثم جعلت عيناها في عينيه لا تخشاه، و ما تفاجئت حينما جاهر بنذالته و رفع يده، بغية إسقاطها على وجنتها.

لا إرادياً كمشت ملامحها و عانقت جسدها، كما أن كتفيها نفرا، لكن شيئاً من أذاه لم يُصبّها، نظرت ناحيته فتفاجأت بوجود رجلٍ دخل بينهما، و ها هو يحميها بظهره.

أمسك الشاب بمعصم تشانيول، و أنزله عن ميريانا رغماً عنه، و بينما يفعل ذلك حطّم عِظام رِسغ تشانيول، الذي كبت ألمه بصعوبة، حتى أن صوت فرقعة عِظامه سمعتها ميريانا و أثارت رُعبها كذا دهشتها، حتى أن تشانيول إنتهى يلعن بصيحة خشنة لشدة الألم.

نهضت ميريانا من خلف ظهر الشاب ذاك لتنظر في وجهه، حينها شهقت، إنه بيكهيون، عيناه الفضيّة تتوهج، و من أسفل شحوب بشرته عروقه بارزة، شعره يلمع بشدة بلّون الفضيّ، و حتى للمعان شعره صوت خفيف.

نبس بيكهيون بينما يضغط على معصم تشانيول دون أن يحيد ببصره عن.

" قِفي بظهري جلالتكِ، سأحميكِ!"

إزدرئت جوفها، و تقدمت لتقف بظهره، ثم تمسكت بدُبر زيه الملكي الممزق و الأغبر، حينها بيكهيون أفلت تشانيول، فسقط أرضاً الأخير يمسك بيده يتألم.

دفعه بيكهيون بقدمه فيتمدد أرضاً على ظهره، ثم وضع بيكهيون قدمه فوق صدر تشانيول يقول.

" لا تظن نفسك الأمير بحق، أنت مجرد نسخة رديئة الصُنع عنه، و أنا سأبيدكَ أنتَ و ملكتك العاهرة و إخوانك المزيفين"

أمسك بيكهيون بيد ميريانا، و سحبها معه يبغي الخروج، لولا أن صوت ضحكات تشانيول إستوقفته فتوقف.

" يبدو أنك شعرت بما حصل بزوجتك، أُقدم لكَ أحرّ مواساتي، فللأسف أخي لن يدعها و شأنها، سيحرص أن يتسلى بها طالما هو يستطيع"

بيكهيون نفث أنفاسه بغضب شديد، ثم رفع عينيه  الرمادية إلى السماء فانطفأت، ساد الظلام على الكوكب كاملاً، و ثار الرعب في المملكة.

كان ذلك وقت بيكهيون أن يتسلل إلى خارج القصر بزوجة أخيه، ذلك الظلام الدامس كان كافٍ ليعمي أبصارهم عنه و عن ميريانا.

ما زالت تلك الكلمات تتردد في خَلَدِه، يشعر بالغضب الشديد و الحيرة، كيف إستطاع خداعهم و الإستولاء على مكانه؟

هو طفلهم الفضيّ كيف لم يميزونه؟!

لكنه ما عاد طفلاً الآن، العذاب الذي ناله في الأيام الماضية جعل عوده أقوى، على عكس ظنونهم؛ فهم أرادوا كسره و حسب.

هو لم يضعف كما أرادوا، و هم لم يستطيعوا سلبه طاقته و لن يستطيعوا.

خرج بميريانا من القصر خفيةً، ثم إتجه بها إلى الغابة، و ليتحاشى شر الحيوانات جعل ضوء النهار  يعود، و لكنه كان حريصاً أن يخبئ زوجة أخيه داخل جذع شجرة مُعمِّرة بأمان.

ثم حصل و إرتمى بيكهيون أرضاً بقوة و العرق يتصبب من جبهته بغزارة، هناك أثر نصل في رِسغه الأيمن و آخر إنكسر في رِسغه الأيسر، إنه يفقد طاقته بسبب أنه لم يأخذ من آيلا شيئاً بعد، و لأنهم حرصوا على تعذيبه طيلة الفترة الماضية.

تقدمت ميريانا منه تريد أن تطمئن و تقدم المساعدة لو إستكاعت، لكنه منعها بذراعه أن تخرج من مكانها قائلاً بصوت مُنهك.

" فلتبقي بالداخل، أنا سأكون بخير"

تنهدت مُستاءة مما هو عليه من حال بائس، لا يُسمَع إلا صوت أنفاسه المُتعبة في عتمة هذه الغاب، يغلق عينيه و العرق يسير من على بشرته و يزيد على لمعته لمعاناً.

خرجت من الجذع بهدوء، و لأن الألم يكاد يأكل وعيه لم يكن قادراً على ردعها عن الخروج مجدداً، نظرت إلى رسغيه و الدموع قد وجدت مكانها في جفونها، فالمشهد أليم و هي في النهاية بشر مهما إشتد عودها.

قطعت أطراف فستانها و لفّتها على رسغه المُصاب، ثم أمسكت رسغه الآخر بلطفٍ شديد، النصل ما زال عالقاً به، إنسابت دموعها أمام هذا المشهد المُريع و قررت أنها ستنقذه و لو بحياتها.

أمسكت بالرسغ فانزعجت ملامحه متألماً، وضعت يدها إلى وجنته، و أخذت تربت عليه بلطف تقول.

" سموك، سأخرج هذا النصل من يدك، و إلا إزدادت جروحك تسمماً، و إزداد الخطر على روحك، أرجوك حاول أن تتحمل!"

لا تدري بأي حق رَجته أن يتحمل ألم يستحيل كبته، لكنه أومئ عالقاً ما بين وعيه و لاوعيه، زفرت ميريانا أنفاسها، و استجمعت قوتها تنظر إلى ذلك النصل العالق بيده.

بكفين يرتجفان أمسكت بالنصل ثم حاولت إنتزاعه من رسغه، حينها شهق بقوة و جحظت عينيه، لكن النصل لم يتحرك من مكانه إطلاقاً.

بكت بصوت مرتفع تسلل إلى سمعه، و أمسكت برأسه تقول.

" بيكهيون أرجوك تماسك، عليّ إنتزاعه و إلا مُتَّ بسببه!"

ما زالت عينيه جاحظة و رأسه شاهقة، لكنه رصّ على أسنانه بقوة حينما أمسكت بالنصل ثانية، و صاح في جوفه صيحة جعلت عروقه تبرز بقوة، و وجهه يصطبغ باللون الأحمر.

لكنها هذه المرة إستطاعت إنتزاعه من رسغها، شهقت بعد ذلك بأنفاسٍ مُتصاعدة و رمت بالنصل عنها بعيداً.

شعرها قد إزداد إحمراراً كذا مقلتيها، إحتاجت أن تستخدم قوة هائلة كي تخرجه، لا عجب و أن وجود نصل مخيف كهذا بيده جعلها تستخدم قوة هائلة من الكامنة فيها.

بيكهيون قد فقد وعيه بالفعل لشدة الألم، و هي بدأت تسمع صوت الحشائش تُداس من خُفف الأحصنة، حملته سريعاً بفزع إلى داخل جِذع الشجرة، ثم بعاطفة أخوية إتجاهه خبأته في كُنفها، و دثرت عليه قُماش فستانها كذا شعرها.

سمعت صوت الأحصنة تقترب كذا صوت رجل بدا مألوف لكن بنبرة غير مألوفة سمعته، إنه المُستنسخ كاي.

" أجلبوا الأمير و الأميرة حالاً!"

كتمت أنفاسها و صوتها عنه، و أغلقت عيناها حتى شعرت بهم يبتعدوا بخيولهم عن مكانهم، رفعت رأسها أخيراً، و نظرت إلى بيكهيون الذي يرتاح رأسه على قدميها.

ما زال فاقداً وعيه و لا تدري كيف تساعده كي ينهض و يستعيد عافيته من جديد، و هي لا تدري في طُرق هذه الغابة شيء، و لا تدري كيف تتدبر أمرها معه.

حلّ المساء و ما زالت عالقة في جوف الشجرة به، عليها أن تفكر بحلاً سريع، لو أنها تستطيع أن تأمن عليه وحده هنا، لخرجت من جُب الشجرة هذه و بحثت عن مخرج.

لا تملك سوى أن تصبر حتى يستعيد وعيه، و إن ما إستعاده؛ فهي لا تملك خياراً سوى الخروج للنجاة بنفسيهما.

و بينما هي تفكر غَفَت عيناها و نامت في الجذع ليلتها هذه.

.....................


في ذات اليوم، آيلا كانت في جناحها محبوسة بأمر من الأمير بيكهيون، حيث أنها محبوسة في الداخل منذ ليلة الزفاف، و لا يدخل عليها سوى الطعام و الشراب.

كانت جالسة إلى سريرها تقرأ كتاباً فهذا كل ما تملكه في سِجنها هذا، و رغم أنها رواية رومنسية من نوعها المُفضّل، لكنها قلّما تركز في الحروف و تدرسها.

فُتِحَ الباب بغِلظة فتطلعت إلى الفاعل و إذ به بيكهيون، عادة ما يكون دخوله هادئ و بارد يشبهه، و لكن دخوله القوي هذا يَنُم عن غضبٍ أشوس خلفه.

طلّ عليها بسِنحة مقلوبة و ملامح متجهمة، فعاودت النظر إلى الكتاب، و إزدرئت جوفها خفيةً تُمثّل القراءة و لا تقرأ.

شهقت بخفة، و أغلقت دفتيّ الكتاب، ترفع بصرها ناحيته، حينما أسقط دِرعه الملكيّ على السرير في حيّزها تحديداً.

نظر لها كارهاً ثم توجه ناحية الشُرفة، هي زفرت أنفاسها براحة عندما إختفى خلف الستائر ، و لكن صوته وصلها بعد ثوانٍ بغلظةٍ يناديها.

" آيلا، تعالي إلى هنا"

ما ترددت بالنهوض و الذهاب إليه، رغم أن التوتر ينهش صدرها، ولجت إلى الرُدهة فوجدته يجلس فوق إحدى المفارش الأرضية الفاخرة و بيده قدح شراب.

ما نظر إليها، إنما بيده أشار لها أن تجلس قِبالته، ففعلت رغم خوفها منه، حلَّ إتصال عينيه و السماء، و نظر في وجهها السَمِح يقوم بجولة أخرى من التأمل.

حتى تحمحمت بحرج، صرف بنظره عنها و قال.

" الأميرات في حديقة القصر يتسامرنّ، ألا ترغبي في الإنضمام إليهنّ؟"

إنتكست برأسها عنه و قالت.

" كيف انضم إليهنّ و أنت لا تسمح لي بالخروج؟"

إرتفعت زاوية فمه دون الأخرى بإبتسامة مائلة، ثم قال.

" سأجعلكِ تخرجي و تحظي بحريتكِ كأي أميرة في هذا القصر، لكن بشرطين!"

نظرت إلى سبابته و وسطاه الذين إرتفعا في وجهها، أومأت تستمع إلى شروطه، و ترجو من كل قلبها أن تقدر عليها.

" الأول، أن تخبريهم بالتالي، إنني لم أمسسكِ للآن و إنني أعاملكِ بحُسن"

رغم أنها كرهت شرطه لكنها ستقوم به، الحقيقة لن تحررها منه على آية حال، فأومأت.

" موافقة"

شاركت زاوية فمه الأخرى الأولى، و ابتسم بحق يقول.

" الثاني، أن تمنحيني نفسكِ برضاكِ و سأمهلكِ وقتاً حتى تستعدي، موافقة؟"

برضاها!

لكنها أومأت على آية حال توافق، فهو رجل الأيام و السنين القادمة، لذا أن يمهلها فرصة لتقبله أفضل من أن يفرض عليها نفسه طيلة العمر بلا قبولها.

" موافقة، ستعدني أخرج؟"

أومئ و تنهد مرتاحاً يقول.

" نعم سمو الأميرة، سأجعلكِ تخرجين، لكن عليكِ أن تكوني في الجناح طالما أنا فيه"

آيلا لم ترفض أي مما قاله، في النهاية؛ هي بحاجة أن تسترد حريتها، حتى لو كان جزءاً ضئيلاً منها.

بقيت جالسة قِبالته و لم تسترسل بقول، و هو قاد جلسة الصمت هذه أيضاً فلا تحدثت بعدها و لا تحدث و لا نظرا في بعضهما البعض حتى.





...............




بينما الحُماة يسيرون في جولة حول القصر و يتحدثون بشؤونهم الخاصة، كان الأمير كاي من إبتدأ الحديث.

" أشعر أن بيكهيون تغير كثيراً، أقصد كيف أصبح هكذا بليلةٍ و ضُحاها، إنني لا أصدق!"

أيّده الأمير سيهون قائلاً.

" أشعر بذلك أيضاً، إنني لستُ مُطمئن حول التغير هذا!"

قطع لوهان بر الحديث حينما قال.

" قرأتُ أفكاره و ما بها ريّب، لربما هو إستفاق من طفولته، و فهم أخيراً أنهم موّكل بمسؤولية عليه حملها، لذا لا تكبروا من شأن القضية!"

تشانيول الذي ما كان مهتماً للحديث جداً، تقدم ناحية جلسة الشاي، التي يتسامرنّ فوقها الأميرات جميعهنّ بلا آيلا.

وقفنّ جميعهن، و انحنينّ للأمراء، ثم عاودنّ الجلوس بعدها، لكن ميريانا لم تفعل، بل هي إقتربت من تشانيول لتعاضد ذراعه، فنظر إليها من عُليّه يترفع و قال.

" إن كنتِ لا ترغبين في البقاء رافقيني لقصر النار"

أومأت تنحني بخفة له و على شفتيها إبتسامة مشبوهة ثم سارت معه، الحُماة و الأميرات زوجاتهم نظروا ناحية الثنائي يبتعد، كلاهما بدا مختلف.

تشانيول لم يُشارك في أحاديث الحُماة سواء كانت في شؤون المملكة أو شؤونهم الخاصة، كذا ميريانا كانت تجلس بملل بين النسوة، و أظهرت الكثير من سوء المعاملة لهنّ خلال الجلسة.

إنضم الرجال إلى زوجاتهم، و كل واحد فيهم جلس إلى جانب زوجته، و انخرطوا في جلسة خاصة.

تشين أطعم بأنامله زوجته حبة عنب، ثم إبتسم حينما شكرته على وِده، و إلتفت إلى إخوانه يقول.

" ألا تلاحظون أن ليس بيكهيون و حسب الذي تغير؟ و إنما تشانيول أيضاً، أقترح أن تقرأ أفكاره يا لوهان"

أجاب لوهان بحسم يقول.

" تشانيول أفكاره محجوبة عني، و لم أستطع قراءتها"

إنعقدا حاجبي لاي متعجباً و قال.

" ألا يدعو هذا للريّبة؟!"

نفى سوهو يُجيب.

" لا، خصوصاً أن توقعاتنا نحو تشانيول مختلفة."

حينها تحدث كريس.

" تعلمون، إن كان هو الأقوى فقدراتنا ستضعف أمامه، و منها قوة لوهان، لن يستطيع قراءة أفكاره"

تاو تسآل.

" تقصد إن كان هو الملك المُنتظر؟!" 

أومئ سوهو و اتبع.

" نعم، إن كان تشانيول الملك المنتظر لهذه المملكة."

إسترسل سوهو.

" و لكننا ما زلنا لا ندري بشأن بيكهيون، فهو لم يحصل على  قِواه بعد"

حينها أظلمت السماء فجأة و الجميع تَطلّعَ إلى السماء لكنهم لم يروا شيء فالظلام دانس يعمي الأبصار، ما زال وقت النهار، لِمَ أظلم فجأة؟!

تشين تبدل لون عينيه إلى لون بين الأصفر و البرتقالي، كذا أنار شعرها بذات اللون، ثم لمع البرق على جفنيه و صدغه كما الوشم، ثم ضرب الأرض بقوة فصدر صوتاً مهوول و إذ بالبرق يضرب السماء.

أما لوهان فتبدلت لون عيناه إلى الأصفر و إتسعت عدستيه، كذا مال لون شعره إلى الأشقر، إتسعت حدقتيه و أخذ الوشم في عنقه، و البرق فوق جفنه و على صدغه يلمع، ثم أجرى إتصال ذهني مع بيكهيون.

" بيكهيون، ما الذي حدث لك؟! لِمَ خللت بضوء النهار؟!

لكن أنفاس متصاعدة هي التي سمعها، ثم همسٌ ضعيف جداً يقول.

" انقذوني!"

سُرعان ما أوصل لوهان صوت بيكهيون، الذي سمعه إلى أذهِنة إخوته أجميعن فنهض الذي يستطيع النهوض فحسب على أهبّة رجل واحد، و طار كريس بجناحيه، أما كاي فاختفى ينتقل إلى القصر الفضيّ، قصر بيكهيون.

حينما ولجوه من الأبواب، و كاي و كريس داهموا الشُرفة، بيكهيون كان يغط بنوم عميق، و آيلا قِبالته تقرأ في كتابها مجدداً.

وقفت سريعاً للمداهمة الذي أحدثوها الحُماة، حتى أن تشانيول وصل بجناحيه أيضاً.

" بيكهيون بخير؟!"

إزدرئت جوفها تجيب.

" هو نائم فحسب، ما بالكم؟!"

إقترب لاي يجثو قُربه ليتفحصه، تخلل من أصابعه ضوء أزرق، حالما حطّ به على يد بيكهيون، تشوشت يده و تحولت للون الأحمر، حينها أستيقظ بيكهيون مفزوعاً و أبعد يده سريعاً من أسفل يد لاي، فعادت طبيعية.

لقد رأى لاي ذلك جيداً، لكن لم يرى أي من الحُماة ذلك سِواه، نظر لاي إليه يعقد حاجبيه، ثم نهض يتستر على شكوكه، و دحضها عن وجهه يقول بإبتسامة خفيفة بانت بها غمازته الغائرة.

" أنت بخير؟ ما بالك تقول أنقذوني! و لِمَ خللتَ بضوء النهار"

المكان حيث يجلس نهاراً لذا استنكر.

" أنا لم أعبث بالضوء!"

وقف و تقدم إلى سور الشرفة، لينظر من خلالها إلى الأبعاد و إذ بالسماء مُعتِمة، عقد حاجبيه بأستياء.

" لستُ أدري ما المشكلة!"

تحركوا الحُماة جميعهم لحل هذه المشكلة، و في خِضم تحليلاتهم، عاد الضوء و أنار القمر ليلة هذا المساء، جميعهم نظروا ناحية بيكهيون فكمش يده بتوتر و ابتسم يقول.

" أخيراً قد إستطعتُ التحكم بها!"

أبدوا الحُماة راحتهم إلا لاي، فما رآه لا يدعو للراحة أبداً، ما رفع لاي بصره عن بيكهيون إلا عندما نظر الآخر له، فزيّف إبتسامة.

لاي رجل صامت و هادئ إلى أبعد حد، و الأغبى في الحب و بعلاقته بإمرأته، لكنه الأذكى إن تعلق الأمر بالمملكة و إخوانه.

لذا شيء كهذا لا يمر بسهولة عن عينيه.


..................


أتى الصباح الموالي، و ميريانا ما زالت في جذع الشجرة مع بيكهيون المُصاب، و آثار الحُمّى قد بانت عليه.

ميريانا ما عادت تستطيع أن تصمت و تتحمل أكثر، عليها فعل شيء، عليها الخروج و النجاة، و إلا مات كلاهما و لن يدري أحد عنهما.

بداية فكرت بأنه عليها أن تجد طريقة تأمن بها على بيكهيون في غيابها، و ما وجدت خيار أمثل من بعض التموية.

أتت بأغصان شجر إقتلعتها الحيوانات، أتت بأوراق و حِجارة، ثم ملأت بها مدخل الجذع تسده، و تركت لبيكهيون مُتنفس كي لا يختنق، ثم زيفت مظهر لشُجيرة تبعد الشك عنه.

ثم هي سارت بين الأشجار تُعلّمها بالطين كي تعلم طريق العودة، و لأنها حافظة القانون رغم صعوبة مواده و تفرعاتها الكثيرة و كثرتها، ما كان صعب عليها أن تحفظ أين تسير، و تبقي في رأسها كيف تعود لأجله.

أصبحت على أطراف مدينة تجهلها، و هي لا تملك مالاً لكنها فكرت، أن تبيع إحدى المجوهرات التي عليها، لكنها فوراً تذكرت أن مجوهرات الأميرات لا تُباع.

و لكن بما أنها من قصر مستنسخ فهي بالتأكيد مُقلّدة، إذاً بيعها لن يكشف هويتها، تقدمت إلى محل المجوهرات و كادت أن تتجاوز أعتابه، لولا أنها تذكرت قول الصائغ الذي قابلته بالعاصمة.

في هذه المملكة، التقليد يُعتبر غُش فهو ممنوع، تنهدت بإستياء و عادت أدراجها.

" لماذا عليهم أن يكونوا شرفاء إلى هذا الحد؟!"

و بما أنهم شعب لا يتخلى عن مبادئه، إضطرت هي أن تتخلى، فسرقت من على عارضة محل عباءة و خِمار، و سرقت من محل الخُضرة الذي يجاوره حبتيّ طماطم.

وضعت على نفسها العباءة لتخفي الفستان الملكي الذي ترتديه، و وضعت الخِمار ليخفي لون شعرها الأحمر و ملامح وجهها التي فيها من سحر طاقة النار، هكذا لن يتعرف عليها أحد.

و بينما هي تسير بحثاً عن مكان يتم التداوي منه، كمستشفى أو مركز صحي، أو أي شيء للتداوي أكلت حبتيّ الطمام و لم تجد.

حينما شعرت بالتوعك جلست قرب شجرة، و همست مُستاءة.

" ألا يمرضون الناس هنا؟! كيف سأساعده الآن؟!"

أتاها صوت من خلفها جعلها تنشز بكتفيها بهلع.

" لا يمرضون الناس بالتأكيد و ملك الشفاء لاي يحميهم"

الصوت مألوف جداً، و لكثرة ما هو مألوف ما ركزت فيما قاله.

هي إلتفتت إليه فحسب، و شهقت بقوة، حينها إقترب سريعاً منها يحاول إسكاتها.

" هدأي من روعكِ يا ميريانا و إلا الناس إكتشفتكِ"

أومأت و لكنها سريعاً ما استذكرت، ماذا إن كان يُهيَّئ لها أنه هو فحسب؟! ماذا لو كان هذا فخ لا منفذ؟!

وقفت سريعاً تبتعد عنه تقول.

" أنت لست هو، لن تخدعوني مجدداً!"

ليثبت لها صِحة هويته، إقتلع غُصن شجرة، و غرسه في يده، لينساب الدم أحمر منه، و قد أنّ بألم، ثم ببطئ إختفى الجرح، و عادت يده سليمة من جديد.

" أظنكِ تعلمين أن لون دماء المستنسخين يكون أسود لا أحمر طبيعي!"

وضعت ميريانا يدها على فمها تقول.

" لكن كيف إختفى الجرح هكذا؟!"

تبسم يجيب.

" أخبرتك أن الملك لاي يحمينا من أي عِلة جسدية"

حينها تبسمت بفرح تقول.

" إذا أنت جونغكوك حقاً؟!"

أومئ مبتسماً فبانت أسنانه الأرنبية التي تميزه، حينها إحتضنته بشوق تقول.

" يا رجل إشتقتُ لك، كيف أنت هنا؟!"

ربت على رأسها من فوق الخِمار يقول.

" إنها قصة طويلة، ألستِ في مهمة للنجاة، هيا ثقي بي و تعالي معي"

إمتنعت عنه بشك، فتنهد و جلب يدها ليضعها إلى رأسه يقول.

" ليت جاكسون يموت لو أنني أكذب!"

ضحكت بخفة و صدقته، هذا ميثاق جونغكوك على صدقه، حينما كانوا على الأرض كان يقايض صِدقه بحياة رفيقيهما الثالث جاكسون، لذا هي صدقته.

" لكنني لستُ وحدي!"

إتسعت عيناه و صاح بإندهاش.

" أوجدتِه؟!"

وضعت يدها على فمه تسكته و قالت.

" من تقصد؟!"

أزال راحتها عن فمه و همس.

" الأمير بيكهيون؟!"

أومأت و لا تدري كيف علم، لكن لا وقت لذلك، بل هي باشرت بسحبه تقول.

" هو من وجدني بالأصح، لكنه مُصاب الآن، و تركته في الغابة وحده، علي العودة لأجله"

تمسك جونغكوك بيدها و ركض بها إلى الغابة متسترين، و حينما أصبحوا بين الشجر الكثيف سارا معاً تبعاً لعلاماتها على الشجر.

ما إن وصلوا ركضت ميريانا إلى جذع الشجرة لكن تمويهها مُتهدم، و الجذع خالٍ من بيكهيون، وقفت بفزع و إلتفتت إلى جونغكوك تشير إلى الجذع قائلة.

" لقد تركته هنا!"

تقدم جونغكوك إلى الجذع ينظر فيه، ثم وقع أرضاً بقوة حينما إختل توازنه، بفعل حيوان إنقض على ظهره.

صرخت ميريانا بفزع، و إقتربت تتمسك بفرو الذئب عظيم الحجم هذا تقول.

" بيكهيون، أنه رفيقي آتى ليساعدنا!"

قفز الذئب ذا الفراء الفضي اللامع من فوق جونغكوك، فنهض الأخير يلهث أنفاسه بفزع، ثم إنحنى للذئب الذي يقف قِبالته قائلاً.

" سمو الأمير و ملك الضوء بيكهيون، أنا جيون جونغكوك، إحدى الجنود المخلصين في صفوف جيشك"

إقترب الذئب منه ثم فتح فاهه، فجونغكوك أغمض عينيه، و لم يقاوم مصيره أياً كان، حتى لو قتله الذئب و كان وجبته.

لكن الذئب الفضي إبتعد إبّان إخلاص الرجل و طاعته، ثم تحول إلى هيئته الطبيعية، و سقط أرضاً يفقد وعيه مجدداً.

سُرعان ما شهقت ميريانا و إلتفتت بحرج شديد عنه، ثم سمعت صوت جونغكوك من خلفها يضحك.

" أحتاج للعباءة التي سرقتِها لتغطية الأمير، و إلا ظنّه جاكسون ممثل إباحي و ليس الأمير"

خلعت عنها العباءة و أعطتها لجونغكوك تقول.

" و جاكسون هنا؟!"

همهم.

" نعم، استعدي لحُضن جماعي يخلط عضامكِ ببعضها"

ثم إسترسل بعدما إستدرك.

" أو إن عظامك لا تختلط، فأنت أصبحتِ أقوى منّا أجمعين يا ملكة النار!"

تأفأفت ميريانا تقول.

" كف عن الثرثرة و أتمّ عملك الآن!"

حينها ضحك جونغكوك بخفة يقول.

" أمركِ سمو الملكة!"

حمل جونغكوك الأمير على ظهره ثم قال.

" هيا بنا!"

ثم خرجوا من الغابة، بيكهيون فاقد وعيه و جونغكوك يحمله، أما ميريانا فهي تتفقد سلامة الطريق و أمنه من المستنسخين و أتباعهم الخَوَنة.

و على عكس ظنون ميريانا؛ جونغكوك لم يذهب إلى المدينة، بل تسلق تل أعلاه كوخ تتصاعد من مدخنته الدخان داخل حدود الغاب.

دخل يحمل الأمير ثم أشار لها أن تدخل.

" لا تقلقي، إنه مكان آمن!"

دخلت و أغلقت الباب من بعدها، ثم ولجت الكوخ مرتابة، تبعت جونغكوك إلى حيث يذهب، فوجدته يدخل بالأمير إلى إحدى الحُجرات، وقفت مستندة على إطار الباب، حتى وضع الأمير على السرير و دثره بالغطاء جيداً.

إلتفتت لتخرج و لكنها شهقت بفزع حينما قابلها وجه جاكسون الباسم، لم يمهلها فرصة لتتنفس، بل إحتضنها بقوة شديدة، و راح يتأرجح بها يميناً شمالاً و هو يقول.

" أشتقتُ لكِ يا حافظة القانون بشدة، و ليت جونغكوك يموت لو أنني أكذب!"

تبسمت ثم صفعت قِفا رأسه بإنزعاج تقول.

" ليتكما تموتان لو قايض واحد منكم الآخر على صدقه بحياته، حمقى!"

تحسس جاكسون محل الضربة بألم، ثم همس متوجعاً.

" ما هذه القبضة الحديدة التي تملكينها!"

تدخل جونغكوك ليقف بينهما ثم قال.

" ألا تريد أن تعرف الأميرة كيف أتينا هنا؟!"

أومأت بإهتمام تقول.

" بلى، أخبروني!"

سحب جونغكوك يدها، و توجه بها إلى الحُجرة في آخر الرِواق، و جاكسون رافقهما، و عند العتبة قال جاكسون يعرفها على إمرأة لم ترى منها سوى مظهرها الخلفيّ.

" إنها الملكة الأم!"



........................



سلااااااااااام

تحديث بوقت الفجر♥️

حاسة أنو هذا الفصل أكثر فصل مهم كتبته للآن، لأنه كثير كشف خبايا،و كثير حطيت فيه تلميحات عن المستقبل.

الفصل القادم بعد 70 فوت و كومنت.

١.رأيكم بظهور بيكهيون الحقيقي؟! حالته و شجاعته؟! و حمايته لزوجة أخوه؟

٢.رأيكم ببيكهيون المزيف؟ و لماذا أعطى آيلا فرصة لتتقبله؟ إلى ماذا يخطط؟

٣.رأيكم بتشانيول؟ ما السبب التغيير الذي يطرأ على شخصيته؟ و هل لميريانا التي معه شأن بتغييره؟

٤.رأيكم بظهور جونغكوك و جاكسون؟ و هل هم حقاً بصف الحُماة أو ضدهم؟

٥.رأيكم بلاي؟ ماذا سيفعل بشأن ما رأى؟

٦.رأيكم بميريانا؟ شجاعتها و بسالتها لإنقاذ نفسها و بيكهيون من الهلاك؟

٧.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️













© Mercy Ariana Park,
книга «الدرك الأسفل|| The Eternal Monarchy».
CH15||بداية الصراع
Коментарі