" معركة الحب"









"أنتِ ما عُدتِ في قلبي"

قالها بثبات، دون أن يحتسب ثِقل كلامه على كاهلها، تكلم بجبروت وعينيه النارية لمعت بطيفٍ أحمر، أنه غاضب.

ولا يدري لأي حد قد نال منه الغضب، غاضباً ومتأسفاً، كيف أنه صار دُمية بيد إمرأة، إستغلته بسبب مشاعره، وكله بسبب هذه المرأة قِبالته.

المرأة التي لطالما أحب، وحدها من وجب عليها أن تتحمل الذنب، وهو لن يكون لطيفاً أبداً، درساً قاسياً بإنتظار أن تتعلمه على يديه.

درساً تتلقنه كي لا يحدث ان تستهين به مجدداً، أو تظن أنه ليناً مرناً فقط لأنه يحبها، خان الوقت لتنقلب الأدوار يا ميريانا.

وتلك كانت صدمة أطاحت بكل عواطفها إلى مدرار واحد، أن يقول بكل رعونة أنه لا يحبها وما عاد لها حِصة في قلبه لهو أقسى ما سمعت.

تدرك أسبابها وتفهمها، لكنها لا تستطيع أن تتماشى معها، لأنها ليست إمرأة تتقبل الخسارة، بل هي إمرأة تحارب في كل عزمها لنيل نا تريده، وهي تريده.

نهضت على عقبيها بعد خشونة ردّه، ووقفت تقبض كلتا يديها، تشحن كل السوء الذي تشعر به فيهما.

هو جاهر بكرهه لها للتوّ وميريانا ليست إمرأة صبور، لا يسعها أن تتحمل كثيراً، لكنها الآن تحاملت رغم الأذيّة.

لأنها تحتاج أن تعترف وبكل أسفها أنه لربما يكون محق، فهي ما كانت تدري حجم الخطر خارج أسوار القصر، والآن ما عاد ينفع الندم، عليها أن تقاتل فحسب.

وقفت بسُلطان إمرأة كرامتها تاج على رأسها تنظر أمامها في الفراغ، وقالت بثبات رغم حصيلة الدموع خلف جفونها، وقبضتيها المشتدتين.

" حسناً جلالتك، كما تريد، سنتفارق ولكن هذا الجناح يبقى لي، يوجد في القصر العام جناح الملك، أظن أنك من ستنتقل وليس أنا"

لم يقل شيء، فقط حمل نفسه متأهباً لهُجرانها أخيراً، تتبعته ببصرها ولم تكن غافلة عن دقّات قلبها التي تركض وراءه، ورغبتها في التشبث به، ولكنها أوقفته قُرب الباب تقول.

" أن كنتَ مُصرّاً على الإفتراق عني إلى هذا الحد، فيسرّني أن أبلغك بأنني لن استسلم بشأنك إطلاقاً"

اقتربت إليه من خِلاف، تمسّكت بذراعه وجعلته يلتفت لها، صعدت بكفيها ذراعيه ثم كتفيه، ثم إقتربت منه رويداً رويداً حتى طبعت على جانب شفتيه قُبلة خفيفة، وابتعدت تزدرئ جوفها لما تسببت به لنفسها من خجل، رفعت عيناها إلى عينيه وهمست.

" أنت ستعود إلى حضني يا تشانيول!"

تبسّم، ثم فرّت من فاهه ضحكة خافتة، ثقتها العمياء بنفسها ويقينها أنه ما زال طوع يدها يدعوه للسُخرية، لأنه ما عاد كذلك، هو ما عاد تشانيول الذي يحبها ويتحمل أي شيء منها في سبيل رضاها.

رفع يده وربّت على وجنتها يقول.

" لا تُحلقي كثيراً في سماء أحلامك، ستتكسر أجنحتك حينها بلا شك!"

تركها تقف هكذا أمامه، وخرج يحمل على شفتيه ذات الإبتسامة الهازئة، هو لن يعود، لقد عَقد العزم على أن لا يعود، لأنها من فرَّطت به في المقام الأول، وهو لن يلهث خلف حُبها بعد الآن.

وصل جناح الملك القائم في أعلى طابق في القصر الرئيس، حيث تتوفر له عبر الشُرفة الملكيّة إطلالة تلم معظم أركان المملكة.

لقد بدى الحرس غير متأهبون لإستقباله، فهو لم ينبههم مُسبقاً أنه سيحضر، لكن الجناح جاهز لأجله بالفعل، فلقد أمر سمو الأنير سوهو بتجهيزه منذ لحظة التتويج.

دخل ينظر في أرجاء الجناح، إنه مُترف أكثر من جناحه في قصر النار، ذلك لأنه قصر الملك بالفعل، بالطبع سيكون مميز.

هو يدري السبب خلف وجود هذا الجناح خصيصاً للملك، ولأجل هذا السبب لطالما كره هذا المنصب ورفضه، لكنه انفرض عليه الآن، لذا سيقوم بواجبه ناحية المملكة عبر منصبه هذا.

ولا، هو لن يشعر بالأسف مما هو قادم، ذلك لأنها ما عادت تُشكل هووساً يشغله على الدوام، ستبقى دوماً الملكة بالنسبة له وحسب، ما عادت في مقاماته زوجة يخشى على مشاعرها.

إقترب لينظر إلى شِعار قوته المركون في واجهة الجناح مرفوع بسيفين ذهبيين، لم يكتمل بعد، بل ما زال بعيداً جداً عن الإكتمال.

إنه ينقسم إلى أربعة أرباع، و فقط شطرين من أحد الأرباع مكتمل، شطرين من أصل إثنا عشر شطراً، وثلاثة أرباع أخرى فارغة.

خلع رِدائه الخاص بساعات النوم، ودخل في الفراش يبغى النوم، لكن النوم لم يستقبله في كُنفه، تنهد يموضع ذراعه فوق جبهته ثم أغمض عينيه يفكر.

في هذه المرحلة لا يدري ما الخطأ وما الصواب تحديداً، أي قرار سيتخذه سيكون نافذّ، وهو دوماً ما سيكون بحاجة إخوانه وإستشارتهم، هو تسلّم مسؤولية كبيرة بالفعل قبل الآوان، يشعر بأنه ليس مستعداً ليحمل على رأسه تاج الملك، لكنه سيبذل ما بوسعه.

أما حيث ميريانا، فلا تنكر أنها بكت فمرارة كلامه أقوى من صلابة دموعها، كانت متدرعة بمشاعره أمام توقعاته مما قد يُقدم عليه، ما توقعت أن يُفرِّط بها هكذا وينتهي منها.

لكنها تعهدت ووعدت أن تستعيده، وهي دوماً ما تثق بقدراتها الفذّة، ستستعيده بلا شك، وستعيش الآن لهذا الهدف.

في الصباح الموالي؛ تجهّزت ميريانا بمساعدة العاملات، وخرجت نحو القصر العام حيث تنقعد وجبة الإفطار مع بقية الأميرات.

لقد تبدّلت زينتها بعض الشيء، فلقد إزدادت ترفاً، وتاجاً من ذهب خالص تتوسطه ألماسة ليست غريبة عليها مثبت على رأسها، هي بالفعل تملك عقد يحمل ذات الألماسة لكن بحجم أصغر، بالتأكيد أنها ترمز لشيء، ليس محض صُدفة.

فورما انبلجت البوابة وظهرت من خلفها؛ وقفنّ الأميرات جميعاً وانحنين لها.

" أهلاً جلالة الملكة"

تقدمت سريعاً إلى الداخل تنفي بيدها وقالت.

" لا تنحنوا رجاءً! هذا يشعرني بالإرتباك!"

رفعن رؤوسهنّ لها فابتسمت، ثم أشارت لهنّ أن يجلسنّ.

وجّهتها ملكة الماء ماريا ناحية مكانها الجديد على الطاولة ألا وهو رأسها قائلة.

" جلالتك، هذا مكانكِ مُنذُ اليوم"

لطالما كان هذا المقعد شاغر والآن فقط تفهم لماذا، جلست على مقعدها وأشارت لهنّ أن يباشرن في تناول الطعام، آيلا كانت تجلس على يمينها فتمسّكت بيدها تقول.

" نحن بحاجة لنتكلم، حسناً؟!"

أومأت آيلا تقول.

" نعم جلالتك"

تنهدت ميريانا، ثم باشرت بتناول الطعام مع بقية الأميرات، هي لا تحب ان تعامل بهذه الطريقة الرسمية، فلتكن ملكة أمام الشعب فقط وعلى رأس مسؤولياتها، بعد الإفطار قالت.

" أرغب في قضاء بعض الوقت معكنّ في بيت الشاي"

وافقت الأميرات جميعاً، ثم خرجت كل أميرة بحاشيتها إلى بيت الشاي.

بيت الشاي لا يُعتبر بيتاً في المعنى الحرفي، وخصوصاً أنه جزء من القصر هنا، أي انه محفوف في العجائب، موجود في الحديقة، صُمم ليجتمعن الأميرات فيه ويقيضين الوقت معاً داخله.

بيت الشاي بيت بلا جُدران، ترتفع قِمته بأعمدة عاجيّة أربعة من كل زاوية، مُصمم فوق بِركة ماء، فتكون جالساً فيه وترى في أرضه حركة الأسماك الملوّنة كيف تكون.

تُحيطه زهور البنفسج والسوسن من عند مداخله، وأخيراً في داخله مساحة واسعة وفِراش ملكيّ أرضيّ، يجلسن عليه الأميرات ويتبادلن الحديث على أكواب شاي.

" كيف حال جلالة الملك؟! خصوصاً بعدما توّغلت فيه الطاقة الحمراء"

تنهدت ميريانا تنظر في كوب الشاي فحسب، ملكة الرياح تسآلت ولكنها نابت عن جميع الأميرات بسؤالها ذاك، فجميعهن فضوليات بهذا الشأن.

كيف أصبح تشانيول؟! ما الذي تغير فيه؟!
الكثير، لكنها لا تدري ماذا بالضبط

" لا أدري، ليس كما هو، ولكن حتى لو كان مُجرداً من الطاقة الحمراء ما توقعتُ أن يكون معي أفضل بعدما هربتُ منه"

ربتت على يدها الأميرة ليليانا ملكة الشفاء، وقالت بإبتسامة.

" أخبرني لاي بأنه سيتعافى في نهاية المطاف ويعود إلى طبيعته، أنتِ تحتاجي للصبر فحسب"

أومأت ميريانا وتنهدت، لا يمكنها أن تنتظره فحسب دون أن تفعل شيء، لكنها ستمنحه المساحة الشخصية التي يحتاجها لكي يفكر بعمق.

تبادلن الأميرات نظرات لم تفهمها آيلا، ولم تلحظها ميريانا فهي لا تنظر إليهنّ حتى، هي شاردة الذهن بأمر تشانيول وماذا عليها أن تفعل معه.

وكانت ملكة الأرض من تحدثت تفشي بتساؤلاتها، وتنوب عن بقية الأميرات.

" جلالتكِ، أتعلمين ما سيحدث بينكِ وبين الملك بعدما توّجتما؟!"

أومأت ميريانا تجيب.

" أن له جناحه الخاص المفترق عني؟! نعم أعلم"

إلتزمن الأميرات الصمت، لم يكن هذا هو المقصد بالفعل، ستكتشف بنفسها بالمستقبل.

" آيلا دعينا نتحدث معاً"

نهضت ميريانا تستدعي أختها معها، فنهضت الأميرة الصُغرى برفقتها، سِرنَّ معاً في حديقة القصر بلا توجه معين.

" لم نتحدث بشأنكِ مؤخراً، بسبب التتويج والأحداث الأخيرة انشغلت عنكِ، أنا آسفة"

نفت آيلا تبتسم بخفة وقالت.

" لا تفكري هكذا، أنا بخير"

تنهدت ثم اتبعت.

" كما ترين لقد فقدتُ ألواني الفضيّة، وعدتُ كما كنت، لقد سحب طاقته مني، ومنذ تلك الليلة لم يقترب مني"

أومأت ميريانا وقالت.

" وكيف هي علاقتكما مؤخراً؟!"

حرّكت آيلا كتفيها تقول.

" لا شيء مهم، هو ربما فهم أخيراً أنني لا أحبه، ووفر على نفسه عناء إقناعي بحبه، ما عاد يصرّ على تقبله، أصبح يتجنبني فحسب"

تنهدت ميريانا بأستياء، لو انها تعلم بالحقيقة لربما منحته فرصة، على الأقل لن تكنّ له كل هذا الكره، لكنه يرفض أن تعلم، يقول أنه لا يريدها أن تشعر بالنقص، أو أنه يُفضّل عليها بأنه قَبل بها.

لكنها تثق ببيكهيون، فهو من أنقذها وأنقذ تشانيول والمملكة برمتها، مهما استهلكه الزمن هي واثقة بأنه سينجح في أن يربح بقلبها.

توقفت ميريانا في محلها عندما وقع بصرها على تشانيول يتجول في مقدمة القصر مع لاي، توقف هو أيضاً رغم المسافة الفاصلة بينهما، وتبادلا نظرات خاملة من جهته، ثم كان البادئ بالإبتعاد عنها بنظراته، ثم تجاوزها.

تنهدت ميريانا وسارت مع أختها، هدفها لإستعادة حبيباً لها لن يكون سهلاً على الإطلاق، فتشانيول لن يرضى بسهولة، وهي لا تطيق صبراً لتعود إلى أحضان حبه.

....................


أراكِ دوماً في قلبي لوما كنتِ أمام عينيّ باذخة، روحي مُعلَّقة بكِ، متى أحببتكِ إلى هذا الحد؟
أنا بنفسي لا أدري!

أردتُ دوماً أن تنظري لي بعين الحُب، لا بعين الكره التي تنظري بها إليّ، لا أدري لِمَ كنتُ صبياً مُغفلاً لأظن بأن الطريقة التي قد تجعلكِ تحبيني تكون بعرض مناكب رجولتي وقوتي عليكِ.

كنتُ أحمقاً مغفلاً وأعترف، مجرد صبي غافل متغافل ومغرور أرعن، أتباهى بقوتي ومنصبي عليكِ، أنا آسف!

هل لكِ أن تسامحيني؟!
أدري أن طلبي هذا أنانياً، أنني أريد أن تُسامحيني وأن نبدأ معاً من جديد، كثير علي أن أطلبكِ أمراً جلل كهذا.

أنا أعلم أنني لا أستحق مغفرتكِ، لذا لا أجرؤ أن أطلبها منكِ، لا أجرؤ أن اقترب منكِ، أو انظر لكِ حتى، أستحق أن أحبكِ عن بُعد هكذا، فبالنهاية؛ هذه مُحصّلة طيشي.

مُذُّ تلك الليلة وأنا لا أجرؤ أن أقترب منكِ على الإطلاق، أخشى لو أنني نظرتُ في عينيكِ أرى كم تكنين لي كُرهاً، وأنني أعلم أنكِ تكرهيني بكل طاقتك.

لذا لم أعد إلى الجناح إطلاقاً منذ أن فارقتكِ بالسرير تبكي، ودوماً ما أسير عكس مسالككِ، لو ذهبتِ يميناً أذهب يساراً، ولو صعدتِ نزلت.

أحبك، أنا بصدق أحبك، لكن ها هي شخصيتي الحقيقة ظهرت، أنا لن أجبركِ على تقبّلي، سأنتظركِ فقط.

كنتُ أسير بين القصور بلا وِجهة، هكذا كل ليلة، فلا مكان لي سواكِ، أشعر بالضياع والتشتت، أشعر وكأنني وحدي أُقاتل، كما لو أن حياتي مربوطة بكِ، لو تخليتِ عني ستنحل العُقدة وأموت.

" بيكهيون!"

إلتفت وإذ به سيهون، توقفت أنتظره يصلني ثم سِرنا معاً.

" ما الذي أخرجكَ من جناحك في هذه الساعة؟!"

تبسّم سيهون يرد.

" تشاجرتُ مع زوجتي، تُريد أن تقص شعرها وأنا أحبه طويل"

تبسّمت، ليتني أحضى بمشاكل كهذه معها، أن نتشاجر لأسباب تافهة ثم لا يطول الوقت لإجتماعنا من بعدها.

أود تجربة ذلك أيضاً، أرى عينا سيهون تلمع حُباً، هو يحب أميرته جداً، لربما تزوجها دون حُب، لكنه بعدما تزوج بها وقع في حبها.

هو مُخلص، ويحبها بلُطف، يُغرقها بعاطفته وحنانه، لذا هو يستحق أن يكون سعيد معها، لكن أنا لا أستحق.

إلتفت إلي يقول.

" وأنت، ما الذي يبقيك خارج جناحك حتى هذا الوقت؟!"

تنهدتُ أتحفظ على ردي، ماذا بوسعي أن أقول؟!
لا أستحق أن أشكو همي لأخي حتى.

توقف عن المُضي وأوقفني حينما أغواني الشرود، تمسّك بذراعي وقال.

" حياتكَ لا تسير بشكلٍ جيد مع الأميرة، أستطيع أن أُخمّن هذا"

أومأتُ مُعترفاً، في الحقيقة علاقتي بها مكشوفة أمام الجميع، مشاعري ومشاعرها وما يدور بينهما.

أحاط كتفيّ بذراعه، ثم جعلنا نتبع سيرنا وهو قال.

" لا يستحق الماضي منّا ذكره الآن، دعنا نتحدث عن المستقبل، أنت بالتأكيد بحاجة أن تكسب قلبها، خصوصاً أن أعراض الحُب كلها مُتفشية فيك، أستطيع أن أقول أنك تتعذب بسبب مشاعرك"

إلتفتُ انظر له فابتسم، ثم رفع ذراعه ليسحب إحدى المقاعد من أرضه، وجلبه إلينا عبر الهواء، جذبني لأجلس بجانبه ثم تحدث.

" من فضلك ضع فوق رؤوسنا ضوءً رومنسيّ"

لم أشعر برغبتي بالضحك منذ زمن، أومأت وظهرت إبتسامتي، ثم أشرتُ بيدي فوقنا ليكون ضوء خافت يخوّلنا أن نرى بعضنا في عتمة الليل.

عقد ساعديه إلى صدره، ورفع ساق فوق الأخرى يقول بثقة، فهو بقصص الحب خبير، دوماً ما يلجئ إخوتي إليه.

" دعني أُسدي لك بعض النصائح الرومنسيّة أخي العزيز"

ضربت كتفه بخفة وتحدثت.

" لا تُبدي غروراً أمامي، باشر فحسب"

همهم مُفحماً بالغرور يتجاهل كلامي، ثم نظر ناحيتي يقول.

" أنت الآن تزيد الأوضاع سوءً، أنت تريد حبها ولكنك لا تقاتل للحصول عليه، فقط تجلس مستسلماً هنا وتحلم بعلاقة مثالية معها"

كلامه صحيح، إنني لا أُبادر، ذلك لأنني لا أملك الجراءة الكافية التي تخوّلني لأقف أمامها، ربّت على ظهري وتحدث.

" أنت عليك أن تتحمل كل شيء في سبيل تحصيلها، ليس لأجلك فقط بل ولأجلها، كل إمرأة تحتاج رجلاً يحبها ويهتم بها، هي فقط تحتاج حباً ومعاملة حسنة، كن هكذا وأوصم لك أنها ستقع لك، ذلك سيكلفك الكثير من الوقت، لكنها تستحق أن تقاتل لأجلها"

نظرتُ ناحيته فابتسم يومئ لي وهمس.

" اجعل من حُبك لها مصدر قوة لك لا مصدر ضعفك، وستنجح"

ثم فجأة سمعنا صوت من خلفنا.

" سيهون!"

إلتفتنا وإذ بها أميرته تقف خلفنا، وتعقد ساعديها إلى صدرها في وضعية مستعدة للهجوم، قهقه بحفة ونهض يقول.

" سأذهب أخي، فكما ترى أميرتي غاضبة مني"

أومأت ثم إلتفتُ انظر لهما.

" ما زلتِ تصرين أنكِ تريدين قص شعرك؟!"

"نعم، وأنت ستقصه أيضاً سمو الأمير"

أحاط خصرها بذراعه قائلاً.

" يبدو أنني سأجعل لوهان يلعب بإعدادات عقلكِ كي تردي علي"

سُرعان ما نفت بيديها تقول.

" لا لا! أنه مخيف، حسناً لن أقصه!"

ثم صرخت عندما حملها ومشى بها على الهواء، ضحكتُ بخفة، لوهان أصعبنا مراساً، زوجته بالتأكيد تُعاني معه.

تنهدتُ أستعيد شجوني، لقد أثار سيهون في نفسي الحماسة، وأنا سأفتتح حلبة القتال من الآن.

الآن أملك وِجهة، ذهبتُ إليها، طلبتُ من الحرس إخبارها أنني هنا قبل أن أدخل كي لا تفزع مني، ثم دخلت بعدما تركت الباب لي مفتوحاً.

ولجتُ إلى الداخل فوجدتها تقف إلى الشُرفة، اقتربت منها بحذر ثم وقفت بمحاذاتها أُبقي بيننا مسافة آمان، وكانت البادئ في الحديث، شاكراً أنها تحدثت مهما كان قولها.

" ما الذي جاء بك؟!"

تنهدتُ انظر أمامي.

" أتيتُ لأراكِ، لقد اشتقتُ لكِ"

سُرعان ما تراجعت عني تضم ثوبها والخوف قد إستعمرها بعدما فسّرت كلامي بغير مثواه.

" لقد وعدتني!"

سُرعان ما رفعت يدي اوحي لها بالآمان وقلت.

"وأنا على وعدي، أنا لم أقصد ما فهمتِه!"

شعرت بها تتنفس بصعوبة، وما زالت تشك في صحة كلمتي لذا أتبعت.

" أرجوكِ ثقي بي فقط هذه المرة، أنا لن أفعل أمراً لا ترضينه، لكنني لا أستطيع أن ابتعد، سأبقى على هذه المسافة منكِ، لكن لا تطلبي مني أن أتركك"

لامتني بعينيها، وعقدت ساعديها إلى صدرها تقول.

" هذه لُعبة جديدة! تلعب دور العاشق الآن!"

نفيت، أنا لا ألعب، أنا صادق فيما أقول وواثق، أريدها بجنون حقاً.

" لا، سأثبتُ لكِ أنني تغيرت، وأنني حقاً أحبك، سأتحمل منكِ كل شيء وسأرضى بأي شيء تُريدينه، لكن اتركيني قريباً منكِ إلى هذا الحد"

تنهدت ثم أومأت تقول.

" أنا لا أثق بك ولا أمنحك فرصة، لكنني أدري أن هذا المكان لك، لذا سأقبل"

تنهدتُ أكتم سروري وهي دخلت، كدت أتبعها لولا أنها عادت سريعاً تحمل غِطاءً وضعته على الجَلسة الملكية في الشُرفة وقالت.

" إن كنت صادقاً فاقبل أن تنام هنا، أنا لا أثق بك كما قلت، لن أتركك تنام أسفل ذات السقف معي، أموافق؟!"

أومأت، لن أعترض، قلتُ أنني سأفعل ما يتوجب لكسب قلبها، دخلتُ وأوصدت بوابة الشُرفة تفصلني عنها، لا بأس بيكهيون اصبر قليلاً.

اخترتُ أوسع رُكن من الفراش وتمددتُ عليه، وضعت علي الغطاء، سأجعل الصباح في الغد يتأخر، لا بأس أن ألعب قليلاً بقواي.

أشعر بالفرح...

.......................


في اليوم الموالي؛ الأفراح والإحتفالات كانت تَعُم المملكة إحتفالاً بتتويج الملك والمملكة كما أمر مجلس الحُماة مُنذ ليلة التتويج، واليوم تقرر أن يختلط الشعب بالعائلة المالكة وينعقد حفلاً يجمعهم.

إذ كانت الإستعدادت أن تجهزوا الأمراء بأميراتهم وعلى رأسهم الملك وملكته للإحتفال مع الشعب وتوزيع الهدايا الباهظة عليهم.

قد سبق ووصل خبر إفتراق الملك والملكة في المضجع لكل الأمراء، وكانت تلك فلرصة سانحة لأن يجتمعا معاً من جديد، إذ بعدما إنتهت تجهيزات الموكب صعد الأمراء، كل واحد منهم يقود حِصانه وبجانبه حِصانين آخرين يرفعان هودج حيث تكون كل أميرة محفوفين بحاشية تخص كل أمير ترافقه من قصره.

لكن في مُقدمة الموكب هناك فرس جاهز وهودج بجانبه بإنتظار الملك والملكة للقدوم، وهما لم يصلا بعد رغم وصول حاشية قصر النار بالفعل.

تشانيول بتوصية من سوهو توجه إلى قصر النار لإصطحاب الملكة، هو ما كان ينوي الذهاب ولكنها خطوة مهمة، فكما قال سوهو؛ الصورة الأولى للملك والملكة أمام الشعب هي الأكثر أهمية، لذا وافق وذهب لها، وميريانا كانت جاهزة بالفعل وتنتظر وصوله.

تقدم منها بلا أن يقول شيء ثم تمسّك بيدها يسحبها معه، لكنها سبقته بالإفتراق إذ رفضت أن تسلمه يدها، وعندما أخذها عِنوة دفعته عنها وقالت.

" سأكون ملكة صادقة مع شعبي، وما بيننا لن أُخفيه، أنت لا تريدني زوجة، لذا لا يحق لي أن أتأبط ذراعك جلالتك"

إنحنت بخفة أمامه وتجاوزته بهالتها الباردة التي يكره، تنهد والغضب قد بدأ يتسلل له وتبعها.

عليها أن تعلم أنه ما عاد يلين لها الطرف، والحب لن يكن عذراً لها ويمنعه عنها إطلاقاً، لذا تمسّك بذراعها بشيء من القوة وجعلها تلتفت إليه ثم قال.

" أنا الملك هنا، وما أريده سيحدث، لذا امشي معي بهدوء ولا تجعليني أفكر في معاقبتكِ"

أفلتت يدها منه مجدداً بعدما أضهرت إبتسامة ساخرة، وأقتربت منه تُقابله بجسدها ثم قالت.

" لا يصح أن تستخدم معي لهجة التهديد، لربما نسيت أنها لا تُسيرني جلالتك"

إرتفع حاجبه بسخط وهي عقدت ذراعيها إلى صدرها تُجاهر بتحديها له، صاح بالحاشية وقد فقد رابطة جأشه.

" اتركونا وحدنا!"

تراجعت الحاشية ثم انحنوا مُدبرين، حينها اقترب منها وأخفض عُقدة ذراعيها عن صدرها، ثم بأطراف أنامله رفع ذقنها كي تنظر إليه.

نظرت في حدقتيه الحمراوتين واستشعرت الحرارة التي تنبعث منه، مضى وقت منذ أن كان عن هذا القرب منها.

"أشتقتُ لك!"

قالتها غافلة عمّا قالت وتداعيات الموقف، تكلمت بصدق، هي فعلاً إشتاقت له، ولا تقدر أن تكتم راغباتها هذه.

رفعت يديها تتمسك بعنقه، ثم همست بنبرة خافتة تجلّى فيها الحُب.

" هل ستعذبني كثيراً قبل أن تعود لي؟! ألا يمكنك أن تعود وحسب؟!"

أنزل يديها عنه ولا ينكر أن كلاماتها قد جعلت الغضب يُدبر من نفسه، لكنها باغتته بقُبلة نالت من شفتيه.

لم يُحرك ساكناً، فقط إنتظرها كي تنفصل عنه من تلقاء نفسها، لكنه لا ينكر الفوضى التي جالت في صدره.

إبتعدت تزدرئ جوفها، فلقد خذلها واحرجها، رفعت يدها تقضم شفتيها وتحسست قلبه، هناك حيث شعرت بطبلٍ لا قلب، تبسمت وِسع ثغرِها، أنه يكابر فحسب.

" كابر كما تشاء، سأبقى عالقة بك هكذا حتى أستعيدك"

ثم تركته خلفها وسارت أمامه عندما قابلت منه الصمت رغم أن عينيه ونبضات قلبه تقول الكثير، لكنه استوقفها بسؤاله.

" ما الذي تغير الآن؟!"

إلتفت له تنظر في عينيه المُتكحِّلة وهمست.

" تغيرت مشاعري"

ثم تبسّمت تتبع، حان الوقت لتعترف بحقيقة مشاعرها له، ميريانا أصبحت تُحبه وهي بحاجة أن تخبره بلسانها لوما فهم تصرفاتها، هي تفعل ذلك لأنها تحبه.

" أنا أحبكَ يا تشانيول"

استوقفته الدهشة، وأرخته فتراجع خطوة بخمول، ونفث تنهيدة من جُب صدره، لقد إنتظر هذه الكلمة منها بكل ما يملك من صبر وعواطف، الآن تسمعه أياها! لا يدري كيف يشعر تهديداً.

حينها إمتلأت عيناها بالدموع فكما لم تتوقع، إعترافها سيفسده بعبث وفوضى واقتربت منه مجدداً، يقول لا يحبها؟!

تمسّكت بقِمة رِدائه الملكيّ وقالت تنظر في عينيه الغائمتين.

" أحبك وأريدك لي، أنت زوجي بالفعل وأنا لن أتخلى عنك إطلاقاً"

ثم وضعت يدها فوق قلبه واتبعت.

" قُل ما تريد، قُل أنك ما عدت تحبني، وأنني ما عدت في قلبك، أنك لا تريدني، وأن ما بيننا فقط هو لقب"

عقدت حاجبيها وتمسّكت برُقعة ثيابه فوق قلبه واتبعت.

" قُل ما تشاء، وقلبكَ هنا دوماً جاهز لتكذيبك"

أشاح عنها يبتلع جوفه، يكره أنها تكشف دواخله، وأنه يقول ما لا يكون على لسان قلبه.

أغلقت عيناها واقتربت تسند جبهتها على صدره، ثم طبعت قُبلة فوق قلبه وقالت.

" تستطيع أن تكذب عليّ بلسانك، ولكن قلبك خارج عن سيطرتك، وحده من سأصدقه"

رفعت رأسها وتمسّكت بوجنته تقول.

"صُدني كما تشاء يا تشانيول، سأبقى متشبثة بك، سأستعيدك رغماً عنك"

.................................

سلااااااام♥️

ميريانا هون عم تمثل دور المتملك، لأول مرة تكون البطلة😂♥️

هلا والله، بعرف أنو التحديث متأخر، بس حضرتي بمر مزاج أكره في الكتابة للأسف.

المهم قطعنا عشرين فصل😭😭😭♥️
I am so happy

احزرو التحديث التالي لمن؟!
لحكاية الألحان، اشتقت😭♥️

بفكر بعد ما تنتهي الرواية اعمل سبيثل شابترز للحماة الباقيين الي ما نالوا تركيز وأحكيلكم شو القصص خلف زواجهم، بتأيدوا الفكرة؟!
إذا حبتوها ببلش أخطط لها♥️

على كل حال، عنجد أنا بدونكم ولا شي😭😭
شكراً لكل الدعم والحب الوفير الي بتقدمولي اياها في كل مكان، أحبكم جداً♥️😭

الفصل القادم بعد 80 فوت و80 كومنت.

1.رأيكم بتشانيول؟ عزيمته على صد ميريانا التي تراخت في المشهد الأخير؟ ماذا تظنون حقيقة موقفه من ميريانا؟!

2.رأيكم بميريانا؟ إصرارها على إستعادة تشانيول إليها؟ وهل ستنجح؟

3.رأيكم ببيكهيون وآيلا؟ هل سيطول كفاح بيكهيون؟ وكم سيكون طريقه إلى قلبها وعر؟!

4.ما الأمر الذي يخفيه الجميع عن ميريانا، هو ذاته السبب الذي يجعل تشانيول يكره منصب الملك سابقاً؟!

5.رأيكم بظهور الخاص لسيهون وزوجته؟!

6.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️