توطِئة|| Intro
Chapter One
Chapter Two
Chapter Three
CH4|| دموع الذئب
CH5|| للمرة الأخيرة
CH6||بداية جديدة
CH7||سيدة النار
CH8|| لا تتوهجي
CH9||صفعة و قبلة
CH10|| أول الفجّات
CH11||وجوه جديدة
CH12||حب و راء
CH13|| تخبط
CH14||إمرأة من فولاذ
CH15||بداية الصراع
CH16|| أحياء
CH17|| تاجٌ من شوك
CH18|| بلورة باهتة
CH19|| تتويج الملك
CH20|| معركة الحب
CH21|| شطرنج
CH22|| تَفيض قوّة
CH23|| مقبرة المشاعر
CH24|| ضحايا ح-ب
CH25||الملكة
CH26|| صِراع العروش
CH27||ضبط الملكة
CH28|| حُب وحَرب
CH29|| رِهان الجسد
CH30|| أُنثى الذئب
CH31|| السِّنداوة
CH32|| الدرك الأسفل
CH17|| تاجٌ من شوك
" تاج من شوك"









صوت آهات قد إمتزجت بصوت أنّات، آيلا وحدها في ظُلمة هذه الزنانة تُعاني الويلات، و فوق عتمتها العمياء تلك يعصبون عينيها عن اللاشيء، الذي يقترن بهم و لا تراه.

حرارة اللوح أسفلها تلسعها بسخونته كلما تحركت سهواً، كلما أتعبها زِندها من ثِقلها عليه، و بغى الدم في ضِلعها أن يتحرك، لا تُصدق ما يحدث لها الحين، في مِثل هذا المكان و هذه الساعات، التي لا تدري عن ماهيتها شيء.

فلا تدري كم لها هنا، و كم ستبقى، و لا تدري إن كانوا سيخرجونها من هنا، أو تبقى هنا حتى تموت، و أين "هنا"؟ أين هذا المكان؟!

دخلا عليها تشين و تشانيول، و عذباها!

لِمَ؟ ماذا فعلت لهم؟ أليست زوجة أخيهم و أميرتهم التي جلبوها من موطنها ليضعوا تاجاً على رأسها؟ أكان تاج من شوك؟!

لكنهما بدا مختلفين، ليس الأمراء الذي تعرفهم، حتى لو كانت معرفتها بهما سطحية، لا تُنكر أنهما خلوقين، حنونين، و لطيفين، و كثيراً ما دفعوا بيكهيون عنها و دافعوا عنها، فما الذي تغير؟!

بدوا أُناس غير الذين تعرفهم، أو أنهم تجردوا من أقنِعتهم، و أروّها حقيقتهم البشعة، ليسا تشانيول المهذب و تشين الحنون، هذان كانا ساديين معها، لقد إستمتعا بتعذيبها.

الآن تدري أن أمراً ما يسير من تحت الطاولة دون أن يشعر أحد من الأمراء بذلك، أو أنها تعيش في خُدعة كبيرة فحسب، وحدها من تقاوم بين نفّاثاتها.

إرتعشت بخفة حينما سمعت صوت الباب يُفتح عليها، و تصاعدات أنفاسها و ضاقت عندما سمعت دبيب أقدام تقتل البُعد بينها و بينها، ثم شهقت سريعاً حينما شعرت بملمسٍ كالريش يسير على وجنتها مروراً بفكها حتى عُنقها.

" توقف أرجوك عمّا تفعله يا بيكهيون! أنا زوجتك، لِمَ تفعل بي هذا؟!"

إستغاثت رغم أنها تدري أنه لن يلين، فهو منذ البداية متعرٍ من قِناع الأمير النبيل و بازغٌ بحقيقته البشعة.

سمعت صوت ضحكاته الخافتة، التي لم تستهجنها منه، فهو هو و لن يتغير، ثم شعرت بأنفاسه حارّةً على وجهها، و همس.

" احزري ماذا يا زوجتي"

تناولت أنفاسها بإضطراب، و همهمت تستدعيه أن يكمل كلامه، تعلم أن حزّورته هذه ليست تُمتِع سواه، فلطالما كانت أذيَّتها مُتعته.

شعرت بأنامله تسير على وجهها و كأنها أجنحة فراشة ناعمة، ثم شعرت به يُخفض العِصابة عن عينيها، و يتركها فوق شفتيها سهواً، ينظر في عينيها الرماديّتين كقرصيّ قمر، قد سحره جمالها مجدداً، لا يُنكر أنها أجمل ما رأت عينيه.

نظرت هي في عينيه الجحودتين تقرن حاجبيها، لا تشعر بالآمان ناحيته كما لم تشعر منذ الأزل، إنه يفكر بطُرق ملتوية لا تفقهها نفسها السويّة و عقلها البريء.

" أنا ساديّ، يستهويني إيذائكِ"

حركت رأسها ترفض إعترافه رغم أنها على علم مُسبق به، تلك كانت حقيقة تكره الإعتراف بها فيه، لأنها الوحيدة المتضررة هنا، بنبرة راجية حدثته، و بملامح خائفة ليّنة إستدرجته، حاولت.

" أرجوك لا تؤذِني، ألا تحبني؟!"

إرتفعت شفاهه بإبتسامة خفيفة، لتلك الكلمة وقعٌ لطيف في نفسه المُجرّدة من الأحاسيس، ثم أومئ يقول.

" أحبك؟"

ترقبت رده، لأنه كثيراً ما ادعى أن ما يقوم به عن وجه حُب، إزدرئت جوفها فوجدته يومئ من جديد بعد قهقهة، و على حسب ما ظنّت، فهو يهزئ بسؤالها السابق.

" نعم، أحبكِ كثيراً"

رفع أنامله ليمشي بها على صِدغها حتى وجنتها يُتبع هامساً، بينما آيلا نشزت على إثر لمسته، و ارتعشت تبغي الإبتعاد .

" لذا حبيبتي دعيني أحبكِ على طريقتي"

و طرقه هي تعرفها...

آيلا حركت رأسها نفياً، و بكت بهلع، هي تخافه، تخافه بالفعل، إذ هو لا يكون لها إلا مصدر رُعب و عذاب، لم يسبق له أن كان لها مصدر حب و آمان، لطالما كان عدو الوِفاق معها، عدو الحب و جنوده.

  وضع راحته على فمها يكتم صوتها، و سبابته الأخرى إلى شفتيه يأمرها بالسكوت.

" اصمتي، كلما كنتِ هادئة كلما كنتُ لطيفاً"

أغمضت عيناها، و صرخت بتكتُم أسفل كفه، حينما شعرت به ينحدر بشفتيه ليلقم من رقبتها، إنه جُند مِقدام لرغباته الجسدية، و لمحافله على مأدبة جسدها، الذي ينهم منه و ينهب قدر ما تخوّله طاقته.

رفع يده عن فمها، ليقدر على فك عُقد فستانها المتشابكة بتعقيد بالنسبة لرجل من فوق صدرها، حينها صرخت تبكي بهلع.

" أرجوك لا، لا تجعلني أكرهك أكثر!"

كان مِقداماً في مأدبته لولا مُداهمة طارئة قَلَبَت الطاولة على رأسه.

صرخت آيلا عندما سمعت صوت شيء ينفجر، و كان الباب قد وقع عن إطاره بضربة ضوئية، و ارتطم بالأرض فأحدث الصوت القوي ذاك.

نهض بيكهيون عن وليمته، التي كاد أن يلقمها منها، و إلتفت سريعاً بأنفاسٍ مُلتهبة و عروق نابضة ينظر ما في الأمر.

حينها دخل لاي تُحيطه هالة من دُخان أزرق نفّاث، فاتسعت عيناه مذهولاً، لقد تركه مُعلقاً على الإنصال ينزف دمه و روحه معاً، و ها هو أمامه الآن يشع بالصحّة، ربما هو و إخوانه إستهانوا بقِوى الأمراء هؤلاء، فهم لا يموتون، لا يقهرون، و لا ينهزمون.

لكنه إزدرئ جوفه متخوفاً عندما دخل بيكهيون من خلفه، بيكهيون ملك الضوء الحقيقي، و الذي هو منه خُلِق، كان على مظهرٍ غير مُسبق بالنسبة إليه.

شعره فضيّ به لمعة ضوء، و كلما عانقت شعراته الكثيفة بعضها نَتج عنها شرار ضوئي يبرق بين خصلاته هُنا و هناك.

عيناه قمرين مُضيئين، بدرين تعانقهما رموشه الكثيفة، كلما رفّ بها -رموشه- سقط منها حُبيبات بحجم الُغبار تلمع بضوء فضيّ أنيق.

بشرته شديدة الشحوب، و حتى بعض عروق رقبته بارزة رغم سكونها أسفل جلده، في عنقه الوشم ينبض، و اتسعت مساحته حتى نالت من فكه إرتفاعاً؛ و من ترقوته إنخفاضاً.

و حيث يلتقي كل خط في الوشم بنجمه؛ تبرق النجمة بريقاً يعلو البريق الساحر على صِدغه الأيمن حتى جفنه العلوي؛ هبوطاً إلى عظمة وجنته.

إنه ملاك فضيّ مرشوش فوق ملامحه شطور الجمال كلها، لكنه ملاك غاضب، ملاك بالمظهر، و رجل يبغي إنتقاماً من الداخل.

آيلا ذُهِلت مِما تراه عيناها، ليس بمظهر بيكهيون المروع لروعته، بقدر أنها ترى بيكهيون قُرب الباب، و بيكهيون آخر قُربها.

خصوصاً عندما تقدم بيكهيون الذي يشع من يده ضوء أزرق إلى بيكهيون الذي يضع سِلسلة على وجهه، حينها آمنت أنها في حلم غبي، أو أنها جُنّت.

نظر الأمير بيكهيون إلى اللوح الذي تُقيد إليه، ألقى نظرة يتيمة على أميرته لم يقصد فيها الإطمئنان، إنما أن يشحن غضبه أكثر و أكثر، ثم صعد ببصره بغضب على النُسخة الرديئة منه.

قبض كفيه جداً حتى تفلّت منه شرار كهربائي، و الآخر تراجع عنه يحتصّن من شر غضبه و إنتقامه، لكن الأمير رفع قبضتيه، و أطبق رسغه الأيمن بالأيسر من حيث راحتيه، ثم فتح يديه لينطلق من بين راحتيه ضوء قوي جداً، إنطلق في جسد المزيف.

صرخ بيكهيون ذو السلسة، و انحنى يركع على ركبتيه و جسده يتشرب الضوء، إذ يشعر بأن أحشائه من الداخل تحترق، ثم تتفجر و تخنقه، صرخ بجنون حتى نَفَرَ الدم من حلقه، و عَبر عبر شفتيه.

لاي آتى من خلف بيكهيون، و وضع يده على كتف أخيه، يقول عندما رأى أن أخيه ينوي قتل المستنسخ بعد مخاض طويل مع الألم.

" لا تقتله، نحتاجه حيّاً"

بيكهيون الأمير أرجع مرفقيه إلى صدره، ثم دفع بذراعيه مستقيمة إلى الأمام، لتضرب المستنسخ موجة ضوء جعلت دمائه تتسرب من كل حدب و صوب في جسده.

بيكهيون رد بإقتضاب، و قد أثملتّه لذّة الإنتقام، و أثارت شهيته للمزيد من الدماء، المزيد من الألم، و المزيد من الصراخ و العويل.

" هذه مسألة شخصية"

بيكهيون أرجع مرفقيه كما سبق، ثم دفع بالضوء إلى الأمام أقوى، حتى سطع بقوة شديدة في جسد عدوه الرديئ.

و عندما تهالك جسد عدوه، و تفتت  فما عاد نافعاً لتشرُّب الضوء، صعد الضوء لشدة قوته عامودياً يهدم السقف و الأسقف الموالية للقصر المستنسخ هذا، حتى سطع الضوء في السماء عامودياً، و انفجر كقنبلة موقوتة، و أصبح كل من في المملكة و الآمراء الآخرون في قصرهم يَرون شُعاع الضوء هذا في سمائهم.

لاي سبق و ركض ليفك قيود آيلا، الذي تجشأت وعيها لهول ما رأت من تعذيب، و سمعت من صراخ، ثم حملها بين يديه، و وقف بها بظهر بيكهيون، فظهره المكان الوحيد الآمن هنا، لاي هتف من خلفه.

" ستهدم القصر فوق رؤوسنا و لن ننجو، علينا أن نخرج سريعاً، لقد قتلته!"

توقف بيكهيون عمّا يفعله عندما قبض يديه، و أستقام بجذعه يتنهد، ما تبقى من المستنسخ هو غُبار ضوئي فحسب و قطرات دماء.

  سكنت ألوانه الصاخبة قليلاً، إذ توقف الشرار الضوئي عن اللمعان في شعره، و توقفت أهدابه عن توليد حُبيبات ضوء لامعة، و انحسر الوشم في عنقه، ثم عادت سيادة البريق لصِدغه.

لقد كان خارج نِطاق وعيه، يرغب في الإنتقام منه فحسب، فهذا المستنسخ عذّبه بأشد ما يستطيع، و اغتصب بتولة أميرته التي يُحب منذ أن بلغه أمر وجودها.

لاي تمسّك بكتف بيكهيون بمحاولة لتهدئته و توجيهه.

" سيطر على نفسك، و انقذ أميرتك!"

إلتفت بيكهيون إليهما، كانت قد إستعادت وعيها و لكنها ترتعش، حينما أتى بصره بعينيها خبأت نفسها في كُنف لاي، و برعشة قالت.

" ما هذا؟ من أنت؟ ما الذي يحدث؟"

إقترب بيكهيون منها حتى أصبح أمامها، وضع راحته على رأسها فنشزت بكتفيها، و همست بعد شهقة.

" ابتعد عني!"

تنهد بيكهيون و ابتعد، ثم قال لأخيه.

" عالجها و تولّى نقلها أنت، هي خائفة مني الآن"

أومئ لاي لأخيه، ثم وضع يده على جبهتها، لتتشرب رأسها طاقته، التي تنبعث على شاكلة دخان أزرق، تلألأت عيناها باللون الأزرق، و برزت العروق في وجهها، كما أنها إزدادت شحوباً.

شعرت بجروح ظهرها تستطِب، و بكدماتها تسكن عن رمي الوجع في شعورها، ثم شعرت بها تتحسن و تتحسن، و الألم يندثر و يندثر حتى كان و كأنه لم يكن.

رويداً رويداً عاد لونها إلى طبيعته، ثم أغلقت عيناها بهدوء، و سقط رأسها في حِجره، حينها رفعها لاي إلى صدره بحرص، و جعل رأسها إلى كتفه يقول.

" لقد جعلتها تنام، هذا أفضل، وعكتها النفسية أكبر من وعكتها الجسدية، و نفسيتها ليست من ضِمن قُدراتي، لذا عليك أن تبذل مجهود لاحقاً في هذا الأمر، الآن علينا أن نخرج من هنا يا بيكهيون"

أومئ بيكهيون، هذه مهمة صعبة لكنه سيفكر بها لاحقاً، الآن عليه أن ينجو بأميرته و أخيه فحسب، سبق أخيه بالخروج يجهز ضوءه، سلاحه الفتّاك، لقتل أي من قد يعترض طريقه.

كان القصر في حالة فوضى شديدة، فالفوضى، التي تسبب بها بيكهيون بشعاعه الضوئي العظيم، قد أثارت الذعر كلياً في القصر و خارجه، بل بالكوكب بأكمله.

خرج إلى حديقة القصر متسللاً، و لم يكن متفاجئاً برؤية خمسة من المستنسخين أمامه، سوهو، سيهون، تشين، كاي، و تشانيول.

بيكهيون رفع ذراعيه يَعدّ ضوءه، و غار شِدقه بإبتسامة شجاعة يقول.

" أنا الأمير، أنا ملك الضوء، و أنتم مجرد نسخ رديئة أتت إلى الموت بأقدامها"

سيهون و الذي يبدو أكثرهم شراً تهكم مبتسماً، و قال.

" وحدك على الخمسة، لا تكن واثقاً زيادة!"

و لم يأخذ المزيد من الوقت كي يهاجم سيهون بيكهيون بعاصفة هوائية، ظنّ أنها قادرة على إقتلاعه من أرضه، و رميه ميتاً في فضاء الكوكب.

لكنه بدا متفاجئاً عندما صدّ بيكهيون ضربته الهوائية ببلورة زرقاء أحاطت ثلاثتهم، حينها بيكهيون همس.

" مفاجأة!"

و لم يتوانى عن رفع ذراعيه، و ضرب أربعتهم بشعاع ضوئي، جعل أربعتهم يطيرون بالهواء، غير قادرين على تصدي الهجمة، ثم ركض الأميرين بالأميرة خارج حدود القصر.

إلتفت بيكهيون حينما أصبح خارج القصر بأخيه و زوجته، و ضرب القصر بشعاع ضوء شديد السطوع أقوى من الذي قتل به النسخة الرديئة عنه.

هو -شعاع الضوء- الأقوى و الأكثر حرارة، جعل القصر ينفجر و يندثر غباراً في الهواء قبل أن يستقر على الأرض، إنه الضوء النووي، أقوى ما يملك بيكهيون.

" أحسنت عملاً بيكهيون، علينا أن نتدبر أمر قوتك لاحقاً، لكنني لا أظن أن المستنسخين الخمسة ماتوا، النسخة عنك بالتأكيد مات"

بيكهيون قال بينما يركض خلف أخيه.

" أمر حياته من مماته لا يشكل فرقاً، إنهم قادرون على إستنساخ نسخة جديدة عني بما أنهم يملكون عيّنة من حمضي النووي، نحن لن نتغلب عليهم إلا عندما نقتل كيان الطاقة الحمراء، و نسيطر عليها من جديد، و إلا فهم سينسخون منّا جيوشاً لا فرادى"

لاي تحدث بعد تنهيدة.

" يؤسفني أنك محق، هم أخذوا من دمائي أنا أيضاً، دعنا نتحدث عندما نصل القصر، يجب على إخواننا أن يعلموا"

بيكهيون حذّر بطريقة غامضة أثارت الريبة في نفس لاي.

" ليس جميعهم في الواقع، لا تدع تشانيول يدري بما حدث"

لطالما كانوا جميعاً يد واحدة، قوة واحدة، و سُلطة واحدة... فلا يفعل أحد منهم شيئاً و لا يدري الآخر عنه.

إنهم روحاً واحدة، و في مثل هذه الظروف الطارئة يكونون قوة واحدة، لكن قول بيكهيون الآن لا يناسب شِعارهم الأوحد و الدائم بأنهم واحد.

" لماذا؟!"

بيكهيون لم يستغرب نبرة الإعتراض في صوت أخيه، لذا برر بإختصار.

" تشانيول ما عاد تشانيول، سأفسر لك بالقصر"




.......................





أما في القصر، فإن حالة الإستنفار قائمة، إذ الأمراء قد يفتحون أمرهم لبدأ حرب في أي لحظة، و الجيش يتجهز، و الشعب في حالة رُعب شاسعة، إذ أرضهم أرض سلام و أمان، و لم يكن يوماً لهم عدواً قط.

غياب أميرين عن القصر سبب فوضى عارمة، و تغيب ثالث لهو الفوضى بعينها، إذ أنه لاي و بيكهيون مختفيان، و تشانيول في جناحه يمرح و لا يهتم.

التسعة من الأمراء الباقين كانوا في إجتماع طارئ، لعقد زِمام الأمور على حرب أو سلام في قاعة الماما، يشهد الإجتماع أيضاً شهود عيان من حرس القصر و حاشيته، شهدوا بأعينهم ما لم يكونوا الأمراء يقظون بشأنه، الآن تأكدت شكوكهم.

رجل يافع في أواخر عشرينياته يقف في مجلس الأمراء، مُحاط بعروشهم المرفوعة على منصّاتها، و يدلي بشهادته أسفل عينيّ لوهان، اللتين تتحرّا صدقه من كذبه.

" لقد كنتُ أقف في ثكنتي أحرس يا مولاي، فأنا أحرس البوابة الداخلية للقصر الفضيّ، أتى مولاي الأمير لاي ملك الشفاء، و طلب مني التراجع عن موقعي، و أن أقف للحراسة خلف الباب، فأطعت أوامره"

" ثم هو وقف إلى إحدى الأعمدة قُرب البوابة، و ضل واقفاً حتى أتى الأمير بيكهيون، لم أتجسس السمع عليهم فلم أعلم عمّا يتكلمون، لكنني لاحظت أنهما يتشاجران، ثم أتى الأمير سيهون و ضرب الأمير لاي من خلفه"

جميع الأمراء توجهوا بنظرهم إلى الأمير سيهون،  فوقف مذهولاً و صاح بلا تصديق.

" كيف لي أن أقتل أخي؟! أجننتم؟!"

لوهان نظر في حدقتيّ أخيه الخضراوتين حتى إتسعت حدقتيه العسيلتين، و هو يقرأ ما في دماغه تبيّن له صدقه من كذبه.

توجه ببصره إلى الحارس عاقداً حاجبيه يقول.

" أتكذب على سمو الأمير سيهون؟!"

سُرعان ما نفى الحارس، و قد تلبسه شبح الخوف ليسترسل.

" أقسم لك أن هذا ما رأيته يا مولاي!"

صمت الجميع بينما يقرأ لوهان عقل الحارس، لكن ملامحه إزدادت إنقباضاً عندما تبيّن له أن حارسه صادق.

" اتبع"

أمر لوهان الحارس فاتبع.

" دخل الأمير بيكهيون القصر، بينما الأمير سيهون حمل الأمير لاي خارج القصر، ثم رأيت الأمير بيكهيون يهرب بأميرته خارج القصر، و هذا كل شيء"

جميع الأمراء نظروا ناحية لوهان، ليتثبتوا من صدق شهادة الحارس فأومئ قائلاً.

" أنه يقول الحق!"

سُرعان ما نزل سيهون عن عرشه، و تقدم إلى أخيه معترضاً يقول.

" لكنني لم أكن هناك، أنا لم أضرب أخي!"

تدخل الحارس معتذراً.

" عذراً مولاي، لكن سمو الأمير سيهون بدا مختلفاً، كان يرتدي بدلة صفراء غريبة المظهر، و على عينه شرخ طويل"

إنصرف الحارس بأمر من سوهو، ثم إلتفّوا جميعاً فوق عروشهم يتناقشون.

" أظن أن بيكهيون يريد أن يكون الملك، لذا كان يخطط لذلك، و لكن لاي إكتشف أمره، و ذلك ما أودى بنا إلى هنا" 

كان الأمير كاي من تحدث، حينها تدخل الأمير تشين مقاطعاً.

" أظن أنه عليك أن تحتفظ يتحليلاتك الفذّة لنفسك، يستحيل أن يطمع أيٌ منّا بهذا العرش، جميعنا نعلم أن الملك هو أكثر من سيعيش حياة تعيسة لا يبغيها، و بيكهيون بالطبع لا يريدها"

بدأت الآراء تدفق من هنا و هناك بين الأمراء، فمنهم من يُشكك ببيكهيون، لأنه ما كان على سجيّته مؤخراً، و الجميع لاحظ التغيير الذي طرأ على شخصيته.

و آخرون رفضوا الإعتراف بهذا، و أصرّوا أن بيكهيون أخيهم منهم، لا يخون، و لا يطمع بعرش الملك.

حتى إحتد النقاش بين الأمراء الأصغر سناً، لكن الكبار لم يتدخلوا، هم أكتفوا بالإستماع إليهم جميعاً، لعلهم وصلوا في إستنتاجاتهم و نقاشاتهم لنتائج مفيدة.

أعلن حرس البوابة فجأة.

" وصلا الأمير لاي و الأمير بيكهيون!"

هبط الأمراء عن المنصّة، و اقترب سوهو و قد أخرج سيفه من غِمده.

" دعهم يدخلوا!"

إنبلج باب القاعة على مصراعيه، و ولج أولاً لاي يمسك بيد آيلا كي يحثّها على الدخول، ثم تبعه بيكهيون.

إنحنى الأميرين و الأميرة، لكن ما إن رفع بيكهيون رأسه و إذ بسيف سوهو على رقبته، و صدر صوته ثخيناً بالغضب.

" أغلقوا البوابة!"

بيكهيون جلس أرضاً على ركبتيه، و رفع رأسه ينظر إلى أخيه القائد، الذي يضع سيفه على رقبته.

" أخي..."

لكن سوهو قاطعه قائلاً.

" لستُ أخيك، من أنت؟!"

إقترب لوهان من خلف سوهو ينظر إلى الراكع أرضاً، لكن لاي تدخل و أعلن سريعاً.

" إنه بيكهيون أخونا بحق، هو خرج يوم هربت أميرته و اليوم فقط عاد، الذي كان معنا ليس بيكهيون"

نظر سوهو في أخيه لوهان فأومئ يقول.

" أفكاره ليست محجوبة عني، هو يقول الحق، هذا أخونا بيكهيون"

رمى سوهو بسيفه سريعاً بعيداً عن أخيه، و رفعه من أكتافه حتى إستقام، ثم عانقه عِناق عن ود و شوق، يربت على ظهره بعاطفة رجال خشنة.

" أنا آسف"

تبسّم بيكهيون يربت على ظهر أخيه و همس.

" لا بأس أخي"

إبتعد عن أخيه ثم قال على مسمع من الأمراء.

" سأخبركم بكل شيء حدث معي منذ أن خرجت حتى الآن، لكن على تشانيول ألا ينضم لنا، و لا يعلم بما حدث هنا إطلاقاً"

تبادلوا نظرات مُبهمة فأوضح.

" تشانيول الآن تُسيطر عليه الطاقة الحمراء، لقد تشكلت الطاقة الحمراء على هيئة الأميرة ميريانا و أوهمته أنها هي، أما الأميرة فكانت مخطوفة و أنا أنقذتها"

أحتاج تفسير كل شيء لإخوانه وقتاً طويلاً حتى تبددت أسألتهم و زالت العُجمة عن فهمهم، لكن القاعة سادها الهدوء المُجحِف، هم جميعاً في صدمة عمّا حدث.

" و ماذا بشأن تشانيول الآن و أين هي أميرته؟"

كان تشين من تسآل فأجاب بيكهيون.

" الأميرة موجودة بالقصر الآن، تتخفى بهوية إحدى العاملات في القصر، لقد سكنتها الطاقة الزرقاء، و على الأميرة أن تجعل جزء من طاقتها و الطاقة الزرقاء تتسلل إليه، إن تسللت إليه سنستطيع السيطرة عليه، و سنعالجه"

عمّ الصمت من جديد، كانت آيلا قد غادرت منذ أن عانق سوهو بيكهيون، و أمر بيكهيون بأن تبقى في جناحها، و لا تخرج منه إطلاقاً، و هنا تحدث لوهان.

" و ماذا بشأن زواجك و أميرتك؟! كيف ستتدبر أمرك بشأنها؟"

بيكهيون تنهد و لاي ربتّ على كتفه يواسيه فاتبع لوهان.

" إن أردت مسحتُ ذاكرتها، و أنت تبني معها علاقتك من جديد"

حرك بيكهيون رأسه نافياً و قال.

" لا أظن أن هذا هو الحل السويّ، أتركها كما هي، و فقط امحي من ذاكرتها منذ خرجت من القصر حتى عادت معي، لا أريد أن تشعر بالضياع و الشتات، سأحاول أن أصلح علاقتي معها بنفسي"

نهض لوهان ليعانقه ثم قال.

" كنت نِعم الأمير و الأخ، لقد ظننا أنك طفلنا الفضي، الذي لا يقدر على تحمل المسؤولية، أنت اليوم تقف أمامنا مُحارب، شُجاع، و مغوار، نحن فخورين بك"

ما إن خرج بيكهيون من عِناق أخيه حتى هاجموه بقية إخوانه بعناق ساخن، ثم وجد نفسه يحلق حينما رفعه سيهون في الهواء.

" أيها المجانين!" 



...................




كانت ميريانا تحوم مع العاملات في مرافق قصر النار، كانت في آخر صفوفهنّ، تسير ببطئ و تنظر في أرجاء القصر، قصرها هي.

إستعجلتها سيدة العاملات فأسرعت بضع خطوات ثم تباطئت، لكنها فجأة شعرت بمن يسحبها بقوة من ذراعها.

كادت أن تصرخ لولا أن يد أغلقت فاهه، ثم شعرت بمن يدفعها، و يسحبها بقوة حتى إرتطمت بالحائط خلفها داخل زِقاق جانبي.

وضعت يدها فوق يد ذاك الرجل، و حاولت إخفاضها عنها بينما تتسلقه بنظراتها حتى رَست على وجهه، حينها تلاشت مقاومتها.

رفع يده عن ثغرها فهمست باسمة شفتيها.

" مولاي الأمير!"

تشانيول تحسس بأطراف أنامله وجنتها، و أخذت تنحدر يده إلى فكها، ثم عنقها حتى وصل صدرها.

إزدرئت جوفها و بدنها يرتعش، قلبها يرتجف، حينها رفع بصره لينظر في عينيها ثم قال.

" أما زالت سعادتي تهمك يا فتاة؟!"

أومأت تجيبه بنعومة.

" نعم مولاي"

إبتسم ثم إنحدرت ذراعه لتحتضن خصرها، و جذبها إليه بقوة حتى مسّ بدنها بدنه، فشهقت بخفة.

قرّب شفاهه من أذنها و همس بها.

" إذن تعالي عندما ينتصف الليل، سآخذكِ من هنا"

أومأت تجيبه.

" سأكون مستعدة لإسعادك مولاي!"

همهم ثم غمر صدره بأنفاس مُشتهية، و عينيه تنهب من محاسن جسدها، ثم أفلتها و غادر.

إرتكزت هي على الحائط خلفها بعد مغادرته، و الدمع توقف في جفونها تتسآل.

" يا تُرى كم إمرأة متعتك في غيابي؟! كم وضعت فيكَ تلك الشيطانة من سُمها لتصبح هذا الرجل الذي أنت عليه؟!"



.....................




سلاااااااام


هذا الفصل لبيكهيون عن جدارة😂
بالكاد تذكرت أنو البطل ماي مان

إذا عندكم أي أسئلة، أو أي إنتقاد، أو أي ملاحظة بتقدروا تحكوها.

ما بعرف إذا وضعي هيك تمام بالفانتازيا، إنتو شو رأيكم بصراحة؟

الفصل القادم بعد 80 فوت و 80 كومنت.

1. رأيكم ببيكهيون المستنسخ؟ كيف دانت شخصيته؟ و هل ينتهي هنا؟ و ماذا تظنوا بحقيقة مشاعره تجاه آيلا؟!

2.رأيكم بالأمير بيكهيون؟ هل إستطعتم على تخيله كما يجب؟ مدى قوته و شجاعته؟

3.رأيكم بآيلا؟ و ما مستقبل العلاقة بين آيلا و بيكهيون؟

4. رأيكم بتشانيول و ميريانا؟!

5.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️

© Mercy Ariana Park,
книга «الدرك الأسفل|| The Eternal Monarchy».
CH18|| بلورة باهتة
Коментарі