توطئة|| Introduction
CH1|| إبنة الزمن
CH2|| حُب الدهور
CH3|| إمرأة من بحر
CH4||سماء ونجوم
CH5|| أزرق سماويّ
CH6|| لِمَ أُحبّك
CH7|| بُنٌ وبَحر
CH8|| سماءٌ وبَحر
CH9|| رسول الحُب
CH10||حياة بين الضلوع
CH11|| أزمة الهَيْبَة
CH12|| إنتقام الهيبة
CH13||عُكّاز وجَبيرة
CH14|| غاطس بالحُب
CH15||كَرز وسيجارة
CH16||حُبّي المُشيَّد
CH17|| نور البدر
CH18||بَهاء وإمتلاك
CH19||مَطَر ضِمنَ العاصِفة
CH20|| مخائل حُب
CH21||أُحبُك بمزاجٍ شَتويّ
CH22||قاع البحر
CH23||الزهرة وصاحب البستان
CH24||حُضنه الدافئ
CH25||دموع جميلة
CH26||أغرق في بحرِك
CH27||بَحرٌ هائج وسماءٌ دهماء
CH28||إنتكاس الهَيبة
CH29||زهرة مائلة الجِذع
CH30||جون وهَيبتُه
CH31||ظِلالٌ رماديّة
CH32||أكره الحُب
هَيبتُها|| The End
CH10||حياة بين الضلوع
" حياة بين الضلوع"




















" نَبض؛ أنتِ الحياة بين الضلوع...!

أنتِ الخَفقان الذي تُنجبه القلوب...!

أنتِ روح طفلة نقيّة إندسّت في جيوب قلبي، أنتِ نقيّة لكنكِ جريئة؛ لتدخليني هكذا وتحتليني بلا أي سيوف، إنما بعينيكِ البحريّة...!

أحببتكِ لأنكِ طَلعة، أتيتِ إلى قلبي بالصُدفة...

أحبكِ لأنكِ حوّاء مُختلفة، قد تنبت بين يديكِ أشواك وقد تَنبت زهور.

لأنكِ يا عِز؛ ثقيلة متينة أينما حللتِ...

لأنكِ هَيّبة...!

إلى عذراء القلب

الكاتب سوهو"

..........

ولّى الليل، ثم حلّ الصباح، ثم ولّت الشمس، وما زالت روزماري في سريرها مُعتكفة في سِرداب من الخَيبة.

عيناها قد تورّمت لكثرة ما بَكت وقد إحمرّت إحمرارًا آسيًا، وكأن تشانيول آتى ليُبكيها عوض كل السنين التي قضتها صامدة ورفضت فيها أن تبكي.

جسدها مُنهَك، وعقلها مُهلَك، وقلبها مُنتهَك...

ومجددًا؛ بسبب خَيبة من رجلٍ ظنّته قريب ومَحل ثِقة، وما هو إلا رجلٌ يعتز بعضلاته ويسميها رجولة كي يفرض نفسه عليها ولو بالقوّة.

بعد طول تفكير في الأمر؛ تشعر أن الذي حدث معها علامة فارقة لضبط الدفئ الذي إحتلّ قلبها مؤخرًا، وتنبيهٌ لها يقول "روزماري؛ لا تثقي برجل مجددًا!"

لا تشانيول، ولا جون، ولا غيرهما، لا أحد سيكون له مكانًا في حياتها مرة أخرى، لأن أمثالها ولِدوا ليعيشوا وحيدون.

بعض البشر لا تَصلح لهم العلاقات، ليس لأنهم لا يستحقونها، بل لأن الخيبات تكسرهم، وما يكونوا قادرين على تجبير ما إنكسر والمُضيّ، بل يبقوا عالقين في مكانهم.

فلأجل الحفاظ على صِحتهم القلبيّة؛ يعيشون في هذا العالم وحيدين، تمامًا مِثلها.

قد سبق وأن أغلقت هاتفها، وأغلقت أبوابها، ونوافذها، وأضواءها، تحبس نفسها في الظلام بلا طعام ولا شراب ولا حتى نوم، وكأنما هي تُعاقب نفسها لأنها وَثقت برجلٍ ما مُجددًا.

والآن قد مَضت ثلاثة أيام وروزماري لا تظهر للعيان ولا تُجيب على الهاتف ولا تُنير الأضواء، وهُنا؛ ما عاد تشانيول قادرًا أن يصبر أكثر.

في البداية؛ أصابه العار والخجل من أن يأتي مُعتذرًا، ظنّ أن أفضل شيء يفعله أن يتركها تُعاقبه كما تشاء.

لكن مع غيابها الطويل؛ إكتشف أنها لن تُعاقبه بل ستُعاقب نفسها، كما فعلت يوم تطلقت من جونغ داي، كانت تزال مُعلّقة بحِبال حُبه، ولذلك عاقبت نفسها بنفس الطريقة، ولولا وجوده معها لقضت على نفسها حينذاك.

والآن لا أحد معها، شخصها المُقرَّب الوحيد هو الذي أدخلها في هذه العُزلة، وروزماري في هذا العالم الواسع لا تملك سِواه.

إذ في اليوم الثالث لها على التوالي في العُزلة؛ قرر ألا يبقى صامتًا ويطرق باب منزلها، فلو أجابته سيتركها تفعل ما يشاء، تضربه، تشتمه، ما تريد.

كان يحمل معه لأجلها أكياس طعام ومؤن ستحتاجها، لكنه مهما طرق بابها لا تستجيب له.

في النهاية؛ وضع الأكياس خلف الباب مُتنهدًا ثم قال وقد رفع صوته لعلها سمعته.

" روز، أنا حقًا آسف، لا تُعاقبي نفسك بسبب حماقتي، خُذي هذه الأغراض عن الباب، وأنا سُأغادر"

كان جون يقف على باب شِقّته فيما يسمع تشانيول يتلو إعتذارته وتوسلاته لها من خلف الباب، وحينما إلتفت تشانيول رأى جون بوجهه، فأراد تجاهله والمُضيّ قُدمًا، لكن جون ميون لم يُرٍد.

إذ سأله بنبرة جافية، ولأول مرة يتحدث بها جون ميون إلى أحد، لأن تشانيول هنا مسَّ أغلى قِطعة في قلبه، روزماري، لذا جون لن يتهاون أبدًا، ولن يكون رجل عميق ليفهم بالكلام، ولا رجل تافه يقفز فوق الجُمَل، سيكون رجلٌ ذا قبضة.

" ما الذي فعلته لها لتنطوي على نفسها هكذا؟! هل تجرّأت وكسرت ثقتها بك؟!"

رمقه تشانيول يضيق مَحجريه في عُجمة ونبس.

" وكيف علمت؟!"

تقدّم منه جون ميون فيما يرفع عن ساعديه كُميّ قميصه.

" أعرفها أكثر منك حتى!"

ولم يَعي تشانيول إلى وقبضة تهبط على عِظام وجنته، فجعل يتراجع خطوات بلا إتزان، ثم نظر إلى جون وأشار إلى نفسه بلا تصديق.

" أنت تتجرأ أن تضربني أيها الصعلوك!"

نبس جون بعصبية فيما يُجهز على طويل القامة.

" أمثالكَ يجب التكلم معهم بالقبضة فقط!"

ومجددًا لَكم وجهه، حينها ردها له تشانيول، ودخلوا في شِجار عنيف جدًا حتى تدخل أمن البناية السكنيّة لحل الشِجار بين الأثنين.

لكن على عكس التوقعات؛ فإن إصابات تشانيول بليغة أكثر من أصابات جون، رغم أن جون أصغر حجمًا وأقل قوّة، لكن له قبضة إخشوشنت لأجل هَيّبَتُها.

روزماري كانت تسمع صوت الشجار في الخارج، وتُميز صوت تشانيول وجون، لكنها لم تتدخل بل لم تأبه، فليتقاتلان حتى يقتل أحدهما الآخر وتتخلص من كليهما، ما عادا يهمانها بعد الآن.

أراد مكتب أمن الوحدات السكنيّة تحويلهما إلى أقرب مركز شُرطة، لكن تشانيول وجون أسقط كل واحد منهما حقه عن الآخر.

فلقد سُدَّت القبضة بالقبضة، ساحة الحرب الحقيقيّة هي روزماري، ولا يُمكن إستخدام قوة البدن في مثل هذه الحرب.

وجه جون بالفعل داميًا، لكنه لم يهتم إطلاقًا، بل لم يفكر في تطهير جروحه حتى، يود أن يطمأن عليها ويُلبي حاجاتها، سيكون بخير بعدها.

طرق بابها، وكما هو متوقع لم تَجبه، لذا إعتذر مُسبقًا في سِره لها، وفتح باب منزلها، فهو يعرف الرمز السريّ.

22316

تاريخ عرض أول حلقة من حلقات برنامجها الحواريّ على محطات البث التلفزيونية، فتاريخًا كهذا ترغب في تذكره للأبد وتعتز به. 

وَلج الشِقة، كانت مُظلمة للغاية، لا ضوء ولا هواء يتخللها.

أضاء الأضواء وأبعد الستائر عن النافذة العريضة في صالة الجلوس وفتح النافذة، حينها سمع صوتها يدبّه الخوف تقول من غُرفتها.

" من هناك؟!"

أجابها فيما يضع الأكياس التي جلبها تشانيول على بار المطبخ.

" إنه أنا، جون"

سمع صوت نَعليها ومن نَغم طرقها بالأرض علم أنها غاضبة.

نظر في وجهها فلم يسره ما رآه، ولأول مرة لا يُسَر برؤيتها.

هَرع إليها لكنه ضبط نفسه في آخر لحظة ووقف عن مسافة مُعتبرة منها.

" أبكاكِ؟! إلى هذه الدرجة خيّب آمالكِ ذلك الأحمق؟!"

لم تَجبه، بل مسحت على وجنتيها بعُنف وقالت.

" أخرج من هنا قبل أن ترى تصرفًا مُهينًا مني، لا أريد أن أراك ثانية، أتفهم؟!"

إبتعد عنها لأجلها، لا لأجله، وقال.

" سيدتي، أنا قَلِق عليكِ، ققط تأكدي أن تتناولي طعامكِ وتنامي جيدًا، سأرحل"

توجّه ناحية الباب لكن سؤالها استوقفه.

" كيف تعلم الرمز السريّ للباب؟!"

إلتفت لها وكاد أن يتكلم، لكنها حملت أبريق المياه الزُجاجي وضربته به تصرخ.

" مَن تظن نفسكَ أنت؟!"

أغمض عينيه فيما يشعر بالدماء تنساب من صِدغه بغزارة، رفع بصره لها فوجدها تنظر إلى جُرحه يعتريها الأسف والمُفاجأة مما فعلت بلحظة إنفعال.

أرادت أن تتقدم، أن تعتذر، لكنها لم تستطع، فجأة مخاوفها من الرجال عادت، لذا لم تجرؤ أن تقترب منه، لكنه من إقترب منها.

تمسّك بكتفيه بين راحتيه، فنشزت وراحت تنظر في عينيه بعينين قد توسعت إثر الخوف والدهشة.

في موقف كهذا، قد يصرخ ويغضب لأنها أذته، لكنه لم يَكُ كذلك، بل كان هادئًا جدًا، وتحدث معها بنبرٍ حنون.

" أنتِ عليكِ أن تهدأي الآن وتمتثلي لما أطلبه منكِ من فضلك"

وضعت يديها على صدره تحاول إبعاده عنها فابتعد، حينها صفعته وصرخت في وجهه، لا تدري لما فعلت ذلك لكنها تُنفس عن غضبها في الشخص الخطأ.

" أخبرتك أن تخرج!"

إعتصر فكّيه بعضهما بغضب شديد، ليس غاضبًا منها بل من أودى بها إلى هذه الحالة، فلقد أصبحت كقِط قد استشرس ليحمي نفسه.

نظر لها ونبس بين أسنانه المرصوصة.

" لن أخرج"

أخذت تضربه على صدره فيما تحاول سحبه للخارج.

" أخرج قبل أن أقتلك!"

تمسّك بذراعيها مُجددًا واجتذبها إليه، ورغم مقاومتها العنيفة ضمّها إلى صدره.

ضربت صدره وظهره كثيرًا حتى يبتعد، لكنه كان فقط يمسح على رأسها، ويُبث في أسماعها الكلام بنبرٍ ودود.

" أرجوكِ إهدأي، أنتِ لستِ هكذا، أنتِ سيدتي العظيمة المهيوبة، ثوري واغضبي واضربيني وافعلي ما تشائين، لكن لا تنكسري، لا تسمحي لشيء أن يكسرك"

رَقَّ قلبه عليها كثيرًا وضمّها بين ذراعيه الحنون حينما توقفت عن مقاومته، وأخذت تبكي على كتفه بإستسلام.

تنهد وربّت عليها على قدر ما أحتاجت أن تَبكي حتى هدأت على كتفه.

أمسك بيدها وسحبها معه برفق إلى دورة المياه، جعل يغسل لها وجهها عن آثار البكاء، ثم جعلها تجلس في سريرها ووضع عليها الغطاء.

وقف عن مسافة آمنة عنها كي لا تخافه وقال.

" لا تنامي حتى آتي لكِ بشيء تأكلينه"

لم تجبه، فقط كانت تنظر عبر النافذة.

مضى الوقت وعاد يحمل بين يديه صينيّة، عليها شطيرة وكأس عصير.

وضعهم على المنضدة قُربها، ثم أتى بأبريق ماء جديد وحبة دواء يقول.

" تناولي طعامك، ثم خذي حبة دواء لأجل ألم رأسك، بالتأكيد لديكِ صُداع من قلة الطعام والنوم، وكثرة البكاء والتفكير بالتأكيد، ارتاحي يا سيدتي"

نَظرت إلى الصينية التي قدمها لها، ثم نَظرت إليه، لا تستغرب أنه يعتني بها بهذا الإهتمام، فلقد سبق أن عاملها أحد كملكة، ذاته الذي بالأمس أشعرها أنها جسد فقط.

روزماري ليست شخصية تُبقي الكلام عالقًا على طرف لسانها، بل تتحدث به مهما كان قاسيًا في بعض الأحيان، ومُخيّبًا كالآن.

" أتعلم أن الذي تفعله الآن لي فعله من قبلك تشانيول حينما كنتُ في موقف مُشابه؟!"

"ومن يعلم أكثر مني؟! " لكنه لم يقلها، وضلّت عالقة في جوفها، مثلها مِثل كلام كثير لم يُقال.

صمت وجعلها تقول ما أرادت قوله، وروز تبسّمت بسُخرية من لُعبة القدر هذه ثم علّقت.

" والآن... هو الذي كسرني رغم أنه الذي منحني وعود كثيرة بأنه لن يجعلني أنكسر أبدًا"

تنهد جون، بوده أن يقول كلام كثير، لكن الوقت لا يقف بصفه، أنها ليست ساحة لوضع المُقارنات، بل الآن عليه أن يلعب بالكلمات بأفضل طريقة تُمثّله، إذ انحنى على رُكبتيه أرضًا قُربها، وأمسك بيديها بين يديه ثم قال.

" سيدتي، بعض الوعود تَنكسر، الوعد عِبئ وليس ضمان، أنا لن أعدكِ بشيء، أنا أقول أنني أُحبك بطريقة يَصعُب شرحها بالكلمات، والأيام ستثبت لكِ كم أن حُبيّ متين وكم أن معرفتي بكِ سميكة"

قَبَّل يديها ثم وضعهما في حِجرها، ثم حمل لها الشطيرة وكأس العصير يقول.

" والآن أرجوكِ تناولي الطعام"

قضمت من الشطيرة حينما قرّبها من ثغرها، ثم تناولت كوب العصير من يده حينها سألها وقد بانت على شفتيه إبتسامة خفيفة، فها هي أخيرًا تَلين معه.

" هل اشتري لأجلك الدجاج لاحقًا"

أومأت له فابتسم وأومئ.

" حاضر يا هَيّبة"

تناولت الطعام والدواء، ثم تمددت في سريرها وجون وضع عليها الغِطاء بحرص، أطفئ لها الضوء ثم أغلق عليها باب غُرفتِها.

تنهد لكنه إبتسم، كان يخشى أنه لن يقدر على تليينها لكنها نفّست عن غضبها به لذا إستجابت، لا بأس ببعض الضربات والدماء طالما هي بخير.

خرج إلى شقته؛ ليستحم، ويبدل ثيابه، ويداوي جروحه، ثم نزل إلى المتجر القريب من البناية، واشترى لأجلها بعض الحاجيات وعاد إلى شِقتها.

كانت قد مَضت ساعتين على غيابه، وضع لها الأغراض التي إشتراها والتي إشتراها من قبله تشانيول، ورتبها، ثم نظّم الشِقّة، ونظفها لأجلها، ثم جهّز لأجلها الحِمام، وأخيرًا طلب الطعام.

حينما أستيقظت روزماري من نومها العميق كانت العتمة تُسيطر على أجواء الغُرفة لذا أضاءت الأنوار، وخرجت من الغرفة، لكن ملاحظة قد تركها مُلتصقة على باب غرفتها إستوقفتها، إنتزعتها وقرأتها.

" جهزت لكِ الحِمام لتستحمي، ما إن تنتهي يكون الطعام قد وصل"

تبسّمت وطَوت الورقة، إنه مُراعٍ جدًا، لا تُصدّق أنه إستطاع مَحيّ غمامة الكآبة التي أحاطتها طيلة الأيام السابقة بكل هذه السهولة.

لقد تحمّل سوء مزاجها، وقَبل أن تُنفّس فيه غضبها، ثم هو لم يتعدى خصوصيتها أثناء نومها، وراعى أنها قد تخافه الآن؛ لذا لم ينتهز الفرصة ليتقرب منها إطلاقًا، بل أقام عودها الذي إعوجَّ مع حفظ الحدود والتحفّظ على الكلام الضار؛ كاللوح وتقبيح شأن تشانيول.

إنه رجلٌ إستثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

أخذت حمامًا دافئًا، ثم بدلت ثيابها ورتبت مظهرها، وبعد مُضيّ الوقت سمعت صوت جرس الباب يرن، توجهت لترى من الطارق وإذا به رجل التوصيل.

أخذت منه الطعام وأرادت أن تدفع له لكنه قال.

" سيدتي، لقد تمت عملية الدفع مُسبقًا"

أومأت له وأعطته مالًا لأجله.

نظرت في الطعام، إنه كثير عليها، لذا بتردد نظرت إلى باب شِقة جون، أتطرقه وتدعوه لتناول الطعام معها وتعتذر، أم لا تفعل شيء؟!

تنهدت بأستياء إزاء الحيرة التي تشعر بها، لماذا مع هذا الرجل فقط تُفكر في أحاسيسه، وما قد تُخلفه الكلمات في نفسه من أثر؟

دخلت شِقتها، و وضعت الأكياس على الطاولة، حضّرت الطعام لشخصين ثم ذهبت لتطرق بابه، وفيما تنتظره أن يجيبها كانت تعتصر كفّيها ببعضهما لكثرة ما متوترة ومُحرَجة.

فتح لأجلها الباب بمزاج عَكِر ولكنه أول ما رآها إبتسم، حينها شعرت بحرارة غريبة تحتل جسدها، لا تدري لِمَ كل هذا التوتر والخوف الذي تحس به!

" أنتِ بخير الآن يا سيدتي؟!"

أومأت له ثم قالت.

" نعم، أيمكنكَ أن تُشاركني الطعام؟! إنه كثير عليّ وحدي"

تبسّمت بإرتباك فيما تنتظر إجابته، لكنه سُرعان ما أومئ لها وأغلق باب شقته يقول.

" الشرف لي يا هَيّبة"

" روز!"

سمعت من خلفها فإلتفتت وإذ به تشانيول يتقدم منها بلهفة، أخذت تنفي برأسها وقد إحتلها الخوف مجددًا.

" لا تقترب مني!!"

شعرت بيد جون تلتف حول عِضدها، وبلحظات كان يضعها في ظهره يحميها، وهو بالواجهة أمام تشانيول إذ نبس مُحذِّرًا.

" من الأفضل ألا تعترض طريقها في الفترة المُقبلة"

تقدم منه تشانيول مُعترضًا يقول وقد تعرّجت المساحة بين حاجبيه وضاقت.

" أنت لا شأن لك، ابتعد!"

نفت روزماري برأسها، وتمسّكت بقميص جون من الخلف تهمس له.

" لا تتركني!"

تشانيول نظر لها من فوق كتف جون، وقال مُتأسفًا إذ يراها بحال لم تَكُ عليها مُذُّ سنين، آخر ظهر إحتمت به كان ظهره؛ قبل بضعة سنين تهرّبًا من مواجهة جونغ داي، الآن لا يصدق أنه يقف في مكان الجاني.

" ماري، أن آسف حقًا، تعلمين أنني لا أقصد إيذائك، أرجوكِ اسمعيني!"

" لا أريد!"

نبست بها بصوت مُنخفض، حينها إلتفت لها جون وجعلها أسفل ذراعه.

" ابقي هنا قليلًا"

أدخلها شِقته وأغلق عليها الباب، ثم إلتفت إلى تشانيول، الذي وقف ينظر إلى الباب وعيناه تَدمع بأسف.

" انظر إلى نتيجة تهورك ماذا فعلت بها"

توقف تشانيول عن النظر إلى الباب، وتقدم من جون لأن هذا الرجل حقًا يستثير غضبه.

" أنتَ ما الذي تظن نفسكَ تعرفه عنها؟!
ما مضى على معرفتك بها سوى بضعة شهور وتظن نفسك الأعرف بها!"

هزئ سوهو بإبتسامته لقاء ما سمع للتوّ واستنكر.

" شهور؟! حقًا؟!"

قبض تشانيول حاجبيه بلا فهم فتحدث.

" ما الذي تقصده؟"

تقدم منه جون وطرق صدره يقول فيما عيناه مُخصّبة بالغضب.

" أعرفها مُذُّ خمسة سنين، لم أتودد ولو لمرة لها طيلة هذه السنين على عكس ما تفعله أنت، بل قضيتها في دراسة هذه المرأة الصعبة حتى عرفت تفاصليها، لأنني أردتُ أن يُزهر طريقي إليها كلما قطعت فيه خطوة.

أعلم ما الذي يُزعجها وما الذي يُسعدها، ما الذي تفخر به وما الذي يُشعرها بالعار، ما الذي تخاف منه وما الذي يخاف منها

وحدي أنا أعرفها بتفاصيلها الدقيقة والشاملة وأحبها بالتفصيل الذي لن أمل منه أبدًا.

ربما تعرفها قبلًا مني لكنّي أعرفها أكثر منك، أعرفها كما لو أنني عقلها وقلبها، وأعرف كيف ألِج عقلها وقلبها وأحبس نفسي داخلها، لذا لا تستهين بي أبدًا سيد بارك تشانيول"

فتح باب الشقة، واخرج روزماري برفق من يدها، ثم أخذها إلى شقتها، وأغلق الباب عليهما، وبوجه تشانيول الذي ينظر للأرضيّة بفارغ، لا يصدق ما سمعه للتوّ ورآه.

أُيعقَل أن هناك من يُحب فعلًا بهذه الطريقة؟!

إن عنى ما قاله فقد بان الفائز من الخاسر في حرب الحُب هذه، تشانيول خاسر لا مَحالة.

فإن جون ميون صبور يتحمّل ويُحب بعُمق، على عكسه؛ لا يمكنه تحمل الشعور بالظلم.

جلست روزماري يُقابلها جون على طاولة الطعام، حينها سألته رغم أن التردد في طرح السؤال يجوب على ملامحها.

" بماذا تحدثتما؟!"

حرّك جون كتفيه يجيبها وقد ترك طعامه ليتحدث معها بإبتسامته المُشرِقة كالعادة.

" أخبرني أن أوصل لكِ إعتذاره عمّا فعل، وأنه نادم جدًا ولم يَكُ واعيًا حين إقترف بحقكِ هذا الذنب.

ويقول أيضًا أنه مُستعد لتحمل العواقب مهما كانت وخيمة على ألا تُقاطعيه وتقطعيه من حياتكِ كُليًّا، لكنه لا يريد أن يخسركِ كصديقة؛ فكما هو رفيق دربكِ الوحيد طيلة السنين الفائتة أنتِ كذلك بالنسبة له"

عقدت روزماري حاجبيها وبرمت شفتيها تقول.

" أليس من الغريب أن تنقل الكلام عن لسانه  أنت لي رغم أنكَ مُغرم بي كما تقول؟ ألا تغار عليّ من الرجال الآخرين؟!"

ضحك بخفّة إزاء ما قالت وشعر بفراشات ملوّنة تطير في معدته، ها هي تؤمن بحبه أخيرًا، تكاد أن تقتنع، حتى لو لم تَعي أن في كلامها تصريح إيمان بحُبه، لكنه يعي ويُدرك لأنه يعرف هذه المرأة أكثر من نفسها.

وعلى إثر سؤالها لم يبخل عليها بجوابٍ شافيًا يُشبع فضولها من ناحيته.

" أنا لا أسعى لتضييق دائرة أشخاصك لأنني أحبك، أنا لا أملك الحق لأفعل ذلك حتى، فليكن لكِ ناسكِ وأشخاصكِ الذي يخصونكِ غيري، ذلك لن يجعلني أغار منهم عليكِ طالما أنا في مقام أعلى منهم بالنسبة لكِ، أنا أحبك بالفعل لكن ذلك لا يعني أنني أتملكك، أنتِ حُرة في حُبي، لستِ مُقيّدة"

لم تسترسل، فقط إستباحت النظر إليه بلا هدف مُعيَّن، عجيب أمر هذا الرجل، كيف لكلماته أن تحمل هذا الوقع الساخن داخلها؟

كيف له أن يكون مثاليًا إلى هذا الحد؟!

لم تؤمن قط بقصص سندريلا والأمير المُنقذ وساحرة الحُب، لكنها تراه ذلك الأمير المثالي الذي لا تشوبه شائبة.


...................



" واحد، إثنان، ثلاثة... أدِر الكاميرا"

كانت تجلس على مقعدها الأنيق بأناقة ورزان، ترفع الساق فوق الساق، وتُشابك أصابعها مُتكِزة بإحدى مِرفقيها على ذراع المقعد.

ظهرها قائم، وأكتافها مرفوعة، وعُنقها شامخ إلا أن وجهها الحَسن يبتسم، خُصل شعرها المُتعرِجة ذات سواد الليل ترتاح على كتفيها وشيء منها على ظهرها.

ترتدي ثيابًا أنيقة لا كَشف فيها ولا إسراف، وقد أدت مساحيق التجميل دورها بأن تُبرز جمالها بلا إسراف، تضع في إحدى معصميها ساعة وبالآخر سِوار، بعُنقها عُقد ذا ألماسة ناعمة، وفي أُذنيها قرطين ناعمين.

بدت جميلة وأنيقة تمامًا كما إعتادت أن تظهر في برنامجها... بهَيّبة.

رفع جون ميون صوت التلفاز على آخره ولتتبارك زوايا المنزل بصوتها الذي يضج قوّة وهَيّبة كما إعتاد أن يكون.

" مسائكُنّ قوّة سيداتي؛ خلال الوقت الذي إنفصلتُ فيه عنكنّ أجهزتُ على معرفتي وتعلّمت الكثير، أكتسبتُ معارف جديدة وقوّمت بعض المفاهيم الخاطئة لدي.

توقف البرنامج لم يَكُ بالنسبة لي عِقاب إنما فُرصة، سافرت إلى خارج كوريا قصد الترويح عن نفسي، خرجتُ وحدي مُذُّ أنني الوحيدة التي أُمتّع نفسي... لكنني كُنتُ مُخطئة

إلتقيت برجل، أعرفه مُسبقًا، معرفة لا تكاد تكون سطحيّة وأظنه يعرفني أكثر مما يمكنني أن أُخمّن.

إلتقينا هُناك بلا أي تخطيط مني على الأقل، ثم بتخطيطه علّمني كيف أعيش بمُتعة.

لطالما أحببتُ البحر، لكنني لم أخض فيه ولو لمرة واحدة حتى، وعلى يديه فعلت إذ خضت البحر وعلى غرار إيماني أن الأعماق بشعة وربما مُخيفة قال أن الأعماق لها حياتها الخاصّة ومنهجها المُعين الذي تسير عليه... كذا الناس.

لطالما شبهني هذا الرجل بالبحر وظننتُ أنا أن البحر مُظلم، لكنه قال أن السماء هي التي تجعله مُظلم، هو يسير مع التيار فحسب... كذلك الظروف مع الناس.

بفضل هذا الرجل تغيرت صورتي عن الرجال، فمثل هذا الرجل إنحنى على عقبيه أمامي ليواسيني، قَبّل يدي تبجيلًا لي، ويناديني هَيّبة.

رجل مثله يعرف ما يسعدني وما أحتاجه أكثر مني، رجل مثله عندما رفضته إبتسم في وجهي ولم يتكبّر أو يغضب، رجل مثله تحمل نوبة غضبي المجنونة رغم أنني تسببتُ له بجروحٍ داميّة.

رجلٌ كالرجل الذي أتحدث عنه جعلنه أؤمن أن ليس كل الرجال لا يصلحون سندًا، لذا ومن منبري هذا، المنبر الذي لطالما كان ضد الرجال، سأعتذر لكم.

أنا آسفة يا مَعشر الرجال عن سوء ظنّي بكم، فلستم جميعًا سيئون بل بكم ثُلّة حَسنة ما كنت ألحظها من قبل.

الآن أنا أؤمن أن الكاتب سوهو لا يُبالغ في تقدير حُبه.

الآن أنا أؤمن بأن هذا الرجل يُحب حقًا وأن الكاتب سوهو مجنون حُب، ولو قَبّل الدعوة إلى برنامجي سأناقشه عن الحُب، لن أُهاجمه.

سيداتي؛ هذه الحلقة كانت لتصوبيكنّ بعدما صوبتُ نفسي، ما زلتُ أقول أن معظم الرجال سيئين أشقياء، لكن فيهم قِلّة صالحة تُناسب معاييرنا


فاصل وأوفيكنّ..."

كان سيهون يجاور جون في المجلس أمام التلفاز حينما نبس بلا تصديق.

" لا أُصدّق ما سمعته للتوّ!"

تبسّم جون حينما سأله سيهون بنبرته المدهوشة.

" هل حقًا حقًا حقًا آمنت عدوة الحُب بحُبك؟!

كيف؟

لا تَقل لي أنك ذهبت إلى عرّاف ليسحرها!"

رمقه جون مُسدلًا جفنيه.

" أتسمع ما تقوله؟!"


...


جونغداي أخفض صوت التلفاز على آخره، بيده كأس نبيذ وعلى جسده روب أسود فيما يُقطر شعره ماءً.

رفع هاتفه، وأجرى إتصالًا وما إن أجاب المُتلقي قال.

" لوكاس صهري العزيز، ما رأيُكَ ببيتٍ مُنفصل عن أهلك، لكَ ولزوجتك وأطفالك؟!"

"ما الذي تُريده في المُقابل؟!"



............................

يُتبَع...

الفصل العاشر " حياة بين الضلوع"
الجزء الثاني " حتى تؤمني بحُبي"
ضمن الرواية العاطفيّة " هَيّبَتُها|| الحرب"


...........................



سلاااااااااااام


وهيك بكون إنتهى الجزء الثاني من الرواية، الحِقبة الثالثة على الأبواب👏👏👏👏

المرحلة الجاية ما رح تكون رومانسيات وجفاف عاطفي وبلا بلا بلا، ح تناقش متانة حُب جون وتختبره، لأن روز بحاجة لإثباتات أكثر حتى يكون في رومانسيات والعياذ بالله.

لهيك أجى دور ابني الشرير داي، اتحمستوا ولا لسة؟

فرجوني حماسكم بالتفاعل...

التحديث الجاي لحكاية الألحان واحتمال كبير أنو تكون القصة الجديدة لسوهو، إلا لسة ما شاف الكتاب يروح يشوفوا ويترك إقتراحه.

الفصل القادم بعد 80 فوت و 80 كومنت.

1.رأيكم بجون؟ تعامله مع غضب روز؟ ونجاحه في تهدئتها وكسب ثقتها وإيمانها بحُبه أخيرًا؟

2.رأيكم بروز؟ الحالة التي دخلت فيها بسبب تشان؟ تعاملها الشرس مع جون ثم ليونتها معه؟ خوفها وإحتمائها بجون من تشان؟

3.ما مصير علارقة روز وتشانيول؟

4. علامَ يخطط جونغداي؟

5. رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️


© Mercy Ariana Park,
книга «هَيّبَتُها|| Her Prestige».
CH11|| أزمة الهَيْبَة
Коментарі