كيم جون ميون (سوهو)



هَيبَتُها|| Her Savage Love


الجُزء الخامس: لا تؤذيني بِك




"إنتكاس الهَيبة"





















إنقضت أيامٌ كثيرة بعد ذلك؛ لم تنقضي خلالها أيُ أحداثٍ هامّة، فما زالت روزماري متورِّطة بتُهمة الشروع بالقتل، والجميع لأجلها هُنا يُساندُها.

في إحدى المراحل؛ كانت تستطيع أن تخرُج بِكفالة عبر واسطة، لكنها رفضت رفضًا قاطعًا، فهي ليست أفضل من بقية الناس الذين سُجِنو ظُلمًا.

لكن اليوم هو يوم هام بكل تأكيد، فأنها جلسة المحكمة الأولى لأجلِها، كانت أفراد العائلة مُجتمِعة داخل قاعةِ المحكمة، جون وعائلته، وتشانيول، وجاي هيون، كذلك لوكاس وحده من حضر من عائلتها.

ولو كان على روز؛ لما حضر أحد ولا حتى جون، فهي لن تُحِب أن يراها أحد وهي على هذهِ الحال المُثيرة للشفقة بحيَّز الإتِّهام وزي المساجين.

أيضًا المُحقِّق بيون وعِدّة من مُحاميين مكتب المحامي كيم جونغ إن، الذي يشغر الكُرسي بجانبها، حاضرون.

كما أن بعض أقرباء الرَّجل المطعون موجودين في جهة الإدِّعاء، ويتمنوا لو أنهم بساحةِ أدغال لا بساحةِ محكمة... ما كانوا ليترددوا في قتلِها لو يستطيعوا.

روزماري بَدَت ذابلة، وزي المساجين الذي ترتديه زادها ذبولًا، فهي اليوم بعد المحكمة ستُحوَّل إلى السِّجن، ولا تُصدِّق أنها ستذهب لمثلِ ذلك المكان كسجينة.

لم تتوقع يومًا أن أمرًا مؤذيًّا إلى هذهِ الدرجة قد يحدُث معها، لقد شعرت بالندم كثيرًا، ليتها تركته يطعنها ولو إنتهى بها الأمر بالقبر، ولا تتعرَّض لهذهِ الإهانة.

الجميع ومن بينهم جون، يحاولون أن يمدّونها بالقوّة اللازمة حتى تثبت برائتها، جون يجلس بين الحضور لكن قلبه بين يديها، وكلما قبضت يديها بسبب خوفها وتوترها شعر أنَّها تقبِض على قلبه.

فجأة؛ صرخت سيدة عجوز على ماري التي إزداد رأسها إنتكاسًا، وجون لم يرفع عينه عنها، يراها تتعذَّب هكذا، وهو لا يستطيع أن يفعل لأجلِها أي شيء.

"أنتِ أيَّتُها القاتلة! بسببكِ ابني يُعاني، سأحرِص أن تَتعفَّني بالسِّجن أيَّتُها الباغيّة!"

وقف جون يُهدد المرأة بغضب.

"احترمي نفسِك أيَّتُها العجوز وإلا اشتكيتُ عليكِ الآن!"

نظرت إليه المرأة بإنزعاج، لكنها جلست وإلتزمت الصَّمت.

دخل القاضي أخيرًا فوقف الجميع إحترامًا لحضوره، ثم بعدما طرق بمطرقتِه بدأت المُرافعة من جهة المُدَّعي العام، إذ وقف يقول.

"سيدي القاضي؛ كيم روزماري مُتَّهَمة بالشُّروع بالقتل بحق السيّد لاي جانع؛ إذ تمَّ الإمساك بها بالجُرم المشهود تطعنه ولا يُمكن إثبات العكس، لذا أُطالب بأقصى العقوبات بحقِّها!"

أشار القاضي إلى جهةِ الدِّفاع فوقف المُحامي جونغ إن يقول.

"سيدي القاضي، موكِّلَتي كيم روزماري مُتَّهمة بالشروع بالقتل بحق السيد لاي جانغ... هذا صحيح!"

نظر المحامي كيم نحو المُدَّعي العام، الذي لا يبدو عليه أنَّهُ سيعترضه، فخيوط القضيّة واضحة جدًّا.

المحامي كيم ابتسم، ونظر إلى جهة القاضي يقول بصوته الجهور، وقفتِه واثقة، يرتدري بدلة رماديّة يعلوها زي المُحامين الرَّسمي، ثم يرفع شعره البُندقي عن جبهته بأناقة، بدى أنيقًا، واثقًا، وموهوبًا.

يُعطي هالة من الوقار والذكاء، إنَّهُ يدرس كل خطوة قبل أن يخطوها، يؤدّي عمله
بإحترافيّة... وكل تلك الأسباب هي من استقطبت بارك تشانيول لمكتبه، وجعلته وروز عُملائه الدائمين.

"ولكنَّها لم تَقُم بتلك الجريمة عن عَمد، بل دِفاعًا عن النَّفس، ونحنُ نملك الأدلّة الكافيّة؛ لإثبات برائتها من هذهِ الجريمة"

تقدَّم المُحامي كيم وألتقط جهاز التَّحكُّم، فأضاءت شاشة العرض المرفوعة على يمين القُضاة ليُري الجميع ما يملكه.

"هذهِ تسجيلات كاميرات المُراقبة من قاعة حفل الزفاف، تُظهر موكِّلَتي وهي تخرُج عزلاء، لا تحمل أي سكين... هكذا حتى وصلت إلى الخارج"

نقل إلى كاميرا أخرى فظهرت وهي بالحديقة.

"وها هي بالحديقة تقف وحدها لدقائق معدودة، ولا يبدو عليها أيُ توتر، فلم تَكُ تعلم أنَّها ستُهاجم، ويُمكنك الآن أن ترى السيد لاي جانغ يأتي لها، ثم يُهاجمُها بسكّينه."

إلتقط المحامي كيم أنفاسه ثم أخذ يشرح.

"من الواضح أنها حاولت مراوغته كثيرًا، وأنها حاولت الهرب والإستنجاد؛ حتى أنها حاولت إقناعه بالذهاب، لكنَّهُ كان مُصِر على إيذائها؛ إذ أمسك بيديها التي تحمل نصل السِّكين ليجعلها تتطعن نفسها، وفي تلك اللحظة إستطاعت أن تعكس الإتجاه للسكين، وهو من طعن نفسه بنفسه، لم تفعل موكلتي"

إنتشرت الفوضى في القاعة من أقربائه؛ يرفضون ما يقوله المُحامي بحق قريبهم، لكن القاضي طرق بمطرقته مرتين؛ يُصمِت الجميع، ثم أشار للمُحامي كيم أن يُتبِع.

"أكمل"

سار المحامي كيم، وعرض على القاضي السِّكين المُستخدمة بالجريمة وقال.

"البائع الذي إشترى منه السكينة جاء ليشهد، وأنا أطلب منه أن يأتي إلى صندوق الشهادة ليفعل"

أومئ القاضي موافقًا.

"موافق"

فانحنى له المحامي قبل أن يستدعي البائع الذي أصبح في موقعه اللازم.

إقترب منه المحامي كيم وقال له بعدما أقسم الشّاهِد القسم اللّازِم.

"سيدي، ماذا قال لك الرَّجُل الذي إشترى منك هذه السِّكينة؟"

"قال أنَّهُ سيسفك بها دماء إمرأة يكرهها"

"شُكرًا لك!"

إلتفت جونغ إن للقاضي وقال.

"ولم تَكُ ليلة الحادثة أول مرة يعترض فيها هذا الرَّجُل على موكلتي، فلقد سبق أن هاجمها في إحدى المراكز التجاريّة، نملك تسجيلات الكاميرا لذلك وعدد كبير من الشهود، كما أن مقاطع الفيديو قد إنتشرت على الإنترنت للواقعة الأولى"

أشار القاضي للمُحامي أن يُكمِل، فاتجه المُحامي نحو الشّاشة التي إنتقلت لتعرض ما حدث ذلك اليوم في المركز التجاري.

"يمكنك أن ترى سيدي أنها كانت برِفقة قريباتِها تتسوَّق كما يفعل كل الناس حينما فاجأها من العدم السيد لاي جانغ ليُهاجمها، ولولا ظهور حارسها الشخصي لربما فعل شيء سيء لها... سيدي إن كنت تسمح لي أن أستدعي حارسها الشخصي في ذلك اليوم السيّد جونغ جاي هيون ليشهد"

"تفضَّل"

"شكرًا لك سيدي"

آتى جاي ووقف في حيّز الشهادة، وبعد القَسم سأله المحامي كيم.

"سيد جونغ؛ هل تذكر ذلك اليوم ما الذي قاله السيد لاي جانغ بعدما أبعدتِه عن موكلتي؟"

أومئ جاي ثم قال.

"لقد توعَّد لها أن يأتي لأجلِها مُجددًا!"

"شُكرًا لك"

إلتفت المحامي كيم إلى القُضاة وقال.

"كل هذهِ الأدلة الواضحة تُثبِت براءة موكلتي من التُهمة المُسندة إليها، كما أن السيّد لاي جانغ يتعافى بالمُستشفى... لذا أرجو الإفراج عنها وتبرئتها من التُّهمة... هذا كل شيء سيدي!"

إنحنى المُحامي للقُضاة، ثم انسحب ليجلس بجوار روز، التي ما زالت متوترة، لكن الناس الذين حضروا من أجلها وجوههم مُستبشِرة، على عكس الناس الذين حضروا لأجل الرَّجُل الأرعن الذي حاول قتلِها.

أعلن القاضي.

"بعد ساعة سننطُق بالحُكم"

خرج القُضاة من القاعة، حينها ربَّت جونغ إن على كتفِ روز يُخبرها.

"لن يحدُث لكِ شيئًا، أنا واثق أنهم سيُبرِّؤنكِ الآن"

نظرت له روز وقالت.

"أيمكنكَ أن تفعل شيئًا حيال السِّجن؟
لا أُريد أن أمكُث هناك ولو لِليلة!"

أومئ لها المحامي كيم وقال.

"لا تقلقي حيال هذا الشأن... يُمكِن إبقائك في مركز الشرطة الذي تناول قضيتكِ الليلة، وغدًا سأُخرجكِ"

"هل أنتَ واثق أنني سأخرُج؟"

نبست ماري بقلق فوجدت مُحاميها يبتسم لها يُطمئنها.

"قطعًا ستخرُجي، مائة بالمائة!"

أومأت لُمحاميها وابتسمت.

"شُكرًا لكَ سيَّد كيم!"

"هذا واجبي!"

نظرت روز إلى ناسها، وقد بان عليها أنها تستبشِر خيرًا بما سَيقُرَّه القاضي، فلوحوا لها ومدّوها بهتافات تشجيع، لكنها عندما نظرت إلى جون قرأت شفاهه التي قالت.

"ابقي هَيبة!"

أومأت له، ثم عندما نظرت إلى الطرف الآخر إستاءت من نظراتِهم الحقودة، وسُرعان ما هربت بنظرها عنهم بعيدًا.

دخل القاضي بعد ساعة، وبعدما طرق بمطرقتِه مرَّة أعلن بصوته الجهور.

"قررت محكمة سيؤل الجنائية أن المُتَّهمة كيم روزماري بريئة من جريمة الشروع بالقتل عن عمد، وأنها أقدمت على الدفاع عن نفسها فقط.

وأن السيد جانغ لاي مُجرِم بتُهمة الشروع بالقتل عن سبق إصرار وترصُّد، وبموجبِ ذلك تحكم المحكمة عليه بالسِّجن لمُدةِ سنة ونصف... رُفِعَت الجلسة!"

تبسَّمت روزماري ووقفت، وقد غرقت عيناها بالدموع، ثم فجأة شعرت نفسها بين ذراعي جون يحتضنها بشدّة وأُناسها من حولها يباركون لها برائتِها.

آتى الشُّرطي المسؤول ليأخُذ ماري بعد دقائق، تبعها المحامي جونغ إن، كذلك جون وتشانيول وجاي وسيهون.

فجأة توقف المحامي كيم ليتحدَّث مع المُحقِّق بيون ،والأخير أومئ له بالإيجاب، فعلمت روزماري أن المُحقِّق بيون وافق أن تبقى في مركز الشرطة الليلة بدلًا من أن تذهب للسِّجن.

إقترب منها المُحقِّق يقول.

"مُبارك برائتك، والليلة أنتِ بضيافتي"

إبتهجت روزماري وردّت.

"شُكرًا لأنكَ وافقت!"

ثم تقدَّم جون يود أن يستغِلَّ الفُرصة كما فعل عِدةِ مرّات، لكن المُحقِّق بيون رفع يده ناحيته، يقول مُحذِّرًا وبحاجبٍ مرفوع.

"لا تُحاول... هذهِ المرّة سُأبقيكِ في زِنزانة بعيدة، ولن أسمح لك أن تخرج إلا بعد شهر!"

تمسَّكت آيرين بشقيقها، وماري أغلقت فاهه بيديها المُكبَّلة عندما كاد أن يُطلِق بحق المُحقِّق شتيمة تجعله يبقى في الزِّنزانة لشهر.

"جون... سأكون بخير، عُد الليلة ونَل قِسطًا من الرّاحة، وغدًا تأتي لتخرجني، ولتستعد لأتشاجر معك مُجددًا!"

تنهد جون وضمّها إلى صدرِه بقوّة، لا يُريد أن يُفارِقها ولو لثانية، لكن يبدو أن ما يُطالب به كثير في هذه المرحلة.

أخذ يمسح على رأسها وقال.

"سأبيت الليلة في سيارتي خارج مركز الشرطة، ولا يمكن أن أبتعد أكثر!"

أومأت له وابتسمت.

"أعلم أنّي مهما قُلت لن تُبدِل رأيك، افعل ما يُريحك وغدًا نلتقي!"

رفع يديها إلى شفتيه، وقبَّلهُما قبل أن يأخذوها منه، نظرت للجميع بإبتسامة خافتة ودموع غافرة، لا بأس... ستستعيد حُريَّتُها غدًا.

....................

كانت روزماري في الزِّنزانة، التي مَكثت فيها لفترةِ جيّدة من الزَّمن... قرابةِ الشَّهر.

كانت هادئة جدًا، تستند بجذعها على الحائط، تعقد ساعديها إلى صدرها، وتنظر نحو لا شيء تحديدًا، شاردةُ الذِّهن كُلّيًا.

آتى المُحقق بيون، ووضع أمام زِنزانتِها كُرسيًا، جلس عليه وعقد ساعديه إلى صدره فيما يرفع السّاق فوق الأُخرى ليقول.

"ظننتُ أنَّكِ تشعرين بالملل، فأتيتُ لنتحدَّث بأي شيء لأُخفِّف عنكِ، لكن يبدو أنَّكِ لا تحتاجي لِمَعونتي"

تنهَّدت روزماري، ثم نظرت إليه وقالت.

"اليوم لأولِ مرّة مُذُّ تورَّطت بهذهِ المُشكِلة أُفكر بمُستقبلي بوضوح، ماذا سأفعل بعدما أخرج؟"

أمال بيكهيون رأسه في صمت، فهو كُلّيًا مُصغٍ لها، تنهدت روز مُجدَّدًا قبل أن تُتبِع.

"أظنني سأتوقف إلى هذا الحَد"

عكّر المُحقِّق حاجبيه مُستفسِرًا.

"ماذا تقصدي؟!"

نظرت في عينيه، فأستطاع أن يرى خلف البحرين العظيمين في مِحجريها بؤسًا، وخيبة أمل، واستسلام للواقع الحقير.

"لرُبما عليَّ التوقف عن كوني شخصيّة نافِقة في المُجتمع، أُريدُ أن أعيش حياةً طبيعيّة، لا يُهدِّدنَي فيها أحد، ولا يعرفني فيها أحد"

علَّق المُحقِّق مُستنكِرًا.

"هذا إستسلام!"

أومأت تُقِر.

"وأنا استسلم... لقد مررتُ بالكثير بالفعل!"

"مثلُ ماذا؟"

"الكثير... هذهِ المِهنة قدمت لي شقاء بذات القدِر الذي قدَّمته لي من مال وشُهرة"

تنهدت واتبعت.

"إن ما كانت المَحطَّة قد طردتني بالفعل ساُقدِّم إستقالتي واعتزل مِهنتي، لا أُريد أن أكون مُذيعة بعد الآن"

برم بيكهيون شفتيه يقول.

"لكنَّكِ قد تخسري كل ثروتِك لو أقدمتِ على فسخ العقد أولًا"

حرَّكت كتفيها بلا إهتمام تقول.

"لن أخسر الشيء الكثير، بقيَ من حلقات الموسِم اثنتين فقط، ولن أدفع لقائهن الكثير!"

تنهَّد بيكهيون وقال.

"حسنًا، وماذا ستفعلين بعد ذلك؟"

حرَّكت كتفيها بجهل وقالت.

"لا أدري، لكنّي في الفترة القادمة سألتفِت لحياتي الخاصّة، وأولي زواجي الإهتمام اللّازم"

ضحكت فجأة وقالت ترفع حاجبًا.

"سأُخبرُكَ بشيء ظريف... عندما وقعت الحادثة كنتُ في شِجار ضخم مع زوجي وأريد الطلاق، ربما لو ما حدثت تلك المشكلة لكُنّا قد إنفصلنا!"

علَّق بيكهيون مُبتسِمًا.

"مصائبُ قومٍ عندَ قومٍ فوائد!"

أومأت له روزماري فاتبع قائلًا.

"أنتَ مُحِق"

"والآن ما زلتِ تُريدين الإنفصال؟"

نفت برأسها وقالت.

"جون لا يُعوَّض، سأكون أنانيّة واحتفظ به، سأحمي زواجنا بكل قُدرَتي، وأحاول بشتّى الطُّرق أن أُحل مشاكلنا"

أومئ المُحقِّق ونبس.

"من الجيد سماعُ ذلك!"

بعدها قالت روز.

"شُكرًا لكَ لأنَّكَ أعطيتَني من وقتِكَ، وخفَّفتَ عني، أشعرُ بالرّاحة الآن!"

أومئ لها وابتسم.

"على العكس... من الجيد التعرُّف عليكِ أيضًا"

ثم رفع سبّابته مُستذكِرًا.

"لعلمِك، لطالما كنتُ من كارهينك!"

ضحكت روزماري وقالت.

"وهل غيَّرتَ رأيك الآن؟"

أومئ لها يقول.

"لقد أصبحتُ من مُعجبينك"

ثم تنهَّد فابتسمت.

"لكن مُتأخِّر للأسف!"

"سُررتُ بمعرفتكَ حضرة المُحقِّق بيون بيكهيون!"

أومئ لها مُبتسمًا وهمس.

"وأنا أيضًا سيدتي!"

......................

في الصَّباح التالي؛ كان جون وتشانيول في مركز الشُّرطة ينتظرون تسريح روز، وكان المُحامي كيم جونغ إن حاضِرًا أيضًا.

كان كلاهما يجلسان أمام مكتب المُحقِّق بيون بإنتظار المُحامي كيم أن يُتمِم الإجراءات اللازِمة ويُسرٍّح ماري.

آتى أخيرًا المُحقِّق برفقةِ المُحامي، وما إن رمقاهما تشانيول وجون بِترقُّب؛ قال المُحقِّق بعدما أعتق تنهيدة.

"إنَّها تُبدِّل ثيابها وستأتي بعدها"

تشانيول إزدرئ جوفه وأومئ، وإما جون فوقف يدعك كفيه ببعضهما، كلاهما متوتِّر.

أتت أخيرًا روزماري يخلفها شُرطيّان، فقد بدَّلت لقميص أبيض فضفاض نوعًا ما، وبِنطال جينز باللون الأزرق الفاتح يُبرِز جمال ساقيها، وحذاء رياضي أبيض، ولم يتسنّى لها سوى أن تترك شعرها مفرودًا على كتفيها.

والأهم من كُلِّ ذلك؛ أنَّها إستعادت خاتم زواجها، وها هو يُزين بُنصرها الأيسر مُجددًا؛ إذ سبق للشُّرطة أن أخذوه منها، ووضعوه في الأمانات لديهم.

أشار ناحيتها المُحقِّق بيكهيون وقال.

"ها هي السيّدة كيم روزماري"

إلتفت الرَّجُلان إليها بلهفة، وهي تقدَّمت منهما باسمة الثغر وعيناها تدمعان، عانقت زوجها أولًا الذي ما قصَّرَ بإحتضانِها وشمَّها، بالنِّسبة لبيكهيون؛ فلقد كان جون مثلَ مُدِمن يشتم جٌرعة هيروين بعد إنقطاع إجباري عنه.

وبدل أن يقوم جون بمواساتِها؛ أخذت هي تواسيه بنفسها، وتُربِّت على ظهره.

"لا تحزن، أنا معك الآن!"

أفلتها جون، ثم إبتعد عنها يمنحها ظهره، تخصَّر ورفع رأسه وبصرِه للسقف، ثم أخذ يرمش بعينيه كثيرًا؛ يحاول كبتَ دموعه وحبسها غصبًا خلف قُضبان جفونه.

وأما تشانيول؛ فلقد شغر ذراعيه لماري وهو يبتسم.

"دعكِ من مالك الحزين وعانقِني، لقد اشتقتُ لكِ أنا أيضًا!"

تبسَّمت روزماري، وأحاطت خصره بين ذراعيها، وهو أحاط ظهرها، وأخذ يُربِّت عليها فيما يبتسم.

"لقد اشتقنا لكِ كثيرًا، واشتاقتِ لكِ عتبات المنزل... أهلًا بعودتكِ من جديد!"

رفعت روزماري نفسها عن تشانيول وتبسَّمت في وجهه، ثم عقدت حاجبيها بأستياء حينما رأت جون على وقفته.

"جون، هل أنتَ بخير؟"

إلتفت لها، وأخذ يمسح على وجهه قائلًا.

"أنا بخير"

ربَّت بيكهيون على كتفِ جون بصفاقةِ الرِّجال.

"أنت، شُدَّ عزمك، لا تكن هكذا أمام زوجتك!"

أومئ وجون واقترب مُجددًا من ماري حتى أحاط كتفيها بذراعيه ونبس.

"أنا فقط سعيد!"

تبسَّم المُحقِّق بيون بينما ينظر إلى الرَّجُلين، كلاهما يُحبُّها حُبًّا جَمًّا، لكنهما نوعان مختلفان من الحُب.

فبينما جون يُحبُّها ويُحيطها بإهتمامه تشانيول يُحبُّها ويحميها من بعيد.

نظر لها المُحقِّق ونبس.

"وداعًا سيّدة روز"

تبسَّمت له في المُقابِل ونبست.

"أراكَ على خير مُحقِّق بيون"

.........

وقف جون وتشانيول بينهما روز قِبالة المُحامي جونغ إن، وروز قالت.

"شُكرًا لكَ سيّد كيم، لقد أنجزتَ عملكَ جيّدًا"

أومئ لها مُبتسِمًا وقال.

"هذا عملي، مُبارك مُجددًا خروجك... والآن اعذروني، عليَّ أن أذهب لتأدية بعض الأعمال في المكتب!"

إنحنى لهم وانحنوا له قبل أن يُغادِر، ثم روزماري وقفت تنظر إلى الرَّجُلين على جنبيها ونفثت أنفاسِها براحة تبتسم، همست.

"هيّا بِنا نحن"

أومئ كلاهما.

"هيّا"

صعدت روزماري في المقعد الخلفيّ للسيّارة، وفي الأمامِ تشانيول يقود وجون بجانِبه، نظر لها تشانيول عبر المِرآة وقال.

"أتشعُرينَ أنَّكِ بخير؟ هل آخذكِ إلى المُستشفى أولًا؟"

إلتفت لها جون يترقَّب إجابتها فقالت.

"لا، أنا كُليًّا بخير، فقط تنقُصني بعض الرّاحة"

جون نبس.

"مُتأكِّدة؟"

"نعم"

أومأت وتبسَّمت له، ثم أركنت رأسها على النّافِذة، وبعدما تَنفَّسَت بِعُمق أغمضت عيناها؛ تُريح رأسها من كُلِّ الهَم والغَم الذي تراكم فيه.

وعندما لاحظ جون أنها غفت حرص كلاهما ألّا يتكلّمان ويلبثان في هدوء حتى يصلا إلى المنزِل أخيرًا.

توقفَّت السيّارة أمام مَدخل العِمارة، وجون ترجَّلَ أولًا ليحمِل روز على ذراعيه، لكنَّهُ ما إن فعل حتى أستيقظت على ذراعيه، ونبست بِوَسَن.

"أنزلني جون"

"لا، أنتِ فقط إرتاحي قليلًا"

تنهَّدت وأسنَدت رأسها على كتفه، وصل إلى الشِّقة، ووجد جون بإستقبالهما سيهون وآيرين، اللذان إنتقلا إلى شِقة جون القديمة.

"هل هي بخير؟"

تسآل سيهون بعدما إقترب كلاهما.

"نعم، هي بخير... لا تقلقا"

أدخلها جون إلى الشِّقة، وترك الباب مفتوحًا لآيرين وسيهون وتشانيول لاحقًا كي يدخُلوا، جون وضعها على السرير، لكنه ما إن فعل أستيقظت مُجددًا وهمست.

"أريد أن أستحِم أولًا"

أومئ لها يقول.

"حسنًا، سأُجهِّز لأجلكِ الحِمام الجاكوزي كي تسترخي قليلًا"

أومأت له، وجون غادر لتحضير الحِمّام لأجلها، بينما آيرين وسيهون وتشانيول في الخارج يجلسوا، وقرروا أن يطلبوا الكثير من الدَّجاج لأجلِ روز ما إن تستفيق.

في المساء؛ إجتمع الجميع على طاولةِ الطَّعام على وجباتِ الدَّجاج وعُلَب الكولا، جميعهم ما إن أتت روزماري أخذوا يصفقوا ويصفِّروا، وهي ضحكت بخفّة قبل أن تنضمَّ لهم.

جلست إلى جانبِ جون، أمامها سيهون وآيرين، وعلى يمينها تشانيول وأوريل، وجاي وحيدًا يترأس الطاولة.

تناقل نظرها بينما الجميع فيما تُمسِك بيد جون.

"شُكرًا لكم على كل شيء فعلتموه لأجلي"

ثم نظرت إلى سيهون وآيرين ونبست.

"أنا آسفة، بسببي زفافكما لم يمضي على خير!"

تمسَّكت آيرين بيدها وسيهون قال.

"لا تقولي هكذا، المهم أننا تزوَّجنا، لم يكن الأمر بيدك على آيةِ حال"

تبادلوا أحاديثًا مُختلفة بعد ذلك، وروزماري كانت سعيدة، هي لأولِ مرّة تُقدِر هذهِ الأمور البسيطة والروتينيّة.

أن تكون بخير وآمان وحولك أُناسًا يسندونك لهو أكبر نعمة في الوجود.

ليلًا غادر الجميع بعدما وضَّبوا الشِّقة معًا، أخذ جون بيد روز وتوجَّه بها إلى مَضجعِهم، إذ جلس على السرير ثم فرغ ذراعيه لها؛ لِتنام الليلة في أدفئ حُضن بالعالم، وأكثر الأماكن آمانًا.

تبسَّمت قبل أن تسير إليه وتنام بين ذراعيه، نومٌ لذيذ؟!
فقط يكون بين يدي جون.

....................

مرَّت عِدةِ أيام متواليّة بهدوء بعد ذلك، إذ لم يحدث بها شيئًا يُذكر؛ إذ أن روزماري تتعافى من الصدمة، وجون بجوارها يُساعدها أن تتجواز الأحداث الأخيرة، وتمضي قُدمًا بحياتها معه.

لكن في هذا الصباح؛ يتوجَّب على روزماري أن تذهب إلى محطةِ البَث لأولِ مَرّة بعد الحادثة، فلقد عزمت أن تَتَّخِذ الخطوة القادمة بكل شجاعة وبلا تردُّد، الخطوة التي تحدَّثت عنها مع المُحقِّق بيون سابِقًا.

إذ تركت جون نائم في الشِّقة في الصباح الباكِر، فلم تَشأ إزعاجه ولا إخباره بما تنوي أن تفعله، لا تُريد أن يمنعها أحد أو حتى يُقدِم على مُناقشتِها مناقشة عقيمة لن تُنجِب في ذهنِها أيُ تغيير.

خرجت مع تشانيول وجاي إلى موقع مَحطَّة التِّلفاز، وكلاهما لا يعلمان ما الذي تُقدِم عليه وإلا لمنعاها عن هذا الفعل المُتهوِّر.

جاي هيون يقود السيارة، وتشانيول يجلس بجواره، وروزماري تجلس في الخلف، تحدَّث تشانيول.

"هل أنتِ مُتأكدة أنكِ تستطيعين مواجهة الجمهور والكاميرات الآن؟!

لو أردتِ سأطلُب لأجلكِ إجازة"

"لا تقلق بشأني يا تشانيول، أنا بخير، ثم لم يبقى لي إجازات هذهِ السنة لأطلُبها، لقد تعطَّل العمل بسببي كثيرًا"

تنهد تشانيول لكنه لزم الصمت وأومئ، هي بعض الشيء مُحِقّة؛ إذ إعتاد مدير المَحطّة إزعاجه كلما طرأ لها أمر يُجبرها أن تأخذ وقتًا مُستقطَع.

وصلت محطة البَث يتبعها الرَّجُلان، بدت مُهيبة، وقويّة، وأنيقة كما تبدو دائمًا، فالعواصف مهما إستشرست لا تستطيع أن تقطع جذورها ولو تضرَّرت أغصانها، فهي قوية جدًا.

ولجت إلى المَحطَّة، البعض كان يتجنبها، والبعض كان يقف ليُبارك لها سلامتها، وآخرون لا يهتمون بأبعد من شأنِ أنفسهم؛ وهذهِ هي فئتها المُفضَّلة من الناس.

توقفت وإلتفتت إلى صاحبيها تقول.

"سأمُر بمُدير المَحطَّة أولًا، اذهبا لتأدية أعمالكما"

جاي أومئ برأسه ثم غادر، لكن تشانيول نظر لها بريبة فتنهدت تقول.

"غادر ومؤخرتك سليمة بدلًا من أن أركُلَك!"

تنهد تشانيول وربَّت على رأسها مرَّتين يقول.

"حسنًا، لكن كوني حذِرة!"

أومأت له فغادر، ثم روز إلتفتت إلى الباب، وقبل أن تَلِج أخذت نفسًا عميقًا، وملأت عيناها بالقوّة التي تلزم، ثم طرقت الباب مرتين حتى أذِنَ لها المُدير بالدخول.

ولجت إليه، كان يجلس خلف مكتبه بوقار، أنه رجل كهل تجاوز منتصف العمر، فورما رآها وقف وتقدَّم منها يقول.

"أتيتِ بوقتِك سيدة كيم، أحتاج لأتحدَّث معكِ بالفعل"

أومأت له، ثم اقتربت حتى جلست أمام مكتبه، وهو جلس قِبالتها.

"يُمكنكَ أن تقول ما ترغب في قوله أولًا"

الرَّجُل تَحمحَم فيما يفرُك كفيه ببعضهما بتوتُّر، ثم نظر لها مُجددًا.

"سيدتي، دعيني أعتذر لكِ أولًا، ولكن مجلس الإدارة أجمع أن المَحطَّة ستوقف عرض البرنامج"

قضمت شفتاها وأومأت، لقد أتت لنفس السبب، كي تُنهي هذا البرنامج، لكن الرَّب وحده يعلم ما تُخفيه نفسها، إنها تُقدِم على هذهِ الخطوة التي تُنهي سيرتها المهنيّة كمُذيعة بنفسها رغم ذلك البرنامج يعز عليها.

"لا تقلق، لستُ مُتفاجئة، لقد أتيتُ لكَ لنفسِ السبب، لكي أُقدِّم إستقالتي"

وقفت روزماري ثم اتبعت.

"لكن بما أنَّكم سبقتوني بخطوة عليكم أن تدفعوا لي مُستحقاتي وفائدة نهاية الخِدمة"

"لكن..."

كاد أن يعترض المُدير لكن روزماري وضعت نظّاراتِها الشمسيّة ونبست.

"لكن إن لم تدفعوا لي سأُقاضيكم"

غادرت مكتب المدير فيما كعبها يطرق الأرض بِبَختَرة، لم تكن تبدو متأثرة أو مجروحة من قسوة القرار.

وهي فور أن خرجت وجدت تشانيول وجاي في وجهها، ويبدو من معالم وجهيهما أنهما على علم بالأخبار الجديدة، ربَّتت على كتفيهما ونبست.

"لقد أتيتُ لأُقدِّم إستقالتي بالفعل، لكن من الجيد أنهم سبقوني بخطوة، لستُ مُضطرَّة أن أدفع شيئًا، في المُقابِل؛ هُم سيدفعوا لي"

سارت وتبعها كلاهما، تشانيول قال.

"ماذا ستفعلين الآن؟"

"سألتفِت لحياتي... وأنتُم استمرّوا بالعمل بجِد، لن أستطيع إيوائكم لو إستقلتُم!"

.........................

إستقلَّت روزماري سيارة أُجرة لتُبعدها عن المكان الذي ما عادت تنتمي إليه، سيارة العمل ما عادت تخُصُّها، وسيارتها الخاصة تركن في مَصَف العِمارة السكنيّة التي تعيش فيها، وبكلِ الأحوال لا ترغب أن تقود؛ ليست في حالة مزاجيّة تسمح لها بذلك.

"إلى أين سيدتي؟"

تسآل سائق السيارة فخرجت من شرودها وأجابته.

"ضَعني على ضِفَّة نهرِ الهان"

"حسنًا"

اتبع السائق القيادة بصمت، وروزماري أركنت رأسها على النّافِذة شاردةِ الذِّهن، تشعرُ أنها خالية الوِفاض تمامًا، ما عادت تملُك أي شيء، لا عمل، ولا طموح، ولا حتى هَيبة.

توقفت سيارة الاُجرة قُربَ ضِفَّة نهرِ الهان، ثم ترجَّلت روزماري بعدما دفعت للسائق أجره، سارت تضع كفَّيها في جيوبِ مِعطفها.

سارت كثيرًا بذهنٍ فارغ ونسائم الصباح تُداعب خُصل شعرِها حتى إستقرَّت على مقعد خشبي أمام النهر مُباشرةً.

جلست عليه بصمت ونفثت أنفاسها بعُمق، ثم أغمضت عيناها وأخفضت رأسها... دقائق واتصل جون، أجابته فلا تود أن تُقلِقه.

"روز... أين أنتِ؟!"

"قُربَ نهر الهان"

"ابقي عندك... سآتي!"

أغلقت الخط وعادت إلى هذا الصمت والهدوء، لقد بدت نبرة جون قلقة، يبدو أنها أخافته عليها، نظرت في ساعتِها، إنها الحادية عشر صباحًا، لقد مضى على تواجدها هُنا قرابة الساعة، لكنها لم تشعر بمُضي الوقت ألبتة.

آتى جون بغضونِ عشر دقائق، كان يجري إليها، وما أن أصبحت في متناوله اجتذبها من ذراعها حتى وقفت، ودسَّها بين زِنديه يُعانقها بشدة.

"لا بأس، لا تحزني، لربما كان هذا أفضل لكِ، فكِّري به بطريقة إيجابيّة حبيبتي!"

لم تسأله كيف علم، من الواضح أن تشانيول أخبره، لكنها حقًا إحتاجت هذا العِناق الدّافئ، مُذُّ الصباح وعيناها بحرين راكدين، تأبى أمواجها أن تقول ما في قلب هذا البحر.

الآن الأمواج تلاطمت في عيناها وفاضت، فأخذت تُقطِّر خارج جفونها، لأن السماء عانقتها بدفئها، إحتوتها، وأجبرتها أن تقول ما وجعها.

شددت روز على كتفي جون بأظافرها، وأخفت وجهها في عُنقه وظلَّت تبكي، جون لم يمنعها أبدًا بل ربَّت عليها، وسمح لها أن تبكي بقدرِ ما تشاء، فلا تكبت الحُزن ولا تختنق بالدموع.

بعد حين؛ تشارك كلاهما ذات المقعد الخشبي، الذي كانت تجلس عليه روزماري وحدها قبل مَجيئخ، إلا أن الفارق أنها تسند رأسها على كتفه، وذراعه تحيط كتفيها، ويده الأخرى تمسك بيدها.

كانت مُسهبة النَّظَر إلى النهر، حينما تسآل.

"هل أنتِ بخير الآن؟"

همهمت فاتبع.

"ألا ترغبين بفعل شيء أخير لأجل جماهيرِك؟"

رفعت رأسها عن كتفه تنظر إليه فابتسم لها ونبس.

"أتثقي بي؟"

أومأت له.

"أثقُ بِك!"

وها هي أمام كاميرا هاتفه عالية التقنية، يجلس هو أرضًا قُرب هاتفه الذي رفعه على حامِل، وهي على المقعد الخشبي تنظر نحو شاشة الهاتِف بتوتر.

"لا تتوتري، وقولي ما في قلبِك هذهِ المرّة"

شدَّت قبضتيها، سحبت نفسًا عميقًا، أغمضت عيناها لثوانٍ... وها هي جاهزة.

أومأت لجون أن يبتدأ البث المُباشِر عبر حِسابها على إنستغرام.

"مرحبًا... مَرَّ وقت طويل"

أومئ لها جون أن تتكلَّم براحة، وروزماري إبتدأت.

"مرحبًا؛ هذهِ كيم روزماري، لقد مَرَّ وقتٌ طويل مُذُّ أن ظهرتُ أمامكم.

تعلمون ما طبيعة الأحداث التي جَرت معي بالفترة الماضيّة، مُذُّ ذلك المُطارِد المهووس وحتى حادثة الطَّعن وإلى جلسات المحكمة.

أنا لم أظهر اليوم لأقول أني بريئة، لو كنتُ مُذنبة لبقيتُ خلف القُضبان.

خلال تلك الفترة التي قضيتُها مُحتجزة بين أربعة جُدران لا يراني من خلالها أحد فكَّرتُ بجِد حول ما سأفعله بشأنِ مُستقبلي، ورأيتُ أن أفضل قرار قد أتَّخِذه في هذه المرحلة من حياتي هي الإعتزال."

نظر لها جون مُسهِبًا النَّظر، تعلوه ملامح الصدمة، فإن ظنونه أنها ذهبت لتأدية عملها، لكنهم اعتذروا لها وصرفوها... الآن يسمع شيئًا مُختلف.

"نعم... كنتُ قد قررتُ الإعتزال مُذُّ وقت جيد، لكن المحطَّة سبقتني بالإدلاء برغبتهم بإغلاق البرنامج وصرفي، وأنا لم أعترض.

على العكسِ تمامًا؛ هذا ما أردتُه، أنا لستُ فنّانة بوب أو مُمثِّلة ورغم ذلك أضواء الشُّهرة أنهكتني، لم أتوقع يومًا أن أكره أضواء الكاميرات أو أن أملك كارهيين مهوسيين يسعون لمُضايقتي أو حتى قتلي.

لطالما تحمَّلتُ كل شيء فرضهُ عليَ هذا العمل، لطالما كانت مَحبة الناس وقوّة النساء هدفي من ظهوري على شاشةِ التِّلفاز، لكنّي الآن مُنهكة من كُلِ ذلك، وأظنني سأسعى خلف سعادتي مع زوجي، وتأسيس أُسرتي لو أمكن"

أشارت روز إلى جون وقالت.

"تعال جون إلى هنا، دَع الناس يرونَك"

تمسَّك بيدها ثم آتى وجلس بجانبها، إنحنى أمام الكاميرا وألقى التحيّة، ثم روزماري قالت ويدها بيد زوجها.

"لا حاجة أن تقلقوا علي، سأكون بخير مع زوجي، فنحن ما زلنا وسنبقى للأبد الكاتب سوهو وزهرته العذراء، أليس كذلك؟"

أومئ لها جون، وطبع قُبلة على جبينها، ثم روز اتبعت.

"حتى هذه اللحظة كانت معكم كيم روزماري... شُكرًا لكم ووداعًا طَيبًا"

أغلق جون البث المباشر، وعاد ليجلس بجانبها، جعل يديها بين يديه، وأخذ يُربِّت عليهما فيما هي تنظر لأيديهما معًا.

"هل تشعرين أنَّكِ بخير؟"

تنهدت روزماري، ومسحت آخر دمعة سقطت، ثم رفعت رأسها إلى جون وابتسمت.

"جون... دعنا نذهب إلى المُستشفى، سأبدأ بالعِلاج فورًا"

إرتفع حاجبه بلا تصديق فضحكت تقول.

"دعنا نُنجِب طفلًا!"

تَبسَّم ثم إجتذبها من كتفيها إلى زِنديه، عانقها بحرارة، وواساها بلمساتِه بدفئ.

"اليوم سنعود إلى المنزل كي تحظي ببعضِ الرّاحة، وغدًا سنذهب إلى المُستشفى، حسنًا؟"

همهمت فربَّت عليها هامسًا.

"أُحبُك"

"وأنا أيضًا أُحبُك"

............

عاد الثُنائي إلى شِقَّتهما، وأثناء قيادة جون إتصل تشانيول؛ ليطمئن عن حالةِ روز، ثم أخبره أن الأصدقاء سيجتمعون لديهم على العشاء، وبما أن روزماري لم تُعارِض جون رحَّب بالفِكرة؛ لعلَّها تناست تلك الهموم وحظيت ببعضِ المرح.

بدَّلت روزماري ثيابها إلى أُخرى مُريحة بعد وصولهما، وجون وقف في المطبخ لتحضير وجبة الغداء لهما.

كانت روزماري تجلس بالشُّرفة وهاتفها بيدها، تقرأ تعليقات مُستخدمي الإنترنت، الذي معظمهم ينتقدوها، ويشتمونها، ويتهمونها بالكذب دون وجه حق.

"أتجرؤ بعد أن حاولت قتل إنسان أن تظهر أمام الناس!"

"تقول أنها من قررت الإعتزال أولًا، إختلقت هذهِ القِصّة كي لا يقول الناس أنها تعرَّضت للطرد"

"إنها وبكل جراءة تستعرض أمامنا قصة حُبها الدعائية مع الكاتب سوهو!"

"سيدتي روزماري، لقد قُمتِ بعمل جيد، أرجو أن تعيشي بقية حياتِك بسعادة مع زوجِك!"

تنهدت روزماري ونبست.

"أخيرًا تعليق جيد!"

وبلا أن تَحِس؛ قام جون بسحب الهاتف من يدها قائلًا.

"الناسُ خلف أزرار هواتفهم مزيفون، لو أنهم في وجهِك لما تجرَّأوا أن يذمّوكِ أبدًا، دعكِ من قراءة تعليقات لا فائدة منها، وتعالي معي لنأكُل، ثم نفعل أي شيء تُحبّينه معًا."

أومأت له روزماري موافقة، وإنقادت خلف يده التي سحبتها إلى طاولة الغداء.

أجلسها قِبالته وسكب لها الطعام في صحنِها.

"لا تُفكِّري بأي شيء الآن، فقط كُلي"

غرزت روزماري شوكتها بالطعام تأكل دون شهيّة، فقط لأجلِ أن يرضى جون ولا تُزيدُه همًا، بعد الغداء؛ كلاهما مع طبق من الفاكهة -قد شرحها جون- جلسا أمام شاشة التلفاز أسفل بطّانية دافئة.

كانت روزماري تستند برأسها على كتفِ جون، تُشاهد الفيلم وتأكل ما يقدمه لها جون على شوكة طعام.

"كيف تشعرين؟"

"بخير"

تنهد وعانقها بذراعه أكثر بعدما رفع عليها البطّانية يُغطيها بحِرص.

هكذا حتى حان وقت العشاء، إذ في السادسة مساءً أتوا الأصدقاء، تشانيول وأوريل، سيهون وآيرين، وجاي.

كان معهم العشاء بالفعل، إذ اشتروا الدجاج والبيتزا كذلك الكولا.

الجميع بدى قلقًا عليها، لكن روزماري كانت تبتسم لهم رغم أن إبتسامتها مُرهقة، ما عادت تَقدِر أن تكبُت ملامحها كل الألم الذي يعتمِل بداخلها.

وبينما هُم على طاولةِ العشاء؛ افتتحوا أحاديث وسيَّر مُختلفة، لكن تشانيول قال.

"لقد قدمتُ إستقالتي!"

توقف الجميع عن الأكل، وروزماري رمقتهُ بغضب رغم معالمها المُرهقة.

"هل جُننت؟ ماذا ستفعل الآن؟"

تنهد تشانيول وقال.

"أنا أعمل لصالحِك، مدير أعمالِك أنتِ... بما أنكِ لستِ هُناك أنا ما عاد المكان يُناسبني"

وضعت روزماري شوكتها -رغم أنها لم تأكل سوى بضِع لُقيمات لا تُشبِع- وتنهدت بغضب، جون تمسَّكَ بكتفيها ونبس.

"حبيبتي لا تغضبي!"

لكن روزماري تجاهلت زوجها، ونظرت إلى جاي تقول.

"وهل إستقلتَ أنتَ أيضًا؟!"

أخفض رأسه عنها؛ ففهمت أنَّهُ فعل أيضًا، ضربت الطاولة بذراعيها ونهضت عن الطاولة تصرخ بكليهما.

"هل ترونني حِمل المزيد من الهموم والمشاكل؟! لِمَ تتصرَّفون على هواكم؟!"

نهض تشانيول يُحاول تهدئتها؛ إذ مَدَّ ذراعيه نحوها يود لو تهدأ، لكنها دفعت بيديه بعيدًا عنها، وصرخت به.

"أُغرُب عن وجهي!"

تفلَّتت من تشانيول ثم من جون وسارت بغضب إلى الداخل، وخلال ذلك؛ سمع الجميع صوت إرتطام جسدِها بالأرض.

"روز!"

ركض إليها جون يحملها على ذراعيه، وضعها على السرير، وأخذ يُربِّت على وجهها كي تستفيق لكن لا رد.

سيهون قال.

"دعنا نأخذها إلى المستشفى بدلًا من ذلك!"

بدى الجميع هَلِع عليها، الجميع بلا إستثناء، لكن جون إستجمعَ قوَّته وحملها على ذراعيه ليذهب بها إلى المستشفى.

في المستشفى؛ كان جون وتشانيول بإنتظار أن يخرج الطبيب ليطمأنهم عليها، وأما سيهون فقد رافقه جاي لتسجيل بعض المُعاملات في المستشفى.

خرج الطبيب بعد وقت يُطمأنهم.

"لقد تعرَّضت لإنهيارٍ عصبيّ، ستكون بخير لكنّي أوصي أن تُتابع حالتها مع طبيب نفسي، يُمكنكم أن تعيدوها الليلة إلى المنزل عندما تأخذ حِصَّتها كاملة من المحاليل التي وضعناها بالوريد لأجلها."

"شكرًا لك حضرة الطبيب"

أومئ له الطبيب وقال.

"لو أردتَ أن تُتابع حالتها عند طبيب نفسي فإنه يعمل في هذه المستشفى طبيب نفسي مشهور، الطبيب كريس وو، لقد أتت به المستشفى من الصين ليعمل معنا"

"حسنًا شُكرًا لك"

عاد جاي وسيهون، فتشانيول أخبر جاي.

"خُذ لروزماري موعد عند الطبيب النفسي كريس وو، إنه يعمل هنا"

تسآل جاي.

"هل هي بخير؟"

"ستكون بخير، لا تقلقوا!"

ثم تشانيول تنفَّس بعُمق قبل أن يَلِج إليها، كان جون يجلس بجوارها، ويمسك بيدها وهي ما زالت نائمة.

آتى تشانيول وجلس على جانبها الآخر، ثم تنهد مُتأسِّفًا.

"أنا آسف، ما كان علي أن أُخبرِك وأنتِ تمُرّي بظروف صعبة بالفعل!"

جون تنهد ونبس.

"ماذا ستفعل الآن؟"

حرَّك كتفيه بجهل ثم قال.

"لا أدري الآن، لكني سأعمل بأي شيء مع روزماري، لن أترك صفها"

....................


يُتبَع...


الفصل الثامن والعشرون "إنتكاس الهَيبة"
الجُزء الخامس "لا تؤذيني بكِ"
الرواية العاطفيّة "هَيبَتُها"


.........................


سلااااااااااااااااام


النكد حاليًا توب... آني آسف🌚💔

يعني ما في رواية بتمشي بدون نكد ولا إنتو شو بتفكرو؟


الفصل القادم بعد 100فوت و100كومنت.

1.رأيكم بِ:

روزماري؟

تبرئتها وحالتها كمُتَّهمة؟

قرارها بإعتزال مهنتها؟

ردة فعلها على إستقالة تشان وجاي؟

تراجعها عن الطلاق؟

جون؟

وقوفه مع روز خلال هذه الأوقات الصعبة؟

تشانيول؟

تقديمه لإستقالته؟

شخصياتنا العابرة؟

المحامي كيم جون إن؟

المحقق بيون بيكهيون؟

المجرم لاي جانغ؟

رأيكم بالفصل بشكل عام؟

توقعاتكم للقادم؟

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️