CH13||عُكّاز وجَبيرة
كيم جون ميون (سوهو)
بَطل:
هَيبَتُها|| الحَرب
حتى ينتصر حُبّي
"عُكّاز وجَبيرة"
"صغيرة روحي؛ أنا هُنا لأجلكِ...
دعيني أكون لكِ...
حُضنًا...
صدرًا
سندًا
عُكّازة وجَبيرة.
وحدي من لن يراكِ ضعيفة؛ ووحدي من سيحبكِ بضعفك، وبقوتك، وبكل حالة تكونين عليها.
لأنني أُحبكِ بالتفصيل اللا أمِلَّ منه.
إلى زهرتي العذراء...
الكاتب سوهو"
رُغمَ أن ما يَمُر به جونميون جسديًا ليس بالأمر الهَيّن؛ لكنه لم يَكُ بوضع يسمح له أن يستريح، ويهتم بحالة جسده المُتَرديّة.
أراد الخروج من المُستشفى، وأن يذهب لها أينما كانت، لكن عائلته رفضوا إخارجه بصفتهم أوصياء عليه.
لذا ما كان منه إلا أن يرضخ لرغبتهم في البقاء داخل حصون المُستشفى، لكنه كان مشغولًا جدًا بالإهتمام لأمر روزماري وتدبيرها خارج هذه الورطة.
ففور ما أجرى إتصاله مع تشانيول طلب من سيهون أن ينطلق إلى شِقة جونغداي، وأخبره ما الذي عليه أن يفعله هُناك.
ثم كان ينتظر إتصالًا يُطمئنه على أحرِّ من الجَمر.
وأما تشانيول؛ فبمجرد أن إتَّصل به جونميون أقلقه، ولم يَكُ يَعي على نفسه إلا وهو يَصعد السُلَّم إليها.
قبض على يد الباب بقوّة فورما وصل، ولُحِسن الحظ؛ الباب كان مفتوحًا، لكن ما يشهده هذا الباب المُغلَق لا خير فيه أبدًا.
إذ أنه يرى جونغداي مُقيد إلى كُرسي والنار تَهبُّ من حوله، وهو يبكي بشدة، بل لا يملك إلا تِلك الدموع.
وعلى الجِدار تستند روزماري بظهرها فيما تُدخِن سيجارة، وتنظر إلى جونغداي الذي يكاد أن يحترق بكل برود؛ وكأنها لا تُقدم على جريمة شنيعة؛ قتل أحدهم عبر حَرقه.
"أنتِ ماذا تفعلين يا مَجنونة!"
صرخ بتلك تشانيول عليها، وركض إلى جونغداي ليقوم بسحبه من بين اللهب، ثم أخذ يضرب عليه بسترته حتى يُطفئ النار التي نَشبت بثيابه.
إزدرئ ريقه، والفاجعة لطمتهُ لعدد من اللحظات، ما هذا؟ وماذا عليه أن يفعل؟!
إستجمع تشانيول شِتاته، ثم حَمل أغراض روزماري عن الأرض، حقيبتها الصغيرة ومِعطفها الأسود.
وضع أغراضها بيديها وسحب تِلك السيجارة من فمها، وفيما يتنفس لاهثًا من حرج الموقف دفع بها خارج الشِقّة يقول.
"أُهربي فورًا!"
روزماري حملت أغراضها ونزلت عبر المِصعَد بكل هدوء، وكأنها لم تفعل بالأعلى أيُ شيء يُذكَر.
حالما عَبرت بوابة العِمارة تطلَّعت يمينًا وشِمالًا تَبحث عن سيارة اُجرة تُعيدها إلى شِقتها، فلا مزاج لها أن تقود سيارتها عودة إلى المنزل.
لكن الأضواء الأمامية لسيارة حمراء أضاءت وأطفأت مرتين؛ وكأن السائق يبغي لَفت إنتباهها.
إذ كانت السيارة على الضِفّة الأُخرى من الشارع، لكنها سمعت صوت الشاب بوضوح حينما تحدث يقصدها، وبدا صوتهُ مؤلفًا.
"كيم روزماري؛ اصعدي معي!"
ضيّقت عيناها على السائق، ونعم عرفته...
أنه صديق جون المَدعو شيئًا ما سيهون.
قطعت الشارع إليه، وبكل هدوء صعدت بجانبه، ثم سيهون انطلق بالسيارة.
لم يَكُ يبدو عليها أي سوء على الإطلاق، لكنه رغم ذلك أراد أن يتأكد، فعلى حد عِلمه؛ هي لربما إفتعلت مُصيبة في الأعلى قبل قليل.
"سيدتي، أنتِ بخير؟!"
أومأت له فيما تنظر إلى الطريق حيثُ مَرّت سيارة إسعاف مُسرِعة، ثم زفرت أنفاسها لترسو بنظرها عليه.
"إلى أين ستأخذني؟!"
"إلى حيث طلب مني جون أن آخذكِ، الطريق طويل؛ يُمكنكِ أن تَحصُلي على غَفوة حتى نَصِل"
هَزئت مِما قال بإبتسامة باردة، حتى هو يتصرف وكأنها لم ترتكب جريمة للتوّ، عقدت ساعديها إلى صدرها، ثم أرخَت جسدها كذا رأسها على الكُرسي.
تدري أنها تبدو بخير تمامًا من الخارج؛ لكنها من الداخل تتمزق بالفعل وتتآكل.
ماذا لو هذه الجريمة تَمَّت وأحرقته؟
ستتحول إلى قاتلة وتدمر حياتها كُليًا، وستخسر شخصيها الوحيدين في حياتها؛ تشانيول وجون.
ليس هذا وحسب، ستخسر ذاتها وكل ما بَنته طيلة السنين الخمس الفارطة سينهدم في غضون لحظة يتيمة واحدة.
وهذا بالنسبةِ لها الأهم؛ أما حياة جونغداي فهي لا تُهمها إطلاقًا، ورغم أنها أدركت شناعة ما أقدمت عليه، لكنها لا تشعر بالندم عمّا فعلت.
بل على العكس تمامًا؛ تشعر بالرضى التام، وكأن تلك النار التي أحرقته ولو يسيرًا أثلجت صدرها، وكانت بردًا وسلامًا على كرامتها المكلومة.
لكن الحقد، والكره، والغضب في نفسها لم يزول، والأهم أنها تدرك أنها نوعًا ما تجردت من إنسانيتها بهذا الفعل البشع.
قضمت شِفاهها لتمنع تِلك الغِصص من العبور عَبر عَبرات، ستحبسها وتحبس الخوف والوجع داخلها، ولا يتأذى كبريائها أو تُخدَش صورتها البَهيّة.
وأما تشانيول...
فلقد قام بتوضيب الفوضى الدائرة في تِلك الرُقعة من الشِقّة، والتي هي من فعل روزماري لا غير وبلا شك.
ساعد جونغداي على الجلوس على الأريكة وقد طَلب الإسعاف لأجله، وفورما وصلوا المُسعفين همس تشانيول في أُذن جونغداي قبل أن يفتح الباب لهم.
"إن إتهمتَ روزماري سأحرص أن تُعيدكَ إلى السجن، فكّر بذلك مَليًّا."
جونغداي ما كان قادرًا أن يتكلم حاليًا، فمفعول المُخدِّر لم يزل بعد، وهو يمر بصدمة بالفعل.
أخذته سيارة الإسعاف إلى أقرب مُستشفى، وتشانيول تبعهم بسيارته إلى هناك.
وبينما هو ينتظر أن يخرج الطبيب، ويخبره عن حالة جونغداي إتصل جون فأجابه.
"كيف علمت أنها تُقدم على شيء كهذا؟!
أنا صديقها مُذُّ سنين طويلة، ولم أتوقع أن يصل الغضب بها إلى هذا الحد الغير متوقع!"
أجابه جون بعدما تنهد.
"دعكَ من هذا الآن، ما مدى سوء الوضع؟!"
تنهد تشانيول وأجابه فيما يُدلّك صدغه حيثُ دبَّ الصُداع فجأة في رأسه من هول ما يحدث في هذه الفترة العصيبة.
"لا أظنهُ سيئًا جدًا، لقد وصلتُ في الوقت المُناسب، لكنني لا أثق بجونغداي، أخشى أن يتهمها"
"لا تقلق من هذه الناحية، جونغداي لن يؤذيها بمِثل هذه الطريقة، لذا علينا أن نحرسها جيدًا ونمنعه من الوصول لها أو التواصل معها"
تراجع تشانيول حتى جلس على إحدى كراسي الإستراحة.
"بغض النظر عن يد جونغداي الطويلة ونفوذه؛ تعلم أن روزماري لا يُمكن السيطرة عليها، كيف نجعلها تقبل أن نحميها؟!"
"دع هذا الأمر علي، الآن عليك بتدبر أمر جونغداي كي يُبقي فمهُ مُغلق، أنا سأرى بشأن روزماري"
أغلق جون الخط بعدما فرغ حديثه، حينها تَطلع تشانيول إلى شاشة هاتفه وتنهد مُنزعجًا.
"تَضُج بالثِقة! أخشى أن تنقلب هذه الثقة عليك"
نهض سريعًا وتقدم من الطبيب حينما رآه يخرج، ثم سأله على الإستعجال.
"حضرة الطبيب، أخبرني كيف هي حالة كيم جونغداي وما مدى سوء الوضع؟!"
"نسبيًا بخير، الحروق التي أصابته من الدرجة الأولى، سيتحسّن مع الوقت، لكنه بحاجة إلى عناية شديدة، وأحد ليهتم به أثناء الفترة القادمة"
أومئ له تشانيول.
"حسنًا، شُكرًا لكَ أيها الطبيب"
لكن الطبيب إستدرك، فقد قبض حاجبيه ورفع سبابته يقول.
"أما بشأن المُخدِّر الذي أخذه فهو مَحظور على العامة، يؤسفني أن أخبرك أنني بحاجة لفتح مَحضر تحقيق بهذا الشأن"
أومئ له تشانيول فغادر الطبيب، لو رفض أو طلب من الطبيب أن يتغاضى عن الأمر ستتنامى الشكوك، لكنه سيجعل جونغداي يقول شيئًا لصالح روزماري في المَحضر.
وَلج إلى غُرفته حيثُ أرشدته المُمَرِضة، كان ينام على السرير وبيده محلول غذائي، كما أنه مُضمَد في أنحاء كثيرة من جسده.
تنهد تشانيول فيما ينظر إليه وأتى بكُرسي ليجلس بجانبه.
"روزماري، يا لكِ من مجنونة!"
لكنّ تشانيول فكّر؛ أنه نوعًا ما ضرّها بطريقة مُشابهة سابقًا، ولكنها لم تُقدِم على فعلٍ شنيع كهذا معه.
بل أقصى ما فعلته وهي في أوج غضبها أنها طردته من الوظيفة، الأدهى أنها خافت منه في بعض المواقف والمواضع.
لا يدري من أين أتت بكل هذه الجُرءة لتُقدم على جريمة قتل بشعة كهذه.
إما أنها جُنَّت أخيرًا، وإما هي تُحِب جون بجنون، أو تكره جونغداي بجنون، أو كل ما ذُكِر صحيح.
ماذا عنه؟! ما هو بالنسبةِ لها؟!
يُدرك جيدًا أنه ليس شخصًا عاديًا بالنسبةِ لها، وهذا ما منعها أن تفعل به شيئًا مُشابه.
وهذا ما يُحيره، هو ليس بالشخص العادي بالنسبة لها، لكنه ليس مُميز أيضًا... ما هو بالنسبةِ لهذه المرأة المجنونة؟!
وهكذت أغدقه التفكير دون أن يشعر بالوقت ولا بمرور الساعات، حتى أن الصُبح لاح، وأشعة الشمس وَلجت الغرفة حتى أنارت بأشعتها المُهيبة عَتمة المكان.
تنهد تشانيول ثم مد أطرافه وتثائب، ولكنه بعد ذلك لاحظ أن جونغداي حرك يده فأخذ ينظر له بترقب، ينتظره أن يستفيق.
لحظات وتفتّحت عينا جونغداي وأبصر الجُدران البيضاء، ولكنه عندما رأى تشانيول علم أنه ما زال حي.
تسآل تشانيول بصوتٍ بارد، وقد رفع الساق فوق الساق وتراخى على المقعد.
"كيف تشعر الآن؟!"
تذكر جونغداي ما مَرَّ به رويدًا رويدًا، ثم تهكّم بإبتسامة نكراء ساخرة.
"إمرأة مجنونة!"
تطلع إليه تشانيول فيما يحاول السقيم القعود على السرير، فهذه ليست ردة الفعل المتوقعة، وما إن فعل وقعد حتى زفر كل ذرة نفس في رئتيه.
"إن كنت تُريد أن تضعني في السجن ففعل، ولكنني سأشتكي عليها إن لم تجعلها تتواصل معي."
تناول جونغداي قلمًا وورقة من على المنضدة التي تجاور السرير، كتب عليها رقم هاتفه ثم مَدّها لتشانيول.
"أُمهلكَ وأُمهلها أسبوع واحد فقط حتى تتصل هي بي، حتى ذلك الحين سأكون قد إستعدتُ بأسي، وأنها إن لم ترضخ لإرادتي سنتعفن كِلانا في السِجن"
ثم جونغداي أشار إلى الباب يقول فيما ينظر إلى تشانيول، الذي تَعكّرت ملامحه وضجّت بالغضب.
"يُمكنكَ أن تُغادِر الآن!"
تشانيول لم ينبس بحرف، فقط خرج رغم إستياءه، لا فائدة من الحديث مع جونغداي، فهو يدرك حتمًا أن لا فائدة تُرجى معه.
أنه سيسعى ليفعل ما يُريد، وسيسعى حتى يتحقق بلا شك، هكذا هو جونغداي.
فورما خرج تشانيول إتصل بجون، ولا يدري لِمَ فعل، لكن شعور في داخله حَثّه أن يفعل، لربما لأن جون هو من تدبر الأمر سريعًا، ولولاه لمات جونغداي ولكانت روزماري في السجن مع المجرمين.
"الأمر لم يَسر كما يُرام"
أجابه جون.
"تعال إلى المستشفى لنتكلم"
وأما جونغداي...
فما إن خرج تشانيول من عِنده نهض عن السرير بصعوبة وتقدم نحو المرآة، إنه مُضمَّد تقريبًا في كل مكان
أنه يحس بألم الحرق يلسعه بقدميه، يديه، وعِند عُنقه، فتلك المناطق المكشوفة منه الأكثر تضررًا، لكنها ستزول وسيكون بخير تمامًا.
وعلى عكس الظنون؛ فإن ما فعلته روزماري به وَسَّع أفاقه بشأنها؛ إذ أنه لن يُعاملها كطير وديع يريده في قفصه الذهبي الأنيق، بل لبؤة جامحة جارحة ومجنونة.
ليست نظيرًا مرنًا أبدًا بل خصمًا شرسًا، هي بالفعل أثبتت خطورتها، لكنه ما زال يملك ورقة رابحة، تسجيل الفيديو من ذلك اليوم.
وقف أمام المرآة يتفقد وجهه، لم يصبه ضرر أبدًا، تحسس حيثُ كانت تلمسه، خط فكّه وعُنقه، وكم كانت لذيذة لمساتها!
ارتفع شِدقه مُبتسمًا، هو أيضًا شرير، لا يُمكِن أن يُستهان به.
"هذهِ الحرب أنا قائدها، لذا لن أخسرها أبدًا يا امرأتي المجنونة!"
..................................
روزماري تَنام على أريكة في مُنتصف صالة داخل منزلٍ صيفيّ مُرفَّه، تعود ملكيته إلى جونميون؛ حيثُ سيهون أودعها، وودّعها البارحة، وذهب.
لم تُفكر كثيرًا، فقط نامت حين عرقلت طريقها أول أريكة، إرتمت عليها وكأنها تحمل أعباء الدُنيا على أكتافها، ونامت بعُمق كما لم تفعل من قبل، حتى أنها لم تخلع حذاءها أو مِعطفها؛ فقط هكذا.
وفي صباح هذا اليوم الجديد؛ إستيقظت روزماري على صوت عجلات سيارة قد مَسَّت الإسفلت بطريقة مُزعجة جدًا.
قعدت على الأريكة بملامح ناعسة، ثم أخذت توضب خُصل شعرها بأصابعها.
"اللعنة! من هذا السافل؟!"
فجأة فُتِحَ باب المنزل فرفعت رأسها تَنظر ناحيته، وإذ به سيهون يتمسّك بأحدهم، بل الأصح تعبيرًا أنه يسنده، يسند جون.
تَلهَّفت لبضع ثوانٍ كي تراه، وما إن رأته أخفضت رأسها وقد زفرت بتكتم، الآن تَشعر بالراحة فهو بخير.
تناولت قنينة المياه التي على الطاولة وشربت منها، ثم نهضت تقول.
"سأذهب لأغتسل"
أومئ لها كلاهما وسارت روزماري في حال سبيلها.
سيهون أسند جون حتى أجلسه على الأريكة حيثُ كانت تنام روزماري مُذُّ قليل، ما زالت رائحتها الحُلوة عالقة في جنبات هذه الأريكة المحظوظة.
تحسس جون بيده موضع رأسها ثم تنهد، لكن ما أخرجه مما يعتلج في صدره ويدور في أفكاره سؤال سيهون، إذ بدى مُستهجنًا مُستنكرًا، وأيضًا مُستاء، ذلك واضح من عُقدة حاجبيه.
"ما هذه المرأة الغريبة؟!
لقد أنقذتها من الموت ثم من السجن والآن تأويها في مكانك، لكنها لم تنظر لك حتى!
وكأنك لم تواجه الموت بسببها!"
تَنهد جون ورفع رأسه إلى سيهون الواقف قِبالته، أرخى جسده على الأريكة ثم قال.
"هي ليست إمرأة عادية كي تفهم ما تُقدِم عليه، إنها تخجل مني ومُحرِجة لذا تهرب مني هكذا"
جلس سيهون على الأريكة المُحاذية، إتكز بمرفقيه على فخذيه، عقد أصابعه معًا وظهره يميل إلى الأمام حتى يكون من صديقه أقرب، ثم مع تلك العُقدة في ملامحه تسآل.
"ولِمَ تخجل منك؟!"
ثم بانت على شفتيه إبتسامة لعوب وغمز لجون.
"هل حدث بينكما شيء لا أعرفه؟!"
رَمقه جون بأستياء ثم بعد تنهيدة أشار له بملل ناحية الباب.
"إنتهت مُهمتك، هيا غادر!"
سُرعان ما اعترض سيهون.
"لكنني أخاف أن أبقى وحدي!"
تنهد جون.
"يا إلهي!
اذهب وامكث لدى تشانيول حتى أعود، هو وحده أيضًا، ربما لا يخاف أن يبقى وحيدًا لكنه سيُفضّل وجود شريك سكن مزعج مثلك في مثل هذا الوقت"
بَرم سيهون شفتيه وأومئ، ثم نهض يقول.
"حسنًا إذًا، سأذهب"
لكن جون استوقفه مُحذرًا.
"أياك أن تُرضي فضوله بما تعرفهُ عني، سأقتلك حينها!"
ضحك سيهون وأجاب.
"لا عليك، ماذا تظنني أنت؟! ثرثار؟!"
"نعم"
تنهد سيهون مُستاءً وحمل نفسه ليُغادر.
بعدما غادر أرخى جونميون نَفسه على الأريكة ينتظرها أن تخرج.
كان يُراقب الوقت، ساعة... ساعتين، ولكنها لم تظهر بعد.
ذلك ما جعله ينهض رغم صعوبة النهوض ليتفقدها، بحث عنها في غُرف المنزل الكثيرة ولم يجدها، لكنه سمع صوت المياه في دورة المياه.
إقترب من الباب وأخذ يطرقه بخفّة.
"سيدتي، أنتِ بخير؟!"
لم تَجبه، أخذ يطرق مِرارًا وتِكرارًا، لكنها لا تستجيب وجون ما عاد قادرًا أن يتحمل أكثر، لذا نبهها.
"أنا سأقتحم المكان إن ما أجبتِني الآن!"
لم تَجبه، لذا إقتحم المكان وجعل عيناه نحو الأرض كي لا يقع بصره عليها تحسُّبًا.
"سيدتي؟!"
حينما رأى قدميها رفع بصره رويدًا رويدًا، ثم تنهد براحة حينما رآها تجلس على حافة الحوض، وترتدي روب الإستحمام.
تقدم منها ثم إنحنى على قدميه يجلس القُرفصاء أمامها، تردد لبعض الوقت لكنه لم يقدر أن يُفوِّت الفُرصة، لذا أمسك بيديها بين يديه.
لكنها لا تنظر إليه، تبدو شاردة والماء يُقطِّر منها، همس لها.
"سيدتي، أنتِ بخير؟!"
نظرت إليه ثم إبتسمت، لكن تلك الإبتسامة مُنكسرة مُتكسِّرة.
"أما زِلتُ بنظركَ سيدة مَهيوبة؟!
أنا حقًا لا أفهمك"
قَضم شفتيه ثم وقف ليقول.
"لولا قدمي اللعينة لكنتُ حملتكِ بين ذراعي، لكن بما أنني لا أقدر حاليًا أُيمكنكِ أن تُمسكي بيدي وتخرجي معي من هنا؟!"
تنهدت ثم رفعت وجهها إليه، ثم نظرت إلى يده التي يمدها لها، أمسكتها ونهضت، ثم بينما يستند على عُكّازه سار معها خارجًا.
جلس على حافة السرير القابع في الغُرفة التي تتبع لها دورة المياه، ثم رَبّت على السرير بجواره.
"أيُمكنكِ أن تجلسي هنا قليلًا وتدعينا نتحدث؟"
تقدمت رغم أنها تشعر بالضغط وجلست بجواره، حينها إلتفت لها بجذعه وأخذ يدها بين يديه، تارة يُربّت عليها وتارة يحتضنها براحته.
"ما حدث في الأونّة الأخيرة ما زال يؤلمك؟"
لم تجبه في البداية وأشاحت بوجهها للجهة البعيدة عنه، لكنه أصرَّ عليها بسكوته، وإنتظاره لإجابتها فأومأت برأسها.
"تشعرين بالألم يُثقِل قلبك، أليس كذلك؟!"
تنهدت ثم نظرت أمامها تقول.
"هُناك أمر يؤلمني أكثر من كل شيء آخر"
تطلع جونميون لوهلة لها ثم نبس.
"تَخشين أن صورتكِ في عينيّ قد تغيرت؟"
سُرعان ما نظرت إليه، ثم ضيَّقت عينيها عليه ونبست بلا تصديق.
"أنا لا أفهم كيف أنت تفهمني لهذا الحد!"
أمسك بيدها التي بين يديه ورفعها إلى ثغره؛ ليطبع عليها قُبلة، وذلك ما جعلها ترمقه بإضطراب وبالكثير من الجهل.
رفع وجهه إليها وابتسم ثم قال.
"أنا لستُ كالرجال الذي تعرفينهم، حُبي لكِ تجاوز هذه المراحل مُذُّ زمنٍ بعيد"
"بكم يُقدّر هذا الزمن البعيد؟!"
همهم ثم ابتسم يحاول التهرب من الإجابة على هذا السؤال.
"لا يَهُم، المُهِم الآن أن تكوني بخير يا سيدتي"
تنهدت مُجددًا، وسحبت يدها من بين يديه، ثم إنحنى رأسها تنظر في حِجرها، حينها همس.
"أُيمكنكِ أمامي على الأقل أو حتى لو بينكِ وبينك ألا تضمري رغبتكِ في البُكاء، البُكاء ليس ضعفًا، البُكاء جُزءً من الشِفاء، ابكي حتى يزول كل الألم الكامن في صدرك"
نظرت إلى جون وعيناها تلمع بفعل تلك الدموع، لكنها تبسّمت.
"أنا بخير كُليًا، لِمَ أبكي؟!"
نهضت ثم أرادت أن تنسحب من أمامه، لكنه تمسّك بيدها، واجتذبها حتى جلست بجانبه مُجددًا.
"أبكي"
قبضت حاجبيها بأستياء ونفضت يده عنها تقول بعصبيّة.
"مجنون أنت؟ لِمَ أبكي؟!"
"أبكي"
تنهدت، وبدأت عيناها تَلمع أكثر، والدموع تتراكم فيها، لكنها تكبحها بكل قوتها، ورغم ذلك تماسكت وهتفت مُحذّرة.
" سأقوم بركل قدمك المكسورة هذه كي لا تستطيع أن تمشي عليها مجددًا!"
أمسك بكلتا يديها وهمس.
"ابكي واصرخي وانهاري الآن لكي تكوني بالفعل بخير، لن أتركك حتى أراكِ بخير حقًا"
أشاحت بوجهها عنه سريعًا حينما سقطت دمعة من عينيها رُغمًا عنها، حينها قال.
"نعم يا سيدتي، أبكي حتى يهدئ قلبك، أبكي وأنا هنا لأضمك واسمعك، وأُربّت على أوجاعك"
إجتذبها من يدها وتهاوت على صدره، أخذ يمسح على رأسها بلطف وذراعيه تُحيطها.
وجهها في جوف عُنقه ورأسها على كتفه، شعرت أنه شخص ثِقة، يُمكنها أن تبكي أمامه وهو سيكون هنا لأجلها، إذ لم تَكُ تقدر أن تسيطر على هذه الدموع وهذا الوجع الذي فاض منها بعد الآن.
أخذت تهتز بين يديه بلا أن يسمع لدموعها حسيس، ضمها أكثر وهمس بأُذنها.
"ارتاحي من وجعكِ واعتبريني سندًا، صدّقيني لن أخذلك"
كمشت بأناملها النَحيلة على قميصه، وأنهارت باكية بين يديه، أوجعه قلبه عليها كثيرًا، صوت بُكائها كترانيم معزوفة بائسة جدًا.
ضمّها بقوة إلى صدره، أخذ يواسيها بصمت ولم يوقفها عن البكاء، بل روزماري ضلَّت تبكي حتى تحول البكاء إلى نَحيب، ثم صُراخ أليم.
لم يشعر إلى ودموعه تسقط وهي على كتفه تنتحب.
مَرَّ الوقت وهي تبكي على كتفه حتى هدأت، ثم خال له أنها غَفت على كتفه، لكنها كانت مُستيقظة وشاردة.
تجرأ وتحسس وجهها بأطراف أنامله.
"أنتِ بخير؟!"
أومأت له، حينها تنهد براحة وعاد ليضمها مُجددًا وفيما يركن ذقنه على رأسها قال.
"الخيبات تؤلم كثيرًا... أعلم!
أعلم كم تتوجعي وما هو شعورك، أشعر بكِ لأنكِ أصبحتِ جُزءً من إدراكي.
تشعرين بالخيبة، الخيانة... كطعنة بالظهر.
أدري أنكِ أحببتِ ذلك الرجل حُبًا عظيمًا وحاولتِ كل مرة أن تتجاوزي كل خيباتكِ التي هو السبب فيها.
أدري أنكِ لم تُقدمي على قتله لأجلك، لستِ من هذا النوع، لولاي لما فعلتِ شيئًا كهذا، أنا أفهمك!"
قبضت ملامحها ورفعت رأسها إليه، لكنه أعادها إلى صدره واتبع.
"تشعرين بالحرج والخَجل مني، لكن حقًا لا بأس... أنا لا أفكر بكِ إلا بطُرقي المُعتادة.
ما زِلتِ سيدتي المهيوبة، ما زلتُ أتطلع لكِ بالكثير من الهيبة، وكم سأكون فخورًا ومهيوبًا لو منحتني فُرصة معكِ"
رفعت رأسها عن صدره وقالت.
"ألا بأس معكَ أنكَ رأيتني بفراش رجل آخر عارية؟!"
أومئ لها ويده احتضنت وجنتها.
"لا بأس، ليس وكأن الأمر حدث بإرادتك، ولو كان، لا حق لي بمُسألتك طالما لا تقبلي بمشاعري"
"أما زِلتَ تُحبني رغم ما فعلته؟
أما زِلتَ تُريدني رغم ما رأيتُه؟"
أومئ لها فتنهدت تقول.
"لا أفهمك حقًا!"
تَبسّم ثم قال.
"سيصعُب عليكِ فهمي قليلًا، لكن الأهم أن تُصدقيني.
تُصدقيني، أليس كذلك؟!"
تنهدت تُفكّر ثم نفت برأسها.
"لستُ واثقة!"
جعل يده الأخرى على وجنتها الثانية، ثم اجتذبها برفق ليطبع قُبلة على ناصيتها، ثم همس بينما ينظر في عينيها.
"أتسمحين لي أن أثبت لكِ صِدقي؟!"
بان الإرتباك على ملامحها وأخذت أنفاسها تتثاقل، لكنها لم ترفض ولم توافق، فقط إحتفظت بصمتها فيما تنظر إليه؛ وكأنها تمنحه الخيار ليفعل أو لا يفعل، ليظن أن صمتها علامة رِضى أو رفض.
لكن جون وجد أن هذا الصمت آتٍ من ترددها فأراد أن يُقنعها بصدقه وبحُسن نواياه، كذلك ليثبت لها أن حبه لم يهتز أبدًا.
لن يقدر إعصار أن يقتلع هذا الحُب من قلبه فكيف بمثل هذه الريح التي مرّت بهما وأثارت بعض الفوضى!
لا شيء يوقفه عن حُبه، لأن حُبه لها أعظم حدث في حياته كُلها، حُبٌ لن يُفرِّط به أبدًا.
جونميون تَطلّع في عينيها المُرتبكتين ثم إلى طلائع وجهها الحَسن، لطالما طاق لهذه اللحظة، وهذه الفُرصة لن تفوته أبدًا، لن يسمح بذلك.
أمال رأسه واقترب منها بحذر؛ يُمهلها وقتًا لتفهم ما يُقدِم عليه، حتى مَس شفتيها بشفتيه.
أغمض عينيه وفعلت هي كذلك، ثم عندما قَبّل تلك الشِفاه، التي لطالما طاق لها، أخذ قلب روزماري ينبض بشدة لدرجة جعلتها على حافة الإنهيار.
ولكنها لم تَكُ شيء أما جنون نبضات جون، لكنه رغم صعوبة ما يشعر به تعمّق بهذه القبلة، ومنح نفسه منها قُبلة فرنسيّة في غاية الحُب والرومانسية.
حتى أنها بادلته تِلك القُبلة في النهاية، وذلك ما جعله يقتطع وقتًا ليبتسم، إنها تُحبّهُ أخيرًا.
"أُحبكِ!"
...........................
يُتبَع...
الفصل الثالث عشر "عُكّاز وجَبيرة"
الجُزء الثالث "حتى يَنتصر حُبي"
في الرواية العاطفيّة "هَيبَتُها|| الحَرب"
....................................
سلاااااااااام
أخيرًا أول قُبلة بين البَطلين👏👏👏
طبعًا بالنسبة لي جون أكثر بطل بحبه وروز أكثر بطلة بحبها، بالنسبة لي اتفوقوا على كوبل حاقد عاشق وصاروا بالمَرتبة الثانية بالنسبة لي.😭♥️
على كُل، شايفين الفصل محلاه لما ينزل بسرعة رغم أنه الشرط ما تحقق.
بس أنا متحمسة للرواية، الفصل الجاي فصل فلافي ورومنسي والعياذ بالله😂
الفصل القادم بعد 90 فوت و90كومنت.
1.رأيكم بجون؟! البطل المُتفهم والمُنقِذ؟
2.رأيكم بروزماري؟ البطلة العنيفة والبائسة؟!
3.رأيكم بتشانيول وسيهون؟
4.رأيكم بجونغداي؟ الشرير الي مش راضي يتوب؟ شو تتوقعه يعمل؟
5.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
بَطل:
هَيبَتُها|| الحَرب
حتى ينتصر حُبّي
"عُكّاز وجَبيرة"
"صغيرة روحي؛ أنا هُنا لأجلكِ...
دعيني أكون لكِ...
حُضنًا...
صدرًا
سندًا
عُكّازة وجَبيرة.
وحدي من لن يراكِ ضعيفة؛ ووحدي من سيحبكِ بضعفك، وبقوتك، وبكل حالة تكونين عليها.
لأنني أُحبكِ بالتفصيل اللا أمِلَّ منه.
إلى زهرتي العذراء...
الكاتب سوهو"
رُغمَ أن ما يَمُر به جونميون جسديًا ليس بالأمر الهَيّن؛ لكنه لم يَكُ بوضع يسمح له أن يستريح، ويهتم بحالة جسده المُتَرديّة.
أراد الخروج من المُستشفى، وأن يذهب لها أينما كانت، لكن عائلته رفضوا إخارجه بصفتهم أوصياء عليه.
لذا ما كان منه إلا أن يرضخ لرغبتهم في البقاء داخل حصون المُستشفى، لكنه كان مشغولًا جدًا بالإهتمام لأمر روزماري وتدبيرها خارج هذه الورطة.
ففور ما أجرى إتصاله مع تشانيول طلب من سيهون أن ينطلق إلى شِقة جونغداي، وأخبره ما الذي عليه أن يفعله هُناك.
ثم كان ينتظر إتصالًا يُطمئنه على أحرِّ من الجَمر.
وأما تشانيول؛ فبمجرد أن إتَّصل به جونميون أقلقه، ولم يَكُ يَعي على نفسه إلا وهو يَصعد السُلَّم إليها.
قبض على يد الباب بقوّة فورما وصل، ولُحِسن الحظ؛ الباب كان مفتوحًا، لكن ما يشهده هذا الباب المُغلَق لا خير فيه أبدًا.
إذ أنه يرى جونغداي مُقيد إلى كُرسي والنار تَهبُّ من حوله، وهو يبكي بشدة، بل لا يملك إلا تِلك الدموع.
وعلى الجِدار تستند روزماري بظهرها فيما تُدخِن سيجارة، وتنظر إلى جونغداي الذي يكاد أن يحترق بكل برود؛ وكأنها لا تُقدم على جريمة شنيعة؛ قتل أحدهم عبر حَرقه.
"أنتِ ماذا تفعلين يا مَجنونة!"
صرخ بتلك تشانيول عليها، وركض إلى جونغداي ليقوم بسحبه من بين اللهب، ثم أخذ يضرب عليه بسترته حتى يُطفئ النار التي نَشبت بثيابه.
إزدرئ ريقه، والفاجعة لطمتهُ لعدد من اللحظات، ما هذا؟ وماذا عليه أن يفعل؟!
إستجمع تشانيول شِتاته، ثم حَمل أغراض روزماري عن الأرض، حقيبتها الصغيرة ومِعطفها الأسود.
وضع أغراضها بيديها وسحب تِلك السيجارة من فمها، وفيما يتنفس لاهثًا من حرج الموقف دفع بها خارج الشِقّة يقول.
"أُهربي فورًا!"
روزماري حملت أغراضها ونزلت عبر المِصعَد بكل هدوء، وكأنها لم تفعل بالأعلى أيُ شيء يُذكَر.
حالما عَبرت بوابة العِمارة تطلَّعت يمينًا وشِمالًا تَبحث عن سيارة اُجرة تُعيدها إلى شِقتها، فلا مزاج لها أن تقود سيارتها عودة إلى المنزل.
لكن الأضواء الأمامية لسيارة حمراء أضاءت وأطفأت مرتين؛ وكأن السائق يبغي لَفت إنتباهها.
إذ كانت السيارة على الضِفّة الأُخرى من الشارع، لكنها سمعت صوت الشاب بوضوح حينما تحدث يقصدها، وبدا صوتهُ مؤلفًا.
"كيم روزماري؛ اصعدي معي!"
ضيّقت عيناها على السائق، ونعم عرفته...
أنه صديق جون المَدعو شيئًا ما سيهون.
قطعت الشارع إليه، وبكل هدوء صعدت بجانبه، ثم سيهون انطلق بالسيارة.
لم يَكُ يبدو عليها أي سوء على الإطلاق، لكنه رغم ذلك أراد أن يتأكد، فعلى حد عِلمه؛ هي لربما إفتعلت مُصيبة في الأعلى قبل قليل.
"سيدتي، أنتِ بخير؟!"
أومأت له فيما تنظر إلى الطريق حيثُ مَرّت سيارة إسعاف مُسرِعة، ثم زفرت أنفاسها لترسو بنظرها عليه.
"إلى أين ستأخذني؟!"
"إلى حيث طلب مني جون أن آخذكِ، الطريق طويل؛ يُمكنكِ أن تَحصُلي على غَفوة حتى نَصِل"
هَزئت مِما قال بإبتسامة باردة، حتى هو يتصرف وكأنها لم ترتكب جريمة للتوّ، عقدت ساعديها إلى صدرها، ثم أرخَت جسدها كذا رأسها على الكُرسي.
تدري أنها تبدو بخير تمامًا من الخارج؛ لكنها من الداخل تتمزق بالفعل وتتآكل.
ماذا لو هذه الجريمة تَمَّت وأحرقته؟
ستتحول إلى قاتلة وتدمر حياتها كُليًا، وستخسر شخصيها الوحيدين في حياتها؛ تشانيول وجون.
ليس هذا وحسب، ستخسر ذاتها وكل ما بَنته طيلة السنين الخمس الفارطة سينهدم في غضون لحظة يتيمة واحدة.
وهذا بالنسبةِ لها الأهم؛ أما حياة جونغداي فهي لا تُهمها إطلاقًا، ورغم أنها أدركت شناعة ما أقدمت عليه، لكنها لا تشعر بالندم عمّا فعلت.
بل على العكس تمامًا؛ تشعر بالرضى التام، وكأن تلك النار التي أحرقته ولو يسيرًا أثلجت صدرها، وكانت بردًا وسلامًا على كرامتها المكلومة.
لكن الحقد، والكره، والغضب في نفسها لم يزول، والأهم أنها تدرك أنها نوعًا ما تجردت من إنسانيتها بهذا الفعل البشع.
قضمت شِفاهها لتمنع تِلك الغِصص من العبور عَبر عَبرات، ستحبسها وتحبس الخوف والوجع داخلها، ولا يتأذى كبريائها أو تُخدَش صورتها البَهيّة.
وأما تشانيول...
فلقد قام بتوضيب الفوضى الدائرة في تِلك الرُقعة من الشِقّة، والتي هي من فعل روزماري لا غير وبلا شك.
ساعد جونغداي على الجلوس على الأريكة وقد طَلب الإسعاف لأجله، وفورما وصلوا المُسعفين همس تشانيول في أُذن جونغداي قبل أن يفتح الباب لهم.
"إن إتهمتَ روزماري سأحرص أن تُعيدكَ إلى السجن، فكّر بذلك مَليًّا."
جونغداي ما كان قادرًا أن يتكلم حاليًا، فمفعول المُخدِّر لم يزل بعد، وهو يمر بصدمة بالفعل.
أخذته سيارة الإسعاف إلى أقرب مُستشفى، وتشانيول تبعهم بسيارته إلى هناك.
وبينما هو ينتظر أن يخرج الطبيب، ويخبره عن حالة جونغداي إتصل جون فأجابه.
"كيف علمت أنها تُقدم على شيء كهذا؟!
أنا صديقها مُذُّ سنين طويلة، ولم أتوقع أن يصل الغضب بها إلى هذا الحد الغير متوقع!"
أجابه جون بعدما تنهد.
"دعكَ من هذا الآن، ما مدى سوء الوضع؟!"
تنهد تشانيول وأجابه فيما يُدلّك صدغه حيثُ دبَّ الصُداع فجأة في رأسه من هول ما يحدث في هذه الفترة العصيبة.
"لا أظنهُ سيئًا جدًا، لقد وصلتُ في الوقت المُناسب، لكنني لا أثق بجونغداي، أخشى أن يتهمها"
"لا تقلق من هذه الناحية، جونغداي لن يؤذيها بمِثل هذه الطريقة، لذا علينا أن نحرسها جيدًا ونمنعه من الوصول لها أو التواصل معها"
تراجع تشانيول حتى جلس على إحدى كراسي الإستراحة.
"بغض النظر عن يد جونغداي الطويلة ونفوذه؛ تعلم أن روزماري لا يُمكن السيطرة عليها، كيف نجعلها تقبل أن نحميها؟!"
"دع هذا الأمر علي، الآن عليك بتدبر أمر جونغداي كي يُبقي فمهُ مُغلق، أنا سأرى بشأن روزماري"
أغلق جون الخط بعدما فرغ حديثه، حينها تَطلع تشانيول إلى شاشة هاتفه وتنهد مُنزعجًا.
"تَضُج بالثِقة! أخشى أن تنقلب هذه الثقة عليك"
نهض سريعًا وتقدم من الطبيب حينما رآه يخرج، ثم سأله على الإستعجال.
"حضرة الطبيب، أخبرني كيف هي حالة كيم جونغداي وما مدى سوء الوضع؟!"
"نسبيًا بخير، الحروق التي أصابته من الدرجة الأولى، سيتحسّن مع الوقت، لكنه بحاجة إلى عناية شديدة، وأحد ليهتم به أثناء الفترة القادمة"
أومئ له تشانيول.
"حسنًا، شُكرًا لكَ أيها الطبيب"
لكن الطبيب إستدرك، فقد قبض حاجبيه ورفع سبابته يقول.
"أما بشأن المُخدِّر الذي أخذه فهو مَحظور على العامة، يؤسفني أن أخبرك أنني بحاجة لفتح مَحضر تحقيق بهذا الشأن"
أومئ له تشانيول فغادر الطبيب، لو رفض أو طلب من الطبيب أن يتغاضى عن الأمر ستتنامى الشكوك، لكنه سيجعل جونغداي يقول شيئًا لصالح روزماري في المَحضر.
وَلج إلى غُرفته حيثُ أرشدته المُمَرِضة، كان ينام على السرير وبيده محلول غذائي، كما أنه مُضمَد في أنحاء كثيرة من جسده.
تنهد تشانيول فيما ينظر إليه وأتى بكُرسي ليجلس بجانبه.
"روزماري، يا لكِ من مجنونة!"
لكنّ تشانيول فكّر؛ أنه نوعًا ما ضرّها بطريقة مُشابهة سابقًا، ولكنها لم تُقدِم على فعلٍ شنيع كهذا معه.
بل أقصى ما فعلته وهي في أوج غضبها أنها طردته من الوظيفة، الأدهى أنها خافت منه في بعض المواقف والمواضع.
لا يدري من أين أتت بكل هذه الجُرءة لتُقدم على جريمة قتل بشعة كهذه.
إما أنها جُنَّت أخيرًا، وإما هي تُحِب جون بجنون، أو تكره جونغداي بجنون، أو كل ما ذُكِر صحيح.
ماذا عنه؟! ما هو بالنسبةِ لها؟!
يُدرك جيدًا أنه ليس شخصًا عاديًا بالنسبةِ لها، وهذا ما منعها أن تفعل به شيئًا مُشابه.
وهذا ما يُحيره، هو ليس بالشخص العادي بالنسبة لها، لكنه ليس مُميز أيضًا... ما هو بالنسبةِ لهذه المرأة المجنونة؟!
وهكذت أغدقه التفكير دون أن يشعر بالوقت ولا بمرور الساعات، حتى أن الصُبح لاح، وأشعة الشمس وَلجت الغرفة حتى أنارت بأشعتها المُهيبة عَتمة المكان.
تنهد تشانيول ثم مد أطرافه وتثائب، ولكنه بعد ذلك لاحظ أن جونغداي حرك يده فأخذ ينظر له بترقب، ينتظره أن يستفيق.
لحظات وتفتّحت عينا جونغداي وأبصر الجُدران البيضاء، ولكنه عندما رأى تشانيول علم أنه ما زال حي.
تسآل تشانيول بصوتٍ بارد، وقد رفع الساق فوق الساق وتراخى على المقعد.
"كيف تشعر الآن؟!"
تذكر جونغداي ما مَرَّ به رويدًا رويدًا، ثم تهكّم بإبتسامة نكراء ساخرة.
"إمرأة مجنونة!"
تطلع إليه تشانيول فيما يحاول السقيم القعود على السرير، فهذه ليست ردة الفعل المتوقعة، وما إن فعل وقعد حتى زفر كل ذرة نفس في رئتيه.
"إن كنت تُريد أن تضعني في السجن ففعل، ولكنني سأشتكي عليها إن لم تجعلها تتواصل معي."
تناول جونغداي قلمًا وورقة من على المنضدة التي تجاور السرير، كتب عليها رقم هاتفه ثم مَدّها لتشانيول.
"أُمهلكَ وأُمهلها أسبوع واحد فقط حتى تتصل هي بي، حتى ذلك الحين سأكون قد إستعدتُ بأسي، وأنها إن لم ترضخ لإرادتي سنتعفن كِلانا في السِجن"
ثم جونغداي أشار إلى الباب يقول فيما ينظر إلى تشانيول، الذي تَعكّرت ملامحه وضجّت بالغضب.
"يُمكنكَ أن تُغادِر الآن!"
تشانيول لم ينبس بحرف، فقط خرج رغم إستياءه، لا فائدة من الحديث مع جونغداي، فهو يدرك حتمًا أن لا فائدة تُرجى معه.
أنه سيسعى ليفعل ما يُريد، وسيسعى حتى يتحقق بلا شك، هكذا هو جونغداي.
فورما خرج تشانيول إتصل بجون، ولا يدري لِمَ فعل، لكن شعور في داخله حَثّه أن يفعل، لربما لأن جون هو من تدبر الأمر سريعًا، ولولاه لمات جونغداي ولكانت روزماري في السجن مع المجرمين.
"الأمر لم يَسر كما يُرام"
أجابه جون.
"تعال إلى المستشفى لنتكلم"
وأما جونغداي...
فما إن خرج تشانيول من عِنده نهض عن السرير بصعوبة وتقدم نحو المرآة، إنه مُضمَّد تقريبًا في كل مكان
أنه يحس بألم الحرق يلسعه بقدميه، يديه، وعِند عُنقه، فتلك المناطق المكشوفة منه الأكثر تضررًا، لكنها ستزول وسيكون بخير تمامًا.
وعلى عكس الظنون؛ فإن ما فعلته روزماري به وَسَّع أفاقه بشأنها؛ إذ أنه لن يُعاملها كطير وديع يريده في قفصه الذهبي الأنيق، بل لبؤة جامحة جارحة ومجنونة.
ليست نظيرًا مرنًا أبدًا بل خصمًا شرسًا، هي بالفعل أثبتت خطورتها، لكنه ما زال يملك ورقة رابحة، تسجيل الفيديو من ذلك اليوم.
وقف أمام المرآة يتفقد وجهه، لم يصبه ضرر أبدًا، تحسس حيثُ كانت تلمسه، خط فكّه وعُنقه، وكم كانت لذيذة لمساتها!
ارتفع شِدقه مُبتسمًا، هو أيضًا شرير، لا يُمكِن أن يُستهان به.
"هذهِ الحرب أنا قائدها، لذا لن أخسرها أبدًا يا امرأتي المجنونة!"
..................................
روزماري تَنام على أريكة في مُنتصف صالة داخل منزلٍ صيفيّ مُرفَّه، تعود ملكيته إلى جونميون؛ حيثُ سيهون أودعها، وودّعها البارحة، وذهب.
لم تُفكر كثيرًا، فقط نامت حين عرقلت طريقها أول أريكة، إرتمت عليها وكأنها تحمل أعباء الدُنيا على أكتافها، ونامت بعُمق كما لم تفعل من قبل، حتى أنها لم تخلع حذاءها أو مِعطفها؛ فقط هكذا.
وفي صباح هذا اليوم الجديد؛ إستيقظت روزماري على صوت عجلات سيارة قد مَسَّت الإسفلت بطريقة مُزعجة جدًا.
قعدت على الأريكة بملامح ناعسة، ثم أخذت توضب خُصل شعرها بأصابعها.
"اللعنة! من هذا السافل؟!"
فجأة فُتِحَ باب المنزل فرفعت رأسها تَنظر ناحيته، وإذ به سيهون يتمسّك بأحدهم، بل الأصح تعبيرًا أنه يسنده، يسند جون.
تَلهَّفت لبضع ثوانٍ كي تراه، وما إن رأته أخفضت رأسها وقد زفرت بتكتم، الآن تَشعر بالراحة فهو بخير.
تناولت قنينة المياه التي على الطاولة وشربت منها، ثم نهضت تقول.
"سأذهب لأغتسل"
أومئ لها كلاهما وسارت روزماري في حال سبيلها.
سيهون أسند جون حتى أجلسه على الأريكة حيثُ كانت تنام روزماري مُذُّ قليل، ما زالت رائحتها الحُلوة عالقة في جنبات هذه الأريكة المحظوظة.
تحسس جون بيده موضع رأسها ثم تنهد، لكن ما أخرجه مما يعتلج في صدره ويدور في أفكاره سؤال سيهون، إذ بدى مُستهجنًا مُستنكرًا، وأيضًا مُستاء، ذلك واضح من عُقدة حاجبيه.
"ما هذه المرأة الغريبة؟!
لقد أنقذتها من الموت ثم من السجن والآن تأويها في مكانك، لكنها لم تنظر لك حتى!
وكأنك لم تواجه الموت بسببها!"
تَنهد جون ورفع رأسه إلى سيهون الواقف قِبالته، أرخى جسده على الأريكة ثم قال.
"هي ليست إمرأة عادية كي تفهم ما تُقدِم عليه، إنها تخجل مني ومُحرِجة لذا تهرب مني هكذا"
جلس سيهون على الأريكة المُحاذية، إتكز بمرفقيه على فخذيه، عقد أصابعه معًا وظهره يميل إلى الأمام حتى يكون من صديقه أقرب، ثم مع تلك العُقدة في ملامحه تسآل.
"ولِمَ تخجل منك؟!"
ثم بانت على شفتيه إبتسامة لعوب وغمز لجون.
"هل حدث بينكما شيء لا أعرفه؟!"
رَمقه جون بأستياء ثم بعد تنهيدة أشار له بملل ناحية الباب.
"إنتهت مُهمتك، هيا غادر!"
سُرعان ما اعترض سيهون.
"لكنني أخاف أن أبقى وحدي!"
تنهد جون.
"يا إلهي!
اذهب وامكث لدى تشانيول حتى أعود، هو وحده أيضًا، ربما لا يخاف أن يبقى وحيدًا لكنه سيُفضّل وجود شريك سكن مزعج مثلك في مثل هذا الوقت"
بَرم سيهون شفتيه وأومئ، ثم نهض يقول.
"حسنًا إذًا، سأذهب"
لكن جون استوقفه مُحذرًا.
"أياك أن تُرضي فضوله بما تعرفهُ عني، سأقتلك حينها!"
ضحك سيهون وأجاب.
"لا عليك، ماذا تظنني أنت؟! ثرثار؟!"
"نعم"
تنهد سيهون مُستاءً وحمل نفسه ليُغادر.
بعدما غادر أرخى جونميون نَفسه على الأريكة ينتظرها أن تخرج.
كان يُراقب الوقت، ساعة... ساعتين، ولكنها لم تظهر بعد.
ذلك ما جعله ينهض رغم صعوبة النهوض ليتفقدها، بحث عنها في غُرف المنزل الكثيرة ولم يجدها، لكنه سمع صوت المياه في دورة المياه.
إقترب من الباب وأخذ يطرقه بخفّة.
"سيدتي، أنتِ بخير؟!"
لم تَجبه، أخذ يطرق مِرارًا وتِكرارًا، لكنها لا تستجيب وجون ما عاد قادرًا أن يتحمل أكثر، لذا نبهها.
"أنا سأقتحم المكان إن ما أجبتِني الآن!"
لم تَجبه، لذا إقتحم المكان وجعل عيناه نحو الأرض كي لا يقع بصره عليها تحسُّبًا.
"سيدتي؟!"
حينما رأى قدميها رفع بصره رويدًا رويدًا، ثم تنهد براحة حينما رآها تجلس على حافة الحوض، وترتدي روب الإستحمام.
تقدم منها ثم إنحنى على قدميه يجلس القُرفصاء أمامها، تردد لبعض الوقت لكنه لم يقدر أن يُفوِّت الفُرصة، لذا أمسك بيديها بين يديه.
لكنها لا تنظر إليه، تبدو شاردة والماء يُقطِّر منها، همس لها.
"سيدتي، أنتِ بخير؟!"
نظرت إليه ثم إبتسمت، لكن تلك الإبتسامة مُنكسرة مُتكسِّرة.
"أما زِلتُ بنظركَ سيدة مَهيوبة؟!
أنا حقًا لا أفهمك"
قَضم شفتيه ثم وقف ليقول.
"لولا قدمي اللعينة لكنتُ حملتكِ بين ذراعي، لكن بما أنني لا أقدر حاليًا أُيمكنكِ أن تُمسكي بيدي وتخرجي معي من هنا؟!"
تنهدت ثم رفعت وجهها إليه، ثم نظرت إلى يده التي يمدها لها، أمسكتها ونهضت، ثم بينما يستند على عُكّازه سار معها خارجًا.
جلس على حافة السرير القابع في الغُرفة التي تتبع لها دورة المياه، ثم رَبّت على السرير بجواره.
"أيُمكنكِ أن تجلسي هنا قليلًا وتدعينا نتحدث؟"
تقدمت رغم أنها تشعر بالضغط وجلست بجواره، حينها إلتفت لها بجذعه وأخذ يدها بين يديه، تارة يُربّت عليها وتارة يحتضنها براحته.
"ما حدث في الأونّة الأخيرة ما زال يؤلمك؟"
لم تجبه في البداية وأشاحت بوجهها للجهة البعيدة عنه، لكنه أصرَّ عليها بسكوته، وإنتظاره لإجابتها فأومأت برأسها.
"تشعرين بالألم يُثقِل قلبك، أليس كذلك؟!"
تنهدت ثم نظرت أمامها تقول.
"هُناك أمر يؤلمني أكثر من كل شيء آخر"
تطلع جونميون لوهلة لها ثم نبس.
"تَخشين أن صورتكِ في عينيّ قد تغيرت؟"
سُرعان ما نظرت إليه، ثم ضيَّقت عينيها عليه ونبست بلا تصديق.
"أنا لا أفهم كيف أنت تفهمني لهذا الحد!"
أمسك بيدها التي بين يديه ورفعها إلى ثغره؛ ليطبع عليها قُبلة، وذلك ما جعلها ترمقه بإضطراب وبالكثير من الجهل.
رفع وجهه إليها وابتسم ثم قال.
"أنا لستُ كالرجال الذي تعرفينهم، حُبي لكِ تجاوز هذه المراحل مُذُّ زمنٍ بعيد"
"بكم يُقدّر هذا الزمن البعيد؟!"
همهم ثم ابتسم يحاول التهرب من الإجابة على هذا السؤال.
"لا يَهُم، المُهِم الآن أن تكوني بخير يا سيدتي"
تنهدت مُجددًا، وسحبت يدها من بين يديه، ثم إنحنى رأسها تنظر في حِجرها، حينها همس.
"أُيمكنكِ أمامي على الأقل أو حتى لو بينكِ وبينك ألا تضمري رغبتكِ في البُكاء، البُكاء ليس ضعفًا، البُكاء جُزءً من الشِفاء، ابكي حتى يزول كل الألم الكامن في صدرك"
نظرت إلى جون وعيناها تلمع بفعل تلك الدموع، لكنها تبسّمت.
"أنا بخير كُليًا، لِمَ أبكي؟!"
نهضت ثم أرادت أن تنسحب من أمامه، لكنه تمسّك بيدها، واجتذبها حتى جلست بجانبه مُجددًا.
"أبكي"
قبضت حاجبيها بأستياء ونفضت يده عنها تقول بعصبيّة.
"مجنون أنت؟ لِمَ أبكي؟!"
"أبكي"
تنهدت، وبدأت عيناها تَلمع أكثر، والدموع تتراكم فيها، لكنها تكبحها بكل قوتها، ورغم ذلك تماسكت وهتفت مُحذّرة.
" سأقوم بركل قدمك المكسورة هذه كي لا تستطيع أن تمشي عليها مجددًا!"
أمسك بكلتا يديها وهمس.
"ابكي واصرخي وانهاري الآن لكي تكوني بالفعل بخير، لن أتركك حتى أراكِ بخير حقًا"
أشاحت بوجهها عنه سريعًا حينما سقطت دمعة من عينيها رُغمًا عنها، حينها قال.
"نعم يا سيدتي، أبكي حتى يهدئ قلبك، أبكي وأنا هنا لأضمك واسمعك، وأُربّت على أوجاعك"
إجتذبها من يدها وتهاوت على صدره، أخذ يمسح على رأسها بلطف وذراعيه تُحيطها.
وجهها في جوف عُنقه ورأسها على كتفه، شعرت أنه شخص ثِقة، يُمكنها أن تبكي أمامه وهو سيكون هنا لأجلها، إذ لم تَكُ تقدر أن تسيطر على هذه الدموع وهذا الوجع الذي فاض منها بعد الآن.
أخذت تهتز بين يديه بلا أن يسمع لدموعها حسيس، ضمها أكثر وهمس بأُذنها.
"ارتاحي من وجعكِ واعتبريني سندًا، صدّقيني لن أخذلك"
كمشت بأناملها النَحيلة على قميصه، وأنهارت باكية بين يديه، أوجعه قلبه عليها كثيرًا، صوت بُكائها كترانيم معزوفة بائسة جدًا.
ضمّها بقوة إلى صدره، أخذ يواسيها بصمت ولم يوقفها عن البكاء، بل روزماري ضلَّت تبكي حتى تحول البكاء إلى نَحيب، ثم صُراخ أليم.
لم يشعر إلى ودموعه تسقط وهي على كتفه تنتحب.
مَرَّ الوقت وهي تبكي على كتفه حتى هدأت، ثم خال له أنها غَفت على كتفه، لكنها كانت مُستيقظة وشاردة.
تجرأ وتحسس وجهها بأطراف أنامله.
"أنتِ بخير؟!"
أومأت له، حينها تنهد براحة وعاد ليضمها مُجددًا وفيما يركن ذقنه على رأسها قال.
"الخيبات تؤلم كثيرًا... أعلم!
أعلم كم تتوجعي وما هو شعورك، أشعر بكِ لأنكِ أصبحتِ جُزءً من إدراكي.
تشعرين بالخيبة، الخيانة... كطعنة بالظهر.
أدري أنكِ أحببتِ ذلك الرجل حُبًا عظيمًا وحاولتِ كل مرة أن تتجاوزي كل خيباتكِ التي هو السبب فيها.
أدري أنكِ لم تُقدمي على قتله لأجلك، لستِ من هذا النوع، لولاي لما فعلتِ شيئًا كهذا، أنا أفهمك!"
قبضت ملامحها ورفعت رأسها إليه، لكنه أعادها إلى صدره واتبع.
"تشعرين بالحرج والخَجل مني، لكن حقًا لا بأس... أنا لا أفكر بكِ إلا بطُرقي المُعتادة.
ما زِلتِ سيدتي المهيوبة، ما زلتُ أتطلع لكِ بالكثير من الهيبة، وكم سأكون فخورًا ومهيوبًا لو منحتني فُرصة معكِ"
رفعت رأسها عن صدره وقالت.
"ألا بأس معكَ أنكَ رأيتني بفراش رجل آخر عارية؟!"
أومئ لها ويده احتضنت وجنتها.
"لا بأس، ليس وكأن الأمر حدث بإرادتك، ولو كان، لا حق لي بمُسألتك طالما لا تقبلي بمشاعري"
"أما زِلتَ تُحبني رغم ما فعلته؟
أما زِلتَ تُريدني رغم ما رأيتُه؟"
أومئ لها فتنهدت تقول.
"لا أفهمك حقًا!"
تَبسّم ثم قال.
"سيصعُب عليكِ فهمي قليلًا، لكن الأهم أن تُصدقيني.
تُصدقيني، أليس كذلك؟!"
تنهدت تُفكّر ثم نفت برأسها.
"لستُ واثقة!"
جعل يده الأخرى على وجنتها الثانية، ثم اجتذبها برفق ليطبع قُبلة على ناصيتها، ثم همس بينما ينظر في عينيها.
"أتسمحين لي أن أثبت لكِ صِدقي؟!"
بان الإرتباك على ملامحها وأخذت أنفاسها تتثاقل، لكنها لم ترفض ولم توافق، فقط إحتفظت بصمتها فيما تنظر إليه؛ وكأنها تمنحه الخيار ليفعل أو لا يفعل، ليظن أن صمتها علامة رِضى أو رفض.
لكن جون وجد أن هذا الصمت آتٍ من ترددها فأراد أن يُقنعها بصدقه وبحُسن نواياه، كذلك ليثبت لها أن حبه لم يهتز أبدًا.
لن يقدر إعصار أن يقتلع هذا الحُب من قلبه فكيف بمثل هذه الريح التي مرّت بهما وأثارت بعض الفوضى!
لا شيء يوقفه عن حُبه، لأن حُبه لها أعظم حدث في حياته كُلها، حُبٌ لن يُفرِّط به أبدًا.
جونميون تَطلّع في عينيها المُرتبكتين ثم إلى طلائع وجهها الحَسن، لطالما طاق لهذه اللحظة، وهذه الفُرصة لن تفوته أبدًا، لن يسمح بذلك.
أمال رأسه واقترب منها بحذر؛ يُمهلها وقتًا لتفهم ما يُقدِم عليه، حتى مَس شفتيها بشفتيه.
أغمض عينيه وفعلت هي كذلك، ثم عندما قَبّل تلك الشِفاه، التي لطالما طاق لها، أخذ قلب روزماري ينبض بشدة لدرجة جعلتها على حافة الإنهيار.
ولكنها لم تَكُ شيء أما جنون نبضات جون، لكنه رغم صعوبة ما يشعر به تعمّق بهذه القبلة، ومنح نفسه منها قُبلة فرنسيّة في غاية الحُب والرومانسية.
حتى أنها بادلته تِلك القُبلة في النهاية، وذلك ما جعله يقتطع وقتًا ليبتسم، إنها تُحبّهُ أخيرًا.
"أُحبكِ!"
...........................
يُتبَع...
الفصل الثالث عشر "عُكّاز وجَبيرة"
الجُزء الثالث "حتى يَنتصر حُبي"
في الرواية العاطفيّة "هَيبَتُها|| الحَرب"
....................................
سلاااااااااام
أخيرًا أول قُبلة بين البَطلين👏👏👏
طبعًا بالنسبة لي جون أكثر بطل بحبه وروز أكثر بطلة بحبها، بالنسبة لي اتفوقوا على كوبل حاقد عاشق وصاروا بالمَرتبة الثانية بالنسبة لي.😭♥️
على كُل، شايفين الفصل محلاه لما ينزل بسرعة رغم أنه الشرط ما تحقق.
بس أنا متحمسة للرواية، الفصل الجاي فصل فلافي ورومنسي والعياذ بالله😂
الفصل القادم بعد 90 فوت و90كومنت.
1.رأيكم بجون؟! البطل المُتفهم والمُنقِذ؟
2.رأيكم بروزماري؟ البطلة العنيفة والبائسة؟!
3.رأيكم بتشانيول وسيهون؟
4.رأيكم بجونغداي؟ الشرير الي مش راضي يتوب؟ شو تتوقعه يعمل؟
5.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
Коментарі