CH20|| مخائل حُب
كيم جون ميون (سوهو)
بَطل:
هَيبَتُها|| حُبُّها المُتوحِّش
Her Prestige||Her Savage love
(أحَبّيني كما تَشتَهين)
"مخائل حُب"
"قِنديل... أنتِ مَخلوق جميل أتى من رحم النور.
تعيشي في قاعي، وتُضيئي لي روحي.
قُلتُ لكِ أنّي لكِ سماء وأنتِ لي البحر.
لكنَّكِ البحر والسماء، النجوم والفضاء، القهوة والبُن.
أنتِ كوني، أعيشُ فيكِ، جُزءٌ ضئيل منكِ أنا.
لذا أحبيني، واحتويني، واحبسيني في قلبِك
إلى زهرتي
الكاتب سوهو"
.........
قرأت روزماري كلماته تِلك فيما تُشرِق على ثَغرِها إبتسامة، الآن تَشُعر بالكلمات تترصدها وتعنيها، الآن تَحِس بالكلمات هذهِ كما لم تفعل من قبل، وكأنّهُ الآن يَقف أمامها، يُمسِك بيديها، ينظر في عينيها، ويُرتِّل عليها أشعاره لها.
هي هذهِ الزهرة التي لطالما تغنّى بها وعاش في شِغاف قلبهِ الحُب لها، لقد نَمى ونَمى حتى إستطاعت أن ترى قلبه متورِّمًا بِحُبها، يُمكنها أن تَحِس به.
إنَّهُ الصباح الباكِر اليوم ويوم عُطلتِها أيضًا، لذا مكثت بكسل في فراشها حتى قرابةِ الظهيرة.
طرق أحدهم على باب الشِقة، ونزع عليها وضع الإسترخاء أثناء إهتمامها ببشرتِها.
ذَهبت إلى الباب لتفتحه لكن لا أحد، عادت إلى الداخل لكن صندوق أزرق سماويّ على الأرض عرقل طريقها.
سُرعان ما تبسَّمت، هذهِ الصناديق ليست إلا مِنه، حملت الصندوق ودخلت تُغلِق الباب بقدمها.
"لِنرى"
وضعت الصندوق على الطاولة المُحاصرة بين الآرائك.
وجلست لتفتح شريطته البيضاء تلك، وجدت في الصندق بطاقة بيضاء، رفعتها تقرأ تلك الكلمات المُنمَّقة بخطِّهِ الأنيق.
"سيدتي المَهيوبة؛ أرجو أن يُعجبكِ الفُستان، عِند التاسعة مساءً ستجدين سيارة مرسيدس بالأسفل تنتظرك، اصعدي بها وتعالي إليّ.
سأكون بإنتظاركِ زَهرتي"
"لطيف!"
إنتحبت فيما تَفك التغليف عن الفُستان، إنه فُستان أسود، كل ظهرهِ مكشوف مصنوع من قُماش ناعم ينساب بين أصابعها بجمال، يُرافقه حذاء بكعبٍ عالٍ وحقيبة يد صغيرة.
نظرت إلى الساعة في يدها، بالكاد تمتلك الوقت الكافي لتنتهي مما عليها أن تفعله.
في التاسعة خرجت تضع مِعطف أسود أنيق على نفسها، وبالفعل ها هي سيارة مرسيدس يقف قُربها سائق يرتدي بدلة أنيقة، فورما رآها إنحنى وأسرع ليفتح لها الباب.
وَلجَت إلى السيارة والرَّجُل قاد بهدوء إلى حيث أُمِر أن يتوجه.
مُجددًا تصطف السيارة أمام يَخت، تذكرت ذلك اليوم الذي إعترف بمشاعره لها فيه، لقد كانت سماء صافيّة كما اليوم، والبحر هادئ كما اليوم أيضًا.
هذه طقوس جون، التي يؤديّها لأجلِها عندما يُريد أن يُقدِم على خطوة كبيرة معها، وهي من الآن تشعر بالخَطر.
وضعت يدها على صدرها وتنهدت، ثم تقدَّمت إلى الرَجُل الذي يَقف على طرف اليخت، ويمُد يده لها لمساعدتها في الصعود.
تمسّكت بيده وصعدت، ثم الرجل قال.
"سيدتي، رَجُلكِ ينتظرِك في مُقدمة اليخت"
"هذه المرّة أصَبت، إنه بالفعل رَجُلي"
تَقدّمت إلى حيثُ دَلّها الرجل؛ وإذ بجون يقف أمام سياج اليخت، يرتدي بدلة سوداء أنيقة إلا أن أزرار قميصه تجاوزت حدها في الكشف عن صدره.
تبسّم لها ثم تقدم منها، حمل يدها إلى شفتيه وطبع قُبلة عليه، ثم سحبها برِفق معه إلى الطاولة.
سحب لأجلها المقعد حتى جلست، ثم عاد أمامها وجلس في مكانه، نظرت إلى الطاولة، قِطع لَحم ستيك ناضجة هذه المرّة.
"إنّها كاملة الطهو، كما تُحبّينها تمامًا"
تناول كِلاهما الطعام بصمت، ثم بعدما إنتهيا وقفا قُرب سياج اليَخت، جون مع كأس نبيذ فاخر، وروزماري مع كأس عصير طازج.
"جون؟"
همهم فاتبعت.
"ما الذي تُريد أن تتحدّث به؟"
نظر لها فيما يستند بمِرفقه إلى السياج وابتسم يقول.
"أصبحتِ تَعرفيني"
لَزمَت الصمت فاتبع وقد عاد لينظر في مياه النهر.
"قبل أن أُخبرِك عليكِ أن تعلمي أنّي أتفهمك لذا لا تترددي في رفض طلبي إن أشعرَكِ بالعِبء، لا أُريد أن أتقدم معكِ في هذه العلاقة وأنتِ تحملين شكوك في قلبك ناحيتي"
كتمت المَشقة في صدرِها، واسترسَلت بالنظر إليه دون كلمات، حينها إبتعد خطوة، ثم ركع على ساق، ورفع لها عُلبة زرقاء، في قلبها خاتم ألماسي ذا تصميم راقي وأنيق، يبدو مُكلِف جدًا.
"ربما لم نتواعد للفترة الكافية وأنا أعلم ذلك، ما زِلتِ لا تعرفيني عِز المعرفة، لكنّي أُحبك منذ خمس سنين، وأعرفكِ بقدر يتجواز علمكِ بنفسك حتى.
إن كنتِ تَثقي بي فلا تَشعُري بالحَرَج، وإن كنتِ ترتابين مني أو من الفكرة بنفسها فلا تشعُري بالحرج، هذا خياركِ الحُر!"
حبس نفسًا وتوترًا، ثم رفع بصره لها خاشعًا على ملامحه البكماء.
"هل تقبلي أن تتزوَّجي بي؟"
تنهدت روز فوقف جون وأومئ يقول.
"حسنًا لا بأس، أدري أنّي تسرَّعت في ذلك"
بلا أن تقول أي شيء فقط واجهت البحر بينما تعقد أناملها معًا فوق السياج بتوتر عظيم، للمرة الثانية تكسر قلبه هكذا، ولا يفعل شيء، ولا ينفعل، بل يتفهم.
لِمَ عليها أن تكون أنانيّة هكذا؟
لا يُمكِن لروز أن تشُك بإخلاصِهِ لها بعد الآن، لكن فكرة الزواج بحدِّ ذاتِها مُرعِبة بالنسبةِ لها.
نعم؛ لقد قفَزت معه إلى حدود السرير، وخاضت معه أكثر المراحل جديّة، وها هي الآن بالعُرف البشري إمرأته أي زوجته.
أما العَقد الرسمي فتشعر أنه سيُكبّلها، وأنها لا يمكن أن تُطيقه، وأنه ندير شؤم، سينجب بينهما المشاكل من العدم.
وقف بجانبها وكان ينظر للنهر بصمت، حينها همست.
"لوما كُنتُ أثِق بك لما وصلتُ معك لهذا الحد، لقد إئتمنتُكِ على قلبي ونُدبه، وأنتَ احتويتني عِز الإحتواء وتستحق المُجازفة"
وضع سبابته على شفتيها، وبانت على شفتيه إبتسامة ضئيلة.
"أعلم... لا بأس؛ لا تُبرري، أنا بخير حقًا!"
أمسكت بيده ونفت برأسها، ثم غمست نفسها في كُنفه، تُعانق خصره بذراعيها ورأسها على صدره.
"لا، أنت لا تعلم"
رفعت رأسها عن صدره ونظرت إلى وجهه.
"أنا أُحبُكَ جون!"
إتّسَعت عيناه بدهشة، ثم حرك رأسه لا يصدق أنه سمعها أخيرًا من شفتيها، فابتسمت رغم أن البحر في عينيها يفيض دمعًا، وأومأت له تُكرر.
"أظن أنّي أحببتُك عندما كُنا في تايلاند، وأحببتُك أكثر عندما تحمّلت جنوني وغضبي، وأحببتُك أكثر وأكثر عندما فديتني بروحك، وأرجعتني إلى المرأة التي هي أمامك."
"جون أنا أُحبُكَ حقًا"
أمسك برأسها وطبع قُبلة محمومة بالمشاعر على جبهتها، غمرته مشاعره مرة واحد، وشعر في ثقل شديد يهز أركانه، عُرس يقام بين حُجرات قلبه.
"أحبكَ كثيرًا جون!"
لا بأس حقًا، قد نال إعترافًا من شفتيها، سمع تلك الكلمة التي ينتظرها مُذُّ سنين من فاهها أخيرًا.
لا بأس حقًا أنها رفضت الزواج، هي لم ترفضه، هي تُحبُّه.
أمسك بذراعيه ودفعها إلى السياج بتهور، وكتم تلك الشهقة بشفتيه، قَبَّلها بجنون كما لم يفعل من قبل.
لطالما كانت قُبله رقيقة عليها وناعمة، لم تكن مجنونة كهذه أبدًا، لكن الذنب ذنبها لقد أفقدته صوابه.
"جون!"
لم تقدر أن تنبس إلا باسمه وإذ بشفتيه تُقيّد شفتيها مجددًا، دفعها إلى الطاولة التي عليها كأسين فارغين فقط، ثم حاصرها إليها يسترسل في تقبيلها.
كمشت عيناها، وكمشت بأظافرها على قميصه بعدما ترك شفتيها، وانطلق يُقبّل عُنقها بلهفة، ما كانت تستطيع أن تقول شيء، لم تكن تدري أن تلك الكلمة ستثير جنونه إلى هذا الحد.
هي فقط قضمت شفتيها تكتم صوتها بالغصب، لكنها لم تستطع في النهاية، وأفرجت عن صوتًا جعله يضمها بقوة إلى صدره ويُقبّل كتفها، لدرجة أنها شعرت بقلبه يضرب في صدرها.
همست في أذنه وأحاطت عُنقه بكفيه، تُداعب خُصل شعره بأناملها.
"جون، إهدأ...!"
كان يتنفس بصعوبة على كتفها، تشعر بأنفاسه الثقيلة تطأها، قُبّلت عُنقه بخفة وعادت تضمه بيديها وقالت.
"لا يُمكنَكَ أن تفعل بي هذا علنًا... قد يرانا أحدهم!"
همس لها قُرب أُذنها.
"دعيني أفعل ما أشاء الليلة"
تشعر أن الليلة ستكون طويلة جدًا ومُنهِكة، لكن لا بأس... أي شيء بمقدورها أن تفعله لأجل جون ستفعله.
"حسنًا، أنا لكَ الليلة وكُل ليلة!"
إزدرئ جوفه، ثم أمسك بيدها يسحبها معه، أدخلها إلى اليخت، الجميع قد إنصرف بالفعل، لذا أدخلها إلى الغُرفة الوحيدة الشاغرة، ودفع بها إلى سريره.
صعدها، ثم ثبّت يديها على الفراش وشابك أناملهم معًا، ثم همس لها.
"لن أكبح أي من جموحي الليلة، قد أكون غليظ، أوقفيني إن آلمتُك!"
أومأت له، ثم يده تطاولت على فُستانها ينزعه عنها، وانغمس في منحنيات هذا الجسد كما لم يفعل من قبل.
كان خشنًا لكن حنونًا، مجنون لكن يُحبها، غليظ لكنه يُمهلها الوقت الذي تُريد.
أحاطت ظهره بذراعيه وخبّأت وجهها في عُنقه تسمعه رنّات خارجة عن طوعها، العاصفة في صدره خرجت منه وشعرت بها تتدفق إليها.
لطالما كان مُراعيًا يكبح هذا الجنون لأجلها، لا تريده أن يتصرف بمراعاة زائدة لها، أحبّته في جنونه هذه ربما أكثر مما أحبّته في لُطفِه.
رأسها على صدره، وهو يُحيطها بذراعه، همست له.
"جون، لستَ غاضبًا مني؟"
"أنا من عليه أن يسألكِ هذا السؤال، لقد بكيتِ مُذُّ قليل، أنا آسف"
طبعت قُبلة خفيفة فوق قلبه الذي هدأ قليلًا.
"لا تعتذر، أحببتُك تَقودني"
ضحك بخفّة فغمزته بعبث.
خلخل أصابعه في شعرها ثم اتبع قائلًا.
"عليَّ أن أُسافِر غدًا"
"إلى أين؟"
"إلى بريطانيا، إنه يوم الكِتاب العالمي، وتلقيتُ دعوة لحضور المؤتمر لأمثّل الشرق الأقصى"
اتسعت عيناها وقعدت على السرير تقول.
"حقًا؟!"
أومئ لها فعانقته تقول.
"يا إلهي كم أنا فخورة بِك!"
عانقها ونبس.
"حُبك من أوصلني إلى ما أنا فيه، الشُكر لكِ"
...........................
كانت روزماري في سيارتها، تجلس في الكراسي الخلفيّة بينما تشانيول والسائق في الأمام؛ وهي في طريق عودتها من العمل إلى البيت.
لقد مَضى على غياب جون عِدةِ أيام، وهو لم يذكر موعد مُحدد لعودتِه، لكنها أبقت على تواصل معه عبر الرسائل والمكالمات الطويلة ليلًا.
مُثل عُشّاق جُدد في أول طلعتهم، مثل عُشّاق مُراهقين.
الآن الإبتسامة تملئ شفتيها، فها هي تقرأ خاطرته الأخيرة، الذي يُشبهها فيها بالقِنديل الذي أضاء حياته.
ربما هو لا يدري، لكنَّهُ القِنديل الذي أضاء حياتها، ومنح لها طعمًا أخيرًا، فبسببه الآن أصبحت تملك شخص لتعيش لأجله، شخص تستند عليه، وتبكي على كتفه ولا تشعر بالضعف.
شخص تكون معه على حقيقتها، مُجرَّد إمرأة عاديّة بِنُدَب.
عَرَّجت حاجبيها حينما رأت اسم آيرين يُضيء شاشتها، لم يسبق لها أن إتَّصَلَت بِها، اعتدنَّ أن يتحدثنّ عبر الرسائل، إذ يكنّ أكثر راحة من التحدث مُباشرةً هكذا.
أجابتها روزماري.
"أهلًا آيرين!"
"مرحبًا روز، إن كُنتِ مُتفرِّغة، أيُمكِن أن نَلتقي الآن؟"
"حسنًا!"
سمعت آيرين تتنهد براحة ثم قالت.
"إذًا سأبعث لكِ بالعنوان، سأكون بإنتظارِك!"
أغلقت المكالمة، وما إن وصلت رسالة منها تحمل العنوان؛ أعطت الهاتف لتشانيول وأخبرته.
"اذهب إلى هذا العنوان الآن"
أومئ، ولم يسأل رغم أنه يملك الفضول ليعلم.
اصطفّت السيارة أمام المَقهى، الذي تلقت فيه الدعوة، ودخل معها تشانيول.
رأت آيرين، وذلك الشاب الذي برفقتها تألفه... إنه سيهون، ثم تلك الفتاة التي إدَّعَت سابقًا أنّها خطيبة جون.
تفشّى الغضب فيها ما إن رأتها، والفتاة إمتلأت توترًا حتى أنها أخفضت رأسها وأخذت تقضم على أناملها ببعضها بقوّة.
لكنّ آيرين سُرعان ما تحرَّكت لتهدئتِها، وقالت لها.
"لم تكن أوريل تقصد الأذيّة، نحن من جعلناها تفعل ذلك!"
إرتفع حاجب روز بغيظٍ وغضب فيما ترمق آيرين، التي أصابها التوتر أيضًا، لكنها استغلّت أنّها أُختها في القانون مُستقبلًا، وسحبتها من عِضدها؛ لتجلس بجوارها وقِبالة أوريل المُرتبِكة.
تشانيول كان يقف خلف روزماري وكأنه حارسها، حينها نظرت إليه آيرين ثم إلى أوريل وقالت.
"أوريل، اخرجي واستنشقي هواءً نقيًّا بِصُحبةِ هذا الرَجل الوسيم، يبدو نوعكِ المُفضّل"
سرعان ما تأوهت آيرين تتمسك بقدمها إثر الركلة، التي نالتها من أسفل الطاولة، إستقامت أوريل تنظر إلى الرجل ذا الطلائع الوسيمة والجسد المفتول ذاك.
روزماري إلتفتت إلى تشانيول، وأومأت له أن يذهب معها ففعل، لكنه سبق الفتاة بخطوات إلى الخارج.
تنهدت روزماري وارتخت على الكرسي، ترفع ساق فوق الأخرى، وتعقد ساعديها إلى صدرها تقول.
"إذًا الأمر لُعبة، أُيمكنني أن أعلم لماذا لعبتم عليّ وعلى جون هذه اللعبة؟"
سيهون تحدث.
"أولًا؛ نحنُ لم نقصد أن نُفرّق بينكما أو نُسبب مُشكلة..."
قاطعته روزماري تُشير إليه بعينيها وقالت.
"أنتَ، ألستَ شاذًا؟
ربما هذه تكون المشكلة، تُريد أن تسرق جون مني."
سُرعان ما انتفض سيهون معترضًا وضرب بيده الطاولة، أما آيرين فقد إنفجرت ضاحكة.
"أنتِ أيتها المرأة المجنونة!
ماذا تقولين؟! أنا شاذ؟!
وماذا أفعل بالتنين المُجنَّح الذي أملكه؟!"
ضربته آيرين بمِرفقها في معدته، فامتعض متألمًا وانحنى على نفسه؛ يتمسّك بمعدته.
"ألا تلاحظ أنكَ بالغت!"
قال بألم.
"تعلمين أنّي لا أُبالغ"
آيرين إزدرئت جوفها، وضحكت ببلاهة بينما تنظر إلى روزماري، التي ضيّقت عيناها، والشك يملئ نفسها تقول.
"أنتما! وصلتما معًا إلى هذا الحد، صحيح؟!"
سيهون أخذ نفسًا يكظم ألمًا، وشبك يده بيد آيرين أمام روزماري وقال.
"لولا جون لحصلنا على طفلنا الأول مُذُّ زمن طويل"
ارتفع حاجبها بلا تصديق ولوت شفتيها.
"وما دخل جون؟"
ثم سُرعان ما شهقت، وأمسكت بيدها على فمها تقول.
"لا تقولي لي أنه رجل تقليدي همجيّ؛ قد يقتلكِ لأنكِ تُحبين رجل دون زواج!"
رمقتها آيرين يحتلّ ملامحها الملل وقالت.
"ألا تظنّي أنّكِ تُبالغين؟
أنه بسبب تقاليد عائلتنا الغبيّة"
"وما هي تقاليد عائلتكم؟"
"إنها عادة حمقاء تداولها العائلة منذ زمن بعيد، لا يصلح أن يتزوج أحد أبناء الرجل الواحد قبل أكبرهم، وعلى الحفيد الأول أن يكون ابن الأبن الأكبر"
"ما هذه الحماقة؟!"
أومأت آيرين وقالت.
"لهذا نحن لا يمكن أن نتزوج إلا بعدما يتزوج جون، ويحصُل على طفلهِ الأول"
إقتربت آيرين من روزماري، وأمسكت بكفّيها تقول بلكنة تحمل رجاءً.
"لذا تحدثنا مع جون، ولأجل أن نتمكّن من الزواج عَرضَ عليكِ أن تتزوجي به؛ رُغم إعتقاده أنها ما زالت خُطوة مُستعجَلة منه معكِ"
روزماري أومأت، وأسهبت النظر في الفراغ، لقد كان يُفكّر بأخته عندما فعل ذلك، لم يكن ذلك لأجلهما في المقام الأول.
شَددت آيرين على يديها وقالت.
"إن كُنتِ تُحبين أخي وتثقي به لِمَ لا يُمكن أن تتزوجي به؟
أخي سيكون سعيد؛ كذلك أنتِ، ونحن أيضًا سنكون سُعداء أننا أخيرًا يُمكننا أن نتزوج.
صدّقيني أخي أنتظركِ أخيرًا، وهو جدير بالثقة كرجل، لذا لا شك أنه سيكون لكِ أفضل زَوج، ثِقي بكلامي رجاءً، وامنحي الأمر فُرصة أُخرى لتُفكِّري"
...
كانت أوريل تسير بجوار تشانيول، كلاهما لا يتكلم، فقط يسيران بصمت على ضِفّة النهر.
خطفت أوريل نظرة إلى صاحب الجِذع الطويل، له وجه وسيم كما ترى، خشن وحاد كما يروق لها، مُفعم بالرجولة.
شعره أدهم يرفعه عن جَبهته بفاصِلة، يعقد حاجبيه الأسودين، وعيناه حادة وملامحه بكماء.
أسمر البشرة، طويل، وجسده عريض مفتول، ضخم ببساطة.
شعرت بقلبها ينبض بقوة في صدرها، لِمَ قلبها ضعيف هكذا أمام الرجال الوسيمين؟
إزدرئت جوفها، ورفعت بصرها إلى وجهه البعيد تقول.
"أيها السيد، أسنمضي بصمت؟
ألن تُكلّمني؟"
"بماذا أُكلمك؟!"
قضمت على شفتيها وأخفت قبضتيها خلفها، لطالما أحبّت من فِرق البوب الكوري الأعضاء المسؤولين عن غِناء الرّاب، لأن أصواتهم خشنة وعميقة.
لكن هذا الرجل... تكاد تسقط أمامه هنا في مكانها هذا!
صوته عميق وكأنّه يأتي من ظٌلمات جُبّ، خَشِن كما لو أنه ريح هائجة.
"ما اسمك؟"
"بارك تشانيول"
نظرت له واتبعت.
"ولِمَ تُرافق إمرأة جون؟"
توقف في مكانه ورمقها بغيظ، لِمَ يبدو وسيم وهو غاضب أيضًا؟
تحمحمت فاتبع السير وأجابها.
"أعرفها قبل أن يعرفها رَجُلها الكتكوت ذاك، وأنا مدير أعمالها، جارها، وصديقها مُذُّ أزيد من عشر سنوات"
أومأت تكوّب شفتيها، يبدو أن هناك مثلث حُب في القصّة.
"أتحبها؟"
وقف مجددًا، ورمقها بغضب، فهربت من نظراته تلك وجَرت أمامه تقول.
"اسمع أيها الرجل الوسيم، أنتَ نوعي المفضل بالفعل، بمجرد السير بجانبك قلبي يكاد أن ينفجر، بمجرّد أن أنظر لك أنفاسي تتلاشى.
إن أردتَ سأعوضكَ عن حُبكَ السابق، وسأحبك أنا"
"أنتِ إمرأة مجنونة!"
ضحكت وأومأت.
"أنا كذلك، وإلا لما أحببتُك بهذه السهولة"
إلتفتت إليه، وقالت بصوت مرتفع فيما تسير إلى الخلف.
"العرض قائم حتى أرى رجل أجمل منك"
لطيفة!
هكذا علّق تشانيول بنفسه، وأبتسم في وجهها الشَرِح الجميل.
لقد قرر يمضي وقلبه بعيدًا عن روزماري بالفعل، لكن ليس بهذه السرعة سيقع في حب إمرأة أخرى حتى لو كانت جميلة ولطيفة.
أشارت إليه بسبابتها وغمزت.
"لا أظنني سأجد رجلًا يروقني أكثر منك، سأتبعك مُذُّ اليوم حتى تقع لي"
........................
مَضى أسبوع على غياب جون، وما عادت تشعر روزماري أنها بخير مُطلقًا.
تقلَّصت مُكالماتها معه مؤخرًا ومُراسلاتها، بل ما عادت تُحدثه إلا إن بدأ هو أولًا مُحادثة أو مُكالمة، ولا يجرح كبرياءه إطلاقًا أن يُبادر هو في كل مرّة.
روزماري تشعر بالسوء... لماذا؟!
لأنها لم تَدري أنها إعتادت عليه بالفعل، ظنّت نفسها جُزءًا منه فقط، لم تدري أنه أصبح يحتلّ الكثير منها، وما عاد يُمكنها التخلّص منه.
كيف يتخلص الإنسان من قلبه؟
تشتاق له كثيرًا، وما عادت تكتفي بالنظر له عبر الكاميرا أو سماع صوته عبر الهاتف، ما عاد كل هذا ينفع.
إشتاقت أن تلمسه مُباشرةً، أن تنظر في عينيه مُباشرةً، أن تُعانقه، أن تُقبّله، وتنام على صدره الحنون.
ما عادت أيامها تمر بسرعة كما السابق، أصبحت ثقيلة بغيابه، دونه أصبحت تشعر بنفسها تملك حياة ناقصة.
لقد تعلَّقت به سريعًا، أسرع بكثير مما توقعت، مِثل هذا التعلق يحتاج سنين من البناء، لكنه بنى لنفسه قلعة في قلبها بسُرعة.
طيلة هذا الوقت كانت تُفكر أنه عليه تحمل مسؤولية ما افتعله بها من حُب.
عليه أن يتحمل ما نصبه في قلبها ويحميه، لذا ستجازيه بالحصول عليه.
تريده، وتريد أن تُكبله، وتبقيه قُربها إلى الأبد.
لكن الزواج... ما زال فكرة صعبة.
تثق بجون، ولكنها لا تثق بالزواج نفسه، ماذا لو تغيّر هذا الحُب بعدما يتزوج بها؟
حينها ستكون زوجته، خلف باب وأربعة جدران لا يدري أحد ماذا يمكن أن يحدث، عقد الزواج بحد ذاته قَيد.
كيف تُقيد نفسها مُجددًا؟
هل تتقبل تلك القيود مجددًا وهذه المسؤولية؟!
مسؤوليتها الآن تقتصر على نفسها وبرنامجها، إن تزوجت به ستكون مسؤولة عنه، وعن إستقرار أُسرة، وبناء عائلة.
أيستحق جون هذه المُجازفة؟
ربما نعم يستحق، لكنها ما تزال خائفة.
كانت تفكر وهي تقف على شُرفتها، إستفاقت من هذه الفكرة عندما وصلها إتصال، أخرجت الهاتف من جيبها.
إنه جون، أجابته.
"حُبّي، كيف حالك؟"
مجرّد سماع صوته يولِج إلى قلبها السرور والراحة.
"أنا بخير، ماذا عنك؟"
"بخير، سأعود بعد غد"
إبتسمت وحلّ الصمت بينهما، لم تسأله يومًا متى سيعود، رغم أنها ترغب في إستعادته في هذه اللحظة.
كبرياءها يمنعها أن تظهر إهتمامًا مُبالغًا فيه نحوه وكأنّها تلتصق به.
"جيد"
همهم، حينها تنهدت وهمست، تشعر بالحرج والتردد.
"جون؟"
نَغَّم
"زهرته"
تبسّمت، هذا اللقب تُحبه حينما تسمعه على لسانه، وتراه في كُتبه وأشعاره.
"أتراجع في الرفض على عرض الزواج، دعنا نتزوج؛ لكن إن أمكنك أن تتحمل بعض الشروط"
جون حيث هو لبث في صمت طويل قبل أن يرد، الصدمة أخذته في عِزّها وجعلته لا يقوى أن يرد، بل شهق ونهض من مكانه.
جمع جأشه ونبس.
"ما هي شروطك؟"
لم تكن شروط بقدر ما هي مخاوف.
"لا يُمكن أن تتغير مُعاملتكَ لي بعد الزواج الزواج، ستبقى جون الذي أعرفه."
إبتسم.
"هذا بالتأكيد لن يحدث، سأحبكِ أكثر وأُحسِن إليكِ، صدِّقيني"
تُصدقه.
" ستُحبُّني وتُدللني، وتعتني بي دومًا؛ مثل طفلة أحيانًا وأحيانًا أُخرى على ما أنا عليه من إمرأة ناضجة."
وعد.
"سأُحبكِ مثلما لم يُحِب أحد من قبل، وأترككِ تُحبّيني كما تشتهين"
إبتسمت.
"عليكَ أن تتحمل أنّي مُتطلِّبة وسيئة المَزاج، هذه ضريبة حُبك"
تبسّم وهمس.
"دائمًا ما سأضع لكِ عُذر ومُبرر، لا بأس معي بكل شيء"
"لا أطفال في أول عامين"
صمت وطال صمته، لأنه بضيقين، الأول أنه عليه أن ينجب في أسرع وقت ممكن لأجل أخته.
والثاني وهو الأهم؛ أنه لديها مُشكلة بالإنجاب بالفعل، العلاج وحده سيستهلك وقتًا طويلًا بالفعل.
"جون؟"
تنهد.
"لا يُمكِن، بعد زواجنا يجب أن نذهب للطبيب لنُنجب طفل"
"ولِمَ أنتَ مستعجل؟"
لم يرد.
"لأجل آيرين؟"
همهم، فكّر أنه لا بُد أن أخته تحدثت معها بهذا الشأن وحاولت إقناعها، هذه المرة سيكون أناني ولن يقول لها أن تتراجع طالما هي مُترددة.
حينها روزماري قالت.
"حسنًا لكن سنكتفي بطفل واحد لوقتٍ طويل"
تنهد براحة ووافق، إذ أن الهم زال عن صدره بإقناعه، لا بأس لو اكتفى بطفل واحد طيلة العمر، سينجب منها أطفال بقدر ما تريد هي، لا هو.
"حسنًا موافق"
إبتسمت، ورغم مخائل الخجل على وجهها التي لا يراها جون همست.
"إذًا عُد بِحماسة بعد غَد"
ضحك وقال.
"أنا مُمتلئ بالحماس للكثير معكِ"
.....................
يُتبَع....
الفصل العشرون "مخائل حُب"
الجزء الرابع "أحبّيني كما تشتهين"
ضمن الرواية العاطفيّة "هَيبَتُها|| حُبُّها المتوحِش"
....................
سلاااااااام
وهيك بنكون قطعنا عشرين بارت أخيرًا... تصفيق يا جماعة👏👏👏
كنت بدي أخبركم أنه هيك خلص بنقدر نبلش بالعنقاء بس نسيت أن البارت رح انشره ع الأقل بعد شهر من كتابته
سوري نوت سوري، لوموا تفاعلكم.
الفصل القادم بعد ١٠٠ فوت وكومنت.
1.رأيكم بروزماري؟ رفضها عرض الزواج ثم الموافقة عليه؟ إعترافها؟
2.رأيكم بجون؟ ردة فعله على الإعتراف؟!
3.رأيكم بآيرين وسيهون؟
4.رأيكم بأوريل وتشانيول ككوبل؟
5.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
بَطل:
هَيبَتُها|| حُبُّها المُتوحِّش
Her Prestige||Her Savage love
(أحَبّيني كما تَشتَهين)
"مخائل حُب"
"قِنديل... أنتِ مَخلوق جميل أتى من رحم النور.
تعيشي في قاعي، وتُضيئي لي روحي.
قُلتُ لكِ أنّي لكِ سماء وأنتِ لي البحر.
لكنَّكِ البحر والسماء، النجوم والفضاء، القهوة والبُن.
أنتِ كوني، أعيشُ فيكِ، جُزءٌ ضئيل منكِ أنا.
لذا أحبيني، واحتويني، واحبسيني في قلبِك
إلى زهرتي
الكاتب سوهو"
.........
قرأت روزماري كلماته تِلك فيما تُشرِق على ثَغرِها إبتسامة، الآن تَشُعر بالكلمات تترصدها وتعنيها، الآن تَحِس بالكلمات هذهِ كما لم تفعل من قبل، وكأنّهُ الآن يَقف أمامها، يُمسِك بيديها، ينظر في عينيها، ويُرتِّل عليها أشعاره لها.
هي هذهِ الزهرة التي لطالما تغنّى بها وعاش في شِغاف قلبهِ الحُب لها، لقد نَمى ونَمى حتى إستطاعت أن ترى قلبه متورِّمًا بِحُبها، يُمكنها أن تَحِس به.
إنَّهُ الصباح الباكِر اليوم ويوم عُطلتِها أيضًا، لذا مكثت بكسل في فراشها حتى قرابةِ الظهيرة.
طرق أحدهم على باب الشِقة، ونزع عليها وضع الإسترخاء أثناء إهتمامها ببشرتِها.
ذَهبت إلى الباب لتفتحه لكن لا أحد، عادت إلى الداخل لكن صندوق أزرق سماويّ على الأرض عرقل طريقها.
سُرعان ما تبسَّمت، هذهِ الصناديق ليست إلا مِنه، حملت الصندوق ودخلت تُغلِق الباب بقدمها.
"لِنرى"
وضعت الصندوق على الطاولة المُحاصرة بين الآرائك.
وجلست لتفتح شريطته البيضاء تلك، وجدت في الصندق بطاقة بيضاء، رفعتها تقرأ تلك الكلمات المُنمَّقة بخطِّهِ الأنيق.
"سيدتي المَهيوبة؛ أرجو أن يُعجبكِ الفُستان، عِند التاسعة مساءً ستجدين سيارة مرسيدس بالأسفل تنتظرك، اصعدي بها وتعالي إليّ.
سأكون بإنتظاركِ زَهرتي"
"لطيف!"
إنتحبت فيما تَفك التغليف عن الفُستان، إنه فُستان أسود، كل ظهرهِ مكشوف مصنوع من قُماش ناعم ينساب بين أصابعها بجمال، يُرافقه حذاء بكعبٍ عالٍ وحقيبة يد صغيرة.
نظرت إلى الساعة في يدها، بالكاد تمتلك الوقت الكافي لتنتهي مما عليها أن تفعله.
في التاسعة خرجت تضع مِعطف أسود أنيق على نفسها، وبالفعل ها هي سيارة مرسيدس يقف قُربها سائق يرتدي بدلة أنيقة، فورما رآها إنحنى وأسرع ليفتح لها الباب.
وَلجَت إلى السيارة والرَّجُل قاد بهدوء إلى حيث أُمِر أن يتوجه.
مُجددًا تصطف السيارة أمام يَخت، تذكرت ذلك اليوم الذي إعترف بمشاعره لها فيه، لقد كانت سماء صافيّة كما اليوم، والبحر هادئ كما اليوم أيضًا.
هذه طقوس جون، التي يؤديّها لأجلِها عندما يُريد أن يُقدِم على خطوة كبيرة معها، وهي من الآن تشعر بالخَطر.
وضعت يدها على صدرها وتنهدت، ثم تقدَّمت إلى الرَجُل الذي يَقف على طرف اليخت، ويمُد يده لها لمساعدتها في الصعود.
تمسّكت بيده وصعدت، ثم الرجل قال.
"سيدتي، رَجُلكِ ينتظرِك في مُقدمة اليخت"
"هذه المرّة أصَبت، إنه بالفعل رَجُلي"
تَقدّمت إلى حيثُ دَلّها الرجل؛ وإذ بجون يقف أمام سياج اليخت، يرتدي بدلة سوداء أنيقة إلا أن أزرار قميصه تجاوزت حدها في الكشف عن صدره.
تبسّم لها ثم تقدم منها، حمل يدها إلى شفتيه وطبع قُبلة عليه، ثم سحبها برِفق معه إلى الطاولة.
سحب لأجلها المقعد حتى جلست، ثم عاد أمامها وجلس في مكانه، نظرت إلى الطاولة، قِطع لَحم ستيك ناضجة هذه المرّة.
"إنّها كاملة الطهو، كما تُحبّينها تمامًا"
تناول كِلاهما الطعام بصمت، ثم بعدما إنتهيا وقفا قُرب سياج اليَخت، جون مع كأس نبيذ فاخر، وروزماري مع كأس عصير طازج.
"جون؟"
همهم فاتبعت.
"ما الذي تُريد أن تتحدّث به؟"
نظر لها فيما يستند بمِرفقه إلى السياج وابتسم يقول.
"أصبحتِ تَعرفيني"
لَزمَت الصمت فاتبع وقد عاد لينظر في مياه النهر.
"قبل أن أُخبرِك عليكِ أن تعلمي أنّي أتفهمك لذا لا تترددي في رفض طلبي إن أشعرَكِ بالعِبء، لا أُريد أن أتقدم معكِ في هذه العلاقة وأنتِ تحملين شكوك في قلبك ناحيتي"
كتمت المَشقة في صدرِها، واسترسَلت بالنظر إليه دون كلمات، حينها إبتعد خطوة، ثم ركع على ساق، ورفع لها عُلبة زرقاء، في قلبها خاتم ألماسي ذا تصميم راقي وأنيق، يبدو مُكلِف جدًا.
"ربما لم نتواعد للفترة الكافية وأنا أعلم ذلك، ما زِلتِ لا تعرفيني عِز المعرفة، لكنّي أُحبك منذ خمس سنين، وأعرفكِ بقدر يتجواز علمكِ بنفسك حتى.
إن كنتِ تَثقي بي فلا تَشعُري بالحَرَج، وإن كنتِ ترتابين مني أو من الفكرة بنفسها فلا تشعُري بالحرج، هذا خياركِ الحُر!"
حبس نفسًا وتوترًا، ثم رفع بصره لها خاشعًا على ملامحه البكماء.
"هل تقبلي أن تتزوَّجي بي؟"
تنهدت روز فوقف جون وأومئ يقول.
"حسنًا لا بأس، أدري أنّي تسرَّعت في ذلك"
بلا أن تقول أي شيء فقط واجهت البحر بينما تعقد أناملها معًا فوق السياج بتوتر عظيم، للمرة الثانية تكسر قلبه هكذا، ولا يفعل شيء، ولا ينفعل، بل يتفهم.
لِمَ عليها أن تكون أنانيّة هكذا؟
لا يُمكِن لروز أن تشُك بإخلاصِهِ لها بعد الآن، لكن فكرة الزواج بحدِّ ذاتِها مُرعِبة بالنسبةِ لها.
نعم؛ لقد قفَزت معه إلى حدود السرير، وخاضت معه أكثر المراحل جديّة، وها هي الآن بالعُرف البشري إمرأته أي زوجته.
أما العَقد الرسمي فتشعر أنه سيُكبّلها، وأنها لا يمكن أن تُطيقه، وأنه ندير شؤم، سينجب بينهما المشاكل من العدم.
وقف بجانبها وكان ينظر للنهر بصمت، حينها همست.
"لوما كُنتُ أثِق بك لما وصلتُ معك لهذا الحد، لقد إئتمنتُكِ على قلبي ونُدبه، وأنتَ احتويتني عِز الإحتواء وتستحق المُجازفة"
وضع سبابته على شفتيها، وبانت على شفتيه إبتسامة ضئيلة.
"أعلم... لا بأس؛ لا تُبرري، أنا بخير حقًا!"
أمسكت بيده ونفت برأسها، ثم غمست نفسها في كُنفه، تُعانق خصره بذراعيها ورأسها على صدره.
"لا، أنت لا تعلم"
رفعت رأسها عن صدره ونظرت إلى وجهه.
"أنا أُحبُكَ جون!"
إتّسَعت عيناه بدهشة، ثم حرك رأسه لا يصدق أنه سمعها أخيرًا من شفتيها، فابتسمت رغم أن البحر في عينيها يفيض دمعًا، وأومأت له تُكرر.
"أظن أنّي أحببتُك عندما كُنا في تايلاند، وأحببتُك أكثر عندما تحمّلت جنوني وغضبي، وأحببتُك أكثر وأكثر عندما فديتني بروحك، وأرجعتني إلى المرأة التي هي أمامك."
"جون أنا أُحبُكَ حقًا"
أمسك برأسها وطبع قُبلة محمومة بالمشاعر على جبهتها، غمرته مشاعره مرة واحد، وشعر في ثقل شديد يهز أركانه، عُرس يقام بين حُجرات قلبه.
"أحبكَ كثيرًا جون!"
لا بأس حقًا، قد نال إعترافًا من شفتيها، سمع تلك الكلمة التي ينتظرها مُذُّ سنين من فاهها أخيرًا.
لا بأس حقًا أنها رفضت الزواج، هي لم ترفضه، هي تُحبُّه.
أمسك بذراعيه ودفعها إلى السياج بتهور، وكتم تلك الشهقة بشفتيه، قَبَّلها بجنون كما لم يفعل من قبل.
لطالما كانت قُبله رقيقة عليها وناعمة، لم تكن مجنونة كهذه أبدًا، لكن الذنب ذنبها لقد أفقدته صوابه.
"جون!"
لم تقدر أن تنبس إلا باسمه وإذ بشفتيه تُقيّد شفتيها مجددًا، دفعها إلى الطاولة التي عليها كأسين فارغين فقط، ثم حاصرها إليها يسترسل في تقبيلها.
كمشت عيناها، وكمشت بأظافرها على قميصه بعدما ترك شفتيها، وانطلق يُقبّل عُنقها بلهفة، ما كانت تستطيع أن تقول شيء، لم تكن تدري أن تلك الكلمة ستثير جنونه إلى هذا الحد.
هي فقط قضمت شفتيها تكتم صوتها بالغصب، لكنها لم تستطع في النهاية، وأفرجت عن صوتًا جعله يضمها بقوة إلى صدره ويُقبّل كتفها، لدرجة أنها شعرت بقلبه يضرب في صدرها.
همست في أذنه وأحاطت عُنقه بكفيه، تُداعب خُصل شعره بأناملها.
"جون، إهدأ...!"
كان يتنفس بصعوبة على كتفها، تشعر بأنفاسه الثقيلة تطأها، قُبّلت عُنقه بخفة وعادت تضمه بيديها وقالت.
"لا يُمكنَكَ أن تفعل بي هذا علنًا... قد يرانا أحدهم!"
همس لها قُرب أُذنها.
"دعيني أفعل ما أشاء الليلة"
تشعر أن الليلة ستكون طويلة جدًا ومُنهِكة، لكن لا بأس... أي شيء بمقدورها أن تفعله لأجل جون ستفعله.
"حسنًا، أنا لكَ الليلة وكُل ليلة!"
إزدرئ جوفه، ثم أمسك بيدها يسحبها معه، أدخلها إلى اليخت، الجميع قد إنصرف بالفعل، لذا أدخلها إلى الغُرفة الوحيدة الشاغرة، ودفع بها إلى سريره.
صعدها، ثم ثبّت يديها على الفراش وشابك أناملهم معًا، ثم همس لها.
"لن أكبح أي من جموحي الليلة، قد أكون غليظ، أوقفيني إن آلمتُك!"
أومأت له، ثم يده تطاولت على فُستانها ينزعه عنها، وانغمس في منحنيات هذا الجسد كما لم يفعل من قبل.
كان خشنًا لكن حنونًا، مجنون لكن يُحبها، غليظ لكنه يُمهلها الوقت الذي تُريد.
أحاطت ظهره بذراعيه وخبّأت وجهها في عُنقه تسمعه رنّات خارجة عن طوعها، العاصفة في صدره خرجت منه وشعرت بها تتدفق إليها.
لطالما كان مُراعيًا يكبح هذا الجنون لأجلها، لا تريده أن يتصرف بمراعاة زائدة لها، أحبّته في جنونه هذه ربما أكثر مما أحبّته في لُطفِه.
رأسها على صدره، وهو يُحيطها بذراعه، همست له.
"جون، لستَ غاضبًا مني؟"
"أنا من عليه أن يسألكِ هذا السؤال، لقد بكيتِ مُذُّ قليل، أنا آسف"
طبعت قُبلة خفيفة فوق قلبه الذي هدأ قليلًا.
"لا تعتذر، أحببتُك تَقودني"
ضحك بخفّة فغمزته بعبث.
خلخل أصابعه في شعرها ثم اتبع قائلًا.
"عليَّ أن أُسافِر غدًا"
"إلى أين؟"
"إلى بريطانيا، إنه يوم الكِتاب العالمي، وتلقيتُ دعوة لحضور المؤتمر لأمثّل الشرق الأقصى"
اتسعت عيناها وقعدت على السرير تقول.
"حقًا؟!"
أومئ لها فعانقته تقول.
"يا إلهي كم أنا فخورة بِك!"
عانقها ونبس.
"حُبك من أوصلني إلى ما أنا فيه، الشُكر لكِ"
...........................
كانت روزماري في سيارتها، تجلس في الكراسي الخلفيّة بينما تشانيول والسائق في الأمام؛ وهي في طريق عودتها من العمل إلى البيت.
لقد مَضى على غياب جون عِدةِ أيام، وهو لم يذكر موعد مُحدد لعودتِه، لكنها أبقت على تواصل معه عبر الرسائل والمكالمات الطويلة ليلًا.
مُثل عُشّاق جُدد في أول طلعتهم، مثل عُشّاق مُراهقين.
الآن الإبتسامة تملئ شفتيها، فها هي تقرأ خاطرته الأخيرة، الذي يُشبهها فيها بالقِنديل الذي أضاء حياته.
ربما هو لا يدري، لكنَّهُ القِنديل الذي أضاء حياتها، ومنح لها طعمًا أخيرًا، فبسببه الآن أصبحت تملك شخص لتعيش لأجله، شخص تستند عليه، وتبكي على كتفه ولا تشعر بالضعف.
شخص تكون معه على حقيقتها، مُجرَّد إمرأة عاديّة بِنُدَب.
عَرَّجت حاجبيها حينما رأت اسم آيرين يُضيء شاشتها، لم يسبق لها أن إتَّصَلَت بِها، اعتدنَّ أن يتحدثنّ عبر الرسائل، إذ يكنّ أكثر راحة من التحدث مُباشرةً هكذا.
أجابتها روزماري.
"أهلًا آيرين!"
"مرحبًا روز، إن كُنتِ مُتفرِّغة، أيُمكِن أن نَلتقي الآن؟"
"حسنًا!"
سمعت آيرين تتنهد براحة ثم قالت.
"إذًا سأبعث لكِ بالعنوان، سأكون بإنتظارِك!"
أغلقت المكالمة، وما إن وصلت رسالة منها تحمل العنوان؛ أعطت الهاتف لتشانيول وأخبرته.
"اذهب إلى هذا العنوان الآن"
أومئ، ولم يسأل رغم أنه يملك الفضول ليعلم.
اصطفّت السيارة أمام المَقهى، الذي تلقت فيه الدعوة، ودخل معها تشانيول.
رأت آيرين، وذلك الشاب الذي برفقتها تألفه... إنه سيهون، ثم تلك الفتاة التي إدَّعَت سابقًا أنّها خطيبة جون.
تفشّى الغضب فيها ما إن رأتها، والفتاة إمتلأت توترًا حتى أنها أخفضت رأسها وأخذت تقضم على أناملها ببعضها بقوّة.
لكنّ آيرين سُرعان ما تحرَّكت لتهدئتِها، وقالت لها.
"لم تكن أوريل تقصد الأذيّة، نحن من جعلناها تفعل ذلك!"
إرتفع حاجب روز بغيظٍ وغضب فيما ترمق آيرين، التي أصابها التوتر أيضًا، لكنها استغلّت أنّها أُختها في القانون مُستقبلًا، وسحبتها من عِضدها؛ لتجلس بجوارها وقِبالة أوريل المُرتبِكة.
تشانيول كان يقف خلف روزماري وكأنه حارسها، حينها نظرت إليه آيرين ثم إلى أوريل وقالت.
"أوريل، اخرجي واستنشقي هواءً نقيًّا بِصُحبةِ هذا الرَجل الوسيم، يبدو نوعكِ المُفضّل"
سرعان ما تأوهت آيرين تتمسك بقدمها إثر الركلة، التي نالتها من أسفل الطاولة، إستقامت أوريل تنظر إلى الرجل ذا الطلائع الوسيمة والجسد المفتول ذاك.
روزماري إلتفتت إلى تشانيول، وأومأت له أن يذهب معها ففعل، لكنه سبق الفتاة بخطوات إلى الخارج.
تنهدت روزماري وارتخت على الكرسي، ترفع ساق فوق الأخرى، وتعقد ساعديها إلى صدرها تقول.
"إذًا الأمر لُعبة، أُيمكنني أن أعلم لماذا لعبتم عليّ وعلى جون هذه اللعبة؟"
سيهون تحدث.
"أولًا؛ نحنُ لم نقصد أن نُفرّق بينكما أو نُسبب مُشكلة..."
قاطعته روزماري تُشير إليه بعينيها وقالت.
"أنتَ، ألستَ شاذًا؟
ربما هذه تكون المشكلة، تُريد أن تسرق جون مني."
سُرعان ما انتفض سيهون معترضًا وضرب بيده الطاولة، أما آيرين فقد إنفجرت ضاحكة.
"أنتِ أيتها المرأة المجنونة!
ماذا تقولين؟! أنا شاذ؟!
وماذا أفعل بالتنين المُجنَّح الذي أملكه؟!"
ضربته آيرين بمِرفقها في معدته، فامتعض متألمًا وانحنى على نفسه؛ يتمسّك بمعدته.
"ألا تلاحظ أنكَ بالغت!"
قال بألم.
"تعلمين أنّي لا أُبالغ"
آيرين إزدرئت جوفها، وضحكت ببلاهة بينما تنظر إلى روزماري، التي ضيّقت عيناها، والشك يملئ نفسها تقول.
"أنتما! وصلتما معًا إلى هذا الحد، صحيح؟!"
سيهون أخذ نفسًا يكظم ألمًا، وشبك يده بيد آيرين أمام روزماري وقال.
"لولا جون لحصلنا على طفلنا الأول مُذُّ زمن طويل"
ارتفع حاجبها بلا تصديق ولوت شفتيها.
"وما دخل جون؟"
ثم سُرعان ما شهقت، وأمسكت بيدها على فمها تقول.
"لا تقولي لي أنه رجل تقليدي همجيّ؛ قد يقتلكِ لأنكِ تُحبين رجل دون زواج!"
رمقتها آيرين يحتلّ ملامحها الملل وقالت.
"ألا تظنّي أنّكِ تُبالغين؟
أنه بسبب تقاليد عائلتنا الغبيّة"
"وما هي تقاليد عائلتكم؟"
"إنها عادة حمقاء تداولها العائلة منذ زمن بعيد، لا يصلح أن يتزوج أحد أبناء الرجل الواحد قبل أكبرهم، وعلى الحفيد الأول أن يكون ابن الأبن الأكبر"
"ما هذه الحماقة؟!"
أومأت آيرين وقالت.
"لهذا نحن لا يمكن أن نتزوج إلا بعدما يتزوج جون، ويحصُل على طفلهِ الأول"
إقتربت آيرين من روزماري، وأمسكت بكفّيها تقول بلكنة تحمل رجاءً.
"لذا تحدثنا مع جون، ولأجل أن نتمكّن من الزواج عَرضَ عليكِ أن تتزوجي به؛ رُغم إعتقاده أنها ما زالت خُطوة مُستعجَلة منه معكِ"
روزماري أومأت، وأسهبت النظر في الفراغ، لقد كان يُفكّر بأخته عندما فعل ذلك، لم يكن ذلك لأجلهما في المقام الأول.
شَددت آيرين على يديها وقالت.
"إن كُنتِ تُحبين أخي وتثقي به لِمَ لا يُمكن أن تتزوجي به؟
أخي سيكون سعيد؛ كذلك أنتِ، ونحن أيضًا سنكون سُعداء أننا أخيرًا يُمكننا أن نتزوج.
صدّقيني أخي أنتظركِ أخيرًا، وهو جدير بالثقة كرجل، لذا لا شك أنه سيكون لكِ أفضل زَوج، ثِقي بكلامي رجاءً، وامنحي الأمر فُرصة أُخرى لتُفكِّري"
...
كانت أوريل تسير بجوار تشانيول، كلاهما لا يتكلم، فقط يسيران بصمت على ضِفّة النهر.
خطفت أوريل نظرة إلى صاحب الجِذع الطويل، له وجه وسيم كما ترى، خشن وحاد كما يروق لها، مُفعم بالرجولة.
شعره أدهم يرفعه عن جَبهته بفاصِلة، يعقد حاجبيه الأسودين، وعيناه حادة وملامحه بكماء.
أسمر البشرة، طويل، وجسده عريض مفتول، ضخم ببساطة.
شعرت بقلبها ينبض بقوة في صدرها، لِمَ قلبها ضعيف هكذا أمام الرجال الوسيمين؟
إزدرئت جوفها، ورفعت بصرها إلى وجهه البعيد تقول.
"أيها السيد، أسنمضي بصمت؟
ألن تُكلّمني؟"
"بماذا أُكلمك؟!"
قضمت على شفتيها وأخفت قبضتيها خلفها، لطالما أحبّت من فِرق البوب الكوري الأعضاء المسؤولين عن غِناء الرّاب، لأن أصواتهم خشنة وعميقة.
لكن هذا الرجل... تكاد تسقط أمامه هنا في مكانها هذا!
صوته عميق وكأنّه يأتي من ظٌلمات جُبّ، خَشِن كما لو أنه ريح هائجة.
"ما اسمك؟"
"بارك تشانيول"
نظرت له واتبعت.
"ولِمَ تُرافق إمرأة جون؟"
توقف في مكانه ورمقها بغيظ، لِمَ يبدو وسيم وهو غاضب أيضًا؟
تحمحمت فاتبع السير وأجابها.
"أعرفها قبل أن يعرفها رَجُلها الكتكوت ذاك، وأنا مدير أعمالها، جارها، وصديقها مُذُّ أزيد من عشر سنوات"
أومأت تكوّب شفتيها، يبدو أن هناك مثلث حُب في القصّة.
"أتحبها؟"
وقف مجددًا، ورمقها بغضب، فهربت من نظراته تلك وجَرت أمامه تقول.
"اسمع أيها الرجل الوسيم، أنتَ نوعي المفضل بالفعل، بمجرد السير بجانبك قلبي يكاد أن ينفجر، بمجرّد أن أنظر لك أنفاسي تتلاشى.
إن أردتَ سأعوضكَ عن حُبكَ السابق، وسأحبك أنا"
"أنتِ إمرأة مجنونة!"
ضحكت وأومأت.
"أنا كذلك، وإلا لما أحببتُك بهذه السهولة"
إلتفتت إليه، وقالت بصوت مرتفع فيما تسير إلى الخلف.
"العرض قائم حتى أرى رجل أجمل منك"
لطيفة!
هكذا علّق تشانيول بنفسه، وأبتسم في وجهها الشَرِح الجميل.
لقد قرر يمضي وقلبه بعيدًا عن روزماري بالفعل، لكن ليس بهذه السرعة سيقع في حب إمرأة أخرى حتى لو كانت جميلة ولطيفة.
أشارت إليه بسبابتها وغمزت.
"لا أظنني سأجد رجلًا يروقني أكثر منك، سأتبعك مُذُّ اليوم حتى تقع لي"
........................
مَضى أسبوع على غياب جون، وما عادت تشعر روزماري أنها بخير مُطلقًا.
تقلَّصت مُكالماتها معه مؤخرًا ومُراسلاتها، بل ما عادت تُحدثه إلا إن بدأ هو أولًا مُحادثة أو مُكالمة، ولا يجرح كبرياءه إطلاقًا أن يُبادر هو في كل مرّة.
روزماري تشعر بالسوء... لماذا؟!
لأنها لم تَدري أنها إعتادت عليه بالفعل، ظنّت نفسها جُزءًا منه فقط، لم تدري أنه أصبح يحتلّ الكثير منها، وما عاد يُمكنها التخلّص منه.
كيف يتخلص الإنسان من قلبه؟
تشتاق له كثيرًا، وما عادت تكتفي بالنظر له عبر الكاميرا أو سماع صوته عبر الهاتف، ما عاد كل هذا ينفع.
إشتاقت أن تلمسه مُباشرةً، أن تنظر في عينيه مُباشرةً، أن تُعانقه، أن تُقبّله، وتنام على صدره الحنون.
ما عادت أيامها تمر بسرعة كما السابق، أصبحت ثقيلة بغيابه، دونه أصبحت تشعر بنفسها تملك حياة ناقصة.
لقد تعلَّقت به سريعًا، أسرع بكثير مما توقعت، مِثل هذا التعلق يحتاج سنين من البناء، لكنه بنى لنفسه قلعة في قلبها بسُرعة.
طيلة هذا الوقت كانت تُفكر أنه عليه تحمل مسؤولية ما افتعله بها من حُب.
عليه أن يتحمل ما نصبه في قلبها ويحميه، لذا ستجازيه بالحصول عليه.
تريده، وتريد أن تُكبله، وتبقيه قُربها إلى الأبد.
لكن الزواج... ما زال فكرة صعبة.
تثق بجون، ولكنها لا تثق بالزواج نفسه، ماذا لو تغيّر هذا الحُب بعدما يتزوج بها؟
حينها ستكون زوجته، خلف باب وأربعة جدران لا يدري أحد ماذا يمكن أن يحدث، عقد الزواج بحد ذاته قَيد.
كيف تُقيد نفسها مُجددًا؟
هل تتقبل تلك القيود مجددًا وهذه المسؤولية؟!
مسؤوليتها الآن تقتصر على نفسها وبرنامجها، إن تزوجت به ستكون مسؤولة عنه، وعن إستقرار أُسرة، وبناء عائلة.
أيستحق جون هذه المُجازفة؟
ربما نعم يستحق، لكنها ما تزال خائفة.
كانت تفكر وهي تقف على شُرفتها، إستفاقت من هذه الفكرة عندما وصلها إتصال، أخرجت الهاتف من جيبها.
إنه جون، أجابته.
"حُبّي، كيف حالك؟"
مجرّد سماع صوته يولِج إلى قلبها السرور والراحة.
"أنا بخير، ماذا عنك؟"
"بخير، سأعود بعد غد"
إبتسمت وحلّ الصمت بينهما، لم تسأله يومًا متى سيعود، رغم أنها ترغب في إستعادته في هذه اللحظة.
كبرياءها يمنعها أن تظهر إهتمامًا مُبالغًا فيه نحوه وكأنّها تلتصق به.
"جيد"
همهم، حينها تنهدت وهمست، تشعر بالحرج والتردد.
"جون؟"
نَغَّم
"زهرته"
تبسّمت، هذا اللقب تُحبه حينما تسمعه على لسانه، وتراه في كُتبه وأشعاره.
"أتراجع في الرفض على عرض الزواج، دعنا نتزوج؛ لكن إن أمكنك أن تتحمل بعض الشروط"
جون حيث هو لبث في صمت طويل قبل أن يرد، الصدمة أخذته في عِزّها وجعلته لا يقوى أن يرد، بل شهق ونهض من مكانه.
جمع جأشه ونبس.
"ما هي شروطك؟"
لم تكن شروط بقدر ما هي مخاوف.
"لا يُمكن أن تتغير مُعاملتكَ لي بعد الزواج الزواج، ستبقى جون الذي أعرفه."
إبتسم.
"هذا بالتأكيد لن يحدث، سأحبكِ أكثر وأُحسِن إليكِ، صدِّقيني"
تُصدقه.
" ستُحبُّني وتُدللني، وتعتني بي دومًا؛ مثل طفلة أحيانًا وأحيانًا أُخرى على ما أنا عليه من إمرأة ناضجة."
وعد.
"سأُحبكِ مثلما لم يُحِب أحد من قبل، وأترككِ تُحبّيني كما تشتهين"
إبتسمت.
"عليكَ أن تتحمل أنّي مُتطلِّبة وسيئة المَزاج، هذه ضريبة حُبك"
تبسّم وهمس.
"دائمًا ما سأضع لكِ عُذر ومُبرر، لا بأس معي بكل شيء"
"لا أطفال في أول عامين"
صمت وطال صمته، لأنه بضيقين، الأول أنه عليه أن ينجب في أسرع وقت ممكن لأجل أخته.
والثاني وهو الأهم؛ أنه لديها مُشكلة بالإنجاب بالفعل، العلاج وحده سيستهلك وقتًا طويلًا بالفعل.
"جون؟"
تنهد.
"لا يُمكِن، بعد زواجنا يجب أن نذهب للطبيب لنُنجب طفل"
"ولِمَ أنتَ مستعجل؟"
لم يرد.
"لأجل آيرين؟"
همهم، فكّر أنه لا بُد أن أخته تحدثت معها بهذا الشأن وحاولت إقناعها، هذه المرة سيكون أناني ولن يقول لها أن تتراجع طالما هي مُترددة.
حينها روزماري قالت.
"حسنًا لكن سنكتفي بطفل واحد لوقتٍ طويل"
تنهد براحة ووافق، إذ أن الهم زال عن صدره بإقناعه، لا بأس لو اكتفى بطفل واحد طيلة العمر، سينجب منها أطفال بقدر ما تريد هي، لا هو.
"حسنًا موافق"
إبتسمت، ورغم مخائل الخجل على وجهها التي لا يراها جون همست.
"إذًا عُد بِحماسة بعد غَد"
ضحك وقال.
"أنا مُمتلئ بالحماس للكثير معكِ"
.....................
يُتبَع....
الفصل العشرون "مخائل حُب"
الجزء الرابع "أحبّيني كما تشتهين"
ضمن الرواية العاطفيّة "هَيبَتُها|| حُبُّها المتوحِش"
....................
سلاااااااام
وهيك بنكون قطعنا عشرين بارت أخيرًا... تصفيق يا جماعة👏👏👏
كنت بدي أخبركم أنه هيك خلص بنقدر نبلش بالعنقاء بس نسيت أن البارت رح انشره ع الأقل بعد شهر من كتابته
سوري نوت سوري، لوموا تفاعلكم.
الفصل القادم بعد ١٠٠ فوت وكومنت.
1.رأيكم بروزماري؟ رفضها عرض الزواج ثم الموافقة عليه؟ إعترافها؟
2.رأيكم بجون؟ ردة فعله على الإعتراف؟!
3.رأيكم بآيرين وسيهون؟
4.رأيكم بأوريل وتشانيول ككوبل؟
5.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
Коментарі