توطئة|| Introduction
CH1|| إبنة الزمن
CH2|| حُب الدهور
CH3|| إمرأة من بحر
CH4||سماء ونجوم
CH5|| أزرق سماويّ
CH6|| لِمَ أُحبّك
CH7|| بُنٌ وبَحر
CH8|| سماءٌ وبَحر
CH9|| رسول الحُب
CH10||حياة بين الضلوع
CH11|| أزمة الهَيْبَة
CH12|| إنتقام الهيبة
CH13||عُكّاز وجَبيرة
CH14|| غاطس بالحُب
CH15||كَرز وسيجارة
CH16||حُبّي المُشيَّد
CH17|| نور البدر
CH18||بَهاء وإمتلاك
CH19||مَطَر ضِمنَ العاصِفة
CH20|| مخائل حُب
CH21||أُحبُك بمزاجٍ شَتويّ
CH22||قاع البحر
CH23||الزهرة وصاحب البستان
CH24||حُضنه الدافئ
CH25||دموع جميلة
CH26||أغرق في بحرِك
CH27||بَحرٌ هائج وسماءٌ دهماء
CH28||إنتكاس الهَيبة
CH29||زهرة مائلة الجِذع
CH30||جون وهَيبتُه
CH31||ظِلالٌ رماديّة
CH32||أكره الحُب
هَيبتُها|| The End
CH21||أُحبُك بمزاجٍ شَتويّ
كيم جون ميون (سوهو)

بطل:

هَيبتُها||Her Savage Love

(أحبّيني كما تشتهين)



"أُحبُكِ بمزاجٍ شتويّ"




















"أُحبُكِ بدِفئ مِثلَ كوب شوكولاتة ساخنة أمام نافذة نَديّة.

أُحبُكِ بإحتواء مِثلَ فراشٍ وَثير في ليلةٍ يغمُرها الصَقيع.

أُحبُكِ بتضحية مِثل مِدفأةِ حَطب تحترق لتُبقيكِ دافئة.

أُحبُكِ بمزاجٍ شَتويّ.

إلى زَهرتي

الكاتب سوهو"

...

تبسَّمت ماري بينما تقرأ النصّ القصير، الذي حدَّث به جون للتوّ، يبدو أنه يملك وقت فراغ في الطائرة ليكتب عنها مُذكّرات حُب.

تَرجَّلَت من سيارتها بعدما حَطّت بها أمام بوابة المطار، ووَلجت المطار تنتظر أن تراه، فبلا أن يدري؛ قررت أن تذهب لإستقباله.

لا لتُفرحه بإهتمامها، بل لأن صبرها قد نَفد، وقد فاضت كؤوس شوقها، وطفحَ كيلُ الحُبّ معها.

ولأنها شخصيّة تلفزيونية معروفة ومؤثِّرة؛  تجمهرَت حولها كاميرات المُعجَبين، وبعض الصحافيين الذين أتوا مُسبقًا؛ لتصوير لحظة وصول إحدى فرق نجوم البوب الكوري، فظهرت هي لهم من العَدمِ هكذا؛ تمنحهم مواضيع أكثر سخونة لتَّحدُّث بها، وإثارة لَجّة في الرأي العام.

نظّارتها الشمسيّة لم ترفعها عن عينيها السماويّة مُطلقًا، إبتسامة خافتة تنتعلها على شفتيها بغرض المجاملة رُغم أنّها تكره تطفل هؤلاء النس بكاميراتهم، التي يلصقونها في وجهها، ويتجاوزون حدَّهم في التقرُّب منها.

بشرة بضّة، وشعر أدهم كالليل، مموج كموجاتِ بحرٍ مجنون ينام على كتفيها، قميص أسود جِلدي طويل يصل إلى ما أعلى رُكبتيها، بأكمامٍ تتجاوز مِرفقيها، وفُتحةِ صدر لا تتجاوز حدّها في الكَشف عن ثغرة الفتون القريبة.

"روزماري، ماذا تفعلين هُنا؟"

"تنتظرين أحد أم تُسافري؟"

إحتفظت روز بالرد، وتجاوزت التجمهر عندما ظهر جون عبر بوابة القادمين، ومعه رَجُل يَجُر له حقيبته.

أشرقت ملامحها بإبتسامة حقيقيّة، وسارت إليه برزانة وهَيبة، وما إن وصلته رفعت ذراعيها إليه؛ لتعانق فيهما عُنقه، وتدُس جسدها بين عرض كتفيه وصدرهِ الواسع.

تبسَّم جون بدوره، وعانق خصريها بذراعيه يُلحمها به أكثر مما هي مُلتحمة، لم يخطر في باله أنها ستكون هنا لإستقباله أبدًا.

أحب ذلك منها وشعر بإهتمامها، فالإهتمام والحُب الظاهر بالسلوك أصدق وأشرف من الذي يكون على طرف اللسان، يُفضل أن تفضح تصرفاتها المدى الذي وصلته في حُبه، على أن تقولها بسهولة ويُسر على لسانها، رغم أن الثانية تودي بقلبه وعقله معًا، ما زال لا ينسى أي تفصيل من شعوره تلك الليلة حينما إعترفت له بتلك الكلمة، لقد جُنَّ جنونه وفقد ثباته بفعلِ كلمة.

بينما هي تغمر وجهها في عُنقه، تستنشق رائحة عِطره التي باتت مألوفة بالنسبة إليها، تُشعرها هذه الرائحة الجميلة والنقيّة بأنها تعرف الرَجُل هذا كفاية، تُحبه وتُحب كل تفصيل به؛ كرائحته الحُلوة هذه.

الأضواء مُسلَّطة عليهما، وأصوات فلاشات الكاميرا تنزع السكينة بينهما، لكن جون رغم ذلك همس لها.

"إشتقتُ لكِ كثيرًا"

لم تَجبه، فقط ضمَّتهُ إليها أكثر فعانقها أكثر، تنفَّست رائحته التي تُحبها، ومررت أناملها بين خُصلات شعره البُندُقيّة؛ تُرضي شوقها له؛ لعله رَضيَ.

وأخيرًا إبتعدت عنه قليلًا تنظر في ملامح وجهه الوسيم الذي إشتاقت له أكثر شيء، تمسّك جون بوجنتيها، وطبع قُبلة على ناصيتها، ثم تمسَّك بيدها، وواجه تَجمهُر الناس حولهم يشير عليها.

"أنا الكاتب سوهو، وهذه المرأة الرائعة هي زهرتي"

تراخى رأس روز على كتفه وإبتسامة سعيدة وطأت شفتيها، جعلها أسفل ذراعه، ثم سار بها إلى الخارج يتبعهما الناس.

صعدت سيارتها في محل السائق، وأشارت له أن يصعد معها ففعل، حينها قالت وهي على وشك أن تقود السيارة.

"كُن شاكرًا، أنا لا أقود السيارة بأحد إطلاقًا!"

ضحك وأومئ.

" أعلم، شُكرًا لكِ"

تأفأفت تضرب المقود براحتيها بإنزعاج.

"ما الذي لا تعرفه عني؟!"

بإبتسامة ودودة أجابها.

"لا شيء"

تهكّمت بإبتسامة.

"يا لكَ من مُتباهي!"

وجدها ظريفة بملامحها المبسوطة، ولمحة الإنزعاج المُزيفة التي تشدو على وجهها الجميل شحيح التعابير، لم يُقاوِم إلا وإن قرص وجنتها بين أصبعيه وانتحب.

"ظريفة للغاية!"

من شدة ما راودها الخجل صاحت به.

"أنتَ! انظر أين تضع يدك!"

بنبرة خبيثة قال، واتبعها بغمزة جعلتها تشهق.

"ماذا؟!
ليس وكأنّي أضع يدي على مكان مُحرَّم عليّ لمسه الآن!"

شزرت إليه مشدوهة.

"يا لكَ من مُنحرف!"

ضحك ونظر عبر النافذة، ثم استنشق نفسًا عميقًا ملأ صدره.

"أشتقتُ لكوريا"

همست تبتسم.

"وكوريا اشتاقت لك"

نظر لها وتمسّك بيدها، ثم رفعها إلى ثغره يطبع عليها قُبلة، ثم احتضنها في يده بينهما.

الوقوع في الحُب نِعمة إن كانت مع الشخص الصحيح، وهو هذا الأختيار الدقيق، الإجابة الصحيحة في إمتحان صعب، النسبة الضئيلة التي تتحقق.

إذ هو يرفع الآمال، ويجعلها تُجازف بقلبها ضمن مغامرة شيّقة معه ستخرج منها رابحة، تربحه إلى الأبد.

سمعته يهمس لها من مكانه بجانبها.

"أُحبُكِ يا هَيبة!"

تبسَّمت ولزمت الصمت تقود الطريق بهيئة عادية، لكن مع قلب ينبض بجنون.

...............

رَمَت روزماري بهاتِفها جانبًا؛ تَلعن بعصبيّة، وتَشتم بألفاظٍ بذيئة يُمنَع تداولها عادةً ضِمن فئة المُجتمع الراقي الذي تنتمي إليه، وذلك ما جعل جون من المَطبخ يُنادي عليها مؤنبًا؛ رُغم أنه ما إستاء؛ لأنه يعلم كم أن إمرأتُهُ مَجنونة.

"لا تشتمي، أنتِ إمرأة مؤدبة!"

تهكَّمت بضحكة ساخرة، وذهبت إليه حيث يُحضّر وجبة العشاء؛ المَطبخ، إذ إتكأت بمِرفقها على البار ونَبسَت بتهكُّم.

"مؤدبة بمؤخرتي، من قال لك أنّي مؤدبة؟!"

استرسل جون في الضحك رغم لسانها القذر، ثم ترك ما بيده ليغسل يديه.

أمسك بمعصمها، وجرّها إلى داخل المطبخ، فقد قرر أن يُشغلها بالعمل معه؛ كي تَكُف عن التفكير بأمور لا عوز لها، ثم وقف خلفها يعقد عليها رَوب المطبخ قائلًا.

"اخرجي إنفعالكِ بحبّاتِ الطماطِم المسكينة هذه، واحرصي ألا تتأذي"

تنهدت، واقتربت من الطبق الأجوف، الذي وضع به الخُضرة، التي وجب عليها تقطيعها، حملت السكين تنظر لها، ونبست تنفث غضبًا بين كلماتها.

"سأقطع أيدي هؤلاء الناس... من سمح لهم بأن يكتبوا عني أي شيء يريدونه؟!"

وضعت حبّة الطماطِم فوق سطح الفرّامة، وقطّعتها بإنفعال تقول.

"وماذا لو أنني دائمًا نَصرتُ المرأة؟

أوقوعي في حُبِّ رَجُل يعني أنّي تخلَّيت عن مبادئي؟!

أكان عليّ أن أقع في حُبِّ إمرأة ليرضوا!"

إمتعض وجهها مُتقززة، وارتعشت تتقزز قائلة.

"اووه! التفكير وحده مُقرِف!"

تركت حبة الطماطم وإلتفتت إلى جون تلوح بالسكين نحوه.

"أنا صحَّحتُ بعض التعاميم الجاهلة التي أطلقتُها سابقًا.

ألا تَظُن ذلك سيد سوهو؟!"

تحدث جون بينما هو يُقلِّب الحساء.

"أنتِ شخصيّة عامّة ومؤثِّرة حبيبتي، بالتأكيد ستتلقين إنتقادًا على أي شيء تفعلينه، سواء عليكِ أحسنتِ التصرُّف أم أساءتِ، لا يُمكنكِ أن تُرضي كل الناس بالنهاية."

إلتفت ينظُر إليها وقال.

"ما كنتُ أراكِ سابقًا تتأثَّرينَ بكلامِ النّاس، ما الذي استجد معكِ الآن؟"

وقفت تتكئ على البار، وأشهرت السكين تُهدد قائلة.

"أنت! سأطعنك! ألم تقُل أنكَ تعرفني وتفهمني؟"

ضحك بخفة وقال يومئ.

"سيدتي المهيوبة، التي أعرفها، لن تتأثَّر بكلام الناس الفارغ، ستَرُد الشتيمة بالشتيمة، ولن يبقى في نفسها أي غضب أو إنزعاج بعدها"

تنهدت، إنه مُحق، لم تَكُ تتأثَّر سابقًا بتعليقات مُستخدمي الإنترنت الخبيثة، الآن غضبها لا يهدأ أبدًا.

"معكَ حق، لكن هذه المرّة لا أدري لِمَ لا أكتفي بالشتم فقط؟!"

إقترب منها بتروّي، وأخذ السكين من يدها برفق، فيما عيناه عالقة على وجهها مشوَّش الملامح قال بنبرةٍ هادئة يكسوها اللّين.

"لأنّي غيَّرتُكِ، أنتِ ما عُدتِ لامُبالية كالسّابق!"

ضيقت عيناها عليه وهمست.

"ولِمَ أنتَ واثق إلى هذا الحد من نفسك؟!"

سرق قُبلة خفيفة من وجنتها وهمس لها قُرب أُذنها.

"واثق كما أنا واثق أنكِ لن تطعنيني بسكينكِ أبدًا!"

دفعت به من صدره عنها، ثم هددته ترفع حاجبًا وسبّابة في وجهه.

"لا تختبرني، قد أفعلها لو اغضبتي!"

نفى برأسه، وهمس بإبتسامةٍ مَشبوهة.

"أنا لا أهون عليكِ، لا يُمكنكِ قتلَ رَجُلكِ أبدًا"

أومأت لأنه مُحِق مُجددًا، إذ أنها لا يُمكنها أن تتخلى عنه، لكنها همست له بغيظ.

"نعم، أنتَ مُحق، لكنّي ما زِلتُ أقدر أن ألكمكَ او أركُلكَ لو شئت، لذا كُفَّ عن التباهي"

وجون الآن لديه المزاج المُناسب ليُزعِجها، إقترب منها، وحاصرها بين ذراعيه إلى بار المَطبخ.

نظر إلى شفتيها النَظِرة المُكتنزة بطراوة مُغرية وبلونٍ طبيعي مُزهِر ومُغوي، مسح على شفتيها بإبهامه يقول.

"لا ضيرَ بركلة أو لَكمة إن أحببتني"

تعلَّق بصرها بعينيه الغاويّة، ثم أسدلت الستائر على البحرين، وحسَّت بلذّة قُبلاته بِعُمق وحُب، طفق يُقبّل شفتيها برِفق، وراحتيه تحتضن عُنقها.

إبتعد قليلًا، ونظر في عينيها، التي تفتَّحَت مِثل زهرة الكرز كما أسماها سابقًا، كانت تُحيط بذراعيها خَصره الرشيق أثناء القُبلة، وما فكّتها عنه حتى بعدما إنتهت القُبلة.

بل روز إندَّست في كُنفه، بين ذراعيه تلحَّفَت، وعلى صدره توسَّدت، ثم هدرت أنفاسًا مُغوية دون أن تقصد على رَقبته.

وجون ضمّها بين يديه سعيدًا، لأنها الآن بين ذراعيه إمرأة تَطلبُهُ الحُب، والرِفق، والوِد بلا كلمات، لا يُحب النساء الضعيفات، لكنه يُحبها عندما تلتجئ إليه من همومها، وتهرب من الدُنيا إليه كما الآن.

يداه كانت تُربّت على ظهرها برِفق، ووجنته يسندها على رأسه، أحاطها بذراعه وأطفئ الموقد يقول.

"لو أردتِ أن ترتاحي بدل أن تأكلي، سأفعل ما تشائين"

نفت برأسها دون أن تُزحزحه عن صدره وقالت.

"أشعرُ بالجوع والخمول معًا، أريد أن آكل وأنا نائمة"

ضحك بخفّة وربّت على رأسها يقول.

"سيدتي المُدللة الكسولة، سأُدللكِ كما تشائين"

صفّ بعض الأطباق في صنيّتين، وهي تلتصق به، إذ كان يستخدم يدًا واحدة لتحضير الطعام، والأُخرى يحتضن كتفيها بها أسفل ذراعه.

حَمل إحدى الصنيّتين، وتعاونت معه بحمل الأخرى كرمًا، ثم كِلاهُما خرج إلى صالة الجلوس، فَرَدَ جون فراشًا على الأرض، ونَثَرَ بعض الوسائد فوقه، ثم وضع صنيّتي الطعام على طاولة قصيرة الأقدام أمامهما.

وأمام فيلم لبارك سوجون جلسا معًا.

لقد حضَّر جون طبق حساء، ليس لأنها تحبه بل لأنه صحيّ، وطبق سلطة، ليس لأنها تُحبها أيضًا بل لأنها صحيّة، وطبق دجاج مع الجُبن، وذلك لأنها تُحب الطعام اللاصحة فيه، مع كأس عصير بُرتُقال كبير، لأن روز لا تحب أن تأكل دون أن تشرب شيء مع الطعام.

أمّا روز، فلقد تركت طبقيّ الحساء والسلطة وباشرت بتناول طبق الدجاج، لكن جون رمقها بأستياء، وسحب منها الطبق، فصاحت به.

"أنت! اعطني طعامي!"

نفى، ودفع بجبهتها عندما اقتربت، لتسحب الطبق من يده، وقال بتزمُّت لا يتحمَّل المُناقشة.

"أنهي الحساء أولًا والسلطة، ثم كُلي الدجاج"

نفت برأسها بإنفعال وقالت.

"لا يمكن، معدتي لن تتسع لكل هذا، وسأسمن"

أشار ناحية الطبقين الباقيين في صينيتها يقول.

"إذًا كُلي الحساء والسلطة لتَبقي رشيقة وصحيّة"

صاحت به مُجددًا.

"يا!!! هل أنتَ أُمي؟!"

سُرعان ما غامت ملامحها وهمست.

"اوه صحيح! أمي لا تعتني بي!"

تنهد وشعر بالأستياء، ثم أعاد لها طبق الدجاج وقال.

"حسنًا كُلي ما تشائين، ارتحتِ؟!"

سُرعان ما ابتسمت، ولقفت بشوكتها بالدجاج، تبسّم وهو يراقبها تأكل، شيء عادي طبيعي يفعله كل البشر، لكنها تبدو ظريفة عندما تأكل، تأكل بأدبٍ شديد، لكن ملامحها تقول أن هذا ألذّ طبق أكلته في حياتها.

إستندت على كتفه برأسها بينما تُراقب التِلفاز، وهمست له.

"تعلم أن بارك سوجون هو نوعي المُفضَّل من الرِجال؟"

نظر لها ونفى، للمرة الأولى يدري أن لها نوع مُفضّل بالفعل، قالت.

"طويل القامة"

أنا قصير نوعًا ما.

"ملامح وجهه خشنة"

ملامحي ودودة.

"صوته خَشن وعميق"

صوتي مُنخفِض وأنعم مُقارنةً به.

"أسمر"

أنا أبيض شاحب.

"لطالما فتن نظري الرجال على هذه الشاكلة.

تلك الصفات تنطبق على تشانيول أيضًا"

نظرت له وابتسمت بريئة الأديم حينما لحظت تعثر ملامحه وانزعاجه، ما شأن تشانيول الآن؟!

يكفي أنّه قارن نفسه بمُمثّل السينما الشهير هذا، هل يُقارن نفسي الآن بتشانيول، ويعترف أنه أفضل منه؟!

مُستحيل!

طبعت قُبلة على فكّه تُراضيه، ونبست.

"النوع المفضل عادةً ما يكون مِعيار الحُب، لكنّي أحببتُكَ رغم أن أيًا من هذه الصفات لا تنطبق عليك"

حسنًا، من الجيد أنها صريحة معي لكن...

"أشعرُ بالأستياء الشديد!"

ضحكت تُربّت على صدره، تحاول أن تُهوِّن عليه، ثم قالت.

"لكن الحُب لا يأتي متوافقًا مع النوع المثالي والمظهر الخارجي، يأتي عبر الإهتمام، القلوب، والشخصيّة"

تحسست بطرف بنانها وجنته، ثم همست تنظر في عينيّه بينما تتكئ برأسها على كتفه.

"أنتَ نَوعي المُفضَّل الآن، مُراعي، تَهتمَّ بي، تُحبُّني كثيرًا، تُدللني، تفديني بنفسِك، تغضب لأجلي، ولا تغضب علي، تتحملني، تُحبني بسيائتي قبل حسناتي."

قرصت وجنته واتبعت تبتسم إبتسامة أزهرت على شفتيها.

"أضف إلى ذلك أنكَ وسيم فوق الوصف، لطيف، وظريف، وأنا أُحبُّكَ!"

نظر إليها وقد أثمله شذى ثغرها، الذي لطالما كان شحيحًا، والآن يزود عليه بكرمه وعطفه، تحسس صدره، فوق قلبه تحديدًا، وانتحب بدراميّة أمامها.

"ااه حسنًا... يمكنني أن أموت الآن!"

ضربت فاهه بأطراف بنانها ترمقه بأستياء، ونبست.

"وإن مُت، أنا من يبقى لي أيها الأحمق؟!"

أشار إلى نفسه مذهولًا من وقع الشتيمة على سمعه.

"هل سبق أن سمعتِ إمرأة تنعت رَجُلها بالأحمق!"

تجاهلته، وعادت لتتكئ برأسها على كتفه.

"اسمع"

تهكّم مُبتسمًا وهمهم، تُجيد أن تهرب منه الآن، وتتهرَّب.

"هممم؟!"

بعد تنهيدة قالت فيما تنظر إلى زاوية مُنخفضة لكن بعيدة، لا يُمكن تحديد متى عُمقها في روحها، ربما عند أول جُرح وكدمة.

"أكثر ما أُحبُّه فيكَ أنكَ تهتم بي؛ كما لو أنني طِفلة مُدللة لا ترضى أن تخدم نفسها حتى، رغم أنّي لم أكُ مُدللة أبدًا، ولا حتّى بطفولتي.

ما فعلتَهُ قبل قليل عند الطعام أشعرني أنّي مُهمّة عند أحد حقًا، ترعاني، وكأنَّك أبي أو أمي لو أصبتُ التعبير.

بالنسبةِ لي؛ لم يسبق لي أن شعرتُ بحنان من والديّ أبدًا.

بالنسبة لأبي؛ أنا كنتُ عِبئ إضافي عليه، سمعتُ من أمي أنه رفض أن يراني لفترة طويلة عندما انجبتني؛ بِحُجّة أنه لم يُرد طفل في ذلك الوقت، ولم يُردني فتاة.

قصَّر بي مُذُّ كنتُ لا أَعي، تقول أمي أنه كان يرفض أن يشتري لي الحليب حتّى، بعض الجيران كان يتكفّلوا بمصاريف حاجتي وأنا طفلة.

وأما أمي؛ فلم تَرني أبدًا بعدما أنجبت لوكاس، كان كل الإهتمام له وأنا لا شيء، من بيننا نحن الأثنين؛ هو الوحيد الذي يحصل على ثياب جديدة، ألعاب جديدة، مصروف كل يوم، أنا لا شيء من كل هذا.

كان ينام بحُضن أمي كل ليلة، حتى بعدما كَبُر، وأنا مُجبَرة أن أتشارك فراش رَث مع أُختي التي لا تُطيقني لذاتِ السبب رُبما.

لهذا لم أُرِد أن أحصُل على طِفل أبدًا في زواجي الأول، خشيتُ على طفلي مني، أنا لم أتربى على الحُب والحنان، بل على النقص والحرمان، لذا كيف يمكنني أن أعطي شيئًا لابني وأنا لا أملكه؟!

يُقال أن فاقد الشيء لا يُعطيه"

ضمّ رأسها إلى صدره، وجعلها بين ذراعيها، قلبه أوجعه للمرة التي لا يذكر عليها، هي عاشت حياة مُهشَّمة مُذُّ أن ولِدَت، لذا في مرحلة من حياتها؛ شخصيتها كانت مُهمَّشة أيضًا.

لكن هذه القوّة التي تتحلى بها اليوم، والشجاعة لتقول كل هذا؛ أتى بعد معاضِل عَصيبة وحدها من كانت فيها تخوض، إما ان تنجو وحدها، وإما تهلك وحدها، فعندما نَجت أصبحت لا تُهزَم، ولا يُمكِن أن تهلك أو يُستهان بها.

الجميع الآن يلهث خلفها... حتى الذينَ في يومٍ أهملوها، وأشعروها أنها عِبئ إضافي ما كان عليه أن يُخلَق أبدًا.

ورغم أنها قويّة لكنها بشر، قد تحتاج يومًا لحُضن يُربِّت عليها كما الآن، لمواساة وطمأنة، لسكينة وحُب وإهتمام.

وحده جون من قدم كل هذا بسخاء وبلا مُقابل؛ لهذا تُحبُّه.

"قلقكِ بشأنِ أطفالنا في المستقبل ومخاوفكِ هذه بشأنهم؛ تعني أنكِ تملكين الرحمة والحُب داخلك حتى لو ما حصلتِ عليهم في صِغرك.

لقد سبق وقرأتُ رواية لكاتبة مجنونة عن رجل سفّاح، ولكنه عندما أصبح أبًا وَهب كل حياته لأطفاله؛ رُغمَ أنه حظيَّ بأسوء طفولة على الإطلاق"

إعترضت.

"لكنها مُجرَّد رواية"

أجابها.

"الروايات تولد من رحم الواقع، لذا لا شرط أن تُقدّمي ما حصلتِ به وحسب، مهما كان قليل أو كثير، الأمر برمَّتِهِ مُرتبط بعاطفتِك ومشاعرِك ناحية طفلِك"

تنهدت وأومأت، فللمرة الرابعة رُبما تشعر أنَّه مُحِق مُجددًا..

"أرجو أن أكون أُمًا جيّدة في المستقبل!"

ربّت على كتفها وهمس لها.

"ستكونين أجمل أُم على الإطلاق، وأفضل أُم!"

لكنّه لم يشعر أنه بخير عمّا قاله لتَّو، أستحقَّق أُمنيّاتُه، وتُصبِح أُمًا حقًا لأطفالِه؟!
أم النهايات لا يُمكِن أن تكون مثالية أبدًا كما في القصص والحكايات؟

"جون؟"

"زهرته؟"

سحبت جسدها إلى الأسفل ووضعت رأسها على فخذه تقول.

"أُريد أن أنام"

رفع يده ليُداعِب بها خُصل شعرِها وهمس.

"حسنًا، نامي جيدًا"

................

بعدما فَجَّ رحمُ الفَجرِ بيومٍ جديد...

النوم على الأرض كان أمرًا عسيرًا بالنِّسبةِ لروز، وأكثر عُسرًا على جون؛ بما أنها كانت تنام عليه حرفيًّا.

لذا بينما هي في السيارة إلى المحطّة؛ كانت تُدلّك كتفيها بإنزعاج، وتتأفأف حتى لَحِظ أمرها تشانيول في الأمام، فتسآل.

"أمِن خطب ماري؟!"

نَفت برأسها تقول.

"لا، فقط مُتعبة!"

أومئ ثم قال.

"حسنًا إذًا، استخدمي كُرسي التدليك عندما نَصِل"

أومأت وأطبق الصمت على جوِّ السيّارة لهُنيهات.

"أخبرني المُخرِج الأمس أن مُنتِج جديد أصبح المُساهم الرئيس لأجل البرنامج"

ارتفع حاجبيّ روز وبإستنكار هتفت.

"حقًا؟!
ومن المخبول الذي يُراهن على برنامج يُنتقَد في كل مكان؟!"

إلتفت تشانيول برأسه لها يقول باسم الثغر.

"النقد ترويج أيضًا"

برمت شفتيها ثم أومأت، تشانيول مُحِق.

"ومن هذا المُنتِج المُغامِر؟!"

"لا أدري حقًا، أخبرني المُخرِج أننا سنلتقيه بعد بثِّ الحلقة اليوم"

همهمت ولم تسترسل.

والآن؛ ها هي تقِف أمام كاميراتِها التي صُوِّبَت عليها لتصويرها، زيّنت شفتاها بإبتسامة خافتة، ترفع الساق فوق الأخرى، تشابك أصابعها فوق ذراع الأريكة، ظهرها منصوب، تَستَتِر ببدلة رسميّة لائقة، وشعرها اليوم مرفوع عن كتفيها، بينما تتدلى بعض الخُصل المُتفرِّقة على جَنباتِ وجهها.

"مسائكُنَّ قوّة... مُذُّ أن استضفت الكاتب الشهير سوهو والبرنامج يُسبِّب صدى هائل بين الناس... أنا اليوم هنا لأُخبركم القصة."

ملأت صدرها بنفسٍ عميق واسترسلت بثبات.

"قبل بِضعةِ شهور، وتقريبًا خلال الفترة، التي كنتُ أنقده فيها بقسوة وضراوة، تعرَّفتُ عليه.

كما تعلمون؛ اسم سوهو ليس اسمه الحقيقي، ولم يَره أحد من قبل، ولم يُسمَع صوته أحد، لذا ما كنتُ أدري أنّه الكاتب سوهو الذي أشُنُّ عليهِ حربًا هُنا.

أنا عرفته باسمه الحقيقيّ وهويته الحقيقيّة، في البداية كان بالنسبة لي مُطارد مهووس، أينما ذهبت أُلاقيه، حتى لو ابتعدت يظهر هو من العدم، ويستمر في مُلاحقتي.

ثم أصبح جاري جون المجنون، الذي اشترى شِقّة قُرب شِقّتي؛ فقط ليبقى منّي قريبًا، أنقذني في عِدةِ مواقف، تعلمون عنها ولا تعلمون، وهكذا صِرنا دون أن نَدري أصدقاء.

لكنّي لم أَكُ صديقة بالنسبةِ إليه مُذُّ البداية، فلا يُمكن لشخص لتوِّي إلتقيتُه أن يعرف عنّي تفاصيل عميقة أقرب أصدقائي، الذي يعرفني مُذُّ سنين، لا يعرفها عنّي، بل حتى أنا لا أعرفها عن نفسي.

حُبّه عميق ومُفاجئ بل صادم، الصادم أنه لم يتركني للموت، بل فداني بنفسه، لم أظن أن لو أحد أحب أحد سيكون قادرًا أن يفدي بروحه من يُحب دون أن يفكر حتى، ظننتُ أنه أمر يحدث فقط بالدراما، لكنه حدث معي وصدَّقتُه.

الصادم أنه رجل ضلَّ غاطس في حُبي حتى عندما رآني في موقف سيء جدًا، كنت أريد أن أموت لأنه رآني، فما عدت سيدته المهيوبة، لكنه أفداني بروحه بينما يناديني سيدتي.

لم أكُ أعلم أن الرجل الذي بات يملئ حياتي هو الكاتب الشهير سوهو حتى جلوسه أمامي، لم أكُ أملك أدنى فكرة حتى.

اليوم وأنا أجلس في بيوتكم عبر هذه الكاميرات، وأروي لكم قصّتي أريد أن تصدقوني أنه ما زال في الدنيا صلاح، والرجل الحقيقي الذي قد يسعدك ربما يحوم حولك.

والآن بعدما أخبرتكم بكل ما أملكه؛ أود أن أعلن لكم أن خطط زواج الكاتب سوهو وزهرته باتت قريبة.

أرجو أن تهنوئني بصدق هذهِ المرّة، وتقفوا بظهري لحمايتي دومًا كما تفعلون، فما أنا إلى مجرد إنسانة آراءها تحتمل الصواب والخطأ.

أعتذر عن التعاميم التي أطلقتها سابقًا، لكنّي لا أعتذر عن أي حالة من الحالات التي تحدثت عنها هنا، فجميعهم كانوا رجالًا أوغاد"

"أيتها المجنونة!"

نبس تشانيول متنهدًا، لن يقدر جون أن يغير طباعها السيئة، لقد تشرّبها دمها بالفعل وانتهى.

مرَّت الحلقة بسلام، ثم دُعيت روزماري رِفقة مدير أعمالها تشانيول إلى مكتب المنتج الرئيس؛ لمُقابلة المنتج المغامر الجديد.

كانت إمرأة صبيّة في مِثلِ عُمر روزماري تجلس أمام المكتب، ترفع ساق فوق الأخرى، ترخي ظهرها على المقعد، تشابك أصابعها أمامها.

شعرها مموج طويل، جسدها طويل وممشوق، لديها عينان صُبَّ العسل في حدقتيها ضمن مِحجرين واسعين كالبدر.

ما إن رأتها روزماري حتى تشعَّب الغضب في سِنحتها، لكن تشانيول تمسَّك بيدها يدعوها للهدوء.

جلست قبالتها وبجانبها تشانيول فيما ترمق تلك المرأة بقدحين يطلقان شرار.

"ماذا تفعلين هنا؟"

رمق الرجل خلف المكتب المرأتين بإرتباك، ثم مَدّ يده ناحية صاحبة عينا العسل يقول.

"آنستي؛ هذه مذيعتنا الرائعة كيم روزماري، والرجل الذي يجلس بجانبها هو رجل أعمالها السيد بارك تشانيول"

"روزماري هذه الآنسة هي المُنتجة الجديدة؛ الآنسة اوه أوريل"

تحدثت أوريل بينما ترمق روزماري بإبتسامة خافتة.

"في الحقيقة؛ نحن نعرف بعضنا، حتى أن سوء تفاهم حصل بيننا بالفعل، أنا ابنة خال الكاتب سوهو؛ إذ هي بمقام إمرأة أخي بالفعل"

دُهش الرجل ولزم الصمت، أما أوريل فمدّت يدها لروز تقول.

"دعينا نتعرّف من جديد، سأكون نافعة صدّقيني"

ثم أوريل غمزت تشانيول جهرًا على مرأى الجميع واتبعت.

"إليكِ اتفاق، سأُبارك لكِ زواجكِ من أخي، في المُقابل أريد صديقك الذي يجلس بجانبك لي"

................

يُتبَع...

الفصل الواحد والعشرون " أُحبُكِ بمزاجٍ شَتويّ"
الجُزء الرّابع "أحبّيني كما تشتَهين"
ضمن الرواية العاطفيّة " هَيبَتُها||Her Savage love"

..................


سلاااااااااااااام

طبعًا هذا الفصل إنكتب يوم ٣١ ديسمبر، وأكيد طَل عليكم بيناير على أقل تقدير.

المُهِم أتمنى الفصل يكون عجبكم♥️☕📖

الفصل القادم بعد 100 فوت و100 كومنت.

1.رأيكم بجون المُراعي المُستمع اللطيف؟

2.رأيكم بروزماري حادة الطباع؟

3.رأيكم بأوريل؟ وماذا ستفعل؟

4.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️

© Mercy Ariana Park,
книга «هَيّبَتُها|| Her Prestige».
CH22||قاع البحر
Коментарі