توطئة|| Introduction
CH1|| إبنة الزمن
CH2|| حُب الدهور
CH3|| إمرأة من بحر
CH4||سماء ونجوم
CH5|| أزرق سماويّ
CH6|| لِمَ أُحبّك
CH7|| بُنٌ وبَحر
CH8|| سماءٌ وبَحر
CH9|| رسول الحُب
CH10||حياة بين الضلوع
CH11|| أزمة الهَيْبَة
CH12|| إنتقام الهيبة
CH13||عُكّاز وجَبيرة
CH14|| غاطس بالحُب
CH15||كَرز وسيجارة
CH16||حُبّي المُشيَّد
CH17|| نور البدر
CH18||بَهاء وإمتلاك
CH19||مَطَر ضِمنَ العاصِفة
CH20|| مخائل حُب
CH21||أُحبُك بمزاجٍ شَتويّ
CH22||قاع البحر
CH23||الزهرة وصاحب البستان
CH24||حُضنه الدافئ
CH25||دموع جميلة
CH26||أغرق في بحرِك
CH27||بَحرٌ هائج وسماءٌ دهماء
CH28||إنتكاس الهَيبة
CH29||زهرة مائلة الجِذع
CH30||جون وهَيبتُه
CH31||ظِلالٌ رماديّة
CH32||أكره الحُب
هَيبتُها|| The End
CH2|| حُب الدهور
كيم جونميون (سوهو)

في:

هيّبَتُها || الحرب

المعركة الأولى: سأُريكِ نفسكِ بي

" حُب الدهور"

















" حُب الدهور... يا زهرة تفتحت حينما سُقيت دماءً، يا روح!!!

لكم مرّة عليّ أن أواكب صدكِ بضِحكة؟!

لكم مرّة عليّ أن أقبض يدي إلى صدري كلما رفضتِني، وأشعر بكِ بين خِلجان فؤادي تُثيري فيّا حُبًا أوسع مداره من أن يَسعني؟!

أردتُ أن أبوح لكِ بالكثير، أُخبركِ كم أنا أُحبك، لكنكِ إمرأة مُتحدِّثة تجهل قراءة العيون.

سأقولها من الآن إلى اللّحد؛ أُحبكِ أكثر مِما يحمل صدري، أوسع مني، وأثقل من كُتلتي...

أُحبكِ كما لم يُحب المتحابون؛ أُحبكِ بلمسة جنون.

إلى الزهرة العذراء...

الكاتب سوهو " 

ضِمن حائط مدوّنته هبطت هذه الخاطرة المحفوفة بالمشاعر، روزماري قرأتها وضحكت، لكنها توقفت في آخر سطر، الزهرة العذراء، يبدو لقبًا مألوفًا.

لكنها لم تأخذ الأمر بالكثير من الجديّة، مُذُّ أن تشانيول الذي يُقابلها بغُرفته يطرق بابها منذ وهلة ولا يصبر.

تنهدت بعصبيّة بينما تحمل نفسها لتتحمله وفتحت الباب، وإذ به يقف أمام الباب ويقرعه كما لو أنه يُطبّل عليه، فزجرته.

" أنت يا رَجل! لو أنني ميّتة سأستيقظ بسبب ضوضائك!"

ضحك تشانيول، وأشار إلى فاهها تلوكه لذّة الإنتصار، فهو رجل بطبعه بشوش، والأهم يرى في كل صغيرة نَصر له عليها.

" قُلتِ يا رجل، إذٍا تعتبريني رجلًا ليس كما ما قلتِ قبل أيام"

ثم سار إلى الداخل يُتمتم.

" أنا أصلًا رَجُل دون إعتباركِ!"

تنهدت روزماري وصفعت الباب حتى تلاقت دفّتيه بضجّة مُفزعة، ودخلت تقول.

" ما الذي أتى بك في مثل هذه الساعة المُتأخرة؟! لا يوجد جدول أعمال في مِثل هذا الوقت!"

أومئ تشانيول ثم سار إلى بار المشروبات قائلًا.

" أدري أنكِ لا تنامي في مثل هذا الوقت، فأردتُ أن أُشارككِ وقتي"

ضحكت روزماري مُتَهكِّمة، ثم حملت من يده كأس العصير، الذي تُفضل نكهته، وسارت قبله إلى الشُرفة.

جلس قِبالتها، تفصلهما طاولة وضع عليها كأس النبيذ وقنينته، نظرت إلى الطاولة واستنكرت.

" أتنوي أن تثمل الليلة عندي؟!"

حرّك كتفيه بجهل، فتنهدت بأستياء واتبعت.

" لو أردت أن تثمل فاذهب وأفعل ذلك في غرفتك، ما شأني أنا في بَلوتك؟!" 

ضحك تشانيول ثم أشار إليها بسبابته.

" أنتِ أصل بلواي!"

فهمت ما يرمي إليه، لكنها لم تسترسل، رغم أنها لا تصدق مشاعره ولا تقبل بها، لكنها تحترمه كشخص ولا تتخيل نفسها تخسره، فلها؛ هو ليس مجرد مدير أعمالها، علاقتها به أوطد من المحامل العمليّة.

لذلك تركته يُسرف بالشُرب دون أن تمنعه، في النهاية؛ لو أصبح الوضع سيئًا بشأنه ستطلب من أحد أن يحمله إلى غُرفته.

وهو كان يشرب وحسب، لا ينظر إليها ولا يتكلم معها، فالليلة السماء تكفيه، فهي -السماء- مُرهفةِ الحِس، كامرأة خجول وحسناء، تُريك من حُسنها أشكالاً ثم تُغادر على أستحياء.

لكنه بعدما أسرف في الشُرب ما عادت السماء تكفيه، فبجواره إمرأة تفوق السماء جمالًا، فنظر إليها؛ وجدها تُثمر وقتها في قراءة كتاب، تسآل.

" ما الذي تقرأينه اليوم؟!"

عرضت عليه الكتاب، فارتفعا حاجبيه وضحك.

" الكبرياء والأحكام المؤولة!"

أومأت روزماري ثم فسّرت سبب أختياره.

" سمعتُ أن هذا الكِتاب يُدرَّس في الجامعات، كما أنه أُستحدِث كفيلم سينمائي منذ زمن طويل، وبما أن الفيلم يحوي زوائد ونواقص، قررتُ قراءة الرواية عن مشاهدته والإستمتاع بخيالي الخاص"

وضعت الكتاب على الطاولة وقالت.

" لكنه ما امتعني، اغضبني فحسب!"

ضحك تشانيول مجددًا واستنكر.

" وأين العمل الأدبي الذي قد يحظى برضاكِ؟! أنتِ ساخطة على الجميع، وكأنكِ روح مُنتقمة تسكن جسداً لا تملكه، همّها أن تُعكر صفوَ حياة الآخرين!"

جمعت ما بين حاجبيها ورمقته بإستياء.

" أنت مثلًا لا تفعل شيء سوى إثارة غضبي، لذا اصمت!"

هكذا هي، المرأة التي يُحب، لا يدري ما تُحب، ما قد يعجبها، وكيف ينال إستحسانها.

يود أن يُدللها بين أَضلعه، أن يُهديها قلبه بين يديها، تتصرف به كما تشاء، لكنها إمرأة نافرة، تنفره لأنه رجل.

لكن ذلك لم يُبدد من حبه لها شيء ولم يُبدد من جنونه بشأنها شيء، مجنون بها لأقصى حد، ولذا فليتصرف بجنون.

منذ أن الشراب أثمله، وهي والحب تشاركا ليتلاعبا بذهنه كيفما يشاؤون، لذا إستباح لنفسه حقًا في التعبير عن حُبه.

إقترب منها بغتةً وهي شاردة، بالتأكيد شاردة في تنميق كلمات لنقد الكتاب بين يديها، حينها تفاجئت به يسرق منها شفتيها، ويجمعهما بين شفتيه في قُبلة، قُبلة مفادها حُب، لا شهوة كما ظنّت، وعلى إثرها نال صفعة أيقظت حواسه.

وقفت على قامتها ونظرت له شزرًا، كان تشانيول يُمسك بوجنته وعينيه فارغة إلا من ألم صدّها المُتكرر.

بجفاء رفعت ذراعها وأشارت ناحية المَخرج.

" اخرج ولا تدعني أراك في الأيام القادمة!"

قبضت يدها بعصبية، ونالت سيوف عينيها من الفضاء الشاغر أمامها تقتله كما لو أنه كيانٌ يُقتل، كانت غاضبة بشكلٍ جليًّا عليها، فجسدها يرتجف وصدرها يرتفع وينخفض بسرعة، تود خنقه ببساطة ثم إقتلاع شفتيه من مكانها.

لكنها تخاف القانون، وتعزّه...!

وقف تشانيول ثم تجاوزها، ولكنه توقف، مفصول عنها بمسافة يكرهها، لكنها كافية لتسمعه الآن.

" أنتِ في النهاية ستشيخي، لن تبقي الصبيّة التي أنتِ عليها الآن، وقتها لن تجدي عجوزًا بجانبك تتكئي عليه، ولا ابنًا يحميكِ من مُر السنين، وستندمي على شبابكِ الذي أفنيتِه وحيدة"

إلتفتت إليه بسنحة تتفجر غضبًا، لكنه درئ غضبها عنه حينما أبصرت عينيه الحمراوتين، يكاد يبكي دمًا لا دموع، أشهر إليها كلامه متصدعًا لكثرة الألم، وغاضبًا.

" أنتِ بشر، لستِ آلهة!"

صاحت.

" تشانيول!"

لكنه لم يتوقف، وفقط خرج، حينها ترامت على كُرسيها مُبتئسة، هل أثارت لنفسها صورة مُمجدة لهذا الحد، ليظن بأنها تتصرف كآلهة؟!

هي فقط إمرأة قويّة لا تنكسر، ولا تسمح أن تتوفر ظروف تكسرها، أهمها الرجال.

......

في اليوم التالي؛ تعيّن أن يكون إستديو الحلقة اليوم هو مَرسى الصيادين، حيث يصطادون من البحر ثروته.

كانت تجلس على كُرسي مُتخم الفخامة، الكاميرات مُسلّطة عليها من كل حَدب وصَوب، وبخلفية التصوير يعمل الصيّادون.

" واحد، إثنان، ثلاث... أدِر الكاميرا!"

تبسّمت فورما أضاء فلاش الكاميرا عليها وقالت تنظر في عدستها.

" مسائكنّ قوّة، الأمس متأخرًا خطر في بالي سؤال، هل نحتاج رِجالًا في حياتنا؟!"

نظرت إلى تشانيول الذي يجلس بجانب المُخرج، وبعد سؤالها تهكّم ببسمة لم يفهمها أحد سِواه، لأنه وحده يفهم الغاية من هذه الحلقة، أن ترد على كلامه ليلة أمس.

لم يستغرب إتصال المخرج والمنتج فجر اليوم؛ ليبوحوا له عن أستيائهم بشأن حلقة اليوم، فلقد غيّرت بطلة البرنامج محتوى الحلقة بعد منتصف الليل، وهذا ما تطلب تحضيرًا جديد، كلّفهم طيلة الليلة الماضية حتى عَصر اليوم، وهو موعد تصوير الحلقة.

وروزماري أجابت سؤالها الفارط.

" والإجابة، نعم نحتاج، إن أردتِ أن تكوني أُمًا فأنتِ بحاجة رَجُل، إن أردتِ أن تخرجي من بيت عائلتك المُحافِظة فأنتِ بحاجة رَجُل يخرجك، أن أردتِ ألا تُلقي في دار العجزة حينما تصبحي عجوزاً فأنتِ بحاجة رجل مجددًا."

تنهدت لأن الواقع لا يعجبها، لكن ما بوسعها إلا أن تعترف به.

" إذن في شتى المصالح؛ نحن بحاجة للرجال، لكن أنحتاج لهم عاطفيًا؟!"

حينها تبسّمت ونظرت إلى تشانيول مجدداً.

" الجواب هو لا، الرجل ليس مُهرجًا ليدفع عنّا شعور الوحدة، ولا مُسلٍ ليملئ حياتنا ضِحكات، لا منفعة منهم عاطفيًا، ربما في عواطف مُزيفة فحسب سيداتي، فكلهم يجيدون الخِداع"

إتسعت نواجذها بإبتسامة رزينة، إلا أن الرجل الذي يجلس وراء الكاميرا رأى فيها إمرأة شقيّة، ورأى الحقيقة.

" فاصل وأوفيكنّ"

نهضت عن كُرسيها تُعدل مُكبر الصوت، وأتاها المخرج مع تشانيول، فتسآلت قبل أن يسأل.

" كيف رأيتَ آدائي؟!"

أومئ منذ أنه ليس بوسعه أن يكذب في مِثل هذا الأمر.

" رائعة كما تكونين دوماً، لكن تغيير النّص..."

رفعت حاجبًا، ورمقت المُخرج بنظرات يفهمها جيدًا، أن لا جِدال في الأمر ما دام لا يضر وينفع.

" لستُ آلة قارئة أقرأ نصّك على الناس،  أنا المذيعة وكاتبة السيناريو، أنا سيدة المحتوى؛ لأنه جزء من عملي أيها المُخرج، لذا رجاءً تحضّر لمثل الكثير من العمل في أي وقت أرغب بتغيير النّص فيه"

تنهد المخرج، وتراجع خلف كاميراته، ليست قويّة من فراغ، القناة التلفزيونية تدعمها، كما أن لها جمهور كبير، و سيطاً واسع بين الناس، فبسببها تربح القناة ملايين الدولارات سنويًا، كما أن نِسب المشاهدة تصل إلى أربعين بالمائة، وهذا رقم قياسيّ بالفعل.

تبسّمت مجددًا حينما أضائت فلاشات الكاميرا.

" سيداتي؛ الأمس كنتُ أحمل بين يديّ كتابًا أقرأه، ووضعتُ به آمالًا كثيرة، لكنه خيّب أملي، الكبرياء والأحكام المؤولة لجاين أوستون، رواية إنجليزية كُتبت في قرون ما قبل النهضة النسوّية"

حملت الكتاب بين يديها تُقلّب بين دفّتيه الأوراق واتبعت.

" قبل أن أقرأ الرواية أطّلعتُ على ظروف القَرن، مما وجدته؛ أن الكاتبة إبنة لقِس كان يُعلم الأطفال الذكور القراءة، والكتابة، وعلوم أخرى في الدَّير، والقِس كان الفُرصة الوحيدة للكاتبة أوستون أن تتعلم القراءة والكتابة، فتعلّمت سِرًا من أبيها."

تبسّمت إلى الكاميرا واتبعت.

" ولِمَ سِرًا؟! مُتأكدة أنكنّ تتسآلنّ... لأن النساء حُرِّم عليهنّ إستخدام عقولهنّ، وأُجبرنّ ليستخدمنّ أجسادهنّ فحسب آنذاك، ولِمَ؟!"

ضحكت روزماري ضحكة ناعمة قبل أن تُجيب سؤالها.

" لكي لا يخسرنّ أنوثتهنّ في عُرف المجتمع وفي نظر الرجل، لذا الكاتبة نشرت كُتبها باسم مجهول، كي لا يُعيّرها المجتمع بنقصٍ في الأنوثة لاحقًا."

إرتفع حاجبها قليلاً بينما تَدعك صِدغها بسبابتها قائلة.

" تُذكرني بالكاتب العزيز سوهو، لكنه ليس إمرأة كما أظن، أم أنه إمرأة شاذّة يتغزل بإمرأة أُخرى؟!"

حرّكت كتفيها بجهل واتبعت.

" لا نعلم للأسف، فقط لنتابع موضوعنا"

تشانيول خلف الكاميرا إبتسم وأوجز.

" لئيمة مُستفزّة!"

" الرواية تروي قِصة فتيات خمس أخوات، ثاني أكبرهنّ أجملهن والكُبرى هي البطلة، هنّ خمس فتيات لأب لم يرزق بمولود ذكر، ومن هنا يبدأ الصراع، فبحكم القانون آنذاك المرأة لا ترث، وفي حالتهنّ؛ عليهنّ أن يتزوجنّ على حياة والدهنّ؛ ليرث أزواجهن إرثهنّ، ولا ينهب الإرث رجلاً ذا نسب بعيد عن العائلة، ثم تليها قِصة حُب سخيفة"

وضعت الكِتاب على المنضدة طويلة الساقين وقالت.

" لم يخيب أملي من شخصية البطلة، فلقد كانت قويّة، ولم يخب من الظروف المُحيطة، فلقد كانت حقيقيّة، إنما من الذي عرَّفتهم الكاتبة باسم العائلة، اغضبوني كثيراً!"

" الأب لا نفع منه لبناته، والأم تركض خلف العِرسان، والفتيات يركضنّ خلف الشبّان الوسيمين، ثم الرواية تقصّ قصة حُب سخيفة، ولا تحل الأزمة التي طرحتها، ولم تحاول أن تغير من الواقع شيء، أو تُحدث حلًا، فقط تزوج البطل المُنقذ البطلة التي تُسيء فهمه، والمشهد الأخير كان قُبلة، أي محتوى جنسيّ"

إستلت نفسًا عميقًا وكأنها ترفع عن كاهلها حِمل وقالت.

" في المرة القادمة؛ لا أدري إن كنتُ سأنصحكم بكتاب تقرؤنه أو لا تقرؤنه، حتى ذلك اليوم، كُنّ كما يَخال لي عنكنّ، نساء قويات"

" Cut!"

وهذه كانت نهاية الحلقة، وقفت روزماري بعدها، وتوجّهت إلى الصيادين تنظر في صيدهم، تكره كل المأكولات البحرية وتُثير إشمئزازها، لكنها لا تُنكر، أن الرجال يعملون بجِدّ.

....

كان سوهو أمام التلفاز بعدما عُرِضَت حلقة برنامج " مسائكنّ قوّة" التي تكون محبوبته فيه سيدة الشاشة.

كان يجلس مع سيهون، وكلاهما حضرا الحلقة معًا، ثم سيهون أباح برأيه حينما لاحت شارّة النهاية.

" أرى أنها إمرأة واعية لمحتواها، وترى في الأشياء تفاصيلها، وتُنقب عن الأخطاء، أحببتُ هذا مُنذُ أنها مُقتدرة، وتمتلك أدوات الناقد، لكن لسبب لا أفهمه؛ تكره الكاتب سوهو بشكلٍ مَقيت، تَكرهك!"

سوهو تبسّم، ثم أغلق التلفاز ليسير إلى البار، حمل لنفسه كأس نبيذ، ثم إلتفت إلى صاحبه يقدم له الكأس الآخر.

" تكرهني لأنها تفهم أنني أتحدث عنها، أو أتحدث عن إمرأة تشبهها"

تنهد ثم سار إلى النافذة حتى أطّلع على الشاطئ فقال.

" هي لا ترى في نفسها إمرأة قابلة لأن تُحَب وتُحِب، هي وَهبت حياتها للشاشة واكتفت بذاتها، فكيف بكاتبٍ مجهول مثلي أن يحب إمرأة على فصيلتها، أو يُحبها هي؟!"

تبسّم حينما وقف سيهون بمحاذاته، فأشار إلى نفسه بسببابته وقال.

" هذا هو سببها ودافعها لكُرهي، لا أحد أدرى مني بحبيبتي!"

حرك سيهون عُنقه يمينًا يسارًا وضحك ساخرًا.

" عاشقٌ مجنون!"

برم سوهو شفتيه وأومئ.

" أدري!"

...

كان المساء لائح، القمر بهيج والليلة تُضيئها النجوم، الرياح نسيمًا والجوّ لطيف، يناسب كاتب حالم مثله، مُحِب للتأمل!

لذا خرج من الفندق ليسير على الشاطئ، تحديداً الرُقعة التي كانت اليوم أستديو لتصوير برنامج هيّبة معالي حبيبته، شاطئ الصيادين.

لربما لمحها عن بُعد، أو رآها عن قُرب، يكفيه لقائها كيفما تيسّر.

حينما وصل وجد أن طاقم العمل ما زال يقيم في الوَرشة لتفكيكها، آنذاك سمع الصيادين يتكلموا بينما يلمّوا أغراضهم شتى مُستعدّين للرحيل.

" سمعتم هذه الشمطاء ما تقول عنّا من ذمّ؟ جعلتنا شياطين آدميّة!"

" زوجتي تستمع إليها دومًا وتأثرت بكلامها، أصبحت مُتمرِّدة لدرجة كلّفتني أن أضربها"

" أود أن أقتلها، ليتها تقع في يدي، سترون ما أنا فاعل بها حينها!"

إستاء سوهو من كل الذي سمعه، وأكثر ما أساءه أن رجل تطاولت يده بالضرب على زوجته، لأي سبب كان، أيُ سبب لا يُبرر العُنف بالنسبة له إطلاقاً.

" ها هي هنا!"

صاح إحدى الصيّادون من خلفه فنظر إلى ما يشيرون، فإذ هي روزماري تخرج من ورشة التصوير، ترتدي ثياباً أنيقة، وتفرد شعرها الذي بكلاحة الليلك وكالبحر في أمواجه.

سَحرته للمرة ال... لا يعرف!
كثيرًا ما سَحرته لدرجة ما عاد قادرًا أن يَعُد...!

لكنه تجاوز عن سِحرها حينما سمع الرجال خلفه يتكالبون عليها مشحونين عليها بالغضب، لذا تتبعها كي يحفظ سلامتها، ومهما كانت بعضلة لسان قوية وعقل مُحنّك، عضل ذراعها من رَهف، ناعم لا يواتيه اللكم والضرب.

حينما صارت قُرب سيارتها، وعلى غير العادة؛ مدير أعمالها بارك تشانيول -الذي يمقتُه بالمناسبة- لا يراه في الجوار حولها.

حاوطوها أربعة رجال قبل أن يصلها بنفسه، فقرر أنهُ سيحميها ولو كلفه ذلك كم جُرحٌ صغير في وجهه الثمين.

وهي كانت عالقة بين أربعة رجال، ولأنها إمرأة مكروهة من الجنس الآخر ما كانت تستغرب مثل هذا الفعل الأهوج منهم، فهم على رأيها، حفنة أوباش.

" ماذا تريدون؟!"

تضاحك الرجال فيما بينهم وسخروا منها أمامها.

" انظروا! تظن أن لسانها الذي يلعب بعقل نسائنا ويؤذينا سيجعلها تنجو مِما وقعت فيه بيدها الآن!"

تنهدت روزماري، وحرّكت يدها بطريقة لا تُثير الشُبهة خلف ظهرها، واتصلت بتشانيول، فهو لديها ضِمن الإتصالات السريعة، إن ضغطت على أيقونة الرقم واحد لديها في القائمة سيرُد هو.

" لسنا نعيش في غابة لتتكالبوا عليّ كالضِباع!"

وجونميون، بطلٌ أنجبهُ الحُب، خرج من حيث لا تدري السيدة المهيوبة التي تقف في منتصف الرجال، بينما يحمل في يده حِزام بِنطاله، قد لفّ جِلده حول كفه، وأطلق إبزيمه الحديدي طلق في الهواء، مُستعد ليؤلم.

" الرجل إن أراد أن يُمارس قوة عَضله يذهب إلى نادي للملاكمة أو أي رياضة أخرى يُفرغ فيها روحه العنيفة، لا يضعه على كائن ناعم مِثل المرأة!"

نظر ناحيتهم حينما تجمعوا عليه، وتركوا روزماري التي إتكأت على سيارتها، وراحت تراقب المُعجب الذي أعلن حربه عليها سابقًا.

" تُدافع عن هذه المرأة التي تصورنا كشياطين!"

ضحك سوهو، وحرّك رأسه يمينًا شمالًا قائلًا.

" صَدّقني، لسانها لم يكن حاد على أحد بقدر ما هو حاد عليّ..."

ثم نظر إلى التي تتوارى وقال.

" لذا أنها تُعجبني"

حرّك إحدى الرجال كتفيّه يقطع جوّ اللحظة العاطفية قبل أن تبدأ قائلًا.

" ليست مُشكلتنا إن كُنت مازوخيّ تُحب تلقّي الإهانة، والآن ابتعد وإلا قتلناك يا عصفور!"

شدد سوهو بقبضته على حِزامه ثم قال.

" صدقوني أيضًا، لا تعرفوني كفاية!"

وهنا بدأ العِراك، أو هو لم يكُ عِراك فعليًا، فهو يضرب بحزامه الهواء، ويصيب من يصيب، وهم تارة يتقدمون للهجوم، وحينما يلوّح بحزامه يفرّوا متراجعين، هكذا حتى نال كل واحد منهم جلدة، ثم هربوا منهزمين.

كان جونميون يلهث أنفاسه بينما يعقد الحِزام حول خصره، تقدم من روزماري، ثم بانت إبتسامة استغربت أنه يُجيد وضعها على شفتيه، مُذُّ وهلة كان شخصيّة فارّة من فيلم رُعب، الآن هو يبتسم لها بلطافة.

" أنتِ بخير؟!"

قبضت حاجبيها إثر التناقض الفضيع وقالت.

" قُلتَ أن الحرب بيننا إندلعت، كيف تقول أنك مُعجب بي إذن وتدافع عني أيضًا؟!"

إقترب سوهو حتى إتكئ على سيارتها كما تفعل بمحاذاتها، عقد ساعديه على صدره، وتجاوز عن نظراتها المُستهجِنة.

" ألم تقولي أنكنّ بحاجة رجل في المعارك العضليّة، أديتُ لكِ مصلحة سيدتي!"

إرتفع شِدقها بإبتسامة، وعقدت ساعديها إلى صدرها، تنظر نحو الناحية الذي يتنحّى عنها.

" أقول "مسائكنّ قوّة" تحيّة لجمهوري في كل حَلَقة، ما ظننتُ أنك تُلطخ نون النسوة في تحيتي هذه"

ضحك لأنه يُحب كلامها،ثم قال.

" لستُ رَجُل يقاومك، لستُ مع كل كلامك لكنني أفهمك، لهذا أنا معجب بكِ"

إلتفتت إليه.

" بغض النظر عن إعجابك، لِمَ تُحاربني أيها السيد؟!"

إرتفع شِدقه بإبتسامة خفيفة وقال.

" لأنكِ أكثر مما استطيع أن أقوله لكِ"

نظر لها جانبيًّا وبإبتسامته الوسيمة قال.

" أنتِ جُزء مني، هذا أقصى ما أستطيع قوله"

وصل تشانيول يقطع تتمة الحديث، كان يتقدم يحمل على وجهه ملامح تيّبست لكثرة ما لاكه القلق والخوف عليها.

إحتضن وجنتيها بكفّيه رغم أنها سبق ومنعته عن لمسها، لكنها تتفهمه الآن، هو خائف عليها، لذا لم تدفعه عنها.

" أنتِ بخير؟! لم يصبكِ ضُر، صحيح؟!"

أومأت تُزيح كفيه عنها بلُطف، ونظرت ناحية جونميون.

" أنقذني هذا المُطارد!"

وعلى غرار ضحكة جونميون المُستهجن للتُهمة المتوجهة إليه؛ تجاهلته وقالت لتشانيول.

" لذا لا تُبالغ في قلقك، أنا بخير، أعدني إلى الفندق من فضلك، لا مزاج لي أن أقود"

تشانيول رمق الرجل الغريب مستنكرًا تصرفاته التي وجدها غريبة، لكنه تجاهله كما سيدته، وقال لها مُشيرًا.

" اصعدي، سنذهب معًا"

صعدت روزماري بجانبه، وبعد نظرات ساخطة تبادلاها الرجلان، تشانيول غادر بالمحبوبة، جونميون بعد إنطفاء وجودها من حوله لفظ مُغتاظًا.

" أيها البغيض! ليت عجلاتك تنشق! ليت إسهال يُصيبك!"

سمع ضحكة من خلفه وإلا به سيهون، الذي رأى من المشهد آخره فعلّق مُتفكهاً.

" اووه! جوني الغيور!"

رمقه جونميون بأستياء، ثم غادره بخطوات مستعجلة تنم عن غضب نِتاج غيرة، سيهون ضحك يتبعه بينما يحاول إيقافه.

" جون! انتظرني يا رجل، لقد أتيت كل الطريق خلفك، فلتقدر هذا يا غبي!"

جونميون من الأمام صاح.

" سيهون اصمت وإلا صنعت من لسانك الطويل سِجّادة أسير عليها في حفل إنطلاقة كتابي القادم!"

وذلك ما جعل سيهون يسترسل بالضحك، لا حفلات إنطلاق لكتبه من الأصل، فكيف لكاتبٍ مجهول الهويّة أن يُطلق كِتابه علانيّة؟!

....

وصل تشانيول وروزماري الفندق، وروز ما أسفرت عن إستنكار حينما ولج تشانيول الغرفة من بعدها وأغلق الباب وكأنه يختلي بها.

تدري أنها مهما صدّته وتحدثت سيبقى مُهتمًا بها بطريقة مُبالغ بها، كالآن تمامًا.

" من هذا الرجل الذي حماكِ؟ أتعرفينه؟"

روزماري قهقهت بينما تقف أمام المرآة؛ لتخلع قرطيّها.

" أعرفه، ما مُشكلتك؟"

تنهد مُستاءً، ثم نظر إلى إنعكاسها بالمرآة بينما يقف خلفها عن مسافة، ويعقد ساعديه إلى صدره متجهمًا.

" روز، كُفّي عن إستفزازي وأجيبيني رجاءً، من هذا الرجل؟!"

رمقته عبر المرآة، وقد حلّت ذراعيها بأستياء وزفرت، ثم إلتفتت إليه تقول.

" لا أعرفه كفاية لأُجيبك، هو رجل يعرفني أكثر مما أعرفه، ألتقيتُ به ثلاث مرات فقط من باب الصُدفة أو أنه يطاردني، لا إحتمال آخر"

أومئ تشانيول يتدبر الأمر في عقله ثم قال.

" حسنًا، سأنظر في الأمر"

إلتفتت تمسح مستحضرات التجميل عن وجهها ونهته.

" ليس شيء يستحق النظر فيه، سنُغادر على آية حال ولن أراه أو يراني، لا حاجة لأن تُكبر الموضوع!"

تنهد تشانيول لكنه أومئ.

" أواثقة؟!"

إلتفّت إليه وأومأت، كما سبق عِلمًا؛ هي إمرأة جريئة، فلا إمرأة تُخاطر بحُسنها أمام رجل ولو أنكرته، لكنها تثق بمدى روعتها كفاية لتُريه نفسها عارية من أي شيء قد يُعطّر ملامحها، لأنها مُعطّرة بالفعل.

إستغرق بالنظر إليها، حدقتيها برزت زِرقتها أكثر، كما لو أنهما قطرتيّ ماء تنعكس عليهما زرقة السماء، هي على هذا القدر من الجمال.

عيونٌ فريدة، شفاهٌ شقيّة، وملامحٌ قويّة...
شعرٌ حُر كَفرسٍ أصيل، مُمَوَّج كبحر هائج، أسود كليلة مظلمة لا ضوء لقمرٍ فيها...
إمرأة مُتمكِّنة، شخصيّة قويّة، لسان سليط، وقِوامٌ فرنسيّ.

يكاد أن يخرم قلبه ويترك دمه ينسكب لفرط الحُب...!

ولأنه شَرد وتاه كثيرًا منها فيها، أخذت تُناديه وتلوّح أمام وجهه بيديها، لعلها إستعادت إنتباهه الذي سرقته منه دون أن تدري.

" تشانيول، أيها الصبيّ!"

حينها أستيقظ يقول هازئًا.

" الصبيّ هذا يتجاوزكِ بالعمر خمس سنين، ويفوقك طولاً بمِتر أيتها القزمة!"

وهذا أكثر ما يُغيظها، أن يُعيّرها بطولها، إذ طفقت عليه تطرده بعنف، بينما تضرب ظهره الموارب لها حتى خرج وهو يضحك، لا أروع من إغضابها!

زفرت روزماري بغضب حينما غادر، وصفعت الباب من خلفه، ثم عادت إلى الداخل تتخصر والغضب يأكلها، صار أن إتصل بها أحدهم، ولسوء حظه كان ضحية غضبها الجمّ.

" ماذا؟!"

صاحت بهذه فأرتبك الآخر، نظرت في الشاشة لتتعرف عليه مُنذُ أن صمته طال، ثم تحدثت وقد إزدادت إستياءً.

" لِمَ تتصل؟ هل مَلّت منك زوجتك وطردتك خارج المنزل؟! فأنت لا تتصل بي إلا في مثل  ظروف مُشابهة!"

أخاها بحرج تضاحك وقال.

" لا عزيزتي، أتصلتُ لأطمئن عليكِ"

أغمضت عيناها بأستياء وقالت.

" أتُريد مالًا؟!"

" روز، أنا حقاً أتصل لأطمئن عليكِ، كيف حالك؟!"

أجابت بجفاء.

" بخير، لذا إختصر"

تنهد قبل أن يتحدث.

" حسنًا صغيرتي، علمتُ أنكِ غداً ستصلي سيؤل، لذا أرجو لو قضيتِ عشاءكِ معنا، نحن إشتقنا لكِ"

لأنها إشترت بعض الهدايا لهم؛ كانت تنوي الذهاب، وها أتت الفرصة المناسبة، تشتاق لأمها وأبيها، لذا ما اعترضت وفقط وافقت، وذاك ما أثار الريّبة في نفس أخيها، لم يُسبق لها أن قَبِلت بشيء يقترحه عليها هو بهذه السهولة.

" سآتي، ولكن أياك أن تنعتني بصغيرتك مجددًا أيها الأحمق!"

أغلق الخط أخوها، ثم قال للرجل بجاوره والإبتسامة تشق نواجذه.

" لقد وافقت ولا أظنّها تشعر بشيء، ستنجح الخُطة!"

الرجل بجانبه، رجل مُهندم ببدله كُحليّة كلاسيكية فاخرة، يضع في معصمه ساعة، يُشكل الألماس طوقاً حول شاشتها.

الأمور تمّت كما أراد، بمجرّد أن مَلئ بطن هذا الرجل بطعام لم يَحلُم أن يأكل منه في مطعم فاخر.

" ماري، إمرأتي الكتكوتة!"


....................................

يُتبَع...

الفصل الثاني " حُب الدهور"
في الجُزء الأول " سأُريكِ نفسكِ بي"
ضِمن الرواية العاطفيّة " هيّبَتُها"

.............................



سلااااااااام


وها الفصل الثاني يطل عليكم رغم أنو الشرط ما تحقق بس مَعلش🤭♥️

طبعًا أتمنى ما تشوفوها مُمِلة لأنها لسة في بدايتها، صح هي رواية هادية لكن بتناقش مواضيع مهمة ولأحداث قدر من السخونة.

خلال الفصل القادم ح نكشف عن شخصيات جديدة، و حت تبدأو تلاقو الأجوبة ع أسألتكم إن شاء الله لهيك كونوا متحمسين وأنا لن أطيل الغياب بإذن الله.

قضية مهمة حبيت احكي فيها، أنو الكتب الي بذكر اسمها (عدا مؤلفات سوهو الخيالية) هي حقيقة وأنا عم أنقدها على لسان روز لأنني مُتخصصة بالأدب الإنجليزي، قبل سبق ونقدتها بس على حسب رغبات أساتذتي في الجامعة، لهيك هلأ عم بنتقم😂😂

الفصل الجاي فيو قُنبلة... كونوا متشوّقين...!

الفصل القادم بعد 80 فوت و 80 كومنت (لن أتهاون بشأن الشرط)

1.رأيكم ببطلتنا روزماري؟! صدّها لتشانيول؟! كلامها مع سوهو؟! كلامها في مساحتها الإذاعية؟!

2. رأيكم بسوهو؟ هل هو عاشق مُطارد، كاتب مجنون، أم معجب مهووس؟!

3.رأيكم بتشانيول؟ ثبات مشاعره رغم الصد؟!

4.توقعاتكم حول أخ البطلة؟ ومن يكون الرجل الذي في صُحبته؟!

5. توقعاتكم شتّى حول الفصل وآرائكم المفصّلة؟!

( انقدي المحتوى نقدًا بنّاء، لا تجريح فيه لي كشخص، ولا تقليل من شأن المجهود الذي أضعه في الكتابة)

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️






© Mercy Ariana Park,
книга «هَيّبَتُها|| Her Prestige».
CH3|| إمرأة من بحر
Коментарі