توطئة|| Introduction
CH1|| إبنة الزمن
CH2|| حُب الدهور
CH3|| إمرأة من بحر
CH4||سماء ونجوم
CH5|| أزرق سماويّ
CH6|| لِمَ أُحبّك
CH7|| بُنٌ وبَحر
CH8|| سماءٌ وبَحر
CH9|| رسول الحُب
CH10||حياة بين الضلوع
CH11|| أزمة الهَيْبَة
CH12|| إنتقام الهيبة
CH13||عُكّاز وجَبيرة
CH14|| غاطس بالحُب
CH15||كَرز وسيجارة
CH16||حُبّي المُشيَّد
CH17|| نور البدر
CH18||بَهاء وإمتلاك
CH19||مَطَر ضِمنَ العاصِفة
CH20|| مخائل حُب
CH21||أُحبُك بمزاجٍ شَتويّ
CH22||قاع البحر
CH23||الزهرة وصاحب البستان
CH24||حُضنه الدافئ
CH25||دموع جميلة
CH26||أغرق في بحرِك
CH27||بَحرٌ هائج وسماءٌ دهماء
CH28||إنتكاس الهَيبة
CH29||زهرة مائلة الجِذع
CH30||جون وهَيبتُه
CH31||ظِلالٌ رماديّة
CH32||أكره الحُب
هَيبتُها|| The End
CH14|| غاطس بالحُب
كيم جون ميون (سوهو)

"حتى ينتصر حُبي"

هَيبَتُها || الحَرب







" غاطس بالحُب"








"حور... أنتِ مِثل مُكافأة في الجنّة.

أنتِ... هَديّة من الرَّب وَلجت حياتي.

شُعلة... أنارت ظُلمات حياتي.

يا سيدتي، أُهيبُكِ، وأُحبُكِ واعتزُ بكِ

لأنكِ الحلاوة على طرف لساني، والألوان في عينيّ.

أنتِ بمثابة حياة، حياتي أنتِ، من بعدكِ لا حياة.

إلى زَهرتي العذراء

الكاتب سوهو"

...

"أُحبكِ"

هَمس جون بتِلك الكلمة فيما يَسند جبينه على جبين روزماري، راحتيه تحتضن وجنتيها، يَتنفس أنفاسها، عيناه مُغلَقة ويراها بقلبه.

قلبه المَجنون ذاك، قلبهُ ينبض بجنون؛ وكأنه قَد ركض لألف مِتر أو يَزيد.

يَشعُر بأنه سليم مُعافى؛ وكأن وجهه الوسيم لاتَملئهُ الخدوش، وكأن قدمه المكسورة لا ضرر بها، وكأنه لم يَشعر بألم في حياته قَط، ولا حُزن.

لأنه ببساطة يَتوق لهذا اليوم مُذُّ سنين خمس طويلة عُجاف، قضاها بالصبر، والإنتظار، والإحتساب، والدراسة؛ دِراستها. 

اليوم يُكافئ على صبره، وحُبهُ المَتين يُجزى، يكاد لا يُصدق أنه قَبَّلها وقَبّلته.

"تبدو خبيرًا بالتقبيل، أرافقَت الكثير من النساء سابقًا؟"

قالت روزماري بعدما إبتعدت عنه قليلًا، فضحك قليًلا ونفى برأسه.

"لا يا هَيبَة، أنا لم أُرافق إمرأة قَط لكن خيالي فَذّ"

رمقتهُ بسخط.

"مُنحرف!"

تَبسّم، حينها إتكأت بذقنها على يدها وأسهبت النظر فيه تسأله.

"ولِمَ لم تُرافق نِساء من قبل؟

لا تقل لي أنكَ كُنتَ بإنتظاري، هذا مُبتَذل!"

حَرَّك كتفيه فيما يقضم شفتيه ويُفكر، كانت لحظة ذهبيّة شاغرة لها لتتأمله.

عيناه عَسليّة، وبشرتهُ بيضاء صافيّة، شَفتيه زَهريّة مُكتَنزة، كيف لرَجُلٍ أن يفوق النِساء جمالًا؟!

تحمحمت واستمعت إلى أجابته.

"لأُصدقكِ القول، كنتُ قد قررتُ مُسبقًا أن أعتزل النِساء حتى أموت، لكنّي عندما رأيتُكِ تَبخّر قراري وأحببتُك"

"ولِمَ تعتَزِل النِساء؟ أبكَ عيب؟!"

ضحك مِلئ شدقيه ونفى بيديه يقول.

"لا بالطبع، لكن طبيعة عملي أحكمتني ألا أتفرغ للنساء"

برمت شفتيها روزماري واستنكرت.

"لكنّي لم أراكَ تَخرُج إلى عملكَ قط، بل لم أراك تعمل أبدًا"

أومئ لها.

"نوعًا ما؛ عَملي حُر.

أعمل متى ما أجد نفسي أرغبُ في ذلك فقط"

تنهدت روزماري؛ إذ أنها تشعر بأنها تتعرض لخُدعة غبيّة منه.

"جون!"

أجابها مُبتسمًا.

"هَيبَته!"

تنهدت مجددًا، كيف لهذا اللقب أن ينشر الحلاوة فيها هكذا؟!

"أخبرتني أنكَ تعمل في مجال التنمية البشريّة أي أنكَ موظف، كيف يكون عملكَ حُر؟!"

ضيَّقت عيناها عليه والشكوك تَملئ مُقلتيها.

"نعم، لكنه حُر، أنا لم أخبركِ بتفاصيل العمل"

"أخبرني إذاً!"

نهض من جانبها يَقول.

" ستعلمين في المستقبل"

بإنفعال هتفت.

"أنت!"

تبسم في وجهها وقال.

" أعدكِ في المُستَقبل القريب ستعلمين"

تنهدت بأستياء مُجددًا؛ إذ يمكنه أن يكون عنيد إلى هذا الحد؛ فقط ليُبقيها تحمل كمًّا هائلًا من الفضول ناحيته.

"ارتدي ثيابكِ سيدتي، سأُحضِّر الإفطار ريثما تَنتهي"

نظرت إلى روب الإستحمام الذي ترتديه، وأطراف شعرها التي جَفَّت وحدها، لم تَكُ في حالة مُناسبة لتجالسه، هي نِصف عاريّة، لكن عينيه لم تتزحزح عن وجهها قط، حتى حينما قبلها، كان يحتضن وجنتيها.

أنه لا يشتهيها بل يُحبها، هذا واضح.

نهضت تَبحث عن شيء ترتديه مُذُّ أن المكان لا يخصها، لكنه قال "ارتدي ثيابك" إذًا يوجد شيء ترتديه هنا.

تَقدمت من دولاب الثياب، فتحته وإذ بداخله الكثير من الثياب النسائية، أخرجت فُستان، أنه على قياسها بالضبط، تفقدت قِطع أُخر، جميعها على قياسها.

ما أستطاعت أن تكبح تلك الإبتسامة أن تُزيّن شفتيها، أيُعقَل أنها تؤمن بالحُب من جَديد؟!

حينما إنتهت من إرتداء ثيابها وترتيب مَظهرها؛ خَرجت إليه تَبحث عنه، توجّهت إلى المَطبخ، هو ليس هُنا والمطبخ نظيف كُليًا.

قبضت حاجبيها، لقد أخبرها أنه يُحضِّر الإفطار.

"جون؟!"

نادته فسمعت إجابته.

"هُنا يا سيدتي، تعالي إلى الحديقة"

تَلفَّتت حيث آتى صوته، وإذ به باب زُجاجي يَطلُّ على الحديقة الخلفيّة للمنزل، خرجت تَبحث عنه، وإذ به أسفل مَظلة كبيرة من القَش يقف، فيما يوظّب على طاولة خشبيّة تستظِل بظل المَظلّة المائدة.

تعبأت شفتيها بإبتسامة وذهبت إليه تقول.

"مررتُ بالمطبخ فلم أجدك وكان نظيفًا لذا شككتُ أنكَ حضّرتَ الإفطار"

أبعد لأجلها الكُرسي -فهو رجل نبيل-، ثم آتى ليجلس قِبالتها وقال.

"لا أترك فوضى خلفي أبدًا، تفضلي تناولي الإفطار، أرجو أن يكون مُناسبًا"

تَبسَّمت وأومأت له، إنها طاولة شهيّة، قد حَضر الكثير من الأطباق، عِدة أنواع من الخُبز، وعَصير طبيعيّ.

تناولت الطعام معه بمُتعة، فالطعام لذيذ وصُحبة جون مُمتِعة.

بعد الإفطار، تعاون كلاهما على توضيب الطاولة، ثم جون حمل أبريق الشاي وكوبين على صينية، ثم وضعها على الطاولة الصغيرة بين كُرسيين إستراحة يركُنان قُرب بِركة الماء.

"تُحبين الشاي بالليمون والنعناع، أليس كذلك؟!"

أومأت له وقد إتسعت حدقتيها.

"كيف تَعلم يا رجل؟!"

ضحك بخفّة وعلّق فيما يَصُب لها الشاي.

"أعرف الكثير، ما زِلتِ ستتفاجئي كثيرًا!"

أومأت وقد نال منها الإعجاب، تبًا له!
لقد أقسمت ألا تتورط بالحُب مُجددًا، فما بالها لا تُقاوِم!

..................

في الصباح الباكر؛ كان سيهون ينام على أريكة طويلة في مُنتصف صالة جلوس تَعُمُّها الفوضى.

شِقة تشانيول؛ حيثُ مَكثَ سيهون الليلة الفائتة، لقد كان هذا الرَجُل مُزعِجًا جدًا وهو ثَمِل، لقد ثرثر كثيرًا، كذلك سيهون.

والآن سيهون يُدرِك لو أن جون عَلِم بما حصل ليلة الأمس سيقتُلهُ بلا شك، لقد أفشى لتشانيول بأهم أسراره وهو في حالة سُكرٍ شديدة.

أفاق سيهون على صُداع شديد يَدُبُّ في رأسه، يكاد يَفصمهُ إلى نِصفَين، قعد على الأريكة متوعكًا فيما يُمسِّد صِدغيه بأنامله، هذا الألم بالفعل لا يُطاق.

تنهد سيهون فيما يكمِش عينيه، وأحداث الليلة الفائتة أخذت تتلاطم في ذهنه، وها هو يجول فيها سريعًا.

سُرعان ما لَطم ثغره براحته ثم تمتم بأنفاسٍ مُثقلة.

"قُضيَّ عليّ!"

وذلك ما حدث بالليلة الفائتة...

حينما وصل سيهون شقة تشانيول كان قد دَبَّر حُجج كثيرة -مُقنِعة على قدر الإمكان، ولا تتضمن السبب الحقيقي -وهو الخوف من العَتمة- ليسمح له تشانيول أن يَبيت لديه.

فلدى سيهون رِهاب من العَتمة مِن صغره، وذلك يعود لحدثٍ مأساويّ حَصلَ معه في طفولته.

لكنه رغم رِهابه لا يستطيع أن ينام والأنوار مُضاءة؛ لذا لابُد له أن يجد شريك سكن؛ لينام بقُربه بكل هدوء وبراءة. 

وهذه الليلة شريكه تشانيول -بما أن جون وجد لنفسه شريكًا أفضل-، كائن ناعم ورقيق في المَظهر فقط على حَسب قول سيهون.

لكن الغريب أن تشانيول استقبله دون أن يسمع له مُبررات أو أيًا كان، بل دعاه إلى شُرب خمر باهظ الثَمن معه؛ وكأن كان بإنتظار أن يظهر له شريك من العَدم، وذلك الشريك هو سيهون بلا شك.

وقف تشانيول أمام بار المشروبات، أخذ زُجاجة نبيذ مُعتَّق وأتى بكأسين يقول.

"من الجيد أنك أتيت، إنّي بائس ووحيد لدرجة أنني قد أُجَن وأدعو غريبًا من الشارع ليُشاركني الشُرب"

دُقَّت الكؤوس بلا نَخب، ثم كِلاهما بدأ يَشرب بجنون، فالصِفة المُشتركة الوحيدة بينهما هي قُدرتهما على تحمل الخمر، وهي صِفة سيئة بكل تأكيد.

بينما يتشاركان الزُجاجة الثالثة؛ كان كِلاهما قد إختمر وعيه كما الخمر تمامًا، حينها تشانيول تسآل، رغم أنه لا يتدخل في خُصوصيات الآخرين عادةً، لكنه الآن إستثناء.

"أتُحبها؟"

قبض سيهون حاجبيه وتسآل.

"مَن تَقصد؟"

ضحك تشانيول بخفّة قبل أن يرتشف من كأسه رشفة أخرى.

"لا تتغابى! أقصد أُخت جون، رأيتُكَ تُعاملها بطريقة حميميّة لا تكون بين الأصدقاء المُقرّبين حتى"

تشانيول رفع سبابته وحذّر رفيقه قبل أن يُقدِّم أجابته.

"لا تكذب علي، أود أن أعلم فقط"

بانت إبتسامة خجولة يغمُرها الحُب على شِفاه سيهون.

"تقصد آيرين؟
بلى؛ أُحبها وتُحبني.

في الحقيقة؛ إن مشاعر الحُب نتبادلها أنا وآيرين مُذُّ مُدةٍ طويلة، لكنّا نُبيقها سِرًّا حاليًا"

تشانيول زَمَّ شفتيه.

"ولِمَ تُخفيان حُبكما؟!"

سيهون أخذ ما بقي في الكأس في جُرعة واحدة، ثم وضعه على الطاولة ليملأه تشانيول من جديد لأجله، حينها سيهون اتبع بعد تنهيدة بائسة.

"الأمر مُعقَّد في الحقيقة، آيرين أخت جون، وعائلتها الآن تُركِز على جون وأرتباطه فقط، أما آيرين فأمرها مؤجَّل حتى تغدو مُشكلة جون مَحلولة"

تسآل تشانيول.

"وما مُشكلة جون؟!"

أجابه سيهون بعدما همهم.

"هُناك نوع من الإلتزام في عائلته، أنه على الرجل أن يتزوج إن وصل سِنّ الثانية والثلاثين، الآن جون في الرابعة والثلاثين من عُمره، وعائلته يَصرّون عليه كثيرًا ليتزوج"

ضحك تشانيول بثمالة وعَلَّق.

"ما هذه العائلة الغبيّة!

ولِمَ يفعلون؟!"

همهم سيهون يحاول أن يتذكر؛ إذ أن الثمالة تكاد تُفقده وعيه.

"لأجل أن تحصل العائلة على وريثها الأول"

إتسعت عينا تشانيول ووضع كأسه على الطاولة، وقد بان عليه إهتمامًا جمًّا في سيرةِ جون.

"أهو ابن تَكتُّل إقتصادي؟ لا تقول أنه مُدير شركة سامسونغ أرجوك!"

إنزعج سيهون ولكزه بقدمه يقول.

"غبي أنت؟! سامسونغ مرة واحدة! كُن واقعيًّا!

إنه فقط يُفضَّل أن يرى الجَد حفيده قبل أن يُنفِق، ووالد جون بالفعل مريض، وعلى حسب كلام الأطباء فلن يعيش كثيرًا، لديه مشاكل مُربِكة في القلب"

أومئ تشانيول مُتفهِمًا ثم قال.

"إذًا جون ليس رئيس شركة ما، أليس كذلك؟!"

أشار له سيهون بأصابع الإتهام وقال مُمتعِظًا.

"إنك تُشاهد الكثير من الدراما بالفعل!

والده أُستاذ جامعيّ وأُمهُ مُعلِّمة مُتقاعدة.

صحيح أنه يعيش برفاهية، ولكنه ليس بليونير"

ملئ تشانيول كأسه وشربه دُفعة واحدة، ثم ببؤس إشتكى.

"إذًا هو رَجُل عادي مثلي، لكن لِمَ روز إختارته عني؟!"

سيهون إستنكر.

"وهل الأغنياء تَنبت لهم أجنحة مثلًا ليكونوا لاعاديون؟!

الأمر ببساطة أن جون يحبها باللاعادي، مهما تحدثتُ لكَ عن مشاعره لها وهوسه بها لن أمنحهُ حَقهُ في الوصف"

تَطلع إليه تشانيول وبعينين تلمعان بالحُزن قال.

"ألهذه الدرجة يُحبها؟"

أومئ سيهون، حينها تراخى تشانيول على الأريكة، وأخذت دموعه تتساقط.

"ولكنّي أحبها أنا أيضًا!"

وبعد تِلك الدموع البائسة؛ سقط رأسه وارتخى جسده على الأريكة، حينها علم سيهون أن تشانيول قد نام، سيهون تمتم فيما يرتمي على الأريكة هو الآخر.

"وغد مجنون بائس!"


لَطم سيهون خدّيه حينما تذكر كل ما حدث معه، وتذمّر.

"جون سيطردني هذه المرة بلا شك!"

نظر ناحية تشانيول الذي ما زال نائمًا، وببؤسٍ قال.

"لا تتذكر ما الحديث الذي دار بيننا أمس، افقد الذاكرة رجاءً أيها البائس!"

...........................


روزماري كانت تَجلِس أمام التِلفاز تُقلِّب بين المحطّات التلفزيونية، ظنّت أنها ستكون بخير ولن تَمِل، ولكن اللعنة الحديث عنها كثير في التلفاز، تَشعر بالملل الآن.

أطفأت التِلفاز ثم رَمت بجهاز التحكم جانبًا على الطاولة الزُجاجيّة الراكنة بين الآرائك، ثم نهضت تتفقد جون، الذي مُذُّ وَهلة قال أنه ذاهب لتحضير القهوة لأجلهما، لكنه لم يَعُد بَعد.

ذَهبت إلى المطبخ حيث تتوقع أن يكون، كان يُرتِب كوبي القهوة في الصينية إلى جانب قِطع الشوكولاتة برتابة فيما هو يُدندن بألحانٍ موسيقيّة هادئة.

تَبسَّمت، واستندت بمِرفقها على بار المطبخ ثم أسهبت النظر إليه، لا تدري ما السبب خلف إعجابها بشكله الآن، لربما روب المطبخ هو الذي يُعجبها، أو أن يُناسبه، تُحِب أنه من يهتم بها.

تَبسَّم هو في نهاية المطاق إزاء شعوره بالخجل من نظراتها التي تتبعه كيفما تحرك في المطبخ، لذا قال.

"سيدتي المَهيوبة، هل يروقكِ ما تَرينه؟"

همهمت تُفكِّر لبضع لحظات ثم أومأت له، هو بالفعل يروق لها بطريقةٍ غريبة، حينها توقف عن الحركة، وَوضع الصينية بينهما على البار، ثم إتكئ عليه قِبالتها كما تفعل، فاتبعت تنظر إليه عن قُرب وما زالت تَبتسم، لم تَحِس بالخجل على عكسه، بل بالمُتعة والمَرح.

ورغم بشاشة ملامحها سَردت له بعض المشاعر البائسة التي تُخبئها في مكان بعيد في أعماق روحها.

"تَعلم، كُنت متزوجة لفترة طويلة نوعًا ما، كنتُ أشعر بالعِبئ إزاء تلك العلاقة.

ما كان يزيدني عجزًا أن خيار الإنفصال كان صعبًا، تَليه حياة أصعب"

حَمل جون الصينيّة على يديه، ثم قال لها.

"حدّثيني عن نفسكِ أكثر مع كوب قهوة، أتشوَّق لمعرفتكِ أكثر"

ضحكت هازئة منه.

"قهوة! تتحدث كالمُثقفين المُبتذلين!

ثم إنني أظنُّكَ تَعرف كُلَّ شيء عني، لا شيء أُضيفهُ لمعرفتك"

رفع إحدى ذراعيه وعكفها نحوها، فنظرت إليه بجهل تَقبض حاجبيها، حينها قال.

"ضَعي يدكِ بيدي، ودعينا نَجلس تحت ضوء القمر ومع هَبّات النَسيم بطريقة مُبتذلة"

ضحكت رغم أن مزحتهُ تافهة، ولكنها وضعت يدها حول ذراعه، وسارت معه إلى حديقة المنزل.

كان الليل قد حَلّ، لكن الليلة القمر بدر، والنجوم في السماء كثيرة، الهواء عَليل والجوّ لطيف، كما أن ديكور الحديقة يمنحها الإحساس بالراحة.

جلست بجانبه أمام بِركة المياه الراكدة والتي تنعكس من داخلها أضواء الطيف الجميلة، قدّم لها كوب القهوة فأخذته منه، حينها قال.

"أخبريني عنكِ الآن"

همهمت تطلّع إلى المياه، ثم إبتسمت، لم تَكُ تلك الإبتسامة إلا غِطاء على حُزنها، فلقد رأى تلك الملامح تتقوس بحُزن، وشفاهها تبتسم مِثل قِناع رديء من الفرح ترتديه أمامه، وهو العالم بمعالمها وكمّ الألم الذي تشعر به.

"في بداية الزواج؛ كُنتُ سعيدة حقًا معه، لقد تزوجتُ رجلًا أحبهُ حقًا، يُقدِّم لي الكثير من الرفاهية، والأهم أنني تخلّصتُ من منزل العائلة.

كنتُ صغيرة وجاهلة آنذاك، فما الذي تعرفه إبنة الثامنة عشر عام أمامي اليوم؟!

وجونغداي لم يكن سيء معي في البداية، كان يُحبني كثيرًا، يهتم بي، ويقدم لي أي شيء أريده مع زيادات.

لا أنكر أنني معه تعلَّمت الكثير من الأشياء، أستيقظ في وقت محدد، أنام في وقت محدد، آكل في وقت مُحدد.

هو شخص روتيني ومُنظَّم، وأنا كذلك، لذا كُنا متوافقان وتماشيتُ معه.

مع مرور الأيام؛ أصبحتُ أشعر بالعِبئ والمسؤولية، كنتُ مُلزَمة أنا أستيقظ قبله كل صباح؛ كي أستهلك وقتًا في تجميل نفسي، وذلك ليراني بأبهى صورة.

لم يسبق أن أستيقظتُ معه أو بعده، لم يرى شكلي الكارثي عندما أستيقظ من النوم إطلاقًا"

جون قاطعها قائلًا والفرح يغمره.

"لكنني رأيتكِ، أنكِ لطيفة جدًا بشعركِ المنكوش وملامحكِ المُعبّأة بالنوم!"

كلامه جعلها تضحك بخفّة، ولكنها اتبعت، ترغب أن تُخبره بالمزيد.

"كان عليّ أن أُحضّر مائدة الإفطار لأجله في كل صباح، وأجهز ثياب عمله وأحضِّر له حِمامه قبل أن أوقظه.

كنتُ أشعر بأنني تزوجتُ سيدي وأنا خادمته، هكذا كعنوان رواية مُبتذلة لإحدى المُعجبين على الإنترنت.

وَجبَ علي أكون لطيفة معه دومًا وأودعه بقُبلة وإبتسامة حتى لو لا مزاج لي بذلك، أكون عادة مزاجيّة جدًا، وتتماشى تصرفاتي مع حالتي المزاجيّة، لكنّي لم أكن على طبيعتي هذه معه، كنت أتصرف لأرضيه.

أقضي بقية اليوم أُنظف المنزل وأطهو طعام العشاء حتى يعود، عندما يعود إلى المنزل عليَّ أن أقدم له الطعام مجددًا، وأحتفظ بإبتسامتي، وأهتم به حتى أنام، كل يوم هكذا

هذا كان مُمِل"

جون بَرم شفتيه وأومئ لها مُتفهِمًا يقول.

"حياة تُقدمي فيها ولا تأخذي، مُجبرة أن تلتزمي وتحسّي بالمسؤولية تجاهه، هذا فعلًا عِبء، لكن اخبريني المزيد، أريد أن أسمع منكِ، لماذا انفصلتِ عنه؟"

وضعت كوب القهوة في الصينية، ثم أسهبت إلى السماء مليًا، ورغم أنها حاولت لكنه كان يرى دموعًا تلمع فيه مُقلتيها.

"أُمي مرة تشاجرت مع أبي، وخاصمها أبي خِصامًا شديدًا، ورغم أن لا ذنب عليها لكنها قررت أن تُصالحهُ أولًا، عندما سألتها لِمَ تكون البادئ في الصُلح رغم أنها لم تُخطئ؛ قالت أن لا كرامة بين الزوجين، لذا لا بأس، وأنا تصرّفت على هذا النحو معه.

الأمر السيء الذي لا يُحتمل بجونغداي أنه يغار كمعتوه، إن تَقرّب مني أي رجل سواه حتى لو كان بنيّة طيّبة يغار بجنون، لا بأس بذلك نوعًا ما، كنتُ أعتبرهُ حُبًا، لكنه كان يضربني.

كان يضربني بجنون، إن خرجتُ معه وسقط نظر رجل عليّ؛ أعلم أنني تلك الليلة سأنام بجسد أزرق والكثير من الدموع، لذا كنتُ أتحاشى الخروج معه في أغلب الأحيان.

هو يكره تشانيول ويَغير منه بطريقة مجنونة، حدث أن صار حفل واصطحبني معه، ولما رأى تشانيول غضب مني، في المنزل هربت منه، ووجدت سلاحه، ثم رميت ناحيته الرصاص، وكانت تلك آخر ليلة لي في منزله"

سماع ذلك على لِسانها مؤلم، وكأنها الشخصيّة الرئيسة في رواية بائسة، لطالما وقف الرواي عنها ووصف شعورها بها، ولم يمنحها الفرصة.

لكنه عندما منحها الفُرصة لتحكي عن مشاعرها بنفسها أصبحت الرواية بائسة أكثر، هكذا يرى جون الأمر الآن، وبصفتهِ قارئ هذه الرواية الوحيد أصابه الحُزن والبؤس أضعاف، فهي بطلته التي يُحب.

لذا بعد تنهيدة جون قال.

"لكنكِ كُنت تُحبينه، حتى بعد طلاقكما بفترة وجيزة"

أومأت روزماري تقرّ بكلامه.

"نعم، كنتُ أحبه، لقد كان فارس الأحلام لصبيّة تبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، منحته من عُمري وقتًا طويلًا، حاولتُ أنا أُحافظ على هذا الزواج بكل قُدراتي، كي لا ينتهي بي المَطاف أعود إلى منزل أهلي.

ما دعمني أن تشانيول كان معي، لم يتخلّى عني، إذ أنني بعد الطلاق مكثتُ في بيته، وتولّى هو مصاريف دِراستي، جعلني أسكن في بيته، أطعمني وأسقاني، واشتري لي الثياب وعندما أمرض كان يركض بي إلى المستشفى، لقد إهتمَّ بي حقًا.

كُنتُ دومًا مشغولة، بدراستي ومُستقبلي ثم العمل، إذ أنه من قدمني لمحطة البث التي يعمل بها، وعَبره أصبحت مُذيعة.

تشانيول جَبيرتي التي إحتضنت كسوري وعالجتها"

جون كان يبتسم فيما هي تتحدث عن تشانيول بهذه الطريقة، لم ترى أي غيرة في عينيه، لذا تبسّمت، إنهُ رجل مُختلف بالفعل.

"لذا له الفضل بتعرفكَ عليّ أيها المُعجَب المجهول"

جون ضحك بخفة ولكنه لم يوضّح سوء الفهم، فقط أومئ ينسب الفضل لتشانيول بالتعرّف عليها حتى لو أن هذه ليست الحقيقة.

لكن روزماري لم تتوقف ها هُنا، إذ الآن أشارت له بسبابتها لتُغيظه وقالت.

"يا لك من رَجُل! ما كنتُ لأُصدق أنكَ الرجل الذي يبعث لي تِلك الصناديق الباهظة دومًا لو أنني ما رأيتُها بعيني، حدّثني عن هذا الأمر!"

حمل جون قِطعة شوكولاتة ووضعها في فمها يقول.

"ستعلمين لاحقًا، لكن اخبريني ما الذي جعلكِ تتحدثين لي عن تفاصيل حياتكِ السابقة؟"

سخرت من طرق تعبيره، رغم أنها أكثر التعابير صوابًا.

" حياتي السابقة؟! تتحدث وكأنّي مُت وبُعثت من جديد!"

جونميون أومئ.

"وهو كذلك، أنتِ مُتِ وبُعثتِ من جديد، الآن اخبريني المزيد، لِمَ تحدثتِ إليّ عنه؟!"

رمقته بإزدراء ثم قالت.

"أنت أيضًا تأخذ ولا تعطي، هل عليَّ أن أخبرك بكل شيء بينما أنت لا تفعل؟!

لن أخبرك بشيء، أغُرب!"

جونميون ضحك بخفة ثم نظر لها مُبتسمًا، تلك الإبتسامة أبدى فيه إنتصاره، إذ أنه بمعركة معرفتها مُنتصر لا محالة، لا أحد يعرفها بقدره.

"أنا أعلم عنكِ كُل شيء، لكنني أُحب أن أسمع ما أعلمهُ بلسانكِ، أشعرُ بكِ أكثر عندما تفعلي"

إمتعضت ملامحها وبرمت شفتيها، فهي لم تتعود على الهزيمة إلا معه، لا يُمكِن أن تنتصر.

"ألا يُمكِّن أن أنتصر عليك؟!"

عقد ذراعيه إلى صدره وحرّك رأسه نافيًا، حينها تنهدت تشعر باليأس واتبعت.

"حسنًا سأخبرك بما أنيّ أرغب بأن أُثرثر كثيرًا الليلة..."

قاطعها يرفع سبابته مُصححًا.

"ليست "أُثرثر" بل "أُفضفض"... تفضلي"

شعرت بالإنزعاج الشديد منه لأنه يفهمها جدًا، لذا لم تكبح رغبتها في ضربه، صفعته على كتفه، وتمتمت بالشتائم بحقه، لكنه ابتسم وأخذ يتحسس موضع يدها؛ وكأن الذي لمسه للتوّ ملاكًا مُبجّلًا يتمسّح منه البركة.

"وغد مهووس!"

أومئ لها وأشار أن تتكلم.

"في الحقيقة؛ مُذُّ أن عرفتك وأنت تُقدم لي ولا تطلب شيئًا.

حينما تسبب جونغداي بتلك الفضيحة بيني وبين تشانيول، وحينما سافرتُ إلى تايلاند وتبعتني، وكذلك الآن...

كل هذه كانت فُرص جعلتني أعرفكَ أكثر، إنك تقدم بسخاء ولا تطلب شيء.

فكرتُ أنني معك لن أشعر بالعِبئ والمسؤولية، لن أشعر بأني خادمة لك أوطاهية، قد يكون العكس صحيح"

قالت تلك ضاحكة وهو فقط أسند يده على ظهر الكُرسي ينظر لها ثم قال وهو يتأملها بتلك النظرات الليّنة، غاطس بالحُب حتى أطراف بنانه.

"تكلّمي بالمزيد، أحب سماعك"

حركت كتفيها بجهل ثم قالت.

"أشعر أن التي ستتزوجك ستكون محظوظة"

تبسّم وعلَّق.

"لا أدري أن كنتِ محظوظة فعلًا، لكنّي مُتأكد أنني المحظوظ الأكبر، لذا سأدفع لكِ ثمن حظي بكِ إهتمامًا أقدمه لكِ من باب الحُب حتى أموت"

أشارت إلى نفسها، وقالت ترفع حاجبًا بغيض.

"أتقول أنني تِلك المحظوظة التي ستتزوجها؟!"

أومئ لها، فضربته على كتفه مجددًا بإستنكار وقالت.

"أتتحرش بي؟!"

ضحك مما قالت، ثم نقر أرنبة أنفها بسبابته يقول بنبرة أحسّتها تَعُج بالحُب.

"يا لكِ من إمرأة عنيفة ولطيفة!"

إستنكرت رغم أن صيصان حمراء تتشقلب في معدتها.

"عنيفة ولطيفة؟!

لا بأس، أنتَ مجنون على أيةِ حال!"

لم يُعلِّق، فقط أتبع النظر لها.

لا يكتفي من هذه الملامح الجميلة مهما تأملها، يشعر أنها تصلح للتأمل للأبد، وهو قادر أن يجلس مثل هذه الجلسة طيلة حياته ويتأملها فقط، ولن يَملّ أبدًا، فهو بالفعل غاطس بالحُب.



..................................

يُتبَع...

الفصل الرابع عَشر "غاطِس بالحُب"
الجُزء الثالث "حتى يَنتصر حُبي"
ضمن الرواية العاطفيّة "هَيبَتُها|| الحرب"


..................................


سلاااااااااااااااام

كيف حال القُراء الحلوين؟!

ما اشتقتوا للرواية لسة لكنها اشتاقت لكم😂

اللهم لا حسد، محلاها ميرسي وهي نشيطة كذا😂😂

اعتبروها هي فترة نقاهة، لما أبلش انشر العنقاء ح تصير الفصول تتأخر😁

الفصل القادم بعد 90 فوت و90 كومنت.

1.رأيكم بروزماري؟!

مشاعرها ناحية جون وفضفضتها له؟

2.رأيكم بجون؟

مشاعره الموقدة وقدرته على فهم روز؟

3.رأيكم بتشانيول المسكين؟

تضحياته ومساعدته لروز؟

4.رأيكم بسيهون؟

حبه البائس والأمور الي كشفها؟!

5.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️




© Mercy Ariana Park,
книга «هَيّبَتُها|| Her Prestige».
CH15||كَرز وسيجارة
Коментарі