توطئة|| Introduction
CH1|| إبنة الزمن
CH2|| حُب الدهور
CH3|| إمرأة من بحر
CH4||سماء ونجوم
CH5|| أزرق سماويّ
CH6|| لِمَ أُحبّك
CH7|| بُنٌ وبَحر
CH8|| سماءٌ وبَحر
CH9|| رسول الحُب
CH10||حياة بين الضلوع
CH11|| أزمة الهَيْبَة
CH12|| إنتقام الهيبة
CH13||عُكّاز وجَبيرة
CH14|| غاطس بالحُب
CH15||كَرز وسيجارة
CH16||حُبّي المُشيَّد
CH17|| نور البدر
CH18||بَهاء وإمتلاك
CH19||مَطَر ضِمنَ العاصِفة
CH20|| مخائل حُب
CH21||أُحبُك بمزاجٍ شَتويّ
CH22||قاع البحر
CH23||الزهرة وصاحب البستان
CH24||حُضنه الدافئ
CH25||دموع جميلة
CH26||أغرق في بحرِك
CH27||بَحرٌ هائج وسماءٌ دهماء
CH28||إنتكاس الهَيبة
CH29||زهرة مائلة الجِذع
CH30||جون وهَيبتُه
CH31||ظِلالٌ رماديّة
CH32||أكره الحُب
هَيبتُها|| The End
CH16||حُبّي المُشيَّد
كيم جون ميون (سوهو)

بَطَل:

هَيبَتُها||الحرب

في:

(حَتّى ينتصرَ حُبّي)




"حُبّي المُشيَّد"





"باسم حُبّي... آمني بي!

باسم حُبّي... شيّديني من حولكِ مِثل حِصنٍ حَصين.

باسم الحب... مَتِّنيني حولكِ.

احصلي عليّ ودعيني احصل عليكِ.

أنتِ الحُب الخالد المَتين.

لا يسقط، لا يموت، ولا يتكسّر.

لأنكِ أنتِ من أُحِب.

ولأن الحُب لمثلكِ لا يكون إلا مَتين

أُحبُك

إلى زهرتي العذراء

الكاتب سوهو"

"أقولها مُجددًا... أنا أُحبُك"

تِلك الكلمة أصبحت تَملك وقعًا لا يُسرَ فيه على صدرها، تشعر بالحُب والوِد يَنتشِر في أرجاءها؛ كما لو أن عُقَدة قاعدة في قلبها، لها شُعَب تتفرَّع في كل أنحاء صدرها وحتى معِدتها، يقف على كل شُعبة فراش مُلوَّن بألوان زاهيّة.

أزرق سماويّ، أحمر الحُب، وزَهري الأنوثة...!

تَبسَّمت... ملامحه الخاملة، لَفحة الوَسن في جِفنيّه، ومُقلتيه اللامعتين، كل ذلك يجعل مشاعرها في تخبط شديد.

إجتذبته من تلابيب قميصه وهو يتطلع عليها بثمالة، فلقد أسكره طعم شِفاهها، أعتق من أي نبيذ، وأحلى من الحُلو. 

"أنت! رَكِّز، ليس وقت أن تنام"

تبسّم ويده تحتضن خدّها.

"أيُعقَل أن أنام وأنتِ أمامي؟! لا يُمكِن.

أردتُ أن أسألكِ عن رائحة النَرجِس التي تفوح منكِ، لم تِلك الرائحة بالتحديد؟"

أفلتته وجلست بإعتدال قُربه.

"تَروقني وتشبهني"

أومئ لها يبرم شفتيه.

"اسمكِ الأول روز، يعني زهرة، أنتِ بالفعل أجمل زهرة"

ضحكت بخفة.

"واسمي الثاني ماري، لكنّي لستُ ماري بالنسبةِ لك"

نفى برأسه، وغَلغل أنامله في شعرها المُتعرِّج بأناقة.

"بلى؛ أنتِ عذراء، وأنا أريد فضّ عذارتكِ هذه"

عقدت حاجبيها بأستياء؛ إذ داهمها الخجل، وهو عليه أن يتحمل تبعات كلامه؛ إذ لكمته على صدره وهتفت بغضب.

"أنت مُنحرِف لعين، تعلم؟!"

تحسس موضع لكمتها متألمًا رغم ذلك أخذ يضحك.

"لا معنى جِنسيّ خلف كلامي، لكن تفكيركِ أنتِ مَشبوه"

أخذت ترمش وترمقه ببلاهة، تبسّم ووخز فوق قلبها يقول.

"هذا القلب أعذر، لم يَلجُه الحُب المٌناسب ولا الرجل المُناسب، لذا أريد أن ألجه، فقط حينها لن تكوني عذراء وتُشاركيني قلبك، هذا ما أقصده"

إمتعضت ملامحها رغم أن كلامه طيب ولذيذ، لأنها لا تقدر أن ترد عليه، ولا تعرف ما الذي تفعله، تلك الحلاوة جديدة عليها، لم تحِس بها من قبل، ولا حتى مع جونغداي، ربما لأنها الآن تحظى بحُبٍ ناضج، تقبله عن رغبة، لا تتقبله عن حاجة.

"شكسبير القَرن أنتَ!"

ضحك بخفة، وبأصابعه التي كانت بين خُصل شعرها داعبها ونفشها، وإذ بها تسحب يده عنها وتصفع ظهرها.

"كُف عن إغاظتي!"

لم يجب، فقط استند بوجنته على راحته، وضلّ يتأملها، حينها تنهدت وأراحت رأسها على كتفه، رمقها مدهوشًا، ثم يده التي تصلّبت لوهلة أحاطت كتفها، وأخذ يربّت عليها برِفق.

"شكسبير؟"

ضحك بخفة.

"نعم!"

لم تتردد ولو لثانية لتسأله عمّا يَجوب في خاطرها، إذ أن جوابه لسؤالها هذا سيضعه في مكانه الصحيح عِندها، حينها بالتأكيد ستعلم ماذا يجب أن يكون جون بالنسبةِ لها.

"تَذكُر يومَ رأيتَني في فراش جونغداي بتِلك الحالة... أجبني بصِدق؛ كيف شعرت؟"

ملئ صدره بنفس عميق ثم زفره، ودون أن يحس أراح وجنته على رأسها، فلقد وصلت به المشاعر أن يتصرف بوِد فِطري معها، يُحبها ويظهر ذلك عليه دون أن يشعر.

ورغم أنه يكره هذه السّيرة لكن أوافاها بالإجابة الصادقة.

"أوجعتِني، حينما رأيتُ عيناكِ الدامعة، وكيف بصركِ ثابت للسقف؛ وكأنكِ فقدتِ روحك ذلك الحين آلمتِني.

لم أنظر لكِ سوى للحظة فقط، إذ بلحظة إلتهمتني الرغبة في الإنتقام لأجلك، وجال فيَّ غضبٌ عارم وصال.

أردتُ أن أقتله ولو كنتُ سأضيع؛ لِقاء ما رأيتُه من ضُعف وفَقد في عينيكِ، لولا تشانيول لما كُنّا الآن هُنا"

أومأت وتنهدت.

"جون؟"

"هممم؟!"

رفعت وجهها إليه وسألته فيما تنظر في عينيه، إرتبك لشدة القُرب بينهما، لكن سؤالها لم يربكه ولو للحظة.

"ألم تشعر في ذلك الحين أنني ما عدتُ تِلك المرأة المهيوبة التي تُحِبها وتعتز بها؟!"

أخفضت بصرها عن عينيه ونظرت أمامها تتنهد.

"لقد كُنتُ مُزرية، هذا الشعور هو ما دفعني لرمي نفسي من سطح المستشفى.

لا أتحمل أن أرى نَفسي القديمة، أو أن أشعر أنّي إنكسَرت، وأصابني الضعف، أمقتُ هذا الشعور، أُفضِّل الموت عليه"

أمسك بيدها وقال.

"انهضي معي، سأُريكِ شيء"

"ماذا؟"

لم يُجبها فقط سحبها من يدها معه، كلامها آلمه مُجددًا، وشعر أنها ما زالت لا تثِق بِمتانة حُبُّه، وقف أمام إحدى البابين الذي لم تلِجهما مُسبقًا، لكن هذا الباب بالتحديد سَبق وولجته دون إذنه، اليوم يُدخِلها لتستكشفه.

فتح الباب بالمفتاح في جيبه، ثم أشار لها.

"تَفضَّلي بالدخولِ أولًا"

إنها غرفة الصناديق، لأول مرة يأذن لها أن تدخل، وقف مُتكئٍ على الباب وأخبرها.

"استشكفي المكان كما تشائين، وستعلمين منذ متى أنا أحبك"

وقف يتكئ على الباب، ودعاها أن تنظر في المكان كما ترغب.

نظرت إلى هذه الصناديق من الأعلى إلى الأسفل، كلها من ذات النوع، الذي يَصلها من مُعجبها المجهول، والذي إكتشفت أنه هو.

"ستجدين على يمينك الصناديق الأقدم، بعضها لم ابعثها لكِ بوقتها، لم أكن أملك حُجة، بعدما أصبحتِ مذيعة بعثتها لكِ، وأصبحتُ مُعجبكِ المجهول"

توجّهت إلى تِلك الصناديق وشهقت.

"هذا من خمس سنين!"

أومئ لها وقال.

"هذا ضِمن أقدم الصناديق"

أخرج آخر وقدمه لها.

"هذا أول واحد اشتريته"

فتحته وإذ به فُستان أسود بسيط.

"في أولِ مرّة رأيتُكِ بها كُنتِ ترتدي فُستانًا يشبه هذا"

"متى رأيتَني أول مرة؟"

تَبسَّم.

"ستعلمين لاحقًا"

رفعت الصندوق وقالت بغيظ.

"أود أن أضربكَ به، لكن لأن الصندوق ثمين لن أفعل"

ضحك بخفّة وأومئ لها يقول.

"ستعلمين قريبًا صدقيني...

الآن هناك ما هو أهم"

إقترب منها وتمسّك بكتفيها يرمقها بنظراته التي تفيضُ حُبًا.

"لا ينبغي أن تَشُكّي بحبي أبدًا، أنه متين وقديم، إنَّهُ حُب بَنيتَه بهدوء شديد وبِمعرِفة عميقة بكِ.

مِثل الحُب الذي شيّدتُه لا تسقطه الهزّات ولا حتى الزلازل، أنه أمتن من أن يسقط، مِثل صرحٍ مُشيّد بتقنيات يابانية تواكب شراسة الزلازل"

جعل يبتسم بمرح في آخر حديثه، لكنها بدت متأثِّرة بما قال.

اجتذبها إلى صدرها وضمّها بجناحيه يقول.

"حُبي لا يسقط، دعائمه ثابتة بجذور قلبي، لا يمكن أن يسقط، ثِقي بما أقوله لكِ الآن يا سيدتي"

رفعها برفق، وراح ينظر في وجهها الذي أشرقت طلائعه، وَقفت ماري على رؤوس أصابعها تستند على كتفيه بكفّيها، وقبّلت شفتيه قُبلة ضئيلة وخفيفة، ثم غمزتهُ وخرجت.

جون الذي أمسك بقلبه استند على الحائط وأخذ يبتسم ببلاهة، يكاد يقفز فرحًا، بل يموت حُبًا.

بدت شقيّة مُشاكِسة مُذُّ وهلة، تلك القُبلة التي طبعتها على شفتيه كانت أول بادِرة منها تجاهه، أحب ما فعلت ويطمع للمزيد، رغم أن قلبه في حالة مُزرية الآن بسببها.

خرج من الغرفة، وهذهِ المرة لم يقفل الباب، لأن ما عاد يملك شيئً ليُخفيه في هذه الغُرفَة.

"جون؟"

"قادم يا هَيبة"

وجدها تقف مستندة على السور في الشُرفة، آتى ليقف بجانبها، كانت تتحرك بعفوية وحيوية مثل طفلة سعيدة وتبتسم.

تبسّم ووضع الخُصل التي تمنعه عن رؤية وجهها خلف أُذنِها وقال.

"لديَّ ما أُكلمكِ بشأنه"

"ما هو؟"

تنهد واستند بمرفقيه على السور وقال.

"في الحقيقة، قابلتُ وتشانيول اليوم جونغداي، هدد إن لم تُقابليه سيقوم بنشر الفيديو، لا أدري أيّ فيديو يتحدث عنه"

إنمحت تلك الإبتسامة عن شفتيها وأومأت.

"لا عليكَ بهذا الشأن، أنا سأتدبَّر أمره...

أخبره أني أريد أن أراه"

رفع سبابته كذا حاجبه.

"سأُرافقك مهما كان"

أمسكت بأصبعه ذاك وعضته حتى أنه صرخ، ثم هي قالت تُهدد.

"سأقوم بقتلكَ يومًا ما!"

برم شفتيه بإستياء.

"دعيني على الأقل أن أبقى قريب"

عقدت ساعديها إلى صدرها ونبست.

"سأرى في هذا الشأن لاحقًا!"

........

توقَّفت السيارة أمام مبنى ضخم وفاخر، وهو بالأصلِ الفُندُق، الذي يُقيمُ فيهِ جونغداي مُذُّ أن أحرقته وشِقَّته روزماري.

في السيارة روزماري؛ وهي بِكُلِّ تأكيد ليست وحدها، تشانيول وجون برِفقتها، تشانيول يقود وجون يجلس بجانبه فيما هي تجلس في الخلف.

تَرجّلَت روزماري من السيارة تسبق الرُجلين، وما إن وَقفت أمام مكتب الإستقبال كان الوسيمان من المرّة الفائتة خلفها، وهي تقودهما.

الدهشة أستولت على معالم الآنسة خلف المكتب حينما ميَّزت الشخصيّة العامّة التي أمامها؛ كذلك الأُخريات.

إذ خلعت روزماري نظّاراتها الشمسيّة، وبإبتسامة خافتة أعلمت الآنسة المدهوشة قِبالتها.

"اعلمي كيم جونغداي أن روزماري هُنا من فضلِك"

أومأت لها الفتاة تشق فمها إبتسامة عريضة.

"فورًا سيدتي!"

"شُكرًا لكِ"

تشانيول يقف بجوار جون خلف روزماري، وقام بلكزِه بمِرفقه يتسآل مشدوهًا.

"مُذُّ متى وروزماري لطيفة وودودة هكذا؟!"

جون أجابه وقد ضحك بخفة.

"لأن التي تتحدث إليها آنسة في مُقتبلِ العُمر، روزماري تحترم النِساء وتنصرهن بالخفاء كما بالعلن"

رمقه تشانيول بغيظ، لِمَ يعلم أفضل منه عن روز رُغم أنه رافقها لفترة أطول بكثير من جون.

جلست روزماري على الآرائك الفاخرة في الرُدهة، يجلس بجوارها تشانيول وجونميون قِبالتِها.

"عن أي فيديو كان يتحدث؟"

نظرت روزماري إلى تشانيول حينما سألها، ثم تنهدت تُجيبُه، فهي بالفعل لا ترغب بإعلامهم، هذا مُحرِج والأهم أنه مُذِل.

"ليسَ عليكَ أن تعلم"

نظر تشانيول ناحية جون ورفع حاجبًا مُغتاظًا.

"أهو يعلم وأنا لا؟! لِمَ؟"

رفعت روزماري يدها إلى شعر تشانيول، وأخذت تربت عليه بِلُطف.

"تشانيول عزيزي؛ جون لا يعلم أيضًا، الأمر بيني وبين جونغداي، ولا حاجة للمزيد من الأطراف بيننا، حسنًا؟"

يدها التي كانت تُربِّت على شعرِه إنكمشت عليه وشدت شعره؛ فأنَّ مُتألِمًا وحاول أن يُفلّت خصلاته المسكينة من يدها.

"لذا كُفَّ عن تصرُّفاتِكَ الطفولية هذه قبل أن يسمع الجميع هنا صياحك، حسنًا؟!"

أومئ فيما يمسك بيدها يحاول إفلات نفسه، أفلتته وتنهدت تضرب كفّيها ببعضهما.

"تجبرني أن أُعامِلُكَ بعُنف رغم أنّي أكره ذلك"

أشار لها تشانيول بسبابته مُتذمِّرًا.

"أنتِ تكرهي العُنف؟!

بل أنتِ مثل رَجُلٍ كريه متزوج يضرب زوجته صباحًا وعشيّة بلا سبب يا متوحِشة"

حذّرته للمرة الأخيرة ترفع سبابتها.

"سأريكَ كيف هي الوحشيّة على أصولها إن إستمريتَ بالثرثرة الآن!"

جون الذي يراقب كل ما يحدث بينهما من البداية بتهكمٍ وإبتسامة قال.

"طِفلان!"

الكلمة ولجت أسماعهم كالسهم؛ فسُرعان ما صاح بهِ كلاهما.

"نحنُ طِفلان!"

رفع يديه ونفى برأسه.

"أنا الطفل هنا، ليس أنتما"

"جيّد أنكَ تعلم!"

علّقت روزماري وتشانيول ضحك بخفّة، جون أخذ يتطلع عليهما بإبتسامته الودودة.

من المُفترض أنهم يجلسوا هنا بإنتظار عدو، أن يكونوا متأهِّبين لموقفٍ جاد وربما عصيب، لكنهم فقط يضحكون؛ كما لو أن الدنيا بلا هموم، أو أنهم أقوى من كل تلك الهموم، وهذا كان رائعًا بالفعل، وجون أحبّه.

أتت الموظفة على إستحياء لتعلمهم.

"يقول أن تصعدي إليه، هو يقطن بالغرفة 1260"

أومات لها روزماري، ونهضت دون أن تمنح نفسها مِقدار ثانية واحدة لتفكِّر، لكنَّ تشانيول وجونميون استوقفاها، إذ كُل منهما أحاطها عن يمينها وعن شمالها.

"لا يمكن أن نترككِ تذهبين هكذا، لا ندري ماذا سيفعل"

جون وافق تشانيول.

"تشانيول مُحِق، أنه يدعوكِ إلى غُرفتِه، ونحن ندري أنه لا يملك أي نوايا حَسنة إتجاهكِ"

ربتت روز على كتفيهما وأبعدتهما عن طريقها.

"لكن أنا أعرفه جيدًا؛ لذا لا تقلقا بشأني.

بل إقلقا بشأنه، إن طال غيابي أكثر من نصف ساعة أكون في طريقي لإرتكابِ جريمة"

تشانيول وجون ما عاد بوسعهما منعها عن فعل ما تشاءه؛ لذا بقلوبٍ راجيةَ الرَّب أن يمُر الأمر على خير؛ جلسا بإنتظارها فيما يحصيان الدقائق على غيابها؛ كي لا تتعدّى النِصفَ ساعة التي عيّنتها. 

...................


وَصلَت روزماري الرِواق الهادئ، الذي تتواجد فيهِ غُرفة جونغداي؛ إذ أنَّهُ لا يُسمَع حِس أبدًا، فقط صوت طرقات كعبها على الأرض ما يُمكن سماعه.

إذًا هذِه غُرَف عازِلة للصوت بِلا شك...!
عَلِمَ جيدًا أينَ يحجِز غُرفة، ويُقيم، ويدعوها.

روزماري كانت تَنوي أن تطرق الباب بأدب لا تملكه مع هذا الرَجُل، لكن الباب مفتوح بالفعل.

حرصت ألا تمسِك بشيء وتنظر أين تدوس، إذ دفعت الباب بكعبها، وما إن تأكدت أن الأرض آمِنة ولَجت، ثم نظرت حيث أتاها صوته.

أنه يَقف أمام بار المشروبات، الذي يُقدِّسه، ويَسكب لنفسِه كأس شراب، فيما يرتدي بِنطال أسود قِماشي، وقميص أبيض فتَّق أزراره إلى مُنتصف صدرِه.

شعره مرفوع عن ناصيته، أنيق ووسيم كما العادة؛ رُغمًا عن الإحمرار، الذي يزحف على بشرته الحِنطيّة، آثار الحروق ليست بَشِعة، بل تبدو وكأنه لُسِعَ لسعةً خفيفة فحسب.

تقدم منها يحمل كأسين ومدَّ لها إحداهما يقول.

"لم أتوقع أن تصعدي ولكن فعلتِ، أنتِ حقًا ما عُدتِّ تُشبهين المرأة التي أعرفها؛ تلك الوديعة الرقيقة، أصبحتِ متوحِشة"

لم تقبل الكأس من يده لذا مُبتسمًا قال.

"لكنَّ بعض الأمور لم تتغير، ما زِلتِ لا تشربين الكحول"

وضع الكأس على البار، وسار بكأسهِ إلى الداخل يقول.

"ما رأيكِ أن تدخلي ونتناقش؟"

دَخلت، ولم ترضى أن تجلس حينما أشار لها أن تفعل.

"أعلم أنني هُنا لأفاوضك، لذا دعنا نتحدث بهذا الشأن وننتهي سريعًا"

نظرت في ساعتها واتبعت.

"بقيّ معكَ عشرون دقيقة، بعدها إما يدخل بعض الرجال علينا، أو أكون قد فقدتُ صَبري"

وضع جونغداي كأسه، واقترب منها يقول وعلى شفتيِه إبتسامة لا طيب ولا خير فيها.

"إذًا أنتِ تعلمي أنني لم أتغير، ما زلتُ الرجل الذي تزوجكِ وبادلتيهِ الحُب؛ لِذا تعلمين أنكِ تُدينينَ لي بشيء..."

سُرعان ما اقترب منها ورفع يده يبغي صفعها، لكنها سُرعان ما تصرَّفت، إذ قامت بسدِّ ذراعه بمرفقِها، وسددت ركلة أليمة بكعبها في مُنتصف معدته؛ جعلته يسقُط متألمًا.

"حقًا أنتَ غَبيّ! تجعلني أفقد صبري قبل إنقضاء مُهلتي وأُتمِم جريمتي باكرًا بحيثُ لا يمكن إنقاذك!"

إقتربت، وجلست القُرفُصاء قُرب الذي يتلوّى ألمًا أرضًا فيما يمسك بمعدتِه، فلقد غار كعبها الرفيع عميقًا في بطنه، يشعر وكأنها خلَّفت فيه ثُقبًا.

"ماذا؟! أتُريد أن أضعكَ هذه المرّة على الشاويّة؟!

سأشويكَ عليها بِحِرص صَدِّقني!"

رُغم الألم الذي يشعرُ به ضحك بصعوبة، وتعرّجت ملامحه لشدةِ وجعه.

"لقد نمى لديكِ حِس الفُكاهة أيضًا!

أصبحتِ رائعة!"

تجاهلت ما قاله وبنبرةٍ حازمة دخلت في صُلب الموضوع.

"أين الفيديو؟!"

"سأتلفهُ بحالة واحدة"

اتبع حينما لزمت الصمت.

"أن تتزوجيني مُجددًا!"

إرتفع حاجبها، تتزوجه مجددًا، الموتُ أهوَن.

أما جونغداي فبعُسرٍ قعد على الأرض، ثم باغتها حينما أمسك بكفّيها بين يديه وقال.

"ضعي الشروط التي تُريدينها، سأعيش كيفما أنتِ تَبغين، وسأُحسِن إليكِ هذه المرّة صدّقيني، فقط عودي إليّ!

لننسى هذا الحَرق والعُنف الذي طالكِ منّي، نحنُ متعادلين الآن، لذا دعينا نبدأ من جديد، هممم؟!"

أفلتت يديها منه، وقالت تعقد ساعديها إلى صدرها بعدما أستقامت.

"هل هذا الحرق الخفيف يوفيني حقّي منكِ وخمسِ أعوام أفنيتُها لأجلك؟!

هذا ليس عادلًا أبدًا عزيزي!

ثم إنني منحتُكَ فُرص كثيرة، لكنك مِثل الكَلب، حتى لو كنتَ وفيًّا ستبقى أعوج دومًا."

إبتسمت بوجهه بإستفزاز واتبعت.

"وأخيرًا... أنا أملُك رَجُلًا بالفعل.

ألا تراني أزهو حُبًا؟!"

ضحكت حينما وصل به الأستياء مواصيله ووقف، إذ بان عليه الغضب ونبس.

"أنتِ لا تقولي الحقيقة الآن!

أنا أعلم!"

نَفَت برأسها تقول.

"لا، أنت لا تعلم شيء...

وبما أنني أخبرتُكَ صراحةً أنّي لديَّ رَجُلًا آخر، عليكِ أن تحمل نُتف كرامتَك وكبرياءك وتكُفَّ عنّي!"

اقتربت منه حتى وقفت أمامه وقالت بتحدٍ، لم تخشى عيناه الغاضبة، ويده المقبوضة، وأنفاسه الهادِرة، كانت لتخافه لو أنها روزماري من الماضي.

لكنها الآن لا تخشى أحد أبدًا، هُم مَن يخشونها.

"وأما بشأن الفيديو، فإنّي لا أثق بك كي أفاوضكَ بشأنه، أتعلم لِمَ؟!"

أخرجت من جيب بِنطالها ذاكرة إلكترونية، ورفعتها أمام وجهه تقول.

"تذكر يوم أثرتَ البلبلة بعدما لفَّقتَ مشهدًا غراميًا بيني وبين تشانيول؟

تذكر أنّي أتيتُ لمكتبكَ وحذّرتُكَ منّي، لكنكَ لم تستَمِع إليّ.

ذلك كان فعلًا تحذيري الأخير لك.

إذ يومها تركتُ شيئًا صغيرًا بمكتبَك.

وانظر على ماذا حصلتُ هنا؟!"

نظر بقلق لها وكأنه حوصِر.

جرائم إختلاس ورشاوي، غُش وتَزوير، إبتزاز وتهديد ودَسّ الجواسيس"

وضعت الذاكرة في يده وقالت.

"العقوبة على هذه قد تصل بكَ إلى المؤبَّد، أما لو نشرتَ الفيديو فسيتسبب بفضيحة لوقتٍ مُحدَّد، والناس بعدها سينسوا، لكنكَ ستمكّنني أن أُدينكَ بجريمة الإغتصاب والتشهير المُتكرر، ستتعفن في السجن صدِّقني آنذاك، لذا..."

تبسّمت في وجهه الذي تخبّطت ألوانه وملامحه واتبعت.

"تخلى عنّي وعن الفيديو وعن أفعالكَ المُقرِفة هذه، وعِش بشرف لما تبقى من حياتك، حينها فقط أنا لن أعطي هذا للشُرطة، حسنًا؟!"

لم يُجبها، بل خسئ بصره أرضًا، ثم ابتعد عنها يتمسّك بصدغيه.

فالآن جونغداي خسر كل شيء بالفعل... نفذت أسلحته.

"وداعًا يا زوجي السابق، أرجو ألا نلتقي مُجددًا!"

خَرَجت روزماري من عِنده تمسح دمعة من عينها؛ نفسها رددت.

الوداع جونغداي، كنتُ أُحبُكَ حقًا، ولم أستطع أن أكرهكَ كفاية.

سارت بخيلاء وعلياء كما العادة، تلك الدمعة لم تكن بسبب الجروح في قلبها، بل تلك الجروح تقطّبت.

لم تبغي أن تنتقم من جونغداي، لكنه من استمر بإعتراض طريقها، وهي حقًا تُريد أن تَعيش بهدوء.

بينما تمشي بالرّواق سمعت صوت أقدام سريعة تركض ناحيتها، وضعت حينها نظّاراتها الشمسيّة تُخفي طقوس الوداع القائمة في عينيها، كانا بالفعل جون وتشانيول يركضان إليها.

"لقد مرّت نِصف ساعة وأصابنا القلق، أنتِ بخير؟"

أومأت لتشانيول وقالت.

"بالطّبع بخير"

سوهو إقترب منها، ووضع كفّيهِ على كتفيها يقول.

"لم تحصل جريمة في الدّاخل، أليس كذلك؟"

أومأت له وابتسمت.

"بوادِر جريمة، ليست جريمة بالكامل"

تنهد براحة حينها قالت لهما.

"دعونا نحظى بعشاء لثلاثتِنا فوق سفينة، أرغبُ بأن أكونَ حُرة واستنشق الهواء الطَّلق"

سبقت كلاهما، تشانيول بجوار جون قال.

"غريب! إنها ترفض عادةً ركوب السُفن لغرض غير السفر، تقول أن البحر يفقد جماله لو غاصت بأعماقه، ما الذي يحدث معها؟!"

جون حرّك كتفيه بجهل رغم أنه يعرف الإجابة.

ببساطة لأنه من غيّرها حينما جعلها ترى أن البحر جميل من الداخل والخارج، كذلك هي؛ جميلة من الداخل والخارج؛ وبعض الناس.

لذا عليها ألا تخشى أن تغوص عميقًا في أنفس الناس، بعض الناس ما زال الخير عامرًا فيهم؛ كذلك فيها.

عليها ألا تخشى من أعماق نفسها، فكما تعيش في البحر الحيتان يعيش المُرجان والأسماك المُلوَّنة.

......................

على طاولةِ العشاء التي تجمع ثلاثتهم؛ تشانيول وجون عن يمين روزماري وشِمالها يجلسان، وهي الأقرب إلى سور السفينة، الأقرب إلى المياه.

روزماري صاحبةِ مزاجٍ مَشغول جِدًا الآن، رغم أن أهم عُقدة في حياتِها إنتهت بالفعل، لكن الكثير من العقد الصغيرة تملئ حياتِها بسببِ تلك العُقدة بالتحديد -جونغداي-.

تنهدت روزماري فيما تنظر إلى البحر بعد العشاء، جون آتى يحمل لها كأس شرابٍ مُنعِش لاكحولي، وضعه في يدها وهي شربت منه، حينها سألها.

"ما بكِ؟! أراكِ شاردةِ الذِهن ومهمومة؟!"

أجابته بعدما تنهدت، وقد بان عليها القلق.

" يُقلقني أمر البرنامج، أخشى خسارته بسبب الأحداث الأخيرة"

"وماذا ستفعلين بشأنه؟!"

"أحتاج عودة قويّة وجذابة وإلا الجمهور سيهجرني"

برم شفتيه يُفكّر.

"مثل ماذا؟!"

أخذت تفكر.

"هممم!"

تبسمت تمازحه.

"هل أحضر بعض الشباب الوسيمين من إحدى الفرق المشهورة؟"

إمتعضت ملامحه.

"لا، فكّري بشيء آخر!"

ضحكت بخفّة وشاكسته.

"هل تغار الآن؟!"

نَفَى.

"الأمر ليس كذلك... هذا لن يخدم البرنامج، سيقولون أنكِ تسعين للفتِ الإنتباه"

"أنا بالفعل أسعى للفت الإنتباه"

تنهد بأستياء فيما ينظر إليها فلكزته بمرفقها تقول.

"قُل أنكَ تغار فحسب!"

وقف أمامها مُتخصّرًا.

"نعم أغار، لِمَ قد تحضري بعض الشُبان الوسيمين؟ ماذا لو أُعجِبَ أحدهم بكِ؟!"

"سأُنجب أطفال جميلين حينها"

مازحته وأغتاظ، ليس لأن مزحتها أغاظته وحسب، بل لأنها لا تعلم، وإنكسار قادم في المُستقبل لا مَفر.

لكم مرة عليها أن تنكَسِر؟!

"هيبة! لا تُغظيني!"

أومأت له فيما تنظر إلى ملامحه المُغتاظة بمُتعة، تعجبها غيرته، تشعرها بأهميتها عنده.

تشانيول، الذي يقف وينظر من بعيد، في النهاية تقدم منهما، مؤخرًا إقتنع أنه سيبقى الطرف، الذي ينظر لها من بعيد ولا يحصل عليها.

إن الحياة قاسية معه، وكأنها تحالفت مع الحُبَّ ضِدّه، لكنه سيكون بخير كما كان أول مرة، وسيهتف لسعادتها وحُبها الجديد بلقب صديق عزيز وحسب.

وقف تشانيول بجانبها وقال.

"إتصل بي المنتج، يقول أنه سيحاول أن يدعو الكاتب سوهو إلى البرنامج، إن وافق، البرنامج سيزدهر، ونكون أول من إستضافه، وعبر شاشتنا الناس عرفوه"

روزماري حرَّكَت كتفيها تقول.

"لا أظن أنه سيوافق؛ لقد حاولت العديد من المحطّات الفضائيّة معه ورفض.

ثم لا أظنه رجل مجنون لدرجة أن يقبل دعوتي، وأنا قد جعلته أضحوكة سابقًا"

جون بجانبهما إبتسم... أخيرًا؛ هذهِ الخطوة وصلَت.

هو بالفعل مجنون...!

في الصباح جون سمع طرقًا شديدًا على بابه، نهض مفزوعًا ليرى من الطارق.

وإذ هي روز؛ بوجهها العاري والمنتفخ من النوم، شعرها المنكوش، وقميص النوم الحريري، الذي باللون الأسود.

قفزت تعانقه وأخذت تلتف حوله بسعادةٍ عارمة.

"جون جون جون... احزر ماذا حدث؟"

أمسك بكتفيها؛ كي تكفّ عن القفز وقال مدهوشًا.

"ماذا؟!"

صاحت تغمرها البهجة.

"الكاتب سوهو وافق على الظهور معي!"

اتسعت عيناه وحلّق حاجبيه، لديه قدرات جيدة بالتمثيل.

"حقًا! هذا رائع!

مُبارك مُبارك سيدتي!"

عانقها مجددًا، وأسند ذقنه على كتفها، كان يبتسم بِوِد، أخيرًا ستعلم من هو.

لكنها كانت تتكلم كثيرًا وشعر حينها بالتهديد، عليه أن يتحضّر لهذهِ المُقابلة جيدًا، لأنها بعدما ترى وجه الكاتب سوهو ستزداد وحشيّة بطريقة تُناسب الشاشة.

"سأحاصره بالأسئلة، سأحضر مائة سؤال، ولن أناقشه عليها قبل اللِقاء، سأجعله يُجَن!"

......................


يُتبَع....

الفصل السادِس عَشَر "حُبيَّ المُشيَّد"
الجُزء الثالث "حتى ينتصر حُبّي"
مِن "هيبَتُها||الحَرب"


.......................


سلاااااااااااام

طبعًا واضح أنه البارت الجاي مُشوِّق، صح؟

طبعًا في أغنيتين ممكن نعتبرهم OSTs للرواية.

1.Sia Unstoppable

2.BTS Savage Love

طيب؛ ثلاث إعلانات:

الأول: الرواية قطعت مُنتصف الطريق بالفعل

النصف الأول من الرواية اسمه: الحرب

النِصف الثاني: حُبها المُتوحِش

النصف الثاني من الرواية ح يبلش من الفصل الجاي.

الثاني: هذا الجُزء الما قبل الأخير للجزء الثالث "حتى ينتصر حُبّي"

هما سِت أجزاء حسب تطلُعاتي، لهيك الجزء الرابع في الطريق.

الثالث: بما أني بتعب جدًا لأكتب كل بارت، بتنظيم الأفكار واختلاق المشاهد وكتابتها، والعصف الذهني وإلى آخره.

حقّي أني ما أنزل الفصل الجديد إذا ما اتحقق الشرط😁

ثلاث أشخاص الي بعلقوا بس WTF!

الفصل القادم بعد100 فوت و100 كومنت.

1.رأيكم بروزماري؟

مواجهتها لجونغداي؟

نقاشها مع جون ميون؟

2.رأيكم بجون؟

نِقاشه مع روز واقناعه بحبه لها؟

3.توقعاتكم للمقابلة؟!

4.رأيكم بالفصل ككل وتوقعاتكم للقادم؟

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
LOVE♥️




© Mercy Ariana Park,
книга «هَيّبَتُها|| Her Prestige».
CH17|| نور البدر
Коментарі